الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَليّ وزر بن حُبَيْش، وَقَالَ مقَاتل: كَانَ تنور آدم، عليه الصلاة والسلام، وَإِنَّمَا كَانَ بِالشَّام بِموضع يُقَال لَهُ: عين وردة، وَعَن عِكْرِمَة، كَانَ التَّنور بِالْهِنْدِ.
وَقَالَ عِكْرَمَةُ وَجْهُ الأرْضِ
أَي: قَالَ عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس، التَّنور اسْم لوجه الأَرْض، وَذكروا فِيهِ سِتَّة أَقْوَال: أَحدهَا: هَذَا. وَالثَّانِي: اسْم لأعلى وَجه الأَرْض. وَالثَّالِث: تنوير الصُّبْح من قَوْلهم: نور الصُّبْح تنويرا. وَالرَّابِع: طُلُوع الشَّمْس. وَالْخَامِس: هُوَ الْموضع الَّذِي اجْتمع فِيهِ مَاء السَّفِينَة فَإِذا فار مِنْهُ المَاء كَانَ ذَلِك عَلامَة لنوح، عليه الصلاة والسلام، لركوب السَّفِينَة، وَالسَّادِس: مَا ذكره البُخَارِيّ.
1 -
5)
وَفِي بعض النّسخ: بَاب: {إِلَّا إِنَّهُم يثنون} وَقد ذكرنَا عَن قريب أَنه من الثني وَمَا قَالُوا فِيهِ.
4681 -
ح دَّثنا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ بنِ صَبَّاحٍ حدَّثنا حَجَّاجٌ قَالَ قَالَ ابنُ جُرَيْجٍ أخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَبَّادِ بنِ جَعْفَرٍ أنَّهُ سَمِعَ ابنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ أَلا إنَّهُمْ يَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ قَالَ سَأَلْتُهُ عَنْها فَقَلَ أُناسٌ كَانُوا يَسْتَحْيُونَ أنْ يَتَخَلَّوْا فَيُفْضُوا إلَى السَّمَاءِ وَأنْ يُجامِعُوا نِساءَهُمْ فَيُفْضُوا إلَى السَّماءِ فَنَزَلَ ذالِكَ فِيهِمْ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَالْحسن بن مُحَمَّد بن صباح: تَشْدِيد الْبَاء الْمُوَحدَة، أَبُو عَليّ الزَّعْفَرَانِي، مَاتَ يَوْم الِاثْنَيْنِ لثمان بَقينَ من رَمَضَان سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، وحجاج هُوَ ابْن مُحَمَّد الْأَعْوَر ترمذي سكن المصيصة، وَابْن جريح هُوَ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج، وَمُحَمّد بن عباد، بتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن جَعْفَر المَخْزُومِي.
قَوْله: (أَلا إِنَّهُم)، كلمة تَنْبِيه تدل على تحقق مَا بعْدهَا. قَوْله:(يثنوني) ، بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَفتح النُّون وَسُكُون الْوَاو وَكسر النُّون الْأَخِيرَة، هُوَ مضارع على وزن يفعوعل وماضيه أئتوني. عَليّ وزن افعوعل من الثني على طَرِيق الْمُبَالغَة. كَمَا تَقول: أحلولي، للْمُبَالَغَة من الْحَلَاوَة، وَقَالَ بَعضهم: هَذَا بِنَاء مُبَالغَة، كاعشوشب. قلت: كَانَ يَنْبَغِي أَن يَقُول: كيعشوشب، فأحد الشَّيْئَيْنِ وَالْوَاو زائدتان لِأَنَّهُ من عشب، وقرىء بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة فِي أَوله مَوضِع الْيَاء آخر الْحُرُوف. وعَلى الْوَجْهَيْنِ لفظ:(صُدُورهمْ) مَرْفُوع بِهِ وَالْقِرَاءَة الْمَشْهُورَة يثنون بِلَفْظ الْجمع الْمُذكر الْمُضَارع، وَالضَّمِير فِيهِ رَاجع إِلَى الْمُنَافِقين، وصدورهم مَنْصُوب بِهِ، وقرىء: لتئتوني، بِزِيَادَة اللَّام فِي أَوله: وتثنون أَصله تثنوين، من الثن بِكَسْر الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَتَشْديد النُّون، وَهُوَ ماهش وَضعف من الْكَلَام يُرِيد مطاوعة صُدُورهمْ لِلتَّمَنِّي كَمَا يثنى النَّبَات من هشه، وَأَرَادَ ضعف إِيمَانهم وَمرض قُلُوبهم: قرىء: تثنثن من اثْنَان على وزن افعال مِنْهُ، وَلكنه همز كَمَا قيل: أبيأضت من ابياضت، وقرىء: يثنوي. على وزن يرعوي. قَوْله: (كَانُوا يستحيون) ، من الْحيَاء، ويروى: يستخفون، من الاستخفاء، وَقَالَ ابْن عَبَّاس: كَانُوا يستحيون أَن يتخلوا فيفضوا إِلَى السَّمَاء وَأَن يجامعوا نِسَاءَهُمْ فيفضوا إِلَى السَّمَاء. قَوْله: (أَن يتخلوا)، أَي: أَن يقضوا الْحَاجة فِي الْخَلَاء وهم عُرَاة، وَحكى ابْن التِّين بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة، ثمَّ حكى عَن الشَّيْخ أبي الْحسن الْقَابِسِيّ أَنه أحسن، أَي: يرقدون على حلاوة قفاهم. قَوْله: (فيفضوا) ، من أفْضى الرجل إِلَى امْرَأَته إِذا بَاشَرَهَا، وَفِي رِوَايَة أبي أُسَامَة: كَانُوا لَا يأْتونَ النِّسَاء وَلَا الْغَائِط إلَاّ وَقد تغشوا بثيابهم كَرَاهَة أَن يفضوا بفروجهم إِلَى السَّمَاء. (فَنزل ذَلِك) أَي: قَوْله عز وجل: {أَلا إِنَّهُم يثنون} الْآيَة.
4682 -
ح دَّثني إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى أخْبَرَنَا هِشَامٌ عنِ ابنِ جُرَيْجٍ وَأخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَبَّادِ بنِ
جَعْفَرٍ أنَّ ابنَ عَبَّاسٍ قَرَأَ أَلا إنهُمْ تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ قُلْتُ يَا أَبَا العَبَّاسِ مَا تَثْنُونِي صُدُورُهُمْ قَالَ كَانَ الرَّجُلُ يُجَامِعُ امْرَأَتَهُ فَيَسْتَحِي أوْ يَتَخَلَّى فَيَسْتَحِي فَنَزَلَتْ: {أَلا إنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} .
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث الْمَذْكُور أخرجه عَن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى الْفراء أبي إِسْحَاق الرَّازِيّ الْمَعْرُوف بالصغير عَن هِشَام بن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ الْيَمَانِيّ قاضيها عَن عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج.
قَوْله: (وَأَخْبرنِي)، ويروى عَن ابْن جريج. قَالَ: وَأَخْبرنِي، فَكَأَن هَذِه الْعبارَة تدل على أَن ابْن جريج روى هَذَا عَن غير مُحَمَّد بن عباد، وَفِي رِوَايَة الطَّبَرِيّ عَن ابْن جريج عَن ابْن أبي مليكَة عَن ابْن عَبَّاس. قَوْله:(تثنوني) ، على وزن، تفعوعل، كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن قريب، (وصدورهم) مَرْفُوع بِهِ قلت: قَائِله مُحَمَّد بن جَعْفَر، وَأَبُو الْعَبَّاس كنية عبد الله بن عَبَّاس.
203 -
(حَدثنَا الْحميدِي حَدثنَا سُفْيَان حَدثنَا عَمْرو قَالَ قَرَأَ ابْن عَبَّاس أَلا إِنَّهُم يثنون صُدُورهمْ ليستخفوا مِنْهُ أَلا حِين يستغشون ثِيَابهمْ وَقَالَ غَيره عَن ابْن عَبَّاس يستغشون يغطون رُؤْسهمْ) هَذَا طَرِيق آخر أخرجه عَن عبد الله بن الزبير بن عِيسَى الْحميدِي عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار قَوْله " يثنون " بِفَتْح الْيَاء وَسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَضم النُّون وَهِي الْقِرَاءَة الْمَشْهُورَة وَلَفظ صُدُورهمْ مَنْصُوب بِهِ قَوْله " ليستخفوا مِنْهُ " قد مر تَفْسِيره عَن قريب قَوْله " وَقَالَ غَيره " أَي غير عَمْرو بن دِينَار روى عَن ابْن عَبَّاس
(سيء بهم سَاءَ ظَنّه بقَوْمه وضاق بهم بأضيافه) أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى وَلما جَاءَت رسلنَا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وَالَّذِي فسره البُخَارِيّ مَرْوِيّ عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس أخرجه الطَّبَرِيّ وَالضَّمِير فِي بهم يرجع إِلَى قوم لوط وَفِي الَّذِي ضَاقَ بهم يرجع إِلَى الأضياف وهم الْمَلَائِكَة الَّذين أَتَوا لوطا فِي صُورَة غلْمَان جرد فَلَمَّا نظر إِلَى حسن وُجُوههم وَطيب روائحهم أشْفق عَلَيْهِم من قومه وضاق صَدره وَعظم الْمَكْرُوه عَلَيْهِ قَوْله " وضاق بهم ذرعا " قَالَ الزّجاج يُقَال ضَاقَ زيد بأَمْره ذرعا إِذا لم يجد من الْمَكْرُوه الَّذِي أَصَابَهُ مخلصا
(بِقطع من اللَّيْل بسواد) أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى فَأسر بأهلك بِقطع من اللَّيْل وَلَا يلْتَفت مِنْكُم أحد الْآيَة وَفسّر الْقطع بسواد وَهُوَ مَرْوِيّ هَكَذَا عَن ابْن عَبَّاس أخرجه ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَنهُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة مَعْنَاهُ بِبَعْض من اللَّيْل وروى عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن قَتَادَة بطَائفَة من اللَّيْل
(وَقَالَ مُجَاهِد أنيب أرجع) أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه عَلَيْهِ توكلت وَإِلَيْهِ أنيب وَفسّر أنيب من الْإِنَابَة بقوله أرجع وَقد وَصله عبد بن حميد من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد بِهَذَا وَلم تقع نِسْبَة هَذَا إِلَى مُجَاهِد فِي رِوَايَة أبي ذَر وَرُبمَا يُوهم ذَلِك أَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِك وَهنا تَفْسِير أَلْفَاظ وَقعت فِي بعض النّسخ قبل بَاب وَكَانَ عرضه على المَاء
(سجيل الشَّديد الْكَبِير: سجيل وسجين وَاللَّام وَالنُّون أختَان وَقَالَ تَمِيم بن مقبل
(ورجلة يضْربُونَ الْبيض ضاحية
…
ضربا توَاصى بِهِ الْأَبْطَال سجينا)
أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى {وأمطرنا عَلَيْهَا حِجَارَة من سجيل منضود} وَفَسرهُ بقوله الشَّديد الْكَبِير بِالْبَاء وبالثاء الْمُثَلَّثَة أَيْضا وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة هُوَ الشَّديد من الْحِجَارَة الصلب وَاعْترض ابْن التِّين بِأَنَّهُ لَو كَانَ معنى السجيل الشَّديد الْكَبِير لما دخلت
عَلَيْهِ من وَكَانَ يَقُول حِجَارَة سجيلا لِأَنَّهُ لَا يُقَال حِجَارَة من شَدِيد (قلت) يُمكن أَن يكون فِيهِ حذف تَقْدِيره وَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِم حِجَارَة كائنة من شَدِيد كَبِير يَعْنِي من حجر قوي شَدِيد صلب قَوْله " سجيل وسجين " أَرَادَ بِهِ أَنَّهُمَا لُغَتَانِ بِاللَّامِ وَالنُّون بِمَعْنى وَاحِد قَوْله " وَاللَّام وَالنُّون أختَان " إِشَارَة إِلَى أَنَّهُمَا من حُرُوف الزَّوَائِد وَأَن كلا مِنْهُمَا يقلب عَن الآخر وَاسْتشْهدَ على ذَلِك بقول تَمِيم بن مقبل بن حبيب بن عَوْف بن قُتَيْبَة بن العجلان بن كَعْب بن عَامر بن صعصعة العامري الْعجْلَاني شَاعِر مخضرم أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام وَكَانَ أَعْرَابِيًا جَافيا أحد الْغَوْر من الشُّعَرَاء المجيدين وَالْبَيْت الْمَذْكُور من جملَة قصيدته الَّتِي ذكر فِيهَا ليلى زوج أَبِيه وَكَانَ خلف عَلَيْهَا فَلَا فرق الْإِسْلَام بَينهمَا قَالَ
(طَاف الخيال بِنَا ركبا يَمَانِيا
…
وَدون ليلى عواد لَو تعدينا)
(مِنْهُنَّ مَعْرُوف آيَات الْكتاب وَإِن
…
نعتل تكذب ليلى بِمَا تمنينا)
إِلَى أَن قَالَ
(وعاقد التَّاج أوسام لَهُ شرف
…
من سوقة النَّاس عَادَته عوادينا)
(فَإِن فِينَا صَبُوحًا إِن أريت بِهِ
…
ركبا بهيا وآلاف تمانينا)
(ورجلة يضْربُونَ الْبيض ضاحية
…
ضربا توَاصى بِهِ الْأَبْطَال سجينا)
وَهِي من الْبَسِيط والاستشهاد فِي قَوْله سجينا لِأَنَّهُ بِمَعْنى شَدِيدا كثيرا قَوْله " ورجلة " قَالَ الْكرْمَانِي الرجلة بِمَعْنى الرجالة ضد الفرسان (قلت) هُوَ بِفَتْح الرَّاء وَسُكُون الْجِيم وَلَيْسَ بِمَعْنى الرجالة بل بِمَعْنى الرجل بِدُونِ التَّاء وَفِي الأَصْل الرجل جمع راجل خلاف الْفَارِس مثل صحب جمع صَاحب وَالظَّاهِر أَنه بِضَم الرَّاء وَالتَّقْدِير وَذَوي رجلة أَي رجولية وَيُقَال راجل جيد الرجلة بِالضَّمِّ يَعْنِي كَامِل فِي الرجولية وَقَالَ الْكرْمَانِي وَهُوَ بِالْجَرِّ وَقيل بِالنّصب مَعْطُوفًا على مَا قبله وَهُوَ قَوْله فَإِن فِينَا صَبُوحًا (قلت) وَلم يبين وَجه الْجَرّ وَالظَّاهِر أَن الْوَاو فِيهِ وَاو رب أَي رب ذَوي رجلة وَحكى ابْن التِّين بِالْحَاء الْمُهْملَة وَلم يبين وَجهه فَإِن صَحَّ ذَلِك فوجهه أَن يُقَال تَقْدِيره وَذَوي رحْلَة بِالضَّمِّ أَي قُوَّة وَشدَّة يُقَال نَاقَة ذَات رحْلَة أَي ذَات شدَّة وَقُوَّة على السّير وَحكى هَذَا عَن أبي عَمْرو قَوْله " الْبيض " بِكَسْر الْبَاء جمع أَبيض وَهُوَ السَّيْف وَيجوز بِفَتْح الْبَاء جمع بَيْضَة الْحَدِيد قَوْله " ضاحية " أَي فِي وَقت الضحوة أَو ظَاهِرَة قَوْله " توَاصى " أَصله تتواصى فحذفت إِحْدَى التَّاءَيْنِ ويروى تواصت بِالتَّاءِ فِي آخِره قَوْله " الْأَبْطَال " جمع بَطل وَهُوَ الشجاع قَوْله " سجينا " بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْجِيم وَقَالَ الْحسن بن المظفر النَّيْسَابُورِي كَأَنَّهُ هُوَ فعيل من السجْن يثبت من وَقع فِيهِ فَلَا يبرح مَكَانَهُ وَقَالَ المؤرخ سجيل وسجين أَي دَائِم وَرَوَاهُ ابْن الْأَعرَابِي سخينا بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة أَي سخينا حارا يَعْنِي الضَّرْب وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة السجيل بِالْفَارِسِيَّةِ سنك كل أَي حِجَارَة وطين (قلت) سنك بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون وبالكاف الصماء وَهُوَ الْحجر بِالْفَارِسِيَّةِ وكل بِكَسْر الْكَاف الصماء وَسُكُون اللَّام الطين فَلَمَّا عرب كسرت السِّين لِأَن الْعَرَب إِذا اسْتعْملت لفظا أعجميا يتصرفون فِيهِ بتغيير الحركات وقلب بعض الْحُرُوف بِبَعْض وَذكروا أقوالا فِي لفظ سجيل الْمَذْكُور فِي الْآيَة الْكَرِيمَة وأمطرنا عَلَيْهِم حِجَارَة من سجيل فَفِي التَّلْوِيح وَاخْتلف فِي لفظ سجيل فَقيل هُوَ دخيل وَقيل هُوَ عَرَبِيّ وَقيل هُوَ الْحِجَارَة كالمدر وَقيل حِجَارَة من سجيل طبخت بِنَار جَهَنَّم مَكْتُوب عَلَيْهَا أَسمَاء الْقَوْم وَقَالَ الْحسن أَصله طين شوى وَقَالَ الضَّحَّاك يَعْنِي الْآجر وَقَالَ ابْن زيد طبخ حَتَّى صَار كالآجر وَقيل اسْم للسماء الدُّنْيَا وَقَالَ عِكْرِمَة سجيل بَحر مُعَلّق فِي الْهَوَاء بَين السَّمَاء وَالْأَرْض مِنْهُ نزلت الْحِجَارَة وَقيل هِيَ جبال فِي السَّمَاء وَهِي الَّتِي أَشَارَ الله عز وجل إِلَيْهَا بقوله {وَينزل من السَّمَاء من جبال فِيهَا من برد} وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ قيل هُوَ فعيل من قَول الْعَرَب أسجلته إِذا أَرْسلتهُ فَكَأَنَّهَا مُرْسلَة عَلَيْهِم وَقيل هُوَ من سجلت لَهُ سجلا إِذا أَعْطيته كَأَنَّهُمْ أعْطوا ذَلِك الْبلَاء وَالْعَذَاب وَقَالَ الْقَزاز سجيل عَال
(استعمركم جعلكُمْ عمارا أعمرته الدَّار فَهِيَ عمرى جَعلتهَا لَهُ) أَشَارَ إِلَى قَوْله تَعَالَى {هُوَ أنشأكم من الأَرْض واستعمركم فِيهَا فاستغفروه} الْآيَة وَفَسرهُ بقوله جعلكُمْ عمارا وَهَكَذَا
روى عَن مُجَاهِد قَوْله " أعمرته الدَّار " إِلَى آخِره مر فِي كتاب الْهِبَة قَوْله " جَعلتهَا لَهُ " أَي هبة وَهَذَا لم يثبت إِلَّا فِي رِوَايَة أبي ذَر (نكرهم وأنكرهم واستنكرهم وَاحِد) أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى {فَلَمَّا رأى أَيْديهم لَا تصل إِلَيْهِ نكرهم وأوجس مِنْهُم خيفة} الْآيَة أَي فَلَمَّا رأى أَيدي الْمَلَائِكَة لَا تصل إِلَى عجل حنيذ الَّذِي قدمه إِلَيْهِم حِين جَاءَ خَافَ فَقَالُوا {لَا تخف إِنَّا أرسلنَا إِلَى قوم لوط} وَأَشَارَ بِأَن معنى نكرهم الثلاثي الْمُجَرّد وأنكرهم الثلاثي الْمَزِيد فِيهِ واستنكرهم من بَاب الاستفعال كلهَا بِمَعْنى وَاحِد من الْإِنْكَار وَقَالَ الْجَوْهَرِي نكرت الرجل بِالْكَسْرِ نكرا ونكورا وأنكرته كُله بِمَعْنى
(حميد مجيد كَأَنَّهُ فعيل من ماجد. مَحْمُود من حمد) أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله عز وجل {رَحْمَة الله وَبَرَكَاته عَلَيْكُم أهل الْبَيْت إِنَّه حميد مجيد} أَي أَن الله هُوَ الَّذِي يسْتَحق الْحَمد وَالْمجد وَالْمجد الشّرف يُقَال رجل ماجد إِذا كَانَ سخيا وَاسع الْعَطاء قَوْله " كَأَنَّهُ فعيل " لَيْسَ هَذَا مَحل الشَّك حَتَّى قَالَ كَأَنَّهُ فعيل أَي كَانَ وَزنه فعيل بل هُوَ على وزن فعيل من صِيغَة ماجد وَحميد بِمَعْنى مَحْمُود قَوْله " من حمد " أَي أَخذ حميد من حمد على صِيغَة الْمَجْهُول وَقَالَ الطَّيِّبِيّ الْمجِيد مُبَالغَة الْمَاجِد من الْمجد وَهُوَ سَعَة الْكَرم من قَوْلهم مجدت الْمَاشِيَة إِذا صادفت رَوْضَة انفا وأمجدها الرَّاعِي وَقيل الْمجِيد بِمَعْنى الْعَظِيم الرفيع الْقدر
(إجرامي هُوَ مصدر من أجرمت وَبَعْضهمْ يَقُول جرمت) أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله عز وجل {قل إِن افتريته فعلي إجرامي وَأَنا برىء مِمَّا تجرمون} قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ وإجرامي بِلَفْظ الْمصدر وَالْجمع كَقَوْلِه {وَالله يعلم إسرارهم} وينصر الْجمع أَن فسروه بآثامي وَالْمعْنَى إِن صَحَّ وَثَبت أَنِّي افتريته فعلي عُقُوبَة إجرامي أَي افترائي وَيُقَال الإجرام اكْتِسَاب السَّيئَة يُقَال أجرم فَهُوَ مجرم قَوْله " وَبَعْضهمْ " يَقُول جرمت يَعْنِي من صِيغَة الثلاثي الْمُجَرّد وَهُوَ قَول أبي عُبَيْدَة وجرمت بِمَعْنى كسبت
(الْفلك والفلك وَاحِد وَهِي السَّفِينَة والسفن) أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى {واصنع الْفلك بأعيننا} وَأَشَارَ بِأَن الْفلك يُطلق على الْوَاحِد وعَلى الْجمع بِلَفْظ وَاحِد فَلذَلِك قَالَ وَهِي السَّفِينَة والسفن أَي الْفلك إِذا أطلق على الْوَاحِد يكون الْمَعْنى السَّفِينَة وَإِذا أطلق على الْجمع يكون الْمَعْنى السفن الَّتِي هِيَ جمع سفينة وَالْفَاء فيهمَا مَضْمُومَة فضمة الْمُفْرد مثل ضمة قفل وضمة الْجمع مثل ضمة أَسد جمع أَسد
(مجْراهَا مدفعها وَهُوَ مصدر أجريت وأرسيت حبست وَيقْرَأ مرْسَاها من رست هِيَ ومجراها من جرت هِيَ ومجريها ومرسيها من فعل بهَا) أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى {وَقَالَ اركبوا فِيهَا بِسم الله مجْراهَا وَمرْسَاهَا} وَفسّر مجْراهَا بِضَم الْمِيم الَّذِي هُوَ قِرَاءَة الْجُمْهُور بقوله مدفعها وَأَرَادَ بِهِ مسيرها وَعَن ابْن عَبَّاس مجْراهَا حَيْثُ تجْرِي وَمرْسَاهَا حَيْثُ ترسي قَوْله " وَهُوَ مصدر أجريت " أَرَادَ بِهِ الْمصدر الميمي والمصدر على بَابه من أجريت إِجْرَاء قَوْله " وأرسيت حبست " أَي معنى أرسيت حبست قَوْله وَيقْرَأ مرْسَاها يَعْنِي بِفَتْح الْمِيم وَهِي قِرَاءَة الْكُوفِيّين حَمْزَة وَالْكسَائِيّ وَحَفْص عَن عَاصِم قَوْله " من رست " أَي أَن مرْسَاها بِفَتْح الْمِيم مَأْخُوذ من رست أَي السَّفِينَة إِذا ركدت واستقرت وَكَذَلِكَ مجْراهَا بِفَتْح الْمِيم من جرت هِيَ أَي من جرت تجْرِي جَريا قَوْله " ومجريها ومرسيها " يَعْنِي تقْرَأ بِضَم الْمِيم فيهمَا وَهِي قِرَاءَة يحيى بن وثاب وَالْمعْنَى الله مجريها ومرسيها (فَالْأول) من الإجراء (وَالثَّانِي) من الإرساء قَوْله من فعل بهَا بِصِيغَة الْمَعْلُوم والمجهول يرجع إِلَى الْقِرَاءَتَيْن فَفِي قِرَاءَة بِفَتْح الْمِيم بِصِيغَة الْمَعْلُوم وَفِي قِرَاءَة بِلَفْظ الْفَاعِل بِصِيغَة الْمَجْهُول