الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انتقادها
(1)
" إلى آخر الفصل، إن أراد به أنَّ زهده دليلٌ على
(2)
تعظيمه للدنيا
(3)
وأنَّ لها في قلبه من القدرِ والمنزلة ما يُكرِه لأجله نفسَه على تركها، أو مستلزم
(4)
لذلك؛ فالزهدُ
(5)
لا يدلُّ على هذا التعظيم، ولا يستلزمه، وإن كان من عوارض غلبات الطباع
(6)
التي تُذَمّ مساكنتُها وانحجابُ القلب بها. بل زهده فيها دليلٌ على خروج عظمتها
(7)
من قلبه، وقلَّة
(8)
مبالاته بها، وترك الاهتبال بشأنها؛ فكيفَ يكون هذا نقصًا بوجه؟ بلى
(9)
،
النقص في الزهد يكون من أحد وجوه ثلاثة
(10)
:
إمَّا
(11)
أن يزهد فيما ينفعه منها، ويكون قوَّةً له على سيره، ومعونةً له على سفره، فهذا نقص. فإن حقيقة الزهد هي أن تزهد فيما لا ينفعك. والورع أن تتجنَّب
(12)
ما قد يضرّك. فهذا الفرق بين الأمرين.
الثاني: أن يكون زهده مشوبًا إمَّا بنوع عجز أو ملالة وسآمة
(1)
"ط": "عن الانتفاع بها"، تحريف غريب.
(2)
"تعظيم للدنيا. . . " إلى هنا ساقط من "ب".
(3)
"ب، ط": "تعظيم الدنيا". "ك": "تعظيم للدنيا".
(4)
"ف": "أن يستلزم"، تحريف.
(5)
"ط": "فإنّ الزهد".
(6)
"ب، ك، ط": "الطبع".
(7)
في "ف" وغيرها: "عظمها"، ولعل صواب قراءة الأصل ما أثبت.
(8)
"قلة" ساقط من "ط".
(9)
كذا في الأصل و"ف". وفي غيرها: "بل".
(10)
"ثلاثة" ساقط من "ط".
(11)
"ط": "أولها".
(12)
"ف": "تجتنب"، خلاف الأصل. وكذا في "ك".
وتأذّيه بها وباهلها، وتعَبِ قلبِه بشغله بها، ونحو هذا من المزهّدات فيها. كما قيل لبعضهم: ما الذي أوجبَ زهدَك في الدنيا؟ قال: قلَّةُ وفائها، وكثرةُ جفائها، وخِسَّةُ شركائها
(1)
. فهذا زهد ناقص، فلو صفَتْ للزاهد من تلك العوارض لم يزهد فيها؛ بخلاف من كان زهده فيها لامتلاءِ قلبه من الآخرة، ورغبته في اللَّه وقربه؛ فهذا لا نقص في زهده، ولا علَّة من جهة كونه زهدًا.
الثالث: أن يشهد زهدَه ويلحظه، ولا يفنى عنه بما زهِد لأجله؟ فهذا نقص أيضًا. فالزهدُ كلّه أن تزهد في رؤية زهدك، وتغيب
(2)
برؤية الفضل ومطالعة المنَّة، وأن لا تقف عنده فتنقطع
(3)
. بل أعرِضْ عنه جادًّا في سيرك، غيرَ ملتفتٍ إليه، مستصغرًا لحاله بالنسبة إلى مطلوبك
(4)
. مع أنَّ هذه العلَّة مطردة في جميع المقامات على ما فيها، كما سيُنبّه
(5)
عليه إن شاء اللَّه. فإنَّ ربطَ هذا الشأن بالنصوص النبويّة والعقل الصريح والفطرة الكاملة من أهمِّ الأمور، فلا يحسن بالنَّاصح لنفسه أن يقنع فيه بمجرّد تقليد أهله، فما أكثرَ غلطهم فيه، وتحكيمَهم فيه
(6)
مجرَّدَ الذوق، وجَعْلَ حكمَ ذلك الذوقِ كلّيًّا عامًّا!
(1)
ذكره المصنف في مفتاح دار السعادة (1/ 429)، ومدارج السالكين (2/ 32).
(2)
"ط": "تغيب عنه".
(3)
"ف": "فينقطع"، والصواب ما أثبتنا من "ب، ط". وفي "ك": "منقطع" تحريف.
(4)
"إلى مطلوبك" سقط من "ف".
(5)
ضبط في الأصل بالياء، وفي "ب، ك، ط": "سننته".
(6)
"فيه": ساقط من "ب، ك، ط".