الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحد أكثره وأقله ثم يختلفون في التحديد، ومنهم من يحد أكثره دون أقله، والقول الثالث أصح: أنه لا حدّ لأقله ولا لأكثره. ثم قرر أن كل ما رأته المرأة عادة مستمرة فهو حيض، وإن قُدّر أنه أقل من يوم استمر بها على ذلك فهو حيض، وإن قُدّر أن أكثره سبعة عشر استمر بها على ذلك فهو حيض، وأما إذا استمر الدم بها دائماً، فهذا قد عُلم أنه ليس بحيض (1).
5 - أحكام الحيض:
أ - ما يمنع الحيض:
يمنع الحيض ثمانية أشياء على الصحيح:
1 - الصلاة:
فالحيض يمنع الصلاة وجوباً وفعلاً؛ لحديث فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها: أنها كانت
(1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام، 19/ 237. قلت: وقد كان يفتي العلامة الجهبذ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز - رحمه الله تعالى - بأن المرأة لا تتجاوز خمسة عشر يوماً، وما زاد على ذلك فهو دم فساد، والله أعلم. وانظر: المغني لابن قدامة،
1/ 388، وفتح الباري، 1/ 425.
تستحاض فسألت النَّبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ذلك عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي)) (1). ولا تفعل الصلاة قضاء بعد الطهر؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: ((كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة)) (2). لكن عند جمهور العلماء: كمالك، والشافعي، وأحمد، أن المرأة إذا طهرت في وقت العصر - قبل غروب الشمس - صلت الظهر والعصر، وإذا طهرت في وقت العشاء - قبل طلوع الفجر - صلت المغرب
والعشاء، جاء ذلك عن عبد الرحمن بن عوف، وأبي هريرة، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم (3)، ولأن وقت الثانية وقت
(1) أخرجه البخاري في كتاب الحيض، باب إقبال المحيض وإدباره، برقم 320، ومسلم في كتاب الحيض، باب المستحاضة وغسلها وصلاتها، برقم 333.
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الحيض، باب لا تقضي الحائض الصلاة، برقم 321، ومسلم في كتاب الحيض، باب وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة، برقم 335.
(3)
السنن الكبرى للبهيقي، 1/ 386 - 387، وذكر هذه الآثار المجد ابن تيمية في المنتقى، رقم 491، و492، وعزاها إلى سنن سعيد بن منصور، واعتمد ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى، 21/ 434، وكان يفتي بذلك مفتي عام السعودية العلامة عبد العزيز ابن باز رحمه الله تعالى. وانظر: المغني، 2/ 46.
للأولى حال العذر، فإذا أدركه المعذور لزمه فرضها كما يلزمها فرض الثانية (1). قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: عامة التابعين يقولون بهذا القول إلا الحسن وحده (2).
وإذا طهرت المرأة في وقت الفجر - قبل طلوع الشمس بمقدار ركعة - صلت الفجر وحده؛ لأنها أدركت الصلاة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك
العصر)) (3).
أما إذا أدركت المرأة وقت الصلاة ثم حاضت قبل
(1) انظر: المغني لابن قدامة، 2/ 47.
(2)
المغني، 2/ 46.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك تلك الصلاة، برقم 608، 609. وانظر: الاختيارات الفقهية لابن تيمية، ص 34.
أن تصلي، فقد اختلف أهل العلم هل تقضي أو لا تقضي؟ على قولين:
القول الأول: يجب عليها القضاء وهو قول الجمهور (1)، ولكنهم اختلفوا في مقدار الوقت الذي إذا أدركته وجب عليها القضاء إلى عدة أقوال:
فقيل: إذا أدركت من الوقت قدر تكبيرة ثم حاضت وجب عليها القضاء (2).
وقيل: إذا أدركت من الوقت قدر ركعة لأنه إدراك تعلق به إدراك الصلاة فلم يكن بأقل من ركعة كإدراك الجمعة (3).
وقيل: إذا أدركت من الوقت ما يتسع لفعل الصلاة
(1) الحنابلة، والشافعية، والمالكية. انظر: بداية المجتهد في نهاية المقتصد، 1/ 73، والحيض والنفاس، ص 286 - 288.
(2)
وهو قول للحنابلة، والشافعية. انظر: المغني لابن قدامة، 2/ 11، والحيض والنفاس، ص286 - 288.
(3)
وهو قول للشافعي، انظر: المغني، 2/ 47.
فيه فتمكنت من الصلاة قبل حصول العذر فلم تصلِّ فحينئذ تبقى الصلاة في ذمتها حتى تطهر ثم تصلي (1).
وقيل: إذا أدركت من الوقت قدر خمس ركعات (2).
وقيل: إذا أدركت الوقت ثم تضيّق بحيث لا تستطيع أداء الصلاة كاملة في آخره ثم حصل المانع وجب عليها القضاء بعد الطهر (3).
القول الثاني: لا يجب على المرأة قضاء الصلاة مطلقاً سواء حاضت في أول الوقت أو في آخره؛ لأن الله جعل للصلاة وقتاً محدداً أوله وآخره، وصح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في أول الوقت وفي آخره، فصح أن المؤخر لها إلى
(1) وهو قول للحنابلة والشافعية. انظر: المغني لابن قدامة، 2/ 12، و47، والحيض والنفاس، ص 286 - 289.
(2)
وهو منسوب إلى الإمام مالك، انظر: المغني، 2/ 46، 47.
(3)
وهو قول للحنفية، والحنابلة، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو الذي كان يفتي به سماحة الإمام العلامة عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله تعالى، انظر: المغني، 2/ 11، 46 - 47، والاختيارات الفقهية لابن تيمية، ص 34، والحيض والنفاس، ص286، و288.
آخر وقتها ليس عاصياً. وهذا قولٌ للأحناف ومذهب الظاهرية (1).
والراجح والصواب من هذه الأقوال إن شاء الله تعالى: أن المرأة إذا أدركت وقت الصلاة، ثم لم تصلّ
(1) انظر: الحيض والنفاس، ص288، والمحلى لا بن حزم، 2/ 175. وبداية المجتهد في نهاية المقتصد، 1/ 73. واختار العلامة محمد بن صالح العثيمين أن المرأة إذا حاضت بعد دخول الوقت، أو طهرت في آخر الوقت، لا تجب عليها الصلاة إلا إذا أدركت من وقتها مقدار ركعة كاملة؛ سواء أدركت ذلك من أول الوقت - كامرأة حاضت بعد غروب الشمس بمقدار ركعة كاملة، فيجب عليها إذا طهرت قضاء صلاة المغرب؛ لأنها أدركت من وقتها قدر ركعة قبل أن تحيض - أو أدركت مقدار ركعة كاملة من آخر الوقت - كامرأة طهرت من الحيض قبل طلوع الشمس بمقدار ركعة كاملة - فيجب عليها إذا اغتسلت قضاء صلاة الفجر؛ لأنها أدركت من وقتها جزءاً يتسع لركعة؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم:((من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة))؛ البخاري مع الفتح، 1/ 57، برقم 580، ومسلم 1/ 423، برقم 607. ولحديث عائشة، وابن عباس، وأبي هريرة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)). مسلم، 1/ 424، برقم 608، 609. ومفهومه أن من أدرك من الوقت أقل من ركعة لم يكن مدركاً للصلاة. انظر: رسالة في الدماء الطبيعية لابن عثيمين ضمن فتاواه، 4/ 309، وهو قول للشافعي، انظر: المغني، 1/ 47، وبداية المجتهد في نهاية المقتصد، 1/ 73.