الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا» وَعَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
ــ
[طرح التثريب]
فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ.
1 -
(السَّابِعَةُ) وَفِيهِ مَنْقَبَةٌ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنُ رضي الله عنهما وَقَدْ أَوْرَدَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي مَنَاقِبِهِمَا وَلَوْلَا شِدَّةُ مَحَبَّتِهِ عليه الصلاة والسلام لَمَا فَعَلَ مَعَهُمَا مِثْلَ ذَلِكَ وَفِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ «رَأَيْت وَلَدَيَّ هَذَيْنِ»
[فَائِدَة بَيَانُ رَحْمَتِهِ عليه الصلاة والسلام لِلْعِيَالِ وَشَفَقَتِهِ عَلَيْهِمْ وَرِفْقِهِ بِهِمْ]
(الثَّامِنَةُ) وَفِيهِ بَيَانُ رَحْمَتِهِ عليه الصلاة والسلام لِلْعِيَالٍ وَشَفَقَتِهِ عَلَيْهِمْ وَرِفْقِهِ بِهِمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُبَادَرَتَهُ عليه الصلاة والسلام إلَى أَخْذِهِمَا لِإِعْيَائِهِمَا بِالْمَشْيِ وَحُصُولِ الْمَشَقَّةِ لَهُمَا بِالْعِثَارِ فَرَفَعَ تِلْكَ الْمَشَقَّةَ عَنْهُمَا بِحَمْلِهِمَا
[فَائِدَة تَقْدِيمِ الْمَصْلَحَةِ الْمَرْجُوحَةِ عَلَى الْأَمْرِ الرَّاجِحِ]
1
(التَّاسِعَةُ) إنْ قُلْتَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ قَطْعَ الْخُطْبَةِ وَالنُّزُولَ لَأَخْذِهِمَا فِتْنَةٌ دَعَا إلَيْهَا مَحَبَّةُ الْأَوْلَادِ وَكَانَ الْأَرْجَحُ تَرْكُهُ وَالِاسْتِمْرَارُ فِي الْخُطْبَةِ وَهَذَا لَا يَلِيقُ بِحَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُهُ عَنْ الْعِبَادَةِ أَمْرٌ دُنْيَوِيٌّ وَلَا يَفْعَلُ إلَّا مَا هُوَ الْأَرْجَحُ وَالْأَكْمَلُ قُلْتُ قَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم جَوَازَ مِثْلِ ذَلِكَ بِفِعْلِهِ فَكَانَ رَاجِحًا فِي حَقِّهِ لِتَضَمُّنِهِ بَيَانَ الشَّرِيعَةِ الَّتِي أُرْسِلَ بِهَا وَإِنْ كَانَ مَرْجُوحًا فِي حَقِّ غَيْرِهِ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْبَيَانِ وَكَوْنِهِ نَشَأَ عَنْ إيثَارِ مَصْلَحَةِ الْأَوْلَادِ عَلَى الْقِيَامِ بِحَقِّ الْعِبَادَةِ وَنَبَّهَ عليه الصلاة والسلام بِمَا ذَكَرَهُ فِي ذَلِكَ عَلَى حَالِ غَيْرِهِ فِي ذَلِكَ لَا عَلَى حَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ عَلَى مَصْلَحَةِ الْخُطْبَةِ وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ لِمَصْلَحَةٍ مَرْجُوحَةٍ فَذَلِكَ الْفِعْلُ فِي حَقِّهِ رَاجِحٌ عَلَى التَّرْكِ لِكَوْنِهِ بَيَّنَ بِهِ جَوَازَ تَقْدِيمِ الْمَصْلَحَةِ الْمَرْجُوحَةِ عَلَى الْأَمْرِ الرَّاجِحِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة اسْتِحْبَابُ الْخُطْبَةِ عَلَى مِنْبَرٍ]
1
(الْعَاشِرَةُ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْخُطْبَةِ عَلَى مِنْبَرٍ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ وَقَالُوا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْبَرٌ فَعَلَى مَوْضِعٍ مُرْتَفِعٍ
[حَدِيث فِي سَاعَة الْإِجَابَة يَوْم الْجُمُعَةَ]
(الْحَدِيثُ الثَّامِنُ) عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ وَهُوَ يَسْأَلُ اللَّهَ عز وجل شَيْئًا إلَّا آتَاهُ إيَّاهُ» وَفِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ قَالَ: «يُصَلِّي» وَلِمُسْلِمٍ «يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا خَيْرًا إلَّا أَعْطَاهُ» قَالَ وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ..
ــ
[طرح التثريب]
يُقَلِّلُهَا» وَعَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ وَهُوَ يَسْأَلُ رَبَّهُ عز وجل شَيْئًا إلَّا آتَاهُ إيَّاهُ» (فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) أَخْرَجَهُ مِنْ الطَّرِيقِ الْأُولَى الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ «وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي» وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ عَامَّةَ رُوَاةِ الْمُوَطَّإِ قَالُوا فِي هَذَا الْحَدِيثِ «وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي» إلَّا قُتَيْبَةَ وَأَبَا مُصْعَبٍ فَلَمْ يَقُولَا وَهُوَ قَائِمٌ قَالَ وَلَا قَالَهُ ابْنُ أُوَيْسٍ وَلَا مُطَرِّفٌ وَلَا التِّنِّيسِيُّ قَالَ وَالْمَعْرُوفُ فِي حَدِيثِ أَبِي الزِّنَادِ هَذَا قَوْلُهُ وَهُوَ قَائِمٌ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ وَرْقَاءُ فِي نُسْخَتِهِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ سِيرِينَ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ انْتَهَى وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ الثَّانِيَةِ مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ وَالشَّيْخَانِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ وَمُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ «إنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ وَقَالَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا» يُزَهِّدُهَا لَفْظُ مُسْلِمٍ، وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَقَالَ بِيَدِهِ قُلْنَا يُقَلِّلُهَا يُزَهِّدُهَا فَفِي قَوْلِهِ قُلْنَا زِيَادَةٌ وَهِيَ أَنَّهُمْ فَهِمُوا مِنْ هَذِهِ الْإِشَارَةِ التَّقْلِيلَ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ سَلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَقَالَ بِيَدِهِ وَوَضَعَ أُنْمُلَتَهُ عَلَى بَطْنِ الْوُسْطَى وَالْخِنْصَرِ قُلْنَا يُزَهِّدُهَا وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ «إنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا خَيْرًا إلَّا أَعْطَاهُ قَالَ وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ» .
وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
بِلَفْظِ «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ فَذَكَرْت لَهُ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ أَنَا أَعْلَمُ تِلْكَ السَّاعَةَ فَقُلْت أَخْبِرْنِي بِهَا وَلَا تَضِنَّ بِهَا عَلَيَّ قَالَ هِيَ بَعْدَ الْعَصْرِ إلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ قُلْت وَكَيْفَ تَكُونُ بَعْدَ الْعَصْرِ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي وَتِلْكَ السَّاعَةُ لَا يُصَلَّى فِيهَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ أَلَيْسَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ» ؟ قُلْت بَلَى قَالَ فَهُوَ ذَاكَ " لَفْظُ التِّرْمِذِيِّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ الْعَبَّاسِ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مِينَاءَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةً الْأَنْصَارِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ «إنَّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ» الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ «وَهِيَ بَعْدَ الْعَصْرِ» .
(الثَّانِيَةُ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَاعَةِ الْإِجَابَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَقْوَالٍ:
(أَحَدُهَا) أَنَّهَا قَدْ رُفِعَتْ حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَقَالَ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ عِنْدَنَا لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ زَعَمُوا أَنَّ السَّاعَةَ الَّتِي فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ لَا يَدْعُو فِيهَا مُسْلِمٌ إلَّا اُسْتُجِيبَ لَهُ قَدْ رُفِعَتْ فَقَالَ كَذَبَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ قِيلَ لَهُ فَهِيَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ اسْتَقْبَلَهَا؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَلَى هَذَا تَوَاتَرَتْ الْآثَارُ وَبِهِ قَالَ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَدَّ السَّلَفُ هَذَا عَلَى قَائِلِهِ.
(الثَّانِي) أَنَّهَا بَعْدَ الْعَصْرِ إلَى الْغُرُوبِ وَهُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ مِنْ التِّرْمِذِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْن سَلَامٍ وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ مَا يَدُلُّ عَلَى رَفْعِهِ ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهُ قَالَ «قُلْت: وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ: إنَّا لَنَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا شَيْئًا إلَّا قَضَى لَهُ حَاجَتَهُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَأَشَارَ إلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ بَعْضَ سَاعَةٍ فَقُلْت صَدَقْت أَوْ بَعْضَ سَاعَةٍ، قُلْت أَيُّ سَاعَةٍ؟ قَالَ آخِرُ سَاعَاتِ النَّهَارِ، قُلْت إنَّهَا لَيْسَتْ سَاعَةَ صَلَاةٍ قَالَ بَلَى إنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إذَا صَلَّى ثُمَّ جَلَسَ لَمْ يَحْبِسْهُ إلَّا الصَّلَاةُ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ» وَهَذَا ظَاهِرُهُ الرَّفْعُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَحْتَمِلُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
أَنَّ الْقَائِلَ أَيُّ سَاعَةٍ هُوَ أَبُو سَلَمَةَ وَالْمُجِيبُ لَهُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَيُوَافِقُ الْأَوَّلَ مَا رَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي سَاعَةِ الْجُمُعَةِ قَالَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ يَذْكُرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ نَعَمْ هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ. قُلْت إنَّمَا قَالَ وَهُوَ يُصَلِّي وَلَيْسَتْ تِلْكَ سَاعَةَ صَلَاةٍ قَالَ أَمَا سَمِعْت أَوْ أَمَا بَلَغَك أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ انْتَظَرَ الصَّلَاةَ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ» وَتَقَدَّمَ أَنَّ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَهِيَ بَعْدَ الْعَصْرِ
وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ رِوَايَةِ الْجُلَاحِ مَوْلَى عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ «قَالَ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثِنْتَا عَشْرَةَ يُرِيدُ سَاعَةً لَا يُوجَدُ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إلَّا آتَاهُ اللَّهُ فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ» قَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَقَدْ احْتَجَّ بِالْجُلَاحِ أَبِي كَثِيرٍ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قِيلَ إنَّ قَوْلَهُ فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ كَلَامِ أَبِي سَلَمَةَ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «قَالَ الْتَمِسُوا السَّاعَةَ الَّتِي تُرْجَى فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ إلَى غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ» وَقَالَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَدْ رَوَى عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ يُضَعَّفُ ضَعَّفَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ وَيُقَالُ لَهُ حَمَّادُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ وَيُقَالُ لَهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْأَنْصَارِيُّ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ انْتَهَى وَقَالَ وَالِدِي رحمه الله فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا بَعْدَ الْعَصْرِ فَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ أَنَسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَفَاطِمَةَ صَحَّ مِنْهَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَجَابِرٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ انْتَهَى.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَطَاوُسٍ وَحَكَاهُ ابْنُ بَطَّالٍ عَنْ مُجَاهِدٍ وَقَالَ وَالِدِي رحمه الله الْأَكْثَرُونَ مِنْ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اجْتَمَعُوا فَتَذَاكَرُوا السَّاعَةَ الَّتِي فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَتَفَرَّقُوا وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهَا آخِرَ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ انْتَهَى قَالَ الْمُهَلَّبُ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ إنَّهَا بَعْدَ الْعَصْرِ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ» .
فَهُوَ وَقْتُ الْعُرُوجِ وَعَرْضُ الْأَعْمَالِ عَلَى اللَّهِ فَيُوجِبُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ مَغْفِرَتَهُ لِلْمُصَلِّينَ مِنْ عِبَادِهِ وَلِذَلِكَ شَدَّدَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيمَنْ حَلَفَ عَلَى سِلْعَتِهِ بَعْدَ الْعَصْرِ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ تَعْظِيمًا لِلسَّاعَةِ وَفِيهَا يَكُونُ اللِّعَانُ وَالْقَسَامَةُ وَقِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ} [المائدة: 106] أَنَّهَا الْعَصْرُ انْتَهَى وَحَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ عَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ أَحْمَدُ أَكْثَرُ الْحَدِيثِ فِي السَّاعَةِ الَّتِي تُرْجَى فِيهَا إجَابَةُ الدَّعْوَةِ أَنَّهَا بَعْدَ الْعَصْرِ وَتُرْجَى بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إنَّ هَذَا الْقَوْلَ أَثْبَتُ شَيْءٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ انْتَهَى وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ بَعْدَ الْعَصْرِ أَيْ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَحِينَئِذٍ فَهَلْ يَخْتَلِفُ الْحَالُ بِتَقْدِيمِ الصَّلَاةِ وَتَأْخِيرِهَا أَوْ يُقَالُ الْمُرَادُ مَعَ الصَّلَاةِ الْمُتَوَسِّطَةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ دُخُولُ وَقْتِ الْعَصْرِ.
(الْقَوْلُ الثَّالِثُ) أَنَّهَا آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ النَّهَارِ وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ النَّبِيِّ فَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ ظَنَّهَا «أَنَّهَا قَالَتْ قُلْت لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ سَاعَةٍ هِيَ؟ قَالَ إذَا تَدَلَّى نِصْفُ الشَّمْسِ لِلْغُرُوبِ» فَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَقُولُ لِغُلَامٍ لَهَا اصْعَدْ عَلَى الظِّرَابِ فَإِذَا رَأَيْت الشَّمْسَ قَدْ تَدَلَّى نِصْفُ عَيْنِهَا فَأَخْبِرْنِي حَتَّى أَدْعُوَ وَقَدْ غَايَرَ وَالِدِي رحمه الله فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ بَيْنَ هَذَا الْقَوْلِ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ.
فَإِنَّ صَاحِبَ الْقَوْلِ الَّذِي قَبْلَهُ يَجْعَلُهَا مِنْ بَعْدِ الْعَصْرِ إلَى الْغُرُوبِ وَهَذَا يُضَيِّقُ الْأَمْرَ فِيهَا وَيَجْعَلُهَا قُبَيْلَ الْغُرُوبِ وَلَسْت أُرِيدُ أَنَّ صَاحِبَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَجْعَلُهَا مُسْتَغْرِقَةً مِنْ الْعَصْرِ إلَى الْغُرُوبِ وَلَكِنَّهَا سَاعَةٌ لَطِيفَةٌ فِي أَثْنَاءِ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَالْقَائِلُ بِهَذَا الْقَوْلِ يُعَيِّنُ لَهَا الْجُزْءَ الْأَخِيرَ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ وَيَدُلُّ لِهَذَا قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ كَمَا هُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمِ وَإِنْ كَانَ لَفْظُ رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ فِي هَذَا الْكَلَامِ هِيَ بَعْدَ الْعَصْرِ إلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ كَمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ فَاطِمَةَ رضي الله عنها فِي آخِرِ سَاعَةٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ لَحْظَةٌ لَطِيفَةٌ فَإِنَّهَا جَعَلَتْ ابْتِدَاءَهَا تَدَلِّي نِصْفِ الشَّمْسِ لِلْغُرُوبِ وَحَدِيثُ جَابِرٍ الْمُتَقَدِّمُ يَقْتَضِي أَنَّ السَّاعَةَ الْمَذْكُورَةَ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا يَنْقَسِمُ النَّهَارُ عَلَيْهَا وَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ السَّاعَةَ الْأَخِيرَةَ بِكَمَالِهَا بَلْ يَحْتَمِلُ أَنَّهَا لَحْظَةٌ فِي أَثْنَاءِ هَذِهِ السَّاعَةِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَلَا يَتَعَيَّنُ اللَّحْظَةُ الْأَخِيرَةُ مِنْهَا بِخِلَافِ الْمَحْكِيِّ عَنْ فَاطِمَةَ فَإِنَّ فِيهِ تَعْيِينُ الْجُزْءِ الْأَخِيرِ مِنْهَا فَهُمَا مُتَغَايِرَانِ فَيَكُونُ هَذَا (الْقَوْلُ الرَّابِعُ) وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْقَوْلُ الْخَامِسُ) أَنَّهَا مِنْ حِينِ تَصْفَرُّ الشَّمْسُ إلَى أَنْ تَغْرُبَ حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَكَعْبِ الْأَحْبَارِ.
(الْقَوْلُ السَّادِسُ) أَنَّهَا بَعْدَ الزَّوَالِ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ إلَى الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَحْرُمَ الْبَيْعُ إلَى أَنْ يَحِلَّ وَحَكَاهُ وَالِدِي فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَأَبِي أُمَامَةَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا إنَّهُ الصَّوَابُ لِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْر عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَسَمِعْت أَبَاكَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي شَأْنِ سَاعَةِ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ نَعَمْ سَمِعْته يَقُولُ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ إلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ» قَالَ مُسْلِمٌ هَذَا أَجْوَدُ حَدِيثٍ وَأَصَحُّهُ فِي بَيَانِ سَاعَةِ الْجُمُعَةِ حَكَاهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ لَكِنْ لِهَذَا الْحَدِيثِ عِلَّتَانِ: (إحْدَاهُمَا) أَنَّ مَخْرَمَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِيهِ قَالَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ وَرَوَى عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ قَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ أَبِي شَيْئًا.
(الثَّانِيَةُ) قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ لَمْ يُسْنِدْهُ غَيْرُ مَخْرَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ مِنْ قَوْلِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ بَلَغَ بِهِ أَبَا مُوسَى رضي الله عنه وَلَمْ يَرْفَعْهُ قَالَ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي بُرْدَةَ كَذَلِكَ رَوَاهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ وَتَابَعَهُ وَاصِلٌ الْأَحْدَبُ وَمُجَالِدٌ رَوَيَاهُ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ مِنْ قَوْلِهِ وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ مَوْقُوفٌ قَالَ وَلَا يَثْبُتُ قَوْلُهُ عَنْ أَبِيهِ انْتَهَى قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَهَذَا الَّذِي اسْتَدْرَكَهُ بَنَاهُ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَعْرُوفَةِ لَهُ وَلِأَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ فِي رِوَايَةِ الْحَدِيثِ وَقْفٌ وَرَفْعٌ أَوْ إرْسَالٌ وَاتِّصَالٌ حَكَمُوا بِالْوَقْفِ وَالْإِرْسَالِ وَهِيَ قَاعِدَةٌ ضَعِيفَةٌ مَمْنُوعَةٌ.
قَالَ وَالصَّحِيحُ طَرِيقَةُ الْأُصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ وَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَمُحَقِّقِي الْمُحَدِّثِينَ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِالرَّفْعِ وَالِاتِّصَالِ لِأَنَّهَا زِيَادَةُ ثِقَةٍ انْتَهَى وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ لَمَّا ذَكَرَ هَذَا الْقَوْلَ وَهُوَ أَصَحُّ وَبِهِ أَقُولُ لِأَنَّ ذَلِكَ الْعَمَلَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كُلِّهِ صَلَاةٌ فَيَنْتَظِمُ بِهِ الْحَدِيثُ لَفْظًا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَمَعْنًى وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ وَحَدِيثُ أَبِي مُوسَى نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى غَيْرِهِ.
(الْقَوْلُ السَّابِعُ) أَنَّهَا مِنْ حِينِ خُرُوجِ الْإِمَامِ إلَى الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ عَوْفِ بْنِ حَصِيرَةَ وَهُوَ تَابِعِيٌّ وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ لَكِنَّهُ أَوْسَعُ مِنْهُ لِأَنَّ خُرُوجَ الْإِمَامِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى جُلُوسِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ.
(الْقَوْلُ الثَّامِنُ) أَنَّهَا مِنْ حِينِ يَفْتَتِحُ الْإِمَامُ الْخُطْبَةَ إلَى الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَهُوَ أَضْيَقُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَبْلَهُ لِأَنَّ افْتِتَاحَ الْخُطْبَةِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ جُلُوسِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ لِمَا يَقَعُ بَعْدَ الْجُلُوسِ مِنْ الْأَذَانِ.
وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً» الْحَدِيثَ وَفِيهِ «قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ سَاعَةٍ هِيَ قَالَ مِنْ حِينِ يَقُومُ الْإِمَامُ فِي خُطْبَتِهِ إلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ» قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ كَذَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ إلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ وَالْمَحْفُوظُ إلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاتِهِ.
(الْقَوْلُ التَّاسِعُ) أَنَّهَا مِنْ حِينِ تُقَامُ الصَّلَاةُ إلَى أَنْ يَفْرُغَ مِنْهَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى قَالَ كُنْت عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ فَسُئِلَ عَنْ السَّاعَةِ الَّتِي فِي الْجُمُعَةِ فَقُلْت هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي اخْتَارَهَا اللَّهُ لَهَا أَوْ فِيهَا الصَّلَاةُ فَمَسَحَ رَأْسِي وَبَرَّكَ عَلَيَّ وَأَعْجَبَهُ مَا قُلْت وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ عَوْفِ بْنِ حَصِيرَةَ.
وَيَدُلُّ لَهُ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إنَّ فِي الْجُمُعَةِ سَاعَةً» الْحَدِيثَ وَفِيهِ «قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَّةُ سَاعَةٍ هِيَ؟ قَالَ حِينَ تُقَامُ الصَّلَاةُ إلَى انْصِرَافِهِ مِنْهَا» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ كَثِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْكَذِبِ وَقَالَ أَحْمَدُ هُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ لَيْسَ بِشَيْءٍ انْتَهَى وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ يَرْوِهِ فِيمَا عَلِمْت إلَّا كَثِيرٌ وَلَيْسَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ انْتَهَى.
وَيُوَافِقُهُ حَدِيثُ مَيْمُونَةَ بِنْتِ سَعْدٍ «قُلْت أَيَّةُ سَاعَةٍ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ ذَلِكَ حِينَ يَقُومُ الْإِمَامُ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ وَضَعَّفَهُ وَالِدِي رحمه الله أَيْضًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ قِيَامُ الْإِمَامِ لِلْخُطْبَةِ فَيَكُونَ قَرِيبًا مِنْ الْقَوْلِ الثَّامِنِ.
(الْقَوْلُ الْعَاشِرُ) أَنَّهَا عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ وَعَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ ابْنَ الْمُنْذِرِ نَقَلَ عَنْهُ الْقَوْلَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
السَّادِسَ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بَعْدَ الزَّوَالِ الزَّوَالَ وَمَا بَعْدَهُ إلَى فَرَاغِ الصَّلَاةِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَنَّ تَتِمَّةَ كَلَامِهِ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ.
(الْقَوْلُ الْحَادِيَ عَشَرَ) أَنَّهَا وَقْتُ الْأَذَانِ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ حِينَ يُنَادِي الْمُنَادِي بِالصَّلَاةِ وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّهُ يُنَادِي بِالصَّلَاةِ وَقْتَ الزَّوَالِ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ.
(الْقَوْلُ الثَّانِي عَشَرَ) أَنَّهَا عِنْدَ الْأَذَانِ أَوْ الْخُطْبَةِ أَوْ الْإِقَامَةِ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ إنِّي لِأَرْجُوَ أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ الَّتِي فِي الْجُمُعَةِ إحْدَى هَذِهِ السَّاعَاتِ إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ أَوْ وَالْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ أَوْ عِنْدَ الْإِقَامَةِ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ فَإِنْ قُلْت هَذَا هُوَ الْقَوْلُ السَّادِسُ وَقَدْ نَقَلْتُمْ هُنَاكَ عَنْ وَالِدِكُمْ رحمه الله أَنَّهُ حَكَاهُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّ الْقَائِلَ بِالسَّادِسِ لَا يَقُولُ بِاسْتِيعَابِهَا لِلزَّمَنِ الْمَذْكُورِ فَهِيَ سَاعَةٌ لَطِيفَةٌ فِي أَثْنَاءِ تِلْكَ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ فَهِيَ إمَّا فِي أَوَّلِهِ وَهُوَ الْأَذَانُ أَوْ فِي وَسَطِهِ وَهُوَ الْخُطْبَةُ أَوْ فِي آخِرِهِ وَهُوَ الْإِقَامَةُ قُلْت بَلْ هُوَ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ حَالَةَ الصَّلَاةِ عَنْ أَنْ يَكُونَ فِيهَا سَاعَةُ الْإِجَابَةِ فَتَكُونُ حِينَئِذٍ مِنْ حِينِ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ إلَى الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ وَهَذَا عَكْسُ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ أَنَّهَا مِنْ حِينِ تُقَامُ الصَّلَاةُ إلَى الْفَرَاغِ مِنْهَا وَقَدْ حَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ أَبِي السُّوَارِ الْعَدَوِيِّ قَالَ كَانُوا يَرَوْنَ الدُّعَاءَ مُسْتَجَابًا مَا بَيْنَ أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ إلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ.
(الْقَوْلُ الثَّالِثَ عَشَرَ) أَنَّهَا عِنْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى أَيْضًا.
(الْقَوْلُ الرَّابِعَ عَشَرَ) أَنَّهَا مِنْ الزَّوَالِ إلَى أَنْ يَصِيرَ الظِّلُّ نَحْوَ ذِرَاعٍ حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ.
(الْقَوْلُ الْخَامِسَ عَشَرَ) أَنَّهَا مَعَ زَيْغِ الشَّمْسِ بِشِبْرٍ إلَى ذِرَاعٍ حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ لِامْرَأَتِهِ لَمَّا سَأَلَتْهُ وَقَالَ لَهَا فَإِنْ سَأَلْتنِي بَعْدُ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ بَلْ هَذِهِ الْأَقْوَالُ الْعَشَرَةُ مِنْ السَّادِسِ إلَى هُنَا مُتَقَارِبَةٌ وَلَعَلَّهُ عَبَّرَ بِهَا عَنْ شَيْءِ وَاحِدٍ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا حَالَةَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ أَوْ الْخُطْبَةِ خَاصَّةً أَوْ الصَّلَاةِ خَاصَّةً فَهِيَ تَتَقَدَّمُ وَتَتَأَخَّرُ بِاعْتِبَارِ تَقَدُّمِ خُرُوجِ الْإِمَامِ وَتَأَخُّرِهِ لَكِنْ حَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهَا هِيَ السَّاعَةُ الَّتِي كَانَ يُصَلِّي فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيَقْتَضِي ذَلِكَ انْضِبَاطَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَقْتِهَا لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ يَخْطُبُ أَوَّلَ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ مَا كَانَ يُؤَذَّنُ إلَّا وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَلَمْ تَكُنْ خُطْبَتُهُ طَوِيلَةً.
(الْقَوْلُ السَّادِسَ عَشَرَ) أَنَّهَا عِنْدَ أَذَانِ الْمُؤَذِّنِ لِصَلَاةِ الْغَدَاةِ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَلَعَلَّ الَّذِي جَعَلْنَاهُ الْقَوْلَ الْحَادِيَ عَشَرَ هُوَ هَذَا إلَّا أَنَّهَا أَطْلَقَتْ النِّدَاءَ مَرَّةً وَقَيَّدَتْهُ مَرَّةً أُخْرَى بِالْأَذَانِ لِصَلَاةِ الْغَدَاةِ فَحُمِلَ مُطْلَقُ كَلَامِهَا عَلَى مُقَيَّدِهِ لَكِنَّا فَهِمْنَا مِنْ كَلَامِهَا ذَلِكَ أَنَّهَا أَرَادَتْ الصَّلَاةَ الْمَعْهُودَةَ وَهِيَ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ فَلِذَلِكَ عَدَدْنَاهُ قَوْلًا آخَرَ وَقَدْ فَهِمَ ذَلِكَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فَحَكَى عَنْهَا أَنَّ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَلَعَلَّهُ وَقَفَ عَنْهَا عَلَى تَصْرِيحٍ بِذَلِكَ.
(الْقَوْلُ السَّابِعَ عَشَرَ) أَنَّهَا مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إلَى الْغُرُوبِ حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهَا فِي أَحَدِ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ وَلِذَلِكَ أَتَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي نَقْلِي هَذَا عَنْهُ بِأَوْ بَدَلَ الْوَاوِ.
(الْقَوْلُ الثَّامِنَ عَشَرَ) أَنَّهَا مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ حَكَاهُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ وَالنَّوَوِيُّ.
(الْقَوْلُ التَّاسِعَ عَشَرَ) أَنَّهَا السَّاعَةُ الثَّالِثَةُ مِنْ النَّهَارِ حَكَاهُ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي.
(الْقَوْلُ الْعِشْرُونَ) أَنَّهَا مُخْتَفِيَةٌ فِي الْيَوْمِ كُلِّهِ لَا يُعْلَمُ وَقْتُهَا مِنْهُ حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ.
(الْقَوْلُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ) أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ سَاعَةً بِعَيْنِهَا بَلْ تَنْتَقِلُ فِي سَاعَاتِ الْيَوْمِ قَالَ الْغَزَالِيُّ إنَّهُ الْأَشْبَهُ وَأَشَارَ إلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ فَقَالَ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا تَنْتَقِلُ وَقَدْ اجْتَمَعَ لَنَا فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى سَبْعَةَ عَشَرَ قَوْلًا قَدَّمْنَاهَا عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَيْهَا وَكَذَا كَانَ اجْتَمَعَ لَنَا فِي سَاعَةِ الْجُمُعَةِ هَذَا الْعَدَدُ الْمَخْصُوصُ ثُمَّ عَثَرْنَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ أُخْرَى فَبَلَغَتْ الْأَقْوَالُ وَاحِدًا وَعِشْرِينَ قَوْلًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثَةُ) قَدْ عَرَفْت فِيمَا تَقَدَّمَ اسْتِدْلَالَ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى أَنَّ تِلْكَ السَّاعَةَ لَيْسَتْ بَعْدَ الْعَصْرِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ لَيْسَ وَقْتَ صَلَاةٍ وَجَوَابُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رضي الله عنه لَهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِ يُصَلِّي انْتِظَارُ الصَّلَاةِ وَسُكُوتُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى ذَلِكَ يَقْتَضِي قَبُولَ هَذَا الْجَوَابِ مِنْهُ لَكِنْ أَشْكَلَ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ الصَّحِيحَيْنِ «وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي» فَقَوْلُهُ وَهُوَ قَائِمٌ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ انْتِظَارَ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الصَّلَاةُ حَقِيقَةً لَكِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ حَمَلَ الْقِيَامَ عَلَى الْمُلَازَمَةِ وَالْمُوَاظَبَةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِلا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} [آل عمران: 75] أَيْ مُلَازِمًا مُوَاظِبًا مُقِيمًا وَاعْلَمْ أَنَّ حَمْلَ الصَّلَاةِ عَلَى انْتِظَارِهَا حَمْلٌ لِلَّفْظِ عَلَى مَدْلُولِهِ الشَّرْعِيِّ لَكِنَّهُ لَيْسَ