الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي اليَتَامى} (النِّسَاء: 3) فَقَالَتْ يَا ابنَ أخْتِي هَذِهِ اليَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حجْرِ وَلِيَّها تُشْرِكُهُ فِي مَالِهِ وَيُعْجِبُهُ مَالُها وَجَمَالُها فَيُزِيدِ وَلِيُّها أنْ يَتَزَوَّجَها بِغَيْرِ أنْ يُقْسِطَ فِي صَدَاقَها فَيُعْطِيهَا مِثْلَ مَا يُعْطِيهَا غَيْرُهُ فَنُهُوا عنْ أنْ يَنْكِحُوهُنَّ إلَاّ أنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ وَيَبْلُغُوا لَهُنَّ أعْلَى سُنتِهنَّ فِي الصِّداقِ فَأُمِرُوا أنْ يَنْكِحُوا مَا طَابَ لَهُمْ مِنَ النِّساءِ سِواهُنَّ قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ وَإنَّ النَّاسَ اسْتَفْتَوْا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم بَعْدَ هاذِهِ الآيَةَ فَأُنْزِلَ الله: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} قَالَتْ عَائِشَةُ وَقَوْلُ الله تَعَالَى فِي آيَةٍ أُخْرَى {وَترْغَبُونَ أنْ تَنْكِحُوهُنَّ} رَغْبَةُ أحَدِكُمْ عَنْ يَتِيمَتِهِ حِينَ تَكُونُ قَلِيلَةَ المَالِ وَالجَمَالِ قَالَتْ فَنُهُوا أنْ يَنْكِحُوا عَمَّنْ رَغِبُوا فِي مَالِهِ وَجَمَالِهِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ إلَاّ بِالقِسْطِ مِنْ أجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ إِذا كُنَّ قَلِيلاتِ المالِ وَالجَمَالِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى أَبُو الْقَاسِم الأويسي الْمدنِي، وَإِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف. والْحَدِيث قد مضى فِي كتاب الشّركَة فِي: بَاب شركَة الْيَتِيم وَأهل الْمِيرَاث فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الْعَزِيز الْمَذْكُور. وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (تكون فِي حجر وَليهَا)، أَي: الَّذِي يَلِي مَالهَا. قَوْله: (بِغَيْر أَن يقسط)، أَي: بِغَيْر أَن يجْبر عَلَيْهَا فِي صَدَاقهَا. وَقد مر أَن معنى: أقسط أعدل، وقسط جَار. قَوْله:(فيعطيها) بِالنّصب لِأَنَّهُ عطف على قَوْله: (أَن يقسط) قَوْله: (مثل مَا يُعْطِيهَا غَيره) أَي: مِمَّن يرغب فِي نِكَاحهَا سواهُ. قَوْله: (مثل مَا يُعْطِيهَا غَيره) أَي: مِمَّن يرغب فِي نِكَاحهَا سواهُ. قَوْله: (عَن ذَلِك) أَي: عَن ترك الإقساط. قَوْله: (ويبلغوا لَهُنَّ) ويروى: (ويبلغوا بِهن)، بِالْبَاء الْمُوَحدَة. قَوْله:(أَعلَى سنتهن) أَي: أَعلَى طريقتهن فِي الصَدَاق وعادتهن فِي ذَلِك. قَوْله: (مَا طَابَ لَهُم) أَي: مَا حل لكم. من قبيل قَوْله تَعَالَى: {انفقوا من طَيّبَات مَا كسبتم} (الْبَقَرَة: 267) وَقيل: طَابَ بِمَعْنى الْمحبَّة والاشتهاء أَي: مَا كُنْتُم تحبون وتشتهون، وَكلمَة مَا فِي الأَصْل لما لَا يعقل، وَقد يُطلق على من يعقل كَمَا فِي هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة. قَوْله:(سواهن) أَي: سوى الْيَتَامَى من النِّسَاء. قَوْله: (قَالَ عُرْوَة. قَالَت عَائِشَة)، هَذَا مُتَّصِل بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور وَترك حرف الْعَطف فِيهِ قَوْله:(بعد هَذِه الْآيَة) أَي: بعد نزُول هَذِه الْآيَة بِهَذِهِ الْقِصَّة، وَأَرَادَ بِهَذِهِ الْآيَة قَوْله تَعَالَى:{وَإِن خِفْتُمْ أَن لَا تقسطوا} فَأنْزل الله تَعَالَى {ويستفتونك فِي النِّسَاء قل الله يفتيكم فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُم فِي الْكتاب فِي يتامى النِّسَاء} الْآيَة. قَالَت عَائِشَة: وَالَّتِي ذكر الله أَنه يُتْلَى عَلَيْهِم فِي الْكتاب الْآيَة الأولى الَّتِي هِيَ: {وَأَن خِفْتُمْ أَن لَا تقسطوا} الْآيَة. قَوْله: (وَقَول الله تَعَالَى فِي آيَة أُخْرَى: وترغبون) . هَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة صَالح بن كيسَان الْمَذْكُورَة فِي آيَة أُخْرَى، وَهُوَ خطأ. لِأَن قَوْله تَعَالَى:{وترغبون أَن تنكحوهن} الْآيَة فِي نفس الْآيَة الَّتِي هِيَ: {ويستفتونك فِي النِّسَاء} . قَوْله: (رَغْبَة أحدكُم عَن يتيمته) أَي: كرغبة أحدكُم، وَمعنى الرَّغْبَة هُنَا عدم الْإِرَادَة لِأَن لفظ رغب يسْتَعْمل بصلتين يُقَال: رغب عَنهُ إِذا لم يُرِدْهُ وَرغب فِيهِ إِذا أَرَادَهُ. قَوْله: (حِين تكون) أَي: الْيَتِيمَة قَليلَة المَال وَحَاصِل الْمَعْنى أَن الْيَتِيمَة اذا كَانَت فقيرة وذميمة يعرضون عَن نِكَاحهَا قَالَت عَائِشَة رضي الله عنها فنهوا أَي: نهوا عَن نِكَاح المرغوب فِيهَا لمالها وجمالها لأجل زهدهم فِيهَا إِذا كَانَت قَليلَة المَال وَالْجمال فَيَنْبَغِي أَن يكون نِكَاح الغنية الجميلة وَنِكَاح الفقيرة الذميمة، على السوَاء فِي الْعدْل، وَكَانَ الرجل فِي الْجَاهِلِيَّة تكون عِنْده الْيَتِيمَة فيلقي عَلَيْهَا ثَوْبه فَإِذا فعل ذَلِك لم يقدر أحد أَن يَتَزَوَّجهَا أبدا فَإِن كَانَت جميلَة وهواها تزَوجهَا وَأكل مَالهَا، وَإِن كَانَت ذميمة منعهَا الرِّجَال حَتَّى تَمُوت فَإِذا مَاتَت ورثهَا فَحرم الله ذَلِك وَنهى عَنهُ. وَفِي الحَدِيث اعْتِبَار مهر الْمثل فِي المحجورات وَأَن غَيْرهنَّ يجوز نِكَاحهَا بِدُونِ ذَلِك. وَفِيه أَن للْوَلِيّ أَن يتَزَوَّج من هِيَ تَحت حجره. لَكِن يكون الْعَاقِد غَيره، وَفِيه خلاف مَذْكُور فِي الْفُرُوع: وَفِيه جَوَاز تَزْوِيج الْيَتَامَى قبل الْبلُوغ، لِأَن بعد الْبلُوغ لَا يتم على الْحَقِيقَة.
2 -
(بابٌ: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرا فَلْيَأْكُلُ بِالمَعْرُوفِ فَإذَا دَفَعْتُمْ إلَيْهِمْ أمْوَالِهِمْ فَأَشْهَدُوا عَلَيْهِمْ} (النِّسَاء:
6)
لَيْسَ فِي كثير من النّسخ لفظ بَاب وَقبل قَوْله: {وَمن كَانَ فَقِيرا وَمن كَانَ غَنِيا فليستعفف وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ فَإِذا دفعتم إِلَيْهِم أَمْوَالهم فَاشْهَدُوا عَلَيْهِم وَكفى بِاللَّه حسيبا} (النِّسَاء: 6) . وَفِي بعض النّسخ سَاقهَا بِتَمَامِهَا، وَفِي بَعْضهَا اقْتصر على قَوْله الْآيَة يجوز فِيهَا الرّفْع على تَقْدِير: الْآيَة بِتَمَامِهَا، وَيجوز النصب على تَقْدِير: اقْرَأ الْآيَة بِتَمَامِهَا. قَوْله: (وَمن كَانَ غَنِيا) أَي: وَمن كَانَ فِي غنية عَن مَال الْيَتِيم فليستعفف عَنهُ وَلَا يَأْكُل مِنْهُ شَيْئا. قَالَ الشّعبِيّ: هُوَ عَلَيْهِ كالميتة وَالدَّم، وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ، يَعْنِي: بِقدر قِيَامه عَلَيْهِ، وَقَالَ أَبُو جَعْفَر النّحاس، منع جمَاعَة من أهل الْعلم الْوَصِيّ من أَخذ شَيْء من مَال الْيَتِيم، قَالَ أَبُو يُوسُف القَاضِي، لَا أَدْرِي: لَعَلَّ هَذِه الْآيَة مَنْسُوخَة. بقوله عز وجل: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُم بَيْنكُم بِالْبَاطِلِ} (النِّسَاء: 29) فَلَا يحل لأحد أَن يَأْخُذ من مَال الْيَتِيم شَيْئا إِذا كَانَ مَعَه مُقيما فِي الْمصر، فَإِن احْتَاجَ أَن يُسَافر من أَجله فَلهُ أَن يَأْخُذ مَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَلَا يقتني شَيْئا، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة، وَمُحَمّد، وَقَالَ ابْن عَبَّاس:(وَمن كَانَ غَنِيا فليستعفف وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ) قَالَ: نسخ الظُّلم والاعتداء، ونسخهما. (إِن الَّذين يَأْكُلُون أَمْوَال الْيَتَامَى ظلما) . ثمَّ افترق الَّذين قَالُوا بِأَن الْآيَة محكمَة فرقا، فَقَالَ بَعضهم: إِن احْتَاجَ الْوَصِيّ فَلهُ أَن يقترض من مَال الْيَتِيم، فَإِن أيسر قَضَاهُ، وَهَذَا قَول عمر بن الْخطاب وَعبيدَة وَأبي الْعَالِيَة وَسَعِيد بن جُبَير، قَالَ أَبُو جَعْفَر: وَهُوَ قَول جمَاعَة من التَّابِعين وَغَيرهم، وفقهاء الْكُوفِيّين عَلَيْهِ أَيْضا. وَقَالَ أَبُو قلَابَة:(فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ) مِمَّا يجبي من الْغلَّة، فَأَما المَال الناض فَلَيْسَ لَهُ أَن يَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا قرضا وَلَا غَيره، وَذهب قوم إِلَى ظَاهر الْآيَة، مِنْهُم: الْحسن الْبَصْرِيّ، فَقَالُوا: لَهُ أَن يَأْكُل مِنْهُ مِقْدَار قوته. وَقَالَ الْحسن: إِذا احْتَاجَ ولي الْيَتِيم أكل بِالْمَعْرُوفِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إِذا أيسر قَضَاؤُهُ، وَالْمَعْرُوف قوته، وَهُوَ قَول النَّخعِيّ وَقَتَادَة. قَوْله:{فَإِذا دفعتم إِلَيْهِم أَمْوَالهم فَاشْهَدُوا عَلَيْهِم} اخْتلف الْعلمَاء فِي هَذَا الْأَمر. فَقَالَ قوم: هُوَ ندب، فَإِن القَوْل قَول الْوَصِيّ لِأَنَّهُ أَمِين. وَقَالَ آخَرُونَ: وَفرض على ظَاهر الْآيَة لِأَنَّهُ أَمِين الْأَب فَلَا يقبل قَوْله على غَيره أَلا يرى أَن الْوَكِيل إِذا ادّعى أَنه دفع إِلَى زيد مَا أَمر بِهِ لم يقبل قَوْله: إِلَّا بِبَيِّنَة فَكَذَلِك الْوَصِيّ. وَقَالَ عمر بن الْخطاب وَسَعِيد بن جُبَير: هَذَا الْإِشْهَاد إِنَّمَا هُوَ على دفع الْوَصِيّ مَا استقرضه من مَال الْيَتِيم حَال فقره.
وَفِي الْإِشْهَاد مصَالح مِنْهَا: السَّلامَة من الضَّمَان وَالْغُرْم على تَقْدِير إِنْكَار الْيَتِيم. (وَمِنْهَا) : حسم مَادَّة تطرق سوء الظَّن بالولي. (وَمِنْهَا) : امْتِثَال أوَامِر الله عز وجل فِي الْأَمر بِالْإِشْهَادِ. (وَمِنْهَا) : طيب قلب الْيَتِيم بِزَوَال مَا كَانَ يخشاه من فَوَات مَاله ودوامه تَحت الْحجر.
وَبِدَارا مُبَادَرَةً
أَشَارَ بِهِ إِلَى مَا فِيهِ أول الْآيَة المترجم بهَا. وَهُوَ قَوْله: {وَلَا تَأْكُلُوهَا إسرافا بدارا أَن يكبروا} وَفسّر: بدارا بقوله مبادرة، يَعْنِي: لَا تَأْكُلُوا أَمْوَال الْيَتَامَى من غير حَاجَة إسرافا ومبادرة قبل بلوغهم، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: إسرافا وبدارا مسرفين ومبادرين كبرهم.
أعْتَدْنَا أعْدَدنا أفْعَلْنَا مِنَ العَتادِ
هَذَا مَحَله فِيمَا سَيَأْتِي قبل قَوْله: {لَا يحل لكم أَن ترثوا النِّسَاء كرها} (النِّسَاء: 19) وَقَالَ بَعضهم: وَقعت هَذِه الْكَلِمَة فِي هَذَا الْموضع سَهوا من بعض نساخ الْكتاب. (قلت) : فِيهِ بعد لَا يخفى، وَالظَّاهِر أَنه وَقع من المُصَنّف وَأَشَارَ بقوله:(أَعْتَدْنَا) إِلَى قَوْله تَعَالَى: {أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُم عذَابا أَلِيمًا} وَفَسرهُ بقوله: أعددنا، وَأَرَادَ أَن مَعْنَاهُمَا وَاحِد، وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة فِي كِتَابه (الْمجَاز) (قلت) : اعتدنا من بَاب الافتعال، وأعددنا من بَاب الْأَفْعَال، وَلِهَذَا قَالَ: فعلنَا من العتاد، بِفَتْح الْعين، وَهُوَ مَا يصلح لكل مَا يَقع من الْأُمُور وَهَذَا الْمَذْكُور هُوَ رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْكشميهني: اعتددنا افتعلنا، وَقَالَ بعهم: الأول هُوَ الصَّوَاب. (قلت) : يفهم مِنْهُ أَن رِوَايَة أبي ذَر غير صَوَاب، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل الصَّوَاب رِوَايَة أبي ذَر، يعرفهُ من لَهُ يَد فِي علم الصّرْف.
97 -
ح دَّثني إسْحَاقُ أخْبَرَنَا عَبْدُ الله بنُ نُمَيْرٍ حدَّثنا هِشَامٌ عَنْ أبِيهِ عنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْها فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَمَنْ كَانَ غَنِيّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرا فَلْيَأْكُلْ بِالمَعْرُوفِ أنَّهَا نَزَلَتْ فِي مَالِ