الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجبَت دِيَتُهُ، فإنْ رأى أنْ يَزيدَ في الحُرِّ إلى ثمانينَ وفي العبْدِ إلى أربعينَ جاز، لكن لو مات من الزيادة ضمن بالقسط، فلو ضربه إحدى وأربعين فماتَ ضَمِنَ جُزْءاً منْ أحدٍ وأربعينَ جُزءاً منْ دِيَتِهِ.
ومنْ زَنى دَفَعاتٍ أو شَرِبَ دَفَعاتٍ ولمْ يُحَدَّ، أجزَأَهُ لِكُلِّ جِنْسٍ حَدٌّ واحدٌ، ومنْ وجبَ عليهِ حدٌّ وتابَ مِنْهُ لمْ يَسقُطْ، إلاّ حدُّ قاطعِ الطريقِ إذا تابَ قبْلَ القُدْرةِ، فَيَسْقُطُ جميعُ حدِّهِ، ولا يجوزُ شُرْبُ المُسكِرِ في حالٍ منَ الأحوالِ لا للتَّداوي ولا للعَطَشِ، إلَاّ أنْ يُغَصَّ بِلُقْمةٍ ولا يَجِدُ ما يُسِيغُها بهِ، فيجِبُ.
فصل [التَّعزيرِ]:
منْ أتى مَعْصِيَةً لا حدَّ فيها ولا كفارةً -ومِنْهُ شهادةُ الزُّورِ- عُزِّرَ على حَسَبِ ما يراهُ الحاكِمُ، ولا يَبْلُغُ بهِ أدنى الحُدودِ، فلا يَبْلُغُ بِتَعْزيرِ الحُرِّ إلى أربعينَ، ولا بتَعْزيرِ العبْدِ عِشْرينَ، وإنْ رأى تَرْكَهُ جازَ.
بابُ الأيمانِ
إنما يصحُّ اليمينُ من بالغٍ عاقلٍ مُختارٍ، قاصِدٍ إلى اليمينِ، فمنْ سبَقَ لسانُهُ إليها، أو قصدَ الحلفَ على شيءٍ فسبقَ لسانُهُ إلى غيرِهِ لمْ ينعقِدْ، وذلكَ منْ لغوِ اليمينِ، ولا ينعقِدَ إلا باسمٍ منْ أسماءِ اللهِ تعالى أو صِفةٍ منْ صِفاتِ ذاتِهِ.
ثمَّ منْ أسماءِ اللهِ تعالى ما لا
يَتَسَمَّى بهِ غَيْرُهُ، كاللهِ والرَّحمنِ والمُهيْمِنِ وعلَاّمِ الغُيوبِ، فيَنْعَقِدُ بها اليمينُ مُطْلقاً.
ومنْها ما يَتَسمَّى بهِ غيْرُهُ معَ التقييدِ، كالرَّبِّ والرَّحيمِ والقادرِ، فتنعَقِدُ بها اليمينُ، إلاّ أنْ يَنوي غيْرَ اليمينِ.
ومنْها ما هو مُشْتَرَكٌ، كالحَيِّ والمَوْجودِ والبَصيرِ، فلا تَنْعقِدُ بها اليمينُ، إلاّ أنْ يَنْوِيَ بها اليمينَ.
وصِفاتُهُ إنْ لمْ تُسْتعملْ في مخلوقٍ نحو عِزَّةِ اللهِ تعالى وكِبْرِيائهِ وبقائِهِ والقُرْآنِ، فتنعقِدُ بها اليمينُ مُطْلقاً، وإنْ كانتْ قدْ تُسْتعملُ في مَخْلوقٍ نحو عِلْمِ اللهِ تعالى وقُدْرتِهِ وحقِّهِ، فيَنْعقِدُ بها اليمينُ، إلاّ أنْ يَنْوِيَ بالعِلمِ المَعْلومِ، وبالقُدْرةِ المَقْدورِ، وبالحقِّ العِبادةَ، فلا.
ولو قالَ: أُقْسِمُ باللهِ وأقْسَمْتُ باللهِ، انعَقَدَتْ، إلاّ أنْ ينويَ بهِ الإخبارَ. ولو قالَ: لعَمْرُ اللهِ وأَشْهَدُ باللهِ أو أعْزِمُ باللهِ أو عليَّ عهْدُ اللهِ أو ذمَّتُهُ أو أمانتُهُ أو كفالتُهُ لا أفْعلُ كذا، أو أسألُكَ باللهِ أو أقسَمْتُ عليكَ باللهِ، لمْ تنعقِد إلاّ أنْ يَنْويَ بهِ اليمينَ.
فصلٌ:
ومنْ حلفَ لا يَدْخُلُ بيتاً فدخلَ بيْتَ شَعَرٍ، حَنِثَ وإنْ كانَ حَضَرِيّاً، وإنْ دخلَ مسْجِداً، فلا، أو لا آكُلُ هذهِ الحِنْطَةَ فجَعَلَها دَقيقاً أوْ خُبزاً، لمْ يَحْنَثْ، أو لا آكُلُ سَمْناً فأكَلَهُ في عصيدةٍ ونحْوِها وهوَ ظاهِرٌ فيها، أو لا أَشْرَبُ منْ هذا النَّهر فشَرِبَ ماءَهُ في كوزٍ، حنِثَ، أو لا آكُلُ لَحْماً فأكَلَ شَحْماً أو كُلْيةً أو كِرْشاً أو كَبِداً أو قلباً
أو طِحالاً أو أَلِيّةً أوْ سمكاً أو جراداً، فلا حِنْث، أو لا أَلْبَسُ لِزَيْدٍ ثوْباً فوَهَبَهُ لهُ أو اشتَراهُ لهُ، فلا، أو لا أَهَبُهُ فتصَدَّقَ عليهِ، حنِثَ، أو أعارهُ أو وهبهُ فلمْ يَقْبَلْ، أو قبِلَ ولمْ يقبِضْ، فلا، أو لا أتكَلَّمَ فقَرأَ القُرآنَ، أو لا أُكَلِّمُ فلاناً فراسَلَهُ أو كاتَبَهُ أو أشارَ إليهِ، أو لا أسْتَخْدِمُهُ فخَدَمَهُ وهوَ ساكتٌ، أو لا أَتَزَوَّجُ أو لا أُطَلِّقُ أو لا أبيعُ فوَكَّلَ غيرَهُ ففَعَلَ، لمْ يَحْنِث، أو لا آكُلُ هذهِ التَّمْرَةَ فاختَلطَتْ بِتَمْرٍ كثيرٍ فأكَلَهُ إلاّ تَمْرَةً واحدَةً لا يَعْلمُها، أو لا أشرَبُ ماءَ النَّهرِ فشَرِبَ بعضَهُ، لم يحنث، أو لا أكلِّمهُ زماناً أو حيناً، بَرَّ بِأدْنى زَمنٍ، أو لا أدخُلُ الدَّارَ مثلاً، فدخلَها ناسِياً أو جاهٍلاً أو مُكْرهاً أو مَحْمولاً، لمْ يَحْنثْ، واليمينُ باقِيَةٌ لمْ تَنْحَلَّ، أو لَيأْكُلَنَّ هذا غَداً فأكلَهُ في يَومِهِ، أو أتْلَفَهُ أو تلِفَ منَ الغدِ بعد إمْكانِ أكلِهِ، حنث، وإنْ تلِفَ في يومِهِ، فلا، أو لا أسْكُنُ هذهِ الدَّارَ فخَرَجَ مِنْها بنِيَّةِ التَّحْويلِ، ثمَّ دخلَ لِنَقْلِ القُماشِ، لمْ يَحنَث، أو لا أُساكِنُ زيْداً فسَكَنَ كُلُّ واحدٍ منهُما في بيْتٍ من دارٍِ كبيرةٍ، وانفردَ ببابٍ ومَرافقَ، لمْ يحنث، أو لا ألْبَسُ هذا الثَّوْبَ وهوَ لابِسُهُ، أو لا أَرْكبُ هذا وهوَ راكِبُهُ، أو لا أَدْخُلُ هذهِ الدَّارَ وهوَ فيها، فاستَدامَ، حنث، أو لا أتزَوَّجُ وهوَ مُتزوِّجٌ، أو لا أتطَيَّبُ وهو مُتطَيِّبٌ، أو لا أتطّهَّرُ
وهو مُتَطَهِّرٌ فاستدامَ، فلا، أو لا أَدخُلُ هذهِ الدَّارَ فصعِدَ سطْحَها منْ خارِجِها، أو صارتْ عَرْصَةً فدخلَها، لمْ يَحْنَثْ، أو لا أدخُلُ دارَ زَيْدٍ فدخلَ مسْكَنَهُ بِكِراءٍ أو عاريةٍ، لمْ يحنث، إلاّ أنْ ينويَ ما يَسْكُنُهُ.
وإذا حلفَ على شيءٍ فقال: إنْ شاءَ اللهُ تعالى، مُتَّصِلاً باليمينِ، وكانَ قَصَدَ الاستثناءَ قبْلَ فراغِهِ منَ اليمينِ، لمْ يحنث، وإنْ جرى الاستثناءُ على لِسانِهِ على عادتِهِ ولمْ يقصدْ بهِ رَفْعَ اليمينِ، أو بدا لهُ الاستثناءُ بعْدَ الفَراغِ منَ اليمينِ، لمْ يَصِحَّ الاستثناء.
فصل [كفارة اليمينِ]:
إذا حلفَ وحنثَ لزِمَتْهُ الكَفَّارةُ، فإنْ كانَ يُكَفِّرُ بالمالِ جازَ قبْلَ الحِنْثِ وبعْدَهُ، وإنْ كانَ بالصَّوْمِ لمْ يجُزْ إلاّ بعْدهُ.
وهيَ عِتْقُ رَقَبَةٍ صِفَتُها كرَقَبَةِ الظِّهارِ، أوْ إطعامُ عشرَةِ مَساكينَ كُلِّ مِسكينٍ رِطْلٌ وثُلُثُ رِطلِ بالبَغْداديِّ حبّاً منْ قوتِ البَلدِ، أو كِسْوَتُهُمْ بما ينطلِقُ عليهِ اسمُ الكِسْوة، ولوْ مِئزَراً ومغسولاً، لا خَلَقاً، ويُخَيَّرُ بيْنَ الأنواعِ الثَّلاثَةِ، فإنْ عجَزَ عن أحدِ الأنواعِ الثَّلاثةِ صامَ ثلاثةَ أيّامٍ، والأفضَلُ توالِيها، ويجوزُ مُتَفَرِّقةٌ.
والعبْدُ لا يُكَفِّرُ بالمالِ وإنْ أذِنَ لهُ السيدُ، بلْ الصَّوْم.
ومنْ بعضُهُ حُرٌّ يُكَفرُ بالطَّعامِ والكِسْوةِ دونَ العِتْقِ.