الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ارْفَعْ رَأْسك وسَلْ تُعْطَهْ وقُلْ يُسْمَعْ واشْفَعْ تُشفَعْ فأرْفَعْ رَأسِي فأحْمَدُهُ بتَحْمِيدٍ يُعلِّمُنِيهِ ثُمَّ أشْفعُ فيَحُد لِي حَدا فأُدْخِلُهُمُ الْجنَّة ثُمَّ أعُودُ إليْهِ فإِذَا رَأيْتُ رَبِّي مِثْلَهُ ثُمَّ أشْفَعُ فيَحُدُّ لِي حَدًّا فأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ ثُمَّ أعُودُ الثَّالِثَةَ ثُمَّ أعودُ الرَّابِعَةَ فأقُولُ مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إلَاّ مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ الخُلُودُ قَالَ أبُوا عبْدِ الله إلَاّ مَنْ حبَسَهُ القُرْآنُ يَعْنِي قَوْلَ الله تَعالى خالِدِينَ فِيهَا. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وعلمك أَسمَاء كل شَيْء) وَأخرجه من طَرِيقين: الأول: عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم الْأَزْدِيّ القصاب الْبَصْرِيّ عَن هِشَام الدستوَائي عَن قَتَادَة عَن أنس. وَالثَّانِي: عَن خَليفَة بن خياط عَن يزِيد من الزِّيَادَة ابْن زُرَيْع مصغر زرع عَن سعيد بن أبي عرُوبَة الْبَصْرِيّ عَن قَتَادَة عَن أنس.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي كتاب التَّوْحِيد فِي قَول الله تَعَالَى: {لما خلقت بيَدي} (ص: 75) عَن معَاذ بن فضَالة عَن هِشَام عَن قَتَادَة عَن أنس الخ بِطُولِهِ وَأخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن أبي الْأَشْعَث. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الزّهْد عَن نصر بن عَليّ.
قَوْله: (وَقَالَ لي خَليفَة) فِي الطَّرِيق الثَّانِي هُوَ على سَبِيل المذاكرة، وَقيل: هُوَ بِمَنْزِلَة التحديث على رأى من رَآهُ، وَقيل: روى البُخَارِيّ عَن خَليفَة هَذَا فِي عشرَة مَوَاضِع مَقْرُونا ومنفرداً، وَالْغَالِب أَنه إِذا أفرده ذكره بِصِيغَة: قَالَ لي. قَوْله: (وعلمك أَسمَاء كل شَيْء)، أَي: كل شَيْء من سَائِر الْأَشْيَاء حَتَّى الْقَصعَة والقصيعة، رُوِيَ ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس، وَقيل: علمه أَسمَاء مَعْدُودَة، وَفِيه أَرْبَعَة أَقْوَال: الأول: أَنه علمه أَسمَاء الْمَلَائِكَة. الثَّانِي: أَنه علمه أَسمَاء الْأَجْنَاس دون أَنْوَاعهَا كَقَوْلِك: وَملك. الثَّالِث: أَنه علمه أَسمَاء مَا خلق الله فِي الأَرْض من الدو اب والهوام وَالطير. الرَّابِع: أَنه علمه أَسمَاء ذُريَّته. فَإِن قلت: هَل التَّعْلِيم مَقْصُور على الإسم دون الْمَعْنى أَو عَلَيْهِمَا؟ قلت: فِيهِ قَولَانِ. قَوْله: (حَتَّى يُرِيحنَا)، بِضَم الْيَاء وبالراء: من الإراحة، وَقيل: بالزاي، يَعْنِي: يذهبنا ويبعدنا عَن هَذَا الْمَكَان، وَهُوَ موقف العرصات عِنْد الْفَزع الْأَكْبَر. قَوْله:(لست هُنَاكُم)، يَعْنِي: لم يخبر أَن لَهُ ذَلِك، وَهنا، للقريب، وَالْكَاف، للخطاب. قَوْله:(وَيذكر ذَنبه)، وَهُوَ قرْبَان الشَّجَرَة وَالْأكل مِنْهَا. قَوْله:(فَإِنَّهُ أول رَسُول) أَي فَإِن نوحًا عليه السلام، أول رَسُول من الرُّسُل الَّذين أرسلهم الله. فَإِن قلت: آدم هُوَ أول الرُّسُل؟ قلت: مَعْنَاهُ: أول رَسُول أرْسلهُ الله بعد الطوفان، وَقيل: آدم كَانَ نَبيا لَا رَسُولا، وَهُوَ غير صَحِيح، لِأَنَّهُ أول رَسُول أرْسلهُ الله بالإنذار لأولاده والإرشاد لَهُم. قَوْله:(وَيذكر سُؤَاله ربه مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ علم) وَهُوَ قَوْله: {رب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين ديارًا} (نوح: 26) . قَوْله: (قتل النَّفس) هُوَ قَتله القبطي، قَوْله:(وَكلمَة الله وروحه) قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمَسِيح عِيسَى ابْن مَرْيَم رَسُول الله وكلمته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وروح مِنْهُ} (النِّسَاء: 171) قيل لَهُ: كلمة الله، لِأَنَّهُ وجد بِكَلِمَة: كن، وروح الله بقوله:{فنفخنا فِيهِ من رُوحنَا} (الْأَنْبِيَاء: 91) والحصول الرّوح فِيمَن أَحَي من الْمَوْتَى، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: هُوَ كلمة الله لِأَنَّهُ قد وجد بِأَمْر الله وكلمته من غير وَاسِطَة أَب ونطفة، وروح الله لِأَنَّهُ ذُو روح وجد من غير جُزْء من ذِي روح كالنطفة الْمُنْفَصِلَة من الْأَب الْحَيّ، وَإِنَّمَا اخترع اختراعاً من عِنْد الله تَعَالَى. قَوْله:(حَتَّى اسْتَأْذن على رَبِّي)، وَفِي رِوَايَة: فِي دَاره، فَمَعْنَاه: دَاره الَّتِي خلقهَا الْعِبَادَة، كَمَا قيل: بَيت الله للكعبة والمساجد. قَوْله: (تشفع) على صِيغَة الْمَجْهُول بتَشْديد الْفَاء، أَي تقبل شفاعتك. قَوْله:(فيحدلي حدا)، أَي: يعين لي قوما. قَوْله: (إلَاّ من حَبسه الْقُرْآن)، أَي: إلَاّ من حكم عَلَيْهِ الْقُرْآن بِالْحَبْسِ وَالْخُلُود فِي النَّار قَالَ تَعَالَى: {خَالِدين فِيهَا} ، أَي الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ، وَهُوَ معنى قَوْله:(وَوَجَب عَلَيْهِ الخلود)، أَي: فِي النَّار. قَوْله: (وَقَالَ أَبُو عبد الله) هُوَ البُخَارِيّ نَفسه، أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن معنى قَوْله: (حَبسه الْقُرْآن هُوَ قَوْله تَعَالَى: {خَالِدين فِيهَا} فَإِن قلت: فِي هَذَا الحَدِيث: إِنَّهُم يخرجُون من النَّار بشفاعة النَّبِي صلى الله عليه وسلم. وَقد جَاءَ فِي رِوَايَة: فَأمر الْمَلَائِكَة أَن يخرجُوا قوما من النَّار. قلت: لَا مُنَافَاة فِيهِ لأَنهم قد يؤمرون أَن يخرجوهم بشفاعة النَّبِي صلى الله عليه وسلم.
2 -
(بابٌ)
أَي: هَذَا بَاب، كَذَا وَقع بِلَا تَرْجَمَة فِي رِوَايَة الْكل.
قَالَ مُجاهِدٌ إلَى شياطِينِهِمْ أصْحابِهِمْ مِنَ المُنافِقِينَ والمُشْرِكِينَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا خلوا إِلَى شياطينهم} (الْبَقَرَة: 14) وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله عبد بن حميد عَن شَبابَة عَن وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد، وَرُوِيَ عَن قَتَادَة قَالَ: إِلَى إخْوَانهمْ من الْمُشْركين ورؤوسهم، وَمعنى: خلوا رجعُوا، وَيجوز أَن يكون من الْخلْوَة يُقَال: خلوت بِهِ وخلوت مَعَه وخلوت إِلَيْهِ وَالْكل بِمَعْنى وَاحِد، والشيطان المتمرد العاتي من الْجِنّ وَالْإِنْس وَمن كل شَيْء، واشتقاقه من: شطن، أَي: بعد عَن الْخَيْر، وَقيل: من شاط يشيط إِذا التهب وَاحْتَرَقَ، فعلى الأول النُّون أَصْلِيَّة، وعَلى الثَّانِي زَائِدَة.
مُحِيطٌ بالكافِرِينَ: الله جامِعُهُمْ
أَشَارَ بِهِ إِلَى آخر قَوْله تَعَالَى: {أَو كصيب من السَّمَاء فِيهِ ظلمات ورعد وبرق يجْعَلُونَ أَصَابِعهم فِي آذانهم من الصَّوَاعِق حذر الْمَوْت وَالله مُحِيط بالكافرين} . وَفَسرهُ بقوله: (الله جامعهم) وَهَذَا وَصله عبد بن حميد بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور عَن مُجَاهِد، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وإحاطة الله بالكافرين مجَاز، وَالْمعْنَى أَنهم لَا يفوتونه كَمَا لَا يفوت المحاط بِهِ الْمُحِيط حَقِيقَة، وَهَذِه الْجُمْلَة اعْتِرَاض لَا مَحل لَهَا. انْتهى. قلت: هِيَ جملَة إسمية، فالجملة لَا يكون لَهَا مَحل من الْإِعْرَاب إلَاّ إِذا وَقعت فِي موقع الْمُفْرد، وَمعنى قَوْله: مجَاز، اسْتِعَارَة تمثيلية شبه حَاله تَعَالَى مَعَ الْكفَّار فِي أَنهم لَا يفوتونه وَلَا محيص لَهُم من عَذَابه بِحَال الْمُحِيط بالشَّيْء لِأَنَّهُ لَا يفوتهُ المحاط.
صبْغَةٌ دِينٌ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن الصبغة الَّتِي فِي قَوْله تَعَالَى: {صبغة الله} (الْبَقَرَة: 138) مفسرة: بِالدّينِ، وَكَذَا فَسرهَا مُجَاهِد، رَوَاهُ عَنهُ عبد بن حميد من طَرِيق مَنْصُور عَنهُ قَالَ: صبغة الله، أَي: دين الله، وَرُوِيَ من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَنهُ، قَالَ: صبغة الله أَي: فطْرَة الله.
عَلَى الخَاشِعِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ حَقًّا
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَول الله تَعَالَى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصبرِ وَالصَّلَاة وَإِنَّهَا الْكَبِيرَة إلَاّ على الخاشعين} (الْبَقَرَة: 45) ثمَّ فسر الخاشعين بقوله: (على الْمُؤمنِينَ حَقًا) وَوَصله عبد بن حميد عَن شَبابَة بالسند الْمَذْكُور عَن مُجَاهِد، وروى ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أبي الْعَالِيَة قَالَ: فِي قَوْله تَعَالَى: {إلَاّ على الخاشعين} (الْبَقَرَة: 45) يَعْنِي: الْخَائِفِينَ، وَمن طَرِيق مقَاتل بن حبَان، قَالَ: يَعْنِي بِهِ المتواضعين.
قَالَ مُجاهِدٌ بقُوَّةٍ يَعْمَلُ بِمَا فِيهِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {خُذُوا مَا آتيناكم بِقُوَّة} (الْبَقَرَة: 63 93) ثمَّ فسر الْقُوَّة بقوله: (يعْمل بِمَا فِيهِ)، وَعَن أبي الْعَالِيَة: الْقُوَّة الطَّاعَة، وَعَن قَتَادَة وَالسُّديّ: الْقُوَّة الْجد وَالِاجْتِهَاد.
وَقَالَ أَبُو الْعالِيَةِ مَرَضٌ شَكٌّ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فِي قُلُوبهم مرض فَزَادَهُم الله مَرضا} ثمَّ حكى عَن أبي الْعَالِيَة أَنه قَالَ: مرض شكّ، وَوصل هَذَا ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أبي جَعْفَر الرَّازِيّ عَن أبي الْعَالِيَة، واسْمه: رفيع بن مهْرَان الريَاحي.
وَمَا خَلْفَها عِبْرَةٌ لِمَنْ بَقِيَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فجعلناها نكالاً لما بَين يَديهَا وَمَا خلفهَا وموعظة لِلْمُتقين} (الْبَقَرَة: 66) ثمَّ فسر قَوْله: {وَمَا خلفهَا} بقوله: (عِبْرَة لمن بَقِي) وَمعنى الْآيَة: فجعلناها، أَي: المسخة الَّتِي تفهم من قَوْله قبل هَذَا: {فَقُلْنَا لَهُم كونُوا قردة خَاسِئِينَ فجعلناها نكالا} أَي: عِبْرَة، تنكل من اعْتبر بهَا، أَي: تَمنعهُ، وَمِنْه النكل وَهُوَ الْقَيْد. قَوْله:{لما بَين يَديهَا} (الْبَقَرَة: 65) أَي: لما قبلهَا. قَوْله: {وَمَا خلفهَا} (الْبَقَرَة: 66) أَي، وَمَا بعْدهَا من الْأُمَم والقرون، وَفسّر البُخَارِيّ قَوْله:(وَمَا خلفهَا) بقوله: (عِبْرَة لمن بَقِي) بعدهمْ من النَّاس، وَكَذَا فسره أَبُو الْعَالِيَة، وَرَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أبي جَعْفَر عَنهُ، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وَقيل: نكالاً عُقُوبَة منكلة لما بَين يَديهَا لأجل مَا تقدمها من الذُّنُوب وَمَا تَأَخّر مِنْهَا.
لَا شِيَةَ لَا بَياضَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {إِنَّهَا بقرة لَا ذَلُول تثير الأَرْض وَلَا تَسْقِي الْحَرْث مسلمة لَا شية فِيهَا} ثمَّ فسر قَوْله: (لَا شية)، بقوله (لَا بَيَاض) وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: لَا شية فِيهَا: لَا لمْعَة فِي بقيتها من لون آخر سوى الصُّفْرَة، فَهِيَ صفراء كلهَا حَتَّى قرنها وظلفها،
والشية فِي الأَصْل مصدر وشاه وشياً وشيه إِذا خلط بلونه لون آخر قلت: أصل شية، وشي حذفت الْوَاو مِنْهُ ثمَّ عوض عَنْهَا التَّاء كَمَا فِي عدَّة.
وَقَالَ غيْرُهُ
أَي: غير أبي الْعَالِيَة، وَهُوَ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام، وَأَبُو عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى، وَأَرَادَ بِهَذَا: أَن تَفْسِير الْأَلْفَاظ الْمَذْكُورَة إِلَى هُنَا من قَول أبي الْعَالِيَة الْمَذْكُور، وَالَّذِي بعْدهَا من قَول غَيره.
يَسُومُونَكُمْ: يُولُونَكُمْ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {يسومونكم سوء الْعَذَاب} (الْبَقَرَة: 49)، ثمَّ فسر قَوْله:{يسومونكم} (الْأَعْرَاف: 141) بقوله: {يولونكم} (إِبْرَاهِيم: 6) بِضَم الْيَاء وَسُكُون الْوَاو، وَهُوَ تَفْسِير أبي عُبَيْدَة. وَقَالَ الطَّبَرِيّ: معنى يسومونكم يوردونكم أَو يذيقونكم أَو يولونكم، وَقيل: مَعْنَاهُ يصرفونكم فِي الْعَذَاب مرّة كَذَا وَمرَّة كَذَا، كَمَا يفعل فِي الْإِبِل السَّائِمَة.
الولايَةُ مَفْتُوحَةُ مَصْدَرُ الوَلاءِ وهْيَ الرُّبُوبِيَّةُ وَإذَا كُسِرَتِ الواوُ فَهِيَ الإِمارَةُ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {هُنَالك الْولَايَة لله الْحق} (الْكَهْف: 44) قَوْله: (مَفْتُوحَة) أَي: حَال كَونهَا مَفْتُوحَة، الْوَاو مصدر الْوَلَاء، وَهِي الربوبية، وَمن أَسمَاء الله تَعَالَى: الْوَالِي، وَهُوَ مَالك الْأَشْيَاء جَمِيعهَا المنصرف فِيهَا، وَمن أَسْمَائِهِ: الْوَلِيّ لأمور الْعَالم وَالْخَلَائِق الْقَائِم بهَا. قَوْله: (وَإِذا كسرت الْوَاو) أَي: الْوَاو الَّتِي فِي: الْولَايَة، فَتكون بِمَعْنى: الْإِمَارَة، بسكر الْهمزَة، وَهَذَا كَلَام أبي عُبَيْدَة حَيْثُ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى:{هُنَالك الْولَايَة لله الْحق} ، الْولَايَة بِالْفَتْح مصدر الْوَلِيّ، وبالكسر مصدر وليت الْعَمَل وَالْأَمر تليه.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ الحُبُوبُ الَّتي تُؤْكَلُ كلُّها فومٌ
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فَادع لنا رَبك يخرج لنا مِمَّا تنْبت الأَرْض من بقلها وقثائها وفومها} (الْبَقَرَة: 61) وَحكى عَن الْبَعْض وَأَرَادَ بِهِ عَطاء وَقَتَادَة: الْحُبُوب الَّتِي تُؤْكَل كلهَا فوم، بِالْفَاءِ، وَهَكَذَا حَكَاهُ الْفراء عَنْهُمَا فِي:(مَعَاني الْقُرْآن) حَيْثُ قَالَ: كل حب يختبز، وروى ابْن جرير الطَّبَرِيّ وَابْن أبي حَاتِم من طرق عَن ابْن عَبَّاس وَمُجاهد وَغَيرهمَا: أَن الفوم الْحِنْطَة، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: البقل مَا أنبتته الأَرْض من الْخضر، وَالْمرَاد بِهِ أطايب الْبُقُول الَّتِي يأكلها النَّاس: كالنعناع والكرفس والكراث وأشباهها والفوم الْحِنْطَة، وَمِنْه: فوموا لنا، أَي: اخبزوا، وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود وَطَلْحَة وَالْأَعْمَش: الثوم، بالثاء الْمُثَلَّثَة، وَبِه فسره سعيد بن جُبَير وَغَيره.
وَقَالَ قَتادَةُ فَباؤُوا فانْقَلَبُوا
أَي: قَالَ قَتَادَة بن دعامة السدُوسِي فِي تَفْسِير. قَوْله: {فباؤوا بغضب من الله} أَي: فانقلبوا، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: فباؤوا، من قَوْلك: بَاء فلَان بفلان إِذا كَانَ حَقِيقا بِأَن يقتل بِهِ لمساواته لَهُ ومكافأته، أَي: صَارُوا أحقاء بغضبه، وَقَالَ الزّجاج: البوء التَّسْوِيَة، بقوله: باؤوا، أَي: اسْتَوَى عَلَيْهِم غضب الله، وَيُقَال: البوء الرُّجُوع أَي: رجعُوا وَانْصَرفُوا بذلك، وَهُوَ قريب من تَفْسِير قَتَادَة.
وَقَالَ غيْرُهُ يَسْتَفْتِحُونَ يَسْتَنْصِرُونَ
أَي: وَقَالَ غير قَتَادَة، وَهُوَ أَبُو عُبَيْدَة إِن معنى قَوْله: تَعَالَى: {وَكَانُوا من قبل يستفتحون على الَّذين كفرُوا} (الْبَقَرَة: 89) يَعْنِي: يستنصرون، وروى الطَّبَرِيّ من طَرِيق الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس: يستظهرون، قَالَ الله تَعَالَى:{وَلما جَاءَهُم مَا عرفُوا كفرُوا بِهِ فلعنة الله على الْكَافرين} قَوْله: {وَلما جَاءَهُم} أَي: الْيَهُود {كتاب من عِنْد الله} وَهُوَ الْقُرْآن الَّذِي أنزل على مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم {مُصدق لما مَعَهم} يَعْنِي: من التَّوْرَاة، قَوْله:(وَكَانُوا أَي الْيَهُود: من قبل، أَي: من قبل مجيبي الْقُرْآن على لِسَان هَذَا الرَّسُول يستنصرون بمجيئه على أعدائهم من الْمُشْركين إِذا قاتلوهم، فَيَقُولُونَ: إِنَّه سيبعث نَبِي فِي آخر الزَّمَان نقتلكم مَعَه قتل عَاد) . قَوْله: {فَلَمَّا جَاءَهُم مَا عرفُوا} يَعْنِي: فَلَمَّا بعث مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ورأوه وعرفوه {كفرُوا بِهِ فلعنة الله على الْكَافرين} قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: أَي: عَلَيْهِم، وضعا للظَّاهِر مَوضِع الْمُضمر، وَاللَّام للْعهد، وَيجوز أَن يكون للْجِنْس. ويدخلوا فِيهِ دُخُولا أولياً.
شَرَوْا باعُوا
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {ولبئس مَا شروا بِهِ أنفسهم} (الْبَقَرَة: 102) ثمَّ فسره بقوله: (باعوا) وَكَذَا أخرجه ابْن أبي