الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
84 -
(بَاب مَرَضِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ووَفاتِهِ)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مرض النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَبَيَان وَقت وَفَاته، وَلَا خلاف أَنه صلى الله عليه وسلم توفّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ، وروى الإِمَام أَحْمد من حَدِيث عَائِشَة، قَالَت: توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم الْإِثْنَيْنِ وَدفن لَيْلَة الْأَرْبَعَاء، وَتفرد بِهِ، وَعَن عُرْوَة: توفّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ حِين زاغت الشَّمْس لهِلَال ربيع الأول، وَعَن الْأَوْزَاعِيّ: توفّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ قبل أَن ينشب النَّهَار، وَفِي حَدِيث أبي يعلى بِإِسْنَادِهِ عَن أنس أَنه توفّي آخر يَوْم الْإِثْنَيْنِ، وروى الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادِهِ عَن سُلَيْمَان بن طرخان التَّيْمِيّ فِي كتاب الْمَغَازِي، قَالَ: مرض النَّبِي صلى الله عليه وسلم لإثنين وَعشْرين لَيْلَة من صفر، وبدىء وَجَعه عِنْد وليدة لَهُ يُقَال لَهَا: رَيْحَانَة، كَانَت من سبي الْيَهُود، وَكَانَ أول يَوْم مرض يَوْم السبت، وَكَانَت وَفَاته يَوْم الْإِثْنَيْنِ لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول لتَمام عشر سِنِين من مقدمه الْمَدِينَة. وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: حَدثنَا أَبُو معشر عَن مُحَمَّد بن قيس، قَالَ: اشْتَكَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم الْأَرْبَعَاء لإحدى عشرَة لَيْلَة بقيت من صفر سنة إِحْدَى عشرَة فِي بَيت زَيْنَب بنت جحش شكوى شَدِيدَة، فاجتمعت عِنْده نساؤه كُلهنَّ، فاشتكى ثَلَاثَة عشر يَوْمًا، وَتُوفِّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ لليلتين خلتا من ربيع الأول سنة إِحْدَى عشرَة. وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: قَالُوا: بديء برَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم الْأَرْبَعَاء لليلتين بَقِيَتَا من سفر، وَتُوفِّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة من ربيع الأول، وَبِه جزم مُحَمَّد بن سعد كَاتبه، وَزَاد: وَدفن يَوْم الْأَرْبَعَاء. وَعَن الْوَاقِدِيّ من حَدِيث أم سَلمَة: أَنه بدىء بِهِ فِي بَيت مَيْمُونَة، وَقَالَ ابْن إِسْحَاق: توفّي لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة خلت من ربيع الأول فِي الْيَوْم الَّذِي قدم فِيهِ الْمَدِينَة مُهَاجرا، وَعَن يَعْقُوب بن سُفْيَان عَن ابْن بكير عَن اللَّيْث، أَنه قَالَ: توفّي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم الْإِثْنَيْنِ لليلة خلت من ربيع الأول، وَقَالَ سعد بن إِبْرَاهِيم الزُّهْرِيّ: توفّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ لليلتين خلتا من ربيع الأول، وَقَالَ أَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن: توفّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ مستهل ربيع الأول، وروى سيف بن عمر بِإِسْنَادِهِ عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: لما قضى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حجَّة الْوَدَاع ارتحل فَأتى الْمَدِينَة وَأقَام بهَا ذَا الْحجَّة ومحرم وصفر، وَمَات يَوْم الْإِثْنَيْنِ لثاني عشر خلون من ربيع الأول من سنة إِحْدَى عشرَة. وَقَالَ السُّهيْلي فِي (الرَّوْض) لَا يتَصَوَّر وُقُوع وَفَاته صلى الله عليه وسلم يَوْم الِاثْنَيْنِ ثَانِي عشر ربيع الأول من سنة إِحْدَى عشرَة، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وقف فِي حجَّة الْوَدَاع سنة عشر يَوْم الْجُمُعَة، وَكَانَ أول ذِي الْحجَّة يَوْم الْخَمِيس، فعلى تَقْدِير أَن تحسب الشُّهُور تَامَّة أَو نَاقِصَة أَو بَعْضهَا تَامّ وَبَعضهَا نَاقص لَا يتَصَوَّر أَن يكون يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثَانِي عشر ربيع الأول. وَأجِيب: باخْتلَاف الْمطَالع بِأَن يكون أهل مَكَّة رَأَوْا هِلَال ذِي الْحجَّة لَيْلَة الْخمس، وَأما أهل الْمَدِينَة فَلم يروه إِلَّا لَيْلَة الْجُمُعَة.
وقَوْل الله تَعَالَى: {إنَّك مَيِّتٌ وإنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إنَّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} (الزمر: 31)
وَقَول الله تَعَالَى، بِالْجَرِّ عطف على قَوْله: مرض النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَالتَّقْدِير: وَفِي بَيَان قَول الله تَعَالَى: إِنَّك ميت: إِلَى آخِره، وَجه ذكر هَذِه الْآيَة جُزْءا من التَّرْجَمَة لأجل صِحَة الْجُزْء الثَّانِي من التَّرْجَمَة الَّتِي هِيَ قَوْله: بَاب مرض النَّبِي صلى الله عليه وسلم ووفاته، حَتَّى لَا يُنكر إِطْلَاق الْمَوْت على النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَكَيف يُنكر وَقد خَاطب الله تَعَالَى نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله:{إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون} ؟ فَأخْبر الله تَعَالَى بِأَن الْمَوْت يعمهم، وَكَانَ مشركو قُرَيْش يتربصون برَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَوته، فَأخْبر الله تَعَالَى أَن لَا معنى للتربص وَأنزل:{إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون} وَقَالَ قَتَادَة: نعيت إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، نَفسه ونعيت إِلَيْكُم أَنفسكُم. قَوْله:{ثمَّ إِنَّكُم} أَي: إِنَّك وإياهم، فغلب ضمير الْمُخَاطب على ضمير الْغَائِب:{يَوْم الْقِيَامَة عِنْد ربكُم تختصمون} فتحتج عَلَيْهِم بأنك بلغت، ويعتذرون بمالاً طائل تَحْتَهُ، يَقُول الأتباع: أَطعْنَا سادتنا وكبراءنا، وَتقول السادات: أغوتنا الشَّيَاطِين وآباؤنا الأقدمون.
4428 -
وَقَالَ يُونُسُ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ عُرْوَةُ قالتْ عائِشَةُ رضي الله عنها كَانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي ماتَ فِيهِ يَا عائِشَةُ مَا أزَالُ أجدُ ألَمَ الطعامِ الَّذِي أكَلْت بخيْبَرَ فهَذَا أوَانُ وجَدْتُ انْقِطاعَ أبْهَرِي مِنْ ذالِكَ السُّمِّ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَيُونُس هُوَ ابْن يزِيد الْأَيْلِي، وَالزهْرِيّ هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم، وَعُرْوَة هُوَ ابْن الزبير بن الْعَوام.
وَهَذَا مُعَلّق وَصله الْبَزَّار وَالْحَاكِم والإسماعيلي من طَرِيق عَنْبَسَة بن خَالِد عَن يُونُس بِهَذَا الْإِسْنَاد.
وَقَوله: (مَا أزل أجد ألم الطَّعَام) أَي: أحس الْأَلَم فِي جوفي بِسَبَب الطَّعَام، وَقَالَ الدَّاودِيّ: المُرَاد أَنه نقص من لَذَّة ذوقه، وَقَالَ ابْن التِّين: هَذَا لَيْسَ بِشَيْء، لِأَن نقص الذَّوْق لَيْسَ بألم. قَوْله:(فَهَذَا أَوَان) مُبْتَدأ وَخبر، وَقيل: أَوَان، بِالْفَتْح على الظَّرْفِيَّة وبنيت على الْفَتْح لإضافتها إِلَى مبْنى وَهُوَ الْمَاضِي، لِأَن الْمُضَاف والمضاف إِلَيْهِ كالشيء الْوَاحِد. قَوْله:(أَبْهَري) ، بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الْهَاء، وَهُوَ عرق مستبطن الْقلب، قيل: وَهُوَ النياط الَّذِي علق بِهِ الْقلب، فَإِذا انْقَطع مَاتَ، وَقيل: هما أبهران يخرجَانِ من الْقلب ثمَّ يتشعب مِنْهُمَا سَائِر الشرايين، وَقيل: هُوَ عرق فِي الصلب مُتَّصِل بِالْقَلْبِ. قَوْله: (من ذَلِك السم) ، بِفَتْح السِّين وَضمّهَا، الَّذِي سمته تِلْكَ الْمَرْأَة فِي غَزْوَة خَيْبَر، وَاسْمهَا زَيْنَب بنت الْحَارِث، وَقيل: أُخْت مرحب من شجعان أهل خَيْبَر، وَقد مر بَيَانه فِي الْبَاب الَّذِي ذكرت فِي غَزْوَة خَيْبَر حِكَايَة الشَّاة المسمومة.
4429 -
ح دَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ حدَّثنا اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلٍ عنِ ابنِ شهابٍ عَنْ عُبَيْدِ الله ابْن عَبْدِ الله عنْ عبْدِ الله بن عبَّاسٍ رضي الله عنهما عنْ أُمِّ الفَضْلِ بِنْتِ الحَارِثِ قالتْ سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ بالمُرْسَلَاتِ عُرْفاً ثُمَّ مَا صَلَّى لَنا بَعْدَها حَتَّى قَبَضَهُ الله. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (حَتَّى قَبضه الله) . وَهَؤُلَاء الروَاة قد تكَرر ذكرهم. وَأم الْفضل هِيَ وَالِدَة ابْن عَبَّاس، وَهِي بنت الْحَارِث ابْن حزن الْهِلَالِيَّة أُخْت مَيْمُونَة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَاسْمهَا لبَابَة، يُقَال: إِنَّهَا أول امْرَأَة أسلمت بعد خَدِيجَة، وَكَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يزورها ويقيل عِنْدهَا، وروت عَنهُ أَحَادِيث كَثِيرَة. والْحَدِيث قد مر فِي الصَّلَاة فِي: بَاب الْقِرَاءَة فِي الْمغرب.
421 -
(حَدثنَا مُحَمَّد بن عرْعرة حَدثنَا شُعْبَة عَن أبي بشر عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ عمر بن الْخطاب رضي الله عنه يدني ابْن عَبَّاس فَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف إِن لنا أَبنَاء مثله فَقَالَ إِنَّه من حَيْثُ تعلم فَسَأَلَ عمر ابْن عَبَّاس عَن هَذِه الْآيَة {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} فَقَالَ أجل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - أعلمهُ إِيَّاه فَقَالَ مَا أعلم مِنْهَا إِلَّا مَا تعلم) مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله فَقَالَ أجل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وَأَبُو بشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة واسْمه جَعْفَر بن أبي وحشية واسْمه إِيَاس الوَاسِطِيّ والْحَدِيث قد مر فِي غَزْوَة الْفَتْح فِي بَاب مُجَرّد عَن التَّرْجَمَة بأتم مِنْهُ وأطول قَوْله " يدني ابْن عَبَّاس " أَي يقربهُ من نَفسه وَقَوله ابْن عَبَّاس من إِقَامَة الظَّاهِر مقَام الْمُضمر وَمُقْتَضى الْكَلَام أَن يُقَال يُدْنِيه على مَا لَا يخفى
422 -
(حَدثنَا قُتَيْبَة حَدثنَا سُفْيَان عَن سُلَيْمَان الْأَحول عَن سعيد بن جُبَير قَالَ قَالَ ابْن عَبَّاس يَوْم الْخَمِيس وَمَا يَوْم الْخَمِيس اشْتَدَّ برَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وَجَعه فَقَالَ ائْتُونِي أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فتنازعوا وَلَا يَنْبَغِي عِنْد نَبِي تنَازع فَقَالُوا مَا شَأْنه أَهجر استفهموه فَذَهَبُوا يردون عَلَيْهِ فَقَالَ دَعونِي فَالَّذِي أَنا فِيهِ خير مِمَّا تَدعُونِي إِلَيْهِ وأوصاهم بِثَلَاث قَالَ أخرجُوا الْمُشْركين من جَزِيرَة الْعَرَب وأجيزوا الْوَفْد بِنَحْوِ مَا كنت أجيزهم وَسكت عَن الثَّالِثَة أَو قَالَ فنسيتها) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله اشْتَدَّ برَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وَجَعه وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَفِي بعض النّسخ هَكَذَا
والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْعلم فِي بَاب كِتَابَة الْعلم من غير هَذَا الْوَجْه وَمضى أَيْضا فِي الْجِهَاد فِي بَاب جوائز الْوَفْد فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن قبيصَة عَن ابْن عُيَيْنَة إِلَى آخِره وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ ولنذكر بعض شَيْء قَوْله " يَوْم الْخَمِيس " مَرْفُوع على أَنه خبر للمبتدأ الْمَحْذُوف أَي هَذَا يَوْم الْخَمِيس وَيجوز الْعَكْس قَوْله " وَمَا يَوْم الْخَمِيس " مثل هَذَا يسْتَعْمل عِنْد إِرَادَة تفخيم الْأَمر فِي الشدَّة والتعجب مِنْهُ وَزَاد فِي الْجِهَاد من هَذَا الْوَجْه ثمَّ بَكَى حَتَّى خضب دمعه الْحَصَى قَوْله " اشْتَدَّ برَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وَجَعه " زَاد فِي الْجِهَاد يَوْم الْخَمِيس فَهَذَا يدل على تقدم مَرضه عَلَيْهِ قَوْله " ائْتُونِي " أَي بِكِتَاب وَكَذَا هُوَ فِي كتاب الْعلم قَوْله " وَلَا يَنْبَغِي عِنْد نَبِي " قيل هَذَا مدرج من قَول ابْن عَبَّاس وَالصَّوَاب أَنه من الحَدِيث الْمَرْفُوع وَيُؤَيِّدهُ مَا فِي كتاب الْعلم وَلَا يَنْبَغِي عِنْدِي التَّنَازُع قَوْله " أَهجر " بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام الإنكاري عِنْد جَمِيع رُوَاة البُخَارِيّ وَفِي رِوَايَة الْجِهَاد هجر بِدُونِ الْهمزَة وَفِي رِوَايَة الْكشميهني هُنَاكَ هجر هجر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - بتكرار لفظ هجر وَقَالَ عِيَاض معنى هجر أفحش وَيُقَال هجر الرجل إِذا هذى وأهجر إِذا أفحش قلت نِسْبَة مثل هَذَا إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - لَا يجوز لِأَن وُقُوع مثل هَذَا الْفِعْل عَنهُ صلى الله عليه وسلم َ - مُسْتَحِيل لِأَنَّهُ مَعْصُوم فِي كل حَالَة فِي صِحَّته ومرضه لقَوْله تَعَالَى {وَمَا ينْطق عَن الْهوى} وَلقَوْله صلى الله عليه وسلم َ - " إِنِّي لَا أَقُول فِي الْغَضَب وَالرِّضَا إِلَّا حَقًا " وَقد تكلمُوا فِي هَذَا الْموضع كثيرا وَأَكْثَره لَا يجدي وَالَّذِي يَنْبَغِي أَن يُقَال إِن الَّذين قَالُوا مَا شَأْنه أَهجر أَو هجر بِالْهَمْزَةِ وبدونها هم الَّذين كَانُوا قريبي الْعَهْد بِالْإِسْلَامِ وَلم يَكُونُوا عَالمين بِأَن هَذَا القَوْل لَا يَلِيق أَن يُقَال فِي حَقه صلى الله عليه وسلم َ - لأَنهم ظنُّوا أَنه مثل غَيره من حَيْثُ الطبيعة البشرية إِذا اشْتَدَّ الوجع على وَاحِد مِنْهُم تكلم من غير تحر فِي كَلَامه وَلِهَذَا قَالُوا استفهموه لأَنهم لم يفهموا مُرَاده وَمن أجل ذَلِك وَقع بَينهم التَّنَازُع حَتَّى أنكر عَلَيْهِم النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - بقوله وَلَا يَنْبَغِي عِنْد نَبِي التَّنَازُع وَفِي الرِّوَايَة الْمَاضِيَة وَلَا يَنْبَغِي عِنْدِي تنَازع وَمن جملَة تنازعهم ردهم عَلَيْهِ وَهُوَ معنى قَوْله " فَذَهَبُوا يردون عَلَيْهِ " ويروى يردون عَنهُ أَي عَمَّا قَالَه فَلهَذَا قَالَ دَعونِي أَي اتركوني وَالَّذِي أَنا فِيهِ من المراقبة وَالتَّأَهُّب للقاء الله عز وجل فَإِنَّهُ أفضل من الَّذِي تدعونني إِلَيْهِ من ترك الْكِتَابَة وَلِهَذَا قَالَ ابْن عَبَّاس أَن الرزية كل الرزية مَا حَال بَين رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وَبَين أَن يكْتب لَهُم ذَلِك الْكتاب وَقَالَ ابْن التِّين قَوْله " فَذَهَبُوا يردوا عَلَيْهِ " كَذَا فِي الْأُصُول يَعْنِي بِحَذْف النُّون ثمَّ قَالَ وَصَوَابه يردون يَعْنِي بنُون الْجمع لعدم الْجَازِم والناصب وَلَكِن ترك النُّون بدونهما لُغَة بعض الْعَرَب قَوْله " وأوصاهم " أَي فِي تِلْكَ الْحَالة بِثَلَاث أَي بِثَلَاث خِصَال (الأولى) قَوْله " أخرجُوا الْمُشْركين من جَزِيرَة الْعَرَب " وَهِي من العدن إِلَى الْعرَاق طولا وَمن جدة إِلَى الشَّام عرضا قَوْله " وأجيزوا " هِيَ (الثَّانِيَة) من الثَّلَاث الْمَذْكُورَة وَهُوَ بِالْجِيم وَالزَّاي مَعْنَاهُ أعْطوا الْجَائِزَة وَهِي الْعَطِيَّة وَيُقَال أَن أصل هَذَا أَن نَاسا وفدوا على بعض الْمُلُوك وَهُوَ قَائِم على قنطرة فَقَالَ أجيزوهم فصاروا يُعْطون الرجل ويطلقونه فَيجوز على القنطرة مُتَوَجها فسميت عَطِيَّة من يفد على الْكَبِير جَائِزَة وَيسْتَعْمل أَيْضا فِي إِعْطَاء الشَّاعِر على مدحه وَنَحْو ذَلِك قَوْله بِنَحْوِ مَا كنت أجيزهم أَي بِمثلِهِ وَكَانَت جَائِزَة الْوَاحِد على عهد النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - أُوقِيَّة من فضَّة وَهِي أَرْبَعُونَ درهما وَالضَّمِير الْمَنْصُوب فِي أجيزهم يعود إِلَى الْوَفْد الْمَذْكُور تَقْديرا وَهُوَ مفعول قَوْله أجيزوا أَي أجيزوا الْوَفْد وَقد حذف لدلَالَة أجيزوا عَلَيْهِ من حَيْثُ اللَّفْظ وَالْمعْنَى قَوْله " وَسكت عَن الثَّالِثَة " أَي عَن الْخصْلَة الثَّالِثَة قيل الْقَائِل ذَلِك هُوَ سعيد بن جُبَير وَقد صرح الإسمعيلي فِي رِوَايَته بِأَنَّهُ هُوَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَفِي مُسْند الْحميدِي من طَرِيقه وروى أَبُو نعيم فِي الْمُسْتَخْرج قَالَ سُفْيَان قَالَ سُلَيْمَان بن أبي مُسلم لَا أَدْرِي أذكر سعيد بن جُبَير الثَّالِثَة فنسيتها أَو سكت عَنْهَا وَهَذَا هُوَ الْأَظْهر الْأَقْرَب وَاخْتلفُوا فِي الثَّالِثَة مَا هِيَ فَقَالَ الدَّاودِيّ الْوَصِيَّة بِالْقُرْآنِ وَبِه قَالَ ابْن التِّين وَقَالَ الْمُهلب تجهيز جَيش أُسَامَة وَبِه قَالَ ابْن بطال وَرجحه وَقَالَ عِيَاض هِيَ قَوْله لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي وثنا يعبد فَإِنَّهَا ثبتَتْ فِي الْمُوَطَّأ مقرونة بِالْأَمر بِإِخْرَاج الْيَهُود وَقيل يحْتَمل أَن يكون مَا وَقع فِي حَدِيث أنس أَنَّهَا قَوْله الصَّلَاة وَمَا ملكت أَيْمَانكُم قَوْله " أَو قَالَ فنسيتها " شكّ من الرَّاوِي -
4432 -
حدّثنا عليُّ بنُ عَبْدِ الله حَدثنَا عبْدُ الرَّزَّاقِ أخبرنَا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ عُبَيْدِ الله بن عبْدِ الله بنِ عُتْبَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ لمَّا حُضِرَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم وَفِي البَيْتِ رجالٌ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم هَلُمُّوا أكْتُبْ لَكُمْ كِتاباً لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ فَقال بَعْضُهُمُ إنَّ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَدْ غَلَبَهُ الوَجَعُ وعِنْدَكُمُ القُرْآنُ حَسْبُنا كِتابُ الله فاخْتَلَفَ أهْلُ البَيْتِ واخْتَصَمُوا فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُول قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ كِتاباً لَا تضِلُّوا بَعْدَهُ ومِنْهُمْ مَن يَقُولُ غَيْرَ ذالِكَ فَلَمَّا أكْثَرُوا اللَّغْوَ وَالإخْتِلَاف قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قُومُوا قَالَ عُبَيْدُ الله فكانَ يَقُولُ ابنُ عبَّاسٍ إنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حالَ بَيْنَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وبَيْنَ أنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذالِكَ الكِتابَ لاخْتِلَافِهِمْ ولَغَطهِمْ. .
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس الْمَذْكُور.
قَوْله: (لما حضر) ، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر الضَّاد الْمُعْجَمَة، على صِيغَة الْمَجْهُول يُقَال: حضر فلَان واحتضر إِذا دنا مَوته، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: وَرُوِيَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة، وَقيل: هُوَ تَصْحِيف. قَوْله: (وَفِي الْبَيْت رجال)، أَي: وَالْحَال أَن فِي بَيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم رجال من الصَّحَابَة، وَلم يرد أهل بَيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قَوْله:(لَا تضلوا)، ويروى: لَا تضلون بنُون الْجمع على اخْتِلَاف كلمة: لَا فَإِن كَانَت: لَا، الناهية فَتتْرك النُّون، وَإِن كَانَت: لَا، للنَّفْي فبالنون. قَوْله:(قومُوا)، أَي: قومُوا عني، وَهَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة ابْن سعد. قَوْله:(إِن الرزية)، بِفَتْح الرَّاء وَكسر الزَّاي وَتَشْديد الْيَاء: الْمُصِيبَة. قَوْله: (ولغطهم) اللَّغط بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وبالطاء الْمُهْملَة: الصَّوْت والصياح.
424 -
(حَدثنَا يسرة بن صَفْوَان بن جميل اللَّخْمِيّ حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعد عَن أَبِيه عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت دَعَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فَاطِمَة عليها السلام فِي شكواه الَّذِي قبض فِيهِ فسارها بِشَيْء فَبَكَتْ ثمَّ دَعَاهَا فسارها بِشَيْء فَضَحكت فَسَأَلْنَاهُ عَن ذَلِك فَقَالَت سَارَّنِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - أَنه يقبض فِي وَجَعه الَّذِي توفّي فِيهِ فَبَكَيْت ثمَّ سَارَّنِي فَأَخْبرنِي أَنِّي أول أَهله يتبعهُ فَضَحكت) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله " فِي شكواه الَّذِي قبض فِيهِ " ويسرة بِالْيَاءِ آخر الْحُرُوف وَالسِّين الْمُهْملَة وَالرَّاء المفتوحات ابْن صَفْوَان بن جميل بِفَتْح الْجِيم اللَّخْمِيّ بِفَتْح اللَّام وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة نِسْبَة إِلَى لخم وَهُوَ مَالك بن عدي بن الْحَارِث سمي لخما لِأَنَّهُ لخم أَي لطم من اللخمة وَهِي اللَّطْمَة وَقَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ لخم وجذام قبيلتان من الْيمن ينْسب إِلَى لخم خلق كثير وَهُوَ من أَفْرَاده مَاتَ سنة خمس عشرَة أَو سِتّ عشرَة وَمِائَتَيْنِ وَقد مر فِي غَزْوَة أحد وَإِبْرَاهِيم بن سعد يروي عَن أَبِيه سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا والْحَدِيث مضى فِي عَلَامَات النُّبُوَّة عَن يحيى بن قزعة عَن إِبْرَاهِيم الخ قَوْله " فِي شكواه " أَي فِي مَرضه وَكَذَلِكَ الشكوى والشكاة والشكاية بِمَعْنى الْمَرَض قَوْله " فسارها " من المساررة قَوْله " فسألنا عَن ذَلِك " ويروي فسألناها عَن ذَلِك أَي سَأَلنَا فَاطِمَة عَن ذَلِك يَعْنِي عَن الْبكاء أَولا وَعَن الضحك ثَانِيًا وَفِي رِوَايَة يحيى بن قزعة قَالَت عَائِشَة فسألتها عَن ذَلِك وَاخْتلف فِيمَا سَارهَا بِهِ ثَانِيًا فَضَحكت فَفِي رِوَايَة عُرْوَة إخْبَاره إِيَّاهَا بِأَنَّهَا أول أَهله لُحُوقا بِهِ وَفِي رِوَايَة مَسْرُوق إخْبَاره إِيَّاهَا بِأَنَّهَا سيدة نسَاء أهل الْجنَّة وروى الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عَائِشَة أَنه قَالَ لفاطمة أَن جِبْرَائِيل عليه السلام أَخْبرنِي أَنه لَيْسَ امْرَأَة من نسَاء الْمُسلمين أعظم ذُرِّيَّة مِنْك فَلَا تَكُونِي أدنى امْرَأَة مِنْهُنَّ صبرا قَوْله " فَقَالَت سَارَّنِي " الخ جَوَاب فَاطِمَة عَن سُؤال عَائِشَة عَن ذَلِك وَلكنهَا مَا أخْبرت بذلك إِلَّا بعد وَفَاة النَّبِي
- صلى الله عليه وسلم َ - وَفِي حَدِيث مَسْرُوق فسألتها عَن ذَلِك فَقَالَت مَا كنت لأفشي سر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - حَتَّى توفّي النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فسألتها فَقَالَت الحَدِيث قَوْله " أول أَهله " ويروى أهل بَيته قَوْله " يتبعهُ " حَال وَقد وَقع مثل مَا قَالَ فَإِنَّهَا كَانَت أول من مَاتَت من أهل بَيت النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - بعده حَتَّى من أَزوَاجه -
4435 -
ح دَّثني مُحَمَّدُ بنُ بَشَّار حَدثنَا غُنْدَرٌ حَدثنَا شُعْبَةُ عنْ سعْدٍ عنْ عُرْوَةَ عنْ عائِشَة قالَتْ كُنْتُ أسْمَعُ أنَّهُ لَا يمُوتُ نبيٌّ حَتَّى يُخَيَّرَ بَيْنَ الدُّنْيا والآخِرَةِ فَسَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقُولُ فِي مَرَضِهِ الذِي ماتَ فِيهِ وأخذَتْهُ بُحَّةٌ يَقُولُ معَ الَّذِينَ أنْعَمَ الله عَلَيْهمْ الْآيَة فَظَنَنْتُ أنهُ خُيِّرَ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فِي مَرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ) . وغندر لقب مُحَمَّد بن جَعْفَر، وَسعد هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور آنِفا فِي الحَدِيث السَّابِق، يروي عَن عُرْوَة بن الزبير.
والْحَدِيث أخرجه أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن حَوْشَب.
قَوْله: (حَتَّى يُخَيّر) ، بِضَم الْيَاء على صِيغَة الْمَجْهُول، وَلم تبين عَائِشَة فِيهِ من الَّذِي كَانَت تسمع مِنْهُ أَنه: لَا يَمُوت نَبِي حَتَّى يُخَيّر بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وبنيت ذَلِك فِي الحَدِيث الَّذِي يَلِيهِ على مَا يَأْتِي. قَوْله:(بحة) ، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الْحَاء الْمُهْملَة، وَهِي شَيْء يعْتَرض فِي مجاري النَّفس فيتغير بِهِ الصَّوْت فيغلظ، يُقَال: بححت، بِالْكَسْرِ بحاً، وَرجل أبح إِذا كَانَ ذَلِك فِيهِ خلقَة، وَقيل: يُقَال رجل بح وابح، وَلَا يُقَال: باح، وَامْرَأَة بحاء. قَوْله:(فَظَنَنْت أَنه خير) ، على صِيغَة الْمَجْهُول، أَي: خير بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَاخْتَارَ الْآخِرَة، وروى أَحْمد من حديت أبي مويهبة، قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِنِّي أُوتيت مَفَاتِيح خَزَائِن الأَرْض والخلد ثمَّ الْجنَّة، فخيرت بَين ذَلِك وَبَين لقاى رَبِّي وَالْجنَّة، فاخترت لِقَاء رَبِّي وَالْجنَّة، وَعند عبد الرَّزَّاق من مُرْسل طَاوس رَفعه: خيرت بَين أَن أبقى حَتَّى أرى مَا يفتح على أمتِي وَبَين التَّعْجِيل، فاخترت التَّعْجِيل.
426 -
(حَدثنَا مُسلم حَدثنَا شُعْبَة عَن سعد عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت لما مرض النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - الْمَرَض الَّذِي مَاتَ فِيهِ جعل يَقُول فِي الرفيق الْأَعْلَى) هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث عَائِشَة عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم الْأَزْدِيّ القصاب الْبَصْرِيّ قَوْله فِي الرفيق الْأَعْلَى قَالَ الْجَوْهَرِي الرفيق الْأَعْلَى الْجنَّة وَكَذَا رُوِيَ عَن ابْن إِسْحَاق وَقيل الرفيق اسْم جنس يَشْمَل الْوَاحِد وَمَا فَوْقه وَالْمرَاد بِهِ الْأَنْبِيَاء عليهم السلام وَمن ذكر فِي الْآيَة وَقَالَ الْخطابِيّ الرفيق الْأَعْلَى هُوَ الصاحب الْمرَافِق وَهُوَ هَهُنَا بِمَعْنى الرفقاء يَعْنِي الْمَلَائِكَة وَقَالَ الْكرْمَانِي الظَّاهِر أَنه مَعْهُود من قَوْله تَعَالَى {وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا} أَي أدخلني فِي جملَة أهل الْجنَّة من النَّبِيين وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ والْحَدِيث الْمُتَقَدّم يشْهد بذلك وَقيل المُرَاد بالرفيق الْأَعْلَى الله سبحانه وتعالى لِأَنَّهُ رَفِيق بعباده وَغلط الْأَزْهَرِي قَائِل ذَلِك وَقيل أَرَادَ رفق الرفيق وَقيل أَرَادَ مرتفق الْجنَّة وَقَالَ الدَّاودِيّ هُوَ اسْم لكل مَا سما وَقَالَ الْأَعْلَى لِأَن الْجنَّة فَوق ذَلِك وَفِي التَّلْوِيح والمفسرون يُنكرُونَ قَوْله وَيَقُولُونَ إِنَّه صحف الرقيع بِالْقَافِ والرقيع من أَسمَاء السَّمَاء ورد على هَذَا بِمَا رُوِيَ من الْأَحَادِيث الَّتِي فِيهَا الرفيق مِنْهَا حَدِيث رَوَاهُ أَحْمد من رِوَايَة الْمطلب عَن عَائِشَة مَعَ الرفيق الْأَعْلَى مَعَ الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم إِلَى قَوْله رَفِيقًا وَمِنْهَا حَدِيث رَوَاهُ النَّسَائِيّ من رِوَايَة أبي بردة بن أبي مُوسَى عَن أَبِيه وَفِيه فَقَالَ أسأَل الله الرفيق الأسعد مَعَ جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل وَمِنْهَا رِوَايَة الزُّهْرِيّ فِي الرفيق الْأَعْلَى وَرِوَايَة عباد عَن عَائِشَة اللَّهُمَّ اغْفِر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الْأَعْلَى وَفِي رِوَايَة عَن ذكْوَان عَن عَائِشَة فَجعل يَقُول فِي الرفيق الْأَعْلَى حَتَّى قبض وَرِوَايَة ابْن أبي مليكَة عَن عَائِشَة وَقَالَ فِي الرفيق الْأَعْلَى وَعَن الْوَاقِدِيّ إِن أول كلمة تكلم بهَا صلى الله عليه وسلم َ - وَهُوَ مسترضع عِنْد حليمة الله أكبر وَآخر كلمة تكلم بهَا كَمَا فِي حَدِيث عَائِشَة فِي الرفيق الْأَعْلَى وروى الْحَاكِم من حَدِيث أنس أَن آخر مَا تكلم بِهِ جلال رَبِّي الرفيع
427 -
(حَدثنَا أَبُو الْيَمَان أخبرنَا شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ قَالَ عُرْوَة بن الزبير إِن عَائِشَة قَالَت
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وَهُوَ صَحِيح يَقُول إِنَّه لم يقبض نَبِي قطّ حَتَّى يرى مَقْعَده من الْجنَّة ثمَّ يحيا أَو يُخَيّر فَلَمَّا اشْتَكَى وحضره الْقَبْض وَرَأسه على فَخذ عَائِشَة غشي عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاق شخص بَصَره نَحْو سقف الْبَيْت ثمَّ قَالَ اللَّهُمَّ فِي الرفيق الْأَعْلَى فَقلت إِذا لَا يجاورنا فَعرفت أَنه حَدِيثه الَّذِي كَانَ يحدثنا وَهُوَ صَحِيح) هَذَا حَدِيث آخر عَن عَائِشَة بِوَجْه آخر عَن أبي الْيَمَان الحكم بن نَافِع عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة إِلَى آخِره قَوْله " ثمَّ يحيا أَو يُخَيّر " شكّ من الرَّاوِي ويحيا بِضَم الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء الْأَخِيرَة أَي ثمَّ يسلم إِلَيْهِ الْأَمر أَو يملك فِي أمره أَو يسلم عَلَيْهِ تَسْلِيم الْوَدَاع قَوْله شخص بَصَره بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة أَي ارْتَفع وَيُقَال شخص بَصَره إِذا فتح عينه وَجعل لَا يطرف قَوْله " إِذا لَا يجاورنا " من الْمُجَاورَة وَرُوِيَ إِذا لَا يختارنا من الِاخْتِيَار وَفِي التَّوْضِيح إِذا لَا يجاورنا بِفَتْح الرَّاء لاعتماد الْفِعْل على إِذا وَإِن اعْتمد على مَا قبلهَا سقط عَملهَا كَمَا فِي قَوْلك أَنا إِذا أزورك فيرفع لاعتماد الْفِعْل على أَنا -
4438 -
ح دَّثنا مُحَمَّدٌ حدَّثنا عَفَّانُ عنْ صَخْرِ بنِ جُوَيْرِيَةَ عنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ القَاسِمِ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ رضي الله عنها دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ أبي بَكْرٍ عَلَى النبيِّ بن وَأَنا مُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْري ومَعَ عَبْدِ الرَّحْمانِ سِوَاكٌ رَطْبٌ يَسْتَنُّ فأبَدَّهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بَصَرَهُ فأخَذْتُ السِّوَاكَ فَقَضِمْتُهُ ونفَضْتُهُ وطَيَّبْتُهُ ثُمَّ دَفَعْتُهُ إِلَى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فاسْتَنَّ بِهِ فَما رَأيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم اسْتنَّ اسْتِناناً قَطُّ أحْسَنَ مِنْهُ فَما عَدَا أنْ فَرَغَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم رَفَعَ يَدَهُ أوْ إِصْبَعَهُ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّفِيقِ الأعْلَى ثَلَاثًا ثُمَّ قَضَى وكَانَتْ تَقُولُ مَاتَ ورأسُهُ بَيْنَ حاقِنَتِي وذَاقِنَتِي. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (ثمَّ قضى وَكَانَت تَقول: مَاتَ) وَمُحَمّد شيخ البُخَارِيّ مُبْهَم، لَكِن الْكرْمَانِي قَالَ: قَوْله: (مُحَمَّد) ، هُوَ ابْن يحيى الذهلي، وَفِي (كتاب رجال الصَّحِيحَيْنِ) مُحَمَّد بن يحيى بن عبد الله بن خَالِد بن فَارس بن ذُؤَيْب أَبُو عبد الله الذهلي النَّيْسَابُورِي روى عَنهُ البُخَارِيّ فِي غير مَوضِع فِي قريب من ثَلَاثِينَ موضعا، وَلم يقل: حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى الذهلي مُصَرحًا، وَيَقُول: حَدثنَا مُحَمَّد، وَلَا يزِيد عَلَيْهِ، وَيَقُول: مُحَمَّد بن عبد الله، فينسبه إِلَى جده، وَيَقُول: مُحَمَّد بن خَالِد، فينسبه إِلَى جد أَبِيه، وَالسَّبَب فِي ذَلِك أَن البُخَارِيّ لما دخل نيسابور شغب عَلَيْهِ مُحَمَّد بن يحيى الذهلي فِي مَسْأَلَة خلق اللَّفْظ، وَكَانَ قد سمع مِنْهُ، فَلم يتْرك الرِّوَايَة عَنهُ وَلم يُصَرح باسمه، مَاتَ بعد البُخَارِيّ بِيَسِير سنة سبع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ. وَعَفَّان، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْفَاء: ابْن مُسلم الصفار، وصخر، بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة وَسُكُون الْخَاء الْمُعْجَمَة: ابْن جوَيْرِية مصغر الْجَارِيَة بِالْجِيم: النميري، يعد فِي الْبَصرِيين، وَعبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم يروي عَن أَبِيه الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق.
قَوْله: (يستن بِهِ) أَي: يستاك، وَقَالَ الْخطابِيّ: أَصله من السن، وَمِنْه: المسن الَّذِي يسن عَلَيْهِ الْحَدِيد. قَوْله: (فأبده)، بِالْبَاء الْمُوَحدَة الْمَفْتُوحَة وَتَشْديد الدَّال أَي: مد نظره إِلَيْهِ، يُقَال: أبددت فلَانا النّظر، إِذا طولته إِلَيْهِ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فأمده، بِالْمِيم مَوضِع الْبَاء. قَوْله:(فقضمته)، بِفَتْح الْقَاف وَكسر الضَّاد الْمُعْجَمَة أَي: مضغته، والقضم الْأَخْذ بأطراف الْأَسْنَان، يُقَال: قضمت الدَّابَّة بِكَسْر الضَّاد شعيرها، تقضمه بِالْفَتْح إِذا مضغته، وَحكى عِيَاض أَن الْأَكْثَر رَوَاهُ بالصَّاد الْمُهْملَة، أَي: كَسرته وقطعته، والقصامة من السِّوَاك مَا يكسر مِنْهُ، وَحكى ابْن التِّين رِوَايَة بِالْفَاءِ وَالصَّاد الْمُهْملَة، وَقيل: إِذا كَانَ بالضاد الْمُعْجَمَة فَيكون قَوْلهَا: فطيبته تَكْرَارا، وَإِن كَانَ بِالْمُهْمَلَةِ فَلَا، لِأَنَّهُ يصير الْمَعْنى: كَسرته لطوله أَو لِأَنَّهُ آلَة الْمَكَان الَّذِي تسوك بِهِ عبد الرَّحْمَن ثمَّ لينته ثمَّ طيبته أَي: بِالْمَاءِ، وَيحْتَمل أَنِّي كَون قَوْله:(طيبته)، تَأْكِيدًا لقَوْله: لينته. قَوْله: (ونفضته) ، بِالْفَاءِ وَالضَّاد الْمُعْجَمَة، قَوْله:(فَمَا عدا أَن فرغ) أَي: مَا عدا الْفَرَاغ من السِّوَاك. قَوْله: (رفع يَده أَو
إصبعه) شكّ من الرَّاوِي. قَوْله: (حاقنتي) ، بِالْحَاء الْمُهْملَة وَكسر الْقَاف، وَهِي النقرة بَين الترقوة وحبل العاتق، وَقيل: المطمئن من الترقوة وَالْحلق، وَقيل: مَا دون الترقوة من الصَّدْر، وَقيل: هُوَ تَحت السُّرَّة، وَقَالَ ابْن فَارس: مَا سفل من الْبَطن. قَوْله: (وذاقنتي) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وبالقاف، وَهِي طرف الْحُلْقُوم، وَقيل: مَا يَنَالهُ الذقن من الصَّدْر، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: والذاقنة جمع ذقن وَهُوَ مجمع أَطْرَاف اللحيين، وَالْحَاصِل أَنه صلى الله عليه وسلم، مَاتَ وَرَأسه بَين حنكها وصدرها فَإِن قلت تَعَالَى: يُعَارضهُ مَا رَوَاهُ الْحَاكِم وَابْن سعد من طَرِيقه: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، مَاتَ وَرَأسه فِي حجر عَليّ رضي الله عنه. قلت: لَا يُعَارضهُ وَلَا يدانيه، لِأَن فِي كل طَرِيق من طرقه شيعي فَلَا يلْتَفت إِلَيْهِم، وَلَئِن سلمنَا فَنَقُول: إِنَّه يحْتَمل أَن يكون على آخِرهم عهدا بِهِ، وَأَنه لم يُفَارِقهُ إِلَى أَن مَاتَ فأسندته عَائِشَة بعده إِلَى صدرها فَقبض.
4439 -
ح دَّثني حِبَّانُ أخبرَنا عبْدُ الله أخْبَرَنا يُونُسُ عنِ ابنِ شِهابٍ قَالَ أخْبَرَني عُرْوَةُ أنَّ عائِشَةَ رضي الله عنها أخْبَرَتْهُ أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم كانَ إذَا اشْتَكَى نَفَثَ عَلَى نَفْسِهِ بالمُعَوِّذَاتِ ومسَحَ عَنْهُ بِيَدِهِ فَلَمَّا اشْتَكَى وجعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ طَفِقْتُ أنْفِثُ عَلَى نَفْسِهِ بِالمُعَوِّذَاتِ الَّتِي كانَ يَنْفِثُ وأمْسَحُ بِيَدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَجَعه الَّذِي مَاتَ فِيهِ) . وحبان، بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة: ابْن مُوسَى الْمروزِي، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الطِّبّ عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله. وَأخرجه مُسلم فِيهِ أَيْضا عَن أبي الطَّاهِر بن السَّرْح، وحرملة بن يحيى.
قَوْله: (إِذا اشْتَكَى)، أَي: إِذا مرض قَوْله: (نفث)، أَي: تفل بِغَيْر ريق أَو مَعَ ريق خَفِيف. قَوْله: (بالمعوذات)، أَي: بِسُورَة: {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} و {قل أعوذ بِرَبّ النَّاس} وَجمع بِاعْتِبَار أَن أقل الْجمع إثنان، أَو أرادهما مَعَ سُورَة الْإِخْلَاص فَهُوَ من بَاب التغليب، وَقيل: المُرَاد بهَا الْكَلِمَات المعوذة بِاللَّه من الشَّيْطَان والأمراض والآفات وَنَحْوهَا. قَوْله: (طفقت) قد ذكرنَا غير مرّة أَنه من أَفعَال المقاربة بِمَعْنى: أخذت أَو شرعت، ويروى: فطفقت، بِالْفَاءِ فِي أَوله. قَوْله:(أنفث)، جملَة حَالية. قَوْله:(وأمسح بيد النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَنهُ)، وَفِي رِوَايَة معمر: وأمسح بيد نَفسه لبركتها، وَهَذَا الحَدِيث وَقع فِي بعض النّسخ رَابِعا بعد قَوْله: وَقَالَ يُونُس.
4440 -
ح دَّثنا مُعَلَّى بنُ أسَدٍ حَدثنَا عبْدُ الْعَزِيزِ بنُ مُخْتارٍ حدَّثنا هِشامُ بنُ عُرْوَةَ عنْ عَبَّادِ بنِ عَبْدِ الله بن الزُّبَيْرِ أنَّ عائِشَةَ أخْبَرَتْهُ أنَّها سَمِعَتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأصْغَتْ إلَيْهِ قَبْلَ أنْ يَمُوتَ وهْوَ مُسْنِدٌ إليَّ ظَهْرَهُ يَقُولُ اللَّهُمَّ أغْفِرْ لِي وارْحَمْنِي وألْحِقْنِي بالرَّفِيقِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (قبل أَن يَمُوت) . وَعباد بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الطِّبّ عَن عبد الله بن أبي شيبَة. وَأخرجه مُسلم فِي فَضَائِل النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن قُتَيْبَة وَغَيره، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الدَّعْوَات عَن هَارُون بن إِسْحَاق وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْوَفَاة فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم.
قَوْله: (وأصغت إِلَيْهِ)، من الإصغاء يُقَال: أصغيت إِلَيْهِ إِذا أملت سَمعك نَحوه. قَوْله: (بالرفيق) قد مر تَفْسِيره، ويروى: بالرفيق الْأَعْلَى.
4441 -
ح دَّثنا الصَّلْتُ بنُ مُحَمَّدٍ حدّثنا أبُو عَوَانَةَ عنْ هِلَالٍ الوَزَّانِ عنْ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ عنْ عائِشَةَ رضي الله عنها قالَتْ قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ لَعَنَ الله اليَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أنْبِيائِهِمْ مَساجِدَ قالَتْ عائِشَةُ لَوْلَا ذالِكَ لأُبَرِزَ قَبْرُهُ خَشِيَ أنْ يُتَّخَذَ مَسْجِداً. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فِي مَرضه الَّذِي لم يقم مِنْهُ) وَأَبُو عوَانَة، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة: الوضاح الْيَشْكُرِي. والْحَدِيث مر فِي كتاب الْجَنَائِز فِي: بَاب مَا يكره من اتِّخَاذ الْمَسَاجِد على الْقُبُور، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبيد الله بن مُوسَى عَن شَيبَان عَن هِلَال إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ. قَوْله:(خشِي) أَي: قَالَت عَائِشَة: خشِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يتَّخذ قَبره مَسْجِدا.
4442 -
ح دَّثنا سَعِيدُ بنُ عُفَيْرٍ قَالَ حدّثني اللَّيْثُ قَالَ حدّثني عُقَيْلٌ عَنِ ابنِ شِهابٍ قَالَ أخْبَرَنِي عُبَيْدُ الله بنُ عبْدِ الله بنِ عُتْبَةَ بنِ مَسْعُودٍ أَن عائِشَةَ زَوْجَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَتْ لمَّا ثَقُلَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم واشْتَدَّ بِهِ وجعُهُ اسْتَأْذَنَ أزْواجَهُ أنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي فأذِنَّ لهُ فَخَرَجَ وهْوَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلَاهُ فِي الأرْضِ بَيْنَ عَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ وبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ قَالَ عُبَيْدُ الله فأخْبَرْتُ عَبْدَ الله بالَّذِي قالَتْ عائِشَةُ فَقَالَ لِي عَبْدُ الله بنُ عَبَّاسٍ هَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عائِشَةُ قَالَ قُلْتُ لَا قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ هُوَ عَلِيٌّ وكانَتْ عائِشَةُ زَوْجُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم تُحَدِّثُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لمَّا دَخَلَ بَيْتِي واشْتَدَّ بِهِ وَجَعهُ قَالَ هَرِيقُوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أوْ كِيَتُهُنَّ لَعَلِّي أعْهَدُ إِلَى النَّاسِ فأجْلَسْنَاهُ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ طفِقْنا نَصُبُّ عليْهِ مِنْ تِلْكَ القِرَبِ حَتَّى طَفِقَ يُشِيرُ إلَيْنَا بِيَدِهِ أنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ قالتْ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَصَلَّى لَهُمْ وخَطَبَهُمْ. .
وَأَخْبرنِي عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة أَن عاشة وَعبد الله بن عَبَّاس رضي الله عنهم قَالَا لما نزل برَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - طفق يطْرَح خميصة لَهُ على وَجهه فَإِذا اغتم كشفها عَن وَجهه وَهُوَ كَذَلِك يَقُول لعنة الله على الْيَهُود وَالنَّصَارَى اتَّخذُوا قُبُور أَنْبِيَائهمْ مَسَاجِد يحذر مَا صَنَعُوا أَخْبرنِي عبيد الله أَن عَائِشَة رضي الله عنها قَالَت لقد راجعت رَسُول الله فِي ذَلِك وَمَا حَملَنِي على كَثْرَة مُرَاجعَته إِلَّا أَنه لم يَقع فِي قلبِي أَن يحب النَّاس بعده رجلا قَامَ مقَامه أبدا وَلَا كنت أرى أَنه لن يقوم أحد مقَامه إِلَّا تشاءم النَّاس بِهِ فَأَرَدْت أَن يعدل ذَلِك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - عَن أبي بكر رَوَاهُ ابْن عمر وَأَبُو مُوسَى وَابْن عَبَّاس رضي الله عنهم عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -) مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعه والْحَدِيث مضى فِي الطَّهَارَة فِي بَاب الْوضُوء وَالْغسْل فِي المخضب والقدح فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله إِلَى قَوْله " أَن قد فعلتن " وَفِي الْهِبَة فِي بَاب هبة الرجل لامْرَأَته مضى من قَوْله قَالَت عَائِشَة لما ثقل النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - إِلَى قَوْله قَالَ هُوَ عَليّ بن أبي طَالب وَفِي الْخمس فِي بَاب مَا جَاءَ فِي بيُوت أَزوَاج النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - مضى من قَوْله لما ثقل النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - اسْتَأْذن أَزوَاجه أَن يمرض فِي بَيْتِي فَأذن لَهُ ذكر هَذَا الْمِقْدَار وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ فِي هَذِه الْأَبْوَاب ولنذكر مَا لم يذكر فِيهَا قَوْله " لما ثقل " أَي فِي وَجَعه قَوْله " أَن يمرض " على صِيغَة الْمَجْهُول من التمريض وَهُوَ تعاهد الْمَرِيض وَالنَّظَر فِي حَاله وَالْقِيَام بخدمته قَوْله " فَأذن " بتَشْديد النُّون فعل جمَاعَة النِّسَاء من الْمَاضِي من الْإِذْن قَوْله " هُوَ عَليّ " أَي ابْن أبي طَالب الَّذِي لم تسمه عَائِشَة قَالَ الْكرْمَانِي فَإِن قلت لم قَالَت رجل آخر وَمَا سمعته قلت لِأَن الْعَبَّاس كَانَ دَائِما يلازم أحد جانبيه وَأما الْجَانِب الآخر فَتَارَة كَانَ عَليّ فِيهِ وَتارَة أُسَامَة فلعدم ملازمته لذَلِك لم تذكره لَا لعداوة وَلَا لنحوها حاشاها من ذَلِك انْتهى قلت فِيهِ نظر لِأَن عليا كَانَ ألزم لرَسُول الله
- صلى الله عليه وسلم َ - فِي كل حَاله من غَيره قَوْله " وَكَانَت عَائِشَة تحدث " هُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور قَوْله " هريقوا " أَي أريقوا من الإراقة وَالْهَاء مبدلة من الْهمزَة ويروى أهريقوا بِالْهَمْزَةِ فِي أَوله أَي صبوا قَوْله " أوكيتهن " جمع وكاء بِكَسْر الْوَاو وَهُوَ رِبَاط الْقرْبَة قَوْله " مخضب " بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْخَاء وَفتح الضَّاد المعجمتين وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة وَهِي الاجانة قَوْله " طفقنا " من أَفعَال المقاربة وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب قَوْله " أَن قد فعلتن " أَن هَذِه مفسرة نَحْو وأوحينا إِلَيْهِ أَن اصْنَع الْفلك وَيحْتَمل المصدرية قَوْله " لعَلي أَعهد " أَي أوصِي قَوْله " فصلى لَهُم " ويروى فصلى بهم قَوْله " وَأَخْبرنِي عبيد الله " هُوَ مقول الزُّهْرِيّ وَهُوَ مَوْصُول أَيْضا قَوْله " لما نزل برَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - " على صِيغَة الْمَجْهُول أَي لما نزل الْمَرَض بِهِ صلى الله عليه وسلم َ - قَوْله " خميصة " بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَهِي ثوب خَز أَو صوف معلم وَقيل لَا تسمى خميصة إِلَّا أَن تكون سَوْدَاء معلمة وَالْجمع خمائص قَوْله " فَإِذا اغتم " يُقَال اغتم إِذا كَانَ يَأْخُذهُ النَّفس من شدَّة الْحر قَوْله " يحذر " على صِيغَة الْمَعْلُوم أَي يحذر النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - وَهِي جملَة حَالية قَوْله " أَخْبرنِي عبيد الله " أَي قَالَ الزُّهْرِيّ أَخْبرنِي عبيد الله الْمَذْكُور فِي الْإِسْنَاد قَوْله " فِي ذَلِك " أَي فِي أمره صلى الله عليه وسلم َ - أَبَا بكر بإمامة الصَّلَاة قَوْله " بعده " أَي بعد النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - قَوْله " مقَامه " أَي مقَام النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - قَوْله " وَلَا كنت " عطف على قَوْله إِلَّا أَنه لم يَقع قَوْله " أرى " أَي أَظن وَحَاصِل الْمَعْنى وَمَا حَملَنِي عَلَيْهِ إِلَّا ظَنِّي بِعَدَمِ محبَّة النَّاس للقائم مقَامه وظني بتشاؤمهم مِنْهُ قَوْله " رَوَاهُ ابْن عمر " أَي روى الَّذِي يتَعَلَّق بِصَلَاة أبي بكر عبد الله بن عمر وَوصل هَذَا البُخَارِيّ فِي أَبْوَاب الْإِمَامَة فِي بَاب أهل الْعلم وَالْفضل أَحَق بِالْإِمَامَةِ رَوَاهُ عَن يحيى بن سُلَيْمَان عَن ابْن وهب عَن يُونُس عَن ابْن شهَاب عَن حَمْزَة بن عبد الله عَن أَبِيه وَهُوَ عبد الله بن عمر قَالَ " لما اشْتَدَّ برَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - وَجَعه قيل لَهُ فِي الصَّلَاة قَالَ مروا أَبَا بكر " إِلَى آخِره قَوْله " وَأَبُو مُوسَى " أَي رَوَاهُ أَبُو مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ وَوَصله البُخَارِيّ فِي هَذَا الْبَاب رَوَاهُ عَن إِسْحَاق بن نصر عَن حُسَيْن عَن زَائِدَة عَن عبد الْملك بن عُمَيْر عَن أبي بردة عَن أبي مُوسَى قَالَ " مرض النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - " الحَدِيث إِلَى آخِره وَوَصله أَيْضا فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء فِي تَرْجَمَة يُوسُف عليه الصلاة والسلام رَوَاهُ عَن الرّبيع بن يحيى عَن زَائِدَة عَن عبد الْملك بن عُمَيْر عَن أبي بردة بن أبي مُوسَى عَن أَبِيه الحَدِيث قَوْله " وَابْن عَبَّاس " أَي رَوَاهُ عبد الله بن عَبَّاس وَرَوَاهُ فِي بَاب إِنَّمَا جعل الإِمَام ليؤتم بِهِ مَعَ حَدِيث عَائِشَة عَن أَحْمد بن يُونُس عَن زَائِدَة عَن مُوسَى بن أبي عَائِشَة عَن عبيد الله بن عبد الله قَالَ " دخلت على عَائِشَة " الحَدِيث بِطُولِهِ -
4446 -
ح دَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ حَدثنَا اللَّيْثُ قَالَ حدّثني ابنُ الهادِ عنْ عبْدِ الرَّحْمانِ ابنِ القاسِمِ عنْ أبيهِ عنْ عائِشَةَ قَالَتْ ماتَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وإنَّهُ لَبَيْنَ حاقِنَتِي وذَاقِنَتِي فَلَا أكْرَهُ شِدَّةَ المَوْتِ لأحَدٍ أبَداً بَعْدَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (مَاتَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَابْن الْهَاد هُوَ يزِيد بن عبد الله بن الْهَاد، مَاتَ سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَمِائَة.
قَوْله: (وَإنَّهُ)، أَي: وَالْحَال أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَقد مر تَفْسِير الحاقنة والذاقنة عَن قريب. قَوْله:(فَلَا أكره شدَّة الْمَوْت) . قد بنيت عَائِشَة فِي حَدِيثهَا الآخر، كماس يَأْتِي، شدَّة الْمَوْت بقولِهَا وَبَين يَدَيْهِ ركوة أَو علبة فِيهَا مَاء، فَجعل يدْخل يَدَيْهِ فِي المَاء فيمسح بهها وَجهه، يَقُول:(لَا إل هـ إلَاّ الله إِن للْمَوْت سَكَرَات)، وروى أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ من طَرِيق الْقَاسِم عَن عَائِشَة: رَأَيْته وَعِنْده قدح فِيهِ مَاء وَهُوَ يَمُوت، فَيدْخل يَده فِي الْقدح ثمَّ يمسح وَجهه بِالْمَاءِ ثمَّ يَقُول:(اللَّهُمَّ أَعنِي على سَكَرَات الْمَوْت) .
4447 -
ح دَّثني إسْحاقُ أخْبرَنا بِشْرُ بنُ شُعَيْبِ بنِ أبي حَمْزَةَ قَالَ حدّثني أبي عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبرنِي عبْدُالله بنُ كَعْبِ بنِ مالِكٍ الأنصارِيُّ وكانَ كَعْبُ بنُ مالِكٍ أحَدَ الثَّلَاثَةِ الذِينَ تِيبَ
عَلَيْهِمْ أنَّ عَبْدَ الله بنَ عَبَّاسٍ أخْبَرَهُ أنَّ عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ رضي الله عنه خَرَج مِنْ عِنْدِ رسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي وجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فيهِ فَقَالَ الناسُ يَا أَبَا الْحَسَنِ كَيْفَ أصْبَحَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فقالَ أصْبَحَ بِحَمْدِ الله بارِئاً فأخَذَ بِيَدِهِ عَبَّاسُ بنُ عبْدِ المُطَّلِبِ فَقَالَ لهُ أنتَ وَالله بَعْدَ ثَلَاثٍ عَبْدُ العَصا وإنِّي لَارَى رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم سَوْفَ يُتَوَفَّى مِنْ وجَعِهِ هَذَا إنِّي لأعْرفُ وجُوهَ بَنِى عَبْدِ المُطَّلِبِ عِنْدَ المَوْتِ أذْهَبْ بِنا إِلَى رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَلْنَسْألْهُ فِيمَنْ هاذَا الأمْرُ إنْ كانَ فِينا عَلِمْنا ذالِكَ وإنْ كانَ فِي غَيْرِنا عَلِمْناهُ فأوْصَي بِنا فَقَالَ علِيٌّ إنَّا وَالله لِئنْ سألْناها رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَمَنَعناها لَا يُعْطِيناها النَّاسُ بَعْدَهُ وإنِّي وَالله لَا أسْألُها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فِي وَجَعه الَّذِي توفّي فِيهِ) وَإِسْحَاق هُوَ ابْن رَاهَوَيْه، قَالَه أَبُو نعيم، وَقَالَ الغساني: قَالَ ابْن السكن: هُوَ إِسْحَاق بن مَنْصُور، وَبشر، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة: أَبُو شُعَيْب بن أبي حَمْزَة الْحِمصِي، يروي عَن أَبِيه شُعَيْب عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ.
وَفِي هَذَا الْإِسْنَاد يروي تَابِعِيّ عَن تَابِعِيّ وهما: الزُّهْرِيّ وَعبد الله بن كَعْب، ويروي صَحَابِيّ عَن صَحَابِيّ، وهما: كَعْب بن مَالك وَابْن عَبَّاس.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الاسْتِئْذَان.
قَوْله: (أَخْبرنِي عبد الله بن كَعْب)، قَالَ الدمياطي: فِي سَماع عبد الله بن كَعْب من عبد الله بن عَبَّاس نظر، ورد عَلَيْهِ بِأَن الْإِسْنَاد صَحِيح وَسَمَاع الزُّهْرِيّ من عبد الله بن كَعْب ثَابت لم ينْفَرد بِهِ شُعَيْب، وَقد أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق صَالح عَن ابْن شهَاب فَصرحَ أَيْضا بِهِ، قَوْله:(وَكَانَ كَعْب أحد الثَّلَاثَة)، وهم الَّذين قَالَ الله تَعَالَى فيهم:{وعَلى الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا} (التَّوْبَة: 118) وهم: كَعْب هَذَا، وهلال بن أُميَّة، ومرارة بن الرّبيع، وَقد مر فِيمَا مضى. قَوْله:(فَقَالَ النَّاس: يَا أَبَا الْحسن)، هُوَ كنية عَليّ بن أبي طَالب. قَوْله:(بارئاً)، إسم فَاعل من: برأَ، بِالْهَمْزَةِ بِمَعْنى: أَفَاق من الْمَرَض. قَوْله: (بعد ثَلَاث عبد الْعَصَا)، هُوَ كِنَايَة عَن أَن يصير تَابعا لغيره. وَالْمعْنَى: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَمُوت بعد ثَلَاثَة أَيَّام وَتصير أَنْت مَأْمُورا عَلَيْك بِلَا عز وَلَا حُرْمَة بَين النَّاس، هَذَا من قُوَّة فراسة الْعَبَّاس رضي الله عنه. قَوْله:(لأرى)، بِفَتْح الْهمزَة بِمَعْنى: اعْتقد، وَبِضَمِّهَا بِمَعْنى: أَظن، قَوْله:(سَوف يُتوفى)، أَي: رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا قَالَه عَبَّاس مُسْتَندا إِلَى التجربة لِأَنَّهُ جرب ذَلِك فِي وُجُوه الَّذين مَاتُوا من بني عبد الْمطلب. قَوْله:(فِيمَن هَذَا الْأَمر؟) أَي: الْخلَافَة. قَوْله: (فأوصى بِنَا)، وَفِي مُرْسل الشّعبِيّ: وإلَاّ وصَّى بِنَا فحفظنا من بعده، وَله من طَرِيق أُخْرَى. فَقَالَ عَليّ رضي الله عنه: وَهل يطْمع فِي هَذَا الْأَمر غَيرنَا؟ قَالَ: أَظن وَالله، سَيكون. قَوْله:(فمنعناها)، بِفَتْح النُّون جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل وَالْمَفْعُول. قَوْله:(فَلَا يعطيناها النَّاس بعده)، أَي: بعد النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَكَذَا كَانَ، لأَنهم احْتَجُّوا بِمَنْع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إيَّاهُم. قَوْله:(لَا أسألها)، أَي: الْخلَافَة، أَي: لَا أطلبها مِنْهُ، وَزَاد ابْن سعد فِي (مُرْسل الشّعبِيّ) فِي آخِره: فَلَمَّا قبض النَّبِي صلى الله عليه وسلم، قَالَ الْعَبَّاس لعَلي: إبسط يدك أُبَايِعك النَّاس، وَلم يفعل.
4448 -
ح دَّثنا سَعِيدُ بنُ عُفَيْرٍ قَالَ حدّثني اللَّيْثُ قَالَ حدّثني عُقَيْلٌ عنِ ابنِ شِهابٍ قَالَ حدّثني أنسُ بنُ مالِكٍ رضي الله عنه أنَّ المُسْلِمِينَ بيْنا هُمْ فِي صَلَاةِ الفجْرِ مِنْ يَوْمِ الإثْنَيْنِ وأبُو بَكْرٍ يُصَلِّي لَهُمْ لَمْ يَفْجَأْهُمْ إلَاّ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قَدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عائِشَةَ فَنَظَرَ إلَيْهِمْ وهُمْ فِي صُفُوفِ الصَّلَاةِ ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ فَنَكَصَ أبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ وظَنَّ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ أنْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّلَاةِ فَقَالَ أنَسٌ وهَمَّ المُسْلِمُونَ
أنْ يَفْتَتِنُوا فِي صلَاتِهِمْ فَرَحاً بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فأشارَ إلَيْهِمْ بِيَدِهِ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ أتِمُّوا صَلَاتَكُمْ ثُمَّ دَخَلَ الحُجْرَةَ وأرْخَى السِّتْرَ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من تَتِمَّة هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب، وَتُوفِّي من يَوْمه ذَلِك. والْحَدِيث مضى فِي كتاب الصَّلَاة فِي: بَاب أهل الْعلم وَالْفضل أَحَق بِالْإِمَامَةِ، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس بأتم مِنْهُ، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (بينماهم)، ويروى: بيناهم، بِدُونِ الْمِيم، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ غير مرّة. قَوْله:(يفجؤهم)، جَوَاب: بَيْنَمَا قَوْله: (فنكص) أَي: تَأَخّر إِلَى وَرَائه. قَوْله: (وهمَّ الْمُسلمُونَ)، أَي: قصدُوا إبِْطَال الصَّلَاة بِإِظْهَار السرُور قولا أَو فعلا. قَوْله: (وأرخى السّتْر) أَي: الستارة، وَزَاد أَبُو الْيَمَان عَن شُعَيْب: وَتُوفِّي من يَوْمه ذَلِك، كَمَا ذكرنَا أَنه مُطَابق للتَّرْجَمَة.
4449 -
ح دَّثني مُحَمَّدُ بنُ عُبَيْدٍ حدَّثنا عِيسَى بن يُونسَ عنْ عُمَرَ بنِ سعِيدٍ قَالَ أَخْبرنِي ابنُ أبي مُلَيْكَةَ أنَّ أَبَا عَمْروٍ وذَكْوَانَ مَوْلَى عائِشَةَ أخبرهُ أنَّ عائِشَةَ كانَتْ تَقُولُ إنَّ مِنْ نِعَمِ الله عَلَيَّ أَنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تُوُفِّيَ فِي بَيْتِي وَفِي يَوْمِي وبَيْنَ سَحْرِي ونَحْرِي وأنَّ الله جَمَعَ بَيْنَ رِيقي ورِيقِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ دَخَلَ عَلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمانِ وبِيَدِهِ السِّواكُ وَأَنا مُسْنِدَةٌ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فَرَأيْتُهُ يَنْظُرُ إلَيْهِ وعَرَفْتُ أنَّهُ يحبُّ السِّوَاكَ فَقُلْتُ آخُذُهُ لَكَ فأشارَ بِرَأسِهِ أنْ نَعَمْ فَتَنَاوَلْتُهُ فاشْتَدَّ عَلَيْهِ وقُلْتُ أُلَيِّنُهُ لَكَ فأشارَ بِرَأْسِهِ أنْ نَعَمْ فَلَيَّنْتُهُ وبَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ أوْ عُلْبَةٌ يَشُكُّ عُمَرُ فِيها فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي المَاءِ فَيَمْسَحُ بِهِما وجْهَهُ يقُولُ لَا إلاهَ إلَاّ الله إنَّ لِلمَوْتِ سَكَرَاتٍ ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ فَجَعَلَ يَقُول فِي الرَّفِيق الأعْلَى حَتَّى قُبِضَ ومالَتْ يَدُهُ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَمُحَمّد بن عبيد الله، بِضَم الْعين مصغر العَبْد: ابْن مَيْمُون وَهُوَ الْمَشْهُور بِمُحَمد بن عباد، وَقد مر فِي الصَّلَاة، وَعِيسَى بن يُونُس بن أبي إِسْحَاق الْهَمدَانِي الْكُوفِي، وَعمر بن سعيد بن أبي حُسَيْن النَّوْفَلِي الْقرشِي الْمَكِّيّ يروي عَن عبد الله بن أبي مليكَة، وذكوان بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْكَاف وبالواو وَالنُّون دَبرته عَائِشَة، وَكَانَ من أفْصح الْقُرَّاء، مَاتَ فِي زمن الْحرَّة.
قَوْله: (إِن من نعم الله)، بِكَسْر النُّون وَفتح الْعين جمع: نعْمَة. قَوْله: (عَليّ)، بتَشْديد الْيَاء. قَوْله:(سحرِي) ، بِفَتْح السِّين وَسُكُون الْحَاء الْمُهْمَلَتَيْنِ، ويحكى ضم السِّين: الرئة، والنحر مَوضِع القلادة من الصَّدْر، وَقَالَ الدَّاودِيّ: السحر مَا بَين الثديين. قَوْله: (ركوة أَو علبة) ، شكّ من الرَّاوِي، والعلبة، بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون اللَّام وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة: المحلب من الْجلد. قَوْله: (يشك عمر)، هُوَ عمر بن سعيد الرَّاوِي. قَوْله:(فَجعل يدْخل)، بِضَم الْيَاء من الإدخال. قَوْله:(سَكَرَات)، جمع سكرة وَهِي: الشدَّة.
4450 -
ح دَّثنا إسْماعِيلُ قَالَ حدّثني سُلَيْمانُ بنُ بِلَالٍ حدَّثنا هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ أَخْبرنِي أبي عنْ عائِشَةَ رضي الله عنها أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يَسألُ فِي مَرَضِهِ الذِي ماتَ فِيهِ يقُولُ أيْنَ أَنا غَداً يُرِيدُ يَوْمَ عائِشَةَ فأذِنَّ لهُ أزْوَاجُهُ يَكونُ حَيْثُ شاءَ فكانَ فِي بَيْتِ عائِشَةَ حَتَّى مَاتَ عِنْدَها قالَتْ عائِشَةُ فَماتَ فِي اليَوْمِ الَّذي كانَ يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ فِي بَيْتِي فَقَبَضَهُ الله وإنَّ رَأسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِي وسَحْرِي وخالَطَ ريقُهُ رِيقِي ثُمَّ قَالَتْ دَخَلَ عبْدُ الرَّحْمانِ بنُ أبي بَكْرٍ
وَمَعَه سِواكٌ يَسْتَنُّ بِهِ فَنَظَرَ إلَيْهِ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ لَهُ أعْطِني هاذَا السِّوَاكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمانِ فأعْطانِيهِ فَقَصِمْتُهُ ثُمَّ مَضَغْتُهُ فأعْطَيْتُهُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فاسْتَنَّ بِهِ وهْوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى صَدْرِي. .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس الْمدنِي. وَهَذَا طَرِيق آخر بِوَجْه آخر فِي حَدِيث عَائِشَة.
قَوْله: (فَأذن)، بتَشْديد النُّون بِصِيغَة الْجمع الْمُؤَنَّث من الْمَاضِي. وَقَوله:(أَزوَاجه) فَاعله وَهُوَ من قبيل: أكلوني البراغيث. قَوْله: (وخالط رِيقه ريقي)، أَي: بِسَبَب السِّوَاك. قَوْله: (وَهُوَ مُسْند إِلَى صَدْرِي)، وَفِي الرِّوَايَة الْمَاضِيَة: وَأَنا مُسندَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَفِي رِوَايَة ابْن سعد من حَدِيث جَابر عَن عَليّ رضي الله عنه: قبض رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَإنَّهُ لمستند إِلَى صَدْرِي، وَعَن الشّعبِيّ عَن عَليّ بن حُسَيْن: قبض رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَرَأسه فِي حجر عَليّ، وَعَن ابْن عَبَّاس: وَالله لِتوفي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَإنَّهُ لمستند إِلَى صدر عَليّ رضي الله عنه، وَهُوَ الَّذِي غسله وَأخي الْفضل وأبى أبي أَن يحضر فَقَالَ: إِنَّه صلى الله عليه وسلم كَانَ يستحي أَن أرَاهُ حاسراً. وَفِي (الإكليل) للْحَاكِم بِإِسْنَادِهِ إِلَى عَليّ رضي الله عنه، قَالَ: أسندت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى صَدْرِي فسالت نَفسه، وَمن حَدِيث أم سَلمَة رضي الله عنها، قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: كَانَ عَليّ آخِرهم عهدا بِهِ جعل، يسَاره وفوه على فِيهِ ثمَّ قبض، وَعَن عَائِشَة رضي الله عنها، قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، لما حَضَره الْمَوْت: أَدْعُو لي حَبِيبِي، فَقلت: أدعوا عَليّ بن أبي طَالب، فوَاللَّه مايريد ريد غَيره، فَلَمَّا رَآهُ نزع الثَّوْب الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ وَأدْخلهُ فِيهِ، وَلم يزل يحضنه حَتَّى قبض وَيَده عَلَيْهِ.
4451 -
ح دَّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ حَدثنَا حَمَّادُ بنُ زيْدٍ عنْ أيُّوبَ عنِ ابنِ أبي مُلَيْكَةَ عَن عائِشَةَ رضي الله عنها قالتْ تُوُفِّيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي وَفِي يَوْمِي وبَيْنَ سحْرِي ونَحْرِي وكانَتْ إحْدَانا تُعَوِّذُهُ بدُعاءٍ إذَا مرِضَ فذَهَبْتُ أُعَوِّذُهُ فَرَفَعَ رَأسَهُ إِلَى السَّماءِ وَقَالَ فِي الرَّفِيقِ الأعْلَى فِي الرَّفِيق الأعْلَى: ومَرَّ عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ أبي بَكْرٍ وَفِي يَدِهِ جرِيدَةٌ رَطْبَةٌ فَنَظَرَ إِلَيْهِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فَظَنَنتُ أنَّ لهُ بهَا حاجَةً فأخَذْتها فَمَضَغْتُ رَأْسَها ونفَضْتُها فدَفَعْتُها إلَيْهِ فاسْتَنَّ بِها كأحْسَن مَا كَانَ مُسْتَنًّا ثُمَّ ناوَلَنِيها فَسَقَطَتْ يَدُهُ أوْ سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ فَجَمَعَ الله بَيْنَ رِيقِي ورِيقِهِ فِي آخِر يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيا وأوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الآخِرَةِ. .
هَذَا طَرِيق آخر بِوَجْه آخر، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ وَابْن أبي مليكَة هُوَ عبد الله وَقد مر غير مرّة.
قَوْله: (وَفِي يومي) أَي: فِي نوبتي بِحَسب الدّور الْمَعْهُود. قَوْله: (مستنا) ، هُوَ صِيغَة يَسْتَوِي فِيهِ إسم الْفَاعِل وَاسم الْمَفْعُول وَعند فك الْإِدْغَام يفرق بَينهمَا لِأَن فِي الْفَاعِل تكون النُّون الأولى مَكْسُورَة، وَفِي الْمَفْعُول مَفْتُوحَة. قَوْله:(فِي آخر يَوْم) أَي: من أَيَّام النَّبِي صلى الله عليه وسلم.
4453 -
ح دَّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ حَدثنَا اللَّيْثُ عنْ عُقَيْلٍ عَن ابنِ شِهابٍ قَالَ أخبرَني أبُو سلَمَة أنَّ عائِشَةَ أخْبَرَتْهُ أنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه أقْبلَ عَلَى فَرَسٍ مِنْ مَسْكَنِهِ بالسُّنْحِ حَتَى نزَلَ فَدَخَلَ المَسْجِدَ فَلَمْ يُكَلِّمِ النَّاسَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى عائِشَةَ فَتَيَمَّمَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وهْوَ مُغشَى بِثَوْبِ حِبرَةٍ فَكَشَفَ عنْ وَجْهِهِ ثُمَّ أكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ وَبَكَى ثُمَّ قَالَ بِأبي أنْتَ وأُمِّي وَالله
لَا يجْمَعُ الله عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ أمَّا المَوْتَةُ الَّتي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّها. قَالَ الزُّهْرِيُّ وحدَّثني أبُو سَلَمَةَ عنْ عَبْدِ الله بن عبَّاس أَن أَبَا بكْرٍ خَرَجَ وعُمَرُ بنُ الخَطابِ يُكلِّمُ النَّاسَ فَقَالَ اجْلِسْ يَا عُمَرُ فَأبى عُمَرُ أنْ يَجْلِسَ فأقْبَلَ الناسُ إلَيْهِ وتَرَكُوا عُمَرَ فَقَالَ أبُو بَكْرٍ أمَّا بَعْدُ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم فإِنَّ مُحَمَّداً قدْ مَاتَ ومَنْ كانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ الله فَإِنَّ الله حَيٌّ لَا يَمُوتُ قَالَ الله تَعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إلَاّ رسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} إِلَى قَوْلِهِ: {الشَّاكِرِينَ} (آل عمرَان: 144) وَقَالَ وَالله لَكأنَّ النَّاسَ لمْ يَعْلَمُوا أنَّ الله أنْزَلَ هاذِهِ الآيَةَ حَتَّى تَلَاها أبُو بَكْرٍ فَتَلَقَّاها مِنْهُ النَّاسُ كُلَّهُم فَما أسْمَعُ بَشَراً مِنَ الناسِ إلَاّ يَتْلُوها فأخْبَرَنِي سَهيدُ بنُ المُسَيَّبِ أنَّ عُمَرَ قَالَ وَالله مَا هُوَ إلَاّ أنْ سمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلاها فَعُقِرْتُ حَتَّى مَا تُقِلُّنِي رِجْلَايَ وَحَتَّى أهوَيْتُ إِلَى الأرْضِ حِينَ سَمِعْتُهُ تَلَاها أنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قدْ ماتَ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رضي الله عنه. والْحَدِيث فِي كتاب الْجَنَائِز فِي: بَاب الدُّخُول على الْمَيِّت، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (بالسنح)، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون وَبِضَمِّهَا أَيْضا وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة: وَهُوَ مَوضِع فِي عوالي الْمَدِينَة كَانَ للصديق مسكن ثمَّة، وَيُقَال: هُوَ من منَازِل بني الْحَارِث بن الْخَزْرَج بعوالي الْمَدِينَة، وَقيل: كَانَ مسكن زَوجته. قَوْله: (فَتَيَمم)، قصد. قَوْله:(وَهُوَ مغشى)، أَي: مغطى (بِثَوْب حبرَة)، بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة: وَهُوَ ثوب يماني، وَيُقَال: ثوب حبرَة، بِالْإِضَافَة وبالصفة. قَوْله:(موتتين)، إِنَّمَا قَالَ ذَلِك أَبُو بكر حِين قَالَ عمر حِين مَاتَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: إِن الله سيبعث نبيه فَيقطع أَيدي رجال قَالُوا إِنَّه مَاتَ ثمَّ يَمُوت آخر الزَّمَان، فَأَرَادَ أَبُو بكر رد كَلَامه، أَي: لَا يكون ذَلِك فِي الدُّنْيَا إلَاّ موتَة وَاحِدَة. وَقَالَ الدَّاودِيّ: أَي لَا يَمُوت فِي قَبره موتَة أُخْرَى، كَمَا قيل فِي الْكَافِر وَالْمُنَافِق بعد أَن ترد إِلَيْهِ روحه ثمَّ تقبض، وَقيل: لَا يجمع الله عَلَيْك كرب هَذَا الْمَوْت، قد عصمك من عَذَابه وَمن أهوال يَوْم الْقِيَامَة، وَقيل: أَرَادَ بالموتة الْأُخْرَى موت الشَّرِيعَة، أَي: لَا يجمع الله عَلَيْك موتك وَمَوْت شريعتك.
قَوْله: (قَالَ الزُّهْرِيّ وحَدثني أَبُو سَلمَة)، وَفِي بعض النّسخ: قَالَ: وحَدثني، بِدُونِ ذكر الزُّهْرِيّ. قَوْله:(وَعمر يكلم النَّاس)، أَي: يَقُول لَهُم: مَا مَاتَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَعَن أَحْمد بِإِسْنَادِهِ عَن عَائِشَة، فَقَالَ عمر: لَا يَمُوت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، حَتَّى يَنْفِي الْمُنَافِقين. قَوْله:(فَأَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب) من كَلَام الزُّهْرِيّ أَي: قَالَ الزُّهْرِيّ: فَأَخْبرنِي سعيد بن الْمسيب، وَقَالَ الْخطابِيّ: مَا أَدْرِي من يَقُول ذَلِك أَبُو سَلمَة وَالزهْرِيّ؟ قيل: صرح عبد الرَّزَّاق عَن معمر بِأَنَّهُ الزُّهْرِيّ. قَوْله: (فعقرت) ، بِضَم الْعين وَكسر الْقَاف، أَي: هَلَكت، ويروى بِفَتْح الْعين، أَي: دهشت وتحيرت، وَقيل: سَقَطت، وَرَوَاهُ يَعْقُوب بن السّكيت بِالْفَاءِ من العفر وَهُوَ التُّرَاب، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فقعرت، بِتَقْدِيم الْقَاف على الْعين، قيل: هُوَ خطأ وَالصَّوَاب الأول. قَوْله: (مَا تُقِلني) بِضَم أَوله وَكسر الْقَاف وَتَشْديد اللَّام: أَي مَا تحملنِي، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى:{حَتَّى إِذا أقلت سحاباً ثقالاً} (الْأَعْرَاف: 57) . قَوْله: (أهويت)، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: هويت، قَالَ بَعضهم: هويت، بِفَتْح أَوله وَكسر الْوَاو: أَي سَقَطت. قلت: لَيْسَ كَذَلِك، بل هُوَ بِفَتْح الْهَاء وَالْوَاو مَعًا لِأَنَّهُ من: هوى يهوي هوياً من بَاب ضرب يضْرب، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى:{والنجم إِذا هوى} (النَّجْم: 1) وَأما: هوي، بِكَسْر الْوَاو يهوي بِمَعْنى أحب، فَمن بَاب علم يعلم. قَوْله:(حِين سمعته تَلَاهَا، أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، قد مَاتَ) هَكَذَا رِوَايَة الْأَكْثَرين ويروى: حِين سمعته تَلَاهَا علمت أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قد مَاتَ، قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: كَيفَ قَالَ: تَلَاهَا إِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، قد مَاتَ، وَلَيْسَ فِي الْقُرْآن ذَلِك؟ قلت: تَقْدِيره: تَلَاهَا رجل أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قد مَاتَ، ولتقرير ذَلِك. وَقَالَ بَعضهم: قَوْله: (أَن النَّبِي) بدل من: الْهَاء، فِي قَوْله:(تَلَاهَا)، أَي: تَلا الْآيَة، مَعْنَاهَا: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قد مَاتَ، وَهِي قَوْله:{إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون} (الزمر: 30) قلت: الَّذِي قَالَه الْكرْمَانِي أوضح وَأحسن.
4457 -
ح دَّثني عَبْدُ الله بنُ أبي شَيْبَةَ حَدثنَا يَحْيَى بن سَعِيدٍ عنْ سُفْيَانَ عنْ مُوسَى بن أبي عائِشَةَ عنْ عُبَيْدِ الله بن عبْدِ الله بنِ عُتْبَةَ عنْ عائِشَة وَابْن عبَّاسٍ رضي الله عنهم أنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه قَبَّلَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ مَوْتِهِ. .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (بعد مَوته) وَيحيى بن سعيد هُوَ الْقطَّان، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن عَليّ بن عبد الله على مَا يَأْتِي، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل عَن بنْدَار وَغَيره. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْجَنَائِز عَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَفِيه وَفِي الْوَفَاة عَن يَعْقُوب الدَّوْرَقِي. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْجَنَائِز عَن أَحْمد بن سِنَان وَغَيره، وَفِيه: لَا بَأْس بتقبيل الْمَيِّت.
4458 -
حدَّثنا عَليٌّ حدَّثنا يَحيَى وزَادَ قالَتْ عائِشَةُ لَدَدْناهُ فِي مَرَضِهِ فَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أنْ لَا تَلُدُّوني فَقُلْنا كَرَاهيةُ المَريضِ لِلدَّوَاءِ فَلَمَّا أفاقَ قَالَ ألَمْ أنْهَكُمْ أنْ تَلُدُّوني قُلْنا كَرَاهِيَّةُ المَرِيضِ لِلدَّوَاءِ فَقَالَ لَا يَبْقَى أحَدٌ فِي البَيْت إلَاّ لُدَّو أَنا أنْظُرُ إلَاّ العَباسَ فَإنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ.
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فِي مَرضه) ، وعَلى هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان.
قَوْله: (وَزَاد)، أَي: وَزَاد يحيى، أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ وَافق عبد الله بن أبي شيبَة فِي رِوَايَته عَن يحيى بن سعيد الحَدِيث الَّذِي قبله، وَزَاد عَلَيْهِ قصَّة اللد. قَوْله:(لددناه)، أَي: جعلنَا فِي جَانب فَمه دَوَاء بِغَيْر اخْتِيَاره، فَهَذَا هُوَ اللد، وَالَّذِي يصب فِي الْحلق يُسمى: الوجور، وَالَّذِي يصب فِي الْأنف يُسمى: السعوط. قَوْله: (كَرَاهِيَة الْمَرِيض)، قَالَ عِيَاض: ضبطناه بِالرَّفْع أَي: هَذَا مِنْهُ كَرَاهِيَة الْمَرِيض، وَقَالَ أَبُو الْبَقَاء: هُوَ خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، أَي: هَذَا الِامْتِنَاع كَرَاهِيَة. قلت: لَيْسَ فِيهِ زِيَادَة فَائِدَة لِأَن مَا قَالَه مثل مَا قَالَه عِيَاض، وَيجوز النصب على أَنه مفعول، أَي: لأجل كَرَاهِيَة الْمَرِيض، وَيجوز انتصابه على المصدرية أَي: كرهه كَرَاهِيَة الْمَرِيض الدَّوَاء. قَوْله: (وَأَنا أنظر) جملَة حَالية. أَي: لَا يبْقى أحد إلاّ لد فِي حضوري، وَحَال نَظَرِي إِلَيْهِم قصاصا لفعلهم وعقوبة لَهُم لتركهم امْتِثَال نَهْيه عَن ذَلِك، أما من بَاشرهُ فَظَاهر، وَأما من لم يباشره فلكونهم تركُوا نهيهم عَمَّا نَهَاهُم هُوَ عَنهُ. قَوْله:(فَإِنَّهُ لم يشهدكم)، أَي: لم يحضركم حَالَة اللد، ومَيْمُونَة أم الْمُؤمنِينَ كَانَت مَعَهم فلدت أَيْضا وَإِنَّهَا الصائمة لقسم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قيل: قَالَ ابْن إِسْحَاق فِي (الْمَغَازِي) إِن الْعَبَّاس هُوَ الْآمِر باللد، وَقَالَ: وَالله لألدَّنه، وَلما أَفَاق قَالَ: من صنع هَذَا بِي؟ قَالُوا: يَا رَسُول الله عمك. وَأجِيب: بِأَنَّهُ يُمكن التلفيق بَينهمَا بِأَن يُقَال: لَا مُنَافَاة بَين الْأَمر وَعدم الْحُضُور وَقت اللد.
رَوَاهُ ابنُ أبي الزِّنادِ عنْ هشامٍ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم
أَي: روى الحَدِيث الْمَذْكُور عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد عَن هِشَام عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير، وَوصل هَذَا التَّعْلِيق مُحَمَّد بن سعد عَن مُحَمَّد بن الصَّباح عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد بِهَذَا السَّنَد وَكَانَ لَفظه: كَانَت تَأْخُذ رَسُول الله الخاصرة فاشتدت بِهِ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ فلددناه، فَلَمَّا أَفَاق قَالَ: كُنْتُم ترَوْنَ أَن الله يُسَلط عَليّ ذَات الْجنب؟ مَا كَانَ الله ليجعل لَهَا عَليّ سُلْطَانا، وَالله لَا يبْقى أحد فِي الْبَيْت إلَاّ لد، ولددنا مَيْمُونَة وَهِي صَائِمَة.
4459 -
ح دَّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ أخْبرنا أزْهَرُ أخْبرنا ابنُ عَوْنٍ عنْ إبْرَاهيمَ عنِ الأسْوَدِ قَالَ ذُكرَ عِنْدَ عائِشَةَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أوْصَي إِلَيّ عَلِيّ فقالَتْ مَنْ قالهُ لَقَدْ رأيْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وإنِّي لَمُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِي فَدَعا بالطَّسْتِ فانْخَنَثَ فَماتَ فَما شعَرْتُ فَكَيْفَ أوصَى إلَى عَلِيّ. (انْظُر الحَدِيث 2741) .
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَمَاتَ) وَعبد الله بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالمسندي، وأزهر هُوَ ابْن سعد السمان الْبَصْرِيّ، وَابْن عون هُوَ عبد الله بن عون بن أرطبان الْبَصْرِيّ. وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ، وَالْأسود هُوَ ابْن يزِيد النَّخعِيّ خَال إِبْرَاهِيم والْحَدِيث مضى فِي أول الوصابا فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَمْرو بن زُرَارَة عَن إِسْمَاعِيل عَن عون الخ وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: (ذكر)، على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله:(فَدَعَا بالطست)، يَعْنِي: ليتفل فِيهِ. قَوْله: (فانخنث)، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره ثاء مُثَلّثَة أَي: استرخى وَمَال إِلَى أحد شقيه، من الانخناث، وَهُوَ الْميل والاسترخاء.
4460 -
ح دَّثنا أبُو نُعَيْمٍ حدَّثنا مالِكُ بنُ مِغْوَلٍ عنْ طَلْحَةَ قَالَ سألْتُ عَبْدَ الله بنَ أبي أوْفَى رضي الله عنهما آوْصَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَا فَقُلْتُ كَيْفَ عَلَى النَّاسِ الوَصِيَّةُ أوْ إُمروا بِها قَالَ أوْصَى بِكِتابِ الله. (انْظُر الحَدِيث 2740 وطرفه) .
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه مُطَابق للْحَدِيث السَّابِق، والمطابق للمطابق بِشَيْء مُطَابق لذَلِك الشَّيْء. وَأَبُو نعيم، بِضَم النُّون: الْفضل بن دُكَيْن، وَمَالك بن مغول، بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَفتح الْوَاو وَفِي آخِره لَام، وَطَلْحَة هُوَ ابْن مصرف بِلَفْظ إسم الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول من التصريف.
والْحَدِيث مضى فِي الْوَصَايَا فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن خَلاد بن يحيى عَن مَالك بن مغول
…
الخ.
(فَقَالَ: لَا)، يَعْنِي: مَا أوصى فَإِن قلت: كَيفَ نفى هُنَا الْوَصِيَّة ثمَّ أثبتها بقوله: (أوصى بِكِتَاب الله) ؟ قلت: قَالَ الْكرْمَانِي: الْبَاء زَائِدَة، يَعْنِي أوصى كتاب الله أَي: أَمر بذلك، وَإِطْلَاق لفظ الْوَصِيَّة على سَبِيل المشاكلة فَلَا مُنَافَاة بَينهمَا أَو الْمَنْفِيّ الْوَصِيَّة بِالْمَالِ أَو بِالْإِمَامَةِ، والمثبت الْوَصِيَّة بِكِتَاب الله تَعَالَى. قَالَ: فَإِن قلت: كَيفَ طابق السُّؤَال الْجَواب؟ قلت: مَعْنَاهُ أوصى بِمَا فِي كتاب للها، وَمِنْه الْأَمر بِالْوَصِيَّةِ.
4462 -
حدَّثنا سُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ حَدثنَا حَمَّادٌ عنْ ثابِتٍ عنْ أنسٍ قَالَ لمّا ثَقُلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ فقالتْ فاطِمَةُ عليها السلام واكَرْبَ أباهْ فَقَالَ لهَا لَيْسَ عَلَى أبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ اليَوْمِ فَلَمَّا مَاتَ قالَتْ يَا أبَتاهْ أجابَ رَبًّا دعاهْ يَا أبَتاهْ مَنْ جَنَّةُ الفِرْدُوْسِ مأْوَاهْ يَا أبتاهْ إلَى جِبْرِيلَ نَنْعاه فَلَمَّا دُفِنَ قالَتْ فاطِمَةُ عليها السلام يَا أنَسُ أطَابَتْ أنْفُسَكُمْ أنْ تَحْثُوا عَلَى رسُول الله صلى الله عليه وسلم الترَابَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (فَلَمَّا دفن) ، وَحَمَّاد هُوَ ابْن زيد وثابت بن أسلم الْبنانِيّ.
والْحَدِيث أخرجه ابْن مَاجَه فِي الْجَنَائِز عَن عَليّ بن مُحَمَّد الطنافسي.
قَوْله: (لما ثقل)، أَي: لما اشْتَدَّ بِهِ الْمَرَض. قَوْله: (جعل يتغشاه)، فَاعل: جعل، الثّقل الَّذِي يدل عَلَيْهِ لفظ: ثقل، وَالضَّمِير الْمَرْفُوع فِي: يتغشاه، يرجع إِلَى الثّقل الْمُقدر، وَالضَّمِير الْمَنْصُوب يرجع إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَالْمرَاد بالثقل: الكرب الَّذِي هُوَ الْغم الَّذِي يَأْخُذ بِالنَّفسِ والشدة، وَلَا يُقَال: إِنَّه نوع من النِّيَاحَة لِأَن هَذَا ندبة