الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ مِنْ وَجْهَيْنِ: (الْأَوَّلُ) أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْكَبْشِ عَظِيمًا أَنْ لَا يَكُونَ غَيْرُهُ مِنْ الْأَنْعَامِ وَغَيْرِهَا أَعْظَمَ مِنْهُ الثَّانِي لَوْ سَلِمَ ذَلِكَ فَهَذَا أَمْرٌ خَاصٌّ بِذَلِكَ الْكَبْشِ لِأَنَّهُ ذُكِرَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ رَعَى فِي الْجَنَّةِ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا وَأَنَّهُ الَّذِي قَرَّبَهُ ابْنُ آدَمَ فَتُقُبِّلَ مِنْهُ وَرُفِعَ إلَى الْجَنَّةِ فَلِذَلِكَ قِيلَ فِيهِ عَظِيمٌ وَالْجَوَابُ عَنْ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَضْحِيَتِهِ عليه الصلاة والسلام بِكَبْشَيْنِ تَرْجِيحُ الْغَنَمِ لِأَمْرَيْنِ:
(أَحَدُهُمَا) أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام ضَحَّى عَنْ نِسَائِهِ بِالْبَقَرِ» فَلَوْ دَلَّ تَضْحِيَتُهُ بِالْغَنَمِ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهَا لَدَلَّتْ تَضْحِيَتُهُ بِالْبَقَرِ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهَا وَيَتَعَارَضُ الْخَبَرَانِ (ثَانِيهِمَا) أَنَّهُ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَهْدَى غَنَمًا» فَلَوْ دَلَّتْ تَضْحِيَتُهُ بِالْغَنَمِ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهَا فِي الْأُضْحِيَّةِ لَدَلَّ إهْدَاؤُهُ لَهَا عَلَى أَفْضَلِيَّتِهَا فِي الْهَدَايَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُ الْقَاضِي عِيَاضٍ إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا ضَحَّى بِالضَّأْنِ وَمَا كَانَ لِيَتْرُكَ الْأَفْضَلَ كَمَا لَمْ يَتْرُكْهُ فِي الْهَدَايَا فِيهِ نَظَرٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُ ضَحَّى بِغَيْرِ الضَّأْنِ وَأَنَّهُ تَرَكَ الْأَفْضَلَ فِي حَقِّنَا فِي الْهَدَايَا فَأَهْدَى الْغَنَمَ وَكَانَ عليه الصلاة والسلام إذَا فَعَلَ الْعِبَادَةَ الْمَفْضُولَةَ كَانَتْ فِي حَقِّهِ فَاضِلَةً لِكَوْنِهِ يُبَيِّنُ بِذَلِكَ شَرْعِيَّتَهَا وَقَدْ تُحْمَلُ تَضْحِيَتُهُ عليه الصلاة والسلام بِالْكَبْشَيْنِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ الْوَقْتَ إلَّا الْغَنَمَ أَوْ أَنَّهُ فَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْجَوَابُ عَنْ الثَّالِثِ وَهُوَ أَقْوَى مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى تَفْضِيلِ الْكَبْشِ عَلَى مُسَاوِيهِ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فَإِنَّ الْبَدَنَةَ وَالْبَقَرَةَ كُلُّ مِنْهُمَا يُجْزِئُ عَنْ سَبْعَةٍ فَيَكُونُ الْمُرَادُ تَفْضِيلَ الْكَبْشِ عَلَى سُبْعِ بَدَنَةٍ وَسُبْعِ بَقَرَةٍ أَوْ تَفْضِيلَ سُبْعٍ مِنْ الْغَنَمِ عَلَى الْبَدَنَةِ وَالْبَقَرَةِ لِتَتَّفِقَ الْأَحَادِيثُ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ الَّذِي نَحْنُ فِي شَرْحِهِ مُوَافِقٌ لِلْجُمْهُورِ قَالَ وَالِدِي رحمه الله وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ خَيْرُ الْأُضْحِيَّةِ بِالْغَنَمِ الْكَبْشُ قَالَ وَفِيهِ تَعَسُّفٌ انْتَهَى وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ أَيْضًا بِقِيَاسِ الضَّحَايَا عَلَى الْهَدَايَا وَأَيْضًا فَقِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] أَنَّ الْمُرَادَ شَاةٌ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى نُقْصَانِ مَرْتَبَتِهَا عَنْ غَيْرِهَا مِنْ النَّعَمِ وَأَيْضًا فَإِنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ أَفْضَلِ الرِّقَابِ فَقَالَ أَعْلَاهَا ثَمَنًا وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا» وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ الْإِبِلَ وَالْبَقَرَ أَنْفَسُ عِنْدَ النَّاسِ وَأَغْلَى ثَمَنًا مِنْ الْغَنَمِ.
[فَائِدَة مَنْ الْتَزَمَ هَدْيًا هَلْ يَكْفِيهِ إخْرَاج دَجَاجَة أَوْ بَيْضَة]
1
(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ الْتَزَمَ هَدْيًا يَكْفِيهِ أَنْ يُخْرِجَ نَاقَةً أَوْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
بَقَرَةً أَوْ شَاةً لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَطْلَقَ لَفْظَ الْهَدْيِ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا فِي الْغَنَمِ أَيْضًا وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَجَازَ مَالِكٌ مَرَّةً الشَّاةَ وَمَرَّةً لَمْ يُجِزْهَا إلَّا أَنَّ مَنْ قَصَرَ النَّفَقَةَ عَلَى تَضْعِيفٍ مِنْهُ فِيهَا وَبَنَى الْقَاضِي الْخِلَافَ عَلَى أَنَّ الْغَنَمَ هَلْ هِيَ مِنْ الْهَدْيِ أَمْ لَا.
(الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ الْتَزَمَ هَدْيًا مُطْلَقًا يَكْفِيهِ إخْرَاجُ الدَّجَاجَةِ وَالْبَيْضَةِ أَيْضًا وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَيُنْسَبُ إلَى الْإِمْلَاءِ وَالْقَدِيمُ وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ النَّعَمُ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْجَدِيدِ وَحَكَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَيَحْتَجُّ لِهَذَا بِأَنَّ مَعْنَى الْإِهْدَاءِ هُنَا التَّصْدِيقُ لَا بِقَيْدِ الصَّدَقَةِ الْمَخْصُوصَةِ وَالصَّدَقَةُ تَنْطَلِقُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ النَّذْرَ هَلْ يُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكَ جَائِزِ الشَّرْعِ أَوْ وَاجِبِ الشَّرْعِ؟ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ فَيُحْمَلُ النَّذْرُ عَلَى أَقَلِّ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي حُمِلَ عَلَى أَقَلِّ مَا يَجِبُ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ وَهُوَ أَقَلُّ مُجْزِئٍ فِي الْأُضْحِيَّةِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَصُورَةُ الْقَوْلَيْنِ أَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ هَدْيٌ أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ فَأَمَّا لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ الْهَدْيَ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُجْرُوا فِيهِ الْخِلَافَ بَلْ جَزَمُوا بِانْصِرَافِ النَّذْرِ إلَى الْمَعْهُودِ شَرْعًا وَهُوَ الْمُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ وَأَجَابَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ لَمَّا عَطَفَهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ الْهَدَايَا أَعْطَاهُ حُكْمَهُ فِي اللَّفْظِ كَقَوْلِهِمْ مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحًا أَيْ وَحَامِلًا رُمْحًا فَكَأَنَّهُ قَالَ كَالْمُتَقَرِّبِ بِالصَّدَقَةِ بِدَجَاجَةٍ أَوْ بَيْضَةٍ وَأُطْلِقَ عَلَى ذَلِكَ اسْمُ الْهَدْيِ لِتَقَدُّمِهِ وَتَجْنِيسِ الْكَلَامِ بِهِ انْتَهَى.
(الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ) اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ إذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُهْدِيَ بَدَنَةً وَلَمْ يَذْكُرْ الْإِبِلَ لَفْظًا وَلَا نَوَاهَا أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْإِبِلُ فَإِنَّهُ عليه الصلاة والسلام جَعَلَ فِي مُقَابَلَتِهَا الْبَقَرَةَ وَالْكَبْشَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ قَسِيمَ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ قِسْمًا مِنْهُ وَفِي الْمَسْأَلَةِ لِأَصْحَابِنَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
(أَحَدُهَا) تَعَيُّنُ الْإِبِلِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ (وَثَانِيهَا) إجْزَاءُ بَقَرَةٍ وَسَبْعٍ مِنْ الْغَنَمِ أَيْضًا (وَثَالِثُهَا) وَهُوَ الْأَصَحُّ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ تَعَيُّنُ الْإِبِلِ عِنْدَ وُجُودِهَا وَإِجْزَاءُ الْبَقَرَةِ عِنْدَ عَدَمِهَا وَإِجْزَاءُ الْغَنَمِ عِنْدَ عَدَمِهِمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ كَلَامُ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي تَفْسِيرِ الْبَدَنَةِ وَنَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ الْبُدْنَ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ الْإِبِلِ وَحْدَهَا وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَرَى الْبَقَرَ؟