الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بضفيرة " بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة وَكسر الْفَاء وبالراء وَهُوَ الشّعْر المنسوج وَالْحَبل المفتول بِمَعْنى المضفور فعيل بِمَعْنى مفعول قَوْله " ثمَّ بيعوها " أَمر ندب وحث على مباعدة الزَّانِيَة وَخرج اللَّفْظ فِي ذَلِك على الْمُبَالغَة وَقَالَت الظَّاهِرِيَّة بِوُجُوب بيعهَا إِذا زنت الرَّابِعَة وجلدت وَلم يقل بِهِ أحد من السّلف قَوْله " قَالَ ابْن شهَاب " مَوْصُول بالسند الْمَذْكُور قَوْله " لَا أَدْرِي " بعد الثَّالِثَة أَي لَا أَدْرِي هَل يجلدها ثمَّ يَبِيعهَا وَلَو بضفير بعد الزنية الثَّالِثَة أَو بعد الزنية الرَّابِعَة وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ - إِذا زنت أمة أحدكُم فليجلدها ثَلَاثًا بِكِتَاب الله فَإِن عَادَتْ فليبعها وَلَو بِحَبل من شعر فَهَذَا يدل على أَن بيعهَا بعد الرَّابِعَة وروى النَّسَائِيّ من حَدِيث حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - رجل فَقَالَ جاريتي زنت فَتبين زنَاهَا قَالَ أجلدها خمسين فَأَتَاهُ وَقَالَ عَادَتْ فَتبين زنَاهَا قَالَ أجلدها خمسين ثمَّ أَتَاهُ فَقَالَ عَادَتْ فَتبين زنَاهَا قَالَ بعها وَلَو بِحَبل من شعر فَهَذَا يدل على أَن بيعهَا بعد الثَّالِثَة
(بَاب لَا يثرب على الْأمة إِذا زنت وَلَا تنفى)
أَي هَذَا بَاب يذكر فِيهِ لَا يثرب على صِيغَة الْمَجْهُول من التثريب بالثاء الْمُثَلَّثَة وَهُوَ التوبيخ والملامة والتعيير وَمِنْه قَوْله تَعَالَى {لَا تَثْرِيب عَلَيْكُم} قَوْله " وَلَا تنفى " على صِيغَة الْمَجْهُول أَيْضا واستنبط عدم النَّفْي من قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - ثمَّ بيعوها لِأَن الْمَقْصُود من النَّفْي الإبعاد عَن الوطن الَّذِي وَقعت فِيهِ الْمعْصِيَة وَهُوَ لَا يلْزم حُصُوله من البيع
31 -
(حَدثنَا عبد الله بن يُوسُف حَدثنَا اللَّيْث عَن سعيد المَقْبُري عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَنه سَمعه يَقُول قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - إِذا زنت الْأمة فَتبين زنَاهَا فليجلدها وَلَا يثرب ثمَّ إِن زنت فليجلدها وَلَا يثرب ثمَّ إِن زنت الثَّالِثَة فليبعها وَلَو بِحَبل من شعر) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله وَلَا يثرب وَسَعِيد المَقْبُري يروي عَن أَبِيه كيسَان مولى بني لَيْث عَن أبي هُرَيْرَة والْحَدِيث مضى فِي الْبيُوع عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله وَأخرجه مُسلم فِي الْحُدُود وَالنَّسَائِيّ فِي الرَّجْم جَمِيعًا عَن عِيسَى بن حَمَّاد وَقَالَ الْمزي رَوَاهُ غير وَاحِد عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة قَوْله " فَتبين " أَي تحقق زنَاهَا وَثَبت وَفِيه إِقَامَة السَّيِّد الْحَد على عَبده وَأمته وَهِي مَسْأَلَة خلافية فَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد واسحق وَأَبُو ثَوْر يعم الْحُدُود كلهَا وَهُوَ قَول جمَاعَة من الصَّحَابَة أَقَامُوا الْحُدُود على عبيدهم مِنْهُم ابْن عمر وَابْن مَسْعُود وَأنس بن مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم وَقَالَ الثَّوْريّ وَالْأَوْزَاعِيّ يحده الْمولى فِي الزِّنَا وَقَالَ مَالك وَاللَّيْث يحده فِي الزِّنَا وَالشرب وَالْقَذْف إِذا شهد عِنْده الشُّهُود لَا بِإِقْرَار العَبْد إِلَّا الْقطع خَاصَّة فَإِنَّهُ لَا يقطعهُ إِلَّا الإِمَام وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ لَا يقيمها إِلَّا الإِمَام خَاصَّة وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَن الْحسن وَعبد الله بن محيريز وَعمر بن عبد الْعَزِيز أَنهم قَالُوا الْجُمُعَة وَالْحُدُود وَالزَّكَاة وَالنَّفْي إِلَى السُّلْطَان خَاصَّة وَفِيه دَلِيل على التغابن فِي البيع وَأَن الْمَالِك الصَّحِيح الْملك جَائِز لَهُ أَن يَبِيع مَاله الْقدر الْكَبِير بالتافه الْيَسِير وَهَذَا مَا لَا خلاف فِيهِ بَين الْعلمَاء إِذا عرف قدر ذَلِك وَاخْتلفُوا فِيهِ إِذا لم يعرف قدر ذَلِك قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - دعوا النَّاس يرْزق الله بَعضهم من بعض
(تَابعه إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -) أَي تَابع اللَّيْث إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة وَهَذِه الْمُتَابَعَة فِي الْمَتْن لَا فِي السَّنَد لِأَنَّهُ نقص مِنْهُ قَوْله عَن أَبِيه وَوَصلهَا النَّسَائِيّ من طَرِيق بشر بن الْمفضل عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة
(بَاب أَحْكَام أهل الذِّمَّة وإحصانهم إِذا زنوا وَرفعُوا إِلَى الإِمَام)
أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان أَحْكَام أهل الذِّمَّة الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَسَائِر من تُؤْخَذ مِنْهُ الْجِزْيَة قَوْله " وإحصانهم " أَي وَفِي بَيَان إحصانهم هَل الْإِسْلَام شَرط فِيهِ أم لَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَان الْخلاف فِيهِ قَوْله " إِذا زنوا " ظرف لقَوْله أَحْكَام أهل الذِّمَّة قَوْله " وَرفعُوا " على صِيغَة الْمَجْهُول إِلَى الْإِمَاء سَوَاء جاؤا إِلَى
الإِمَام بِأَنْفسِهِم أَو جَاءَ بهم غَيرهم للدعوى عَلَيْهِم وَهنا فصلان (الأول) اخْتلف الْعلمَاء فِي إِحْصَان أهل الذِّمَّة (فَقَالَت) طَائِفَة فِي الزَّوْجَيْنِ الكتابيين يزنيان ويرفعان إِلَيْنَا عَلَيْهِمَا الرَّجْم وهما مُحْصَنَانِ وَهَذَا قَول الزُّهْرِيّ وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ الطَّحَاوِيّ وروى عَن أبي يُوسُف أَن أهل الْكتاب يحصن بَعضهم بَعْضًا ويحصن الْمُسلم النَّصْرَانِيَّة وَلَا تحصنه النَّصْرَانِيَّة وَقَالَ النَّخعِيّ لَا يكونَانِ محصنين حَتَّى يجامعا بعد الْإِسْلَام وَهُوَ قَول مَالك والكوفيين وَقَالُوا الْإِسْلَام من شَرط الْإِحْصَان " الْفَصْل الثَّانِي " أَيْضا اخْتلفُوا فِي وجوب الحكم بَين أهل الذِّمَّة فروى التَّخْيِير فِيهِ عَن ابْن عَبَّاس وَعَطَاء وَالشعْبِيّ وَالنَّخَعِيّ وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد وَالشَّافِعِيّ وَقَالَ آخَرُونَ أَنه وَاجِب وَرُوِيَ ذَلِك عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه وَهُوَ الْأَظْهر من قولي الشَّافِعِي
32 -
(حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل حَدثنَا عبد الْوَاحِد حَدثنَا الشَّيْبَانِيّ قَالَ سَأَلت عبد الله بن أبي أوفى عَن الرَّجْم فَقَالَ رجم النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فَقلت أقبل النُّور أم بعده قَالَ لَا أَدْرِي) قَالَ الْكرْمَانِي مطابقته للتَّرْجَمَة إِطْلَاق قَوْله رجم وَقيل جرى على عَادَته فِي الْإِشَارَة إِلَى مَا ورد فِي بعض طرق الحَدِيث وَهُوَ مَا أخرجه أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ والإسماعيلي من طَرِيق هشيم عَن الشَّيْبَانِيّ قَالَ قلت هَل رجم النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ - فَقَالَ نعم رجم يَهُودِيّا وَيَهُودِيَّة وَعبد الْوَاحِد هُوَ ابْن زِيَاد والشيباني بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالباء الْمُوَحدَة اسْمه سُلَيْمَان بن أبي سُلَيْمَان فَيْرُوز أَبُو إِسْحَاق الْكُوفِي وَعبد الله بن أبي أوفى اسْمه عَلْقَمَة بن خَالِد الْأَسْلَمِيّ والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْحُدُود عَن أبي كَامِل عَن ابْن أبي شيبَة قَوْله أقبل النُّور الْهمزَة فِيهِ للاستفهام على سَبِيل استخبار وَأَرَادَ بِالنورِ سُورَة النُّور قَوْله أم بعده أَي أم رجم بعد نزُول سُورَة النُّور وَقَوله أم بعده بالضمير رِوَايَة الْكشميهني وَفِي رِوَايَة غَيره أم بعد بِضَم الدَّال قَوْله لَا أَدْرِي يدل على تحريه وتثبته فيمدح بِهِ وَلَا عيب فِيهِ
(تَابعه عَليّ بن مسْهر وخَالِد بن عبد الله والمحاربي وَعبيدَة بن حميد عَن الشَّيْبَانِيّ) أَي تَابع عبد الْوَاحِد عَليّ بن مسْهر بِضَم الْمِيم وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وَكسر الْهَاء وبالراء أَبُو الْحسن الْقرشِي الْكُوفِي وَتَابعه أَيْضا خَالِد بن عبد الله الطَّحَّان وَتَابعه أَيْضا الْمحَاربي بِصِيغَة اسْم الْفَاعِل من الْمُحَاربَة واسْمه عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْكُوفِي وَتَابعه أَيْضا عُبَيْدَة بِفَتْح الْعين وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن حميد بِضَم الْحَاء الصَّبِي الْكُوفِي وكل هَؤُلَاءِ تابعوه فِي روايتهم عَن الشَّيْبَانِيّ الْمَذْكُور فِي رِوَايَته عَن عبد الله بن أبي أوفى أما مُتَابعَة عَليّ بن مسْهر فرواها ابْن أبي شيبَة عَنهُ عَن الشَّيْبَانِيّ قَالَ قلت لعبد الله بن أبي أوفى فَذكر مثله بِلَفْظ قلت بعد سُورَة النُّور وَأما مُتَابعَة خَالِد بن عبد الله فرواها البُخَارِيّ عَن إِسْحَاق عَن خَالِد عَن الشَّيْبَانِيّ سَأَلت عبد الله بن أبي أوفى وَقد مضى هَذَا فِي بَاب رجم الْمُحصن وَأما مُتَابعَة الْمحَاربي فَلم أَقف عَلَيْهَا وَأما مُتَابعَة عُبَيْدَة فرواها الْإِسْمَاعِيلِيّ من رِوَايَة أبي ثَوْر وَأحمد بن منيع قَالَا حَدثنَا عُبَيْدَة بن حميد وَجَرِير عَن الشيبان وَلَفظه قبل النُّور أَو بعْدهَا
(وَقَالَ بَعضهم الْمَائِدَة وَالْأول أصح) أَي قَالَ بعض هَؤُلَاءِ التَّابِعين الْمَذْكُورين قيل أَنه عُبَيْدَة لِأَن لَفظه فِي مُسْند أَحْمد بن منيع فَقلت بعد سُورَة الْمَائِدَة أَو قبلهَا قَوْله الْمَائِدَة أَي ذكر سُورَة الْمَائِدَة بدل سُورَة النُّور وَلَعَلَّ من ذكر سُورَة الْمَائِدَة توهم من ذكر الْيَهُودِيّ واليهودية أَن المُرَاد سُورَة الْمَائِدَة لِأَن فِيهَا الْآيَة الَّتِي نزلت بِسَبَب سُؤال الْيَهُود عَن حكم اللَّذين زَنَيَا مِنْهُم وَهِي قَوْله تَعَالَى {وَكَيف يحكمونك وَعِنْدهم التَّوْرَاة} قَوْله وَالْأول أصح أَي من ذكر النُّور
33 -
(حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عبد الله حَدثنِي مَالك عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا