الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لم يذكر لفظ بَاب إِلَّا فِي رِوَايَة أبي ذَر وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: هَذِه أكبر نعم الله عز وجل على هَذِه الْأمة حَيْثُ أكمل لَهُم دينهم فَلَا يَحْتَاجُونَ إِلَى دين غَيره وَلَا إِلَى نَبِي غير نَبِيّهم، وَلِهَذَا جعله الله خَاتم الْأَنْبِيَاء وَبَعثه إِلَى الْإِنْس وَالْجِنّ، فَلَا حَلَال إلَاّ مَا أحله الله، وَلَا حرَام إلَاّ مَا حرمه الله، وَلَا دين إلَاّ مَا شَرعه وكل شَيْء أخبر بِهِ فَهُوَ حق وَصدق لَا كذب فِيهِ وَلَا خلف. قَالَ عَليّ بن أبي طَلْحَة. عَن ابْن عَبَّاس {كملت لكم دينكُمْ} (الْمَائِدَة: 3) وَهُوَ الْإِسْلَام، وَالْمرَاد بِالْيَوْمِ: يَوْم عَرَفَة. قَالَ أَسْبَاط عَن السّديّ: نزلت هَذِه الْآيَة يَوْم عَرَفَة فَلم ينزل بعْدهَا حَلَال وَلَا حرَام، وَرجع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَمَات. وَقَالَ ابْن جريج وَغير وَاحِد: مَاتَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بعد يَوْم عَرَفَة بِأحد وَثَمَانِينَ يَوْمًا.
وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ مَخْمَصَةٌ مَجَاعَةٌ
هَذَا لم يثبت إِلَّا لغير أبي ذَر، وَقد ذكرنَا عِنْد قَوْله:(وَقَالَ غَيره) الإغراء التسليط، أَن الْمُنَاسبَة كَانَت تَقْتَضِي أَن يذكر هَذِه اللَّفْظَة قبل قَوْله: وَقَالَ ابْن عَبَّاس: فَليرْجع إِلَيْهِ هُنَاكَ يظْهر لَك مَا فِيهِ الْكِفَايَة. وَأَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فَمن اضْطر فِي مَخْمَصَة غير متجانف لإثم} وَهَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم عَن أَبِيه حَدثنَا أَبُو صَالح حَدثنِي مُعَاوِيَة عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس.
4606 -
ح دَّثني مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ حدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمانِ حدَّثنا سُفْيَانُ عَنْ قَيْسٍ عَنْ طَارِقِ بنِ شِهابٍ قَالَتِ اليَهُودُ لِعُمَرَ إنكُمْ تَقْرؤُونَ آيَةً لَوْ نَزِلَتْ فِينا لاتَخَذْناها عِيدا فَقَال عُمَرُ إنِّي لأَعْلَمُ حَيْثُ أُنْزِلَتْ وأيْنَ أُنْزِلَتْ وَأيْنَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حِينَ أُنْزِلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ وَإنَّا وَالله بِعَرَفَةَ. قَالَ سُفْيَانُ وأشُكُّ كَانَ يَوْمَ الجُمُعَةِ أمْ لَا {الْيَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَعبد الرَّحْمَن هُوَ ابْن مهْدي، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَقيس هُوَ ابْن مُسلم، وطارق هُوَ ابْن شهَاب بن عبد شمس البَجلِيّ الأحمسي الْكُوفِي، رأى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وغزا فِي خلَافَة أبي بكر وَعمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ أَو ثَلَاثًا وَأَرْبَعين غَزْوَة، وَمَات سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ.
والْحَدِيث مر فِي كتاب الْإِيمَان من طَرِيق آخر عَن الْحسن بن الصَّباح عَن حَفْص بن عون عَن أبي العميس عَن قيس بن مُسلم عَن طَارق إِلَى آخِره.
قَوْله: (قَالَت الْيَهُود) ، وَفِي كتاب الْإِيمَان أَن رجلا من الْيَهُود، وَإِنَّمَا جمع هُنَا بِاعْتِبَار السَّائِل وَمن كَانَ مَعَه، وَكَانَ هَذَا الرجل كَعْب الْأَحْبَار، وَكَانَ سُؤَاله قبل إِسْلَامه، وَأَنه أسلم فِي خلَافَة عمر، على الْمَشْهُور، أَو أطلق عَلَيْهِ ذَلِك بِاعْتِبَار مَا مضى. قَوْله:(حَيْثُ أنزلت وَأَيْنَ أنزلت) أعلم أَن حَيْثُ للمكان اتِّفَاقًا وَقَالَ الْأَخْفَش، وَقد ترد للزمان، وَهنا للمكان خَاصَّة، وَأَيْنَ، للزمان فَلَا تكْرَار وَحِينَئِذٍ، وَالْغَالِب كَون، حَيْثُ فِي مَحل نصب على الظَّرْفِيَّة، أَو خفض: بِمن، ويلزمها الْإِضَافَة إِلَى الْجُمْلَة إسمية كَانَت أَو فعلية، وَإِلَى الفعلية أَكثر، وَفِي رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن مهْدي:(حَيْثُ أنزلت، وَأي يَوْم أنزلت) وَقَالَ الْكرْمَانِي: ويروى: (حِين أنزلت وَأَيْنَ أنزلت) قلت: فَحِينَئِذٍ يلْزم التّكْرَار. قَوْله: (وَأَيْنَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين أنزلت) . كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: (حَيْثُ أنزلت) . قَوْله: (يَوْم عَرَفَة) بِالرَّفْع أَي: يَوْم النُّزُول يَوْم عَرَفَة ويروى بِالنّصب أَي أنزلت فِي يَوْم عَرَفَة. قَوْله: (وَأَنا وَالله بِعَرَفَة) إِشَارَة إِلَى الْمَكَان إِذْ عَرَفَة تطلق على عَرَفَات، وَكَذَا هُوَ فِي وَرَايَة الْجَمِيع، وَعند أَحْمد:(وَرَسُول الله وَاقِف بِعَرَفَة)، وَكَذَا فِي رِوَايَة مُسلم. قَوْله:(قَالَ سُفْيَان: وَأَنا أَشك) وَقد تقدم فِي كتاب الْإِيمَان عَن قيس بن مُسلم الْجَزْم بِأَن ذَلِك كَانَ يَوْم الْجُمُعَة، وَسَيَجِيءُ الْجَزْم أَيْضا فِي كتاب الِاعْتِصَام من رِوَايَة مسعر عَن قيس.
3 -
(بابُ قَوْلِهِ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا طَيِّبا} )
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِن كُنْتُم مرضى أَو على سفر أَو جَاءَ أحد مِنْكُم من الْغَائِط أَو لامستم النِّسَاء فَلم تَجدوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا طيبا} (الْمَائِدَة: 6) قيل: وَقع هُنَا. فَإِن لم تَجدوا. قلت: لَيْسَ كَذَلِك، فالقرآن {فَلم تَجدوا} وَفِي الْأُصُول كَذَلِك.
تَيَمَّمُوا تَعَمَّدُوا
أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن معنى قَوْله تَعَالَى: {فَتَيَمَّمُوا} تعمدوا الْآن معنى التَّيَمُّم فِي اللُّغَة الْقَصْد، والعمد هُوَ الْقَصْد، وَكَذَا رُوِيَ عَن سُفْيَان رَوَاهُ ابْن الْمُنْذر عَن زَكَرِيَّا حَدثنَا أَحْمد بن خَلِيل حَدثنَا مُعَاوِيَة بن عَمْرو عَن أبي إِسْحَاق عَنهُ.
آمِّينَ قَاصِدينَ أمَّمْتُ وَيَمَّمْتُ وَاحِدٌ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَلَا الْهَدْي وَلَا القلائد وَلَا آمين الْبَيْت الْحَرَام} (الْمَائِدَة: 2) وَفسّر آمين بقوله: قَاصِدين، لِأَنَّهُ من الأمّ وَهُوَ الْقَصْد، أَي: وَلَا تستحلوا قتال آمين الْبَيْت أَي: القاصدين إِلَى بَيت الله الْحَرَام الَّذِي من دخله كَانَ آمنا. قَوْله: (أممت ويممت وَاحِد)، أَي: فِي الْمَعْنى قَالَ الشَّاعِر:
وَلَا أَدْرِي إِذا يممت أَرضًا
وَقَرَأَ الْأَعْمَش: وَلَا آمي الْبَيْت، بِإِسْقَاط النُّون للإضافة.
وَقَال ابنُ عَبَّاسٍ لَمَسْتُمْ وَتَمَسُّوهُنَّ وَاللاتي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ والإفْضاءُ النِّكاحُ
أَشَارَ بقول ابْن عَبَّاس هَذَا إِلَى أَن معنى أَرْبَعَة أَلْفَاظ فِي الْقُرْآن بِمَعْنى وَاحِد، وَهُوَ: النِّكَاح أَي: الْوَطْء. وَقَوله: لمستم، فِي مَحل الرّفْع على الِابْتِدَاء بِتَقْدِير قَوْله: لمستم، وَمَا بعده عطف عَلَيْهِ، وَقَوله: النِّكَاح، على أَنه خَبره، وَقد ذكر هَذَا عَن ابْن عَبَّاس بطرِيق التَّعْلِيق. أما اللَّفْظ الأول: فقد وَصله إِسْمَاعِيل القَاضِي فِي (أَحْكَام الْقُرْآن) من طَرِيق مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {أَو لمستم النِّسَاء} قَالَ هُوَ الْجِمَاع، وروى ابْن الْمُنْذر حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ حَدثنَا سعيد حَدثنَا أَبُو عوَانَة عَن أبي بشر عَن ابْن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس أَن اللَّمْس والمس والمباشرة الْجِمَاع، وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي (تَفْسِيره) . وَرُوِيَ عَن عَليّ ابْن أبي طَالب وَأبي بن كَعْب وَمُجاهد وَالْحسن وَطَاوُس وَعبيد بن عُمَيْر وَسَعِيد بن جُبَير وَالشعْبِيّ وَقَتَادَة وَمُقَاتِل نَحْو ذَلِك، وَقَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ وَالْأَعْمَش وَيحيى بن وثاب (لمستم) وَقَرَأَ عَاصِم وَأَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء وَأهل الْحجاز (لامستم) بِالْألف (وَأما اللَّفْظ الثَّانِي) : فوصله ابْن الْمُنْذر وَقد مر الْآن (وَأما اللَّفْظ الثَّالِث) : فَرَوَاهُ عَليّ بن أبي حَاتِم من طَرِيق وَابْن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهن} (النِّسَاء: 23) قَالَ الدُّخُول النِّكَاح (وَأما اللَّفْظ الرَّابِع) : فَرَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى: {وَقد أفْضى بَعْضكُم إِلَى بعض} (النِّسَاء: 21) قَالَ: الْإِفْضَاء الْجِمَاع، وروى ابْن الْمُنْذر عَن عَليّ بن عبد الْعَزِيز حَدثنَا حجاج حَدثنَا حَمَّاد أخبرنَا عَاصِم الْأَحول عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: الْمُلَامسَة والمباشرة والإفضاء والرفث وَالْجِمَاع نِكَاح وَلَكِن الله يكني.
4607 -
ح دَّثنا إسْمَاعِيلُ قَالَ حدَّثني مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ القاسِمِ عَنْ أبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أسْفَارِهِ حَتَّى إذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أوْ بِذَاتِ الجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي فَأقَامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلَى التِماسِهِ وأقَامَ النَّاسُ مَعَهُ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَأَتَى النَّاسُ إلَى أبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالُوا أَلا تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ أقامَتْ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَبِالنَّاسِ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَجَاءَ أبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذَي قَدْ نَامَ فَقَالَ حَبَسْتِ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسَ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ قَالَتْ عَائِشَةُ فَعَاتَبَنِي أبُو بَكْرٍ وَقَالَ مَا شَاءَ الله أنْ يَقُولَ وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي وَلا يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إلَاّ مَكَانُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم على فَخِذِي فَقَامَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى أصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَأنْزَلَ الله آيَةَ التَيَمُّمِ فَقَالَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ مَا هِيِ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ