الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصُّلْح فَقيل: فِي سنة أَرْبَعِينَ، وَقيل: فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين، وَالأَصَح أَنه تمّ فِي هَذِه السّنة وَلِهَذَا كَانَ يُقَال لَهُ: عَام الْجَمَاعَة، لِاجْتِمَاع الْكَلِمَة فِيهِ على مُعَاوِيَة.
قَوْله: قَالَ الْحسن أَي: الْبَصْرِيّ وَهُوَ مَوْصُول بالسند الْمُتَقَدّم. قَوْله: وَلَقَد سَمِعت أَبَا بكرَة هُوَ نفيع بن الْحَارِث الثَّقَفِيّ، وَفِيه تَصْرِيح بِسَمَاع الْحسن عَن أبي بكرَة. قَوْله: ابْني هَذَا أطلق الابْن على ابْن الْبِنْت. قَوْله: وَلَعَلَّ الله اسْتعْمل: لَعَلَّ، اسْتِعْمَال عَسى لاشْتِرَاكهمَا فِي الرَّجَاء، وَالْأَشْهر فِي خبر لَعَلَّ بِغَيْر: أَن، كَقَوْلِه تَعَالَى:{ياأيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواْ الْعِدَّةَ وَاتَّقُواْ اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَاّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِى لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً} قَوْله: فئتين زَاد عبد الله بن مُحَمَّد فِي رِوَايَته: عظيمتين، وَحَدِيث الْحسن هَذَا قد مضى فِي كتاب الصُّلْح بأتم مِنْهُ.
وَفِيه من الْفَوَائِد: علم من أَعْلَام النُّبُوَّة، ومنقبة لِلْحسنِ بن عَليّ لِأَنَّهُ ترك الْخلَافَة لَا لعِلَّة وَلَا لذلة وَلَا لقلَّة بل لحقن دِمَاء الْمُسلمين. وَفِيه: ولَايَة الْمَفْضُول الْخلَافَة مَعَ وجود الْأَفْضَل لِأَن الْحسن وَمُعَاوِيَة ولي كل مِنْهُمَا الْخلَافَة، وَسعد بن أبي وَقاص وَسَعِيد بن زيد فِي الْحَيَاة، وهما بدريان، قَالَه ابْن التِّين. وَفِيه: جَوَاز خلع الْخَلِيفَة نَفسه إِذا رأى فِي ذَلِك صلاحاً للْمُسلمين. وَجَوَاز أَخذ المَال على ذَلِك وإعطائه بعد اسْتِيفَاء شَرَائِطه بِأَن يكون المنزول لَهُ أولى من النَّازِل، وَأَن يكون المبذول من مَال الْبَاذِل.
7110 -
حدّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله، حدّثنا سُفْيانُ قَالَ: قَالَ عَمْرٌ و: أَخْبرنِي مُحَمَّدُ بنُ عَلِيَ أنَّ حَرْمَلَةَ مَوْلى أُسَامَةَ أخْبَرَهُ قَالَ عَمْرٌ و: وقَدْ رأيْتُ حَرْمَلَةَ قَالَ: أرْسَلَنِي أُسامَةُ إِلَى عَلِيَ وَقَالَ: إنّهُ سَيَسَألُكَ الآنَ فَيَقُولُ مَا خَلَّفَ صاحِبَكَ؟ فقُلْ لهُ: يَقُولُ لَكَ: لَوْ كُنْتَ فِي شِدْقِ الأسَد لأحْبَبْتُ أنْ أكُونَ مَعَكَ فِيهِ، ولاكِنَّ هِذَا أمْرٌ لَمْ أرَهُ فَلَمْ يُعْطِني شَيْئاً، فَذَهَبْتُ إِلَى حَسَنٍ وحُسَيْنٍ وابنِ جَعْفَرٍ فأوْقَرُوا إِلَيّ راحِلَتِي.
مطابقته للتَّرْجَمَة يُمكن أَن تُؤْخَذ من قَوْله: فَذَهَبت إِلَى حسن وحسين إِلَى آخِره. فَإِن فِيهِ دلَالَة على غَايَة كرم الْحسن وسيادته لِأَن الْكَرِيم يصلح أَن يكون سيداً.
وَأخرجه عَن عَليّ بن عبد الله بن الْمَدِينِيّ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ أبي جَعْفَر الباقر عَن حَرْمَلَة مولى أُسَامَة بن زيد.
وَفِي هَذَا السَّنَد ثَلَاثَة من التَّابِعين فِي نسق عَمْرو وَأَبُو جَعْفَر وحرملة. وَهَذَا الحَدِيث من أَفْرَاده.
قَوْله: أَرْسلنِي أُسَامَة إِلَى عَليّ أَي: من الْمَدِينَة إِلَى عَليّ وَهُوَ بِالْكُوفَةِ، وَلم يذكر مَضْمُون الرسَالَة، وَلَكِن قَوْله: فَلم يُعْطِنِي شَيْئا دلّ على أَنه كَانَ أرْسلهُ يسْأَل عليا شَيْئا من المَال. قَوْله: وَقَالَ: إِنَّه أَي: وَقَالَ أُسَامَة لحرملة: إِنَّه أَي: عليا سيسألك الْآن فَيَقُول: مَا خلف صَاحبك؟ أَي: مَا السَّبَب فِي تخلفه عَن مساعدتي. قَوْله: فَقل لَهُ أَي لعَلي: يَقُول لَك أُسَامَة: لَو كنت فِي شدقه الْأسد لأحببت أَن أكون مَعَك فِيهِ أَي: فِي شدق الْأسد، وَهُوَ بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَيجوز فتحهَا وَسُكُون الدَّال الْمُهْملَة وبالقاف، وَهُوَ جَانب الْفَم من دَاخل، وَلكُل فَم شدقان إِلَيْهِمَا يَنْتَهِي شدقه الْفَم، وَهَذَا الْكَلَام كِنَايَة عَن الْمُوَافقَة فِي حَالَة الْمَوْت لِأَن الَّذِي يفترسه الْأسد بِحَيْثُ يَجعله فِي شدقه فِي عداد من هلك. قَوْله: وَلَكِن هَذَا أَمر لم أره يَعْنِي: قتال الْمُسلمين، وَكَانَ قد تخلف لأجل كَرَاهَته قتال الْمُسلمين، وَسَببه أَنه لما قتل مرداساً وعاتبه النَّبِي على ذَلِك قرر على نَفسه أَن لَا يُقَاتل مُسلما. قَوْله: فَلم يُعْطِنِي شَيْئا هَذِه الْفَاء فَاء الفصيحة، وَالتَّقْدِير: فَذَهَبت إِلَى عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فبلغته ذَلِك فَلم يُعْطِنِي شَيْئا. قَوْله: فأوقروا إِلَيّ رَاحِلَتي أَي: حملُوا إِلَيّ على رَاحِلَتي مَا أطاقت حمله، وَلم يعين جنس مَا أَعْطوهُ وَلَا نَوعه، وَالرَّاحِلَة النَّاقة الَّتِي صلحت للرُّكُوب من الْإِبِل ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى، وَأكْثر مَا يُطلق الوقر بِكَسْر الْوَاو على مَا يحمل الْبَغْل وَالْحمار، وَأما حمل الْبَعِير فَيُقَال لَهُ: الوسق.
21 -
(بابٌ إذَا قَالَ عِنْدَ قَوْمٍ شَيْئاً ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ بِخِلَافِهِ)
أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ إِذا قَالَ أحد عِنْد قوم شَيْئا ثمَّ خرج من عِنْدهم فَقَالَ بِخِلَاف مَا قَالَه. وَفِي التَّوْضِيح معنى التَّرْجَمَة إِنَّمَا هُوَ فِي خلع أهل الْمَدِينَة يزِيد بن مُعَاوِيَة ورجوعهم عَن بيعَته، وَمَا قَالُوا لَهُ، وَقَالُوا بِغَيْر حَضرته خلاف مَا قَالُوا بِحَضْرَتِهِ.
7111 -
حدّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ، حدّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عنْ أيُّوبَ، عنْ نافِعٍ قَالَ: لمّا خَلَعَ أهْلُ
المَدِينَةِ يَزِيدَ بنَ مُعاوِيَةَ جَمَعَ ابنُ عُمَرَ حَشَمَهُ وولَدَهُ، إنِّي سَمِعْتُ النبيَّ يَقُولُ يُنْصَبُ لِكُلِّ غادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيامَةِ وإنّا قَدْ بايَعْنا هاذَا الرَّجُلَ عَلى بَيْعِ الله ورسولهِ، وإنِّي لَا أعْلَمُ غَدْراً أعْظَمَ مِنْ أنْ يُبايَعَ رجُلٌ عَلى بَيْع الله ورسولِهِ، ثُمَّ يُنْصَبُ لهُ القِتالُ، وإنِّي لَا أعْلَمُ أحَداً مِنْكُمْ خَلَعَهُ وَلَا بايَعَ فِي هاذَا الأمْرِ إلاّ كانَتِ الفَيْصَلَ بَيْني وبَيْنَهُ
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِي القَوْل فِي الْغَيْبَة بِخِلَاف مَا فِي الْحُضُور نوع غدر.
وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ. والْحَدِيث، مضى فِي الْجِزْيَة. وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن أبي الرّبيع.
قَوْله: حشمه أَي: خاصته الَّذين يغضبون لَهُ. قَوْله: لكل غادر من الْغدر وَهُوَ ترك الْوَفَاء بالعهد. قَوْله: لِوَاء أَي: راية. قَوْله: وَإِنَّا قد بَايعنَا هَذَا الرجل أَي: يزِيد. قَوْله: على بيع الله وَرَسُوله أَي: على شَرط مَا أَمر الله بِهِ من الْبيعَة. قَوْله: من أَن يُبَايع من الْمُبَايعَة وَأَصله: من الْبيعَة، وَهِي الصَّفْقَة من البيع وَذَلِكَ أَن من بَايع سُلْطَانه فقد أعطَاهُ الطَّاعَة وَأخذ مِنْهُ الْعَطِيَّة، فَأَشْبَهت البيع الَّذِي فِيهِ الْمُعَاوضَة من أَخذ وَعَطَاء. قَوْله: ثمَّ ينصب لَهُ الْقِتَال بِفَتْح أَوله وَفِي رِوَايَة مُؤَمل: نصب لَهُ الْقِتَال. قَوْله: وَلَا أعلم أحدا مِنْكُم خلعه أَي: يزِيد عَن الْخلَافَة وَلم يبايعه فِيهَا. قَوْله: وَلَا تَابع بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة من فَوق، كَذَا قَالَه الْكرْمَانِي. قلت: هَذَا قَول الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني وَلَا بَايع، بِالْبَاء الْمُوَحدَة وبالياء آخر الْحُرُوف. قَوْله: إلَاّ كَانَت الفيصل إِنَّمَا أنث: كَانَت، بِاعْتِبَار الخلعة والمتابعة، ويروى: إلَّا كَانَ، بالتذكير وَهُوَ الأَصْل، والفيصل بِفَتْح الصَّاد الحاجز والفارق والقطاع، وَقيل: هُوَ بِمَعْنى الْقطع وَالْيَاء فِيهِ زَائِدَة لِأَنَّهُ من الْفَصْل، وَهُوَ الْقطع يُقَال: فصل الشَّيْء قطعه.
7112 -
حدّثنا أحْمَدُ بنُ يُونسَ، حَدثنَا أبُو شِهابٍ، عنْ عَوْف عنْ أبي المِنْهالِ قَالَ: لمّا كانَ ابنُ زِيادٍ ومَرْوَانُ بالشّأْمِ ووثَبَ ابنُ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ ووثَبَ القُرَّاءُ بالبَصْرَةِ فانْطَلَقْتُ مَع أبي إِلَى أبي بَرْزَةَ الأسْلَمِيِّ حتَّى دخَلْنا عَليْهِ فِي دارِهِ وهْوَ جالِسٌ فِي ظِلِّ عُلِّيَّةٍ لهُ مِنْ قَصَبٍ، فَجَلَسْنا إليْهِ فأنْشَأ أبي يَسْتَطْعِمُهُ الحَدِيثَ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَرْزَةَ أَلا تَرَى مَا وقَعَ فِيهِ النَّاسُ؟ فأوَّلُ شَيءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلِّمَ بِهِ: إنِّي احْتَسَبْتُ عِنْدَ الله أنِّي أصْبَحْتُ ساخِطاً عَلى أحْياءِ قُرَيْشٍ، إنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ العَرَبِ كُنْتُمْ عَلى الحالِ الّذِي عَلِمْتُمْ مِنَ الذِّلِّةِ والقِلّةِ والضَّلالَةِ، وإنَّ الله أنْقذَكُمْ بالإسْلامِ وبِمُحَمَّدٍ حتَّى بَلغَ بِكُمْ مَا تَرَوْنَ، وهاذِهِ الدُّنْيا الّتي أفْسَدَتْ بَيْنَكُمْ، إنَّ ذَاكَ الَّذِي بالشَّأْمِ وَالله إنْ يُقاتِلُ إلّا عَلى الدُّنْيا، وإنَّ هَؤُلاءِ الَّذِينَ بَيْنَ أظْهُرِكُمْ وَالله إنْ يُقاتِلُونَ إلاّ على الدُّنيْا.
(الحَدِيث 7112 طرفه فِي: 7271
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الَّذِي عَلَيْهِم أَبُو بَرزَة كَانُوا يظهرون أَنهم يُقَاتلُون لأجل الْقيام بِأَمْر الدّين وَنصر الْحق، وَكَانُوا فِي الْبَاطِن إِنَّمَا يُقَاتلُون لأجل الدُّنْيَا.
وَأحمد بن يُونُس هُوَ أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس أَبُو عبد الله التَّمِيمِي الْيَرْبُوعي الْكُوفِي وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا، وَأَبُو شهَاب هُوَ عبد ربه بن نَافِع المدايني الحناط بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالنُّون وَهُوَ أَبُو شهَاب الْأَصْغَر، وعَوْف بِالْفَاءِ الْمَشْهُور بالأعرابي، وَأَبُو الْمنْهَال بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون النُّون سيار بن سَلامَة.
قَوْله: لما كَانَ ابْن زِيَاد بِكَسْر الزَّاي وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف ابْن أبي سُفْيَان الْأمَوِي بالاستلحاق، ومروان هُوَ ابْن الحكم بن أبي الْعَاصِ ابْن عَم عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَوْله: وثب ابْن الزبير الْوَاو فِيهِ للْحَال أَي: وثب على الْخلَافَة عبد الله بن الزبير، ظَاهر الْكَلَام أَن وثوب ابْن الزبير وَقع بعد قيام ابْن زِيَاد ومروان بِالشَّام، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا وَقع فِي الْكَلَام حذف وتحريره مَا وَقع عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق يزِيد بن زُرَيْع عَن عَوْف قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْمنْهَال قَالَ: لما كَانَ زمن خُرُوج ابْن زِيَاد يعْنى من الْبَصْرَة وثب مَرْوَان بِالشَّام ووثب ابْن الزبير بِمَكَّة ووثب الَّذين يدعونَ الْقُرَّاء بِالْبَصْرَةِ، غم أبي غماً شَدِيدا، وَتَصْحِيح مَا وَقع فِي رِوَايَة ابْن شهَاب بِأَن يُزَاد
وَاو قبل قَوْله: وثب ابْن الزبير، بِأَن ابْن زِيَاد لما أخرج من الْبَصْرَة توجه إِلَى الشَّام فَقَامَ مَعَ مَرْوَان. قلت: فَلذَلِك وَقع الْوَاو فِي بعض النّسخ قبل قَوْله: وثب ابْن الزبير، وَوَقع فِي بعض النّسخ بِدُونِ زِيَادَة الْوَاو. فَإِن قلت: مَا جَوَاب: لما، فِي قَوْله: لما كَانَ ابْن زِيَاد ومروان بِالشَّام؟ . قلت: على عدم زِيَادَة الْوَاو هُوَ قَوْله: وثب وعَلى تَقْدِير الْوَاو يكون الْجَواب قَوْله: فَانْطَلَقت مَعَ أبي وَالْفَاء يدْخل فِي جَوَابه كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُاْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِئَايَاتِنَآ إِلَاّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} قَوْله: ووثب الْقُرَّاء بِالْبَصْرَةِ والقراء جمع قارىء وهم طَائِفَة سموا أنفسهم توابين لتوبتهم وندامتهم على ترك مساعدة الْحُسَيْن، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَكَانَ أَمِيرهمْ سُلَيْمَان بن صرد بِضَم الصَّاد الْمُهْملَة وَفتح الرَّاء الْخُزَاعِيّ كَانَ فَاضلا قَارِئًا عابداً، وَكَانَ دَعوَاهُم: إِنَّا، نطلب دم الْحُسَيْن وَلَا نُرِيد الإثارة، غلبوا على الْبَصْرَة ونواحيها وَهَذَا كُله عِنْد موت مُعَاوِيَة بن يزِيد بن مُعَاوِيَة. قَوْله: فَانْطَلَقت مَعَ أبي قَائِله أَبُو الْمنْهَال، وَأَبُو سَلامَة الريَاحي. قَوْله: إِلَى أبي بَرزَة بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَإِسْكَان الرَّاء وبالزاي واسْمه نَضْلَة بِفَتْح النُّون وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة الْأَسْلَمِيّ الصَّحَابِيّ غزا خُرَاسَان فَمَاتَ بهَا. قَوْله: هُوَ جَالس الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله: فِي ظلّ علية بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَكسرهَا وَتَشْديد اللَّام وَالْيَاء آخر الْحُرُوف وَهِي الغرفة وَيجمع على علالي وأصل علية عليوة فأبدلت الْوَاو يَاء وأدغمت الْيَاء فِي الْيَاء. قَوْله: فَأَنْشَأَ أبي أَي: جعل أبي يستطعمه الحَدِيث أَي: يستفتحه وَيطْلب مِنْهُ التحديث. قَوْله: فَقَالَ: يَا با بَرزَة فحذفت الْألف للتَّخْفِيف. قَوْله: إِنِّي احتسبت عِنْد الله أَي: تقربت إِلَيْهِ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: احتسب، قيل مَعْنَاهُ أَنه يطْلب بسخطه على الطوائف الْمَذْكُورين من الله الْأجر على ذَلِك لِأَن الْحبّ فِي الله والبغض فِي الله من الْإِيمَان. قَوْله: ساخطاً حَال، ويروى: لائماً. قَوْله: على أَحيَاء قُرَيْش أَي: على قبائلهم. قَوْله: إِنَّكُم معشر الْعَرَب وَفِي رِوَايَة ابْن الْمُبَارك: العريب. قَوْله: كُنْتُم على الْحَال الَّذِي علمْتُم وَفِي رِوَايَة يزِيد بن زُرَيْع: على الْحَال الَّتِي كُنْتُم عَلَيْهَا فِي جاهليتكم. قَوْله: حَتَّى بلغ بكم مَا ترَوْنَ أَي: من الْعِزَّة وَالْكَثْرَة وَالْهِدَايَة. قَوْله: إِن ذَاك الَّذِي بِالشَّام يَعْنِي: مَرْوَان بن الحكم وَالله إِن يُقَاتل أَي: مَا يُقَاتل إِلَّا على الدُّنْيَا
وإنَّ ذَاكَ الّذِي بِمَكَّةَ وَالله إنْ يُقاتِلُ إلاّ على الدُّنيْا، وإنَّ هاؤلاءِ الّذِين بَيْنَ أظْهرِكُمْ وَالله إنْ يُقاتِلُونَ إلاّ على الدُّنيْا.
هَذَا أَيْضا من جملَة كَلَام أبي بَرزَة، وَلَا يُوجد إلَاّ فِي بعض النّسخ. قَوْله: وَإِن ذَاك الَّذِي بِمَكَّة أَرَادَ بِهِ عبد الله بن الزبير. قَوْله: وَإِن هَؤُلَاءِ الَّذين بَين أظْهركُم أَرَادَ بهم الْقُرَّاء، توضحه رِوَايَة ابْن الْمُبَارك: إِن الَّذين حَوْلكُمْ الَّذين يَزْعمُونَ أَنهم قراؤهم. قَوْله: إِن بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون النُّون بعد قَوْله: وَالله كلمة النَّفْي.
7113 -
حدّثنا آدَمُ بنُ أبي إياسٍ، حدّثنا شُعْبَةُ، عنْ واصِلٍ الأحْدَبِ، عنْ أبي وائِلٍ، عنْ حُذَيْفَةَ بنِ اليَمانِ قَالَ: إنَّ المُنافِقِينَ اليَوْمَ شَرٌّ مِنْهُمْ عَلى عَهْدِ النبيِّ كانُوا يَوْمَئِذٍ يُسِرُّونَ واليَوْمَ يَجْهَرُونَ.
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن جهرهم بالنفاق وَشهر السِّلَاح على النَّاس بِخِلَاف مَا بذلوه من الطَّاعَة حِين بَايعُوا أَولا.
وواصل هُوَ ابْن حَيَّان بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف الْأَسدي الْكُوفِي، يُقَال لَهُ: بياع السابري، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة، وَأَبُو وَائِل هُوَ شَقِيق بن سَلمَة.
والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم.
قَوْله: على عهد النَّبِي يتَعَلَّق بمقدر وَهُوَ نَحْو تاءين إِذْ لَا يجوز أَن يُقَال: هُوَ مُتَعَلق بالضمير الْقَائِم مقَام الْمُنَافِقين، إِذا الضَّمِير لَا يعْمل. قيل: إِنَّمَا كَانَ شرا لِأَن سرهم لَا يتَعَدَّى إِلَى غَيرهم، وَقَالَ ابْن التِّين: أَرَادَ أَنهم أظهرُوا من السِّرّ مَا لم يظْهر أُولَئِكَ فَإِنَّهُم لم يصرحوا بالْكفْر، وَإِنَّمَا هُوَ التفث يلقونه بأفواههم فَكَانُوا يعْرفُونَ بِهِ.
7114 -
حدّثنا خَلّادٌ، حدّثنا مِسْعَرٌ، عنْ حَبِيب بنِ أبي ثابِت، عَن أبي الشَّعْثاءِ، عنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: إنّما كانَ النَّفاقُ عَلى عَهْدِ النبيِّ فأمَّا اليَوْمَ فإنّما هُوَ الكُفْرُ بَعْدَ الإيمانِ.