الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[1176]
(عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ) أَيْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ (قَالَ اللَّهُمَّ اسْقِ) بِهَمْزَةِ الْوَصْلِ أَوِ الْقَطْعِ (عِبَادَكَ) يَشْمَلُ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ وَالْعَبِيدَ وَالْإِمَاءَ (وَبَهَائِمَكَ) أَيْ مِنْ جَمِيعِ دَوَابِّ الْأَرْضِ وَحَشَرَاتِهَا (وَانْشُرْ) بِضَمِّ الشِّينِ أَيِ ابْسُطْ (وَأَحْيِي بَلَدَكَ الْمَيِّتَ) أَيْ بِإِنْبَاتِ الْأَرْضِ بعد موتها أي يبسها وفي تلميح إلى قوله تعالى يحيي به الأرض بعد موتها قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَحَدِيثُ مَالِكٍ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ مرسل
(بَاب صَلَاةِ الْكُسُوفِ)
[1177]
قَالَ النَّوَوِيُّ يُقَالُ كَسَفَتِ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَقَالَ فِي الْمِصْبَاحِ خسف القمر ذهب ضوءه أَوْ نَقَصَ وَهُوَ الْكُسُوفُ أَيْضًا وَقَالَ ثَعْلَبٌ أَجْوَدُ الْكَلَامِ خَسَفَ الْقَمَرُ وَكَسَفَتِ الشَّمْسُ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ إِذَا ذَهَبَ بَعْضُ نُورِ الشَّمْسِ فَهُوَ الْكُسُوفُ وَإِذَا ذَهَبَ جَمِيعُهُ فَهُوَ الْخُسُوفُ
انْتَهَى
وَعَقَدَ الْمُؤَلِّفُ هَذَا الْبَابَ لِإِثْبَاتِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ فَقَطْ وَأَمَّا الْبَابُ الْآتِي فَلِبَيَانِ هَيْئَتِهَا وَأَنْوَاعِهَا
كَذَا فِي الشَّرْحِ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ رُوِيَتْ عَلَى أَوْجُهٍ كَثِيرَةٍ ذَكَرَ مُسْلِمٌ مِنْهَا جُمْلَةً وَأَبُو دَاوُدَ أُخْرَى وَغَيْرُهُمَا أُخْرَى
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ
وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يُسَنُّ فِعْلُهَا جَمَاعَةً
وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ فُرَادَى
وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي صِفَتِهَا فَالْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قِيَامَانِ وَقِرَاءَتَانِ وَرُكُوعَانِ وَأَمَّا السُّجُودُ فَسَجْدَتَانِ كَغَيْرِهِمَا وَسَوَاءٌ تَمَادَى الْكُسُوفُ أَمْ لَا
وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَجُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْحِجَازِ وَغَيْرُهُمْ وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ هُمَا رَكْعَتَانِ كَسَائِرِ النَّوَافِلِ عَمَلًا بِظَاهِرِ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ
وَأَبِي بَكْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى رَكْعَتَيْنِ
وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ عَائِشَةَ مِنْ رِوَايَةِ عُرْوَةَ وعمرة وحديث جابر وبن عباس وبن عمر وبن الْعَاصِ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ وسجدتان
قال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَهَذَا
أَصَحُّ مَا فِي هَذَا الْبَابِ
قَالَ وَبَاقِي الرِّوَايَاتِ الْمُخَالِفَةُ مُعَلَّلَةٌ ضَعِيفَةٌ
انْتَهَى
وَمَا قَالَهُ بن عَبْدِ الْبَرِّ فِيهِ كَلَامٌ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(أَخْبَرَنِي مَنْ أُصَدِّقُ) وَهَكَذَا فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ
قَالَ النووي له حكم المرسل إذا قُلْنَا بِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ إِنَّ قَوْلَهُ أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ قُلْتُ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ (وَظَنَنْتُ) وَلَفْظُ مُسْلِمٍ حَسِبْتُهُ وَهَذِهِ مَقُولَةُ عَطَاءٍ (أَنَّهُ) أَيْ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ (قَالَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ كَمَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ أَهْلِ السِّيَرِ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ أَوْ فِي رَمَضَانَ أَوْ فِي ذِي الْحِجَّةِ فِي عَاشِرِ الشَّهْرِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ (قِيَامًا شَدِيدًا) أَيْ طَوِيلًا لِطُولِ الْقِرَاءَةِ فِيهِ (فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ) أَيْ ثَلَاثُ رُكُوعَاتٍ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَشْرُوعَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثُ رُكُوعَاتٍ أَيْضًا (حَتَّى إِنَّ سِجَالَ الْمَاءِ) جَمْعُ سَجْلٍ وَهُوَ الدَّلْوُ الْمُلَاءُ (حَتَّى تَجَلَّتِ الشَّمْسُ) بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ صَفَتْ وَعَادَ نُورُهَا (لِمَوْتِ أَحَدٍ) مِنَ النَّاسِ (فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ) أَيْ بَادِرُوا إِلَيْهَا
قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ بَادِرُوا بِالصَّلَاةِ وَأَسْرِعُوا إِلَيْهَا حَتَّى يَزُولَ عَنْكُمْ هَذَا الْعَارِضُ الَّذِي يُخَافُ كَوْنُهُ مُقَدِّمَةَ عَذَابٍ
انْتَهَى
وَفِيهِ بَيَانُ أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُصَلَّى الْكُسُوفُ جَمَاعَةً وَفِيهِ بَيَانُ أَنْ يَرْكَعَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ رُكُوعٌ وَاحِدٌ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ
وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ فِي هَذَا الْبَابِ فَرُوِيَ أَنَّهُ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَرُوِيَ أَنَّهُ رَكَعَهُمَا فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ وَرُوِيَ أَنَّهُ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي سِتِّ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ وَرُوِيَ أَنَّهُ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي عَشْرِ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ
وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ أنواعا
مِنْهَا وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُ صَلَّاهَا مَرَّاتٍ وَكَرَّاتٍ فَكَانَتْ إِذَا طَالَتْ مُدَّةُ الْكُسُوفِ مَدَّ فِي صَلَاتِهِ وَزَادَ فِي عَدَدِ الرُّكُوعِ وَإِذَا قَصُرَتْ نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ يُصَلَّى عَلَى حَسَبِ الْحَالِ وَمِقْدَارِ الْحَاجَةِ فِيهِ
انْتَهَى
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مسلم والنسائي بنحوه
باب من قال [1178] أَيْ مِنَ الْأَئِمَّةِ كَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَجُمْهُورِ عُلَمَاءِ الْحِجَازِ
(أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ) أَيْ أَرْبَعُ رُكُوعَاتٍ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَصَارَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رُكُوعَانِ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ الصَّحِيحُ وَلِذَا بَوَّبَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ
وَأَمَّا مَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ وَرَآهَا وَاسِعًا وَلَمْ يَخْتَصَّ بِصُورَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَوْرَدَ دَلَائِلَهُمْ أَيْضًا فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(الْيَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ) هُوَ فِي السَّنَةِ العاشرة من الهجرة وهو بن ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ أَكْثَرُ وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ عَاشِرِ الشَّهْرِ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ وَفِيهِ رَدٌّ لِقَوْلِ أَهْلِ الْهَيْئَةِ لَا يُمْكِنُ كُسُوفُهَا فِي غَيْرِ يَوْمِ السَّابِعِ أَوِ الثَّامِنِ أَوِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ إِلَّا أَنْ يُرِيدُوا أَنَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ وَهَذَا خَارِقٌ لَهَا (سِتَّ رَكَعَاتٍ) أَيْ رُكُوعَاتٍ إِطْلَاقًا لِلْكُلِّ وَإِرَادَةً لِلْجُزْءِ (فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ) أَيْ فِي رَكْعَتَيْنِ فَيَكُونُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثُ رُكُوعَاتٍ وَسَجْدَتَانِ
قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كُلُّ رَكْعَةٍ بِثَلَاثِ رُكُوعَاتٍ
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْخُسُوفَ إِذَا تَمَادَى جَازَ أَنْ يَرْكَعَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثَ رُكُوعَاتٍ وَخَمْسَ رُكُوعَاتٍ وَأَرْبَعَ رُكُوعَاتٍ انْتَهَى
وَقَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ لَا مَسَاغَ لِحَمْلِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ إِلَّا إِذَا تَعَدَّدَتِ الْوَاقِعَةُ وَهِيَ لَمْ تَتَعَدَّدْ لِأَنَّ مَرْجِعَهَا كُلِّهَا إِلَى صَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ يَوْمَ مَاتَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ وَحِينَئِذٍ يَجِبُ تَرْجِيحُ أَخْبَارِ الرُّكُوعَيْنِ فَقَطْ لِأَنَّهَا أَصَحُّ وَأَشْهَرُ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْجَامِعِينَ بَيْنَ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ كَابْنِ الْمُنْذِرِ فَذَهَبُوا إِلَى تَعَدُّدِ الْوَاقِعَةِ وَحَمَلُوا الرِّوَايَاتِ فِي الزِّيَادَةِ وَالتَّكْرِيرِ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ وَقَوَّاهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وغيره (نحوا
مِمَّا قَامَ) أَيْ مُمَاثِلًا لِلْقِيَامِ فِي الْمِقْدَارِ (الْقِرَاءَةَ الثَّالِثَةَ) أَيْ فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ (فَانْحَدَرَ) أَيِ انْخَفَضَ (فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ) فَائِدَةُ ذِكْرِهَا أَنَّ الزِّيَادَةَ مُنْحَصِرَةٌ فِي الرُّكُوعِ دُونَ السُّجُودِ (لَيْسَ فِيهَا رَكْعَةٌ) أَيْ رُكُوعٌ (نَحْوٌ مِنْ قِيَامِهِ) أَيْ فِي الطُّولِ (قَالَ) جَابِرٌ (ثُمَّ تَأَخَّرَ) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (فِي صَلَاتِهِ) مِنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ (فَتَأَخَّرَتِ الصُّفُوفُ مَعَهُ) مَعَ النَّبِيِّ اتِّبَاعًا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (ثُمَّ تَقَدَّمَ) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ (فَقَامَ فِي مَقَامِهِ) السَّابِقِ وَتَقَدَّمَتِ الصُّفُوفُ كَذَلِكَ اتِّبَاعًا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّمَا كَانَ وَجْهُ تَأَخُّرِهِ وَتَقَدُّمِهِ صلى الله عليه وسلم رُؤْيَتَهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ لِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ بِلَفْظِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَيْتُ فِي مَقَامِي هَذَا كُلَّ شَيْءٍ وُعِدْتُمْ حَتَّى لَقَدْ رَأَيْتُنِي أُرِيدُ أَنْ آخُذَ قَطْفًا مِنَ الْجَنَّةِ حِينَ رَأَيْتُمُونِي جَعَلْتُ أَتَقَدَّمُ وَلَقَدْ رَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ الْحَدِيثَ (إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ إِلَخْ) وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُمْ قَالُوا كَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَذَا الْكَلَامَ رَدًّا عَلَيْهِمْ
قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالْحِكْمَةُ فِي هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ بَعْضَ الْجَهَلَةِ الضُّلَّالِ كَانُوا يُعَظِّمُونَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ فَبَيَّنَ أَنَّهُمَا آيَتَانِ مَخْلُوقَتَانِ لِلَّهِ تَعَالَى لَا صُنْعَ لَهُمَا بَلْ هُمَا كَسَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ يَطْرَأُ عَلَيْهِمَا النَّقْصُ وَالتَّغْيِيرُ كَغَيْرِهِمَا وَكَانَ بَعْضُ الضُّلَّالِ مِنَ الْمُنَجِّمِينَ وَغَيْرِهِمْ يَقُولُ لَا يَنْكَسِفَانِ إِلَّا لِمَوْتِ عَظِيمٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا بَاطِلٌ لَا يُغْتَرُّ بِأَقْوَالِهِمْ لَا سِيَّمَا وَقَدْ صَادَفَ مَوْتَ إِبْرَاهِيمَ رضي الله عنه فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَصَلُّوا وَفِي رِوَايَةٍ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَكَبِّرُوا وَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى هَذِهِ الطَّاعَاتِ وَهُوَ أَمْرُ اسْتِحْبَابٍ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بطوله
[1179]
(يَخِرُّونَ) أَيْ يَسْقُطُونَ (فَأَطَالَ) أَيِ الرُّكُوعَ (فَأَطَالَ) أَيِ الْقِيَامَ (فَكَانَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ) أَيْ رُكُوعَاتٍ وَفِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى اخْتِيَارِ الرُّكُوعَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ
وَالْحَدِيثُ اخْتُلِفَ عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَرَوَى عَنْهُ عَطَاءٌ كَمَا تَقَدَّمَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ سِتَّ رَكَعَاتٍ وَرَوَى عَنْهُ أَبُو الزُّبَيْرِ فَكَانَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَلِأَجْلِ هَذَا الِاخْتِلَافِ أَوْرَدَ الْمُؤَلِّفُ الرِّوَايَتَيْنِ مَعًا مِنْ غَيْرِ اقْتِصَارٍ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الثَّانِيَةُ فَقَطْ مُطَابِقَةً لِلْبَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ كَذَا فِي الشَّرْحِ
قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ إِنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ تَقْدِيرَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ بِنَحْوِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَالثَّانِي بِنَحْوِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ وَالثَّالِثِ بِنَحْوِ سُورَةِ النِّسَاءِ وَالرَّابِعِ بِنَحْوِ سُورَةِ الْمَائِدَةِ وَاسْتَشْكَلَ تَقْدِيرُ الثَّالِثِ بِالنِّسَاءِ مَعَ كَوْنِ الْمُخْتَارِ أَنْ يَكُونَ الْقِيَامُ الثَّالِثُ أَقْصَرَ مِنَ الْقِيَامِ الثَّانِي وَالنِّسَاءُ أَطْوَلُ مِنْ آلِ عِمْرَانَ وَلَكِنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي ذَكَرَهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ نَعَمْ يُطَوِّلُ الْقِيَامَ الأول نحوا من سورة البقرة لحديث بن عَبَّاسٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ وَأَنَّ الثَّانِيَ دُونَهُ وَأَنَّ الْقِيَامَ الْأَوَّلَ مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ نَحْوُ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ وَكَذَا الْبَاقِي نَعَمْ فِي الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهُ قَرَأَ فِي الْأَوَّلِ بالعنكبوت والروم وفي الثاني بيس ذَكَرَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
[1180]
(وَصَفَّ النَّاسُ) بِالرَّفْعِ اصْطَفُّوا يُقَالُ صَفَّ الْقَوْمُ إِذَا صَارُوا صَفًّا وَيَجُوزُ النَّصْبُ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ وَالْمُرَادُ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (فَاقْتَرَأَ) افْتِعَالٌ مِنَ الْقِرَاءَةِ (وَانْجَلَتِ الشَّمْسُ إِلَخْ) فيه أن
الِانْجِلَاءَ وَقَعَ قَبْلَ انْصِرَافِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الصَّلَاةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
[1181]
(فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رَكْعَتَيْنِ) أَيْ رُكُوعَيْنِ تَسْمِيَةُ الْجُزْءِ بِاسْمِ الْكُلِّ
قَالَ النَّوَوِيُّ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ عَائِشَةَ مِنْ رِوَايَةِ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ وحديث جابر وبن عباس وبن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهَا رَكْعَتَانِ فِي كُلِّ ركعة ركوعان وسجدتان
قال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَهَذَا أَصَحُّ مَا فِي هَذَا الْبَابِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
[1182]
(صَلَّى بِهِمْ) أَيْ صَلَاةَ الْكُسُوفِ (فَقَرَأَ بِسُورَةٍ مِنَ الطُّوَلِ) بِضَمِّ الطَّاءِ وَتُكْسَرُ وَبِفَتْحِ الْوَاوِ قَالَ الطِّيبِيُّ جَمْعُ الطُّولَى كَالْكُبْرَى وَالْكُبَرِ (وَرَكَعَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ) أَيْ رُكُوعَاتٍ (ثُمَّ قَامَ الثَّانِيَةَ) بِالنَّصْبِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَفِي نُسْخَةٍ إِلَى الثَّانِيَةِ (ثُمَّ جَلَسَ كَمَا هُوَ) أَيْ كَائِنًا عَلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا (مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ) بِالنَّصْبِ أَيْ جَلَسَ بَعْدَ الصَّلَاةِ كَجُلُوسِهِ فِيهَا يَعْنِي مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ (يَدْعُو حَتَّى انْجَلَى كُسُوفُهَا) أَيِ انْكَشَفَ وَارْتَفَعَ
وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ هَذَا سَنَدٌ لَمْ يَحْتَجَّ الشَّيْخَانِ بِمِثْلِهِ وَهَذَا تَوْهِينٌ مِنْهُ لِلْحَدِيثِ بِأَنَّ سَنَدَهُ مِمَّا لَا يَصْلُحُ لِلِاحْتِجَاجِ بِهِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ لَا أَنَّهُ تَقْوِيَةٌ لِلْحَدِيثِ وَتَعْظِيمٌ لِشَأْنِهِ كَمَا فَهِمَهُ بعض المتأخرين
وروي عن بن السَّكَنِ تَصْحِيحُ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ الْحَاكِمُ رُوَاتُهُ
صَادِقُونَ وَفِي إِسْنَادِهِ أَبُو جَعْفَرٍ عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ
قَالَ الْفَلَّاسُ سَيِّئُ الْحِفْظِ وقال بن المديني يخلط وقال بن مَعِينٍ ثِقَةٌ وَاحْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ رَكْعَتَانِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ خَمْسُ رُكُوعَاتٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو جَعْفَرٍ وَاسْمُهُ عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَاهَانَ الرَّازِيُّ وَفِيهِ مَقَالٌ وَاخْتُلِفَ فِيهِ قول بن معين وبن المديني رضي الله عنهم
[1183]
(عن بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْحَدِيثُ مَعَ كَوْنِهِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَمَعَ تصحيح الترمذي له قد قال بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ إِنَّهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ قَالَ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عن طاووس ولم يسمعه حبيب من طاووس وَحَبِيبٌ مَعْرُوفٌ بِالتَّدْلِيسِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالسَّمَاعِ مِنْ طاووس وَقَدْ خَالَفَهُ سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ فَوَقَفَهُ وَرَوَى عَنْ حُذَيْفَةَ نَحْوَهُ قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ صِفَاتِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَرْبَعَةُ رُكُوعَاتٍ (وَالْأُخْرَى مِثْلُهَا) أَيِ الرَّكْعَةُ الْأُخْرَى مِثْلُ الْأُولَى بِأَرْبَعِ رُكُوعَاتٍ قال المنذري وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي
[1184]
(بن عباد) بكسر المهملة وتخفيف الموحدة (بن جُنْدَبٍ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَضَمِّهَا مَعَ ضَمِّ الْجِيمِ (غَرَضَيْنِ) الْغَرَضُ بِالتَّحْرِيكِ الْهَدَفُ الَّذِي يُرْمَي إِلَيْهِ وَالْجَمْعُ أَغْرَاضٌ مِثْلُ سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ وَبِالْفَارِسِيَّةِ نشائه تير (قِيدَ) بِكَسْرِ الْقَافِ يُقَالُ قِيدُ رُمْحٍ وَقَادُ رُمْحٍ أَيْ قَدْرُ رُمْحٍ (حَتَّى آضَتْ) بِالْمَدِّ أَيْ رَجَعَتْ وَصَارَتْ كَأَنَّهَا تَنُّومَةٌ بِفَتْحِ فَوْقِيَّةٍ وَتَشْدِيدِ نُونٍ مَضْمُومَةٍ نَوْعٌ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ فِيهَا وَفِي ثَمَرِهَا سَوَادٌ قَلِيلٌ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ التَّنُّومُ نَبْتٌ لَوْنُهُ إِلَى السَّوَادِ وَيُقَالُ بَلْ هُوَ شَجَرٌ لَهُ ثَمَرٌ كَمَدِّ اللَّوْنِ (لَيُحْدِثَنَّ) مِنَ الْإِحْدَاثِ بِالنُّونِ الثَّقِيلَةِ (شَأْنُ هَذِهِ الشَّمْسِ) مَرْفُوعٌ بِالْفَاعِلِيَّةِ (حَدَثًا) أَيْ
أَمْرًا جَدِيدًا (فَدُفِعْنَا) عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ أَوِ الْمَفْعُولِ أَيْ دَفَعَنَا الِانْطِلَاقُ (وَإِذَا هُوَ بَارِزٌ) قال الحافظ بن الْأَثِيرِ جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ هَكَذَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بَارِزٌ بِرَاءٍ ثُمَّ زَاءٍ مِنَ الْبُرُوزِ وَهُوَ الظُّهُورُ وَهُوَ تَصْحِيفٌ مِنَ الرَّاوِي
قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ وَالْأَزْهَرِيُّ فِي التَّهْذِيبِ وَإِنَّمَا هُوَ بِأُزُزٍ بِبَاءِ الْجَرِّ وَهَمْزَةٍ مَضْمُومَةٍ وزائين معجمتين أي بجمع كثير يقال أوتيت الْوَالِيَ وَالْمَجْلِسُ أُزُزٌ أَيْ كَثِيرُ الزِّحَامِ لَيْسَ فِيهِ مُتَّسَعٌ وَالنَّاسُ أُزُزٌ إِذَا انْضَمَّ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَالْمَعْنَى انْتَهَيْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ممتلىء بِالنَّاسِ (فِي صَلَاةٍ قَطُّ) فِيهِ اسْتِعْمَالُ قَطُّ فِي الْإِثْبَاتِ وَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِالنَّفْيِ بِإِجْمَاعِ النُّحَاةِ وَخَرَّجَهُ الشَّيْخُ جَمَالُ الدِّينِ بْنُ هِشَامٍ عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ قَطُّ بَعْدَ مَا الْمَصْدَرِيَّةِ كَمَا يَقَعُ بَعْدَ مَا النَّافِيَةِ
قَالَ الرَّضِيُّ وَرُبَّمَا يُسْتَعْمَلُ قَطُّ بِدُونِ النَّفْيِ لَفْظًا وَمَعْنًى كُنْتُ أَرَاهُ قَطُّ أَيْ دَائِمًا وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ بِدُونِهِ لَفْظًا لَا مَعْنًى هَلْ رَأَيْتَ ذِئْبًا قَطُّ قَالَهُ السُّيُوطِيُّ (لَا نَسْمَعُ لَهُ صَوْتًا) قَالَ فِي الْمُنْتَقَى وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ لِبُعْدِهِ لِأَنَّ فِي رِوَايَةٍ مَبْسُوطَةٍ لَهُ أَتَيْنَا وَالْمَسْجِدُ قَدِ امْتَلَأَ وَعِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَالتِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ وعند أحمد والطيالسي وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ وَعِنْدَ الشافعي وأبي يعلى عن بن عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ إِلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ فَمَا سَمِعْتُ مِنْهُ حَرْفًا مِنَ الْقُرْآنِ وَفِي إسناده بن لَهِيعَةَ
قَالَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي الْجَهْرِ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ وَرَجَّحَ الشَّافِعِيُّ رِوَايَةَ سمرة بأنها موافقة لرواية بن عَبَّاسٍ
قُلْتُ حَدِيثُ عَائِشَةَ أَرْجَحُ لِكَوْنِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلِكَوْنِهِ مُتَضَمِّنًا لِلزِّيَادَةِ وَلِكَوْنِهِ مُثْبِتًا وَلِكَوْنِهِ معتضدا بما أخرجه بن خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا مِنْ إِثْبَاتِ الجهر وحديث سمرة صححه الترمذي وبن حبان والحاكم لكن أعله بن حَزْمٍ بِجَهَالَةِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عِبَادٍ رَاوِيهِ عَنْ سمرة وقد قال بن المديني إنه مجهول وذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ مَعَ أَنَّهُ لَا رَاوِيَ لَهُ إِلَّا الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ قَالَهُ الْحَافِظُ
وفي سند حديث بن عباس رضي الله عنه بن لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ
وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى الْجَهْرِ أحمد وإسحاق وبن خزيمة وبن المنذر وبه قال صاحب أبي حنيفة وبن الْعَرَبِيِّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَحَكَى النَّوَوِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَاللَّيْثِ بْنِ
سَعْدٍ وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يُسِرُّ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَيَجْهَرُ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ
وَقَدِ احْتَجَّ بِحَدِيثِ سَمُرَةَ هَذَا وَحَدِيثُ قَبِيصَةَ الْآتِي بِأَنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ رَكْعَتَانِ بِرُكُوعٍ وَاحِدٍ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مُخْتَصَرًا وَالنَّسَائِيُّ مُطَوَّلًا ومختصرا وبن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
[1185]
(عَنْ قَبِيصَةَ الْهِلَالِيِّ قَالَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ إِلَخْ
) قَالَ السِّنْدِيُّ فِي حَاشِيَةِ النَّسَائِيِّ وَقَوْلُهُ وَصَلُّوا كَأَحْدَثِ صَلَاةٍ
فِيهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُلَاحَظَ وَقْتُ الْكُسُوفِ فَيُصَلِّي لِأَجْلِهِ صَلَاةً هِيَ مِثْلُ مَا صَلَّاهَا مِنَ الْمَكْتُوبَةِ قُبَيْلَهَا وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ عَدَدُ الرَّكَعَاتِ عَلَى حَسَبِ تِلْكَ الصَّلَاةِ وَأَنْ يَكُونَ الرُّكُوعُ وَاحِدًا
وَمُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى النَّاسِ الْعَمَلُ بِهَذَا وَإِنْ سَلَّمَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِرُكُوعَيْنِ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ لِلنَّاسِ وَذَلِكَ فِعْلٌ انْتَهَى كَلَامُهُ
وَفِي النَّيْلِ وَأَمَّا حَدِيثُ قَبِيصَةَ فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ وَسَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْمُنْذِرِيُّ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَلَاتِكُمْ هَذِهِ وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ رَكْعَتَانِ بِرُكُوعٍ وَاحِدٍ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَقَدْ رَجَحَتْ أَدِلَّةُ هَذَا الْمَذْهَبِ بِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْقَوْلِ كَمَا فِي حَدِيثِ قَبِيصَةَ وَالْقَوْلُ أَرْجَحُ مِنَ الْفِعْلِ
وَأَشَارَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى إِلَى تَرْجِيحِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا تَكْرَارُ الرُّكُوعِ وَلَا شَكَّ أَنَّهَا أَرْجَحُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا كَثْرَةُ طُرُقِهَا
وَكَوْنُهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَاشْتِمَالُهَا عَلَى الزِّيَادَةِ
انْتَهَى
وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ