الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنِّي أُعِيذهَا} الْآيَة هَذَا إِخْبَار من الله عز وجل عَن امْرَأَة عمرَان أم مَرْيَم، عليها السلام، وَهِي حنة بنت فاقوذا أَنَّهَا قَالَت: إِنِّي أُعِيذهَا. أَي: عوذتها بِاللَّه عز وجل وعوذت ذريتها وَهُوَ وَلَدهَا عِيسَى، عليه السلام، فَاسْتَجَاب الله لَهَا ذَلِك، كَمَا يَأْتِي الْآن فِي حَدِيث الْبَاب.
4548 -
ح دَّثني عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حدَّثنا عَبْدُ الرزَّاقِ أخبرنَا مَعْمَرٌ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ سَعِيدِ ابنِ المُسَيَّبِ عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إلاّ وَالشَّيْطَانُ يَمّسُّهُ حِينَ يُولَدُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ إيَّا إلاّ مَرْيَمَ وَابْنَها ثُمَّ يَقُولُ أبُو هُرَيْرَةَ وافْرَؤُا إنْ شِئْتُمْ {وَإنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَتَها مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} .
عبد الله بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالمسندي. والْحَدِيث قد مر فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء، عليهم السلام فِي: بَاب قَول الله تَعَالَى: {وَاذْكُر فِي الْكتاب مَرْيَم} فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ إِلَى آخِره، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.
3 -
(بابٌ: {إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ الله وَأيْمَانِهِمْ ثَمَنا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَا خَلاقَ لَهُمْ} لَا خَيْرَ (آل عمرَان:
77)
أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن الَّذين يشْتَرونَ} الْآيَة. أَي: يستبدلون (بِعَهْد الله) بِمَا عاهدوه عَلَيْهِ من الْإِيمَان بالرسول الْمُصدق لما مَعَهم. قَوْله: (أَيْمَانهم) أَي: بِمَا حلفوا بِهِ من قَوْلهم، وَالله لنؤمنن بِهِ ولننصرنه. قَوْله:(ثمنا قَلِيلا) هُوَ عرض هَذِه الْحَيَاة الدُّنْيَا الزائلة الفانية. قَوْله: (لَا خلاق لَهُم) فسره البُخَارِيّ قَوْله: لَا خير لَهُم فِي الْآخِرَة، وَيُقَال: لَا نصيب لَهُم.
ألِيمٌ مُؤْلِمٌ مُوجِعٌ مِنَ الأَلَمِ وَهُوَ فِي مَوْضِعِ مُفْعِلٍ
أَشَارَ بِأَن لفظ الْمِيم الَّذِي وَزنه فعيل بِمَعْنى مؤلم على وزن مفعل. وَهُوَ معنى قَوْله: هُوَ فِي مَوضِع مفعل بِكَسْر الْعين، كَقَوْل الشَّاعِر:
أَمن رَيْحَانَة الدَّاعِي السَّمِيع
فَإِن السَّمِيع بِمَعْنى المسمع. وَقَوله: موجع، تَفْسِير قَوْله مؤلم.
4550 -
ح دَّثنا حَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ حدَّثنا أبُو عَوَانَةَ عنِ الأَعْمَشِ عنْ أبِي وَائِلٍ عنْ عَبْدِ الله ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مَنِ حَلَفَ يَمِينَ صَبْرٍ لِيَقْتَطِعَ بِها مَالَ امْرِىءٍ مُسْلِمٍ لَقِيَ الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ فَأُنْزَلَ الله تَصْدِيقَ ذَلِكَ {إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ الله وَأيْمَانِهِمْ ثَمَنا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ} إلَى آخِرِ الآيَةِ قَالَ فَدَخَلَ الأشْعَثُ ابنُ قَيْسٍ وَقَالَ مَا يُحَدِّثُكُمْ أبُو عَبْدِ الرَّحْمانِ قُلْنا كَذَا وَكَذَا قَالَ فِيَّ أُنْزِلَتْ كَانَتْ لِي بِئْرٌ فِي أرْض ابنِ عَمٍّ لِي قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بَيِّنَتُكَ أوْ يَمِينُهُ فَقُلْتُ إِذا يَحْلِفَ يَا رَسُولَ الله فَقَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِىءٍ مُسْلِمٍ وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ لَقِيَ الله وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانٌ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَأَبُو عوَانَة الوضاح بن عبد الله الْيَشْكُرِي وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة.
والْحَدِيث قد مر فِي كتاب الشَّهَادَات فِي بَاب مُجَرّد بعد: بَاب الْيَمين على الْمُدَّعِي عَلَيْهِ فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن جرير عَن مَنْصُور عَن أبي وَائِل إِلَى آخِره، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مستقصىً.
قَوْله: (من حلف يَمِين صَبر) بِإِضَافَة يَمِين إِلَى صَبر، وَفِي آخر الحَدِيث على يَمِين صَبر ويروى، من حلف يَمِينا صبرا، أَي: يَمِينا ألزم بهَا وَحبس عَلَيْهَا، وأصل الصَّبْر الْحَبْس أَو يحبس نَفسه ليحلف. قَوْله:(غَضْبَان) إِطْلَاق الْغَضَب على الله مجَاز، وَالْمرَاد لَازمه وَهُوَ إِيصَال الْعقَاب. قَوْله:(فَدخل الْأَشْعَث) بالشين الْمُعْجَمَة وَالتَّاء الْمُثَلَّثَة ابْن قيس الْكِنْدِيّ. قَوْله: (مَا يُحَدثكُمْ) أَي: أَي شَيْء يُحَدثكُمْ أَبُو عبد الرَّحْمَن، وَهُوَ كنية عبد الله بن مَسْعُود. قَوْله: فِي (بِكَسْر الْفَاء
وَتَشْديد الْيَاء) قَوْله: (فَاجر) أَي: كَاذِب.
4551 -
ح دَّثنا عَلِيٌّ هُوَ ابنُ أبِي هَاشِمٍ سَمِعَ هُشَيْما أخْبَرَنَا العَوَّامُ بنُ حَوْشَبٍ عنْ إبْرَاهِيمَ ابنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ عَنْ عَبْدِ الله بنِ أبِي أوْفَى رضي الله عنهما أنَّ رَجُلاً أقَامَ سِلْعَةً فِي السُّوقِ فَحَلَفَ فِيهَا لَقَدْ أعْطِيَ بهَا مَا لَمْ يُعْطَهُ لِيُوقِعَ فِيها رَجُلاً مِنَ المُسْلِمِينَ فَنَزَلَتْ {إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ الله وَأيْمَانِهِمْ ثَمَنا قَلِيلاً} (آل عمرَان: 77) إلَى آخِرِ الآيَةِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَعلي بن أبي هَاشم الْبَغْدَادِيّ من أَفْرَاده: وهشيم: مصغر هشيم بن بشير مصغر بشرّ الوَاسِطِيّ والعوام. بتَشْديد الْوَاو بن حَوْشَب: بِفَتْح الْمُهْملَة وَسُكُون الْوَاو وَفتح الشين الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة. والْحَدِيث قد مر فِي كتاب الْبيُوع فِي: بَاب مَا يكره من الْحلف فِي البيع.
قَوْله: (لقد أعْطى) على صِيغَة الْمَجْهُول وَكَذَا قَوْله: (مَا لم يُعْطه) وَلَا مُنَافَاة بَين هَذَا الحَدِيث والْحَدِيث السَّابِق من حَيْثُ أَن ذَاك فِي الْبِئْر وَهَذَا فِي السّلْعَة لِأَن الْآيَة نزلت بالسببين جَمِيعًا. وَلَفظ الْآيَة عَام يتناولهما وَغَيرهمَا، وَقيل: لَعَلَّ الْآيَة لم تبلغ عبد الله بن أبي أوفى، إِلَّا عِنْد إِقَامَة السّلْعَة. فَظن أَنَّهَا نزلت فِي ذَلِك.
73 -
(حَدثنَا نصر بن عَليّ بن نصر حَدثنَا عبد الله بن دَاوُد عَن ابْن جريج عَن ابْن أبي مليكَة أَن امْرَأتَيْنِ كَانَتَا تخرزان فِي بَيت أَو فِي حجرَة فَخرجت إِحْدَاهمَا وَقد أنفذ بإشفى فِي كفها فادعت على الْأُخْرَى فَرفع إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ ابْن عَبَّاس قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - لَو يعْطى النَّاس بدعواهم لذهب دِمَاء قوم وَأَمْوَالهمْ ذكروها بِاللَّه واقرؤا عَلَيْهَا إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله فذكروها فَاعْترفت فَقَالَ ابْن عَبَّاس قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - الْيَمين على الْمُدعى عَلَيْهِ) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَنصر بن عَليّ الْجَهْضَمِي وَعبد الله بن دَاوُد بن عَامر الْمَعْرُوف بالخريبي كُوفِي الأَصْل سكن الخريبة محلّة بِالْبَصْرَةِ وَهُوَ من أَصْحَاب أبي حنيفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَكَانَ ثِقَة زاهدا يروي عَن عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج وَهُوَ يروي عَن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة والْحَدِيث مضى مُخْتَصرا فِي الرَّهْن وَالشَّرِكَة عَن أبي نعيم وَأخرجه بَقِيَّة الْجَمَاعَة وَقد ذَكرْنَاهُ قَوْله أَن امْرَأتَيْنِ كَانَتَا تخرزان من خرز الْخُف وَنَحْوه يخرز بِضَم الرَّاء وَكسرهَا قَوْله فِي بَيت أَو فِي حجرَة كَذَا بِالشَّكِّ فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وَحده والحجرة بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْجِيم وبالراء قَالَ ابْن الْأَثِير وَهِي الْموضع الْمُنْفَرد وَفِي الْمطَالع وكل مَوضِع حجر عَلَيْهِ بِالْحِجَارَةِ فَهُوَ حجرَة وَقَالَ الْجَوْهَرِي الْحُجْرَة حَظِيرَة الْإِبِل وَمِنْه حجرَة الدَّار تَقول أحجرت حجرَة أَي اتخذتها وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين فِي بَيت وَفِي حجرَة بِالْوَاو دون أَو الَّتِي للتشكيك قَالَ بَعضهم وَالْأول هُوَ الصَّوَاب يَعْنِي الَّذِي بِالْوَاو وَإِنَّمَا قَالَ الأول لِأَن الَّذِي فِي نسخته ذكر بِالْوَاو أَولا ثمَّ ذكر بِأَو وَنسب رِوَايَة أَو الَّتِي للشَّكّ إِلَى الْخَطَأ ثمَّ قَالَ وَسبب الْخَطَأ أَن فِي السِّيَاق حذفا بَينه ابْن السكن فِي رِوَايَته جَاءَ فِيهَا فِي بَيت وَفِي حجرَة حداث فالواو عاطفة لَكِن الْمُبْتَدَأ مَحْذُوف وحداث بِضَم الْمُهْملَة وَالتَّشْدِيد وَآخره مُثَلّثَة أَي يتحدثون وَحَاصِله أَن الْمَرْأَتَيْنِ كَانَتَا فِي الْبَيْت وَكَانَ فِي الْحُجْرَة الْمُجَاورَة للبيت نَاس يتحدثون فَسقط الْمُبْتَدَأ من الرِّوَايَة فَصَارَ مُشكلا فَعدل الرَّاوِي عَن الْوَاو إِلَى أَو الَّتِي للشَّكّ فِرَارًا من اسْتِحَالَة كَون الْمَرْأَتَيْنِ فِي الْبَيْت وَفِي الْحُجْرَة مَعًا انْتهى قلت هَذَا تصرف عَجِيب وَفِيه تعسف من وُجُوه لَا يحْتَاج إِلَى ارتكابها (الأول) أَن نسبته رِوَايَة أَو للشَّكّ إِلَى الْخَطَأ خطأ لِأَن كَون أَو للشَّكّ مَشْهُور فِي كَلَام الْعَرَب وَلَيْسَ فِيهِ مَانع هُنَا لَا من جِهَة اللَّفْظ وَلَا من جِهَة الْمَعْنى (الثَّانِي) أَن قَوْله فالواو للْعَطْف غير مُسلم هُنَا لفساد الْمَعْنى (الثَّالِث) دَعْوَاهُ أَن الْمُبْتَدَأ مَحْذُوف لَا دَلِيل عَلَيْهِ لِأَن حذف الْمُبْتَدَأ إِنَّمَا يكون وجوبا أَو جَوَازًا فَلَا مُقْتَضى