الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتقوى هذه المحبّة باستبشاره وعلمه بعاقبة تلك البلوى وإفضائها إلى غاية النعيم واللذة. فكلّما قوي علمُه بذلك، وقويت محنته لمن ذكره بابتلائه، ازداد تلذّذُه بها، مع الكراهية الطبيعية التي هي من لوازم الخلقة؛ ولا سيّما إذا علم المحبُّ الذي أحُّط الأشياءِ إليه أن يجري ذكرُه على بال محبوبه أنَّ محبوبَه قد ذكره بنوع من الامتحان، فإنّه يفرح بذكره له، وإن ساءَه ما ذكره به، كما قال القائل:
لئن ساءَني أن نلتني بمساءَة
…
لقد سرني أني خطرتُ ببالكا
(1)
الوجه الثامن:
قوله: "وهو على ثلاث مقامات مرتّبة بعضُها فوق بعض. فالأول: التصبر" إلى قوله: "وهو صبر العوام".
فيقال: لا ريب أنّ التصبّرَ مُوذِن بتكلف وتحمل
(2)
على كره، ولكن هذا لا بدّ منه في الصبر، وهو سببُه الذي يُنال به. فالتصبّر من العبد، والصبر ثمرته التي يفرغها اللَّه عليه
(3)
إذا تعاطاه وتكففه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"ومَن يتصبِّر يُصبِّرْه اللَّه"
(4)
. فمنزلة التصبّر من الصبر منزلة التعلّم والتفهم من العلم والفهم، فلابدّ منه في حصول الصبر.
(1)
كذا ورد البيت في الأصل وغيره وفي مدارج السالكين (2/ 198، 373). والصواب في روايته: "ببالكِ"، كما في روضة المحبين (164، 402، 583). وإغاثة اللهفان (921). وهو من قصيدة لابن الدمينة في ديوانه (17). وانظر: حماسة أبي تمام (2/ 61).
(2)
"ب": "بتحمل وتكلف".
(3)
"عليه" ساقط من "ك، ط".
(4)
من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. وقد سبق تخريجه في ص (579).