الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فضلهم وشرفهم أنَّ اللَّه سبحانه اختصَّهم بوحيه، وجعلهم أُمَناءَ على رسالته، ووسائط
(1)
بينه وبين عباده، وخصَّهم بأنواع كرامته
(2)
: فمنهم من اتخذه خليلًا، ومنهم من كلَّمه تكليمًا، ومنهم من رفعه
(3)
على سائرهم درجات. ولم يجعل لعباده وصولًا إليه إلا من طريقهم، ولا دخولًا إلى جنته إلا من خلفهم، ولم يكرم أحدًا منهم بكرامة إلا على أيديهم؛ فهم أقرب الخلق إليه وسيلة، وأرفعهم عنده درجة، وأحبهم إليه وأكرمهم عليه.
وبالجملة فخير الدنيا والآخرة إنَّما ناله العباد على أيديهم. وبهم عُرِفَ اللَّهُ، وبهم عُبدَ وأُطيع، وبهم حصلت محابّه تعالى في الأرض، وأعلاهم منزلةً أولوَ العزم منهم المذكورون في قوله تعالى:{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى} [الشورى/ 13]. وفي قوله تعالى {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} [الأحزاب/ 7]
(4)
. وهؤلاء هم الطبقة العليا من الخلائق، وعليهم تدور الشفاعة حتى يردّوها إلى خاتمهم وأفضلهم صلى الله عليه وسلم.
الطبقة الثانية: من عداهم من الرسل
على مراتبهم من تفضيلهم بعضهم على بعض.
= بلفظ الآية.
(1)
"ط": "واسطة".
(2)
"ك، ط": "كراماته".
(3)
زاد بعده في "ط": "مكانًا عليًّا".
(4)
"وفي قوله تعالى. . . " إلى هنا ساقط من "ط".
الطبقة الثالثة: الأنبياء
(1)
الذين لم يُرسَلوا إلى أُممهم، وإنَّما كانت لهم النبوة دون الرسالة، فاختُصُّوا عن الأمة بإيحاءِ اللَّه إليهم، وإرساله ملائكته إليهم، واختصَّت الرسلُ عنهم بإرسالهم إلى الأمة يدعونهم
(2)
إلى اللَّه بشريعته وأمره، واشتركوا في الوحي ونزول الملائكة عليهم.
الطبقة الرَّابعة: ورثة الرسل وخلفاؤهم في أممهم، وهم القائمون بما بُعثوا به علمًا وعملًا ودعوةً للخلق إلى اللَّه على طريقهم ومنهاجهم. وهذه أفضل مراتب الخلق بعد الرسالة والنبوة، وهي مرتبة الصدِّيقية.
ولهذا قرنهم اللَّه تعالى في كتابه بالأنبياء فقال: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)} [النساء/ 69]، فجعل درجةَ الصدّيقية تلي
(3)
درجةَ النبوة. وهؤلاء هم الربَّانيون، وهم الراسخون في العلم، وهم الوسائط بين الرسول صلى الله عليه وسلم وأمته. فهم خلفاؤه وأولياؤه وحزبُه وخاصَّتُه وحَمَلةُ دينه، وهم المضمون لهم أنَّهم لا يزالون على الحقِّ، لا يضرُّهم من خذلهم ولا من خالفهم
(4)
حتَّى يأتي أمر اللَّه وهم على ذلك.
وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ} [الحديد/ 19]. وقد
(5)
قيل: إنَّ الوقف على قوله: {هُمُ الصِّدِّيقُونَ}
(6)
ثمَّ يبتدئ {وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ} فيكون الكلام
(1)
"الأنبياء" ساقط من "ط".
(2)
"ط": "بدعوتهم"، تصحيف.
(3)
"ك، ط": "الصديقية معطوفة على درجة".
(4)
"ف": "لا يضرّهم من خالفهم" فأسقط جزءًا من الكلام.
(5)
"قد"ساقط من "ط".
(6)
من قوله تعالى في الآية السابقة: "والشهداء عند ربهم. . . " إلى هنا ساقط من =
جملتين: أخبر في إحداهما عن المؤمنين باللَّه ورسله أنَّهم هم الصدِّيقون، والإيمان التامّ يستلزم العلمَ والعملَ والدعوةَ إلى اللَّه سبحانه بالتعليم والصبرَ عليه، وأخبر في الثانية أنّ الشهداءَ عند ربّهم، لهم أجرهم ونورهم
(1)
.
ومرتبة الصدّيقين فوق مرتبة الشهداءِ، ولهذا قدّمهم عليهم في الآيتين: هنا وفي سورة النساءِ. وهكذا جاءَ ذكرُهم مقدّمًا على الشهداءِ في كلام النبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: "اثبُتْ أُحدُ، فإنّما عليك نبي وصدّيق وشهيدان"
(2)
. ولهذا كان ندت الصدّيقية وصفًا لأفضل الخلق بعد الأنبياء والمرسلين، وهو أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه
(3)
. ولو كان بعد النبوة درجة أفضل من الصدّيقية لكانت لقبًا
(4)
له رضي الله عنه.
وقيل
(5)
: إنّ الكلام كلّه جملة واحدة، وأخبر عن المؤمنين بأنّهم هم الصدّيقون والشهداءُ عند ربّهم، وعلى هذا فالشهداءُ هم الذين يستشهدهم اللَّه على الناس يوم القيامة، وهو قوله:{لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة/ 143] وهم المؤمنون. فوصَفَهم بأنَّهم صدِّيقون في الدنيا
= "ف" لانتقال النظر.
(1)
هذا قول ابن عباس ومسروق والضحاك، وهو اختيار ابن جرير رحمه الله. انظر تفسيره (27/ 230).
(2)
"ك، ط": "شهيد"، خطأ. والحديث أخرجه البخاري (3675) في فضائل الصحابة عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
(3)
"ط": ". . المرسلين أبي بكر الصديق".
(4)
"ك، ط": "نعتًا".
(5)
وهو مروي عن ابن مسعود ومجاهد. انظر: تفسير الطبري (27/ 231).
شهداءُ
(1)
على الناس يوم القيامة، ويكون الشهداءُ وصفًا لجملة المؤمنين الصدِّيقين.
وقيل: الشهداءُ هم الذين قُتِلوا في سبيل اللَّه، وعلى هذا القول يترجَّح أن يكون الكلام جملتين، ويكون قولُه "والشهداء" مبتدأً خبره ما بعده؛ لأنَّه ليس كلُّ مؤمن صدِّيقٍ شهيدًا في سبيل اللَّه.
ويرجِّحه أيضًا أنَّه لو كان "الشهداء" داخلًا في جملة الخبر عن المؤمنين
(2)
لكان قوله: {لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ} [الحديد/ 19] داخلًا أيضًا في جملة الخبر عنهم، ويكون قد أخبر عنهم بثلاثة أشياء: أحدها: أنَّهم هم الصدِّيقون، والثاني: أنَّهم الشهداء، والثالث: أنَّهم
(3)
لهم أجرهم ونورهم. وذلك يتضمَّن عطف الخبر الثاني على الأوَّل، ثمَّ ذِكرَ الخبر الثالث مجرَّدًا عن العطف. وهذا كما تقول:"زيد كريم وعالم له مال". والأحسن في هذا تناسبُ الأخبار بأنَّ تُجرِّدها كلَّها من العطف، أو تعطفها جميعًا، فتقول:"زيد كريم عالم له مال". أو "كريم وعالم وله مال". فتأمَّله.
ويرجِّحه أيضًا أنَّ الكلام يصير جملًا مستقلَّة قد ذكر فيها أصناف خلقه السعداء، وهم: الصدِّيقون، والشهداءُ، والصالحون وهم المذكورون في أوَّل الآية
(4)
، وهم المتصدِّقون الذين أقرضوا اللَّه قرضًا حسنًا، فهؤلاء ثلاثة أصناف. ثمَّ ذكرَ الرسُلَ في قوله تعالى: {لقَدْ أَرْسَلْنَا
(1)
"ط": "وشهداء".
(2)
"عن المؤمنين" ساقط من "ك، ط".
(3)
"ك، ط": "أنهم هم الشهداء، والثالث أن".
(4)
"ك، ط": "في الآية".
رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ} [الحديد/ 25] فتناول
(1)
ذلك الأصناف الأربعة المذكورة في سورة النساء، فهؤلاء هم السعداء. ثمَّ ذكر الأشقياء وهم نوعان: كفار، ومنافقون؛ فقال:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (19)} [الحديد/ 19]. وذَكَر المنافقين
(2)
في قوله: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا}
(3)
[الحديد/ 13].
فهؤلاء أصناف العالم كلّهم. وترك سبحانه ذكرَ المخلِّط صاحب الشائبتين على طريقة القرآن في ذكر السعداء والأشقياء دون المخلِّطين غالبًا لسرٍّ اقتضته حكمته سبحانه وتعالي. فليحذَرْ صاحب التخليط، فإنَّه لا ضمان له على اللَّه، ولا هو من أهل وعده المطلق. ولا ييأس من رَوح اللَّه، فإنَّه ليس من الكفار الذين قد
(4)
قطع لهم بالعذاب، ولكنَّه بين الجنَّة والنَّار، واقف بين الوعد والوعيد، كلٌّ منهما يدعوه الي موجبه لأنَّه أتي بسببه. وهذا هو الذي لحظه القائلون بالمنزلة بين المنزلتين، ولكن غلطوا في تخليده في النار. ولو نزّلوه منزلةً بين المنزلين، ووكلوه إلى المشيئة، وقالوا بأنَّه يخرج من النار بتوحيده وإيمانه، لأصابوا. ولكن "منزلةٌ بين منزلتين وصاحبُها
(5)
مخلَّدٌ في النَّار" ممَّا لا يقتضيه عقل ولا سمع، بل النصوص الصريحة المعلومة الصحَّة تشهد ببطلان قولهم، واللَّه أعلم.
(1)
"ط": "فيتناول".
(2)
"ط": "المنافقون".
(3)
كذا في الأصل و"ف" ونقلت الآية في "ب، ك، ط" إلى "نقتبس من نوركم".
(4)
"قد" ساقط من "ك، ط".
(5)
"ط": "صاحبهما"، خطأ.
وأيضًا فصاحب الشائبتين يُعلَم حكمُه من نصوص الوعد والوعيد، فإنَّ اللَّه سبحانه رتَّب على كلِّ عملٍ جزاءً في الخير والشرِّ، فإذا أتى العبد بهما كان فيه سبب الجزائين، واللَّه لا يضيّع مثقال ذرَّة. فإن كان عمل الشرّ ممَّا يوجب سقوط أثر الحسنة كالكفر كان التأثير له
(1)
، وإن لم يُسقطه كالمعصية ترتَّب في حقه الأثران، ما لم يسقط أحدُهما بسبب من الأسباب التي سنذكرها
(2)
إن شاء اللَّه فيما بعد
(3)
.
والمقصود أنَّ درجة الصدِّيقية والرَّبانية، ووراثة النبوة وخلافة الرسالة هي أفضل درجات الأُمة. ولو لم يكن من فضلها وشرفها إلّا أنّ كلّ من علم. بتعليمهم وإرشادهم أو علّم غيرَه شيئًا من ذلك كان لهم
(4)
مثل أجره ما دام ذلك جاريًا في الأمة على آباد الدهور. وقد صحّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال لعليّ بن أبي طالب: "واللَّهِ لأن يهدي اللَّه بك رجلًا واحدًا خيرٌ لك من حُمْر النَّعم"
(5)
.
وصحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنّه قال: "من سنّ في الإسلام سنّةً حسنةً فعُمِل بها بعدَه كان له مثلُ أجر مَن عمل بها، لا ينقص ذلك
(6)
من أجورهم شيئًا"
(7)
.
(1)
"له" ساقط من "ط".
(2)
"ك، ط": "نذكرها".
(3)
"ب": "فيما بعد إن شاء اللَّه".
(4)
"ب، ك، ط": "له"، خطأ.
(5)
أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير (2942) وغيره، ومسلم في فضائل الصحابة (2406).
(6)
"ذلك" ساقط من "ك، ط".
(7)
أخرجه مسلم في الزكاة (1017) عن جرير بن عبد اللَّه رضي الله عنه.
وصحّ عنه أنّه قال: "إذا مات العبد انقطع عملُه إلّا من ثلاث: صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنتفَع به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له"
(1)
.
وصحَّ عنه أنَّه قال: "مَن يُردِ اللَّهُ به خيرًا يُفقِّهْه في الدِّين"
(2)
.
وفي السنن عنه أنَّه قال: "إنَّ العالم يَسْتغفِر له مَن في السماوات ومَن في الأرضِ حتَّي النملة في جُحرِها"
(3)
.
وعنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "إنَّ اللَّه وملائكته يصلّون على معلِّم الناسِ الخيرَ"
(4)
.
وعنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "إنَّ العلماء وَرثَة الأنبياء، وإنَّ الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا وإنَّما ورِّثوا العلمَ، فمن أخذه أخذ بحظٍّ وافر"
(5)
.
(1)
أخرجه مسلم في الوصية (1631) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
أخرجه البخاري في العلم (71) وغيره، ومسلم في الزكاة (1037) عن معاوية رضي الله عنه.
(3)
أخرجه الترمذي (2685)، والطبراني في الكبير (7912)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم (183) عن أبي أمامة. قال الترمذي:"هذا حديث حسن صحيح غريب". وفي نسخة: "هذا حديث غريب". قلت: فيه الوليد بن جميل يروي عن القاسم أحاديث منكرة ويخشي أن هذا منها. وأيضًا هذا أخطأ في رفعه، صوابه أنه مرسل عن مكحول كما عند الدارمي (297). وثبت عن ابن عباس قال:"معلم الخير يستغفر له كل شيء حتى الحوت في البحر" أخرجه ابن أبي شيبة (26104)، والدارمي (355) وغيرهما، وسنده صحيح. (ز).
(4)
انظر: الحديث السابق.
(5)
"ك، ط": "عظيم وافر". والحديث أخرجه أحمد (21715)، وأبو داود (3641)، والترمذي (682)، وابن ماجه (223)، وابن حبان (88) وغيرهم عن أبي الدرداء. وقد وقع فيه اختلاف في أسانيده. والحديث صححه ابن حبان والحاكم. وقال حمزة الكناني: حسن غريب، وضعفه الترمذي والبغوي =
وعنه: "العالم والمتعلِّم شريكان في الأجر، ولا خيرَ في سائر الناس بعدُ"
(1)
.
وعنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "نضَّر اللَّه امرأً سمع مقالتي فوعاها فأدَّاها إلى من سمعها"
(2)
.
والأحاديث في هذا كثيرة جدًّا
(3)
، وقد ذكرنا مائتي دليل على فضل العلم وأهله في كتاب مفرد
(4)
. فيا لها من مرتبةٍ ما أعلاها، ومنقبةٍ ما أجلّها وأسناها، أن يكون المرءُ في حياته مشغولًا ببعض أشغاله، أو في قبره قد صار أشلاءً متمزِّقة وأوصالًا متفرِّقة، وصحفُ حسناته متزايدةٌ تملى فيها الحسنات كلَّ وقت، وأعمال الخير مهداة إليه من حيث لا يحتسب. تلك -واللَّه- المكارم والغنائم! وفي ذلك فليتنافس
= وابن عبد البر. انظر: جامع بيان العلم وفضله (1/ 162، 164)، وفتح الباري (1/ 160)، وتحقيق المسند (36/ 46 - 47). (ز).
(1)
أخرجه ابن ماجه (228) من طريق على بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة. وقال البوصيري: "هذا إسناد فيه على بن يزيد بن جدعان، والجمهور على تضعيفه". (ز).
(2)
"ب": "كما سمعها". "ك": "وأداها". "ط": "وأداها كما سمعها". (ص). والحديث أخرجه أحمد (4157)، وأبو داود (3660)، والترمذي (2657، 2658)، وابن ماجه (232) من حديث عبد اللَّه بن مسعود. وقد صححه الترمذي وابن حبان وأبو نعيم وابن حجر. (ز).
(3)
"جدًّا" ساقط من "ك، ط".
(4)
سمّاه ابن رجب في ترجمة المؤلف "فضل العلماء". انظر: ذيل طبقات الحنابلة (5/ 175). ولكن الداودي الذي اعتمد على ابن رجب ذكره في طبقات المفسرين (2/ 93) باسم "فضل العلم". وقد ذكر المؤلف في مفتاح دار السعادة أيضًا ثلاثة وخمسين وجهًا ومائة وجه في فضل العلم.
المتنافسون، وعليه يحسد الحاسدون! وذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء، واللَّه ذو الفضل العظيم.
وحقيق بمرتبةٍ هذا شأنُها أن تُنفَق نفائس الأنفاس عليها، ويستبق
(1)
السابقون إليها، وتوفَّر
(2)
عليها الأوقات، وتتوجَّه نحوها الطلِبات. فنسأل اللَّه الذي بيده مفاتيح كلّ خير أن يفتح علينا خزائن رحمته، ويجعلنا من أهل هذه الصفة بمنِّه وكرمه.
وأصحاب هذه المرتبة يُدعَون عظماء في ملكوت السماءِ، كما قال بعض السلف:"مَن عَلِم وعمِل وعلَّم فذلك يُدعي عظيمًا في ملكوت السماء"
(3)
. وهؤلاء هم العدول حقًّا بتعديل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لهم، إذ يقول فيما رُوي
(4)
عنه من وجوه يُسنِد
(5)
بعضها بعضًا: "يحمل هذا العلمَ من كلِّ خلَفٍ عدوله
(6)
، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين"
(7)
.
(1)
"ط": "يسبق".
(2)
"ت": "تتوفر"، خلاف الأصل.
(3)
حكاه ثور بن يزيد وبشر الحافي من كلام المسيح عليه السلام. انظر: حلية الأولياء (6/ 97) و (8/ 380).
(4)
"ب، ك، ط": "يروي".
(5)
"ك، ط": "شدّ".
(6)
"ك، ط": "عدول".
(7)
أخرجه ابن عدي في الكامل (1/ 146 - 147)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (7/ 38 - 39) من حديث إبراهيم بن عبد الرحمن العذري عن النبيّ صلى الله عليه وسلم. وهو حديث مرسل. وقد روي مرفوعًا ولا يثبت. وجاء الحديث عن جماعة من الصحابة ولا يثبت شيء منها. (ز).