الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
فَجَازَاهُ مِنْ جِنْسِ فِعْلِهِ (وَثَانِيهِمَا) إكْرَامُهُ عليه الصلاة والسلام وَلَدَهُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ إلَّا بِسُؤَالِهِ وَاقْتِرَاحِهِ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُلْبِسَهُ الْقَمِيصَ الَّذِي يَلِي جِلْدَهُ كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فَفَعَلَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُكَافَأَةً لَهُ وَإِكْرَامًا لِأَبِيهِ وَبَيَانًا لِلْجَوَازِ وَكَانَ الْأَفْضَلُ مَا اخْتَارَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ عليه الصلاة والسلام وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ خَالِيَةٍ عَنْ قَمِيصٍ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْقَمِيصُ زَائِدًا عَلَى الْأَكْفَانِ الثَّلَاثَةِ فَالْحَنَابِلَةُ الْقَائِلُونَ بِكَرَاهَتِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يُجِيبُونَ بِمِثْلِ مَا أَجَبْنَا فِيمَا إذَا كَانَ أَحَدُهَا وَالشَّافِعِيَّةُ لَا يَرَوْنَ كَرَاهِيَتَهُ بَلْ يَقْتَصِرُونَ فِيهِ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَالْمَالِكِيَّةُ يَسْتَحِبُّونَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ زَائِدًا عَلَى الثَّلَاثَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة قَصْر أَوْ طول الْكَفَن]
1
{الثَّالِثَةُ} بَوَّبَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي بَابِ الْكَفَنِ بِالْقَمِيصِ الَّذِي تَكْفِ أَوْ لَا يَكْفِ وَقَالَ الْمُهَلَّبُ صَوَابُهُ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ وَمَعْنَاهُ طَوِيلًا كَانَ ذَلِكَ الْقَمِيصُ أَوْ قَصِيرًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْكَفَنُ فِيهِ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ طَوِيلًا وَلِذَلِكَ كَسَا الْعَبَّاسُ قَمِيصَهُ وَكَانَ الْعَبَّاسُ بَائِنَ الطُّولِ اهـ وَكَانَ الْبُخَارِيُّ رحمه الله فَهِمَ مِنْ كَوْنِهِمْ لَمْ يَجِدُوا لِلْعَبَّاسِ رضي الله عنه ثَوْبًا يَصْلُحُ لَهُ لِطُولِهِ إلَّا ثَوْبَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ أَنَّ هَذَا الثَّوْبَ الَّذِي كَسَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِابْنِ أُبَيٍّ لَمْ يَكُنْ كَافِيًا لِكَوْنِهِ عليه الصلاة والسلام كَانَ مُعْتَدِلَ الْخِلْقَةِ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ الْبَائِنِ فَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ التَّكْفِينِ بِالْقَمِيصِ النَّاقِصِ عَنْ بَدَنِ الْمَيِّتِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ كَافٍ لَهُ فِي طُولِهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ كُفِّنَ إلَّا فِي هَذَا الْقَمِيصِ لَكَانَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْكَفَنُ مُسْتَوْعِبًا لِبَدَنِ الْمَيِّتِ كَمَا هُوَ الْمُرَجَّحُ عِنْدَنَا لَكِنْ ظَاهِرٌ أَنَّهُ كُفِّنَ فِي غَيْرِهِ لِكَوْنِهِ عليه الصلاة والسلام أَتَاهُ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ وَمَا كَانَ لِيَدْخُلَ حُفْرَتَهُ إلَّا بَعْدَ تَكْفِينِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة خُرُوج الْمَيِّت مِنْ الْقَبْر لِعِلَّةِ]
1
{الرَّابِعَةُ} قَوْلُهُ «أَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ فِي حُفْرَتِهِ» لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ قَدْ دُفِنَ فَنُبِشَ الْقَبْرُ وَأَخْرَجَهُ بَلْ كَانَ هَذَا قَبْلَ إهَالَةِ التُّرَابِ عَلَيْهِ وَهَذَا اللَّفْظُ مُحْتَمِلٌ لَأَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ فِي قَبْرِهِ وَلَأَنْ يَكُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ أُخْرِجَ مِنْ الْقَبْرِ وَالْوَاقِعُ هُوَ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي فَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ «فَأَخْرَجَهُ» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ «فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ» ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
«فَأَخْرَجَهُ مِنْ قَبْرِهِ» وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ بَعْدَ مَا دُفِنَ فَلَيْسَ مُتَعَيِّنًا لِإِهَالَةِ التُّرْبِ عَلَيْهِ بَلْ هُوَ صَادِقٌ بِمُجَرَّدِ وَضْعِهِ فِي اللَّحْدِ فَهُوَ بِمَعْنَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَبَوَّبَ الْبُخَارِيُّ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ بَابُ هَلْ يَخْرُجُ الْمَيِّتُ مِنْ الْقَبْرِ وَاللَّحْدِ لِعِلَّةٍ وَهَذَا التَّبْوِيبُ أَيْضًا لَا يَقْتَضِي النَّبْشَ وَتَكَلَّمَ ابْنُ بَطَّالٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى النَّبْشِ، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ مِنْهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إنَّمَا تَكَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ الْحَدِيثِ جَابِرٍ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْبُخَارِيِّ مَعَهُ فِي نَبْشِهِ إيَّاهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
{الْخَامِسَةُ} مُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام إنَّمَا أَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ بَعْدَ إدْخَالِهِ حُفْرَتَهُ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ لَمَّا تُوُفِّيَ جَاءَ ابْنُهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِي قَمِيصَك أُكَفِّنْهُ فِيهِ وَصَلِّ عَلَيْهِ وَاسْتَغْفِرْ لَهُ فَأَعْطَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَمِيصَهُ» الْحَدِيثَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَعْطَاهُ قَمِيصَهُ أَوَّلَ وَفَاتِهِ قَبْلَ دَفْنِهِ وَإِدْخَالِهِ فِي حُفْرَتِهِ وَيُحْتَمَلُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِصَرْفِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ ظَاهِرِهِ إمَّا بِأَنْ يَكُونَ وَلَدُهُ إنَّمَا طَلَبَ الْقَمِيصَ بَعْدَ تَكْفِينِهِ وَإِدْخَالِهِ حُفْرَتَهُ أَوْ طَلَبَهُ مِنْ أَوَّلِ مَوْتِهِ لَكِنْ تَأَخَّرَ إعْطَاؤُهُ لَهُ حَتَّى أُدْخِلَ قَبْرَهُ وَالْفَاءُ الَّتِي فِي قَوْلِهِ فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ لَا تُنَافِي هَذَا؛ لِأَنَّ زَمَنَ تَجْهِيزِهِ زَمَنٌ يَسِيرٌ لَا يُنَافِي التَّعْقِيبَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ «وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ» مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ «فَوَضَعَهُ عَلَى رُكْبَتِهِ» فَالْمَفْعُولُ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي حُفْرَتِهِ إنَّمَا هُوَ وَضْعُهُ عَلَى الرُّكْبَةِ وَنَفْثِ الرِّيقِ عَلَيْهِ وَأَمَّا إلْبَاسُهُ الْقَمِيصَ فَكَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ حِكَايَةٌ عَمَّا فَعَلَهُ مَعَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبِ بَعْضِ هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى بَعْضٍ فِي الزَّمَانِ، وَفِي هَذَا بُعْدٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{السَّادِسَةُ} هَذِهِ الْأُمُورُ الَّتِي فَعَلَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا هِيَ إكْرَامٌ لِوَلَدِهِ وَقَضَاءٌ لِحَقِّهِ وَتَطْيِيبٌ لِقَلْبِهِ فَإِنَّهُ كَانَ صَحِيحَ الْإِسْلَامِ مَعَ الْيَدِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ لَهُ فِي كِسْوَةِ الْعَبَّاسِ وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَشَدَّ النَّاسِ مُكَافَأَةً وَرَجَا لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ النَّفْعَ وَتَرْكَ الْعَذَابِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا فَإِنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يَتَحَقَّقْ حِينَئِذٍ كُفْرُهُ حَتَّى نَزَلَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 84] وَكَانَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ قَبْلَ نُزُولِ