الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
يَعْقِدُ عَلَى قَافِيَتِهِ شَيْئًا وَيُوَافِقُ ذَلِكَ أَنَّ الطَّحَاوِيَّ حَمَلَ قَوْلَهُ عليه الصلاة والسلام «فِيمَنْ نَامَ لَيْلَهُ كُلَّهُ حَتَّى أَصْبَحَ ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ» ، عَلَى أَنَّهُ نَامَ عَنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ حَتَّى انْقَضَى اللَّيْلُ كُلُّهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ مِنْ السَّلَفِ قَوْمًا كَانُوا يَنَامُونَ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَيُصَلُّونَهَا فِي وَقْتِهَا ثُمَّ حَكَى عَنْ الْحَكَمِ قَالَ كَانُوا يَنَامُونَ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَرْقُدْ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَيُوَكِّلُ مَنْ يُوقِظُهُ.
وَعَنْ سُرِّيَّةٍ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ رُبَّمَا أَغْفَى قَبْلَ الْعِشَاءِ وَرُوِيَ إنَّهُ مَا كَانَتْ نَوْمَةٌ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ نَوْمَةٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَذَكَرَ إبَاحَةَ النَّوْمِ قَبْلَ الْعِشَاءِ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَعَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَابْنِ سِيرِينَ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْهُمْ وَهَذَا كُلُّهُ عَنْهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ الْعِشَاءَ فِي وَقْتِهَا أَوْ مَعَ الْجَمَاعَةِ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَيُخَالِفُ هَذَا التَّأْوِيلَ الَّذِي ذَكَرْته فِي كَلَامِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ أَوْرَدَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَذَلِكَ مُنَافٍ لِحَمْلِهِ عَلَى صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة الصَّلَاةِ الَّتِي تَنْحَلُّ بِهَا عُقْدَةُ الشَّيْطَانِ]
1
(الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَمَالَ الْبُخَارِيُّ إلَى وُجُوبِهَا وَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «يَعْقِدْ الشَّيْطَانِ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ» الْحَدِيثَ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَهَذِهِ الْعُقْدَةُ تَنْحَلُّ بِصَلَاتِهِ الصُّبْحَ وَيَكُونُ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ بَيَّنَتْ عَائِشَةَ رضي الله عنها الْأَمْرَ غَايَةَ الْبَيَانِ فَقَالَتْ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ إنَّ قِيَامَ اللَّيْلَ مَنْسُوخٌ قَالَتْ عَائِشَةُ فِيهِ «أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ قِيَامَ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ تَعْنِي الْمُزَّمِّلَ فَقَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَوْلًا وَأَمْسَكَ اللَّهُ خَاتِمَتَهَا فِي السَّمَاءِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي آخِرِ السُّورَةِ التَّخْفِيفَ فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ الْفَرِيضَةِ» انْتَهَى.
وَهُنَا أُمُورٌ:
(أَحَدُهَا) مَا ادَّعَاهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَلَى الْبُخَارِيِّ مِنْ مِيلِهِ إلَى الْوُجُوبِ وَتَعَلُّقُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ كَمَا ذَكَرَهُ فَإِنَّ التَّبْوِيبَ لَيْسَ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ وَقَدْ أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا هَذَا الْحَدِيثُ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِلْوُجُوبِ فَإِنَّ عَقْدَ الشَّيْطَانِ عَلَى رَأْسِ النَّائِمِ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ وَلَا يُؤَاخَذُ بِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِيهِ صُنْعٌ وَلَا تَسَبُّبٌ وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ حَدِيثُ سَمُرَةَ: «أَمَّا الَّذِي يَثْلَغُ رَأْسَهُ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنْ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ» وَهَذَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ أَيْضًا بِصَلَاةِ اللَّيْلِ وَقَدْ صَرَّحَ فِيهِ بِأَنَّ الذَّمَّ عَلَى نَوْمِهِ عَنْ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ.
(ثَانِيهَا) مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
مِنْ حَمْلِ الصَّلَاةِ الَّتِي تَنْحَلُّ بِهَا عُقْدَةُ الشَّيْطَانُ عَلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ لَا بَأْسَ بِهِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِهِ «فَإِنْ أَصْبَحَ وَلَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ» الْحَدِيثَ وَيُوَافِقُ ذَلِكَ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ فَإِنَّهُ قَالَ: فِيهِ الْإِخْبَارُ عَنْ حَالِ مَنْ لَمْ يَقُمْ إلَى صَلَاتِهِ وَضَيَّعَهَا حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا ثُمَّ قَالَ أَمَّا مَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ الْقِيَامُ إلَى صَلَاتِهِ الْمَكْتُوبَةِ أَوْ إلَى نَافِلَتِهِ مِنْ اللَّيْلِ فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ فَقَدْ جَاءَ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام «أَنَّهُ يُكْتَبُ لَهُ أَجْرُ صَلَاتِهِ وَنَوْمِهِ صَدَقَةً عَلَيْهِ» وَقَالَ اللَّهُ عز وجل {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: 42] الْآيَةَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَنَا وَلَوْ شَاءَ لَرَدَّهَا إلَيْنَا وَقَالَ لَهُ بِلَالٌ أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِك» وَفِي هَذَا كُلِّهِ الْعُذْرُ الْبَيِّنُ وَالْمَخْرَجُ الْوَاسِعُ لِمَنْ غَلَبَهُ نَوْمُهُ عَلَى صَلَاتِهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّ الْحَدِيثَ نَدَبَ إلَى قِيَامِ اللَّيْلِ وَالِاسْتِغْفَارِ بِالْأَسْحَارِ وَأَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ نَدْبًا إلَى أَنْ لَا يَطْلُعَ الْفَجْرُ عَلَى الْمُؤْمِنِ إلَّا وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهَ وَتَأَهَّبَ بِالْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ انْتَهَى.
وَقَدْ ظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ حَصَلَ التَّرَدُّدُ فِي الصَّلَاةِ الْمُرَادَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هَلْ هِيَ الْعِشَاءُ أَوْ الصُّبْحُ أَوْ تَهَجُّدُ اللَّيْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(ثَالِثُهَا) أَطْلَقَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْخِلَافَ فِي وُجُوبِ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْقَوْلَ بِالْوُجُوبِ بِأَهْلِ الْقُرْآنِ فَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ أَنَّهُ قَالَ إنَّمَا قِيَامُ اللَّيْلِ عَلَى أَصْحَابِ الْقُرْآنِ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيِّ فِي كِتَابِ قِيَامِ اللَّيْلِ أَنَّهُ قِيلَ لِلْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مَا يَقُولُ فِي رَجُلٍ قَدْ اسْتَظْهَرَ الْقُرْآنَ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ وَلَا يَقُومُ بِهِ إنَّمَا يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ فَقَالَ لَعَنَ اللَّهُ ذَاكَ، إنَّمَا يَتَوَسَّدُ الْقُرْآنَ قِيلَ لَهُ قَالَ اللَّهُ {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: 20] قَالَ نَعَمْ وَلَوْ خَمْسِينَ آيَةً وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيِّ وَيُقَالُ لِمَنْ أَوْجَبَ الْقِيَامَ بِاللَّيْلِ فَرْضًا بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ احْتِجَاجًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} [المزمل: 20] خَبَرُنَا عَنْهُ إذَا لَمْ يَخِفَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ أَنْ يَقْرَأَ بِشَيْءٍ هَلْ يُوجَبُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَتَكَلَّفُ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَخِفَّ وَيَتَيَسَّرْ؟ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ خَالَفَ ظَاهِرَ الْكِتَابِ وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ وَإِنْ قَالَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَكَلُّفُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ وَلَمْ يَخَفْ فَقَدْ أَسْقَطَ فَرْضَهُ وَلَوْ كَانَ فَرْضًا لَوَجَبَ عَلَيْهِ خَفَّ أَوْ لَمْ يَخِفَّ كَمَا قَالَ {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا} [التوبة: 41] قَالَ وَقَوْلُ مَا تَيَسَّرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ نَدْبٌ وَاخْتِيَارٌ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ