الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلها عقِبَ المُدَّةِ أن تُطالبهُ إمَّا بالطَّلاقِ أو بالوَطْءِ -إذا لمْ يكُنْ بهِ مانِعٌ يمنَعُهُ منَ الوَطْءِ- فإنْ جامعَ فذاكَ وإلا طلَّقَ عليهِ الحاكمُ، ومتى حلَفَ على أربعةِ أشهرٍ فما دونها، أو كانَ الزَّوجُ عِنِّيناً أو مجبوباً فليْسَ مُولِياً.
فصل [الظهار]:
الظِّهارُ هو أنْ يُشبِّهَ امرأتَهُ بظَهْرِ أُمِّهِ أو غيرِها منْ محارمِهِ، أو بِعُضْوٍ منْ أعضائِها، فيقول: أنتِ عليَّ كَظَهْرِ أُمِّي، أو كَفَرْجِها أو كَيَدِها، فإذا قالَ ذلكَ ووُجدَ العوْدُ لزِمتْهُ الكفَّارةُ، وحَرُمَ وطْؤُها حتَّى يُكفِّرَ، والعَوْدُ هو: أنْ يُمْسِكَها بعدَ الظِّهارِ زمناً يُمكنُهُ أنْ يقولَ لها فيهِ أنتِ طالقٌ فلمْ يقُلْ، فإنْ عَقَّبَ الظِّهارَ بالطَّلاقِ على الفوْرِ طُلِّقَتْ ولا كفَّارةَ.
والكفَّارةُ: عِتْقُ رقَبَةٍ مُؤْمنةٍ، سَليمةٍ منَ العُيوبِ التي تَضُرُّ بالعَمَلِ، فإنْ لمْ يَجِدْ فصيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابعينِ، فإنْ لمْ يستطِعْ فإطعامُ ستِّينَ مِسْكيناً، كل مِسْكينٍ مُدّاً منْ قوتِ البلدِ حبّاً، بالنِّيَّةِ.
بابُ العدَّة:
[أ- عدَّةُ الطَّلاقِ]:
منْ طلَّقَ امرَأتَهُ قبْلَ الدُّخولِ فلا عدَّةَ عليْها، وإنْ طلَّقَ بعْدَهُ لزِمَتْها العِدَّةُ، سواءٌ كانَ الزَّوْجانِ صغيريْنِ أو بالِغيْنِ، أو أحدُهُما بالِغاً والآخرُ صغيراً، والمُرادُ بالدُّخولِ الوَطْءَ، فلوْ خلا بها ولمْ يَطَأْها ثمَّ طلَّقَ فلا عِدَّةَ.
وإذا
وجبتِ العدَّةُ فإنْ كانتْ حامِلاً انْقَضَتْ بوضْعِهِ بِشَرْطيْنِ:
أحدُهُما: أنْ يَنْفصِِلَ جميعُ الحَمْلِ، حتَّى لوْ كانَ ولَدَيْنِ أو أكثرَ اشْتُرِطَ انفصالُ الجميعِ، سواءٌ انْفصلَ حيَّاً أو ميِّتاً، كاملَ الخِلْقةِ أو مُضْغَةً لمْ تُتَصَوَّرْ، وشَهِدَ القوابِلُ أنَّها مَبدأُ خَلْقِ آدمِيٍّ، ومتى كانَ بينَ الوَلَدَيْنِ دونَ سِتَّةِ أشْهُرٍ فهُما توأمانِ، ولا حدَّ لِعدَدِ الحمْلِ، فيجوزُ أنْ تَضَعَ في حمْلٍ واحدٍ أربعةَ أولادٍ أوْ أكثرَ منْ ذلكَ.
الثاني: أنْ يكونَ الولَدُ منْسوباً إلى منْ لهُ العِدَّةُ، فلوْ حمَلَتْ منْ زناً أوْ وَطْءِ شُبْهةٍ لمْ تَنْقَضِ عِدَّةُ المُطلِّقِ بهِ، بلْ في حمْلِ وَطْءِ الشُّبهةِ تستقْبِلُ عِدَّةَ المُطلِّقِ بعدَ الوضعِ، وكذا في حمْلِ الزِّنا إنْ لمْ تَحِضْ على الحمْلِ، فإنْ حاضَتْ على الحمْلِ انْقَضَتْ بثلاثةِ أطْهارٍ منْهُ.
وأقلُّ مدَّةِ الحمْلِ سِتَّةُ أشْهُرٍ، وأكْثرُهُ أرْبَعُ سِنينَ.
وإنْ لمْ تكَنْ حاملاً: فإنْ كانتْ ممَّنْ تحيضُ اعتدَّتْ بثلاثةِ قُروءٍ "القروءُ: الأطهارُ"، ويُحْسبُ لها بعْضُ الطُّهرِ طُهْراً كاملاً، فإنْ طلَّقها فحاضتْ بعدَ لحظةٍ انْقضتْ بمُضيِّ طُهرينِ آخرينِ والشُّروعُ في الحَيْضةِ الثالثةِ، وإن طلَّقَ في الحيضِ فلا بُدَّ منْ ثلاثةِ أطْهارٍ كواملَ فإذا شَرَعَتْ في الحيْضةِ الرَّابعةِ انْقضتْ، ولا فرقَ بينَ أنْ يتقاربَ حيْضُها أو يتباعدَ. فمثالُ التَّقاربِ: أنْ تحيضَ يوْماً وليْلةً وتَطْهُر خمسةَ عشَرَ يوْماً، فإذا طُلِّقَتْ في آخرِ الطُّهرِ
انْقضتْ عِدَّتُها باثنينِ وثلاثينَ يوْماً ولحظَتيْنِ، أو في آخرِ حيْضٍ فسَبعَةٍ وأربعينَ يوْماً ولحْظةٍ، وهو أقلُّ المُمكنِ في الحُرَّةِ.
ومثالُ التَّباعُدِ: أنْ تحيضَ خمسةَ عشرَ يوماً وتطْهُر سنةً مثلاً أو أكثرَ، فلا بُدَّ منَ الأطهارِ الثلاثةِ وإن قامتْ سنينَ.
وإنْ كانتْ ممَّنْ لا تحيضُ لصغرِ أو إياس اعتدَّتْ بثلاثةِ أشهرٍ، وإنْ كانتْ ممَّنْ تحيضُ فانقطعَ دَمُها لعارضٍ كرضاعٍ ونحوِهِ، أو بلا عارضٍ ظاهرٍ صبرَتْ إلى سنِّ اليَأسِ منَ الحيْضِ، ثمَّ تَعْتدُّ بثلاثةِ أشهُرٍ، هذا كُلُّهُ في عدَّةِ الطَّلاقِ.
[ب- عدَّةُ الوفاةِ]:
فإنْ تُوُفِّيَ عنْها زَوْجُها -ولوْ في خلالِ عدّة الرَّجْعيّةِ- فإنْ كانتْ حاملاً اعْتدَّتْ بالوضْعِ كما تقدَّمَ، وإلا فبأَرْبعةِ أشْهُرٍ وعشرَةِ أيَّامٍ، سواءٌ كانتْ ممَّنْ تحيضُ أمْ لا، هذا كلُّهُ في الحُرَّةِ.
أمَّا إذا كانتْ زوْجتُهُ أمةً ولوْ مُبَعَّضَةً فالحاملُ بالوضعِ، وغيرُها ممَّن تحيضُ بطُهْرينِ، ومنْ لا تحيضُ بشهرٍ ونِصفٍ، وفي الوفاةِ بشَهْرينِ وخمسةِ أيَّامٍ.
ومنْ وُطِئَتْ بشُبهةٍ تعْتدُّ منَ الوَطْءِ كالمُطلَّقةِ.
[أحكامُ المُعتدَّةِ]:
ويَلزمُ المُعتدَّةَ ملازمةُ المنزِلِ، فأمَّا الرَّجعيَّةُ ففي حُكْمِ الزَّوْجِ لا تَخْرُجُ إلَاّ بإذنِهِ، ويجوزُ لِلبائنِ ولِلمُتَوفَّى عنْها زوْجُها أنْ تَخْرُجَ بالنَّهارِ لِقَضاءِ حاجَتِها وأداءِ الحُقوقِ، وتجِبُ العِدَّةُ في المسْكنِ الذي طلَّقَها فيهِ، ولا يجوزُ نقْلُها
إلا لضرورةٍ: إمّا لخوفٍ، أو منْعِ مالكِهِ، أو كثرةِ تأذِّيها بجيرانِها أو أقاربِ زوجِها، أو تأذِّيهمْ بها، فتَنْتَقِلُ إلى أقربِ مسْكنٍ إليهِ. ويَحرُمُ على المُطَلِّقِ الخَلْوةُ بها في العدَّةِ ومُساكنَتُها، إلَاّ أنْ يكونَ كلُّ واحدٍ منهُما في بيْتٍ بِمَرافِقِهِ.
ويجِبُ الإحدادُ في عدَّةِ الوفاةِ، ويُندبُ في البائنِ، ويحرُمُ على ميِّتٍ غيرِ الزَّوجِ أكْثرَ منْ ثلاثةِ أيَّامٍ، وهو: أنْ تَتْرُكَ الزِّينةَ، ولا تَلْبَسَ الحُلِيَّ، ولا تَخْتَضِب، ولا تَكتحِلَ بإثمِدٍ ونحْوِهِ، فإنْ احْتاجتْ إلى الكُحْلِ فباللَّيلِ وتُزيلُهُ بالنَّهارِ، ولا تَلْبسُ الصافي منْ أزرقَ وأخضرَ وأحمرَ وأصفرَ، ولا تُرجِّلَ الشَّعرَ، ولا تَستَعْمِلَ طِيباً في بدَنٍ وثوبٍ ومأكولٍ، ولها لُبْسُ الإبْريسَمِ، وغَسْلُ الرَّأس للتنظيفِ، وتقليمُ الأظفارِ.
وإذا راجعَ المُعْتدَّةَ ثمَّ طلَّقها قبلَ الدُّخولِ تستأنِفُ عِدَّةًَ جديدةً، وإنْ تزوَّجَ مَنْ خالعها في عِدَّتِهِ ثمَّ طلَّقها قبلَ الدُّخولِ بَنَتْ على العِدَّةِ الأولى، ومتى ادَّعَتِ المرأةُ انقضاءَ العِدَّةِ في زمنٍ يُمكنُ انقِضاؤُها فيهِ قُبلَ قوْلُها، وإذا بَلَغَها خَبَرُ موْتهِ بعدَ أربعةِ أشْهُرٍ وعشرةِ أيامٍ فقد انقضتِ العِدَّةُ.
فصل [الاستبراء]:
منْ ملَكَ أمَةً حَرُمَ عليهِ وَطْؤها والاستمتاعُ بها حتَّى يستبْرِئَها بعدَ قبْضِها، بالوضعِ إنْ
كانت حاملاً، وبحيضَةٍ إنْ كانتْ حائلاً تحيضُ، وإلا فبِشَهرٍ، وإنْ كانت زوْجتُهُ أمَةً فاشتراها انفسخَ النِّكاحُ، وحلَّتْ لهُ بمِلْكِ اليمينِ مِنْ غيرِ استبراءٍ، ومنْ زوَّجَ أمتَهُ أو كاتبها ثمَّ زالَ النِّكاحُ والكِتابةُ لمْ يطأَها حتى يستبْرِئَها، ولهُ الاستمتاعُ بالمَسْبيَّةِ في مُدَّةِ الاستبْراءِ بغيرِ الجِماعِ، ومنْ وطِئ أمَتَهُ حَرُمَ عليهِ أنْ يُزوِّجها حتّى يَستَبْرِئَها.
فصل [ثبوتُ النَّسبِ]:
منْ أتَتْ أمَتُهُ بولدٍ فإنْ ثبَتَ أنَّهُ وطِئَها لحِقَهُ، سواءٌ كانَ يعزِلُ مَنِيَّهُ عنْها أمْ لا، وإنْ لمْ يكُنْ وَطِئَها لمْ يَلْحَقْهُ.
ومنْ أتَتْ زوْجتُهُ بولدٍ لحِقهُ نَسَبُهُ إنْ أمكنَ أنْ يكونَ منْهُ، بأنْ تأتي بهِ بعدَ ستَّةِ أشهُرٍ ولحظةٍ منْ حينِ العقدِ ودونَ أربعِ سنينَ منْ حينِ إمْكانِ الاجتماعِ معها، إذا أمْكنَ وَطْؤُها ولوْ على بُعدٍ، وإنْ لمْ يَعْلمْ أنَّهُ وَطِئَ، بخلافِ ما سبقَ في أمَتِهِ، بشَرْطِ أنْ يكونَ للزَّوْجِ تِسْعُ سنينَ ونِصفٌ ولحظةٌ تَسَعُ الوَطْءَ.
فإنْ لمْ يُمكنُ أنْ يكونَ منْهُ بأنْ أتت بهِ لِدونِ ستَّةِ أشْهُرٍ، أو لأكثرَ منْ أربعِ سنينَ، أو معَ القَطْعِ بأنَّهُ لمْ يَطَأَها، أو كانَ للزَّوجِ منَ السِّنِّ دونَ ما تقدَّمَ، أو كانَ مَقْطوعَ الذَكرِ والأنثَييْنِ جميعاً لمْ يَلْحَقْهُ.
ومتى تَحقَّقَ الزَّوْجُ أنَّ الولدَ الذي أَلْحَقَهُ الشَّرْعُ بهِ ليْسَ منْهُ: بأنْ علِمَ هو أنَّهُ لمْ يَطَأْها أبداً، لزِمَهُ نفْيُهُ
باللِّعانِ، وإنْ لمْ يتحقَّقَ أنهُ منْ غيرِهِ حرُمَ عليهِ نفْيُهُ وقَذْفُها، وإنْ كانَ الولدُ أسودَ وهو أبيضُ أو غيرَ ذلكَ. ومنْ لحِقَهُ نَسَبٌ فأخَّرَ نفْيَهُ بلا عُذْرٍ ثمَّ أرادَ أنْ ينْفيَهُ باللعانِ لمْ نجِبْهُ إلى ذلكَ، وإن أرادَ نفْيَهُ على الفوْرِ أجَبْناهُ إليهِ.
فصل [قذفُ الزوجةِ وملاعنتها]:
منْ قذَفَ زوْجتَهُ بالزِّنا فطولِبَ بحدِّ القَذْفِ فلَهُ أنْ يُسْقِطَهُ باللعانِ، بشرط أن يكونَ الزوجُ بالغاً، عاقلاً، مُختاراً، وأنْ تكونَ الزّوجةُ عفيفةً يُمكِنُ أنْ توطَأَ، فلوْ قذَفَ منْ ثبتَ زِناها، أو طِفلةٍ كبِنتِ شهرٍ عُزِّرَ ولمْ يُلاعِنْ.
واللعانُ أنْ يَأمُرَهُ الحاكمُ أنْ يقولَ أرْبعَ مرَّاتٍ: أَشْهدُ باللهِ إنِّي لَمِنَ الصَّادِقينَ فيما رَمَيْتُها منَ الزِّنا، وإنَّ هذا الولَدَ ليْس منِّي -إنْ كان هناك ولدٌ- ثمَّ يقولُ في الخامسةِ، بعدَ أن يَعِظَهُ الحاكمُ ويُخوِّفُهُ ويضَعَ يدَهُ على فيهِ: وعليَّ لَعْنَةُ اللهِ إنْ كُنْتُ منَ الكاذبينَ. فإذا فعلَ ذلكَ سقطَ عنهُ حدُّ القذفِ، وانتفى عنهُ نسبُ الولدِ، وبانتْ منهُ وحرُمتْ على التّأبيدِ، ولزمها حدُّ الزِّنا.
ولها أنْ تُسْقِطَهُ عنْ نفسِها باللِّعانِ فتقولَ -بأمرِ الحاكم- أربَعَ مرَّاتٍ: أشْهدُ باللهِ إنَّهُ لمِنَ الكاذبينَ فيما رماني بهِ. ثمَّ تقولُ في الخامسةِ -بعدَ الوَعظِ كما سبقَ-: وعليَّ غَضَبُ اللهِ إنْ كانَ منَ الصَّادقينَ. فإذا فعلَتْ هذهِ سقطَ عنها حدُّ الزِّنا.