الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْكَفَنِ وَحَمْلِ الْجِنَازَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهَا
عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُفِّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سَحُولِيَّةٍ بِيضٍ، وَزَادَ الشَّيْخَانِ مِنْ كُرْسُفٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ
ــ
[طرح التثريب]
دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي غَلَبَةِ الْخَوْفِ وَإِنْ كَانَتْ بِقُرْبِ الْوَفَاةِ وَإِنْ كَانَ الْعُلَمَاءُ رَجَّحُوا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ تَغْلِيبَ جَانِبِ الرَّجَاءِ عَلَى جَانِبِ الْخَوْفِ
[فَائِدَة الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّاتِ وَالْمَقَاصِدِ]
1
{الْعَاشِرَةُ} فِيهِ أَنَّ الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّاتِ وَالْمَقَاصِدِ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَنْظُرْ إلَى هَذَا الْعَمَلِ بَلْ إلَى الْقَصْدِ فَقَالَ لَهُ لِمَ فَعَلْت هَذَا وَلَمَّا كَانَ الْحَامِلُ عَلَيْهِ الْخَشْيَةَ كَانَ سَبَبَ الْمَغْفِرَةِ وَلَوْ حَمَلَ عَلَيْهِ سَبَبٌ آخَرُ فَاسِدٌ لَكَانَ الْأَمْرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[فَائِدَة سَعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَغْفِرَتِهِ]
{الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ} وَفِيهِ بَيَانُ سَعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَغْفِرَتِهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفَ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَيْأَسُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53] وَقِيلَ إنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أَرْجَى آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى
[بَابُ الْكَفَنِ وَحَمْلِ الْجِنَازَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهَا]
[حَدِيث كُفِّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سَحُولِيَّةٍ بِيضٍ]
بَابُ الْكَفَنِ وَحَمْلِ الْجِنَازَةِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهَا {الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ} عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كُفِّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سَحُولِيَّةٍ بِيضٍ» (فِيهِ) فَوَائِدُ:
{الْأُولَى} أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ بِزِيَادَةِ «مِنْ كُرْسُفٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ» وَلَيْسَ قَوْلُهُ «مِنْ كُرْسُفٍ» عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَلَا عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ زَادَ مُسْلِمٌ أَمَّا الْحُلَّةُ فَإِنَّمَا شُبِّهَ عَلَى النَّاسِ فِيهَا أَنَّهَا اُشْتُرِيَتْ لَهُ لِيُكَفَّنَ فِيهَا فَتُرِكَتْ الْحُلَّةُ وَكُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ فَأَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لَأَحْبِسَنَّهَا حَتَّى أُكَفِّنَ فِيهَا نَفْسِي، ثُمَّ قَالَ لَوْ رَضِيَهَا اللَّهُ عز وجل لِنَبِيِّهِ لَكَفَّنَهُ فِيهَا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
فَبَاعَهَا وَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ «أُدْرِجَ رَسُولُ اللَّهِ. فِي حُلَّةٍ يَمَنِيَّةٍ كَانَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ نُزِعَتْ مِنْهُ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِي رِوَايَةِ أَصْحَابِ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ فَذَكَرَ لِعَائِشَةَ قَوْلَهُمْ فِي ثَوْبَيْنِ وَبُرْدِ حِبَرَةٍ فَقَالَتْ قَدْ أُتِيَ بِالْبُرْدِ، وَلَكِنَّهُمْ رَدُّوهُ وَلَمْ يُكَفِّنُوهُ فِيهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ «فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سَحُولِيَّةٍ جُدُدٍ» .
{الثَّانِيَةُ} السَّحُولِيَّةُ بِفَتْحِ السِّينِ وَضَمِّهَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ وَهُوَ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِينَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ تَبَعًا لِلْهَرَوِيِّ فَالْفَتْحُ مَنْسُوبٌ إلَى السَّحُولِ وَهُوَ الْقِصَارُ؛ لِأَنَّهُ يُسْحِلُهَا أَيْ يَغْسِلُهَا أَوْ إلَى سُحُولَ وَهِيَ قَرْيَةٌ بِالْيَمَنِ وَأَمَّا الضَّمُّ فَهُوَ جَمْعٌ سَحْلٍ وَهُوَ الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ النَّقِيُّ وَلَا يَكُونُ إلَّا مِنْ قُطْنٍ وَفِيهِ شُذُوذٌ؛ لِأَنَّهُ نَسَبٌ إلَى الْجَمْعِ وَقِيلَ إنَّ اسْمَ الْقَرْيَةِ بِالضَّمِّ أَيْضًا اهـ وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ السَّحْلُ الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْكُرْسُفِ مِنْ ثِيَابِ الْيَمَنِ وَالْجَمْعُ سُحُولٌ وَسُحُلٍ مِثْلُ سَقْفٍ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ، ثُمَّ قَالَ وَيُقَالُ سُحُولٌ مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ وَهِيَ تُنْسَبُ إلَيْهِ وَقَالَ فِي الْمُحْكَمِ: السَّحْلُ ثَوْبٌ أَبْيَضُ وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الثَّوْبَ مِنْ الْقُطْنِ وَقِيلَ السَّحْلُ ثَوْبٌ أَبْيَضُ رَقِيقٌ وَجَمْعُ كُلِّ ذَلِكَ أَسْحَالٌ وَسُحُولٌ وَسُحُلٌ اهـ وَالْكُرْسُفُ بِضَمِّ الْكَافِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَبِالْفَاءِ الْقُطْنُ قَالَ فِي الْمُحْكَمِ وَهُوَ الْكُرْسُفُ.
{الثَّالِثَةُ} فِيهِ تَكْفِينُ الْمَيِّتِ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُجُوبِهِ وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ إذَا قَامَ بِهِ الْبَعْضُ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنْ الْبَاقِينَ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَيَجِبُ فِي مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ سَيِّدٍ وَقَرِيبٍ وَنَحْوِهِ وَلِلْمَالِكِيَّةِ فِي الْقَرِيبِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْإِلْزَامُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَنَفْيُهُ لِأَصْبَغَ وَالثَّالِثُ وُجُوبُ تَكْفِينِ الْوَلَدِ دُونَ الْأَبِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْمُتَزَوِّجَةِ إذَا كَانَ لَهَا مَالٌ هَلْ تَكْفِينُهَا مِنْ مَالِهَا أَوْ عَلَى زَوْجِهَا فَذَهَبَ إلَى الْأَوَّلِ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالْمُحَرَّرِ وَالنَّوَوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ وَذَهَبَ إلَى الثَّانِي الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ وَالنَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَقَالَ فِيهِ قَيَّدَ الْغَزَالِيُّ وُجُوبَ الْكَفَنِ عَلَى الزَّوْجِ بِشَرْطِ إعْسَارِ الْمَرْأَةِ وَأَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ اهـ وَمَتَى كَانَتْ مُعْسِرَةً فَتَكْفِينُهَا عَلَى زَوْجِهَا قَطْعًا وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ إنْ كَانَتْ مُوسِرَةً فَفِي مَالِهَا وَإِنْ كَانَتْ مُعَسِّرَة