الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمزي فِي (الْأَطْرَاف) ، وروح، بِفَتْح الرَّاء ابْن عبَادَة بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة، وخبيب بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف الخزرجي، وَأَبُو سعيد اسْمه حَارِث أَو رَافع أَو أَوْس بن الْمُعَلَّى بِلَفْظ إسم الْمَفْعُول من التعلية بِالْمُهْمَلَةِ الْأنْصَارِيّ.
والْحَدِيث مضى فِي تَفْسِير سُورَة الْفَاتِحَة فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُسَدّد عَن يحيى عَن شُعْبَة إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
قَوْله: (أعظم سُورَة) أَي فِي الثَّوَاب على قرَاءَتهَا وَذَلِكَ لما يجمع هَذِه السُّورَة من الثَّنَاء وَالدُّعَاء وَالسُّؤَال. قَوْله: (قبل أَن أخرج)، أَي: من الْمَسْجِد، وَبِه صرح فِي الحَدِيث الَّذِي مضى فِي تَفْسِير الْفَاتِحَة. قَوْله:(فَذكرت لَهُ)، أَي: لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ قَوْله: لأعلمنك أعظم سُورَة فِي الْقُرْآن، وَفِي الَّذِي مضى فِي تَفْسِير الْفَاتِحَة قلت لَهُ: ألم تقل لأعلمنك سُورَة هِيَ أعظم سُورَة فِي الْقُرْآن؟ قَالَ: (الْحَمد لله رب الْعَالمين هِيَ السَّبع المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي أُوتِيتهُ) .
وَقَالَ مُعاذٌ حَدثنَا شُعْبَةُ عنْ خُبَيْبٍ سَمِعَ حفْصاً سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ رَجُلاً منْ أصْحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بِهاذَا وَقَالَ هِيَ الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ السَّبْعُ المَثانِي.
هَذَا تَعْلِيق رَوَاهُ معَاذ بن معَاذ الْعَنْبَري بِسُكُون النُّون وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة عَن شُعْبَة بن الْحجَّاج عَن خبيب بن عبد الرَّحْمَن الْمَذْكُور فِي الحَدِيث الْمَاضِي عَن حَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب أبي سعيد بن الْمُعَلَّى، وَوَصله الْحسن بن سُفْيَان فِي مُسْنده عَن عبيد الله بن معَاذ عَن أَبِيه عَن شُعْبَة إِلَى آخِره، وَفَائِدَة إِيرَاد هَذَا التَّعْلِيق مَا وَقع فِيهِ من تَصْرِيح سَماع حَفْص بن عَاصِم عَن أبي سعيد بن الْمُعَلَّى. قَوْله:(رجلا)، بدل من أبي سعيد. قَوْله:(بِهَذَا)، أَي: بِهَذَا الحَدِيث الْمَذْكُور. قَوْله: (وَقَالَ) أَي: النَّبِي صلى الله عليه وسلم هِيَ أعظم سُورَة فِي الْقُرْآن الْحَمد لله رب الْعَالمين السَّبع المثاني بدل قَوْله: (رب الْعَالمين) ، أَو عطف بَيَان وَهِي سبع آيَات وَسميت بالمثاني لِأَنَّهَا تئني فِي الصَّلَاة، والمثاني من التَّثْنِيَة وَهِي التكرير لِأَن الْفَاتِحَة تَتَكَرَّر فِي الصَّلَاة، أَو من الثَّنَاء لاشتمالها على الثَّنَاء على الله تَعَالَى.
3 -
(بابٌ: {وإذْ قالُوا اللَّهُمَّ إنْ كانَ هاذَا هُوَ الحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فأمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أوِ ائْتِنا بِعَذَابٍ ألِيمٍ} (الْأَنْفَال:
32)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وجل: {وَإِذ قَالُوا اللَّهُمَّ} الْآيَة، وَلَيْسَ فِي بعض النّسخ ذكر لفظ: بَاب، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر:{وَإِذ قَالُوا اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحق من عنْدك فَأمْطر} الْآيَة. قَوْله: (وَإِذ قَالُوا) أَي: ذكر حِين قَالُوا مَا قَالُوا، والقائلون هم كفار قُرَيْش مثل النَّضر بن الْحَارِث وَأبي جهل وإضرابهما من الْكَفَرَة الجهلة وَذَلِكَ من كَثْرَة جهلهم وعتوهم وعنادهم وَشدَّة تكذيبهم. قَوْله:(هَذَا هُوَ الْحق) أَرَادوا بِهِ الْقُرْآن، وَقيل: أَرَادو بِهِ نبوة النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قَوْله: (فَأمْطر علينا حِجَارَة من السَّمَاء) ، إِنَّمَا قَالُوا هَذَا القَوْل لشُبْهَة تمكنت فِي قُلُوبهم وَلَو عرفُوا بُطْلَانهَا مَا قَالُوا مثل هَذَا القَوْل مَعَ علمهمْ بِأَن الله قَادر على ذَلِك، فطلبوا إمطار الْحِجَارَة إعلاماً بِأَنَّهُم على غَايَة الثِّقَة فِي أَن أمره صلى الله عليه وسلم لَيْسَ بِحَق، وَإِذا لم يكن حَقًا لم يصبهم هَذَا الْبلَاء الَّذِي طلبوه.
قَالَ ابنُ عُيَيْنَةَ مَا سَمَّى الله تَعَالَى مَطَراً فِي القُرْآنِ إلَاّ عذَاباً وتُسَمِّيهِ العَرَبُ الغَيْثَ وهْوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يُنْزِلُ الغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قنطُوا} (الشورى: 28)
أَي: قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة إِلَى آخِره، وَهَكَذَا هُوَ فِي تَفْسِيره رَوَاهُ سعيد بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي عَنهُ. قَوْله:(إِلَّا عذَابا)، فِيهِ نظر لِأَن الْمَطَر جَاءَ فِي الْقُرْآن بِمَعْنى الْغَيْث فِي قَوْله تَعَالَى:{إِن كَانَ بكم أَذَى من مطر} (النِّسَاء: 102) فَالْمُرَاد بِهِ هُنَا الْمَطَر قطعا وَمعنى التأذي بِهِ البلل الْحَاصِل مِنْهُ والوحل وَغير ذَلِك. قَوْله: (وتسميه الْعَرَب) إِلَى آخِره، من كَلَام ابْن عُيَيْنَة، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الْمَطَر وَاحِد الأمطار، ومطرت السَّمَاء تمطر مَطَرا، وأمطرها الله وَقد مُطِرْنَا، وناس يَقُولُونَ: مطرَت السَّمَاء وأمطرت بِمَعْنى، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: إِذا كَانَ من الْعَذَاب فَهُوَ أمْطرت، وَإِن كَانَ من الرَّحْمَة فَهُوَ ومطرت.
4648 -
ح دَّثني أحْمَدُ حَدثنَا عُبَيْدُ الله بنُ مُعاذٍ حَدثنَا أبي حَدثنَا شُعْبَةُ عنْ عبْدِ الحَمِيدِ هُوَ ابنُ كُرْدِيدٍ صاحِبُ الزِّيادِيِّ سَمِعَ أنَسَ بنَ مالِكٍ رضي الله عنه قَالَ أبُو جَهْلٍ اللَّهُمَّ إنْ كَانَ هاذَا هُوَ الحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فأمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أوِ ائْتِنا بعَذَابٍ ألِيمٍ. فنَزَلَتْ: {وَمَا كانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وأنْتَ فِيهِمْ وَمَا كانَ الله مُعَذِّبَهُمْ وهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَمَا لَهُمْ أنْ لَا يُعَذِّبَهُمُ الله وهُمْ يَصُدُّونَ عنِ المَسْجِدِ الحَرَامِ} (الْأَنْفَال: 33 34) .
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأحمد هَذَا ذكر كَذَا غير مَنْسُوب فِي جَمِيع الرِّوَايَات، وَقد جزم الْحَاكِم أَبُو أَحْمد وَالْحَاكِم أَبُو عبد الله أَنه ابْن النَّضر بن عبد الْوَهَّاب النَّيْسَابُورِي، وَقَالَ الْحَافِظ الْمزي أَيْضا هُوَ أَحْمد بن النَّضر أَخُو مُحَمَّد وهما من نيسابور. قلت: الْآن يَأْتِي فِي عقيب الحَدِيث الْمَذْكُور رِوَايَة البُخَارِيّ عَن مُحَمَّد بن النَّضر هَذَا وهما من تلامذة البُخَارِيّ وَإِن شاركوه فِي بعض شُيُوخه وَلَيْسَ لَهما فِي البُخَارِيّ إلَاّ هَذَا الْموضع، وَعبيد الله بن معَاذ يروي عَن أَبِيه معَاذ بن معَاذ بن حسان أَبُو عمر الْعَنْبَري التَّمِيمِي الْبَصْرِيّ، وَعبد الحميد بن دِينَار والبصري. وَقَالَ عَمْرو بن عَليّ هُوَ عبد الحميد بن وَاصل وَهُوَ تَابِعِيّ صَغِير وَقد وَقع فِي نسختنا عبد الحميد بن كرديد، بِضَم الْكَاف وَكسرهَا وَسُكُون الرَّاء وَكسر الدَّال الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره دَال أُخْرَى، وَلم أر أحدا ذكره وَلَا الْتزم أَنا بِصِحَّتِهِ، والزيادي، بِكَسْر الزَّاي وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف نِسْبَة إِلَى زِيَاد بن أبي سُفْيَان.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي ذكر الْمُنَافِقين وَالْكفَّار عَن عبيد الله نَفسه عَن أَبِيه عَن شُعْبَة، وَالْبُخَارِيّ أنزل دَرَجَة مِنْهُ.
قَوْله: (قَالَ أَبُو جهل) ، اسْمه عَمْرو بن هِشَام المَخْزُومِي وَظَاهر الْكَلَام أَن الْقَائِل بقوله اللَّهُمَّ إِلَى آخِره هُوَ أَبُو جهل، وروى الطَّبَرَانِيّ من طَرِيق ابْن عَبَّاس أَن الْقَائِل بِهَذَا هُوَ النَّضر بن الْحَارِث، وَكَذَا قَالَه مُجَاهِد وَعَطَاء وَالسُّديّ، وَلَا مُنَافَاة فِي ذَلِك لاحْتِمَال أَن يكون الِاثْنَان قد قَالَاه، وَقَالَ بَعضهم: نسبته إِلَى أبي جهل أولى. قلت: لَا دَلِيل على دَعْوَى الْأَوْلَوِيَّة بل لقَائِل أَن يَقُول: نسبته إِلَى النَّضر بن الْحَارِث أولى، وَيُؤَيِّدهُ أَنه كَانَ ذهب إِلَى بِلَاد فَارس وَتعلم من أَخْبَار مُلُوكهمْ رستم واسفنديار لما وجد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. قد بَعثه الله وَهُوَ يَتْلُو على النَّاس الْقُرْآن. فَكَانَ إِذا قَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من مجْلِس جلس فِيهِ النَّضر فيحدثهم من أَخْبَار أُولَئِكَ ثمَّ يَقُول: أَيّنَا أحسن قصصا أَنا أَو مُحَمَّد، وَلِهَذَا لما أمكن الله صلى الله عليه وسلم مِنْهُ يَوْم بدر وَوَقع فِي الْأُسَارَى أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن تضرب رقبته صبرا بَين يَدَيْهِ فَفعل ذَلِك، وَكَانَ الَّذِي أسره الْمِقْدَاد بن الْأسود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله:(إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحق) اخْتلف أهل الْعَرَبيَّة فِي وَجه دُخُول هُوَ فِي الْكَلَام فَقَالَ بعض الْبَصرِيين: هُوَ صلَة فِي الْكَلَام للتوكيد، وَالْحق، مَنْصُوب لِأَنَّهُ خبر كَانَ، وَقَالَ بَعضهم: الْحق مَرْفُوع لِأَنَّهُ خبر هُوَ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وَقَرَأَ الْأَعْمَش: هُوَ الْحق، بِالرَّفْع على أَن هُوَ مُبْتَدأ غير فصل، وَهُوَ فِي الْقِرَاءَة الأولى فصل. قَوْله:(فَنزلت){وَمَا كَانَ الله ليعذبهم} الْآيَة إِنَّمَا قَالَ: فَنزلت، بِالْفَاءِ لِأَنَّهَا نزلت عقيب قَوْلهم: إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحق وَذَلِكَ أَنهم لما قَالُوا ذَلِك ندموا على مَا قَالُوا، فَقَالُوا غفرانك اللَّهُمَّ، فَأنْزل الله تَعَالَى:{وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم} الْآيَة. وَقَالَ عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس: فِي هَذِه الْآيَة مَا كَانَ الله ليعذب قوما وأنبياؤهم بَين أظهرهم حَتَّى يخرجهم، وَقَالَ ابْن عَبَّاس: كَانَ فيهم أمانان النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَالِاسْتِغْفَار، فَذهب النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَبَقِي الاسْتِغْفَار. قَوْله:(ليعذبهم) أَي: لِأَن يعذبهم. قَوْله: (وَأَنت فيهم) . الْوَاو وَفِيه للْحَال وَكَذَا الْوَاو فِي: وهم يَسْتَغْفِرُونَ. قَوْله: (وَمَا لَهُم أَن لَا يعذبهم الله) الْآيَة. قَالَ ابْن جرير بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَن ابْن أَبْزَى. قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، بِمَكَّة فَأنْزل الله تَعَالَى:{وَمَا كَانَ الله ليعذبهم وَأَنت فيهم} قَالَ: فَخرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم، إِلَى الْمَدِينَة فَأنْزل الله:{وَمَا كَانَ الله معذبهم وهم يَسْتَغْفِرُونَ} قَالَ وَكَانَ أُولَئِكَ الْبَقِيَّة من الْمُسلمين الَّذين بقوافيها مستضعفين يَعْنِي بِمَكَّة وَلما خَرجُوا أنزل الله: {وَمَا لَهُم أَن لَا يعذبهم الله وهم يصدون عَن الْمَسْجِد الْحَرَام} وروى ابْن أبي حَاتِم بِإِسْنَادِهِ إِلَى عَطاء عَن ابْن عَبَّاس: {وَمَا كَانَ الله معذبهم