الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً فَإِذَا فَجَرَ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ اتَّكَأَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ يُؤْذِنُهُ لِلصَّلَاةِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ تَقْدِيمُ الِاضْطِجَاعِ عَلَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ..
ــ
[طرح التثريب]
مِنْ حَدِيثِهِ أَيْضًا «صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى» وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الْأَفْضَلُ فِي نَوَافِلِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَنْ تَكُونَ أَرْبَعًا أَرْبَعًا وَقَالَ صَاحِبَاهُ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ الْأَفْضَلُ فِي اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَفِي النَّهَارِ أَرْبَعٌ أَرْبَعٌ وَهَذَا الْحَدِيثُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ} أَوْرَدَ عَبْدُ الْغَنِيِّ الْمَقْدِسِيَّ الْحَافِظُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الْعُمْدَةِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ وَلَيْسَ يَظْهَرُ لَهُ مُنَاسَبَةٌ فَإِنْ كَانَ أَرَادَ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ صَلَّيْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَعْنَاهُ أَنَّهُ اجْتَمَعَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ فَلَيْسَتْ الدَّلَالَةُ عَلَى ذَلِكَ قَوِيَّةً فَإِنَّ الْمَعِيَّةَ مُطْلَقًا أَعَمُّ مِنْ الْمَعِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا انْتَهَى.
وَهَذَا اللَّفْظُ وَهُوَ قَوْلُهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ فِي اللَّفْظِ الَّذِي أَوْرَدَهُ وَالِدِي رحمه الله إذْ لَيْسَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَإِنَّمَا هُوَ رِوَايَةُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَفِي رِوَايَةِ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَالْمَعِيَّةُ الَّتِي فِيهِ تَحْتَمِلُ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ:
{أَحَدُهَا} أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْمَعِيَّةُ فِي جَمَاعَةِ الصَّلَاةِ وَهُوَ بَعِيدٌ.
(وَالثَّانِي) أَنَّ الْمُرَادَ الْمَعِيَّةُ فِي الزَّمَانِ أَوْ الْمَكَانِ أَوْ فِيهِمَا وَإِنْ كَانَا مُنْفَرِدِينَ.
(وَالثَّالِثُ) أَنَّ الْمُرَادَ الْمَعِيَّةُ فِي أَصْلِ الْفِعْلِ أَيْ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَعَلَ ذَلِكَ وَإِنْ اخْتَلَفَ زَمَانُ الْفِعْلِ وَمَكَانُهُ وَلَعَلَّ هَذَا أَرْجَحُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[حَدِيث كَانَ النَّبِيُّ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً]
{الْحَدِيثُ الثَّانِي} عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً فَإِذَا فَجَرَ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ اتَّكَأَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ يُؤْذِنُهُ لِلصَّلَاةِ» (فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) قَوْلُهُ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الظَّاهِرُ فِي (مِنْ) أَنَّهَا لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ أَيْ ابْتِدَاءِ صَلَاتِهِ اللَّيْلَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا لِلتَّبْعِيضِ أَيْ يُصَلِّي فِي بَعْضِ اللَّيْلِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً.
{الثَّانِيَةُ} فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الصَّلَاةِ بِاللَّيْلِ وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ مَحْصُورٌ وَلَكِنْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِيمَا كَانَ يَفْعَلُهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ مِنْ رِوَايَةِ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ «قِيَامُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِتِسْعِ رَكَعَاتٍ» وَحَدِيثِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ «بِإِحْدَى عَشْرَةَ مِنْهُنَّ الْوِتْرُ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَكَانَ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ إذَا جَاءَ الْمُؤَذِّنُ» وَمِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَغَيْرُهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا «ثَلَاثَ عَشْرَةَ بِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ» وَعَنْهَا «كَانَ لَا يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً أَرْبَعًا وَأَرْبَعًا وَثَلَاثًا» وَعَنْهَا «كَانَ يُصَلِّي ثَلَاثَ عَشْرَةَ ثَمَانِيًا ثُمَّ يُوتِرُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ» وَقَدْ فَسَّرَتْهَا فِي الْحَدِيثِ «مِنْهَا رَكْعَتَا الْفَجْرِ» وَعَنْهَا فِي الْبُخَارِيِّ «أَنَّ صَلَاتَهُ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ سَبْعٌ وَتِسْعٌ» .
وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «إنَّ صَلَاتَهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْفَجْرِ سُنَّةَ الْفَجْرِ» وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ طَوِيلَتَيْنِ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِي آخِرِهِ «فَتِلْكَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ» قَالَ الْقَاضِي قَالَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ إخْبَارُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَزَيْدٍ وَعَائِشَةَ بِمَا شَاهَدَ وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فَقِيلَ هُوَ مِنْهَا وَقِيلَ هُوَ مِنْ الرُّوَاةِ عَنْهَا فَيَحْتَمِلُ أَنَّ إخْبَارَهَا بِإِحْدَى عَشْرَةَ هُوَ الْأَغْلَبُ وَبَاقِي رِوَايَتِهَا إخْبَارٌ مِنْهَا بِمَا كَانَ يَقَعُ نَادِرًا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَأَكْثَرُهُ خَمْسَ عَشْرَةَ رَكْعَةً بِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَأَقَلُّهُ سَبْعٌ وَذَلِكَ بِحَسَبِ مَا كَانَ يَحْصُلُ مِنْ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ أَوْ ضِيقِهِ بِطُولِ الْقِرَاءَةِ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَوْ لِنَوْمٍ أَوْ عُذْرٍ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ عِنْدَ كِبَرِ السِّنِّ كَمَا قَالَتْ «فَلَمَّا أَسَنَّ صَلَّى سَبْعَ رَكَعَاتٍ» أَوْ تَارَةً تَعُدُّ الرَّكْعَتَيْنِ الْخَفِيفَتَيْنِ فِي أَوَّلِ قِيَامِ اللَّيْلِ كَمَا رَوَاهَا زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ وَرَوَتْهَا عَائِشَةُ أَيْضًا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَتَعُدُّ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ تَارَةً وَتَحْذِفُهُمَا أُخْرَى أَوْ تَعُدُّ أَحَدَهُمَا وَقَدْ يَكُونُ عَدَّتْ رَاتِبَةَ الْعِشَاءِ مَعَ ذَلِكَ تَارَةً وَحَذَفَتْهَا أُخْرَى قَالَ الْقَاضِي وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ حَدٌّ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ وَأَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ مِنْ الطَّاعَاتِ الَّتِي كُلَّمَا زَادَ فِيهَا زَادَ الْأَجْرُ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي فِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم -