الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اللَّهُمَّ إنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وبِرَسُولِكَ، فَلا تُسَلِّطْ عَلَيَّ الكافِرِ، فَغُطَّ حتَّى ركَضَ بِرِجْلِهِ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة من حَيْثُ إِنَّه كَمَا لَا ملامة عَلَيْهَا فِي الْخلْوَة مَعَه إِكْرَاها، فَكَذَلِك المستكرهة فِي الزِّنَا لَا حد عَلَيْهَا، كَذَا قَالَه الْكرْمَانِي، وَصَاحب التَّوْضِيح قلت: الْأَقْرَب أَن يُقَال: وَجه الْمُطَابقَة من حَيْثُ إِنَّه أكره إِبْرَاهِيم، عليه السلام، على إرسالها إِلَيْهِ.
وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة، وَأَبُو الزِّنَاد بالزاي وَالنُّون عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرحمان بن هُرْمُز.
وَمضى الحَدِيث فِي آخر البيع، وَفِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء، عليهم السلام.
قَوْله: هَاجر إِبْرَاهِيم عليه السلام قَالَ الْكرْمَانِي: من الْعرَاق إِلَى الشَّام. قلت: قَالَ أهل السّير: من بَيت الْمُقَدّس إِلَى مصر، وَسَارة أم إِسْحَاق عليهما السلام. قَوْله: دخل بهَا قَرْيَة قَالَ الْكرْمَانِي: هِيَ حران بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الرَّاء وبالنون، وَهِي كَانَت مَدِينَة عَظِيمَة تعدل ديار مصر فِي حد الجزيرة بَين الْفُرَات ودجلة، وَالْيَوْم هِيَ خرابة، قيل: كَانَ مولد إِبْرَاهِيم بهَا، وَقَول الْكرْمَانِي: قَرْيَة هِيَ حران فِيهِ نظر، وَالَّذِي ذكره أهل السّير: هِيَ مصر، وَمِمَّا يُؤَيّد هَذَا الَّذِي ذكره قَول من قَالَ: إِن حران هِيَ الَّتِي ولد فِيهَا إِبْرَاهِيم عليه السلام. قَوْله: أَو جَبَّار شكّ من الرَّاوِي. قَوْله: فَأرْسل إِلَيْهِ أَي: أرسل ذَلِك الْجَبَّار إِلَى إِبْرَاهِيم، عليه السلام، فَأرْسل بهَا إِبْرَاهِيم عليه السلام، كرها. قَوْله: تَوَضَّأ بِضَم الْهمزَة أَصله: تتوضأ، فحذفت مِنْهُ إِحْدَى التَّاءَيْنِ. قَوْله: إِن كنت لَيْسَ على الشَّك لِأَنَّهَا لم تكن شاكة فِي إيمَانهَا، وَإِنَّمَا هُوَ على خلاف مُقْتَضى الظَّاهِر، فيؤول بِنَحْوِ: إِن كنت مَقْبُولَة الْإِيمَان. قَوْله: فغط بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الطَّاء الْمُهْملَة أَي: خنق وصرع، وَقَالَ الدَّاودِيّ: ورويناه هُنَا بِالْعينِ الْمُهْملَة، وَيحْتَمل أَن يكون من العطعطة وَهِي حِكَايَة صَوت، وَقَالَ الشَّيْبَانِيّ: العطوط المغلوب ذكره الْجَوْهَرِي فِي بَاب الْعين الْمُهْملَة. قَوْله: حَتَّى ركض بِرجلِهِ أَي: حركه وَدفع وَجمع، وَلم يذكر البُخَارِيّ حكم إِكْرَاه الرجل على الزِّنَى، فَذهب الْجُمْهُور إِلَى أَنه لَا حد عَلَيْهِ. وَقَالَ مَالك وَجَمَاعَة: عَلَيْهِ الْحَد لِأَنَّهُ لَا تَنْتَشِر الْآلَة إلَاّ بلذة، وَسَوَاء أكرهه سُلْطَان أَو غَيره، وَعَن أبي حنيفَة: لَا يحد إِن أكرهه سُلْطَان، وَخَالفهُ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد، رحمهمَا الله تَعَالَى.
7 -
(بابُ يَمِينِ الرَّجُلِ لِصاحِبهِ إنَّهُ أخُوهُ إِذا خافَ عَلَيْهِ القَتْل أوْ نَحْوَهُ، وكَذالِكَ كُلُّ مُكْرَهٍ يَخافُ فإنَّهُ يَذُبُّ عَنْهُ الظَّالِمَ ويُقاتِلُ دُونَهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، فإنْ قاتَلَ دُونَ المَظْلُومِ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَلَا
قِصاصَ.)
أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان يَمِين الرجل أَنه أَخُوهُ إِذا خَافَ عَلَيْهِ الْقَتْل بِأَن يقْتله ظَالِم إِن لم يحلف الْيَمين الَّذِي أكرهه الظَّالِم عَلَيْهَا قَوْله: أَو نَحوه أَي: أَو نَحوه الْقَتْل، مثل قطع الْيَد أَو قطع عُضْو من أَعْضَائِهِ. قَوْله: فَإِنَّهُ يذب بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف وَضم الذَّال الْمُعْجَمَة أَي: يدْفع عَنهُ الظَّالِم، ويروى: الْمَظَالِم، جمع مظْلمَة ويروى: ويدرء عَنهُ الظَّالِم، أَي: يَدْفَعهُ ويمنعه مِنْهُ. قَوْله: وَيُقَاتل دونه أَي: يُقَاتل عَنهُ وَلَا يَخْذُلهُ لَهُ أَي: لَا يتْرك نصرته. قَوْله: فَإِن قَاتل دون الْمَظْلُوم أَي: عَن الْمَظْلُوم. قَوْله: فَلَا قَود عَلَيْهِ وَلَا قصاص قَالَ صَاحب التَّوْضِيح يُرِيد وَلَا دِيَة لِأَن الدِّيَة تسمى أرشاً، وَقَالَ الْكرْمَانِي: لم كرر الْقود إِذْ هُوَ الْقصاص بِعَيْنِه ثمَّ أجَاب بِأَنَّهُ لَا تكْرَار إِذْ الْقصاص أَعم من أَن يكون فِي النَّفس، وَيسْتَعْمل غَالِبا فِي القواد أَو هُوَ تَأْكِيد. قلت: فِي الْجَواب الثَّانِي نظر لَا يخفى، وَقَالَ ابْن بطال: ذهب مَالك وَالْجُمْهُور إِلَى أَن من أكره على يَمِين إِن لم يحلفها قتل أَخُوهُ الْمُسلم أَنه لَا حنث عَلَيْهِ، وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ يَحْنَث لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ أَن يوري، فَلَمَّا ترك التورية صَار قَاصِدا للْيَمِين، فَيحنث.
وإنْ قِيلَ لهُ: لَتَشْرَبَنَّ الخَمْرَ أوْ لَتَأْكُلَنَّ المَيْتَةَ أوْ لَتَبيعَنَّ عَبْدَكَ أوْ تُقِرُّ بِدَيْنٍ أوْ تَهَبُ هِبَةً وكُلَّ عُقْدَةٍ أوْ لَنَقْتُلَنَّ أباكَ أوْ أخاكَ فِي الإسْلامِ، وَسعَهُ ذالِكَ لِقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم المُسْلِمُ أخُو المُسلِمِ.
أَي: إِن قيل لرجل يَعْنِي: لَو قَالَ رجل لرجل لتشربن الْخمر وأكرهه على ذَلِك، أَو قَالَ: لتأكلن الْميتَة وأكرهه على ذَلِك، أَو قَالَ لَهُ: لتبيعن عَبدك وأكرهه على ذَلِك، وَهَذِه الْأَلْفَاظ الثَّلَاثَة كلهَا مُؤَكدَة بالنُّون الثَّقِيلَة وباللامات الْمَفْتُوحَة فِي أوائلها. قَوْله: أَو تقر أَي: أَو قَالَ لَهُ: لتقر بدين لفُلَان وأكرهه على ذَلِك، أَو قَالَ لَهُ: تهب هبة لفُلَان وأكرهه على ذَلِك، قَوْله: وكل عقدَة لفظ كل مُضَافَة إِلَى لفظ عقدَة وَهُوَ مُبْتَدأ وَخَبره مَحْذُوف أَي: كَذَلِك، نَحْو أَن يَقُول: لتقرضن أَو لتؤجرن وَنَحْوهمَا. ويروى: أَو تحل عقدَة، عطف على مَا قبله، وَتحل فعل مضارع مُخَاطب من الْحل بِالْحَاء الْمُهْملَة، قَالَ الْكرْمَانِي: المُرَاد بِحل الْعقْدَة فَسخهَا. قَوْله: أَبَاك أَو أَخَاك فِي الْإِسْلَام، إِنَّمَا قيد بِالْإِسْلَامِ ليجعله أَعم من الْأَخ الْقَرِيب من النّسَب. قَوْله: وَسعه ذَلِك، أَي: جَازَ لَهُ لَهُ لَنَقْتُلَنَّ أَبَاك أَو قَالَ أَي الْأكل وَالشرب وَالْإِقْرَار وَالْهِبَة لتخليص الْأَب وَالْأَخ فِي الدّين، يَعْنِي: الْمُؤمن عَن الْقَتْل. وَقَالَ ابْن بطال: مُرَاد البُخَارِيّ أَن من هدد بقتل وَالِده أَو بقتل أَخِيه فِي الْإِسْلَام إِن لم يفعل شَيْئا من الْمعاصِي أَو يقر على نَفسه بدين لَيْسَ عَلَيْهِ، أَو يهب شَيْئا لغيره بِغَيْر طيب نفس مِنْهُ، أَو يحل عقدا كَالطَّلَاقِ وَالْعتاق بِغَيْر اخْتِيَاره، فَلهُ أَن يفعل جَمِيع مَا هدده بِهِ لينجو أَبوهُ من الْقَتْل، وَكَذَا أَخُوهُ الْمُسلم. قَوْله: لقَوْل النَّبِي دَلِيل. قَوْله: أَو أَخَاك فِي الْإِسْلَام، وَقد تقدم هَذَا الحَدِيث فِي: بَاب الْمَظَالِم.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لوْ قِيلَ لهُ لَتَشْرَبَنَّ الخَمْرَ أوْ لَتأْكُلَّنَّ المَيْتَةَ. أوْ لَتَقْتُلَنَّ ابْنَكَ أوْ أباكَ أوْ ذَا رَحِمٍ مُحَرَّمٍ لم يَسَعْهُ، لأنَّ هاذا لَيْسَ بِمُضْطَرَ ثُمَّ ناقَضَ، فَقَالَ: إنْ قِيلَ لهُ لَنَقْتُلَنَّ أباكَ أوِ ابْنَكَ أوْ لَتَبِيعَنَّ هاذا العَبْدَ أوْ تُقِرُّ بِدِينٍ أَو تَهَبُ، يَلْزَمُهُ فِي القِياسِ، ولاكِنَّا نَسْتَحْسِنُ ونَقُولُ: البَيْعُ والهِبَةُ وكُلُّ عُقْدَةٍ فِي ذالِكَ باطِلٌ، فَرَّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مُحَرِّمٍ وغَيْرِهِ بِغَيْرِ كِتابٍ وَلَا سُنَّةٍ.
قيل أَرَادَ بِبَعْض النَّاس الْحَنَفِيَّة. قَوْله: لَو قيل لَهُ أَي: قَالَ ظَالِم لرجل وَأَرَادَ قتل وَالِده: لتشربن الْخمر أَو لتأكلن الْميتَة. قَوْله: أَو لَنَقْتُلَنَّ ابْنك أَي: أَو قَالَ: لَنَقْتُلَنَّ ابْنك إِن لم تفعل مَا أَقُول لَك. قَوْله: أَو ذَا رحم محرم أَي: أَو قَالَ: لَنَقْتُلَنَّ ذَا رحم محرم لَك إِن لم تفعل كَذَا، وَالْمحرم هُوَ من لَا يحل نِكَاحهَا أبدا لِحُرْمَتِهِ. قَوْله: لم يَسعهُ أَي: لم يَسعهُ أَن يفعل مَا أمره بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بمضطر فِي ذَلِك لِأَن الْإِكْرَاه إِنَّمَا يكون فِيمَا يتَوَجَّه إِلَى الْإِنْسَان فِي خَاصَّة نَفسه لَا فِي غَيره، وَلَيْسَ لَهُ أَن يدْفع بهَا معاصي غَيره، فَإِن فعل يَأْثَم، وَعند الْجُمْهُور: لَا يَأْثَم. وَقَالَ الْكرْمَانِي: يحْتَمل أَن يُقَال: إِنَّه لَيْسَ بمضطر لِأَنَّهُ مُخَيّر فِي أُمُور مُتعَدِّدَة والتخيير يُنَافِي الْإِكْرَاه. وَقَالَ بَعضهم. قَوْله: فِي أُمُور مُتعَدِّدَة لَيْسَ كَذَلِك، بل الَّذِي يظْهر أَن: أَو، فِيهِ للتنويع لَا للتَّخْيِير وَأَنَّهَا أَمْثِلَة لأمثال وَاحِد. قلت: مَا الَّذِي يظْهر أَن: أَو، فِيهِ للتنويع؟ بل هِيَ للتَّخْيِير لِأَنَّهَا وَقعت بعد الطّلب. قَوْله: ثمَّ نَاقض الضَّمِير فِيهِ يرجع إِلَى بعض النَّاس بَيَان التَّنَاقُض على زَعمه أَنهم قَالُوا بِعَدَمِ الْإِكْرَاه فِي الصُّورَة الأولى، وَقَالُوا بِهِ فِي الصُّورَة الثَّانِيَة من حَيْثُ الْقيَاس، ثمَّ قَالُوا بِبُطْلَان البيع وَنَحْوه اسْتِحْسَانًا، فقد ناقضوا إِذْ يلْزم القَوْل بِالْإِكْرَاهِ، وَقد قَالُوا بِعَدَمِ الْإِكْرَاه. قلت: هَذِه المناقضة مَمْنُوعَة لِأَن الْمُجْتَهد يجوز لَهُ أَن يُخَالف قِيَاس قَوْله بالاستحسان، وَالِاسْتِحْسَان حجَّة عِنْد الْحَنَفِيَّة. قَوْله: فرقوا بَين كل ذِي رحم محرم وَغَيره بِغَيْر كتاب وَلَا سنة أَرَادَ بِهِ أَن مَذْهَب الْحَنَفِيَّة فِي ذِي الرَّحِم بِخِلَاف مَذْهَبهم فِي الْأَجْنَبِيّ، فَلَو قيل لرجل: لتقتلن هَذَا الرجل الْأَجْنَبِيّ أَو لتبيعن كَذَا، فَفعل لينجيه من الْقَتْل لزمَه البيع، وَلَو قيل لَهُ ذَلِك فِي ذِي رحم محرم لم يلْزمه مَا عقده. قلت: هَذَا أَيْضا بطرِيق الِاسْتِحْسَان، وَهُوَ غير خَارج عَن الْكتاب وَالسّنة. أما الْكتاب فَقَوله تَعَالَى:{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَائِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَائِكَ هُمْ أُوْلُو الَاْلْبَابِ} وَأما السّنة فَقَوله مَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ حسنا فَهُوَ عِنْد الله حسن وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَمَا ذكره البُخَارِيّ من أَمْثَال هَذِه المباحث غير مُنَاسِب لوضع هَذَا الْكتاب إِذْ هُوَ خَارج عَن فنه. قلت: أنكر عَلَيْهِ بَعضهم هَذَا الْكَلَام، فَقَالَ: للْبُخَارِيّ أُسْوَة بالأئمة الَّذين سلك طريقهم: كالشافعي وَأبي ثَوْر والْحميدِي وَأحمد وَإِسْحَاق، فَهَذِهِ طريقتهم فِي الْبَحْث. انْتهى. قلت: لم يسْلك أحد مِنْهُم فِيمَا جمعه من الحَدِيث خَاصَّة هَذَا المسلك، وَإِنَّمَا ذكرُوا فِي مؤلفات مُشْتَمِلَة على الْأُصُول وَالْفُرُوع، وَإِن ذكر أحد
مِنْهُم هَذِه المباحث فِي كتب الحَدِيث خَاصَّة فَالْكَلَام عَلَيْهِ أَيْضا وَارِد على أَن أحدا لَا يُنَازع أَن البُخَارِيّ لَا يُسَاوِي الشَّافِعِي فِي الْفِقْه، وَلَا فِي الْبَحْث عَن مثل هَذِه المباحث.
وَقَالَ النبيُّ قَالَ إبْراهِيمُ لامْرَأتهِ: هاذِهِ أُخْتِي وذالِكَ فِي الله.
هَذَا اسْتشْهد بِهِ البُخَارِيّ على عدم الْفرق بَين الْقَرِيب وَالْأَجْنَبِيّ فِي هَذَا الْبَاب، وَبَيَان ذَلِك أَن إِبْرَاهِيم، عليه السلام، قَالَ لامْرَأَته وَهِي سارة. وَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني: هَذِه أُخْتِي، يَعْنِي فِي الْإِسْلَام، فَإِذا كَانَت أُخْته فِي الْإِسْلَام وَجَبت عَلَيْهِ حمايتها وَالدَّفْع عَنْهَا. قَوْله: وَذَلِكَ فِي الله من كَلَام البُخَارِيّ، يَعْنِي: قَوْله: هَذِه أُخْتِي، لإِرَادَة التَّخَلُّص فِيمَا بَينه وَبَين الله. قلت: فرقهم. بَين الْقَرِيب وَالْأَجْنَبِيّ أَيْضا استسحان لِأَنَّهُ إِذا وَجَبت حماية أَخِيه الْمُسلم فِي الدّين على مَا قَالُوا، فحماية قَرِيبه أوجب.
وَقَالَ النَّخَعِيُّ: إِذا كانَ المُسْتَخلِفُ ظالِماً فَنِيَّةُ الحالِفِ، وإنْ كَانَ مَظْلُوماً فَنِيَّةُ المُسْتَحْلِفِ.
أَي: قَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: إِذا كَانَ المستحلف ظَالِما فَالْمُعْتَبر نِيَّة الْحَالِف، وَإِن كَانَ مَظْلُوما فَالْمُعْتَبر نِيَّة المستحلف. قيل: كَيفَ يكون المستحلف مَظْلُوما. وَأجِيب: بِأَن الْمُدَّعِي المحق إِذا لم تكن لَهُ نِيَّة ويستحلفه الْمُدعى عَلَيْهِ فَهُوَ مظلوم، وَأثر إِبْرَاهِيم هَذَا وَصله مُحَمَّد بن الْحسن فِي كتاب الْآثَار عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَنهُ بِلَفْظ: إِذا اسْتحْلف الرجل وَهُوَ مظلوم فاليمين على مَا نوى وعَلى مَا روى، وَإِذا كَانَ ظَالِما فاليمين على نِيَّة من استحلفه. وَقَالَ ابْن بطال: قَول النَّخعِيّ يدل على أَن النِّيَّة عِنْده نِيَّة الْمَظْلُوم أبدا، أَو إِلَى مثله ذهب مَالك وَالْجُمْهُور، وَعند أبي حنيفَة: النِّيَّة نِيَّة الْحَالِف أبدا، وَقَالَ غَيره: وَمذهب الشَّافِعِي أَن الْحلف إِذا كَانَ عِنْد الْحَاكِم فالنية نِيَّة الْحَاكِم. وَهِي رَاجِعَة إِلَى نِيَّة صَاحب الْحق، وَإِن كَانَ فِي غير الْحَاكِم فالنية نِيَّة الْحَالِف.
6951 -
حدّثنا يَحْيى بنُ بُكَيْرٍ، حَدثنَا اللَّيْثُ، عنْ عُقَيْلٍ، عنِ ابنِ شِهابٍ أنَّ سالِماً أخبَرَهُ أنَّ عَبْدَ الله بنَ عُمَرَ، رضي الله عنهما، أخْبَرَهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: المُسْلَمُ أخُو المُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُه وَلَا يُسْلِمُهُ، ومَنْ كانَ فِي حاجَةِ أخِيهِ كانَ الله فِي حاجَتِهِ
انْظُر الحَدِيث 2442
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْمُسلم تجب عَلَيْهِ حماية أَخِيه الْمُسلم.
والْحَدِيث قد مر فِي كتاب الْمَظَالِم بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد بأتم مِنْهُ.
قَوْله: وَلَا يُسلمهُ من الْإِسْلَام وَهُوَ الخذلان. قَوْله: فِي حَاجته أَي: فِي قَضَاء حَاجته.
6952 -
حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ عبْدِ الرَّحِيمِ، حدّثنا سَعيدُ بنُ سُلَيْمانَ، حَدثنَا هُشَيْمٌ، أخبرنَا عُبَيْدُ الله بنُ أبي بَكْره بنِ أنَسٍ عنْ أنَسٍ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسولُ الله انْصُرْ أخاكَ ظالِماً أوْ مَظْلُوماً فَقَالَ رجُلٌ: يَا رسولَ الله أنْصُرُهُ إذَا كانَ مَظْلُوماً؟ أفَرَأيْتَ إذَا كَانَ ظالِماً كَيْفَ أنْصُرُهُ؟ قَالَ: تَحْجُزُه أوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ، فإنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ
انْظُر الحَدِيث 2443 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَمُحَمّد بن عبد الرَّحِيم الْبَزَّاز بمعجمتين الملقب بصاعقة وَهُوَ من طبقَة البُخَارِيّ فِي أَكثر شُيُوخه، وَسَعِيد بن سُلَيْمَان الوَاسِطِيّ سكن بَغْدَاد وَهُوَ أَيْضا من شُيُوخ البُخَارِيّ. وَقد روى عَنهُ بِغَيْر وَاسِطَة فِي مَوَاضِع، وهشيم مصغر هشيم ابْن بشير مصغر بشر الوَاسِطِيّ، وَعبيد الله بن أبي بكر بن أنس يروي عَن جده أنس بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
والْحَدِيث مر فِي كتاب الْمَظَالِم من حَدِيث عبيد الله بن أبي بكر بن أنس وَحميد الطَّوِيل سمعا أنس بن مَالك يَقُول: قَالَ رَسُول الله انصر أَخَاك ظَالِما أَو مَظْلُوما انْتهى هَذَا الْمِقْدَار. وَأخرجه فِيهِ أَيْضا عَن مُسَدّد عَن مُعْتَمر عَن حميد عَن أنس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله انصر أَخَاك ظَالِما أَو مَظْلُوما. قَالُوا: يَا رَسُول الله هَذَا ننصره مَظْلُوما