الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحدث ثم يُعيد الصلاة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تُقبل صلاة بغير طهور
…
)) (1).
12 - الخمر:
جماهير العلماء على أن الخمر نَجِسَة العين. قال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله تعالى: ((
…
والمائعات المسكِّرة كلها نَجِسة؛ لأنَّ الله سمَّاها رِجساً، والرِّجس هو القَذِر والنّجس الذي يجب اجتنابه، وأمر باجتنابه مطلقاً وهو يَعُمُّ الشُّرب، والمسّ وغير
ذلك، وأمر بإراقتها ولعن النبي صلى الله عليه وسلم عينها
…
)) (2) وقال الشنقيطي رحمه الله: ((وجماهير العلماء على أن الخمر نّجِسَة العين لما ذكرنا، وخالف في ذلك ربيعة، والليث، والمزني صاحب الشافعي وبعض المتأخرين من البغداديين والقرويين كما نقله عنهم القرطبي في تفسيره، واستدلُّوا لطهارة عينها بأنَّ المذكورات معها في الآية (3):
(1) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة، برقم 224.
(2)
شرح العمدة في الفقه، (كتاب الطهارة)، لشيخ الإسلام ص 109.
(3)
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} . المائدة، الآية:90.
من مال مَيْسرَ، ومال قِمَار، وأَنْصاب، وأزْلام ليست نجسة العين وإن كانت محرمة الاستعمال، وأُجيب من جهة الجمهور بأنَّ قوله:{رجس} يقتضي نجاسة العين في الكل، فما أخرجه إجماع أو نص خرج بذلك، وما لم يخرجه نص ولا إجماع لزم الحكم بنجاسته؛ لأن خروج بعض ما تناوله العام بمخصص من المخصصات لايسقط الاحتجاج به في الباقي كما هو مقرر في
الأصول .. وعلى هذا فالمسكِّر الذي عمَّت به البلوَى اليوم بالتَّطيُّب به المعروف في اللِّسان الدارج: (بالكلونيا) نجس لا تجوز الصَّلاة به، ويُؤَيِّدُهُ أنَّ قوله تعالى:{فَاجْتَنِبُوهُ} يقتضي الاجتناب المطلق الذي لا ينتفع معه بشيء من المسكِّر، وما معه في الآية بوجهٍ من الوجوه .. فلا يخفى على منصف أن التضمخ بالطيب المذكور والتّلذُّذ بريحه واستطابته واستحسانه - مع أنه
مسكر، والله يُصَرِّحُ في كتابه بأنَّ الخمر رجس - فيه ما فيه، فليس لمسلم أن يتطيب بما سمع ربه يقول فيه:{إنَّهُ رِجْسٌ} كما هو واضح، ويُؤَيِّدُهُ أنّه صلى الله عليه وسلم، أمر بإراقة الخمر، فلو كانت فيها منفعة أخرى لبيّنها كما بيَّن جواز الانتفاع بجلود الميتة، ولَما أراقها (1).
13 -
والخلاصة: أنَّ الأصل في الأشياء: الطَّهارة والإباحة، فإذا شكَّ المسلم في نجاسة ماء، أو ثوب، أو بُقعة أو غيرها فهو طاهر، وكذلك إذا تيقَّن الطهارة ثم شك هل تنجس أم لا؟ بنى على ما تَيَقَّنَهُ من طهارةٍ، وكذلك إذا تَيقَّن النجاسة وشكَّ في الطهارة بنى على ما تيقَّنه، وكذلك إذا تيقَّن الحدث وشكَّ في زواله بنى على ما تيقّنه، وإذا شكَّ في عدد الركعات، أو الأطواف، أو
(1) أضواء البيان في إيضاح القرآن 2/ 129، بتصرف يسير جداً، وانظر: الشرح الممتع لابن عثيمين 1/ 366، فقد رجح عدم النجاسة. أما سماحة شيخنا عبد العزيز بن عبد الله ابن باز، فيرجح ما يراه الجمهور، وأن الخمر نجسة، ولا يجوز التطيب بالمسكر؛ ولأن التطيب به وسيلة إلى استخدامه وبيعه وشرائه وشربه.