الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ قِيَامِ رَمَضَانَ
عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَمَعَهُ نَاسٌ ثُمَّ صَلَّى الثَّانِيَةَ فَاجْتَمَعَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ أَكْثَرُ مِنْ الْأُولَى فَلَمَّا كَانَتْ الثَّالِثَةُ أَوْ الرَّابِعَةُ امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ حَتَّى اغْتَصَّ بِأَهْلِهِ فَلَمْ يَخْرُجْ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ
ــ
[طرح التثريب]
إذَا ذَهَبَ يَسْتَغْفِرُ وَيَدْعُو لِنَفْسِهِ وَهُوَ لَا يَعْقِلُ رُبَّمَا قَلَبَ الدُّعَاءَ فَدَعَا عَلَى نَفْسِهِ أَمَّا الشَّتْمُ فَلَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ «لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إلَّا بِخَيْرٍ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ» قَالَهُ فِي قِصَّةِ وَفَاةِ أَبِي سَلَمَةَ حِينَ ضَجَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ.
وَفِي مُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ «لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلَا عَلَى أَوْلَادِكُمْ وَلَا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لَا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءً فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ» وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد بِزِيَادَةِ قَوْلِهِ «وَلَا عَلَى خَدَمِكُمْ» وَقَالَ فِي آخِرِهِ «فَيُوَافِقُ ذَلِكَ مِنْ اللَّهِ إجَابَةً» وَهَذَانِ الْحَدِيثَانِ فِيمَنْ دَعَا عَلَى نَفْسِهِ بِقَصْدِ ذَلِكَ وَحَدِيثُ الْبَابِ فِيمَنْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ لِغَلَبَةِ النُّعَاسِ وَنَحْوِهِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِذَلِكَ.
[فَائِدَة لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَسُبَّ نَفْسَهُ]
1
(السَّابِعَةَ عَشْرَةَ) اسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَسُبَّ نَفْسَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مَعْنَى سَبِّ نَفْسِهِ هُنَا الدُّعَاءُ عَلَيْهَا ثُمَّ إنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَقْتَضِي مَنْعَ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ) يَجُوزُ فِي قَوْلِهِ «فَيَسُبَّ» الرَّفْعُ عَطْفًا عَلَى يَذْهَبُ وَالنَّصْبُ جَوَابًا لِلتَّرَجِّي كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ - أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ} [غافر: 36 - 37] عَلَى قِرَاءَةِ حَفْصٍ بِالنَّصْبِ.
[بَابُ قِيَامِ رَمَضَانَ]
[حَدِيث صَلَّى رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم لَيْلَة فِي الْمَسْجِد فِي شَهْر رَمَضَان وَمَعَهُ نَاس]
بَابُ قِيَامِ رَمَضَانَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَمَعَهُ نَاسٌ ثُمَّ صَلَّى الثَّانِيَةَ فَاجْتَمَعَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ أَكْثَرُ مِنْ الْأُولَى فَلَمَّا كَانَتْ الثَّالِثَةُ أَوْ الرَّابِعَةُ امْتَلَأَ الْمَسْجِدُ حَتَّى اغْتَصَّ بِأَهْلِهِ فَلَمْ يَخْرُجْ
النَّاسُ يُنَادُونَهُ الصَّلَاةَ فَلَمْ يَخْرُجْ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَا زَالَ النَّاسُ يَنْتَظِرُونَكَ الْبَارِحَةَ قَالَ أَمَا إنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ أَمْرُهُمْ وَلَكِنِّي خَشِيت أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْهِمْ» زَادَ الْبُخَارِيُّ فِي رِوَايَةٍ «فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ» .
ــ
[طرح التثريب]
إلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَ النَّاسُ يُنَادُونَهُ الصَّلَاةَ فَلَمْ يَخْرُجْ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَا زَالَ النَّاسُ يَنْتَظِرُونَك الْبَارِحَةَ قَالَ أَمَا إنَّهُمْ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ أَمْرُهُمْ وَلَكِنِّي خَشِيت أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهِمْ» (فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عُقَيْلٍ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ كُلُّهُمْ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَفِي رِوَايَتَيْ عُقَيْلٍ وَيُونُسَ الْجَزْمُ بِأَنَّ اللَّيْلَةَ الَّتِي لَمْ يَخْرُجْ فِيهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هِيَ الرَّابِعَةُ وَرِوَايَةُ النَّسَائِيّ هَذِهِ أَوْرَدَهَا فِي الصَّوْمِ وَزَادَ فِيهَا «وَكَانَ يُرَغِّبُهُمْ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِعَزِيمَةٍ» الْحَدِيثَ وَقَالَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ هَذَا مِنْ جُمْلَتِهَا كُلُّهَا عِنْدِي خَطَأٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَكَانَ يُرَغِّبُهُمْ مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ لَيْسَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ.
(الثَّانِيَةُ) اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ أَنْ يُفْعَلَ فِي الْمَسْجِدِ فِي جَمَاعَةٍ لِكَوْنِهِ عليه الصلاة والسلام فَعَلَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا تَرَكَهُ لِمَعْنًى قَدْ أُمِنَ بِوَفَاتِهِ عليه الصلاة والسلام وَهُوَ خَشْيَةُ الِافْتِرَاضِ وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ فِعْلَهُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ بْنِ كَعْبٍ وَسُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ وَزَاذَانَ وَأَبِي الْبَخْتَرِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَقَدْ أَمَرَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ عَمَلُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ وَصَارَ مِنْ الشَّعَائِرِ الظَّاهِرَةِ كَصَلَاةِ الْعِيدِ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْقَارِئِ أَنَّهُ قَالَ خَرَجْت مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ فَقَالَ عُمَرُ إنِّي أَرَى لَوْ جَمَعْتُمْ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ثُمَّ خَرَجْت مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ فَقَالَ عُمَرُ نِعْمَ الْبِدْعَةُ هَذِهِ وَاَلَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِنْ الَّتِي يَقُومُونَ، يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى نَاسًا يُصَلُّونَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ مَا هَؤُلَاءِ؟ فَقِيلَ نَاسٌ لَيْسَ مَعَهُمْ قُرْآنٌ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَقَالَ أَصَابُوا وَنِعْمَ مَا صَنَعُوا» قَالَ أَبُو دَاوُد وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ بِالْقَوِيِّ، مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ ضَعِيفٌ.
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ «صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَمَضَانَ فَلَمْ يَقُمْ بِنَا شَيْئًا مِنْ السَّهَرِ حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ فَلَمَّا كَانَتْ السَّادِسَةُ لَمْ يَقُمْ بِنَا فَلَمَّا كَانَتْ الْخَامِسَةُ قَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ نَفَّلْتنَا قِيَامَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَقَالَ إنَّ الرَّجُلَ إذَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَتْ لَهُ قِيَامَ لَيْلَةٍ فَلَمَّا كَانَتْ الرَّابِعَةُ لَمْ يَقُمْ بِنَا فَلَمَّا كَانَتْ الثَّالِثَةُ جَمَعَ أَهْلَهُ وَالنَّاسَ فَقَامَ بِنَا حَتَّى خَشِينَا أَنْ يَفُوتَنَا الْفَلَاحُ قَالَ الرَّاوِي قُلْت وَمَا الْفَلَاحُ؟ قَالَ السَّحُورُ ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا بَقِيَّةَ الشَّهْرِ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قِيَامَ رَمَضَانَ جَائِزٌ أَنْ يُضَافَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِحَضِّهِ عَلَيْهِ وَعَمَلِهِ بِهِ وَأَنَّ عُمَرَ إنَّمَا سَنَّ مِنْهُ مَا قَدْ سَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى أَنَّ فِعْلَهَا فُرَادَى فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ لِكَوْنِهِ عليه الصلاة والسلام وَاظَبَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ هَذِهِ اللَّيَالِي وَبَعْدَهَا وَتُوُفِّيَ وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ وَإِنَّمَا وَقَعَ تَغْيِيرُهُ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنْ الْهِجْرَةِ وَاعْتَرَفَ عُمَرُ رضي الله عنه بِأَنَّهَا مَفْضُولَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ «احْتَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُجَيْرَةً بِخُصْفَةٍ أَوْ حَصِيرَةٍ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِيهَا فَتَتَبَّعَ إلَيْهِ رِجَالٌ وَجَاءُوا يُصَلُّونَ بِصَلَاتِهِ ثُمَّ جَاءُوا لَيْلَةً فَحَضَرُوا فَأَبْطَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهُمْ فَلَمْ يَخْرُجْ إلَيْهِمْ فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ وَحَصَبُوا الْبَابَ فَخَرَجَ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُغْضَبًا فَقَالَ لَهُمْ مَا زَالَ لَكُمْ صَنِيعُكُمْ حَتَّى ظَنَنْت أَنَّهُ سَيُكْتَبُ عَلَيْكُمْ فَعَلَيْكُمْ بِالصَّلَاةِ فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنَّ خَيْرَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ» : لَفْظُ مُسْلِمٍ وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو يُوسُفَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِهِ سَالِمٍ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَلْقَمَةَ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَقُومُونَ مَعَ النَّاسِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ تَكُونُ أَنْتَ تَفُوهُ بِالْقُرْآنِ أَحَبَّ إلَيَّ مِنْ أَنْ يُفَاهَ عَلَيْك بِهِ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ تَنْصَبُّ كَأَنَّك حِمَارٌ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعِي إلَّا سُورَةٌ أَوْ سُورَتَانِ لَأَنْ أُرَدِّدَهَا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَقُومَ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَفَصَّلَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ فَقَالَ إنْ كَانَ حَافِظًا لِلْقُرْآنِ وَلَا يَخَافُ الْكَسَلَ عَنْهَا وَلَا تَخْتَلُّ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ بِتَخَلُّفِهِ فَالِانْفِرَادُ، وَإِنْ فُقِدَ بَعْضُ هَذَا فَالْجَمَاعَةُ أَفْضَلُ فَفِي الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهِ وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ وَالصَّيْدَلَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ كَانَ حَافِظًا لِلْقُرْآنِ آمِنًا مِنْ الْكَسَلِ لَا تَخْتَلُّ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ بِتَخَلُّفِهِ فَإِنْ فَقَدَ بَعْضَ هَذِهِ فَالْجَمَاعَةُ أَفْضَلُ قَطْعًا وَهَذَا الْخِلَافُ الَّذِي عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي ذَلِكَ الْأَشْهَرُ أَنَّهُ وَجْهَانِ لِلْأَصْحَابِ وَقِيلَ إنَّهُ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ رحمه الله وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ بِأَنَّ تَرْكَ الْمُوَاظَبَةِ عَلَى الْجَمَاعَةِ فِي التَّرَاوِيحِ إنَّمَا كَانَ لِمَعْنًى وَقَدْ زَالَ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَالُوا لَمْ يَعْتَرِفْ عُمَرُ رضي الله عنه بِأَنَّهَا مَفْضُولَةٌ وَقَوْلُهُ وَاَلَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ لَيْسَ فِيهِ تَرْجِيحُ الِانْفِرَادِ وَلَا تَرْجِيحُ فِعْلِهَا فِي الْبَيْتِ وَإِنَّمَا فِيهِ تَرْجِيحُ آخِرِ اللَّيْلِ عَلَى أَوَّلِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّاوِي بِقَوْلِهِ يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ قَالَ الطَّحَاوِيُّ وَكُلُّ مَنْ اخْتَارَ التَّفَرُّدَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى أَلَّا يَنْقَطِعَ مَعَهُ الْقِيَامُ فِي الْمَسْجِدِ فَأَمَّا الَّذِي يَنْقَطِعُ مَعَهُ الْقِيَامُ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا، قَالَ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعْطِيلُ الْمَسَاجِدِ عَنْ قِيَامِ رَمَضَانَ فَصَارَ هَذَا الْقِيَامُ وَاجِبًا عَلَى الْكِفَايَةِ فَمَنْ فَعَلَهُ كَانَ أَفْضَلَ مِمَّنْ انْفَرَدَ كَالْفُرُوضِ الَّتِي عَلَى الْكِفَايَةِ، وَفِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْوُجُوبِ عَلَى الْكِفَايَةِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ إنَّمَا هُوَ السُّنِّيَّةُ عَلَى الْكِفَايَةِ وَعِبَارَتُهُ وَالسُّنَّةُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ لَكِنْ عَلَى وَجْهِ الْكِفَايَةِ حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ عَنْ إقَامَتِهَا كَانُوا مُسِيئِينَ وَلَوْ أَقَامَهَا الْبَعْضُ فَالْمُتَخَلِّفُ عَنْ الْجَمَاعَةِ تَارِكٌ لِلْفَضِيلَةِ لِأَنَّ أَفْرَادَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم رُوِيَ عَنْهُمْ التَّخَلُّفُ انْتَهَى.
وَكَلَامُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ الطَّحَاوِيِّ حَيْثُ قَالَ لَوْ قَامَ النَّاسُ فِي بُيُوتِهِمْ وَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ فِي الْمَسْجِدِ لَا يَنْبَغِي