الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عقبَ الغروبِ لزمتْهُ فطرتهمْ، وإنْ وُجِدوا بعدَ الغروبِ لم تجب فطرتهم.
ثمَّ الواجبُ صاعٌ عنْ كلِّ شخصٍ، وهوَ خمسةُ أرطالٍ وثلُث بغداديةٌ، وبالمصريِّ أربعةٌ ونصفٌ ورُبْعٌ وسبعُ أوقيةٍ، منَ الأقواتِ التي تجبُ فيها الزكاةُ منْ غالبِ قوتِ البلدِ، ويجزئ الأقِطُ واللبنُ لمنْ قوتُهمْ ذلكَ، فإنْ أخرجَ منْ أعلى قوتِ بلدهِ أجزأهُ، أوْ دونه فلا.
ويجوزُ الإخراجُ في جميعِ رمضانَ، والأفضلُ يومَ العيدِ قبلَ الصلاةِ، ولا يجوزُ تأخيرها عنْ يومِ الفطرِ، فإنْ أخَّرَ عنهُ أثمَ ولزمهُ القضاءُ.
باب قَسْمُ الصدقاتِ
متى حالَ الحولُ وقدَرَ على الإخراجِ، بأنْ وجدَ الأصنافَ ومالُهُ حاضرٌ، حرُمَ عليهِ التأخيرُ، إلا أنْ ينتظرَ فقيراً أحقَّ منَ الموجودينَ، كقريبٍ وجارٍ وأصلحَ وأحوجَ.
[جوازُ تعجيلِ الزكاةِ]:
وكلُّ مالٍ وجبتْ زكاتُهُ بحولٍ ونصابٍ جازَ تقديمُ الزكاةِ على الحولِ بعدَ مِلكِ النصابِ لحولٍ واحدٍ، وإذا حالَ الحولُ -والقابضُ بصفةِ الاستحقاقِ، والدافعُ بصفةِ الوجوبِ، والمالُ بحالهِ- وقعَ المعجلُ عنِ الزكاةِ، وإنْ ماتَ الفقيرُ أو استغنى بغيرِ الزكاةِ، أو ماتَ الدافعُ أوْ نقصَ مالُهُ عنِ
النصابِ بأكثرَ منَ المعجلِ -ولوْ ببيعٍ- لمْ يقعِ المعجلُ عن الزكاةِ، ويستردُّهُ إنْ بيَّنَ أنهُ معجَّلٌ، فإنْ كانَ باقياً ردَّهُ بزيادتهِ المتصلةِ كالسّمَنِ، لا المنفصلةِ كالولدِ، وإنْْ تلفَ أخذَ بدلهُ، ثمَّ يُخرجُ ثانياً إنْ كانَ بصفةِ الوجوبِ، ثمَّ المُخرَجُ كالباقي على مِلكهِ، حتى لوْ عجّل شاةً عنْ مئةٍ وعشرينَ ثمَّ ولدَ لهُ سخلةٌ لزمهُ شاةٌ أخرى. ويجوزُ أنْ يفرِّقَ زكاتَهُ بنفسهِ أوْ بوكيلهِ، ويجوزُ أنْ يدفعها إلى الإمامِ، وهوَ أفضلُ إلا أنْ يكونَ جائراً فتفريقُهُ بنفسهِ أفضلُ.
ويُندبُ للفقيرِ والساعي أنْ يدعوَ للمعطي فيقولُ: آجركَ اللهُ فيما أعطيتَ، وباركَ لكَ فيما أبقيتَ، وجعلهُ لك طهوراً.
ومنْ شرطِ الإجزاءِ: النيةُ، فينوي عندَ الدفعِ إلى الفقيرِ أوْ إلى الوكيلِ أنَّ هذهِ زكاةُ مالي، فإذا نوى المالكُ لمْ تجبْ نيةُ الوكيلِ عندَ الدفعِ.
ويندبُ للإمامِ أنْ يبعثَ عاملاً مسلماً حراً عدلاً، فقيهاً في الزكاةِ، غيرَ هاشميٍّ ومطَّلبيٌّ.
[مصارفُ الزكاةِ]:
ويجبُ صرفُ الزكاةِ إلى ثمانيةِ أصنافٍ لكلِّ صنفٍ ثمُنُ الزكاةِ.
أحدها: الفقراء:
والفقيرُ منْ لا يقدرُ على ما يقعُ موقعاً منْ كفايتهِ، وعجزَ عنْ
كسبٍ يليقُ بهِ، أوْ شغلَهُ الكسبُ عن الاشتغالِ بعلمٍ شرعيٍّ، فإنْ شغلهُ التعبدُ فليسَ بفقيرٍ، ولوْ كانَ لهُ مالٌ غائبٌ بمسافةِ القصرِ أُعطيَ، وإنْ كانَ مستغنياً بنفقةِ منْ تلزمُهُ نفقتُهُ منْ زوجٍ وقريبٍ فلا.
والثاني: المساكينُ:
والمسكينُ منْ وجدَ ما يقعُ موقعاً منْ كفايتهِ ولا يكفيهِ، مثلُ أن يريدَ خمسةً فيجد ثلاثةً، أوْ أربعةً، ويأتي فيهِ ما قيلَ في الفقيرِ.
ويعطى الفقيرُ والمسكينُ ما يزيلُ حاجتَهُما منْ عدَّةٍ يكتسبُ بها، أوْ مالٍ يتّجرُ بهِ على حسبِ ما يليقُ بهِ، فيتفاوتُ بينَ الجوهريِّ والبزازِ والبقالِ وغيرهم، فإن لم يحترف أُعطيَ كفايةَ العمرِ الغالبِ لمثلهِ، وقيلَ كفايةَ سنةٍ فقطْ، وهذا مفروضٌ معَ كثرةِ الزكاةِ، إما بأنْ فرَّقَ الإمامُ الزكاةَ، أوْ ربُّ المالِ وكانَ المالُ كثيراً، وإلا فلكلِّ صنفٍ الثمُنُ كيفَ كان. الثالثُ: العاملون:
وهمُ الذينَ يبعثهمُ الإمامُ كما تقدمَ، فمنهمُ الساعي والكاتبُ والحاشرُ والقاسمُ، فيجعلُ للعاملِ الثمن، فإنْ كانَ الثمنُ أكثرَ من أجرتهِ ردَّ الفاضلَ على الباقينَ، وإنْ كانَ أقلَّ كمَّلهُ منَ الزكاةِ، هذا إذا فرَّقَ الإمامُ، فإنْ فرَّقَ المالكُ قسَّم على سبعةٍ وسقطَ العاملُ.
الرابعُ: المؤلفةُ قلوبُهُم:
فإنْ كانوا كفاراً لمْ يُعطَوْا، وإنْ كانوا مسلمينَ أُعطوا، والمؤلفة: قومٌ أشرافٌ يرجى حسنُ إسلامهم، أوْ إسلامُ نظرائهم، أوْ يَجْبونَ
الزكاةَ من مانعيها بقربهم، أو يقاتلونَ عنا عدواً يُحتاجُ في دَفعهِ إلى مؤنةٍ ثقيلةٍ.
الخامسُ: الرقاب:
وهمُ المكاتبونَ، فيعطَونَ ما يؤدونَ إن لم يكن معهم ما يؤدون.
السادس: الغارمون:
فإنْ غرِمَ لإصلاحٍ بأن استدانَ ديْناً لتسكينِ فتنةِ دمٍ أوْ مالٍ دُفعَ إليهِ معَ الغِنى، وإن استدانَ لنفقتهِ ونفقةِ عيالهِ دُفعَ إليهِ معَ الفقرِ دونَ الغِنَى، وإن استدانَ وصرفهُ في معصيةٍ وتابَ دُفعَ إليهِ في الأصحِّ.
السابع: في سبيلِ الله تعالى:
وهُمُ الغزاةُ الذينَ لا حقَّ لهمْ في الديوانِ، فيعطَونَ معَ الغِنَى ما يكفيهم لغزوهم من سلاحٍ وفرسٍ وكسوةٍ ونفقةٍ.
الثامنُ: ابنُ السبيلِ:
وهوَ المسافرُ المجتازُ بنا، أو المنشئ للسفرِ في غيرِ معصيةٍ، فيُعطى نفقةً ومركوباً معَ الحاجةِ وإنْ كانَ لهُ في بلدهِ مالٌ.
ومنْ فيهِ سببانِ لمْ يعطَ إلا بأحدهما، فمتى وجِدَتْ هذه الأصنافُ في بلدِ المالِ فَنَقْلُ الزكاةِ إلى غيرها حرامٌ ولمْ يَجُزِ، إلا أنْ يفرِّقَ الإمامُ فلهُ النقلُ، وإنْ كانَ مالهُ بباديةٍ أوْ فُقدتْ الأصنافُ كلُّها ببلدهِ نقلَ إلى أقربِ بلدٍ إليه.
[كيفيةُ تقسيمِ الزكاةِ]:
وتجبُ التسويةُ بينَ الأصنافِ لكلِّ صنفٍ الثُمُنُ إلا العاملُ فقدْرُ أجرتهِ، فإنْ فُقدَ صنفٌ في بلدهِ فرَّقَ نصيبهُ على الباقينَ فيعطي لكلِّ صنفٍ السُّبُعُ، أوْ صنفانِ فلكلِّ صنفٍ السُّدُسُ وهكذا، فإنْ قسَّمَ المالكُ وآحادُ الصنفِ
محصورونَ، أو قسَّمَ الإمامُ مطلقاً وأمكنَ الاستيعابُ لكثرةِ المالِ وجبَ، وإنْ قسَّمَ المالكُ وهم غيرُ محصورينَ فأقلُّ ما يجوزُ أنْ يدفعَ إلى ثلاثةٍ منْ كلِّ صنفٍ، إلا العاملَ فيجوزُ واحدٌ.
ويندبُ الصرفُ لأقاربهِ الذينَ لا يلزمهُ نفقَتهم، وأنْ يفرقَ على قدرِ الحاجةِ، فيعطي منْ يحتاجُ إلى مئةٍ مثلاً قدرَ نصفِ منْ يحتاجُ مئتينِ.
ولا يجوزُ أنْ يدفعَ لكافرٍ، ولا لبني هاشمٍ وبني المطلبِ، ولا لمن تلزمُهُ نفقتُهُ كزوجةٍ وقريبٍ، ولوْ دفعَ لفقيرٍ وشرط أنْ يردهُ عليهِ منْ دينٍ لهُ عليهِ، أوْ قالَ: جعلتُ مالي في ذمتكَ زكاةً فخذهُ لمْ يُجزِ، وإنْ دفعَ إليهِ بنيةِ أنهُ يقضيهِ منهُ، أوْ قالَ: اقضِ مالي لأعطيكهُ زكاةً، أوْ قالَ المديونُ: أعطني لأقضيكَهُ جازَ، ولا يلزمُ الوفاءُ بهِ.
وزكاةُ الفطرِ في جميعِ ما ذكرناهُ كزكاةِ المالِ منْ غيرِ فرْقٍ، فلوْ جمعَ جماعةٌ فطرتَهُمْ وخلطوا وفرقوها، أو فرَّقها أحدهُم بإذنِ الباقينَ جازَ.
[صدقةُ التطوعِ]:
تندبُ صدقةُ التطوعِ كلَّ وقتٍ، وفي رمضانَ وأمامَ الحاجاتِ وكلِّ وقتٍ ومكانٍ شريفٍ آكدٍ، وللصلحاءِ وأقاربهِ وعدوِّهِ منهمْ، وبأطيبِ مالهِ أفضلُ، ويحرُمُ التصدقُ
بما ينفقهُ على عيالهِ أوْ يقضي بهِ ديْنهُ الحالَّ، ويندبُ بكلِّ ما فضلَ إنْ صبرَ على الإضاقةِ.
ويكرهُ أنْ يسألَ بوجهِ اللهِ غيرَ الجنةِ، وإذا سألَ سائل بوجهِ اللهِ شيئاً كُرهَ ردُّهُ.
والمنُّ بالصدقةِ حرامٌ ويُبطلُ ثوابها.