الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ الوديعةِ
لا تصحُّ إلا من جائزِ التصرُّفِ عندَ جائزِ التصرُّفِ، فإنْ أودعَ صبيٌّ أو سفيهٌ عندَ بالغٍ شيئاً فلا يقبلُهُ، فإن قبلهُ دخلَ في ضمانهِ، ولا يَبرأُ إلا بدفعهِ لوليِّه، فلو ردَّهُ للصبيّ ِلم يبرأْ، وإن أودع بالغ عند صبي فتلف عند الصبي لتفريط أو غيره لم يضمنه الصبي، وإن أتلفهُ ضَمِنَهُ.
ومن عَجَزَ عن حفظِ الوديعةِ حَرُمَ عليهِ قبولُها، وإن قَدَرَ ولم يَثِقْ بأمانةِ نفسهِ وخافَ أنْ يخونَ كُرهَ له أخذها، فإنْ وثِقَ استُحبَّ.
ثم يَلزَمهُ الحفظُ في حِرْزِ مثلها، فإن أرادَ السفرَ أو خافَ الموتَ فليرَدَّها إلى صاحبها، فإن لم يجدْه ولا وكيلَهُ سلَّمها إلى الحاكمِ، فإنْ فُقِدَ فإلى أمينٍ، فإن لم يفعلْ فماتَ ولمْ يوصِ بها، أو سافرَ بها، ضَمنَها، فإن سلَّمها إلى أمينٍ مع وجودِ الحاكمِ ضَمِنَ، إلا أن يموتَ فجأةً، أوْ يقعَ في البلدِ نهبٌ أو حريقٌ ولمْ يتمكنْ من شيءٍ من ذلكَ فسافرَ بها.
ومتى طلبها المالكُ لزمهُ الردُّ بأنْ يُخْلِيَ بينهُ وبينها، فإن أخَّرَ بلا عُذْرٍ، أوْ أودَعها عندَ غيرِهِ بلا سفرٍ ولا ضرورةٍ، أو خلطها بمالٍ لهُ أو للمودعِ أيضاً بحيثُ لا يتَمَيَّزُ، أو استعملها أو أخرَجها من الحِرْزِ ليَنتَفِعَ بها فلم يَنتفِعْ، أو حَفِظها في دونِ
حِرْزِها، أو قال له المالكُ: احفظْها في هذا الحِرْزِ. فوضعها في دونهِ وهو حرْزُها أيضاً، ضَمِنَها.
ولكلٍّ منهما الفسْخُ متى شاءَ، فإن ماتَ أحدُهُما أو جنَّ أو أُغميَ عليه انْفَسَخَتْ، ويدُ المودَعِ أمانةٌ، فالقولُ في أصلِ الإيداعِ أو في الرَّدِّ أو التلفِ قولُهُ، فلو قالَ: ما أودعتني شيئاً، أو ردَدْتُها إليكَ، أوْ تَلِفَتْ بلا تفريطٍ، صُدِّقَ بيمينهِ. ويُشترطُ لفظٌ منَ المُودِعِ كاستودعتُكَ واسْتَحْفَظْتُك، ولا يُشترطُ القَبولُ، بلْ يكفي القَبضُ. بابُ العاريةِ
تصحُّ من كلِّ جائزِ التصرفِ، مالكٍ للمنفعةِ ولو بإجارة.
ويجوزُ إعارةُ كلِّ ما يُنتفعُ به مع بقاء عينهِ بشرطِ لفظٍ من أحدهما.
وينتفعُ بحسَبِ الإذْنِ، فيفعلُ المأذونَ فيهِ أو مثلَهُ أو دونَهُ إلا أن ينهاهُ عن الغيرِ، فإن قالَ: ازرعْ حنطةً، جازَ الشعيرُ لا عكسُهُ، فإن قالَ: ازرعْ، وأطلقَ، زَرعَ ما شاءَ، فإنْ رجعَ قبلَ وقتِ الحصادِ بقيَ إلى الحصادِ، لكنْ بأجْرةٍ إن أذنَ مطلقاً، وبغيرها إن أذنَ في مُعيَّنٍ فزَرَعهُ. وإن قالَ: اغرِسْ أو ابنِ، ثم رجعَ، فإن كانَ شرَطَ عليهِ القلْعَ قَلَعَ، وإن لم يَشترِطْ واختارَ المُستعيرُ القلْعَ قَلَعَ، وإن لم يختَرْ فالمُعيرُ بالخيارِ بينَ تَبقِيَتِهِ بأجْرَةٍ وبينَ قَلْعِهِ وضَمانِ أَرْشِ ما نَقَصَ بالقَلْعِ.