الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَذُو الْحجَّة وَالْمحرم وَرَجَب مُضر الَّذِي بَين جُمَادَى وَشَعْبَان) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَعبد الله بن عبد الْوَهَّاب أَبُو مُحَمَّد الحَجبي الْبَصْرِيّ وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ وَمُحَمّد هُوَ ابْن سِيرِين وَابْن أبي بكرَة هُوَ عبد الرَّحْمَن يروي عَن أَبِيه أبي بكرَة نفيع بن الْحَارِث والْحَدِيث مضى فِي أَوَائِل بَدْء الْخلق فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُحَمَّد بن الْمثنى عَن عبد الْوَهَّاب عَن أَيُّوب عَن مُحَمَّد بن سِيرِين إِلَى آخِره قَوْله إِن الزَّمَان المُرَاد بِهِ السّنة قد اسْتَدَارَ المُرَاد بالاستدارة انْتِقَال الزَّمَان إِلَى هَيئته الأولى وَذَلِكَ أَن الْعَرَب كَانُوا يؤخرون الْمحرم إِلَى صفر وَهُوَ النسيء لِيُقَاتِلُوا فِيهِ ويفعلون ذَلِك سنة بعد سنة فَينْتَقل الْمحرم من شهر إِلَى شهر حَتَّى يَجْعَلُوهُ فِي جَمِيع شهور السّنة قَوْله كَهَيْئَته أَي على الْوَضع الَّذِي كَانَ قبل النسيء لَا زَائِدا فِي الْعدَد وَلَا مغيرا كل شهر عَن مَوْضِعه قَوْله مُتَوَالِيَات أَي مُتَتَابِعَات قَوْله وَرَجَب مُضر إِنَّمَا أضيف رَجَب إِلَى مُضر الَّتِي هِيَ الْقَبِيلَة لأَنهم كَانُوا يعظمونه وَلم يغيروه عَن مَكَانَهُ وَرَجَب من الترجيب وَهُوَ التَّعْظِيم وَيجمع على أرجاب ورجاب ورجبات وَقَوله بَين جُمَادَى وَشَعْبَان تَأْكِيد وَالْمرَاد بجمادى جُمَادَى الْآخِرَة وَقد يذكر وَيُؤَنث فَيُقَال جُمَادَى الأول وَالْأولَى وجمادى الآخر وَالْآخِرَة وَيجمع على جمادات كحبارى وحباريات وَسمي بذلك لجمود المَاء فِيهِ قلت كَأَنَّهُ حِين وضع أَولا اتّفق جمود المَاء فِيهِ وَإِلَّا فالشهور تَدور -
9 -
(بابُ قَوْلِهِ: {ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الغارِ إذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إنَّ الله مَعَنا} (التَّوْبَة: 40) أَي: ناصِرُنا)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {ثَانِي اثْنَيْنِ} إِلَى آخِره، وَلَيْسَ فِي بعض النّسخ لفظ: بَاب، وَقيل: ثَانِي اثْنَيْنِ {إلَاّ تنصروه فقد نَصره الله إِذا خرجه الَّذين كفرُوا ثَانِي اثْنَيْنِ إِذْ هما فِي الْغَار} الْآيَة. قَوْله: (إِلَّا تنصروه) أَي إلَاّ تنصرُوا رَسُوله مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، فَإِن الله ناصره ومؤيده وكافيه وحافظه كَمَا تولى نَصره (إِذْ أخرجه الَّذين كفرُوا) أَي حِين أخرجه مشركو مَكَّة وَذَلِكَ عَام الْهِجْرَة حِين هموا بقتْله أَو حَبسه أَو نَفْيه. قَوْله:(ثَانِي اثْنَيْنِ) أَي: أحد الْإِثْنَيْنِ، كَقَوْلِك: ثَالِث ثَلَاثَة، وهما رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَأَبُو بكر الصّديق رضي الله عنه. وانتصابه على الْحَال، وقرىء: ثَانِي اثْنَيْنِ، بِالسُّكُونِ قَوْله:(إِذْ هما) بدل من قَوْله: (إِذْ أخرجه الَّذين كفرُوا) والغار ثقب فِي أَعلَى ثَوْر وَهُوَ جبل مَشْهُور بالمفجر من خلف مَكَّة من طَرِيق الْيمن، وَهُوَ الْمَعْرُوف بثور أطحل، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وَهُوَ جبل فِي يمنى مَكَّة على مسيرَة سَاعَة. قَوْله: (إِذْ يَقُول:) بدلٌ ثانٍ. قَوْله: (لصَاحبه) هُوَ أَبُو بكر رضي الله عنه. قَوْله: (أَي ناصرنا) هَذَا تَفْسِير قَوْله: (مَعنا) .
السكِينَةُ فَعِيلَةٌ مِنَ السُّكُونِ
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله: {فَأنْزل الله سكينته عَلَيْهِ وأيده} الْآيَة، ثمَّ أَشَارَ إِلَى أَن وزن السكينَة: فعيلة، وَأَنه مُشْتَقّ من السّكُون، وَفِي التَّفْسِير:{فَأنْزل الله سكينته عَلَيْهِ} أَي: تأييده، وَنَصره عَلَيْهِ أَي: على رَسُوله فِي أشهر الْقَوْلَيْنِ، وَقيل: على أبي بكر رضي الله عنه، وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَغَيره، قَالُوا: لِأَن الرَّسُول لم تزل مَعَه سكينَة، وَهَذَا لَا يُنَافِي تَجْدِيد سكينَة خَاصَّة بِتِلْكَ الْحَال، وَلِهَذَا قَالَ:{أيده بِجُنُود لم تَرَوْهَا} أَي: الْمَلَائِكَة.
4663 -
ح دَّثنا عبْدُ الله بن مُحَمَّدٍ حَدثنَا حَبَّانُ حَدثنَا هَمَّامٌ حدّثنا ثابِتٌ حَدثنَا أنَسٌ قَالَ حدّثني أبُو بَكرٍ رضي الله عنه قَالَ كُنْتُ مَعَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْغارِ فَرَأيْتُ آثارَ المُشْرِكِينَ قُلْتُ يار سُولَ الله لوْ أنَّ أحَدَهُمْ رَفَعَ قَدَمَهُ رَآنا قَالَ مَا ظَنَّكَ بإثْنَيْنِ الله ثالِثُهُما. (انْظُر الحَدِيث 3653 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعبد الله بن مُحَمَّد أَبُو جَعْفَر الْجعْفِيّ البُخَارِيّ الْمَعْرُوف بالسندي، وحبان، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن هِلَال الْبَاهِلِيّ، وَهَمَّام بتَشْديد الْمِيم الأولى ابْن يحيى العوذي، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو وبالذال الْمُعْجَمَة، وثابت بن أسلم الْبنانِيّ وَلم يَأْتِ إِسْنَاد إِلَى هُنَا مثل هَذَا الْإِسْنَاد، فَإِن رُوَاته كلهم بِالتَّحْدِيثِ الصّرْف، والْحَدِيث مضى فِي مَنَاقِب أبي بكر رضي الله عنه، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُحَمَّد بن سِنَان عَن همام
…
إِلَى آخِره. وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
4664 -
ح دَّثنا عبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حدّثنا ابنُ عُيَيْنَةَ عنِ ابنِ جُرَيْجٍ عنِ ابنِ أبي مُلَيْكَةَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّهُ قَالَ حِينَ وقَعَ بَيْنَهُ وبَيْنَ ابنِ الزُّبَيْرِ قُلْتُ أبُوهُ الزُّبَيْرُ وأُمُّهُ أسْماءُ وخالَتُهُ عائِشَةُ وجَدَّهُ أبُو بَكْرٍ وجَدَّتُهُ صَفِيَّةُ فَقُلْتُ لِسُفْيانَ إسْنادُهُ فَقَالَ حدّثنا فَشَغَلَهُ إنْسانٌ ولَمْ يَقلِ ابنُ جُرَيْجٍ.
عبد الله بن مُحَمَّد هَذَا هُوَ الْمَذْكُور فِيمَا قبله فَإِنَّهُ أخرج عَنهُ فِي هَذَا الْبَاب ثَلَاثَة أَحَادِيث مُتَوَالِيَات كَمَا ترَاهُ، وَيُمكن أَن يكون وَجه الْمُطَابقَة فِي هَذَا الحَدِيث للتَّرْجَمَة وَفِي الحَدِيث الَّذِي بعده من حَيْثُ كَونهم من رِوَايَة عبد الله بن مُحَمَّد، ويكتفي بِهَذَا الْمِقْدَار على أَن فِي هَذَا الحَدِيث ذكر أَسمَاء وَعَائِشَة فِي معرض فضيلتهما المستلزمة لفضل أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَفِي التَّرْجَمَة الْإِشْعَار بِفضل أبي بكر.
وَابْن عُيَيْنَة هُوَ سُفْيَان، وَابْن جريج هُوَ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج، وَابْن أبي مليكَة هُوَ عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي مليكَة، وَقد تكَرر ذكرهم.
قَوْله: (حِين وَقع بَينه وَبَين ابْن الزبير) أَي: حِين وَقع بَين ابْن عَبَّاس وَبَين عبد الله بن الزبير. رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَذَلِكَ بِسَبَب الْبيعَة، وَمُلَخَّص ذَلِك أَن مُعَاوِيَة لما مَاتَ امْتنع ابْن الزبير من الْبيعَة ليزِيد بن مُعَاوِيَة وأصر على ذَلِك، وَلما بلغه خبر موت يزِيد بن مُعَاوِيَة دَعَا ابْن الزبير إِلَى نَفسه فبويع بالخلافة وأطاعه أهل الْحجاز ومصر وعراق وخراسان وَكثير من أهل الشَّام، ثمَّ جرت أُمُور حَتَّى آلت الْخلَافَة إِلَى عبد الْملك، وَذَلِكَ كُله فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ، وَكَانَ مُحَمَّد بن عَليّ بن أبي طَالب الْمَعْرُوف بِابْن الْحَنَفِيَّة وَعبد الله بن عَبَّاس مقيمين بِمَكَّة مُنْذُ قتل الْحُسَيْن، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فدعاهما ابْن الزبير إِلَى الْبيعَة لَهُ فامتنعا وَقَالا: لَا نُبَايِع حَتَّى يجْتَمع النَّاس على خَليفَة، وتبعهما على ذَلِك جمَاعَة فَشدد عَلَيْهِم ابْن الزبير وحصرهم فَبلغ الْخَبَر الْمُخْتَار بن أبي عبيد وَكَانَ قد غلب على الْكُوفَة وَكَانَ فر مِنْهُ من كَانَ من قبل ابْن الزبير، فَجهز إِلَيْهِم جَيْشًا فأخرجوهما واستأذنوهما فِي قتال ابْن الزبير فامتنعا، وخرجا إِلَى الطَّائِف فأقاما بهَا حَتَّى مَاتَ ابْن عَبَّاس فِي سنة ثَمَان وَسِتِّينَ، ورحل ابْن الْحَنَفِيَّة بعده إِلَى جِهَة رضوى جبل يَنْبع فَأَقَامَ هُنَاكَ، ثمَّ أَرَادَ دُخُول الشَّام فَتوجه إِلَى نَحْو أَيْلَة فَمَاتَ فِي آخر سنة ثَلَاثَة أَو أول سنة أَربع وَسبعين، وَذَلِكَ عقيل قتل ابْن الزبير على الصَّحِيح. قَوْله:(قلت أَبوهُ الزبير) ، الْقَائِل هُوَ ابْن أبي مليكَة يعدد بِهَذَا إِلَى آخِره شرف ابْن الزبير وفضله واستحقاقه الْخلَافَة مثل الَّذِي يُنكر على ابْن عَبَّاس على امْتِنَاعه من الْبيعَة لَهُ، يَقُول: أَبوهُ عبد الله هُوَ الزبير بن الْعَوام أحد الْعشْرَة المبشرة بِالْجنَّةِ. وَأمه أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق، وخالته عَائِشَة لِأَنَّهَا أُخْت أَسمَاء، وجدته صَفِيَّة بنت عبد الْمطلب وَهِي أم الزبير. قَوْله:(فَقلت لِسُفْيَان)، الْقَائِل هُوَ عبد الله بن مُحَمَّد شيخ البُخَارِيّ. قَوْله:(إِسْنَاده)، أَي: اذكر إِسْنَاده، وَيجوز بِالرَّفْع على تَقْدِير: مَا هُوَ إِسْنَاده. قَوْله: (فَقَالَ: حَدثنَا)، أَي: قَالَ سُفْيَان: حَدثنَا فَشَغلهُ إِنْسَان بِكَلَام أَو نَحوه وَلم يقل حَدثنَا ابْن جريج، وَقَالَ الْكرْمَانِي: قد ذكر الْإِسْنَاد أَولا فَمَا معنى السُّؤَال عنة؟ ثمَّ أجَاب عَن كَيْفيَّة العنعنة بِأَنَّهَا بالواسطة وبدونها. قلت: فَلذَلِك أخرج البُخَارِيّ الحَدِيث من وَجْهَيْن آخَرين على مَا يَجِيء الْآن لأجل الِاسْتِظْهَار.
4665 -
ح دَّثني عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حدَّثني يَحْيَى بنُ مُعِينٍ حدَّثنا حَجَّاجٌ قَالَ ابنُ جُرَيْجٍ قَالَ ابنُ أبِي مُلَيْكَةَ وَكَانَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ فَغَدَوْتُ عَلَى ابنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ أتُرِيدُ أنْ تُقَاتِلَ ابنَ الزُّبَيْرِ فَتُحِلُّ حَرَمَ الله فَقال مَعاذَ الله إنَّ الله كَتَبَ ابنَ الزُّبَيْرِ وَبَنِي أُمَيَّةَ مُحِلِّينَ وَإنِّي وَالله لَا أُحِلُّهُ أبَدا قَالَ قَالَ النَّاسُ بَايِعْ لابْنِ الزُّبَيْرٍ فَقُلْتُ وَأيْنَ بِهَذا الأمْرِ عَنْهُ أمّا أبُوهُ فَحَوَارِيَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ الزُّبَيْرَ وَأمَّا جَدُّهُ فَصَاحِبُ الغَارِ يُريدُ أبَا بَكْرٍ وَأمَّا أُمُّهُ فَذَاتُ النِّطاق يُرِيدُ أسْمَاءَ وَأمَّا خَالَتُهُ فَأُمُّ المُؤْمِنِينَ يُرِيدُ عَائِشَةَ وَأمّا عَمَّتُهُ فَزَوْجُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ خَدِيجَةَ
وَأمَّا عَمَّةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَدَّتُهُ يُرِيدُ صَفِيَّةَ ثُمَّ عَفِيفٌ فِي الإسْلامِ قَارِىءٌ لِلْقُرْآنِ وَالله إنْ وَصَلُونِي وَصَلُونِي مِنْ قَرِيبٍ وَإنْ رَبُّونِي رَبُّونِي أكْفاءٌ كِرَامٌ فَآثَرَ التُّوَيْتاتِ وَالأُساماتِ وَالحُمِيدَاتِ يُرِيدُ أبْطُنا مِنْ بَنِي أسَدٍ بَنِي تُوَيْتٍ وَبَنِي أُسَامَةَ وَبَنِي حُمَيْدٍ إنَّ ابنَ أبِي العَاصِ بَرَزَ يَمْشِي القُدَمِيَّةَ يَعْنِي عَبْدَ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ وَأنَّهُ لَوَّى ذَنْبَهُ يَعْنِي ابنَ الزُّبَيْرِ. .
هَذَا الحَدِيث الثَّالِث من الْأَحَادِيث الثَّلَاثَة الَّتِي أخرجهَا عَن عبد الله بن مُحَمَّد الْمَذْكُور، وَهُوَ يرويهِ عَن يحيى بن معِين، بِضَم الْمِيم، ابْن عون أبي زَكَرِيَّا الْبَغْدَادِيّ عَن حجاج بن مُحَمَّد المصِّيصِي إِلَى آخِره.
قَوْله: (وَكَانَ بَينهمَا) أَي: بَين ابْن عَبَّاس وَابْن الزبير، وَلَكِن لم يجر ذكرهمَا فَأَعَادَ الضَّمِير إِلَيْهِمَا اختصارا. قَوْله:(شَيْء) يَعْنِي: مِمَّا يصدر بَين المتخاصمين، وَقيل: الَّذِي وَقع بَينه وَبَين ابْن الزبير كَانَ فِي بعض قِرَاءَة الْقُرْآن. قَوْله: (فَغَدَوْت)، من الغدو وَهُوَ الذّهاب. قَوْله:(فَقلت: أَتُرِيدُ) ؟ الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل الْإِنْكَار يُخَاطب بِهِ ابْن أبي مليكَة ابْن عَبَّاس. قَوْله: (فَتحل)، بِالنّصب من الْإِحْلَال. قَوْله:(حرم الله) بِالنّصب على المفعولية، ويروى:(فَتحل مَا حرم الله) أَي: من الْقِتَال فِي الْحرم. قَوْله: (فَقَالَ: معَاذ الله) أَي: فَقَالَ ابْن عَبَّاس: العوذ بِاللَّه على إحلال الْحرم. قَوْله: (إِن الله كتب ابْن الزبير) أَي: قدر ابْن الزبير وَبني أُميَّة محلين بِكَسْر اللَّام، أرادتهم كَانُوا محلين يَعْنِي مبيحين الْقِتَال فِي الْحرم، وَكَانَ ابْن الزبير يُسمى الْمحل. قَوْله:(وَإِنِّي وَالله لَا أحله) ، من كَلَام ابْن عَبَّاس، أَي: لَا أحل الْحرم أبدا. وَهَذَا مَذْهَب ابْن عَبَّاس أَنه لَا يُقَاتل فِي الْحرم وَإِن قوتل فِيهِ. قَوْله: (قَالَ: قَالَ النَّاس) ، الْقَائِل هُوَ ابْن عَبَّاس، وناقل ذَلِك عَنهُ هُوَ ابْن أبي مليكَة، وَالْمرَاد بِالنَّاسِ من كَانَ من جِهَة ابْن الزبير. قَوْله:(بَايع) أَمر من الْمُبَايعَة. قَوْله: (فَقلت)، قَائِله ابْن عَبَّاس. قَوْله:(وَأَيْنَ بِهَذَا الْأَمر عَنهُ) ؟ أَرَادَ بِالْأَمر الْخلَافَة، يَعْنِي: لَيست بعيدَة عَنهُ لما لَهُ من الشّرف من قَوْله: أما أَبوهُ إِلَى آخِره، أَي: أما أَبُو عبد الله وَهُوَ الزبير بن الْعَوام فحواري النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَقد مضى فِي مَنَاقِب الزبير عَن جَابر. قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: (إِن لكل نَبِي حواريا وَإِن حوارِي الزبير بن الْعَوام) والحواري النَّاصِر الْخَالِص. قَوْله: (يُرِيد الزبير) أَي: يُرِيد ابْن عَبَّاس بقوله: فحواري النَّبِي صلى الله عليه وسلم. الزبير بن الْعَوام، قَوْله:(وَأمه) أَي: وَأم عبد الله بن الزبير. قَوْله: (فذات النطاق) وَسميت أمه بِذَات النطاق لِأَنَّهَا شقَّتْ نطاقها السفرة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وسقائه عِنْد الْهِجْرَة. قَوْله: (يُرِيد أَسمَاء)، يَعْنِي: يُرِيد ابْن عَبَّاس بقوله: ذَات النطاق أَسمَاء بنت أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله:(وَأما خَالَته)، أَي خَالَة عبد الله فَهِيَ أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة أُخْت أَسمَاء. قَوْله:(وَأما عمته) فَهِيَ: أم الْمُؤمنِينَ خَدِيجَة بنت خويلد بن أَسد، وَهِي أُخْت الْعَوام بن خويلد، وَأطلق عَلَيْهَا عمته تجوزا لِأَنَّهَا عمَّة أَبِيه على مَا لَا يخفى. قَوْله:(وَأما عمَّة النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فجدته) أَي: جدة عبد الله بن الزبير. وَهِي صَفِيَّة بنت عبد الْمطلب. قَوْله: (ثمَّ عفيف) أَي: ثمَّ هُوَ يَعْنِي عبد الله عفيف، وانتقل من بَيَان نسبه الشريف إِلَى بَيَان صِفَاته الذاتية الحميدة بِكَلِمَة ثمَّ الَّتِي هِيَ للتعقيب، وَأَرَادَ بالعفة فِي الْإِسْلَام النزاهة عَن الْأَشْيَاء الَّتِي تشين الرجل، والعفة أَيْضا الْكَفّ عَن الْحرم وَالسُّؤَال من النَّاس. قَوْله:(وَالله إِن وصلوني) ، إِلَى آخِره من كَلَام ابْن عَبَّاس أَيْضا فِيهِ عتب على ابْن الزبير وشكر بني أُميَّة، وَأَرَادَ بقوله:(إِن وصلوني) بني أُميَّة من صلَة الرَّحِم. وَفَسرهُ بقوله: (وصلوني من قريب) أَي: من أجل الْقَرَابَة، وَذَلِكَ أَن ابْن عَبَّاس هُوَ عبد الله بن عَبَّاس بن عبد الْمطلب بن هَاشم بن عبد منَاف، وَأُميَّة بن عبد شمس بن عبد منَاف. قَوْله:(وَإِن ربوني) بِفَتْح الرَّاء وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة المضمومة من التربية. قَوْله: (ربوني أكفاء)، من قبيل: أكلوني البراغيث. وَأَصله: ربني أكفاء، وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني على الأَصْل، وارتفاع أكفاء بقوله: ربوني أَو رَبِّي، على الرِّوَايَتَيْنِ، والأكفاء جمع كُفْء من الْكَفَاءَة فِي النِّكَاح، وَهُوَ فِي الأَصْل بِمَعْنى النظير والمساوي. قَوْله:(كرام) ، جمع كريم وَهُوَ الْجَامِع لأنواع الْخَيْر والشرف والفضائل، وروى ابْن مخنف الْأنْصَارِيّ بِإِسْنَادِهِ أَن ابْن عَبَّاس لما حَضرته الْوَفَاة بِالطَّائِف جمع بنيه فَقَالَ: يَا بني إِن ابْن الزبير لما خرج بِمَكَّة شددت أزره ودعوت
النَّاس إِلَى بيعَته وَتركت بني عمنَا من بني أُميَّة الَّذين إِن قتلونا قتلونا أكفاء وَأَن ربونا ربونا كراما فَلَمَّا أصَاب مَا أصَاب جفاني. قَوْله: (فآثر التويتات) أَي: اخْتَار التويتات والأسامات والحميدات عَليّ وَرَضي بهم وَأَخذهم، وَفِي رِوَايَة ابْن قُتَيْبَة: فشددت على عضده فآثر عَليّ فَلم أَرض بالهوان، وآثر بِالْمدِّ، وَوَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني: فَأَيْنَ، بِسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالنون وَهُوَ تَصْحِيف، والتويتات، بِضَم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَفتح الْوَاو وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف بعْدهَا تَاء مثناة من فَوق أُخرى جمع تويت وَهُوَ ابْن الْحَارِث بن عبد الْعُزَّى بن قصي، والأسامات، جمع أُسَامَة نِسْبَة إِلَى بني أُسَامَة بن أَسد ابْن عبد الْعُزَّى، والحميدات، نِسْبَة إِلَى بني حميد بن زُهَيْر بن الْحَارِث بن أَسد بن عبد الْعُزَّى، فَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة من بني عبد الْعُزَّى. قَوْله:(يُرِيد أبطنا)، يَعْنِي: ابْن عَبَّاس من هَذِه الثَّلَاثَة أبطنا جمع بطن وَهُوَ مَا دون الْقَبِيلَة وَفَوق الْفَخْذ، وَيجمع على بطُون أَيْضا. قَوْله:(من بني أَسد بن تويت)، قَالَ عِيَاض: وَصَوَابه يُرِيد أبطنا من بني أَسد بن تويت، وَكَذَا وَقع فِي (مستخرج) أبي نعيم. قَوْله:(وَبني أُسَامَة)، أَي: وَمن بني أُسَامَة. قَوْله: (وَبني حميد)، أَي: وَمن بني حميد، وَذكر ابْن عَبَّاس هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة على سَبِيل التحقير والتقليل، فَلذَلِك جمعهم بِجمع الْقلَّة حَيْثُ قَالَ أبطنا. قَوْله:(أَن ابْن أبي الْعَاصِ برز)، أَي: ظهر، وَهُوَ عبد الْملك بن مَرْوَان بن الحكم بن أبي الْعَاصِ نِسْبَة إِلَى جد أَبِيه. قَوْله:(يمشي القدمية)، بِفَتْح الْقَاف وَفتح الدَّال وَضمّهَا وسكونها وَكسر الْمِيم وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف. قَالَ عبيد: يَعْنِي يمشي التَّبَخْتُر ضربه، مثلا لركوبه معالي الْأُمُور وسعى فِيهَا وَعمل بهَا، وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة: القدمية هِيَ التقدمة، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الَّذِي عِنْد البُخَارِيّ: القدمية، مَعْنَاهُ: تقدمه فِي الشّرف وَالْفضل، وَالَّذِي جَاءَ فِي كتب الْغَرِيب، والتقدمية واليقدمية. بِالتَّاءِ وَالْيَاء، يَعْنِي: التَّقَدُّم، وَعند الْأَزْهَرِي بِالْيَاءِ أُخْت الْوَاو، وَعند الْجَوْهَرِي بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق، وَقيل: إِن اليقدمية بِالْيَاءِ أُخْت الْوَاو وَهُوَ التَّقَدُّم بالهمة، وَفِي (الْمطَالع) رَوَاهُ بعض اليقدمية: بِفَتْح الدَّال وَضمّهَا وَالضَّم صَحَّ عَن شَيخنَا أبي الْحسن. قَوْله: (وَأَنه) أَي: وَأَن ابْن الزبير. قَوْله: (لوى ذَنبه) أَي: ثناه وَصَرفه، يُقَال: لوى فلَان ذَنبه وَرَأسه وَعطفه إِذا ثناه وَصَرفه، ويروى بِالتَّشْدِيدِ للْمُبَالَغَة وَهُوَ مثل لترك المكارم والزوغان عَن الْمَعْرُوف وإيلاء الْجَمِيل، وَقيل: هُوَ كِنَايَة عَن التَّأَخُّر والتخلف، وَيُقَال: هُوَ كِنَايَة عَن الْجُبْن وإيثار الدعة، وَقَالَ الدَّاودِيّ: الْمَعْنى أَنه وقف فَلم يتَقَدَّم وَلم يتَأَخَّر وَلَا وضع الْأَشْيَاء فأدنى الْكَاشِح وأقصى الناصح وَقَالَ ابْن التِّين: معنى: لوى ذَنبه، لم يتم لَهُ مَا أَرَادَهُ وَكَانَ الْأَمر كَمَا ذكر، والآن عبد الْملك لم يزل فِي تقدم من أمره إِلَى أَن استنقذ الْعرَاق من ابْن الزبير وَقتل أَخَاهُ مصعبا، ثمَّ جهر العساكر إِلَى ابْن الزبير فَكَانَ من الْأَمر مَا وَقع، وَكَانَ وَلم يزل ابْن الزبير فِي تَأَخّر إِلَى أَن قتل.
4666 -
ح دَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ بنِ مَيْمُونٍ حدَّثنا عِيسَى بنُ يُونُسَ عَنْ عُمَرَ بنِ سَعِيدٍ قَالَ أخْبَرَنِي ابنُ أبِي مُلَيْكَةَ دَخَلْنَا عَلَى ابنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ أَلا تَعْجَبُونَ لابنِ الزُّبَيْرٍ قَامَ فِي أمْرِهِ هَذَا فَقُلْتُ لأَحَاسِبَنَّ نَفْسِي لَهُ مَا حَاسَبْتُها لأبِي بَكْرٍ وَلا لِعُمَرَ وَلَهُمَا كَانَا أوْلَى بِكُلِّ خَيْرٍ مِنْهُ وَقُلْتُ ابْن عَمَّةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وابنُ الزُّبَيْرِ وَابنُ أبِي بَكْرٍ وَابنُ أخِي خَدِيجَةَ وَابنُ أُخْتِ عَائِشَةَ فَإذَا هُوَ يَتَعَلَّى عَنِّي وَلا يُرِيدُ ذَلِكَ فَقُلْتُ مَا كُنْتُ أظُنَّ أنِّي أعْرِضُ هَذا مِنْ نَفْسِي فَيَدَعُهُ وَمَا أُرَاهُ يُرِيدُ خَيْرا وإنْ كَانَ لَا بُدَّ لأنْ يَرُبَّنِي بَنُو عَمِّي أحَبُّ إلَيَّ مِنْ أنْ يَرُ بَّنِي غَيْرُهُمْ.
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور أخرجه عَن مُحَمَّد بن عبيد بن مَيْمُون الْمَدِينِيّ، وَيُقَال لَهُ: مُحَمَّد بن أبي عباد عَن عِيسَى بن يُونُس بن أبي إِسْحَاق الْهَمدَانِي الْكُوفِي عَن عمر بن سعيد بن أبي حُسَيْن النَّوْفَلِي الْقرشِي الْمَكِّيّ عَن عبد الله بن أبي مليكَة إِلَى آخِره.
قَوْله: (قَامَ فِي أمره) أَي: فِي الْخلَافَة. قَوْله: (لأحاسبن نَفسِي) أَي: لأناقشنها لَهُ. أَي: لِابْنِ الزبير، وَقيل: لأطالبن نَفسِي بمراعاته وَحفظ حَقه ولأنافسن فِي معونته ولاستقصين عَلَيْهَا فِي النصح لَهُ والذب عَنهُ. قَوْله: (مَا حاسبتها)