الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «نُهِيَ عَنْ مَيَاثِرِ الْأُرْجُوَانِ، وَلُبْسِ الْقَسِّيِّ، وَخَاتَمِ الذَّهَبِ. قَالَ مُحَمَّدٌ فَذَكَرْت لِأَخِي يَحْيَى بْنِ سِيرِينَ فَقَالَ: أَوَ لَمْ تَسْمَعْ هَذَا؟ نَعَمْ، وَكَفَافُ الدِّيبَاجِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَلِمُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ وَالْمُعَصْفَرِ وَعَنْ تَخْتِمْ الذَّهَبِ» ، وَعَلَّقَ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ " قُلْت لِعَلِيٍّ مَا الْقَسِّيَّة؟ قَالَ ثِيَابٌ أَتَتْنَا مِنْ الشَّامِ أَوْ مِنْ مِصْرَ مُضَلَّعَةٌ فِيهَا حَرِيرٌ، وَفِيهَا أَمْثَالُ الْأُتْرُنْجِ، وَالْمِيثَرَةُ كَانَتْ النِّسَاءُ تَصْنَعُهُ لِبُعُولَتِهِنَّ مِثْلُ الْقَطَائِفِ "، وَلَهُمَا مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ «نَهَانَا عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالْقَسِّيِّ، وَالْإِسْتَبْرَقِ، وَالْمَيَاثِرِ الْحُمْرِ» ..
ــ
[طرح التثريب]
الْوَازِعِ الشَّرْعِيِّ بِخِلَافِ الْكَافِرِ فَإِنَّ كُفْرَهُ يَحْمِلُهُ عَلَى لُبْسِهِ فَلَيْسَ عِنْدَهُ مِنْ اعْتِقَادِ تَحْرِيمِهِ مَا يَكُفُّهُ عَنْ ذَلِكَ فَلَوْلَا إبَاحَةُ لُبْسِهِ لَهُ لَمَا أُعِينَ عَلَى تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ بِإِهْدَائِهِ لَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُسْلِمُ فَاسِقًا مُتَهَاوِنًا بِأَمْرِ الدِّينِ يَعْتَادُ لُبْسَ الْحَرِيرِ بِحَيْثُ يَلْزَمُ مِنْ إهْدَائِهِ لَهُ لُبْسُهُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ يَحْرُمُ إهْدَاؤُهُ لَهُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إعَانَتِهِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ كَمَا رَجَّحَ النَّوَوِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي بَيْعِ الْعَصِيرِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا إذَا تَحَقَّقَ ذَلِكَ أَنَّهُ يَحْرُمُ، وَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُونَ عَلَى خِلَافِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ، وَلَكِنْ غَلَبَ كُرِهَ فَقَطْ.
[حَدِيث نُهِيَ عَنْ مَيَاثِرِ الْأُرْجُوَانِ وَلُبْسِ الْقَسِّيِّ وَخَاتَمِ الذَّهَبِ]
(الْحَدِيثُ الثَّالِثُ) عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «نُهِيَ عَنْ مَيَاثِرِ الْأُرْجُوَانِ، وَلُبْسِ الْقَسِّيِّ، وَخَاتَمِ الذَّهَبِ قَالَ مُحَمَّدٌ فَذَكَرْت لِأَخِي يَحْيَى بْنِ سِيرِينَ فَقَالَ أَوَ لَمْ تَسْمَعْ هَذَا؟ نَعَمْ، وَكَفَافُ الدِّيبَاجِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَصَرَّحَ مُسْلِمٌ بِرَفْعِهِ دُونَ ذِكْرِ الْمَيَاثِرِ، وَلِلشَّيْخَيْنِ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ (فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ عُبَيْدَةَ عَنْ عَلِيٍّ إلَّا أَنَّ أَبَا دَاوُد اقْتَصَرَ عَلَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى فَلَوْ عَزَاهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله لِلنَّسَائِيِّ لَكَانَ أَوْلَى لِكَوْنِهِ أَخْرَجَهُ بِتَمَامِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ مِنْ رِوَايَةِ أَشْعَثَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ عُبَيْدَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «نَهَانِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْقَسِّيِّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَالْحَرِيرِ، وَخَاتَمِ الذَّهَبِ، وَأَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا» ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي عِلْمَيْ الْحَدِيثِ وَالْأُصُولِ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ نُهِيَ مَحْمُولٌ عَلَى نَهْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الصَّحِيحِ، وَتَأَكَّدَ ذَلِكَ بِالتَّصْرِيحِ بِرَفْعِهِ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى وَأَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ هُبَيْرَةَ بْنِ مَرْيَمَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ وَعَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ، وَالْمِيثَرَةِ الْحَمْرَاءِ» لَفْظُ أَبِي دَاوُد.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» ، وَلَمْ يُقَيِّدْ الْمِيثَرَةَ بِكَوْنِهَا حَمْرَاءَ، وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَغَيْرِهِ مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ، وَالْمُعَصْفَرِ وَعَنْ تَخْتِمْ الذَّهَبِ وَعَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ» ، وَمِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ «نَهَانِي يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَجْعَلَ خَاتَمِي فِي هَذِهِ أَوْ الَّتِي تَلِيهَا» لَمْ يَدْرِ عَاصِمٌ فِي أَيِّ الثِّنْتَيْنِ «، وَنَهَانِي عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ وَعَنْ جُلُوسٍ عَلَى الْمَيَاثِرِ» قَالَ فَأَمَّا الْقَسِّيُّ فَثِيَابٌ مُضَلَّعَةٌ يُؤْتَى بِهَا مِنْ مِصْرَ، وَالشَّامِ فِيهَا شَبَهُ كَذَا.
وَأَمَّا الْمَيَاثِرُ فَشَيْءٌ كَانَتْ تَجْعَلُهُ النِّسَاءُ لِبُعُولَتِهِنَّ عَلَى الرَّحْلِ كَالْقَطَائِفِ الْأُرْجُوَانِ، وَاقْتَصَرَ الْبُخَارِيُّ عَلَى الْمَوْقُوفِ مِنْهُ تَعْلِيقًا فَقَالَ، وَقَالَ عَاصِمٌ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ قُلْت لِعَلِيٍّ مَا الْقَسِّيَّةُ؟ قَالَ ثِيَابٌ أَتَتْنَا مِنْ الشَّامِ أَوْ مِنْ مِصْرَ مُضَلَّعَةٌ فِيهَا حَرِيرٌ أَمْثَالُ الْأُتْرُجِّ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِهِ، وَفِيهَا أَمْثَالُ الْأُتْرُجِّ، وَالْمِيثَرَةُ كَانَتْ النِّسَاءُ تَصْنَعُهُ لِبُعُولَتِهِنَّ مِثْلُ الْقَطَائِفِ.
وَقَالَ جَرِيرٌ عَنْ يَزِيدَ فِي حَدِيثِهِ الْقَسِّيَّةُ ثِيَابٌ مُضَلَّعَةٌ يُجَاءُ بِهَا مِنْ مِصْرَ فِيهَا الْحَرِيرُ، وَالْمِيثَرَةُ جُلُودُ السِّبَاعِ قَالَ الْبُخَارِيُّ عَاصِمٌ أَصَحُّ وَأَكْثَرُ فِي الْمِيثَرَةِ أَيْ مَا رَوَاهُ عَاصِمٌ فِي تَفْسِيرِ الْمِيثَرَةِ أَصَحُّ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْحَدِيثِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ:«أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ. الْحَدِيثَ، وَفِيهِ وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيمَ أَوْ عَنْ تَخَتُّمٍ بِالذَّهَبِ وَعَنْ شُرْبٍ بِالْفِضَّةِ وَعَنْ الْمَيَاثِر وَعَنْ الْقَسِّيِّ وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ، وَالْإِسْتَبْرَقِ، وَالدِّيبَاجِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ الْمَيَاثِرُ الْحُمْرُ.
(الثَّانِيَةُ) الْمَيَاثِرُ بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَبِالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ، وَبَعْدَ الْأَلْفِ ثَاءٌ مُثَلَّثَةٌ مَكْسُورَةٌ ثُمَّ رَاءٌ مُهْمَلَةٌ جَمْعُ مِيثَرَةٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَإِسْكَانِ الْيَاءِ غَيْرِ مَهْمُوزٍ، وَفَتْحِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ، وَتَقَدَّمَ مِنْ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ شَيْءٌ كَانَتْ النِّسَاءُ تَصْنَعُهُ لِبُعُولَتِهِنَّ أَيْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
أَزْوَاجِهِنَّ مِثْلُ الْقَطَائِفِ، وَهِيَ جَمْعُ قَطِيفَةٍ: دِثَارُ مُخْمَلٍ يَضَعُونَهُ فَوْقَ الرِّحَالِ، وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ مِيثَرَةُ الْفَرَسِ لُبْدَتُهُ غَيْرُ مَهْمُوزٍ، وَالْجَمْعُ مَيَاثِرُ وَمَوَاثِرُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ.
وَأَمَّا الْمَيَاثِرُ الْحُمْرُ الَّتِي جَاءَ فِيهَا النَّهْيُ فَإِنَّهَا كَانَتْ مِنْ مَرَاكِبِ الْأَعَاجِمِ مِنْ دِيبَاجٍ أَوْ حَرِيرٍ، وَحَكَى الْقَاضِي فِي الْمَشَارِقِ قَوْلًا أَنَّهَا سُرُوجٌ تُتَّخَذُ مِنْ الدِّيبَاجِ، وَقَوْلًا آخَرَ أَنَّهَا أَغْشِيَةُ السُّرُوجِ مِنْ الْحَرِيرِ، وَقَوْلًا آخَرَ؛ أَنَّهَا شَيْءٌ يُحْشَى رِيشًا أَوْ قُطْنًا يَجْعَلُهُ الرَّاكِبُ تَحْتَهُ فَوْقَ الرَّحْلِ، وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ الْمَحْكِيِّ أَوَّلًا عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَاكَ أَنَّهُ مَحْشُوٌّ بِشَيْءٍ، وَفِي هَذَا أَنَّهُ مَحْشُوٌّ، وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْوَثَارَةِ يُقَالُ، وَثُرَ بِضَمِّ الثَّاءِ وَثَارَةً بِفَتْحِ الْوَاوِ فَهُوَ وَثِيرٌ أَيْ وَطِيءٌ لَيِّنٌ، وَأَصْلُهَا مَوْثُورَةٌ فَقُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً لِلْكِسْرَةِ قَبْلَهَا كَمَا فِي مِيزَانٍ وَمِيقَاتٍ وَمِيعَادٍ مِنْ الْوَزْنِ وَالْوَقْتِ وَالْوَعْدِ، وَأَصْلُهُ مِوْزَانٌ وَمِوْقَاتٌ وَمِوْعَادٌ، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ يَزِيدَ، وَهُوَ ابْنُ رُومَانَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمِيثَرَةِ جُلُودُ السِّبَاعِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْبُخَارِيَّ جَعَلَهُ قَوْلًا مَرْجُوحًا.
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ، وَهَذَا عِنْدِي وَهْمٌ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ، وَهَذَا قَوْلٌ بَاطِلٌ مُخَالِفٌ لِلْمَشْهُورِ الَّذِي أَطْبَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ اللُّغَةِ وَالْحَدِيثِ، وَسَائِرُ الْعُلَمَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثَةُ) الْأُرْجُوَانُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَضَمِّ الْجِيمِ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ فِي رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ، وَفِي كُتُبِ الْغَرِيبِ وَاللُّغَةِ، وَغَيْرِهَا، وَكَذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْمَشَارِقِ، وَفِي شَرْحِ الْقَاضِي عِيَاضٍ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْهُ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَهَذَا غَلَطٌ ظَاهِرٌ مِنْ النُّسَّاخِ لَا مِنْ الْقَاضِي فَإِنَّهُ صَرَّحَ فِي الْمَشَارِقِ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ قُلْت، وَتَبِعَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَصَرَّحَ بِأَنَّ الْأَرْجُوَانَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَالصَّوَابُ مَا تَقَدَّمَ، وَحَكَى النَّوَوِيُّ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ صِبْغٌ أَحْمَرُ شَدِيدُ الْحُمْرَةِ قَالَ كَذَا قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، وَالْجُمْهُورُ انْتَهَى.
وَصَدَّرَ فِي الْمَشَارِقِ كَلَامَهُ بِأَنَّهُ الصُّوفُ الْأَحْمَرُ ثُمَّ قَالَ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ الْحُمْرَةُ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الشَّدِيدُ الْحُمْرَةُ، وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ صِبْغٌ أَحْمَرُ شَدِيدُ الْحُمْرَةِ، وَهُوَ شَجَرٌ لَهُ نَوْرٌ أَحْمَرُ أَحْسَنُ مَا يَكُونُ، وَكُلُّ لَوْنٍ يُشْبِهُهُ فَهُوَ أُرْجُوَانُ قَالَ، وَيُقَالُ هُوَ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ أُرْغُوَانُ، وَقَالَ فِي الْمُحْكَمِ حَكَى السِّيرَافِيُّ أَحْمَرُ أُرْجُوَانٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ بِهِ كَمَا قَالُوا أَحْمَرُ قَانٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ سِيبَوَيْهِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
إنَّمَا مَثَّلَ بِهِ فِي الصِّفَةِ فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ الَّتِي ذَهَبَ إلَيْهَا السِّيرَافِيُّ، وَإِمَّا أَنْ يُرِيدَ الْأُرْجُوَانَ الَّذِي هُوَ الْأَحْمَرُ مُطْلَقًا، وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ تَبَعًا لِلْهَرَوِيِّ حَدِيثَ عُثْمَانَ أَنَّهُ غَطَّى وَجْهَهُ، وَهُوَ مُحْرِمٌ بِقَطِيفَةٍ حَمْرَاءَ أُرْجُوَانَ، وَقَالَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ يُقَالُ ثَوْبُ أُرْجُوَانَ، وَقَطِيفَةُ أُرْجُوَانَ، وَالْأَكْثَرُ فِي كَلَامِهِمْ إضَافَةُ الثَّوْبِ أَوْ الْقَطِيفَةِ إلَى الْأُرْجُوَانِ قَالَ النَّوَوِيُّ ثُمَّ أَهْلُ اللُّغَةِ ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الرَّاءِ وَالْجِيمِ وَالْوَاوِ، وَلَا يَغْتَرُّ بِذَكَرِ الْقَاضِي لَهُ فِي الْمَشَارِقِ فِي بَابِ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ وَالْجِيمِ، وَلَا بِذِكْرِ ابْنِ الْأَثِيرِ لَهُ فِي بَابِ الرَّاءِ وَالْجِيمِ وَالنُّونِ قُلْت، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي آخَرِ كَلَامِهِ، وَقِيلَ إنَّ الْكَلِمَةَ عَرَبِيَّةٌ، وَالْأَلِفُ وَالنُّونُ زَائِدَتَانِ.
(الرَّابِعَةُ) قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ الْمِيثَرَةُ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْحَرِيرِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فِيمَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ فَهِيَ حَرَامٌ لِأَنَّهُ جُلُوسٌ عَلَى حَرِيرٍ، وَاسْتِعْمَالٌ لَهُ، وَهُوَ حَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى رَحْلٍ أَوْ سَرْجٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَإِنْ كَانَ مِيثَرَةً مِنْ غَيْرِ حَرِيرٍ فَلَيْسَتْ بِحَرَامٍ، وَمَذْهَبُنَا أَنَّهَا لَيْسَتْ مَكْرُوهَةً أَيْضًا فَإِنَّ الثَّوْبَ الْأَحْمَرَ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ فَسَوَاءٌ كَانَتْ حَمْرَاءَ أَمْ لَا، وَقَدْ ثَبَتَتْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَبِسَ حُلَّةً حَمْرَاءَ» ، وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ كَرَاهَتَهَا لِئَلَّا يَظُنَّهَا الرَّائِي مِنْ بَعْدُ حَرِيرًا انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ قَالَ أَصْحَابُنَا يُكْرَهُ لُبْسُ الْأَحْمَرِ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عُمَرَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، وَأَحَادِيثُ الْإِبَاحَةِ أَصَحُّ، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ.
وَأَمَّا مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ الْمِيثَرَةُ مِنْ جُلُودِ السِّبَاعِ فَوَجْهُ النَّهْيِ عَنْهَا أَنَّهَا لَا تَعْمَلُ الزَّكَاةُ فِيهَا، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَوْ لِأَنَّهَا لَا تُذْكَى غَالِبًا قُلْت لَكِنَّهَا تَطْهُرُ بِالدَّبَّاغِ إلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي طَهَارَةِ الشَّعْرِ تَبَعًا لِلْجِلْدِ إذَا دُبِغَ، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ عَدَمُ طَهَارَتِهِ، وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ بِطَهَارَتِهِ، وَالْأَغْلَبُ فِي الْمَيَاثِرِ أَنَّهَا لَا شَعْرَ عَلَيْهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْمَعْنَى فِي النَّهْيِ عَنْ الْمَيَاثِرِ مَا فِيهِ مِنْ التَّرَفُّهِ، وَقَدْ يَتَعَذَّرُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَيَشُقُّ تَرْكُهَا عَلَى مَنْ اعْتَادَهَا فَيَكُونُ حِينَئِذٍ إرْشَادًا نَهَى عَنْهُ لِمَصْلَحَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ، وَقَدْ يَكُونُ لِمَصْلَحَةٍ دِينِيَّةٍ، وَهِيَ تَرْكُ التَّشَبُّهِ بِعُظَمَاءِ الْفُرْسِ لِأَنَّهُ كَانَ شِعَارَهُمْ ذَلِكَ الْوَقْتَ فَلَمَّا لَمْ يَصِرْ شِعَارًا لَهُمْ، وَزَالَ ذَلِكَ الْمَعْنَى زَالَتْ الْكَرَاهَةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْخَامِسَةُ) قَدْ عَرَفْت أَنَّ الْمِيثَرَةَ قُيِّدَتْ تَارَةً بِكَوْنِهَا حَمْرَاءَ، وَأُطْلِقَتْ تَارَةً فَمَنْ يَحْمِلُ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ يَخُصُّ النَّهْيَ بِالْحَمْرَاءِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَمَنْ يَأْخُذُ بِالْمُطْلَقِ، وَهُمْ الْحَنَفِيَّةُ، وَالظَّاهِرِيَّةُ فَمُقْتَضَى مَذْهَبِهِمْ طَرْدُ النَّهْيِ عَنْهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَمْرَاءَ، وَقَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ مَيَاثِرُ الْأُرْجُوَانِ يَنْبَنِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ الْأُرْجُوَانِ فَإِنْ فَسَّرْنَاهُ بِمُطْلَقِ الْأَحْمَرِ سَاوَى الرِّوَايَةَ الَّتِي فِيهَا الْمَيَاثِرُ الْحُمْرُ، وَإِنْ فَسَّرْنَاهُ بِالْمَصْبُوغِ بِصِبْغٍ مَخْصُوصٍ فَمُقْتَضَاهُ اخْتِصَاصُهُ بِالْمَصْبُوغِ بِذَلِكَ الصِّبْغِ الْمَخْصُوصِ خَاصَّةً، وَأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى لِمَا سِوَاهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ تَعَدِّيَتُهُ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1 -
(السَّادِسَةُ) الْقَسِّيُّ بِفَتْحِ الْقَافِ، وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ، وَآخِرُهُ يَاءٌ مُشَدَّدَةٌ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ بِكَسْرِ الْقَافِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ أَهْلُ الْحَدِيثِ يَكْسِرُونَهَا، وَأَهْلُ مِصْرَ يَفْتَحُونَهَا، وَتَقَدَّمَ مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ تَفْسِيرُهُ بِأَنَّهُ ثِيَابٌ مُضَلَّعَةٌ يُؤْتَى بِهَا مِنْ مِصْرَ، وَالشَّامِ فِيهَا شَبَهُ كَذَا، وَقَوْلُهُ مُضَلَّعَةٌ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَفَتْحِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِهَا أَيْ فِيهَا خُطُوطٌ عَرِيضَةٌ كَالْأَضْلَاعِ، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مُعَلَّقًا فِيهَا حَرِيرٌ أَمْثَالُ الْأُتْرُجِّ، وَكَانَ الْمَكْنِيُّ عَنْهُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بِكَذَا هُوَ الْأُتْرُجُّ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ هِيَ ثِيَابٌ مُضَلَّعَةٌ بِالْحَرِيرِ تُعْمَلُ بِالْقَسِّ بِفَتْحِ الْقَافِ، وَهُوَ مَوْضِعٌ مِنْ بِلَادِ مِصْرَ، وَهِيَ قَرْيَةٌ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ قَرِيبَةٌ مِنْ تُنِيس، وَقِيلَ هِيَ ثِيَابٌ مِنْ كَتَّانٍ مَخْلُوطٍ بِحَرِيرٍ، وَقِيلَ هِيَ ثِيَابٌ مِنْ الْقَزِّ، وَأَصْلُهُ الْقَزِّيُّ بِالزَّايِ مَنْسُوبٌ إلَى الْقَزِّ، وَهُوَ رَدِيءٌ الْحَرِيرِ فَأَبْدَلَ مِنْ الزَّايِ سِينًا انْتَهَى قَالَ فِي النِّهَايَةِ، وَقِيلَ هُوَ مَنْسُوبٌ إلَى الْقَسِّ، وَهُوَ الصَّقِيعُ لِبَيَاضِهِ انْتَهَى.
(السَّابِعَةُ) إنْ صَحَّ أَنَّ الْقَسِّيَّ مِنْ الْقَزِّ الْخَالِصِ فَالنَّهْيُ عَنْهُ لِلتَّحْرِيمِ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلِطًا مِنْ الْحَرِيرِ، وَغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ حَرِيرُهُ أَكْثَرَ فَالنَّهْيُ عَنْهُ لِلتَّحْرِيمِ، وَإِنْ كَانَ كَتَّانُهُ أَكْثَرَ فَالنَّهْيُ عَنْهُ لِكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ، وَإِنْ اسْتَوَيَا فَعَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ، وَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَيَكُونُ النَّهْيُ عَنْهُ لِلتَّنْزِيهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْقَسِّيِّ حَرِيرُهُ أَكْثَرُ، وَبَعْضُهُ كَتَّانُهُ أَكْثَرُ فَالنَّهْيُ فِيمَا حَرِيرُهُ أَكْثَرُ لِلتَّحْرِيمِ، وَفِيمَا كَتَّانُهُ أَكْثَرُ لِلْكَرَاهَةِ، وَغَايَةُ مَا فِي ذَلِكَ الْجَمْعُ فِي لَفْظِ النَّهْيِ بَيْنَ حَقِيقَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ، وَهُمَا التَّحْرِيمُ، وَالْكَرَاهَةُ فَإِنْ قُلْت بَلْ فِيهِ حِينَئِذٍ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ، وَالْمَجَازِ لِأَنَّ النَّهْيَ حَقِيقَةٌ فِي التَّحْرِيمِ مَجَازٌ فِي الْكَرَاهَةِ قُلْت