الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النَّبِي صلى الله عليه وسلم، أَو بِالْعَكْسِ. وَقَالَ الْكرْمَانِي: الحَدِيث الأول: مشْعر بِأَن ابْن أم مَكْتُوم جَاءَ حَالَة الإملال، وَالثَّانِي: بِأَنَّهُ جَاءَ بعد الْكِتَابَة. وَالثَّالِث: بِأَنَّهُ كَانَ جَالِسا خلف النَّبِي صلى الله عليه وسلم، ثمَّ أجَاب بقوله: لَا مُنَافَاة إِذْ معنى كتبهَا، كتب بعض الْآيَة، وَهُوَ نَحْو:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ} مثلا. وَأما جَاءَ يَعْنِي قَوْله: وَأما حَقِيقَة، وَالْمرَاد جَاءَ وَجلسَ خلف النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَو بِالْعَكْسِ، وَإِمَّا مجَاز عَن تكلم وَدخل فِي الْبَحْث. قَوْله:(فَنزلت مَكَانهَا) أَي: فِي مَكَان الْكِتَابَة، وَالْمَقْصُود نزلت فِي تِلْكَ الْحَالة (لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر) وَقَالَ ابْن التِّين: يُقَال: إِن جِبْرِيل عليه السلام، هَبَط وَرجع قبل أَن يجِف الْقَلَم.
4595 -
ح دَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى أخبرَنا هِشامٌ أنَّ ابنَ جُرَيْجٍ أخْبَرَهُمْ ح وحَدثني إسْحَاقُ أخبرَنا عَبْدُ الرَّزَاقِ أخبرنَا ابنُ جُرَيْجٍ أخبرَني عَبْدُ الكَرِيمِ أنَّ مَقْسَما مَوْلى عَبْدِ الله بن الحارِثِ أخبرَهُ أنَّ ابنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أخْبَرَهُ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ} عَنْ بَدْرٍ والخَارِجُونَ إلَى بَدْرٍ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. غير أَن سَبَب النُّزُول هُنَا خلاف سَبَب النُّزُول فِي الْأَحَادِيث الْمَذْكُورَة. فَإِن قلت: مَا وَجه التَّوْفِيق بَين السببين؟ قلت: الْقُرْآن إِذا نزل فِي الشَّيْء يسْتَعْمل فِي معنى ذَلِك الشَّيْء وَأخرجه من طَرِيقين. الأول: عَن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى بن يزِيد الْفراء عَن هِشَام بن يُوسُف عَن عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج. الثَّانِي: عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور عَن عبد الرَّزَّاق بن همام عَن ابْن جريج عَن عبد الْكَرِيم بن مَالك الْجَزرِي، بِالْجِيم وَالزَّاي وَالرَّاء، عَن مقسم، بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْقَاف وَفتح السِّين الْمُهْملَة مولى عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل بن عبد الْمطلب، لِأَبِيهِ ولجده صُحْبَة، وَله رُؤْيَة، وَكَانَ يلقب بببه بياءين موحدتين مفتوحتين الثَّانِيَة مُشَدّدَة.
والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْحسن بن مُحَمَّد الزَّعْفَرَانِي قَالَ: حَدثنَا الْحجَّاج بن مُحَمَّد عَن ابْن جريج قَالَ: أَخْبرنِي عبد الْكَرِيم سمع مقسمًا مولى عبد الله بن الْحَارِث يحدث عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أولي الضَّرَر} عَن بدر والخارجون إِلَى بدر. وَقَالَ عبد الله بن جحش وَابْن أم مَكْتُوم: إِنَّا أعميان يَا رَسُول الله! فَهَل لنا رخصَة؟ فَنزلت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ من الْمُؤمنِينَ غير أُولي الضَّرَر} {وَفضل الله الْمُجَاهدين على القاعدين
…
دَرَجه} فَهَؤُلَاءِ الْقَاعِدُونَ غير أُولي الضَّرَر {فضل الله الْمُجَاهدين على القاعدين أجرا عَظِيما} دَرَجَات مِنْهُ على القاعدين من الْمُؤمنِينَ غير أولى الضَّرَر. وَقَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا من الْوَجْه حَدِيث ابْن عَبَّاس. قَوْله: (عبد الله بن جحش)، قيل: أَبُو أَحْمد بن جحش، كَمَا ذكره الطَّبَرِيّ فِي رِوَايَته من طَرِيق الْحجَّاج نَحْو مَا أخرجه التِّرْمِذِيّ وَذَلِكَ لِأَن عبد الله بن جحش هُوَ أَخُو أبي أَحْمد بن جحش وَاسم أبي أَحْمد عبد بِدُونِ إِضَافَة، وَهُوَ مَشْهُور بكنيته وَأَيْضًا إِن عبد الله بن جحش لم ينْقل أَن لَهُ عذرا إِنَّمَا الْمَعْذُور أَخُوهُ أَبُو أَحْمد بن جحش، وَذكره الثَّعْلَبِيّ عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس أَنه ابْن جحش وَلَيْسَ بالأسدي، وَكَانَ أعمى، وَأَنه جَاءَ هُوَ وَابْن أم مَكْتُوم فذكرا رغبتهما فِي الْجِهَاد مَعَ ضررهما، فَنزلت:{غير أُولي الضَّرَر} فَجعل لَهما من الْأجر مَا للمجاهدين.
19 -
(بابٌ: {إنَّ الَّذِينَ تَوَفْاهُمُ المَلائِكَةُ ظَالِمِي أنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأرْضِ قَالُوا ألَمْ تَكُنْ أرْضُ الله وَاسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها} (النِّسَاء: 97) الآيَةَ)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن الَّذين توفيهم الْمَلَائِكَة} الْآيَة، وَلَيْسَ عِنْد جَمِيع الروَاة لفظ: بَاب إلَاّ أَنه وَقع فِي بعض النّسخ وَعند الْأَكْثَرين: {وَأَن الَّذين توفيهم الْمَلَائِكَة} إِلَى قَوْله: {فتهاجروا فِيهَا} كَمَا هُوَ هُنَا كَذَلِك، وَعند أبي ذَر إِلَى {فيمَ كُنْتُم} الْآيَة. وَقَالَ الواحدي: نزلت هَذِه الْآيَة فِي نَاس من أهل مَكَّة تكلمُوا بِالْإِسْلَامِ وَلم يهاجروا، وأظهروا الْإِيمَان وأسرُّوا النِّفَاق، فَلَمَّا كَانَ يَوْم بدر خَرجُوا مَعَ الْمُشْركين إِلَى حَرْب الْمُسلمين فَقتلُوا فَضربت الْمَلَائِكَة وُجُوههم وأدبارهم. وَقَالَ مقَاتل: كَانُوا نَفرا
أَسْلمُوا بِمَكَّة مِنْهُم: الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَقيس بن الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَأَبُو قيس بن الْفَاكِه بن الْمُغيرَة والوليد بن عتبَة بن ربيعَة وَعَمْرو بن أُميَّة بن سُفْيَان بن أُميَّة بن عبد شمس والْعَلَاء بن أُميَّة بن خلف ثمَّ إِنَّهُم أَقَامُوا عَن الْهِجْرَة وَخَرجُوا مَعَ الْمُشْركين إِلَى بدر، قَلما رَأَوْا قلَّة الْمُؤمنِينَ شكوا إِلَى سيدنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا غر هَؤُلَاءِ دينهم وَكَانَ بَعضهم نَافق بِمَكَّة، فَلَمَّا قتلوا ببدر قَالَت لَهُم الْمَلَائِكَة وَهُوَ ملك الْمَوْت وَحده فيمَ كُنْتُم؟ يَقُول: فِي أَي شَيْء كُنْتُم؟ قَالُوا: كُنَّا مستضعفين فِي الأَرْض يَعْنِي: كُنَّا مقهورين بِأَرْض مَكَّة لَا نطيق أَن نظهر الْإِيمَان، فَقَالَ ملك الْمَوْت: ألم تكون أَرض وَاسِعَة؟ يَعْنِي الْمَدِينَة، فتهاجروا فِيهَا؟ يَعْنِي: إِلَيْهَا قَوْله: (إِن الَّذين توفيهم الْمَلَائِكَة) ذكر فِي (تَفْسِير ابْن النَّقِيب) التوفي هُنَا بِمَعْنى قبض الرّوح، وَقَالَ الْحسن: هُوَ الْحَشْر إِلَى النَّار، وَالْمَلَائِكَة هُنَا ملك الْمَوْت وأعوانه وهم سِتَّة: ثَلَاثَة لأرواح الْمُؤمنِينَ، وَثَلَاثَة لأرواح الْكَافرين، وظلم النَّفس هُنَا ترك الْهِجْرَة وخروجهم مَعَ قَومهمْ إِلَى بدر، وَقيل: ظلمُوا أنفسهم برجوعهم إِلَى الْكفْر، وَقيل: ظلمُوا أنفسهم بِالشَّكِّ الَّذِي حصل فِي قُلُوبهم حِين رَأَوْا قلَّة الْمُسلمين، وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: الْمَلَائِكَة هُنَا ملك الْمَوْت وَحده لِأَنَّهُ مُجمل يحْتَمل أَن يُرَاد هُوَ وَيحْتَمل غَيره فِي قُلُوبهم حِين رَأَوْا قلَّة الْمُسلمين، وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: الْمَلَائِكَة هُنَا ملك الْمَوْت وَحده، لِأَنَّهُ مُجمل يحْتَمل أَن يُرَاد هُوَ وَيحْتَمل غَيره فَحمل الْمُجْمل على الْمُفَسّر، وَهُوَ قَول تَعَالَى:{قل يتوفاكم ملك الْمَوْت} (النِّسَاء: 97) وَجمع كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِنَّا نَحن نحيي ونميت} (ق: 43) وَالله تَعَالَى وَاحِد. قَوْله: (ظالمي أنفسهم) نصب على الْحَال. قَوْله: (قَالُوا: فيمَ كُنْتُم) ؟ سُؤال توبيخ وتفريع أَي: أَكُنْتُم فِي أَصْحَاب مُحَمَّد أم كُنْتُم مُشْرِكين؟ قَوْله: (كُنَّا مستضعفين)، أَي: كُنَّا لَا نقدر على الْخُرُوج من الْبَلَد وَلَا الذّهاب فِي الأَرْض. قَوْله: (فِي الأَرْض) أَرَادوا بهَا مَكَّة، وَالْأَرْض اسْم لبلد الرجل وموضعه. قَوْله:(قَالُوا) أَي: الْمَلَائِكَة (ألم تكن أَرض الله وَاسِعَة) ؟ محاججة الْمَلَائِكَة. قَوْله: (فتهاجروا فِيهَا) أَي: إِلَيْهَا. أَي: الْمَدِينَة مَعَ الْمُسلمين؟ .
4596 -
ح دَّثنا عَبْدُ الله بنُ يَزِيدَ المُقْرِىءُ حدَّثنا حَيْوَةُ وَغَيْرُهُ قَالا حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ أبُو الأسْوَدِ قَالَ قُطِعَ عَلَى أهْلِ المَدِينَةِ بَعْثٌ فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ فَلَقِيتُ عِكْرَمَةَ مَوْلَى ابنِ عباسٍ فأخْبَرْتُهُ فَنَهانِي عَنْ ذَلِكَ أشَدَّ النَّهْيِ ثُمَّ قَالَ أخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أنَّ نَاسا مِنَ المُسْلِمِينَ كانُوا مَعَ المُشْرِكِينَ يُكَثِّرُونَ سَوَادَ المُشْرِكِينَ عَلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يَأتِي السَّهمُ فَيُرْمَى بِهِ فَيُصِيبُ أحَدَهُمْ فَيقْتُلُهُ أوْ يُضْرَبُ فَيُقْتَلُ فَأنْزَلَ الله {إنَّ الَّذِينَ تَوَفاهُمُ المَلائِكَةُ ظَالِمِي أنْفُسِهِمْ} .
الْآيَة.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعبد الله بن يزِيد من الزِّيَادَة المقرىء من الإفراء، وحيوة، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف ابْن شُرَيْح، بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبحاء مُهْملَة يكنى بِأبي زرْعَة التجِيبِي، بِضَم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَكسر الْجِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالياء الْمُوَحدَة.
قَوْله: (وَغَيره) أَي: حَدثنِي غير حَيْوَة وَهُوَ عبد الله بن لَهِيعَة الْمصْرِيّ وَأَبُو الْأسود ضد الْأَبْيَض، الْأَسدي الْمدنِي.
والْحَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْفِتَن عَن عبد الله بن يزِيد الْمَذْكُور. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن زَكَرِيَّا بن يحيى عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن المقرىء عَن حَيْوَة بِهِ، وَرِوَايَة ابْن لَهِيعَة أخرجهَا الطَّبَرَانِيّ وَابْن أبي حَاتِم رَوَاهُ عَن يُونُس بن عبد الْأَعْلَى، أَن عبد الله بن وهب أَخْبرنِي ابْن لَهِيعَة عَن أبي الْأسود فَذكره.
قَوْله: (قطع)، على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله:(بعث) بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وبالتاء الْمُثَلَّثَة وَهُوَ الْجَيْش، وَالْمعْنَى أَنهم ألزموا بِإِخْرَاج جَيش لقِتَال أهل الشَّام، وَكَانَ ذَلِك فِي خلَافَة عبد الله بن الزبير على مَكَّة. قَوْله:(فاكتتبت) ، على صِيغَة الْمَجْهُول من الاكتتاب، وَهُوَ من بَاب الافتعال. قَوْله:(أَن نَاسا من الْمُسلمين)، وهم الَّذين ذَكَرْنَاهُمْ عَن مقَاتل عَن قريب. قَوْله:(يكثرون) من التكثير. قَوْله: (فَيُصِيب) عطف على قَوْله: (يَأْتِي السهْم) وَكَانَ غَرَض عِكْرِمَة من نَهْيه أَبَا الْأسود أَن الله تَعَالَى ذمهم بتكثير سوادهم مَعَ أَنهم كَانُوا لَا يُرِيدُونَ بقلوبهم موافقتهم، فَكَذَلِك أَنْت لِأَنَّك تكْثر سَواد هَذَا الْجَيْش الْمَأْمُور بذهابهم لقِتَال أهل الشَّام وَلَا تُرِيدُ موافقتهم لأَنهم لَا يُقَاتلُون فِي سَبِيل الله. قَوْله:(فَأنْزل الله تَعَالَى) هَكَذَا جَاءَ هُنَا فِي سَبَب نزُول هَذِه الْآيَة، وَقد ذكرنَا عَن قريب وُجُوهًا أُخْرَى فِي ذَلِك مَعَ تَفْسِير الْآيَة.