الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَن يُجَاب عَمَّا سَأَلَهُ الْكرْمَانِي، لم كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَحَق وَهُوَ أفضل؟ بل هُوَ أَحَق بِعَدَمِ الشَّك؟ وَجَوَابه: أَنه قَالَ ذَلِك: تواضعا وهضما لنَفسِهِ بِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَن نَظِير.
47 -
(بابُ قَوْلِهِ: {أيَوَدُّ أحَدُكُمْ أنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ} إلَى قَوْلِهِ {تَتَفَكَّرُونَ} (الْبَقَرَة:
266)
أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَوْله: (أيود أحدكُم) . الْآيَة، هَذَا الْمِقْدَار من الْآيَة وَقع عِنْد جَمِيع الروَاة. قَوْله:(أيود) الْهمزَة فِيهِ للإنكار. قَالَه الزَّمَخْشَرِيّ: وَقيل: هُوَ مُتَّصِل بقوله: (وَلَا تُبْطِلُوا) ، وَهَذِه الْآيَة مثل لعمل من أحسن الْعَمَل أَو لَا ثمَّ بعد ذَلِك انعكس سيره فبدل الْحَسَنَات بالسيئات فَأبْطل بِعَمَلِهِ الثَّانِي مَا أسلفه فِيمَا تقدم من الصَّالح، وَاحْتَاجَ إِلَى شَيْء من الأول فِي أضيق الْأَحْوَال فَلم يحصل مِنْهُ شَيْء وخانه أحْوج مَا كَانَ إِلَيْهِ، وَلِهَذَا قَالَ:(وأصابه الْكبر) الْآيَة. قَوْله: (جنَّة)، أَي: بُسْتَان. قَوْله: (من نخيل) ، وَهُوَ إِمَّا جمع نَادرا أَو اسْم جنس، وَإِنَّمَا خص هذَيْن بِالذكر لِأَنَّهُمَا من أكْرم الشّجر وَأكْثر الْمَنَافِع. قَوْله:(لَهُ فِيهَا من كل الثمرات)، أَي: لأحدكم فِي الْجنَّة من كل الثمرات، وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا بعد ذكر النخيل وَالْأَعْنَاب تَغْلِيبًا لَهما على غَيرهمَا، ثمَّ أدرفهما بِذكر الثمرات. قيل: يجوز أَن يُرِيد بالثمرات الْمَنَافِع الَّتِي كَانَت تحصل لَهُ فِيهَا. قَوْله: (وأصابه الْكبر)، أَي: وَالْحَال أَنه أَصَابَهُ الْكبر. وَقيل: عطف ماضٍ على مُسْتَقْبل قَالَ الْفراء: هُوَ جَائِز لِأَنَّهُ يَقع مَعهَا لَو تَقول: وددت لَو ذهبت عَنَّا. وودت أَن يذهب عَنَّا. قَوْله: (وَله ذُرِّيَّة ضعفاء)، وقرىء: ضِعَاف. قَوْله: (فأصابها)، أَي الْجنَّة الْمَذْكُورَة. قَوْله:(إعصار) ، وَهِي الرّيح الشَّدِيدَة، وَقد مر تَفْسِيره عَن قريب، وَيجمع على أعاصير. قَوْله:(فِيهِ نَار) أَي: فِي الإعصار نَار من السمُوم الحارة القتالة. قَوْله: (وَكَذَلِكَ) أَي: كَمَا بَين الأقاصيص والأمثال (يبين الله لكم الْآيَات) أَي: العلامات (لَعَلَّكُمْ تتفكرون) أَي: تعتبرون وتفهمون الْأَمْثَال والمعاني وتنزلونها على المُرَاد مِنْهَا.
4538 -
ح دَّثنا إبْرَاهِيمُ أخبرنَا هِشَامُ عنِ ابنِ جُرَيْجٍ سَمِعْتُ عَبْدَ الله بنَ أبِي مُلَيْكَةَ يُحَدِّثُ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ وَسَمِعْتُ أخاهُ أَبَا بَكْرٍ بنَ أبِي مُلَيْكَةَ يُحَدِّثُ عنْ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ رضي الله عنه يَوْمَا لأصْحَابِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَ تُرَوْنَ هاذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ أيَوَدُّ أحَدُكُمْ أنْ تَكُونَ لهُ جَنَّةٌ قَالُوا الله أعْلَمُ فَغَضِبَ عُمَرُ فَقَالَ قُولُوا نَعْلَمُ أوْ لَا نَعْلَمُ فَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ فِي نَفْسِي مِنْهَا شَيْءٌ يَا أمِيرَ المُؤْمِنينَ قَال عُمَرُ يَا ابنَ أخِي قُلْ وَلا تَحْقِرْ نَفْسَكَ قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ ضُرِبَتْ مَثلاً لِعَمَلٍ قَالَ عُمَرُ أيُّ عَمَلٍ قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ لِعَمَلٍ قَالَ عُمَرُ لِرَجُلٍ غَنِيٍّ يَعْمَلُ بِطاعَةِ الله عز وجل ثُمَّ بعَثَ الله لهُ الشَّيْطَانَ فَعَمِلَ بِالمَعَاصِي حَتَّى أغْرَقَ أعْمَالهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَإِبْرَاهِيم هُوَ ابْن مُوسَى الْفراء، وَهِشَام هُوَ ابْن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ، وَابْن جريج هُوَ عبد الْعَزِيز بن عبد الْملك ابْن جريج. وَأَبُو بكر بن أبي مليكَة لَا يعرف اسْمه. . قَالَه بَعضهم: وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَأَخُوهُ عبد الله أَيْضا يكنى بِأبي بكر تَارَة وَتارَة بِأبي مُحَمَّد، وَعبيد بن عُمَيْر كِلَاهُمَا مصغران أَبُو عَاصِم اللَّيْثِيّ الْمَكِّيّ ولد فِي زمن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وسماعه من عمر صَحِيح قَوْله:(وَسمعت أَخَاهُ) هُوَ مقول ابْن جريج والْحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: فيمَ، بِكَسْر الْفَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف أَي فِي أَي شَيْء قَوْله:(ترَوْنَ) بِضَم أَوله. قَوْله: (شَيْء) أَي: من الْعلم بِهِ. قَوْله: (مثلا) بِفتْحَتَيْنِ قَالَ أهل البلاغة: التَّشْبِيه التمثيلي مَتى فشى اسْتِعْمَاله على سَبِيل الِاسْتِعَارَة يُسمى مثلا قَوْله: غَنِي اسْم فِي مُقَابل الْفَقِير ويروى عني. من الْعِنَايَة على لفظ الْمَجْهُول. قَوْله: (أغرق) بالغين الْمُعْجَمَة. أَي: أضاع أَعماله الصَّالِحَة بِمَا ارْتكب من الْمعاصِي. قيل: فِيهِ دَلِيل للمعتزلة فِي مَسْأَلَة إحباط الطَّاعَة بالمعصية، ورد بِأَن الْكفْر محبط للأعمال والأغراق. لَا يسْتَلْزم الإحباط.
48 -
(بابٌ: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إلْحافا} (الْبَقَرَة:
273)
.
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {لَا يسْأَلُون النَّاس إلحافا} وَله {للْفُقَرَاء الَّذين أحْصرُوا فِي سَبِيل الله لَا يَسْتَطِيعُونَ ضربا فِي الأَرْض يَحْسبهُم الْجَاهِل أَغْنِيَاء من التعفف تعرفهم بِسِيمَاهُمْ لَا يسْأَلُون النَّاس إلحافا وَمَا تنفقوا من خير فَإِن الله بِهِ عليم} هَذِه الْآيَة نزلت فِي أَصْحَاب الصّفة وَهِي سَقِيفَة كَانَت فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. وَكَانُوا أَرْبَعمِائَة رجل من مُهَاجِرِي قُرَيْش لم يكن لَهُم مسَاكِن فِي الْمَدِينَة وَلَا عشائر، يتعلمون الْقُرْآن بِاللَّيْلِ يرضخون النَّوَى بِالنَّهَارِ، وَكَانُوا يخرجُون فِي كل سَرِيَّة بعثها رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَمن كَانَ بِهِ فضل أَتَى بِهِ إِلَيْهِم إِذا أَمْسَى. قَوْله:(للْفُقَرَاء) أَي: اجعلوا مَا تنفقون (للْفُقَرَاء الَّذين أحْصرُوا فِي سَبِيل الله) أَي: الْجِهَاد (لَا يَسْتَطِيعُونَ) لاشتغالهم بِهِ (ضربا فِي الأَرْض) يَعْنِي سفرا للتسبب فِي المعاش. قَوْله: (يسبهم الْجَاهِل) أَي: الْجَاهِل بحالهم (أَغْنِيَاء من التعفف) أَي: من أجل تعففهم عَن الْمَسْأَلَة. قَوْله: (تعرفهم) الْخطاب للنَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَقيل: لكل رَاغِب فِي معرفَة حَالهم قَوْله: (بِسِيمَاهُمْ) أَي: بِمَا يظْهر لِذَوي الْأَلْبَاب من صفاتهم. صفرَة الْوَجْه ورثاثة الْحَال. قَوْله: (لَا يسْأَلُون النَّاس) أَي: من صفاتهم أَن لَا يسْأَلُون النَّاس (إلحافا) أَي: إلحاحا وَهُوَ اللُّزُوم، وَأَن لَا يُفَارق إلَاّ بِشَيْء يعطاه، وانتصابه على أَنه صفة مصدر مَحْذُوف أَي: سؤالاً لحاحا بِمَعْنى: ملحا وَقَالَ بَعضهم: وانتصاب: الحافا، على أَنه مصدر فِي مَوضِع الْحَال أَي: لَا يسْأَلُون فِي حَال الإلحاف، أَو: مفعول لأَجله أَي: لَا يسْأَلُون لأجل الإلحاف انْتهى. (قلت) : لَيْسَ فِيمَا قَالَه صَوَاب إلاّ قَوْله: على أَنه مصدر، فَقَط يفهمهُ من لَهُ ذوق من التَّصَرُّف فِي الْكَلَام. (فَإِن قلت) هَذِه الصّفة تَقْتَضِي السُّؤَال بالتلطف دون الإلحاح. وَقَوله:(يَحْسبهُم الْجَاهِل أَغْنِيَاء من التعفف) يَقْتَضِي نفي السُّؤَال مُطلقًا. (قلت) : الْجَواب المرضي أَن يُقَال: لَو فرض السُّؤَال مِنْهُم لَكَانَ على وَجه التلطف فَلَا يَقْتَضِي وجوده لِأَن الْمحَال يفْرض كثيرا وَلَا يلْزم من فَرْضه وجوده.
يُقَالُ الْحَفَ عَلَيَّ وَأَلَحَّ عَلَيَّ وَأَحْفَانِي بِالْمَسْأَلَةِ فَيُحْفِكُمْ يُجْهِدْكُمْ
أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن قَوْله الحف عليّ وألح عَليّ وأحفاني بِالْمَسْأَلَة بِمَعْنى وَاحِد، وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة، والإلحاف من قَوْلهم: ألحفني من فضل لِحَافه. أَي: غطاني من فضل مَا عِنْده، وَقيل: اشتقاقه من اللحاف لاشْتِمَاله على وجود الطّلب فِي الْمَسْأَلَة كاشتمال اللحاف فِي الغطية. قَوْله: (وأحفاني)، من قَوْلهم: أحفى فلَان بِصَاحِبِهِ وحفى بِهِ وحفي لَهُ إِذا بَالغ فِي السُّؤَال. قَوْله: (فيحفكم) أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَلَا يسألكم أَمْوَالكُم إِن يسألوكموها فيحفكم تبخلوا} (مُحَمَّد: 37) وَفسّر قَوْله فيحفكم بقوله: يجهدكم يَعْنِي: يجهدكم فِي السُّؤَال بالإلحاح.
4539 -
ح دَّثنا ابنُ أبِي مَرْيَم حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ قَالَ حدَّثني شَرِيك بنُ أبِي نِمَرٍ أنَّ عَطَاءَ ابنَ يسارٍ وَعَبْدَ الرَّحْمانِ بن أبِي عَمْرَةَ الأَنْصَارِيَّ قَالا سَمِعْنَا أبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ المِسْكِينُ الَّذِي تَرْدُّهُ الثَمْرَةُ وَالثَّمْرَتَانِ وَلا اللُّقْمَةُ وَلَا اللُّقْمَتانِ إنَّمَا المِسْكِينُ الَّذِي يَتَعَفَفُ وَاقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ يَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاس إلُحَافا} .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَابْن أبي مَرْيَم هُوَ سعيد بن مُحَمَّد بن الحكم بن أبي مَرْيَم أَبُو مُحَمَّد الْمصْرِيّ، وَمُحَمّد بن جَعْفَر بن أبي كثير أَخُو إِسْمَاعِيل، وَشريك بن أبي نمرّ بِلَفْظ الْحَيَوَان الْمَشْهُور مر فِي الْعلم، وَعَطَاء بن يسَار ضد الْيَمين.
والْحَدِيث مر فِي كتاب الزَّكَاة فِي: بَاب قَول الله تَعَالَى: {لَا يسْأَلُون النَّاس إلحافا} عَن أبي هُرَيْرَة من وَجْهَيْن (الأول) : عَن حجاج بن منهال عَن شُعْبَة عَن مُحَمَّد بن زِيَاد عَن أبي هُرَيْرَة (وَالثَّانِي) : عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الله عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (يتعفف)، أَي: يحْتَرز عَن السُّؤَال ويحسب الْجَاهِل غَنِيا. قَوْله: (واقرؤوا إِن شِئْتُم)، يَعْنِي: قَوْله: (لَا يسْأَلُون النَّاس إلحافا) قَائِل قَوْله: يَعْنِي، هُوَ سعيد بن أبي مَرْيَم شيخ البُخَارِيّ، وَذَلِكَ الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي رِوَايَته فَإِنَّهُ أخرجه عَن الْحسن بن سُفْيَان عَن حميد بن زَنْجوَيْه عَن سعيد بن أبي مَرْيَم بِسَنَدِهِ، وَقَالَ فِي آخِره:(قلت) : لسَعِيد بن أبي مَرْيَم