الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ وَتَأَخُّرَ الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَفِي ذَلِكَ قَضَاءُ الرَّكْعَتَيْنِ مَعَ الْإِمَامِ فَلَا يَحْتَاجُونَ إلَى قَضَاءِ شَيْءٍ بَعْدَهُ وَالْقِصَّةُ وَاحِدَةٌ فَوَجَبَ حَمْلُ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الِاتِّفَاقِ لِسَائِرِ الرِّوَايَاتِ انْتَهَى.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لَمَّا ذَكَرَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةٌ عَمِلَ بِظَاهِرِهِ طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ مِنْهُمْ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالضَّحَّاكُ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَالْجُمْهُورُ إنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ كَصَلَاةِ الْأَمْنِ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَتَأَوَّلُوا حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ رَكْعَةٌ مَعَ الْإِمَامِ وَرَكْعَةٌ أُخْرَى يَأْتِي بِهَا مُنْفَرِدًا كَمَا جَاءَتْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ فِي الْخَوْفِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ انْتَهَى وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْقَوْلِ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى رَكْعَةٍ فِي الْخَوْفِ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ فَإِنَّهُ لَا قَصْرَ فِيهِمَا وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ حَزْمٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ وَالْتَحَمَ الْقِتَالُ]
1
(الْعِشْرُونَ) جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ فِي غَيْرِ حَالِ شِدَّةِ الْخَوْفِ فَأَمَّا إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ وَالْتَحَمَ الْقِتَالُ وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ تَرْكِهِ بِحَالٍ لِقِلَّتِهِمْ وَكَثْرَةِ الْعَدُوِّ وَلَمْ يَلْتَحِمْ لَكِنْ لَمْ يَأْمَنُوا أَنْ يَرْكَبُوا أَكْتَافَهُمْ لَوْ انْقَسَمُوا فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ مُرَاعَاةُ مَا عَجَزُوا عَنْهُ مِنْ الْأَرْكَانِ وَقَدْ أَشَارَ فِي الْحَدِيثِ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ إلَى آخِرِهِ فَنَبَّهَ عَلَى تَرْكِ الْقِيَامِ بِقَوْلِهِ رُكْبَانًا وَعَلَى تَرْكِ الِاسْتِقْبَالِ بِقَوْلِهِ أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا وَالْمُرَادُ إذَا عَجَزُوا عَنْ الِاسْتِقْبَالِ بِسَبَبِ الْعَدُوِّ فَلَوْ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ بِجِمَاحِ الدَّابَّةِ وَطَالَ الزَّمَانُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَيُمَكِّنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَشَارَ إلَى تَرْكِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْإِيمَاءِ بِهِمَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُمَا بِقَوْلِهِ قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَيَكُونُ الْمُرَادُ أَوْ قِيَامُهُمْ عَلَى أَقْدَامِهِمْ فِي كُلِّ حَالَاتِ الصَّلَاةِ حَتَّى فِي حَالَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَإِنَّهُ لَا مَعْنَى لِإِرَادَةِ الْقِيَامِ عَلَى الْأَقْدَامِ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ فَإِنَّ الْمُصَلِّي فِي حَالَةِ السَّعَةِ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَكَرَ ذَلِكَ تَوْطِئَةً لِحَالَةِ الرُّكُوبِ كَمَا ذَكَرَ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ تَوْطِئَةً لِحَالَةِ تَرْكِ الِاسْتِقْبَالِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِقَوْلِهِ «تُومِئُ إيمَاءً» وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْته مِنْ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إلَّا أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ قَالُوا يُؤَخِّرُونَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الصَّلَاةَ حَتَّى يَخَافُوا فَوْتَ الْوَقْتِ فَحِينَئِذٍ يُصَلُّونَ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا تَعَرُّضًا لِذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَ الْمَالِكِيَّةُ وُجُوبَ التَّأْخِيرِ فَكَلَامُ أَصْحَابِنَا يُنَافِيهِ وَإِنْ أَرَادُوا اسْتِحْبَابَهُ فَلَا تَأْبَاهُ قَوَاعِدُهُمْ وَحَكَى أَصْحَابُنَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بَلْ يُؤَخِّرُهَا حَتَّى تَزُولَ وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَابْنُ قُدَامَةَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَذَكَرَ ابْنُ قُدَامَةَ أَنَّهُمَا اسْتَدَلَّا «بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ» وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ قُدَامَةَ بِأَنَّ أَبَا سَعِيدٍ رَوَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ صَلَاةِ الْخَوْفِ ثُمَّ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ شَغَلَهُ الْمُشْرِكُونَ فَنَسِيَ الصَّلَاةَ فَقَدْ نَقَلَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَأَكَّدَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ لَمْ يَكُونُوا فِي مُسَابِقَةٍ تُوجِبُ قَطْعَ الصَّلَاةِ انْتَهَى وَاَلَّذِي فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ وَمِنْهُمْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ يُصَلِّي فِي حَالِ شِدَّةِ الْخَوْفِ بِالْإِيمَاءِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَتَرْكِ الِاسْتِقْبَالِ إذَا لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ لَكِنْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوا فِي حَالِ الصَّلَاةِ فَإِنْ فَعَلُوا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ فَظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا الصَّلَاةَ مَعَ اخْتِلَالِ الْأَرْكَانِ إلَّا فِي حَالَةِ الِاحْتِيَاجِ لِلْفِعْلِ الْكَثِيرِ الْمُنَافِي لِلصَّلَاةِ فَلَمْ يَغْتَفِرُوا ذَلِكَ وَأَخَّرُوا الصَّلَاةَ لِأَجْلِهِ فَخَالَفُوا الْجُمْهُورَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَقَطْ لَا مُطْلَقًا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يُصَلُّونَ إيمَاءً فَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْإِيمَاءِ أَخَّرُوا الصَّلَاةَ حَتَّى يَنْكَشِفَ الْقِتَالُ وَيَأْمَنُوا وَبِهِ قَالَ مَكْحُولٌ وَقَالَ أَنَسٌ حَضَرْت مُنَاهَضَةَ حِصْنِ تُسْتَرَ عِنْدَ إضَاءَةِ الْفَجْرِ وَاشْتَدَّ اشْتِعَالُ الْقِتَالِ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الصَّلَاةِ فَلَمْ يُصَلُّوا إلَّا بَعْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ فَصَلَّيْنَاهَا وَنَحْنُ مَعَ أَبِي مُوسَى حَكَى ذَلِكَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَاتَّفَقَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى اغْتِفَارِ الْقِتَالِ وَالْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَعِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَوْ أَقْوَالٍ (أَصَحُّهَا) وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُهُمْ اغْتِفَارُ ذَلِكَ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ (وَالثَّانِي) أَنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ بِهِ وَحَكَاهُ الْعِرَاقِيُّونَ عَنْ ظَاهِرِ نَصِّ الشَّافِعِيِّ (وَالثَّالِثُ) تَبْطُلُ الصَّلَاةُ إنْ كَانَ فِي شَخْصٍ وَلَا تَبْطُلُ فِي أَشْخَاصٍ وَالشَّافِعِيَّةُ تَفْرِيعًا عَلَى الرَّأْي الثَّانِي عِنْدَهُمْ لَا يُوَافِقُونَ الْحَنَفِيَّةَ عَلَى تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَى ذَلِكَ بَلْ يُوجِبُونَ التَّمَادِي فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ لِلضَّرُورَةِ مَعَ حُكْمِهِمْ بِبُطْلَانِهَا وَفَائِدَةُ ذَلِكَ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فَقَالَ فِيمَا إذَا تَابَعَ الضَّرْبَ أَوْ الطَّعْنَ لَا تُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ وَيَمْضِي فِيهَا قَالَ وَلَا يَدَعُهَا فِي هَذَا الْحَال إذَا