الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ِ فَسَدَّدَ إلَيْهِ مِشْقَصاً فَقُلْتُ مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذا؟ قَالَ: أنَسُ بنُ مالِكٍ.
(انْظُر الحَدِيث 6242 وطرفه)
قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: هَذَا الحَدِيث لَا يُطَابق التَّرْجَمَة لِأَنَّهُ هُوَ الإِمَام الْأَعْظَم فَلَا يدل على جَوَاز ذَلِك لآحاد النَّاس. قلت: حكم أَقْوَاله وأفعاله عَام متناول للْأمة إلَاّ مَا دلّ دَلِيل على تَخْصِيصه بِهِ.
وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان، وَحميد هُوَ الطَّوِيل.
وَهَذَا الحَدِيث مُرْسل أَولا وَمُسْندًا آخرا. قَالَ الْكرْمَانِي. قلت: كَونه مُرْسلا أَولا لِأَن حميدا لم يدْرك الْقِصَّة، وَكَونه مُسْندًا آخرا لِأَنَّهُ قَالَ: من حَدثَك بِهَذَا؟ قَالَ: أنس
قَوْله: أَن رجلا اطلع بتَشْديد الطَّاء. قَوْله: فسدد إِلَيْهِ بِالسِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد الدَّال الأولى أَي: صوب وفاعله النَّبِي ومشقصاً مَفْعُوله وَهُوَ بِكَسْر الْمِيم وبالقاف وبالصاد الْمُهْملَة النصل العريض أَو السهْم الَّذِي فِيهِ ذَلِك، وَقَالَ ابْن التِّين: روينَاهُ بتَشْديد الشين الْمُعْجَمَة أَي: أوثقه. قَالَ: وَرُوِيَ بِالسِّين الْمُهْملَة أَي قومه وهداه إِلَى ناحيته. قَوْله: من حَدثَك الْقَائِل يحيى لحميد. قَوْله: قَالَ: أنس بن مَالك أَي: حَدثنِي أنس بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
16 -
(بابٌ إِذا ماتَ فِي الزِّحامِ أوْ قُتِلَ)
أَي: هَذَا بَاب مترجم بِمَا إِذا مَاتَ شخص فِي الزحام أَو قتل، وَفِي رِوَايَة ابْن بطال: أَو قتل بِهِ، أَي: بالزحام، وَلم يذكر جَوَاب: إِذا، الَّذِي هُوَ الحكم لمَكَان الِاخْتِلَاف فِيهِ، على مَا سَيَجِيءُ بَيَانه عَن قريب إِن شَاءَ الله.
6890 -
حدّثني إسْحاقُ بنُ مَنْصُورٍ، أخبرنَا أبُو أُسامَة قَالَ: هِشامٌ أخبرنَا عَن أبِيهِ، عنْ عائِشَةَ قالَتْ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ هُزِمَ المُشْرِكُونَ، فَصاحَ إبْلِيسُ: أيْ عِبادَ الله أُخْرَاكُمْ، فَرَجَعَتْ أولاهُمْ فاجْتَلَدَتْ هِيَ وأُخْراهُمْ، فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ فَإِذا هُوَ بِأبِيهِ اليَمانِ فَقَالَ: أيْ عِبادَ الله أبي أبي قالَتْ: فَوَالله مَا احْتَجَزُوا حتَّى قَتَلُوهُ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ: غَفَرَ الله لَكُمْ.
قَالَ عُرْوَةُ: فَما زالَتْ فِي حُذَيْفَةَ منْهُ بَقيَّةٌ حتَّى لَحِقَ بِالله.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: فوَاللَّه مَا احتجزوا حَتَّى قَتَلُوهُ لأَنهم كَانُوا متزاحمين عَلَيْهِ.
قَوْله: حَدثنِي إِسْحَاق ويروى: أخبرنَا. وَأما إِسْحَاق هَذَا فقد قَالَ الغساني: لَا يَخْلُو أَن يُرَاد بِهِ إِمَّا ابْن مَنْصُور وَإِمَّا ابْن نصر وَإِمَّا ابْن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي. قلت: وَقع فِي بعض النّسخ: إِسْحَاق بن مَنْصُور، بِذكر أَبِيه، وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة بن الزبير.
قَوْله: قَالَ: هِشَام أخبرنَا عَن أَبِيه من تَقْدِيم اسْم الرَّاوِي على الصِّيغَة.
قَوْله: هزم على بِنَاء الْمَجْهُول. قَوْله: أَي عباد الله أَي: يَا عباد الله أخراكم أَي: قَاتلُوا أخراكم. قَوْله: فاجتلدت من الْجلد وَهُوَ الْقُوَّة وَالصَّبْر. قَوْله: الْيَمَان اسْم أبي حُذَيْفَة. قَوْله: أبي أبي أَي: هَذَا أبي لَا تقتلوه. قَوْله: فَمَا احتجزوا أَي: فَمَا امْتَنعُوا وَمَا انفكوا، وَيُقَال: فَمَا تَرَكُوهُ، وَمن ترك شَيْئا فقد انحجز عَنهُ. قَوْله: قَتَلُوهُ أَي: الْمُسلمُونَ قَتَلُوهُ. قَوْله: مِنْهُ قَالَ بَعضهم: أَي من ذَلِك الْفِعْل، وَهُوَ الْعَفو. قلت: الظَّاهِر أَن الْمَعْنى أَي: من قَتلهمْ الْيَمَان. قَوْله: بَقِيَّة أَي: بَقِيَّة خير، قَالَه الْكرْمَانِي، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب فِي: بَاب الْعَفو عَن الْخَطَأ، وَمر مطولا فِي غَزْوَة أحد.
وَاخْتلفُوا فِي حكم التَّرْجَمَة الْمَذْكُورَة، فَروِيَ عَن عمر وَعلي، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: أَن دِيَته تجب فِي بَيت المَال، وَبِه قَالَ إِسْحَاق، وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: إِن دِيَته تجب على من حضر، وَقَالَ الشَّافِعِي: يُقَال لوَلِيِّه، أدع على من شِئْت واحلف، فَإِن حلف اسْتحق الدِّيَة، وَإِن نكل حلف الْمُدعى عَلَيْهِ على النَّفْي، وَسَقَطت الْمُطَالبَة. وَقَالَ مَالك: دَمه هدر.
17 -
(بابٌ إِذا قَتَلَ نَفْسَهُ خَطأَ فَلا دِيَةَ لهُ)
أَي: هَذَا بَاب فِيهِ إِذا قتل شخص نَفسه خطأ أَي: مخطئاً أَي: قتلا خطأ فَلَا دِيَة لَهُ أَي: فَلَا تجب الدِّيَة لَهُ، وَزَاد الْإِسْمَاعِيلِيّ
وَلَا إِذا قتل نَفسه عمدا. وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: وَلَيْسَ مطابقاً لما بوب لَهُ. قلت: إِنَّمَا قَالَ: خطأ، لمحل الْخلاف فِيهِ. قَالَ ابْن بطال، قَالَ الْأَوْزَاعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق: تجب دِيَته على عَاقِلَته فَإِن عَاشَ فَهِيَ لَهُ عَلَيْهِم وَإِن مَاتَ فَهِيَ لوَرثَته. وَقَالَ الْجُمْهُور، مِنْهُم: ربيعَة وَمَالك وَالثَّوْري وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: لَا شَيْء فِيهِ. وَحَدِيث الْبَاب حجَّة لَهُم حَيْثُ لم يُوجب الشَّارِع لعامر بن الْأَكْوَع دِيَة على عَاقِلَته وَلَا على غَيرهَا، وَلَو وَجب عَلَيْهَا شَيْء لبينه لِأَنَّهُ مَكَان يحْتَاج فِيهِ إِلَى الْبَيَان، إِذْ لَا يجوز تَأْخِير الْبَيَان عَن وَقت الْحَاجة، وَالنَّظَر يمْنَع أَن يجب للمرء على نَفسه شي بِدَلِيل الْأَطْرَاف فَكَذَا الْأَنْفس. وَأَجْمعُوا على أَنه إِذا قطع طرفا من أَطْرَافه عمدا أَو خطأ لَا يجب فِيهِ شَيْء. قَالَ الْكرْمَانِي: إِن لفظ: فَلَا دِيَة لَهُ، فِي التَّرْجَمَة الْمَذْكُورَة لَا وَجه لَهُ، وموضعه اللَّائِق بِهِ التَّرْجَمَة السَّابِقَة أَي: إِذا مَاتَ فِي الزحام فَلَا دِيَة لَهُ على المزاحمين عَلَيْهِ، لظُهُور: أَن قَاتل نَفسه لَا دِيَة لَهُ، وَلَعَلَّه من تَصَرُّفَات النقلَة عَن نُسْخَة الأَصْل. وَقَالَت الظَّاهِرِيَّة: دِيَته على عَاقِلَته، فَرُبمَا أَرَادَ البُخَارِيّ بِهَذَا ردهم. انْتهى. قلت: على هَذَا لَا وَجه لقَوْله: وموضعه اللَّائِق بِهِ التَّرْجَمَة السَّابِقَة، بل اللَّائِق بِهِ أَن يذكر فِي الترجمتين جَمِيعًا. فَافْهَم.
6891 -
حدّثنا المَكّيُّ بنُ إبْراهِيمَ، حدّثنا يَزيدُ بنُ أبي عُبَيْدٍ، عنْ سَلَمَةَ قَالَ: خَرَجْنا مَعَ النَّبيِّ إِلَى خَيْبَرَ، فَقَالَ رَجُل مِنْهُمْ: أسْمِعْنا يَا عامِرُ مِنْ هُنَيَّاتِكَ، فَحَدَا بِهِمْ فَقَالَ النبيُّ مَنْ السَّائِقُ قالُوا: عامِرٌ. فَقَالَ: رحمه الله فقالُوا: يَا رسولَ الله هَلَاّ أمْتَعْتَنا بِهِ؟ فأُصيبَ صَبِيحَةَ لَيْلَتِهِ فقالَ القَوْمُ: حَبطَ عَمَلُهُ قَتَلَ نَفْسَهُ، فَلمَّا رَجَعْتُ وهُمْ يَتَحَدَّثُونَ أنَّ عامِراً حَبِطَ عَمَلُهُ، فَجِئْتُ إِلَى النَّبيِّ فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ الله فَداكَ أبي وأُمِّي زَعَمُوا أَن عامِراً حَبِطَ عَمَلُهُ؟ فقالَ: كَذَبَ مَنْ قالَها، إنَّ لهُ لأجْرَيْنِ اثْنَيْنِ: إنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجاهِدٌ وأيُّ قَتْلٍ يَزِيدُهُ عَلَيْهِ؟
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه لم يحكم بِالدِّيَةِ لوَرَثَة عَامر على عَاقِلَته أَو على بَيت مَال الْمُسلمين.
وَيزِيد من الزِّيَادَة ابْن أبي عبيد مولى سَلمَة بن الْأَكْوَع بِفتْحَتَيْنِ ابْن عَمْرو بن الْأَكْوَع واسْمه سِنَان الْأَسْلَمِيّ.
وَهَذَا الحَدِيث هُوَ التَّاسِع عشر من ثلاثيات البُخَارِيّ، وَقد مضى فِي الْمَغَازِي عَن القعْنبِي، وَفِي الْأَدَب عَن قُتَيْبَة، وَفِي الْمَظَالِم عَن أبي عَاصِم النَّبِيل، وَفِي الذَّبَائِح عَن مكي بن إِبْرَاهِيم، وَفِي الدَّعْوَات عَن مُسَدّد. وَأخرجه مُسلم وَابْن مَاجَه أَيْضا. وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: إِلَى خَيْبَر هِيَ قَرْيَة كَانَت للْيَهُود نَحْو أَربع مراحل من الْمَدِينَة إِلَى الشَّام. قَوْله: أسمعنا بِفَتْح الْهمزَة أَمر من الإسماع. وعامر هُوَ عَم سَلمَة، وَقيل: أَخُوهُ. قَوْله: من هنياتك بِضَم الْهَاء وَفتح النُّون وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف جمع هنيَّة وَقد تبدل الْيَاء هَاء فَيُقَال: هنيهة، وَيجمع على هنيهات، وَأَرَادَ بهَا الأراجيز، وَوَقع فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي بِحَذْف الْيَاء. قَوْله: فحدا بهم أَي: ساقهم منشداً للأراجيز. قَوْله: أمتعتنا بِهِ أَي: وَجَبت لَهُ الشَّهَادَة بدعائك وليتك تركته لنا وَكَانُوا قد عرفُوا أَنه لَا يَدْعُو لأحد خَاصَّة عِنْد الْقِتَال إلَاّ اسْتشْهد. قَوْله: فأصيب على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: فأصيب عَامر صَبِيحَة ليلته تِلْكَ. قَوْله: فَلَمَّا رجعت الْقَائِل بِهِ عَامر. قَوْله: وهم يتحدثون الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله: اثْنَيْنِ تَأْكِيد لقَوْله: أَجْرَيْنِ قَوْله: لجاهد مُجَاهِد كِلَاهُمَا اسْم الْفَاعِل الأول من جهد وَالثَّانِي من جَاهد مجاهدة، وَمَعْنَاهُ: جَاهد فِي الْخَيْر مُجَاهِد فِي سَبِيل الله، وَقَالَ الْكرْمَانِي: ويروى أَنه لجاهد بِلَفْظ الْمَاضِي مُجَاهِد بِفَتْح الْمِيم جمع مجهد يَعْنِي: حضر مَوَاطِن من الْجِهَاد عدَّة مُجَاهِد. قَوْله: وَأي قتل يزِيدهُ عَلَيْهِ أَي: أَي قتل يزِيدهُ الْأجر على أجره؟ ويروى: يزِيد، بِدُونِ الْهَاء، وَقيل: أَي أَنه بلغ أرقى الدَّرَجَات وَفضل النِّهَايَة. وَفِي التَّوْضِيح وَإِنَّمَا قَالُوا: حَبط عمله، لقَوْله تَعَالَى:{وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم} وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ فِيمَن يتَعَمَّد قتل نَفسه، إِذْ الْخَطَأ لَا ينْهَى عَنهُ أحد، وَقَالَ الدَّاودِيّ: وَيحْتَمل أَن يكون هَذَا قبل قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لمُؤْمِن أَن يقتل مُؤمنا إِلَّا خطأ}