الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةُ «أَسْرِعُوا بِجَنَائِزِكُمْ فَإِنْ كَانَ صَالِحًا قَدَّمْتُمُوهُ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ فَإِنْ يَكُونَ صَالِحًا فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ» .
ــ
[طرح التثريب]
[حَدِيث أَسْرِعُوا بِجَنَائِزِكُمْ]
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ} وَعَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةُ «أَسْرِعُوا بِجَنَائِزِكُمْ فَإِنْ كَانَ صَالِحًا قَدَّمْتُمُوهُ إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ فَإِنْ يَكُ صَالِحًا خَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ» (فِيهِ) فَوَائِدُ:
{الْأُولَى} أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِي رِوَايَتِهِمْ التَّصْرِيحُ بِرَفْعِهِ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَّا أَنَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَمَا هُوَ اللَّفْظُ الْأَخِيرُ هُنَا وَقَوْلُهُ فِي اللَّفْظِ الْأَوَّلِ هُنَا رِوَايَةُ كِنَايَةٍ عَنْ الرَّفْعِ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ «أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا وَإِنْ تَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» وَلَفْظُ مُسْلِمٍ لَعَلَّهُ قَالَ «تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ» ، وَكَذَا فِي رِوَايَةِ أَصْحَابِ السُّنَنِ إلَيْهِ وَسَقَطَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ كِلَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ قَالَ لَا أَعْلَمُهُ إلَّا رَفَعَ الْحَدِيثَ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ «قَرَّبْتُمُوهَا إلَى الْخَيْرِ» قَالَ وَالِدِي رحمه الله فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ لِلزُّهْرِيِّ فِيهِ إسْنَادَانِ فَحَدَّثَ بِهِ مَرَّةً هَكَذَا وَمَرَّةً هَكَذَا وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ «إذَا وُضِعَ الرَّجُلُ الصَّالِحُ عَلَى سَرِيرِهِ قَالَ قَدِّمُونِي قَدِّمُونِي وَإِذَا وُضِعَ الرَّجُلُ يَعْنِي السُّوءَ عَلَى سَرِيرِهِ قَالَ يَا وَيْلِي أَيْنَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
تَذْهَبُونَ بِي» وَلَفْظُ ابْنِ حِبَّانَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ «إنَّ الْعَبْدَ إذَا وُضِعَ» وَقَالَ فِي آخِرِهِ يُرِيدُ الْمُسْلِمَ وَالْكَافِرَ وَوَقَعَ فِي أَصْلِ سَمَاعِنَا مِنْ سُنَنِ النَّسَائِيّ الصُّغْرَى رِوَايَةُ ابْنِ السُّنِّيِّ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِهْرَانَ وَهُوَ وَهْمٌ، وَهُوَ فِي الْكُبْرَى رِوَايَةُ ابْنِ الْآخَرِ عَلَى الصَّوَابِ
وَالْحَدِيثُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَسُنَنِ النَّسَائِيّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ بِلَفْظِ «إذَا وُضِعَتْ الْجِنَازَةُ وَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ قَدِّمُونِي وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَتْ يَا وَيْلَهَا أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِهَا يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إلَّا الْإِنْسَانَ وَلَوْ سَمِعَهُ صَعِقَ» .
{الثَّانِيَةُ} فِيهِ الْأَمْرُ بِالْإِسْرَاعِ بِالْجِنَازَةِ وَمَعْنَاهُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ سُرْعَةُ الْمَشْيِ بِهَا، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي آخِرِ حَدِيثِ «فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» وَنَقَلَ ابْنُ بَطَّالٍ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَدِيثِ الْإِسْرَاعُ بِتَجْهِيزِهَا إذَا تَحَقَّقَ مَوْتُهَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا قَوْلٌ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ؛ انْتَهَى.
{الثَّالِثَةُ} هَذَا الْأَمْرُ بِالْإِسْرَاعِ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي: لَا خِلَافَ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ فِي اسْتِحْبَابِهِ انْتَهَى.
وَذَهَبَ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ إلَى وُجُوبِهِ تَمَسُّكًا بِظَاهِرِ الْأَمْرِ وَهُوَ شَاذٌّ.
{الرَّابِعَةُ} حَكَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّ الْإِسْرَاعَ بِالْجِنَازَةِ هُوَ فَوْقَ سَجِيَّةِ الْمَشْيِ وَحَكَى عَنْهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ بَطَّالٍ أَنَّهُ سَجِيَّةُ الْمَشْيِ وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَهَذِهِ عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ: الْمُرَادُ بِالْإِسْرَاعِ فَوْقَ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ دُونَ الْخَبَبِ، وَكَذَا قَالَ الْحَنَفِيَّةُ وَهَذِهِ عِبَارَةُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ: وَيَمْشُونَ بِهِ مُسْرِعِينَ دُونَ الْخَبَبِ.
وَحَكَى ابْنُ قُدَامَةَ عَنْ الْقَاضِي مِنْ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ إسْرَاعٌ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ قَالَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ قَالَ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: يُخَبُّ وَيُرَمَّلُ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ بَعْدَ ذِكْرِهِ هَذَا الْحَدِيثَ: وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ.
قَالَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُسْرَعُ بِالْجِنَازَةِ إسْرَاعَ السَّجِيَّةِ مَشْيَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْمَاشِي، وَقَدْ حَكَيْتُ ذَلِكَ عَنْهُ بِمَعْنَاهُ قَرِيبًا قَالَ وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ: الْعَجَلَةُ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ الْإِبْطَاءِ بِهَا وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ الْوَصِيَّةَ بِالْإِسْرَاعِ بِهِ عَنْ عُمَرَ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَلْقَمَةَ وَأَبِي وَائِلٍ وَعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَعَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِي " إنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَتَقَطَّعُ شِسْعُهُ فِي الْجِنَازَةِ فَمَا يُدْرِكُهَا وَمَا يَكَادُ أَنْ يُدْرِكَهَا "
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ " لَتُسْرِعَنَّ بِهَا أَوْ لَأَرْجِعَنَّ " وَعَنْ الْحَسَنِ وَمُحَمَّدٍ (أَنَّهُمَا كَانَا يُعْجِبُهُمَا أَنْ يُسْرِعَ بِالْجِنَازَةِ) وَكَانَ الْحَسَنُ إذَا رَأَى مِنْهُمْ إبْطَاءً قَالَ (امْضُوا لَا تَحْبِسُوا مَيِّتَكُمْ) .
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَاهُ فَقَالَ: إذَا أَنْتَ حَمَلْتنِي عَلَى السَّرِيرِ فَامْشِ بِي مَشْيًا بَيْنَ الْمِشْيَتَيْنِ.
وَحَكَى الطَّحَاوِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا فَحَكَى عَنْ قَوْمٍ أَنَّ السُّرْعَةَ بِالْجِنَازَةِ أَفْضَلُ قَالَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ قَالَ وَخَالَفَهُمْ آخَرُونَ وَقَالُوا الْمَشْيُ بِهَا مَشْيًا لَيِّنًا أَفْضَلُ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ مَعْنَى هَذَا الْإِسْرَاعِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ تَرْكُ التَّرَاخِي فِي الْمَشْيِ بِهَا وَالتَّبَاطُؤِ وَالزَّهْوِ فِي الْمَشْيِ وَيُكْرَهُ الْإِسْرَاعُ الَّذِي يَشُقُّ عَلَى مَنْ تَبِعَهَا وَيُحَرِّكُ الْمَيِّتَ وَرُبَّمَا كَانَ سَبَبَ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ وَعَلَى هَذَا حَمَلُوا نَهْيَ مَنْ نَهَى عَنْ الدَّبِيبِ بِهَا دَبِيبَ الْيَهُودِ مِنْ السَّلَفِ وَأَمَرَ بِالْإِسْرَاعِ وَجَمَعُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ النَّهْيُ عَنْ الْإِسْرَاعِ وَاسْتَدَلُّوا بِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ مُفَسَّرًا عَنْهُ عليه الصلاة والسلام هُوَ مَا دُونَ الْخَبَبِ.
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ عَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ فِي جَنَائِزِكُمْ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالشَّافِعِيِّ وَابْنِ حَبِيبٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ مَا جَاءَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْآثَارِ عَنْ السَّلَفِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ انْتَهَى.
فَرَجَّحَ الْقَاضِي عِيَاضٌ نَفْيَ الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَأَنَّ مَنْ أَمَرَ بِالْإِسْرَاعِ أَرَادَ بِهِ الْمُتَوَسِّطَ وَمَنْ نَهَى عَنْهُ أَرَادَ الْمُفْرِطَ وَيُوَافِقُ هَذَا كَلَامَ النَّوَوِيِّ فَأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عَنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ اسْتِحْبَابَ الْإِسْرَاعِ قَالَ وَجَاءَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ كَرَاهَةُ الْإِسْرَاعِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِسْرَاعِ الْمُفْرِطِ الَّذِي يُخَافُ مَعَهُ انْفِجَارُهَا أَوْ خُرُوجُ شَيْءٍ مِنْهَا انْتَهَى.
وَلْنَذْكُرْ الْأَحَادِيثَ فِي ذَلِكَ.
فَنَقُولُ: رَوَى أَبُو دَاوُد بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مِنْ رِوَايَةِ «عُيَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ فِي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
جِنَازَةِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِي وَكُنَّا نَمْشِي مَشْيًا خَفِيفًا فَلَحِقَنَا أَبُو بَكْرَةَ فَرَفَعَ سَوْطَهُ وَقَالَ لَقَدْ رَأَيْتنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَرْمُلُ رَمْلًا» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ فِي جِنَازَةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ بَدَلَ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِي وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ وَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ وَقَالَ: «وَإِنَّا لَنَكَادُ نَرْمُلُ بِهَا رَمْلًا.» وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مُخْتَصَرًا بِدُونِ الْقِصَّةِ الَّتِي فِي أَوَّلِهِ بِلَفْظِ وَإِنَّا لَنَكَادُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مَاجِدَةَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمَشْيِ مَعَ الْجِنَازَةِ فَقَالَ: «مَا دُونَ الْخَبَبِ» الْحَدِيثَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَسَمِعْت مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ يُضَعِّفُهُ وَقَالَ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ قِيلَ لِيَحْيَى مَنْ أَبُو مَاجِدَةَ هَذَا؟ قَالَ طَائِرٌ طَارَ فَحَدَّثَنَا وَقَالَ النَّوَوِيُّ اتَّفَقُوا عَلَى ضَعْفِهِ وَأَنَّ أَبَا مَاجِدَةَ مَجْهُولٌ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ حَضَرْنَا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ جِنَازَةَ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها بِسَرِفٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ هَذِهِ مَيْمُونَةُ إذَا رَفَعْتُمْ نَعْشَهَا فَلَا تُزَعْزِعُوهُ وَلَا تُزَلْزِلُوهُ وَارْفُقُوا، وَفِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ «مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِجِنَازَةِ وَهِيَ تُمْخَضُ كَمَا يُمْخَضُ الزِّقُّ فَقَالَ عَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ فِي جَنَائِزِكُمْ» وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ بِلَفْظِ «عَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ فِي الْمَشْيِ بِجَنَائِزِكُمْ» وَاسْتَدَلَّ وَالِدِي رحمه الله فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ التَّوَسُّطُ بَيْنَ شِدَّةِ السَّعْيِ وَبَيْنَ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ «وَإِنَّا لَنَكَادُ أَنْ نَرْمُلَ» .
قَالَ وَمُقَارَبَةُ الرَّمَلِ بِالسَّعْيِ الشَّدِيدِ، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ لَفْظَ أَبِي دَاوُد يَرْمُلُ وَأَجَابَ وَالِدِي عَنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَرَادَ الرِّفْقَ فِي كَيْفِيَّةِ الْحَمْلِ لَا فِي كَيْفِيَّةِ الْمَشْيِ بِهَا فَإِنَّهُ خَشِيَ أَنْ تَسْقُطَ أَوْ تُكْشَفَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ قَالَ وَإِنْ أَرَادَ الرِّفْقَ فِي السَّيْرِ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ حَصَلَ مَا يَخْشَى مَعَهُ انْفِجَارَهَا إنْ أَزْعَجُوهَا فِي السَّيْرِ أَوْ أَنَّ هَذَا رَأْيٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ أَوْلَى بِالْإِتْبَاعِ. اهـ وَجَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ بِذَلِكَ الِاحْتِمَالِ فَبَوَّبَ عَلَى هَذِهِ الْقَضِيَّةِ كَرَاهَةَ شِدَّةِ الْإِسْرَاعِ مَخَافَةَ انْفِجَارِهَا، وَكَذَا بَوَّبَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ الْبَيْهَقِيُّ.
{الْخَامِسَةُ} ذَكَرَ أَصْحَابُنَا أَنَّ مَحَلَّ الْإِسْرَاعِ الْمُتَوَسِّطُ إذَا لَمْ يُخْشَ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ التَّأْخِيرِ تَغَيُّرٌ أَوْ انْفِجَارٌ أَوْ انْتِفَاخٌ فَإِنْ خُشِيَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ زِيدَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
فِي الْإِسْرَاعِ.
{السَّادِسَةُ} يُسْتَثْنَى مِنْ الْإِسْرَاعِ بِالْجِنَازَةِ مَا إذَا خِيفَ أَنْ يَحْدُثَ مِنْ الْإِسْرَاعِ لَهُ تَغَيُّرٌ أَوْ انْفِجَارٌ فَلَا يُسْرَعُ بِهِ، صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فَإِنْ كَانَ بِالْمَيِّتِ عِلَّةٌ يُخَافُ أَنْ يَتَنَجَّسَ مِنْهُ شَيْءٌ أَحْبَبْت أَنْ يُرْفَقَ بِالْمَشْيِ انْتَهَى.
وَعَلَى هَذَا حَمْلُ مَا يُخَالِفُ ظَاهِرُهُ الْإِسْرَاعَ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{السَّابِعَةُ} فِيهِ تَعْلِيلُ الْأَمْرِ بِالْإِسْرَاعِ بِتَقْدِيمِ الصَّالِحَةِ إلَى الْخَيْرِ وَالتَّعْجِيلِ بِوَضْعِ غَيْرِ الصَّالِحَةِ عَنْ الرِّقَابِ، وَقَدْ أُشِيرَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ إلَى تَعْلِيلِهِ بِعِلَّةٍ أُخْرَى وَهِيَ مُخَالَفَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ أَوْ الْيَهُودِ خَاصَّةً فَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا اتَّبَعَ جِنَازَةً قَالَ انْبَسِطُوا بِهَا وَلَا تَدِبُّوا دَبِيبَ الْيَهُودِ بِجَنَائِزِهَا» كَذَا حَكَاهُ عَنْ الْمُسْنَدِ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي، وَفِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّهُ أَوْصَى إذَا أَنَا مِتَّ فَأَسْرِعُوا وَلَا تُهَوِّدُوا كَمَا تُهَوِّدُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولَ اُرْفُقُوا بِهَا رَحِمَكُمْ اللَّهُ فَقَالَ هَوِّدُوا لَتُسْرِعُنَّ بِهَا أَوْ لَأَرْجِعَنَّ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ كَانَ يُقَالُ انْبَسَطُوا بِجَنَائِزِكُمْ وَلَا تَدِبُّوا بِهَا دَبَّ الْيَهُودِ.
وَعَنْ عَلْقَمَةَ لَا تَدِبُّوا بِالْجِنَازَةِ دَبِيبَ النَّصَارَى.
1 -
{الثَّامِنَةُ} قَوْلُهُ «فَإِنْ كَانَ صَالِحًا» يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ اسْمُ كَانَ ضَمِيرًا يَعُودُ عَلَى الْمَيِّتِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ أَصْحَابِ الْكُتُبِ فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً وَيَبْقَى الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ إلَيْهِ عَائِدًا عَلَى مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُهُ صَرِيحًا لَكِنَّهُ مَعْلُومٌ وَالْمَعْنَى قَدَّمْتُمُوهُ إلَى جَزَاءِ عَمَلِهِ الصَّالِحِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ اسْمَ كَانَ ضَمِيرٌ عَلَى الْعَمَلِ أَيْ فَإِنْ كَانَ عَمَلُهُ صَالِحًا وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْعَمَلِ ذِكْرٌ لَكِنْ الْمَعْنَى يَدُلُّ عَلَيْهِ وَيَبْقَى الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ إلَيْهِ عَائِدًا عَلَى مَذْكُورٍ وَهُوَ الْعَمَلُ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ سِوَى ذَلِكَ يَحْتَمِلُ تَمَامَ كَانَ وَنُقْصَانَهَا وَبِتَقْدِيرِ نُقْصَانِهَا فَيَجِيءُ فِي اسْمِهَا الِاحْتِمَالَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ وَقَوْلُهُ فَشَرٌّ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ فَهُوَ شَرٌّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً صَحَّ الِابْتِدَاءُ بِهِ مَعَ كَوْنِهِ نَكِرَةً لِاعْتِمَادِهِ عَلَى صِفَةٍ مُقَدَّرَةٍ أَيْ شَرٌّ عَظِيمٌ وَقَوْلُهُ تَضَعُونَهُ عَلَى هَذَا خَبَرٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ صِفَةٌ وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ «فَإِنْ يَكُ صَالِحًا» يَتَرَجَّحُ فِيهِ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْعَمَلِ؛ لِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَ قَبْلَهُ الْجِنَازَةُ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَيَكُونُ الضَّمِيرُ فَفِي قَوْلِهِ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ عَائِدًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ الْعَقْلُ أَوْ أَجْزَاؤُهُ وَيَجُوزُ فِي قَوْلِهِ «خَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا إلَيْهِ» مَا جَوَّزْنَاهُ فِي قَوْلِهِ «فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ» وَحَذْفُ الْفَاءِ مِنْ قَوْلِهِ