الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ الأقضيةِ
وِلايةُ القَضاءِ فَرْضُ كِفايةٍ، فإنْ لمْ يَكُنْ منْ يَصْلُحُ إلاّ واحدٌ تَعَيَّنَ عليهِ، فإن امتنعَ أُجْبِرَ، وليْسَ لهذا أنْ يأخُذَ عليهِ رِزْقاً إلاّ أنْ يكونَ مُحتاجاً. ويجوزُ في بلدٍ قاضِيانِ فأكثَرُ، ولا يَصِحُّ إلاّ بتوْلِيَةِ الإمامِ لهُ أو نائبِهِ.
وإنْ حكَّمَ الخَصْمانِ رَجُلاً يَصْلُحُ لِلْقَضاءِ جازَ، ولزِمَ حُكْمُهُ وإنْ لم يَتَراضَيا بهِ بعْدَ الحُكْمِ، لكن إن رَجَعَ فيهِ أحَدُهُما قبْلَ أنْ يحكُمَ امتَنَعَ الحُكْمُ.
ويُشترطُ في القاضي: الذُّكورةُ، والحُرِّيَّةُ، والتَّكْليفُ، والعَدالةُ، والعِلْمُ، والسَّمْعُ، والبَصَرُ، والنُّطْقُ.
ويُندَبُ أنْ يكونَ شَديداً بلا عُنْفٍ، ليِّناً بلا ضعْفٍ، وإن احتاجَ أنْ يَسْتَخْلِفَ في أَعمالِهِ لِكَثْرَتِها استَخْلفَ منْ يَصلُحُ، وإنْ لمْ يَحْتَجْ فلا، إلاّ أنْ يُؤذنَ لهُ، وإن احتاجَ إلى كاتِبٍ فلْيَكُنْ مُسْلِماً، عدْلاً، عاقلاً، فقيهاً، ولا يَتَّخِذْ حاجِباً، فإنِ احتاجَ فلْيكُنْ عاقلاً، أميناً، بعيداً منَ الطَّمَعِ.
ولا يَحْكُمُ ولا يُوَلِّي ولا يَسْمَعُ البيِّنَةَ في غيرِ عَمَلِهِ، ولا يَقْبَلُ هديَّةً إلاّ ممَّنْ كانَ يُهاديهِ قبْلَ الوِلايَةِ، ولمْ تَكُنْ لهُ خُصومةٌ، ولمْ تزِدْ هدِيَّتُهُ بعْدَ التَّوْلِيةِ، ومع هذا فالأفضلُ أنْ لا يَقْبَلها.
ولا يَحْكُمُ لِوَلدِهِ ولا لِرقيقِهِ، ولا يقضي وهوَ غَضْبانُ، ولا جائعٌ ولا عَطْشانٌ، ولا مهْمومٌ ولا فرْحانُ، ولا مريضٌ ولا نعسانُ، ولا حاقِنٌ ولا
ضَجْرانُ، ولا في حرٍّ مُزْعِجٍ وبَرْدٍ مُؤْلِمٍ، فإنْ فعلَ نفذَ حُكْمُهُ.
ولا يجلِسُ في المسجِدِ للحُكْمِ، فإن اتَّفَقَ جُلوسُهُ فيهِ وحضرَ خَصْمانِ حكمَ بينهُما، ويجلِسُ بِسَكينَةٍ ووقارٍ، ويُحْضِرُ الشُّهودَ والفُقهاءَ ويُشاورُهُمْ فيما يُشْكِلُ، وإنْ لمْ يَتَّضِحْ أخَّرَهُ ولمْ يُقَلِّدْ غيْرَهُ في الحُكْمِ.
ويبدَأُ بالخُصُومِ بالأوَّلِ فالأَوَّلِ في خُصُومةٍ فقطْ، فإنْ اسْتَوَوْا أقْرَعَ. ويُسَوِّي بيْنَهُما في المجلِسِ والإِقبالِ وغيرِ ذلكَ، إلاّ أنْ يكونَ أحَدَهُما كافِراً فَيُقَدِّمُ المُسْلِمَ عليهِ في المجلِسِ، ولا يُعَنِّفُ أَحَدَهُما ولا يُلَقِّنْهُ، ولهُ أنْ يَشْفَعَ ويُؤَدِّيَ عنْ أحدِهِما ما لزِمَهُ، وينظُرُ أوَّلَ شيءٍ في المَحْبوسينَ، ثُمَّ في الأيتامِ، ثُمَّ في اللُّقطةِ.
فصل [في صفة القضاء]:
إذا ادَّعى الخَصْمُ دَعْوى غيْرَ صحِيحَةٍ لمْ يَسْمَعْها، وإنْ كانتْ صَحيحَةً قالَ للآخَرِ: ما تقولُ؟ فإذا أقَرَّ لمْ يَحكُمْ عليْهِ إلاّ بِطَلَبِ المُدَّعي، وإذا أنْكرَ، فإنْ لمْ يكُنْ للمُدَّعي بيِّنَةٌ فالقوْلُ قولُ المُدَّعى عليهِ بيَمينِهِ، ولا يُحَلِّفُهُ إلَاّ بطلَبِ المُدَّعي، فإن امتَنَعَ منَ اليمينِ ردَّها على المُدَّعي، فإنْ حلفَ اسْتَحَقَّ، وإنِ امتَنَعَ صَرَفَهُما، وإنْ سَكتَ المُدَّعى عليهِ فلْيَقُلْ لهُ: إنْ أجَبْتَ وإلاّ ردَدْتُ اليمينَ عليهِ، فإنْ لم يُجِبْ رُدَّت اليمينُ على المُدَّعي فيَحْلِفُ ويستحِقُّ.
وإنْ كانَ القاضي يَعْلَمُ وُجوبَ الحقِّ، فإنْ كانَ في حُدودِ اللهِ تعالى