الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهم يَسْتَغْفِرُونَ} ثمَّ اسْتثْنى أهل الشّرك. فَقَالَ: {وَمَا لَهُم أَن لَا يعذبهم الله وهم يصدون عَن الْمَسْجِد الْحَرَام} (الْأَنْفَال: 33) أَي: وَكَيف لَا يعذبهم الله أَي الَّذين بِمَكَّة وهم يصدون الْمُؤمنِينَ الَّذين هم أَهله عَن الصَّلَاة عِنْده وَالطّواف؟ وَلِهَذَا قَالَ: {وَمَا كَانُوا أولياءه} (الْأَنْفَال: 34) أَي: هم لَيْسُوا أهل الْمَسْجِد الْحَرَام وَإِنَّمَا أَهله النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَأَصْحَابه قَوْله:{إِن أولياؤه إلَاّ المتقون} أَي: إلَاّ الَّذين اتَّقوا. قَالَ عُرْوَة وَالسُّديّ وَمُحَمّد بن إِسْحَاق هم النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَأَصْحَابه، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم. وَقَالَ مُجَاهِد: المتقون من كَانُوا وَحَيْثُ كَانُوا.
4 -
(بابُ قَوْلِهِ: {وَمَا كَانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وَأنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ الله مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (الْأَنْفَال:
33)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ الله ليعذبهم} الْآيَة. وَذكر هَذَا الْبَاب مَعَ ذكر هَذَا الحَدِيث تَرْجَمَة لَيْسَ لَهَا زِيَادَة فَائِدَة لِأَن الْآيَة بِعَينهَا مَذْكُورَة فِيمَا قبلهَا، وَكَذَلِكَ الحَدِيث بِعَيْنِه مَذْكُور بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور بِعَيْنِه غير أَن شَيْخه هُنَاكَ أَحْمد بن النَّضر، وَشَيْخه هُنَا أَخُوهُ مُحَمَّد بن النَّضر، وَإِنَّمَا وضع الْبَاب للتَّرْجَمَة وَذكر الحَدِيث بِعَيْنِه ليعلم أَنه روى هَذَا الحَدِيث عَن شيخين وهما أَخَوان، وَبِدُون هَذَا كَانَ يعلم مَا قَصده، وَقَالَ الْحَاكِم: بَلغنِي أَن البُخَارِيّ كَانَ ينزل عَلَيْهِمَا أَو يكثر السّكُون عِنْدهمَا إِذا قدم نيسابور.
4649 -
ح دَّثنا مُحَمَّدُ بنُ النضْرِ حَدَّثنا عُبَيْدُ الله بنُ مُعاذٍ حدَّثنا أبِي حدَّثنا شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الحَمِيدِ صَاحِبِ الزّيادِيِّ سَمِعَ أنَسَ بنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ أبُو جَهْلٍ اللَّهُمَّ إنْ كَانَ هاذَا هُوَ الحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأمْطِرْ عَلَيْنَا حِجارَةً مِنَ السَّمَاءِ أوْ ائْتنا بِعَذَابٍ ألِيمٍ فَنَزَلَتْ {وَمَا كَانَ الله لِيُعَذِّبُهُمْ وَأنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ الله مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَمَا لَهُمْ أنْ لَا يُعَذِّبَهُمُ الله وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ المَسْجِدِ الحَرَامِ} الْآيَة.
مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب.
5 -
(بابٌ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله} (الْأَنْفَال:
39)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {وقاتلوهم} الْآيَة. وَلم يثبت لفظ: بَاب: أَلا فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَقد أَمر الله الْمُؤمنِينَ بِقِتَال الْكفَّار حَتَّى لَا تكون فتْنَة، وَقَالَ الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس: حَتَّى لَا يكون شرك، وَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَة وَمُجاهد وَالْحسن وَقَتَادَة وَالربيع بن أنس وَالسُّديّ وَمُقَاتِل بن حَيَّان وَزيد بن أسلم. وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق بَلغنِي عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الزبير وَغَيره من عُلَمَائِنَا حَتَّى لَا يفتن مُسلم عَن دينه. قَوْله:(وَيكون الدّين كُله لله) أَي: يخلص التَّوْحِيد لله وَقَالَ الْحسن وَقَتَادَة وَابْن جريج أَن يَقُول لَا إلاه إِلَّا الله، وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق: يكون التَّوْحِيد خَالِصا لله لَيْسَ فِيهِ شرك ويخلع مَا دونه من الأنداد، وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم لَا يكون مَعَ دينكُمْ كفر.
4650 -
ح دَّثنا الحَسَنُ بنُ عَبْدِ العَزِيزِ حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يَحْيَى حدَّثنا حَيْوَةُ عَنْ بَكْرِ بنِ عَمْروٍ عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّ رَجُلاً جَاءَهُ فقالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمانِ أَلا تَسْمَعُ مَا ذَكَرَ الله فِي كتابِهِ: {وَإنَّ طَائِفَتانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} إلَى آخِرِ الآيَةِ فَمَا يَمْنَعُكَ أنْ لَا تُقَاتِلَ كَمَا ذَكَرَ الله فِي كِتابِهِ فَقَالَ يَا ابْنَ أخِي أغتَرُّ بِهاذِهِ الآيَةِ وَلا أُقَاتِلُ أحَبُّ إلَيَّ مِنْ أنْ أغتَرِّ بِهاذِهِ الآيَةِ الَّتِي يَقُولُ الله تَعَالَى وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنا مُتَعَمِّدا إِلَى آخِرها قَالَ فإنَّ الله يَقُولُ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ قَالَ ابنُ عُمَرَ قَدْ فَعَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم إذْ كَانَ الإسْلامُ قَلِيلاً فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِي دِينِهِ إمّا يَقْتُلُوهُ وَإمّا يوثِقُوهُ حَتَّى كَثُرَ الإسْلامُ فَلمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ فَلمَّا رَأى أنَّهُ لَا يُوَافِقهُ فِيما يُرِيدُ قَال فا قَوْلُكَ فِي عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ قَالَ ابنُ عُمَرَ مَا قَوْلِي فِي عَلِيٍّ وَعُثْمانَ أمَّا عُثْمَانُ فَكَانَ الله قَدْ عَفَا عَنْهُ فَكَرِهْتُمْ أنْ يَعْفُو عَنْهُ وَأمّا عَلِيٌّ فابْنُ عَمِّ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَخَتَنُهُ وأشارَ بِيَدِهِ وَهاذِهِ ابْنَتُهُ أوْ بَيْتُهُ حَيْثُ تَرَوْنَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَإِن الله يَقُول: {وقاتلوهم حَتَّى لَا تكون فتْنَة} )(الْأَنْفَال: 39) وَالْحسن بن عبد الْعَزِيز الجروي، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الرَّاء وبالواو، وَقد مر فِي الْجَنَائِز، وَعبد الله بن يحيى الْمعَافِرِي، بِفَتْح الْمِيم وَالْعين الْمُهْملَة وَكسر الْفَاء وبالراء البرالسي يكنى أَبَا يحيى صَدُوق أدْركهُ البُخَارِيّ وَلَكِن روى عَنهُ هُنَا بالواسطة وَفِي تَفْسِير سُورَة الْفَتْح فَقَط، وحيوة بن شُرَيْح، بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء وَفِي آخِره حاء مُهْملَة، وَقد أمعن الْكرْمَانِي فِي ضَبطه، فَقَالَ: شُرَيْح مصغر الشَّرْح بِالْمُعْجَمَةِ وَالرَّاء وبالمهملة، وَبكر بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن عَمْرو الْمعَافِرِي من أهل مصر، وَبُكَيْر بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة مصغر بكر ابْن عبد الله الْأَشَج، والْحَدِيث مر بِوَجْه آخر فِي تَفْسِير سُورَة الْبَقَرَة فِي: بَاب: {وقاتلوهم حَتَّى لَا تكون فتْنَة} وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَالك.
قَوْله: (أَن رجلا) ، هُوَ حبَان صَاحب الدثنية. قَالَه سعيد بن مَنْصُور، وَقَالَ أَبُو بكر النجار، هُوَ الْهَيْثَم بن حَنش وَعَن أَحْمد بن يُونُس، هُوَ شخص يُقَال لَهُ حَكِيم، وَقيل: نَافِع بن الْأَزْرَق. قَوْله: (أَن لَا تقَاتل)، كلمة لَا زَائِدَة كَمَا فِي قَوْله:{مَا مَنعك أَن لَا تسْجد} (الْأَعْرَاف: 12) وَكَانَ لم يُقَاتل أصلا فِي الحروب الَّتِي جرت بَين الْمُسلمين لَا فِي صفّين وَلَا فِي وقْعَة الْجمل وَلَا فِي محاصرة ابْن الزبير وَغَيرهَا. قَوْله: (اغْترَّ)، من الاغترار بِالْمُعْجَمَةِ وَالرَّاء المكررة أَي: تَأْوِيل هَذِه الْآيَة أحب إليّ من تَأْوِيل الْآيَة الْأُخْرَى الَّتِي فِيهَا تَغْلِيظ شَدِيد وتهديد عَظِيم، وَالْحَاصِل أَن السَّائِل كَانَ يرى قتال من خَالف الإِمَام الَّذِي يعْتَقد طَاعَته، وَكَانَ ابْن عمر يرى ترك الْقِتَال فِيمَا يتَعَلَّق بِالْملكِ، وَالظَّاهِر أَن السَّائِل كَانَ هَذَا من الْخَوَارِج فَإِنَّهُم كَانُوا يتولون الشَّيْخَيْنِ ويخطؤن عُثْمَان وعليا فَرد عَلَيْهِ ابْن عمر بِذكر مناقبهما ومنزلتهما من النَّبِي صلى الله عليه وسلم، والاعتذار عَمَّا عابوا بِهِ عُثْمَان من الْفِرَار يَوْم أحد وَغَابَ عَن بدر وَعَن بيعَة الرضْوَان. قَوْله:(إِذْ كَانَ)، أَي: حِين كَانَ. قَوْله: (يفتن فِي دينه)، على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله:(يقتلوه) ، حذف النُّون مِنْهُ بِلَا جازم وَلَا ناصب، وَهِي لُغَة وَكَذَلِكَ يوثقوه، وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) إِمَّا يقتلونه وَإِمَّا يوثقونه، هَذَا هُوَ الصَّوَاب، وَرِوَايَة يقتلوه ويوثقوه، غير صَوَاب لِأَن: إِمَّا هُنَا عاطفة مكررة وَإِنَّمَا تجزم إِذا كَانَت شرطا. قلت: لَا تسلم أَنه غير صَوَاب بل هُوَ صَوَاب كَمَا ذَكرْنَاهُ لِأَنَّهُ لُغَة لبَعض الْعَرَب وَهِي فصيحة، وَكَون: إِمَّا تَتَضَمَّن معنى الشَّرْط لَيْسَ بمجمع عَلَيْهِ. قَوْله: (وَهَذِه ابْنَته أَو بَيته) ، بِالشَّكِّ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَكَذَا قَالَ الْكشميهني بِالشَّكِّ وَلَكِن قَالَ: أَو أبيته، بِصِيغَة جمع الْقلَّة فِي الْبَيْت وَهُوَ شَاذ وَهَذِه أنث بِاعْتِبَار الْبقْعَة. قَوْله:(ترَوْنَ)، أَي: بَين حجر النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَبَين قربه صلى الله عليه وسلم مَكَانا ومكانة.
4651 -
ح دَّثنا أحْمَدُ بنُ يُونُسَ حدَّثنا زُهَيْرٌ حدَّثنا بَيَانٌ أنَّ وَبَرَةَ حَدَّثَهُ قَالَ حدَّثني سَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا أوْ إلَيْنَا ابنُ عُمَرَ فَقَالَ رَجُلٌ كَيْفَ ترَى فِي قِتالِ الْفِتْنَةِ فَقَالَ وَهَلْ تَدْرِي مَا الْفِتْنَةُ كَانَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم يُقَاتِلُ المُشْرِكِينَ وَكَانَ الدُّخُولُ عَلَيْهِمْ فِتْنَةٌ وَلَيْسَ كَقِتَالِكُمْ عَلَى المُلْكِ.
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور وَهُوَ مُخْتَصر مِنْهُ، وَيحْتَمل أَن يَكُونَا وَاقِعَتَيْنِ وَأحمد بن يُونُس هُوَ أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس الْيَرْبُوعي الْكُوفِي وَقد نسب إِلَى جده، وَزُهَيْر هُوَ ابْن مُعَاوِيَة، وَبَيَان، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالنون ابْن بشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين ووبرة، بِفَتْح الْوَاو