الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معمر بن رَاشد إِلَى أَن رَأَيْت الْكَلَام الْمَذْكُور فِي (الْمجَاز) لأبي عُبَيْدَة أَن اسْمه معمر بن الْمثنى وَلم أره عَن معمر بن رَاشد. (فَمَاتَ) عبد الرَّزَّاق أَيْضا يرْوى هَذَا عَن معمر بن رَاشد، وَلَا يلْزم من ذكر أبي عُبَيْدَة هَذَا فِي (الْمجَاز) أَي يكون الَّذِي ذكره البُخَارِيّ فِي هواياه، وَلَا يمْتَنع أَن يكون هَذَا مرويا عَن معمر بن جَمِيعًا. ثوله:(أَوْلِيَاء موَالِي) بِالْإِضَافَة نَحْو شجر الْأَرَاك، وَالْإِضَافَة فِيهِ للْبَيَان، وَكَذَلِكَ أَوْلِيَاء وَرَثَة، وَحَاصِل الْكَلَام أَن أَوْلِيَاء الْمَيِّت الَّذين يلون مِيرَاثه ويجوزونه على نَوْعَيْنِ: ولي بالموالاة وَعقد الْوَلَاء وهم الَّذين عاقدت أَيْمَانكُم، وَولى بِالْإِرْثِ أَي الْقَرَابَة وهم الْوَالِدَان وَالْأَقْرَبُونَ.
{وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أيْمانُكُمْ} هُوَ مَوْلَى اليَمِينِ وَهُوَ الحَلِيفُ
فسر لفظ {وَالَّذين عاقدت} الْمَذْكُورَة فِي الْآيَة الْمَذْكُور فِي الْآيَة الْمَذْكُورَة بقوله: هُوَ مولى الْيَمين العاقدة بَين اثْنَيْنِ فَصَاعِدا والأيمان جمع يَمِين، وَمضى الْكَلَام فِيهِ فِي كتاب الْكفَالَة.
(وَالمَوْلَى أيْضا ابنُ العَمِّ وَالمَوْلَى المُنْعِمْ المُعْتِقْ وَالمَوْلَى المُعَتَقُ وَالمَوْلَى المَلِيكُ وَالمَوْلَى مَوْلًى فِي الدِّينِ) .
أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن لفظ الْمولى يَأْتِي لمعانٍ كَثِيرَة وَذكر مِنْهَا خَمْسَة معَان الأول: يُقَال لِابْنِ الْعم مولى، قَالَ الشَّاعِر:
مهلا بني عمنَا مهلا موالينا
الثَّانِي: الْمُنعم. أَي: الَّذِي ينعم على عَبده بِالْعِتْقِ وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ الْمولى الْأَعْلَى. الثَّالِث: الْمولى الْمُعْتق، بِفَتْح التَّاء، وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ الْمولى الْأَسْفَل. الرَّابِع: يُقَال للمليك الْمولى لِأَنَّهُ يَلِي أُمُور النَّاس. الْخَامِس: الْمولى مولى فِي الدّين، وَمِمَّا لم يذكرهُ النَّاصِر والمحب وَالتَّابِع وَالْجَار والحليف والعقيد والصهر والمنعم عَلَيْهِ وَالْوَلِيّ والموازي، وَقَالَ الزّجاج: كل من يليك أَو والاك فَهُوَ مولى.
4580 -
ح دَّثنا الصَّلْتُ بنُ مُحَمَّد حدَّثنا أبُو أُسَامَةَ عنْ إدْرِيسَ عَنْ طَلْحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ عنْ سَعِيدٍ بنِ جُبَيْرٍ عَن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ الله تعَالى عَنْهُمَا وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي قَالَ وَرَثَةَ وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أيْمَانُكُمْ كَانَ المهاجِرُون لَمَا قَدِمُوا المَدِينَةَ يَرِثُ المُهَاجِرُ الأَنْصَارِيَّ دُونَ ذَوِي رَحْمِهِ للأخُوَّةِ الَّتِي آخَى النبيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُم فَلَمَا نَزَلَتْ وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ نُسِخَتْ ثُمَّ قَالَ وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أيْمَانُكُمْ مِنَ النَّصْرِ وَالرِّفَادَةِ وَالنَّصِيحَةِ وَقَدْ ذَهَبَ المِيرَاثُ وَيُوصِي لهُ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. والْحَدِيث بِعَيْنِه سندا ومتنا مضى فِي الْكَلِمَة فِي: بَاب قَول الله تَعَالَى: {وَالَّذين عاقدت أَيْمَانكُم} وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ. وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة. إِدْرِيس هُوَ ابْن يزِيد الأودي، وَمَاله فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث.
قَوْله: (فَلَمَّا نزلت {وَلكُل جعلنَا موَالِي} نسخت) ، هَكَذَا وَقع فِي هَذِه الرِّوَايَة أَن نَاسخ مِيرَاث الحليف هَذِه الْآيَة، وَفِي رِوَايَة عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس أَن النّسخ بقوله تَعَالَى:{وَأولُوا الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض} وَبِه قَالَ الْحسن وَعِكْرِمَة وَقَتَادَة، وَقَالَ ابْن الْمسيب: كَانَ الرجل يتبنى الرجل فيتوارثان على ذَلِك. فسخ قَوْله: {والرفادة} بِكَسْر الرَّاء بالإعانة والإعطاء. قَوْله: (ويوصي لَهُ)، أَي: للحليف لِأَنَّهُ مِيرَاثه لما نسخ جَازَت الْوَصِيَّة.
سَمِعَ أبُو أُسَامَةَ إدْرِيسَ وَسَمِعَ إدْرِيسُ طَلْحَةَ
لم يَقع هَذَا إلَاّ فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَحده، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن كل وَاحِد من أبي أُسَامَة وَإِدْرِيس قد صرح بِالتَّحْدِيثِ فأسامة من إِدْرِيس، وَإِدْرِيس من طَلْحَة بن مصرف، وَصرح بذلك الْحَاكِم فِي (مُسْتَدْركه) فِي الحَدِيث ثمَّ قَالَ: صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ.
8 -
(بابُ قَوْلِهِ: {إنَّ الله لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} (40) يَعْنِي زَنَةَ ذَرَّةٍ)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وجل: {إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة} وَفسّر مِثْقَال ذرة بقوله: زنة ذرة، ومثقال الشَّيْء مِيزَانه من مثله، وَقَالَ الزّجاج، هُوَ مِثْقَال من الثّقل، وَقيل: لكل مَا يعْمل وزن ومثقال تمثيلاً لِأَن الصَّلَاة وَالصِّيَام والأعمال لَا وزن لَهَا، وَلَكِن النَّاس خوطبوا على مَا يَقع فِي قُلُوبهم بتمثيل مَا يدْرك بِأَبْصَارِهِمْ، وَقَالَ أَبُو مَنْصُور الجواليقي، يظنّ النَّاس أَن المثقال وزن الدُّنْيَا لَا غير، وَلَيْسَ كَذَلِك إِنَّمَا مِثْقَال كل شَيْء وَزنه وكل وزن يُسمى مِثْقَالا وَإِن كَانَ وزن ألف. قَالَ الشَّاعِر:
وكلا يُوفيه الجزا بمثقال
قَالَ الْهَرَوِيّ: أَي: يُوزن. قَوْله: (ذرة) ، الذّرة وَاحِدَة الذَّر وَهُوَ النَّمْل الْأَحْمَر الصَّغِير، وَسُئِلَ ثَعْلَب عَن الذّرة فَقَالَ: إِن مائَة نملة وزن حَبَّة. قَالَ ابْن الْأَثِير: وَقيل: إِن الذّرة لَا وزن لَهَا وَيُرَاد بهَا مَا يرى فِي شُعَاع الشَّمْس، وَزعم بعض الْحساب أَن زنة الشعيرة حَبَّة، وزنة الْحبَّة أَربع زرات وزنة الذّرة أَربع سمسمات، وزنة السمسمة أَربع خردلات، وزنة الخردلة أَربع وَرَقَات نخالة، وزنة الورقة من النخالة أَربع ذرات، فَعلمنَا من هَذَا أَن الذّرة أَرْبَعَة فِي أَرْبَعَة فَأَدْرَكنَا أَن الذّرة جُزْء من ألف وَأَرْبَعَة وَعشْرين حَبَّة، وَذَلِكَ أَن الْحبَّة ضربناها فِي أَربع ذرات جَاءَت سِتّ عشرَة سمسمة والست عشرَة ضربناها فِي أَربع جَاءَت مِائَتَيْنِ وست وَخمسين نخالة، فضربناها فِي أَربع جَاءَت ألفا وَعشْرين ذرة وَقيل: الذّرة رَأس النملة الْحَمْرَاء. وَقيل: الذّرة الخردلة، وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ. قَالَ يزِيد بن هَارُون: زَعَمُوا أَن الذّرة لَيْسَ لَهَا وزن، ويحكى أَن رجلا وضع خبْزًا حَتَّى علاهُ الذَّر مِقْدَار مَا ستره ثمَّ وَزنه فَلم يزدْ على مِقْدَار الْخبز شَيْئا وَعَن ابْن عَبَّاس أَنه أَدخل يَده فِي التُّرَاب ثمَّ نفخ فِيهِ. وَقَالَ: كل وَاحِد من هَؤُلَاءِ ذرة وَعَن قَتَادَة: كَانَ بعض الْعلمَاء يَقُول: لِأَن تفضل حسناتي وزن ذرة أحب إِلَيّ من الدُّنْيَا جَمِيعًا. وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود يرفعهُ يَا رب لم يبْق لعبدك إلَاّ وزن ذرة، فَيَقُول عز وجل، ضعفوها لَهُ وأدخلوه الْجنَّة.
4581 -
ح دَّثني مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حدَّثنا أبُو عُمَرَ حَفْصُ بنُ مَيْسَرَةَ عَنْ زَيْد بنِ أسْلَمَ عنْ عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أنَّ أُناسا فِي زَمَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا يَا رَسُولَ الله هَلْ نَرَى رَبَّنا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: نَعَمْ هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظَّهِيرَةِ ضَوْءٍ لَيْسَ فِيهَا سَحابٌ قَالُوا لَا قَالَ: وَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البدْرِ ضَوْءٍ لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ قَالُوا لَا قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: مَا تُضارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الله عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَاّ كَمَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ أحَدِهِما إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أذَّنَ مُؤَذِّنٌ تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ فَلا يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ غَيْرَ الله مِنَ الأصْنَامِ وَالأنْصَابِ إلَاّ يَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ حَتَّى إذَا لَمْ يَبْقَ إلَاّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الله بَرٌّ أوْ فَاجِرٌ وَغُبَّرَاتُ أهْلِ الكِتابِ فَيُدعَى اليَهُودُ فَيُقَالُ لَهُمْ مَنْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْز ابنَ الله فَيُقَالُ لَهُمْ كَذَبْتُمْ مَا اتَّخَذَ الله مِنْ صَاحِبَةٍ وَلا وَلَد فَمَاذا تَبْغُونَ فقالُوا عَطِشْنا رَبَّنا فَاسْقِنا فَيُشارُ أَلا تَرِدُونَ فَيُحْشَرُونَ إلَى النَّارِ كَأَنَّهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُها بَعْضا فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ ثُمَّ يُدْعَى النَّصارَى فَيُقَالُ لَهُمْ مَنْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ قَالُوا كُنَّا نَعْبُدُ المَسِيحَ ابنَ الله فَيُقَالُ لَهُمْ كَذَبْتُمْ مَا اتَّخَذَ الله مِنْ صَاحِبَةٍ وَلا وَلَدٍ فَيُقَالُ لَهُمْ مَاذَا تَبْغُونَ فَكَذَلِكَ مِثْلَ الأوَّلِ حَتَّى إذَا لَمْ يَبْقَ إلَاّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الله مِنْ بِرٍ أوْ فَاجِرٍ أتاهُم رَبُّ العالَمِينَ فِي أَدْنَي صُورَةٍ مِنَ الَّتِي رأوْهُ فِيها فَيُقالُ تَنْتَظِرُونَ تَتَّبَعُ كلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ قَالُوا فارَقْنا النَّاسَ فِي الدُّنْيا عَلَى أفْقَرِ مَا كُنَّا إلَيْهِم وَلَمْ نُصَاحِبْهُم وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ رَبَّنا الَّذِي كُنَّا نَعْبُدُ فَيَقُولُ أنَا
رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ لَا نُشْرِكُ بِالله شَيْئا مَرَّتَيْنِ أوْ ثَلَاثًا.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْمَفْهُوم من مَعْنَاهُ أَن الله تَعَالَى يحكم يَوْم الْقِيَامَة بَين عباده الْمُؤمنِينَ والكافرين بعدله الْعَظِيم وَلَا يظلم أحدا مِنْهُم مِثْقَال ذرة وَلم أر أحدا من الشُّرَّاح ذكر وَجه الْمُطَابقَة وَلَا انصف فِي شرح هَذَا الحَدِيث، فَمنهمْ من علقه بِشَيْء لم يمض، وَمِنْهُم من علقه بالمستقبل يذكر فِيهِ، وَمِنْهُم من شرح بَعْضًا دون بعض، فَنَقُول بعون الله ولطفه. إِن شَيْخه فِيهِ مُحَمَّد ابْن عبد الْعَزِيز أَبُو عبد الله الرَّمْلِيّ يعرف بِابْن الوَاسِطِيّ لِأَن أَصله من وَاسِط وَثَّقَهُ الْعجلِيّ وَلينه أَبُو زرْعَة، وَأَبُو حَاتِم، وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إلَاّ هَذَا الحَدِيث وَآخر فِي الِاعْتِصَام، وَحَفْص بن ميسرَة، ضد الميمنة، وَعَطَاء بن يسَار ضد الْيَمين، وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ اسْمه سعد بن مَالك الْأنْصَارِيّ.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّوْحِيد عَن يحيى بن بكير، وَأخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن سُوَيْد بن سعيد وَغَيره.
قَوْله: (نعم) أَي: نعم ترَوْنَ ربكُم يَوْم الْقِيَامَة وَهَذِه الرُّؤْيَة غير الرُّؤْيَة الَّتِي هِيَ ثَوَاب للأولياء وكرامة لَهُم فِي الْجنَّة إِذْ هَذِه للتمييز بَين من عبد الله وَبَين من عبد غَيره، وَفِيه رد على أهل الْبدع من الْمُعْتَزلَة والخوارج وَبَعض المرجئة فِي قَوْلهم: إِن الله لَا يرَاهُ أحد من خلقه، وَأَن رُؤْيَته مستحيلة عقلا وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ خطأ صَرِيح وَجَهل قَبِيح. وَقد تظاهرت أَدِلَّة الْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع الصَّحَابَة فَمن بعدهمْ من سلف الْأمة على إِثْبَات رُؤْيَة الله تَعَالَى فِي الآخر للْمُؤْمِنين. وَرَوَاهَا نَحْو من عشْرين صحابيا عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالْكَلَام فِيهِ مستقصًى فِي كتب الْكَلَام. وَأما رُؤْيَة الله فِي الدُّنْيَا فممكنة وَلَكِن الْجُمْهُور من السّلف وَالْخلف من الْمُتَكَلِّمين. وَغَيرهم على أَنَّهَا لَا تقع فِي الدُّنْيَا، وَحكى الإِمَام الْقشيرِي فِي (رسَالَته) عَن الإِمَام أبي بكر بن فورك أَنه حُكيَ فِيهَا قَوْلَيْنِ للْإِمَام أبي الْحسن الْأَشْعَرِيّ: أَحدهمَا: وُقُوعهَا. وَالْآخر: أَنَّهَا لَا تقع قَوْله: (هَل تضَارونَ فِي ضَبطه رِوَايَات) الأولى: تضَارونَ بِضَم أَوله وَضم رائه من غير تَشْدِيد من الضير وَهُوَ الْمضرَّة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى. قَالُوا: (لَا ضير) أَي: لَا ضَرَر، وَمَعْنَاهُ: هَل يلحقكم فِي رُؤْيَته ضير أَي: ضَرَر. الثَّانِيَة: هَل تضَارونَ بِفَتْح التَّاء وَتَشْديد الضَّاد وَالرَّاء من الضَّرَر. وَمَعْنَاهُ هَل تضَارونَ غَيْركُمْ فِي حَال الرُّؤْيَة بزحمة وَمُخَالفَة فِي رُؤْيَة غَيرهَا أَو لخفائه كَمَا يَفْعَلُونَ أول لَيْلَة من الشَّهْر، وَقَالَ الْخطابِيّ: وَأَصله هَل تتضارون. أَي: تتزاحمون عِنْد رُؤْيَته حَتَّى يلحقكم الضَّرَر، ووزنه تتفاعلون، فحذفت إِحْدَى التَّاءَيْنِ. الثَّالِثَة: تضَامون، بتَشْديد الْمِيم وَفتح أَوله: وَمَعْنَاهُ هَل تتضامون وتتوصلون إِلَى رُؤْيَته، وَأَصله من الانضمام. الرَّابِعَة: هَل تضَامون، بِضَم التَّاء وَتَخْفِيف الْمِيم من الضيم، وَهُوَ الْمَشَقَّة والتعب، وَأورد الثَّالِثَة وَالرَّابِعَة فِي غير هَذَا الْموضع. قَوْله:(بالظهيرة)، وَهِي اشتداد حر الشَّمْس فِي نصف النَّهَار. وَلَا يُقَال ذَلِك فِي الشتَاء. قَوْله:(ضوء)، بِالْجَرِّ بدل عَمَّا قبله فِي الْمَوْضِعَيْنِ. قَوْله:(إِلَّا كَمَا تضَارونَ)، التَّشْبِيه إِنَّمَا وَقع فِي الوضوح وَزَوَال الشَّك وَالْمَشَقَّة وَالِاخْتِلَاف لَا فِي الْمُقَابلَة والجهة وَسَائِر الْأُمُور الَّتِي جرت الْعَادة بهَا عِنْد الرُّؤْيَة. قَوْله:(أذن مُؤذن)، أَي: نَادَى منادٍ. قَوْله: (تتبع)، بِالرَّفْع ويروى بِالْجَزْمِ بِتَقْدِير اللَّام كَمَا فِي قَوْله: تَعَالَى {قل لعبادي الَّذين يقيموا الصَّلَاة} قَوْله (من الْأَصْنَام والانصاب) والاصنام جمع صنم قَالَ ابْن الْأَثِير الصَّنَم اتخذ إلاها من دون الله، وَقيل: هُوَ مَا كَانَ لَهُ جسم أَو صُورَة فَإِن لم يكن لَهُ جسم أَو صُورَة فَهُوَ وثن، والأنصاب جمع نصب، بِضَم الصَّاد وسكونها، وَهُوَ حجر كَانُوا ينصبونه فِي الْجَاهِلِيَّة ويتخذونه صنما يعبدونه، وَقيل: هُوَ حجر كَانُوا ينصبونه ويذبحون عَلَيْهِ فيحمر بِالدَّمِ. قَوْله: (برا وفاجرا)، أَي: هُوَ برا وَهُوَ فَاجر، وَالْبر هُوَ الَّذِي يَأْتِي بِالْخَيرِ ويطيع ربه، يُقَال: فلَان يبر خالقه ويتبرره، أَي: يطيعه وَيجمع على أبرار، والبار يجمع على بررة، والفاجر المنبعث فِي الْمعاصِي والمحارم من فجر يفجر، من بَاب نصر ينصر فجورا قَوْله:(وغبرات أهل الْكتاب) بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة الْمَفْتُوحَة بعْدهَا رَاء جمع غبر، وَهُوَ جمع غابر وَالْمعْنَى: بقايا أهل الْكتاب، من غبر الشَّيْء يغبر غبورا إِذا مكث وَبَقِي، والغابر هُوَ الْمَاضِي. قَالَ الْأَزْهَرِي: هُوَ من الأضداد ثمَّ قَالَ: وَالْمَعْرُوف الْكثير أَن الغابر هُوَ الْبَاقِي. قَوْله: (فَيُقَال لَهُم: كَذبْتُمْ)، قَالَ الْكرْمَانِي: التَّصْدِيق والتكذيب راجعان إِلَى الحكم الْموقع لَا إِلَى الحكم الْمشَار إِلَيْهِ لِأَنَّهُ إِذا قيل: زيد بن عمر وَجَاء فكذبته فقد أنْكرت الْمَجِيء لَا كَونه ابْن عَمْرو، وَأجَاب بقوله: نفي اللَّازِم هُوَ كَونه ابْن الله تَعَالَى ليلزم نفي الْمَلْزُوم وَهُوَ عبَادَة ابْن الله، أَو نقُول: الرُّجُوع الْمَذْكُور هُوَ مُقْتَضى الظَّاهِر وَقد يتَوَجَّه