المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب في صلاة الليل) - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ٤

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ تَرْكِ الْأَذَانِ فِي الْعِيدِ)

- ‌(بَابُ التَّكْبِيرِ فِي الْعِيدَيْنِ)

- ‌(بَاب في مَا يُقْرَأُ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ)

- ‌(بَاب الْجُلُوسِ لِلْخُطْبَةِ)

- ‌(باب الخروج إلى العيد في طريق ويرجع في طريق)

- ‌(بَاب إِذَا لَمْ يخرج الإمام للعيد من يومه يخرج من الْغَدِ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ)

- ‌(بَاب يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْعِيدَ فِي الْمَسْجِدِ)

- ‌3 - كتاب صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَتَفْرِيعِهَا

- ‌(بَابُ فِي أَيِّ وَقْتٍ إِلَخْ)

- ‌(بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(بَاب صَلَاةِ الْكُسُوفِ)

- ‌(بَاب الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ)

- ‌(بَاب يُنَادَى فِيهَا بِالصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ الصَّدَقَةِ)

- ‌(بَابُ الْعِتْقِ)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ [1193] مِنَ الْأَئِمَّةِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ عِنْدَ الظُّلْمَةِ وَنَحْوِهَا مِنَ الرِّيحِ وَالزَّلَازِلِ)

- ‌(بَاب السُّجُودِ عِنْدَ الْآيَاتِ)

- ‌4 - كتاب أَبْوَابِ صَلَاةِ السَّفَرِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌(بَابُ مَتَى يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ)

- ‌(بَاب الْأَذَانِ فِي السَّفَرِ)

- ‌(بَابُ الْمُسَافِرِ يُصَلِّي [1204] فِي الطَّرِيقِ)

- ‌(بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ)

- ‌(بَابُ قَصْرِ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ)

- ‌(بَاب التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ)

- ‌(بَاب التَّطَوُّعِ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَالْوِتْرِ)

- ‌(بَابُ الْفَرِيضَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ مِنْ عُذْرٍ [1228] هَلْ تَجُوزُ)

- ‌(بَابُ مَتَى يُتِمُّ الْمُسَافِرُ [1229] صَلَاتُهُ إِذَا نَزَلَ فِي مَوْضِعٍ وَأَقَامَ فيه)

- ‌(بَابُ إِذَا أَقَامَ بِأَرْضِ الْعَدُوِّ يَقْصُرُ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ يوم يَقُومُ صَفٌّ مَعَ الْإِمَامِ وَصَفٌّ)

- ‌(باب من قال إذا صلى [1238] الْإِمَامُ)

- ‌(باب من قال يكبرون جميعا إلخ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَالَ يُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ يصلي إلخ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَالَ يُصَلِّي [1246] الْإِمَامُ)

- ‌(باب من قال إلخ)

- ‌(بَابُ صلاة الطالب)

- ‌5 - كتاب التطوع وركعات السنة

- ‌(بَابُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ)

- ‌(بَاب فِي تَخْفِيفِهِمَا)

- ‌(بَابُ الِاضْطِجَاعِ بعدها أي بعد سنة الفجر)

- ‌(بَابُ إِذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ وَلَمْ يصل رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ فَاتَتْهُ مَتَى يَقْضِيهَا)

- ‌(بَاب الْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَبَعْدَهَا)

- ‌(بَابُ الصلاة قبل العصر)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ)

- ‌(باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مُرْتَفِعَةً)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ)

- ‌(بَاب صَلَاةِ الضُّحَى)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ النَّهَارِ)

- ‌(باب صلاة التسبيح)

- ‌(بَابُ رَكْعَتَيْ الْمَغْرِبِ أَيْنَ تُصَلَّيَانِ)

- ‌(بَابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعِشَاءِ)

- ‌كتاب قيام الليل

- ‌(بَابُ نَسْخِ قِيَامِ اللَّيْلِ وَالتَّيْسِيرِ فِيهِ)

- ‌(بَابُ قِيَامِ اللَّيْلِ)

- ‌(بَاب النُّعَاسِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ)

- ‌(بَابُ مَنْ نَوَى الْقِيَامَ فَنَامَ)

- ‌(بَاب أَيِّ اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ أَجْزَاءِ اللَّيْلِ)

- ‌ باب وقت قيام النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ)

- ‌(بَابُ افْتِتَاحِ صَلَاةِ اللَّيْلِ بِرَكْعَتَيْنِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ اللَّيْلِ مثنى مثنى)

- ‌(بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ)

- ‌(بَاب فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ)

- ‌(بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ الْقَصْدِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌6 - بَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌بَابٌ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌(بَاب فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)

- ‌(بَاب فِيمَنْ قَالَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ)

- ‌(بَاب مَنْ رَوَى أَنَّهَا ليلة سبع عشرة)

- ‌(بَابُ مَنْ رَوَى فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ)

- ‌(باب من قال هي في كل رمضان)

- ‌(بَاب فِي كَمْ يُقْرَأُ الْقُرْآنُ)

- ‌(بَابُ تَحْزِيبِ الْقُرْآنِ)

- ‌(بَابٌ فِي عَدَدِ الْآيِ (ثَلَاثُونَ آيَةً))

- ‌7 - بَاب تَفْرِيعِ أَبْوَابِ السُّجُودِ وَكَمْ سَجْدَةً فِي القرآن

- ‌(بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ السُّجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ)

- ‌(بَاب مَنْ رَأَى فِيهَا سُجُودًا)

- ‌(بَاب السُّجُودِ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ)

- ‌(بَاب السُّجُودِ فِي ص)

- ‌(باب في الرجل يسمع السجدة وهو راكب)

- ‌(بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَجَدَ)

- ‌(بَاب فِيمَنْ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ بَعْدَ الصُّبْحِ)

- ‌8 - كتاب الوتر

- ‌(باب استحباب الوتر)

- ‌(بَابٌ فِي مَنْ لَمْ يُوتِرْ)

- ‌(بَاب كَمْ الْوِتْرُ)

- ‌(بَابُ مَا يَقْرَأُ فِي الْوِتْرِ)

- ‌(بَاب الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ)

- ‌(باب في الدعاء بعد الوت)

- ‌(بَاب فِي الْوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ)

- ‌(بَاب فِي وَقْتِ الْوِتْرِ)

- ‌(بَابٌ فِي نَقْضِ الْوِتْرِ)

- ‌(باب القنوت في الصلاة)

- ‌(باب فَضْلِ التَّطَوُّعِ فِي الْبَيْتِ)

- ‌(باب [1449] (طول القيام) فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ الْحَثِّ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ)

- ‌(بَابٌ في ثواب قراءة القرآن)

- ‌(بَاب فَاتِحَةِ الْكِتَابِ)

- ‌(باب من قال هي أَيِ الْفَاتِحَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي آيَةِ الْكُرْسِيِّ)

- ‌(بَاب فِي سُورَةِ الصَّمَدِ)

- ‌(بَاب فِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ)

- ‌(بَابُ كَيْفَ يُسْتَحَبُّ التَّرْتِيلُ فِي الْقِرَاءَةِ)

- ‌(بَاب التَّشْدِيدِ فِيمَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ)

- ‌(بَابُ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ)

- ‌(بَابُ الدُّعَاءِ)

- ‌(باب التسبيح بالحصى)

- ‌(باب ما يقال الرَّجُلُ إِذَا سَلَّمَ)

- ‌(بَابٌ فِي الِاسْتِغْفَارِ)

- ‌(باب النهي أَنْ يَدْعُوَ الْإِنْسَانُ عَلَى أَهْلِهِ وَمَالِهِ)

- ‌(بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب الدُّعَاءِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ)

- ‌(بَابُ ما يقول الرجل إذا خاف)

- ‌(بَابُ الِاسْتِخَارَةِ)

- ‌(بَاب فِي الِاسْتِعَاذَةِ)

- ‌9 - كِتَاب الزَّكَاة

- ‌(بَاب مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ)

- ‌(باب العروض إلخ)

- ‌(بَابُ الْكَنْزِ مَا هُوَ وَزَكَاةِ الْحُلِيِّ)

- ‌(بَابٌ فِي زَكَاةِ السَّائِمَةِ)

- ‌(باب رضاء الْمُصَدِّقِ)

- ‌(بَابُ دُعَاءِ الْمُصَدِّقِ لِأَهْلِ الصَّدَقَةِ)

- ‌(باب تفسير أسنان الإبل)

- ‌(بَاب أَيْنَ تُصَدَّقُ الْأَمْوَالُ)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يَبْتَاعُ صَدَقَتَهُ)

- ‌(بَابُ صَدَقَةِ الرقيق)

- ‌(بَاب صَدَقَةِ الزَّرْعِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْعَسَلِ)

- ‌(بَابٌ فِي خَرْصِ الْعِنَبِ)

- ‌(بَاب فِي الْخَرْصِ)

- ‌(بَابُ مَتَى يُخْرَصُ التَّمْرُ)

- ‌(بَاب مَا لَا يَجُوزُ مِنْ الثَّمَرَةِ فِي الصَّدَقَةِ)

الفصل: ‌(باب في صلاة الليل)

انْتَهَى (قَدْ أَسْقَطْتُهَا) أَيْ تَرَكْتُهَا فِي الْقِرَاءَةِ نِسْيَانًا (عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ) غَرَضُهُ أَنَّ هَارُونَ النَّحْوِيَّ قَالَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ يَرْحَمُ اللَّهُ فُلَانًا أَذْكَرَنِي فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ حُرُوفًا أَيْ كَلِمَاتٍ أَسْقَطْتُهَا وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كثير قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ بِنَحْوِهِ

[1332]

(وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ) وَهُوَ الْخُدْرِيُّ (وَلَا يَرْفَعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ) أَيْ صَوْتَهُ (أَوْ قَالَ فِي الصَّلَاةِ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ

[1333]

(الْجَاهِرُ بِالْقُرْآنِ كَالْجَاهِرِ بِالصَّدَقَةِ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ وَفِي إِسْنَادِهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَفِيهِ مَقَالٌ وَمِنْهُمْ مَنْ يُصَحِّحُ حَدِيثَهُ عَنِ الشَّامِيِّينَ

وَهَذَا الْحَدِيثُ شَامِيُّ الْإِسْنَادِ

1 -

(بَاب فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ)

[1334]

(كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ عَشْرَ رَكَعَاتٍ) فِي السُّبُلِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا مَوْصُولَةٌ لَا

ص: 149

قُعُودَ فِيهَا انْتَهَى

قُلْتُ هَذَا خِلَافُ الظَّاهِرِ (وَيُوتِرُ بِسَجْدَةٍ) أَيْ رَكْعَةٍ (وَيَسْجُدُ سَجْدَتِي الْفَجْرِ) أَيْ يُصَلِّي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ بَعْدَ طُلُوعِهِ (فَذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنَ الصَّلَاةِ فِي اللَّيْلِ مَعَ تَغْلِيبِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ أَوِ الصَّلَاةِ جَمِيعًا (ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً) وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ثُمَّ يُصَلِّي إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ فَكَانَتْ خَمْسَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَلَمَّا اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُ حَدِيثِ عَائِشَةَ زَعَمَ الْبَعْضُ أَنَّهُ حَدِيثٌ مُضْطَرِبٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلِ الرِّوَايَاتُ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَوْقَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَأَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ بِحَسَبِ النَّشَاطِ وَبَيَانِ الْجَوَازِ وَأَنَّ الْكُلَّ جَائِزٌ فَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ يُقَالُ أَنَّهَا أَخْبَرَتْ عَنِ الْأَغْلَبِ مِنْ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم فَلَا يُنَافِيهِ مَا خَالَفَهُ لِأَنَّهُ إِخْبَارٌ عَنِ النَّادِرِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

[1335]

(كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً) هِيَ أَكْثَرُ الْوِتْرِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لِهَذَا الحديث ولقولها ما كان يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً وَلَا يَصِحُّ زِيَادَةٌ عَلَيْهَا فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا لَمْ يَجُزْ وَلَمْ يَصِحَّ وِتْرُهُ

قال السبكي وأنا أقطع بحل الإيثار بِذَلِكَ

وَصِحَّتِهِ لَكِنِّي أُحِبُّ الِاقْتِصَارَ عَلَى إِحْدَى عشرة فأقل لأنه غالب أحواله (اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ) لِأَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ

قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ حِكْمَتُهُ أَنْ لَا يَسْتَغْرِقَ فِي النَّوْمِ لِأَنَّ الْقَلْبَ فِي الْيَسَارِ فَفِي النَّوْمِ عَلَيْهِ رَاحَةٌ لَهُ فَيَسْتَغْرِقُ فِيهِ وَفِيهِ كَلَامٌ لِأَنَّهُ صَحَّ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ تَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ

نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِعْلُهُ لِإِرْشَادِ أُمَّتِهِ وَتَعْلِيمِهِمْ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ

[1336]

(إِلَى أَنْ يَنْصَدِعَ) أَيْ يَنْشَقَّ (الْفَجْرُ) وَهُوَ بِظَاهِرِهِ يَشْمَلُ مَا إِذَا كَانَ بَعْدَ نَوْمٍ أَمْ لَا (وَيُوتِرُ

ص: 150

بِوَاحِدَةٍ) فِيهِ أَنَّ أَقَلَّ الْوِتْرِ رَكْعَةٌ فَرْدَةٌ وَالتَّسْلِيمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ رَكْعَتَيْنِ وَبِهِمَا قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ (وَيَمْكُثُ فِي سُجُودِهِ) يَعْنِي يَمْكُثُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ سَجَدَاتِ تِلْكَ الرَّكَعَاتِ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةٍ (فَإِذَا سَكَتَ) بِالتَّاءِ

(الْمُؤَذِّنُ) أَيْ فَرَغَ

قَالَ الْحَافِظُ الْعَسْقَلَانِيُّ هَكَذَا فِي الرِّوَايَاتِ الْمُعْتَمَدَةِ بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقَانِيَّةِ وَرَوَى سَكَبَ بِالْمُوَحَّدَةِ وَمَعْنَاهُ صَبَّ الْأَذَانَ وَالرِّوَايَةُ الْمَذْكُورَةُ لَمْ تَثْبُتْ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ انْتَهَى

وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَجُوزُ فِيهِ التَّاءُ الْمُثَنَّاةُ مِنْ فَوْقُ وَلَكِنْ قَيَّدُوهُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ كَذَا فِي الْفَائِقِ لِلزَّمَخْشَرِيِّ وَالنِّهَايَةِ لِلْجَزْرِيِّ وقالا أردات عَائِشَةُ إِذَا أَذَّنَ فَاسْتَعَارَتِ السَّكْبَ لِلْإِفَاضَةِ فِي الْكَلَامِ كَمَا يُقَالُ أَفْرَغَ فِي أُذُنِي حَدِيثًا أَيْ أَلْقَى وَصَبَّ

وَقَالَ فِي الْفَائِقِ كَمَا يُقَالُ هَضَبَ فِي الْحَدِيثِ وَأَخَذَ فِي الْخُطْبَةِ وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ (بِالْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ) أَيْ بِالنِّدَاءِ الْأُولَى وَهِيَ الْأَذَانُ وَالثَّانِيَةُ الْإِقَامَةُ (قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ) هُمَا سُنَّةُ الْفَجْرِ (خَفِيفَتَيْنِ) يَقْرَأُ فِيهِمَا الْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصَ (ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ) أَيْ لِلِاسْتِرَاحَةِ مِنْ تَعَبِ قِيَامِ اللَّيْلِ لِيُصَلِّيَ فَرْضَهُ عَلَى نشاط

كذا قاله بن الْمَلَكِ وَغَيْرُهُ

وَقَالَ النَّوَوِيُّ يُسْتَحَبُّ الِاضْطِجَاعُ بَعْدَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ انْتَهَى (حَتَّى يَأْتِيَهِ الْمُؤَذِّنُ) أَيْ يَسْتَأْذِنَهُ لِلْإِقَامَةِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجة

[1338]

(ثلاث عشرة ركعة) قال بن الملك ثمان ركعات منها بتسليمتين وقال بن حَجَرٍ الْمَكِّيُّ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ بِأَرْبَعِ تَسْلِيمَاتٍ وَيُمْكِنُ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام صَلَّى أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ وَأَرْبَعًا بِتَسْلِيمَتَيْنِ جَمْعًا بَيْنَ الْقَضِيَّتَيْنِ وَإِحَاطَةً بالفضيلتين كذا

ص: 151

فِي الْمِرْقَاةِ (يُوتِرُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ (بِخَمْسٍ) أَيْ يُصَلِّي خَمْسَ رَكَعَاتٍ بِنِيَّةِ الْوِتْرِ لَا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ أَيْ لِلتَّشَهُّدِ حَتَّى يَجْلِسَ فِي الْآخِرَةِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الإيثار بِخَمْسِ رَكَعَاتٍ وَهُوَ يَرُدُّ عَلَى مَنْ قَالَ بتعيين الثلاث (رواه بن نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ) فَوُهَيْبٌ لَيْسَ بِمُتَفَرِّدٍ فِي هذه الرواية عن هشام بل تابعه بن نُمَيْرٍ وَحَدِيثُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَتَابَعَهُ أَيْضًا وَكِيعٌ وَأَبُو أُسَامَةَ كَمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ [1339](يُصَلِّي بِاللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً) مِنْهَا الرَّكْعَتَانِ الْخَفِيفَتَانِ اللَّتَانِ يَفْتَتِحُ بِهِمَا صَلَاتَهُ (ثُمَّ يُصَلِّي إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصُّبْحِ) سُنَّةً (رَكْعَتَيْنِ خفيفتين) يقرأ بقل ياأيها الكافرون وقل هو الله أحد رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَبِي دَاوُدَ قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وما أنزل علينا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَفِي الثَّانِيَةِ رَبَّنَا آمَنَّا بما أنزلت واتبعنا الرسول قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَهُوَ طَرَفٌ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ

[1340]

(كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً) قال بن الْمَلَكِ إِنَّمَا أَعَدْتُ الْوِتْرَ وَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ بِالتَّهَجُّدِ لأن الظاهر أنه كَانَ يُصَلِّي الْوِتْرَ آخِرَ اللَّيْلِ وَيَبْقَى مُسْتَيْقِظًا إِلَى الْفَجْرِ وَيُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ أَيْ سُنَّةَ الْفَجْرِ مُتَّصِلًا بِتَهَجُّدِهِ وَوِتْرِهِ

كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ

قَالَ السِّنْدِيُّ ظَاهِرُ هَذَا التَّفْصِيلِ أَنَّهَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَعَ سُنَّةِ الْفَجْرِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ والنسائي

ص: 152

[1341]

(كيف كانت صلاة رسول الله فِي) لَيَالِي (رَمَضَانَ فَقَالَتْ مَا كَانَ رَسُولُ الله يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً) أَيْ غَيْرَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وأما ما رواه بن أبي شيبة عن بن عباس كان رسول الله يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً وَالْوِتْرَ فَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَقَدْ عَارَضَهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ هَذَا وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مَعَ كَوْنِهَا أَعْلَمُ بِحَالِهِ عليه السلام لَيْلًا مِنْ غَيْرِهَا (يُصَلِّي أَرْبَعًا) أَيْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ

وَأَمَّا مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَثْنَى مَثْنَى ثُمَّ وَاحِدَةً فَمَحْمُولٌ عَلَى وَقْتٍ آخَرَ فَالْأَمْرَانِ جَائِزَانِ (فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ) لِأَنَّهُنَّ فِي نِهَايَةٍ مِنْ كَمَالِ الْحُسْنِ وَالطُّولِ مُسْتَغْنِيَاتٌ لِظُهُورِ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ عَنِ السُّؤَالِ عَنْهُ وَالْوَصْفِ (فَقُلْتُ) بِفَاءِ الْعَطْفِ على السابق (يارسول اللَّهِ أَتَنَامُ) بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ الِاسْتِخْبَارِيِّ (وَلَا يَنَامُ قَلْبِي) وَلَا يُعَارِضُ بِنَوْمِهِ عليه السلام بِالْوَادِي لِأَنَّ طُلُوعَ الْفَجْرِ مُتَعَلِّقٌ بِالْعَيْنِ لَا بِالْقَلْبِ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى كَرَاهَةِ النَّوْمِ قَبْلَ الْوِتْرِ لِاسْتِفْهَامِ عَائِشَةَ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ تَقَرَّرَ عِنْدَهَا منع ذلك فأجابها بأنه لَيْسَ هُوَ فِي ذَلِكَ كَغَيْرِهِ ذَكَرَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ

[1342]

(لِأَبِيعَ عَقَارًا) عَلَى وَزْنِ سَلَامٍ كُلُّ مِلْكٍ ثَابِتٍ لَهُ أَصْلٌ كَالدَّارِ وَالنَّخْلِ

وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ رُبَّمَا أُطْلِقَ عَلَى الْمَتَاعِ (فَأَشْتَرِي بِهِ) أَيْ بِثَمَنِ الْعَقَارِ (مِنَّا سِتَّةً) بَدَلٌ مِنْ نَفَرٍ (أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ) أَيْ تَطْلِيقَ النِّسَاءِ وَبَيْعَ الْمَتَاعِ لِإِرَادَةِ الْغَزْوِ (وَقَالَ) كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِمَّنْ لَقِيتُ بِهِمْ (أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) أَيِ اقْتِدَاءٌ وَمُتَابَعَةٌ حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ (فَقَالَ أَدُلُّكُ عَلَى أَعْلَمِ النَّاسِ) فِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ

ص: 153

لِلْعَالِمِ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ وَيَعْرِفُ أَنَّ غَيْرَهُ أَعْلَمُ مِنْهُ بِهِ أَنْ يُرْشِدَ السَّائِلَ إِلَيْهِ فَإِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ وَيَتَضَمَّنُ مَعَ ذَلِكَ الْإِنْصَافَ وَالِاعْتِرَافَ بِالْفَضْلِ لِأَهْلِهِ وَالتَّوَاضُعَ (فَاسْتَتْبَعْتُ) أَيِ اسْتَصْحَبْتُ وَطَلَبْتُ مِنْهُ الْمُصَاحَبَةَ وَسَأَلْتُ مِنْهُ أَنْ يَتَّبِعَنِي فِي الذَّهَابِ إِلَى عَائِشَةَ (عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَاللَّامِ وَيُسَكَّنُ أَيْ أَخْلَاقِهِ وَشَمَائِلِهِ (كَانَ الْقُرْآنُ) أَيْ كَانَ خُلُقُهُ جَمِيعُ مَا فُصِّلَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ مَكَارِمِ الأخلاق فإن النبي كَانَ مُتَحَلِّيًا بِهِ

وَقَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ الْعَمَلُ بِهِ وَالْوُقُوفُ عِنْدَ حُدُودِهِ والتَّأْدِيبُ بِآدَابِهِ وَالِاعْتِبَارُ بِأَمْثَالِهِ وَقَصَصِهِ وَتَدَبُّرُهُ وَحُسْنُ تِلَاوَتِهِ (فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرِيضَةٍ) هَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ صار تطوعا في حق رسول الله وَالْأُمَّةِ فَأَمَّا الْأُمَّةُ فَهُوَ تَطَوُّعٌ فِي حَقِّهِمْ بالإجماع وأما النبي فَاخْتَلَفُوا فِي نَسْخِهِ فِي حَقِّهِ وَالْأَصَحُّ نَسْخُهُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ (وَلَا يُسَلِّمُ إِلَّا فِي التَّاسِعَةِ) فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الْإِيتَارِ بِتِسْعِ رَكَعَاتٍ مُتَّصِلَةٍ لَا يُسَلِّمُ إِلَّا فِي آخِرِهَا وَيَقْعُدُ فِي الثَّامِنَةِ وَلَا يُسَلِّمُ (فَلَمَّا أَسَنَّ وَأَخَذَ اللَّحْمَ) أَيْ كَبِرَ عُمْرُهُ وَبَدُنَ (أَوْتَرَ بِسَبْعِ رَكَعَاتٍ لَمْ يَجْلِسْ إِلَّا فِي السَّادِسَةِ وَالسَّابِعَةِ) وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ صَلَّى سَبْعَ رَكَعَاتٍ لَا يَقْعُدُ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ فَرِوَايَةُ الْمُؤَلِّفِ تَدُلُّ عَلَى إِثْبَاتِ الْقُعُودِ فِي السَّادِسَةِ وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ تَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِحَمْلِ النَّفْيِ لِلْقُعُودِ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ عَلَى الْقُعُودِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ التسليم

ص: 154

وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ أَنَّ النبي مَا كَانَ يُوتِرُ بِدُونِ سَبْعِ رَكَعَاتٍ وَقَالَ بن حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى إِنَّ الْوِتْرَ وَتَهَجُّدَ اللَّيْلِ يَنْقَسِمُ إِلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَجْهًا أَيُّهَا فَعَلَ أَجْزَأَهُ ثُمَّ ذَكَرَهَا وَاسْتَدَلَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ وَأَحَبُّهَا إِلَيْنَا وَأَفْضَلُهَا أَنْ يُصَلِّيَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً وَاحِدَةً وَيُسَلِّمُ انْتَهَى

(ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ) أَخَذَ بِظَاهِرِهِ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبَاحَا رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ جَالِسًا وَأَنْكَرَهُ مَالِكٌ قَالَ النَّوَوِيُّ الصَّوَابُ أَنَّ فِعْلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَلَمْ يُوَاظِبْ عَلَى ذَلِكَ بَلْ فَعَلَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّاتٍ قَلِيلَةً وَلَفْظُ كَانَ لَا يُلَازِمُ مِنْهَا الدَّوَامَ وَلَا التَّكْرَارَ

قَالَ وَإِنَّمَا تَأَوَّلْنَا حَدِيثَ الرَّكْعَتَيْنِ لِأَنَّ الرِّوَايَاتِ الْمَشْهُورَةَ في الصحيحين بأن آخر صلاته فِي اللَّيْلِ كَانَتْ وِتْرًا

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَحَادِيثُ كثيرة مشهورة بالأمر بجعل آخِرَ صَلَاةِ اللَّيْلِ وِتْرًا فَكَيْفَ يَظُنُّ أَنَّهُ يُدَاوِمُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ وَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْقَاضِي عِيَاضٌ مِنْ رَدِّ رِوَايَةِ الرَّكْعَتَيْنِ فَلَيْسَ بِصَوَابٍ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ إِذَا صَحَّتْ وَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهَا تَعَيَّنَ انْتَهَى مُلَخَّصًا

(وَلَمْ يَقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ) أَيْ كَامِلًا بِتَمَامِهِ (وَكَانَ إِذَا غَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْأَوْرَادِ وَأَنَّهَا إِذَا فَاتَتْ تُقْضَى (وَاللَّهِ هُوَ الْحَدِيثُ) الَّذِي أُرِيدُهُ (أُكَلِّمُهَا) أَيْ عَائِشَةَ (حَتَّى أُشَافِهَهَا بِهِ) أَيْ بِالْحَدِيثِ (مُشَافَهَةً) أَيْ أَسْمَعُ مِنْهَا مُوَاجَهَةً وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ تَرَكُ الْكَلَامِ مَعَهَا لِأَجْلِ الْمُنَازَعَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَبَيْنَهَا أَوْ لأمر آخر لكن هذا فعل بن عَبَّاسٍ لَيْسَ بِهِ حُجَّةٌ بَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لِلنُّصُوصِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (مَا حَدَّثْتُكَ) أَيْ لِتَذْهَبَ إِلَيْهَا لِلْحَدِيثِ فَتُكَلِّمَهَا أَوِ الْمُرَادُ أَنَّكَ لَا تُكَلِّمُهَا فَإِنْ عَلِمْتُ هَذَا قَبْلَ ذَلِكَ مَا حَدَّثْتُكَ حَدِيثَهَا أَيْضًا

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ والنسائي

ص: 155

[1343]

(يُسْمِعُنَا) مِنَ الْإِسْمَاعِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الْجَهْرِ بِالتَّسْلِيمِ فَهَذَا نَوْعٌ آخَرُ مِنْ صَلَاتِهِ مُغَايِرٌ لِمَا تقدم فيه أنه صلى ثمان رَكَعَاتٍ وَلَمْ يَجْلِسْ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَةً فَهَذِهِ رِوَايَةُ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ وَالَّتِي تَقَدَّمَتْ هِيَ رِوَايَةُ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ

[1346]

(حَتَّى بَدَّنَ) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ مِنَ التَّبْدِينِ وَهُوَ الْكِبَرُ وَالضَّعْفُ أَيْ مَسَّهُ الْكِبَرُ (فَنَقَصَ مِنَ التِّسْعِ) الَّذِي كَانَ يُصَلِّي مُتَّصِلًا بِتَشَهُّدٍ أَوْ تَشَهُّدَيْنِ (ثِنْتَيْنِ) مَفْعُولُ نَقَصَ (فَجَعَلَهَا) أَيِ الصَّلَاةَ

ص: 156

التي نقصت من التسع (إلى ست) فَجَعَلَهَا إِلَى سِتِّ رَكَعَاتٍ بِغَيْرِ الْوِتْرِ (وَالسَّبْعِ) أَيْ إِلَى السَّبْعِ رَكَعَاتٍ مَعَ الْوِتْرِ (وَرَكْعَتَيْهِ) أَيْ إِلَى السِّتِّ وَرَكْعَتَيْهِ وَإِلَى السَّبْعِ وَرَكْعَتَيْهِ

فَالسِّتُّ وَالسَّبْعُ بِاعْتِبَارِ ضَمِّ الْوِتْرِ وَحَذْفِهِ

[1349]

(وَلَيْسَ) هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ بَهْزٌ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ سَعْدٍ (فِي تَمَامِ حَدِيثِهِمْ) يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَيْ مِنْ جَيِّدِ أَحَادِيثِهِمْ مِنْ جهة الإسناد لأن بن أَبِي عَدِيٍّ وَيَزِيدَ بْنَ هَارُونَ وَمَرْوَانَ بْنَ مُعَاوِيَةَ كُلَّهُمْ قَالُوهُ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِحَذْفِ وَاسِطَةِ سَعْدٍ وَأَمَّا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فَقَالَ عَنْ بَهْزٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ وَهَذَا الْبَحْثُ فِي حَدِيثِ بَهْزٍ دُونَ قَتَادَةَ لَكِنْ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ وَقَالَ

ص: 157

لَيْسَ فِي تَمَامِ حَدِيثِهِمْ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ

وَرِوَايَةُ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ هِيَ الْمَحْفُوظَةُ وَعِنْدِي فِي سَمَاعِ زُرَارَةَ مِنْ عَائِشَةَ نَظَرٌ فَإِنَّ أَبَا حَاتِمٍ الرَّازِيَّ قَالَ قَدْ سَمِعَ زُرَارَةُ مِنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَمِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنِ بن عَبَّاسٍ

قُلْتُ أَيْضًا قَالَ هَذَا مَا صَحَّ لَهُ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ عِنْدَهُ مِنْ عَائِشَةَ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ

قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْقَاضِي فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ مِنْ رِوَايَةِ سعد بن هشام قيام النبي بِتِسْعِ رَكَعَاتٍ وَحَدِيثُ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِإِحْدَى عَشْرَةَ مِنْهُنَّ الْوِتْرُ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَكَانَ يَرْكَعُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَمِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَغَيْرِهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ بِرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَعَنْهَا كَانَ لَا يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً أَرْبَعًا أَرْبَعًا وَثَلَاثًا وَعَنْهَا كَانَ يُصَلِّي ثلاث عشرة ثانيا ثُمَّ يُوتِرُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَقَدْ فَسَّرْتُهَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ مِنْهَا رَكْعَتَا الْفَجْرِ هَذِهِ رِوَايَاتُ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ

وَعَنْهَا فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ صَلَاتَهُ بِاللَّيْلِ سَبْعٌ وَتِسْعٌ

وَعِنْدَ الشَّيْخَيْنِ مِنْ حَدِيثِ بن عباس أن صلاته مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْفَجْرِ سُنَّةَ الصُّبْحِ وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خالد أنه صَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ طَوِيلَتَيْنِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ فِي آخِرِهِ فَتِلْكَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ

قَالَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ إِخْبَارُ كُلِّ وَاحِدٍ من بن عَبَّاسٍ وَزَيْدٍ وَعَائِشَةَ بِمَا شَاهَدَ

وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فَقِيلَ هُوَ مِنْهَا وَقِيلَ مِنَ الرُّوَاةِ عَنْهَا فَيَحْتَمِلُ أَنَّ إِخْبَارَهَا بِإِحْدَى عَشْرَةَ هُوَ الْأَغْلَبُ وَبَاقِي رِوَايَاتِهَا إِخْبَارٌ مِنْهَا بِمَا كَانَ يَقَعُ نَادِرًا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَأَكْثَرُهُ خَمْسَ عَشْرَةَ بِرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَأَقَلُّهُ سَبْعٌ وَذَلِكَ بِحَسَبِ مَا كَانَ يَحْصُلُ مِنَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ أَوْ ضِيقِهِ بِطُولِ قِرَاءَةٍ أَوْ لِنَوْمٍ أَوْ عُذْرِ مَرَضٍ وَغَيْرِهِ أَوْ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ عِنْدَ كِبَرِ السِّنِّ أَوْ تَارَةً تَعُدُّ الرَّكْعَتَيْنِ الْخَفِيفَتَيْنِ فِي أَوَّلِ قِيَامِ اللَّيْلِ وَتَعُدُّ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ تَارَةً وَتَحْذِفُهُمَا تَارَةً أَوْ تَعُدُّ أَحَدَهُمَا وَقَدْ تَكُونُ عَدَّتْ رَاتِبَةَ الْعِشَاءِ مَعَ ذَلِكَ تَارَةً وَحَذَفَتْهَا تَارَةً

قَالَ الْقَاضِي وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ حَدٌّ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ وَلَا يَنْقُصُ مِنْهُ وَإِنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ مِنَ الطَّاعَاتِ الَّتِي كُلَّمَا زَادَ فِيهَا زَادَ الْأَجْرُ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي فِعْلِ النَّبِيِّ وَمَا اخْتَارَهُ لِنَفْسِهِ انْتَهَى مُلَخَّصًا

[1350]

(أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) تَقَدَّمَ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَالْآتِيَةِ مِنْ

ص: 158

كَلَامِ الْقَاضِي النَّوَوِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ

[1351]

(عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ طَرَفًا مِنْهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ (رَوَى هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ) أَيْ حَدِيثَ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ (خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ) ثِقَةٌ ثَبْتٌ (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو مِثْلَهُ) أَيْ مِثْلَ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ لَكِنْ فِيهِ بَعْضُ الزِّيَادَةِ كَمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (قَالَ) أَيْ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (كَانَ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ) أَيْ بَعْدَ الْوِتْرِ

[1352]

(عَنْ خَالِدِ) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانِ الْوَاسِطِيِّ وَهُوَ يَرْوِي عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ كَمَا يَرْوِي عَنْهُ عَبْدُ الْأَعْلَى

قَالَ فِي الشَّرْحِ رِوَايَةُ وَهْبِ بْنِ بَقِيَّةَ عَنْ خَالِدٍ عَنْ هِشَامٍ مَا وَجَدْنَاهَا فِي أَطْرَافِ الْمِزِّيِّ وَأَمَّا رواية بن الْمُثَنَّى عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى فَثَابِتَةٌ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (دَخَلَ الْمَسْجِدَ) أَيِ الْمَوْضِعَ الَّذِي يُصَلَّى فِي الْبَيْتِ (يُخَيَّلُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ (إِلَيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ (فَآذَنَهُ) بِهَمْزَةٍ

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَقَدْ رَوَى أَبُو حَاتِم فِي صَحِيحه مِنْ حَدِيث جَعْفَر بْن غِيَاث عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيل عَنْ عَبْد اللَّه بْن شَقِيق عَنْ عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم صَلَّى مُتَرَبِّعًا

وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ أَفْضَل هَيْئَات الْمُصَلِّي جَالِسًا التَّرْبِيع وَاَللَّه أَعْلَم

ص: 159

مَمْدُودَةٍ مِنَ الْإِيذَانِ أَيْ أَعْلَمَهُ (ثُمَّ يُغْفِي) مِنَ الْإِغْفَاءِ أَيْ يَنَامُ نَوْمًا خَفِيفًا

قَالَتْ عائشة (وربما شككت) في نومه (هَلْ أَغْفَا أَوْ لَا) قَالَ فِي النِّهَايَةِ غَفَوْتُ غَفْوَةً أَيْ نِمْتُ نَوْمَةً خَفِيفَةً وَيُقَالُ أَغْفَا إِغْفَاءً وَإِغْفَاءَةً إِذَا نَامَ وَقَلَّمَا يُقَالُ غَفَا انْتَهَى

(أَسَنَّ) بِإِثْبَاتِ الْهَمْزَةِ هَكَذَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْكِتَابِ وَفِي بَعْضِهَا سَنَّ بِدُونِ الْهَمْزَةِ

قَالَ النَّوَوِيُّ هَكَذَا فِي مُعْظَمِ الْأُصُولِ لِصَحِيحِ مُسْلِمٍ سَنَّ وَفِي بَعْضِهَا أَسَنَّ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي اللُّغَةِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَسَنُ هُوَ الْبَصْرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ

(عَنْ عَائِشَةَ) تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ سَنَدًا وَمَتْنًا وَلَمْ يُوجَدْ هَذَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إِلَّا فِي نُسْخَةٍ وَاحِدَةٍ مَعَ قَوْلِ أَبِي دَاوُدَ

إِنَّمَا كَرَّرَتْ إِلَخْ وَكَانَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ صَحَّ لِابْنِ دُحَيْمٍ عَنِ الرَّمْلِيِّ انْتَهَى

يَعْنِي مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ دُحَيْمٍ عَنِ الرَّمْلِيِّ لَكِنْ لَمْ يُّنَبِّهِ الْمِزِّيُّ عَلَى ذَلِكَ وَكَذَا لَيْسَ فِي الْمُنْذِرِيِّ فِي هَذَا الْمَحَلِّ (لِأَنَّهُمُ اضْطَرَبُوا فِيهِ) أَيْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فَرَوَى وهيب وبن نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ هَكَذَا أَيْ أَوْتَرَ بِخَمْسٍ لَمْ يَجْلِسْ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ وَرَوَى مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ عَنْ هِشَامٍ خِلَافَ ذَلِكَ وَتَقَّدَمَ بَعْضُ بَيَانِ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِنَّ أَحَادِيثَ الْفَصْلِ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ أَثْبَتُ وَأَكْثَرُ طُرُقًا إِذْ هُوَ الَّذِي رَوَاهُ أَكْثَرُ الْحُفَّاظِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَرِوَايَةُ أَوْتَرَ بِخَمْسٍ لَمْ يَجْلِسْ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ انْفَرَدَ بِهَا بَعْضُ أَهْلِ الْعِرَاقِ عَنْ هِشَامٍ وَقَدْ أَنْكَرَهَا مَالِكٌ وَقَالَ مُنْذُ صَارَ هِشَامٌ بِالْعِرَاقِ أَتَانَا عنه ما لم نعرف

وقال بن عَبْدِ الْبَرِّ مَا حَدَّثَ بِهِ هِشَامٌ قَبْلَ خُرُوجِهِ إِلَى الْعِرَاقِ أَصَحُّ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ

قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمَوَاهِبِ

وَقَدْ أُجِيبَ عن كلام مالك وبن عَبْدِ الْبَرِّ وَفِيهِ بَحْثٌ طَوِيلٌ إِنْ شِئْتَ فَارْجِعْ إِلَى الشَّرْحِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

ص: 160

(أَصْحَابُنَا) أَيْ شُيُوخُنَا فِي الْحَدِيثِ (لَا يَرَوْنَ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوَتْرِ) وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ

[1353]

(عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ رَقَدَ) أَيْ نَامَ

وَفِي الشَّمَائِلِ وَغَيْرِهِ قَالَ فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الْوِسَادَةِ أَيِ المخدة أو الفراش واضطجع رسول الله فِي طُولِهَا (فَتَسَوَّكَ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ السِّوَاكِ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ النَّوْمِ (وَهُوَ يَقُولُ إِنَّ فِي خلق السماوات والأرض) أَيْ مِنْ آخِرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ (حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ) فَإِنَّ فِيهَا لَطَائِفَ عَظِيمَةً لِمَنْ تَأَمَّلَ فِي مَبَانِيهَا (فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ) أَيْ تَنَفَّسَ بِصَوْتٍ حَتَّى يُسْمَعَ مِنْهُ صَوْتُ النَّفْخِ بِالْفَمِ كَمَا يُسْمَعُ مِنَ النَّائِمِ

قَالَ النَّوَوِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةُ فِيهَا مُخَالَفَةٌ لِبَاقِي الرِّوَايَاتِ فِي تَخْلِيلِ النَّوْمِ بَيْنَ الرَّكَعَاتِ وَفِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ تَخَلُّلَ النَّوْمِ وَذَكَرَ الرَّكَعَاتِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ

قَالَ الْقَاضِي هَذِهِ الرِّوَايَةُ وَهِيَ رِوَايَةُ حُصَيْنٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ مِمَّا اسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَلَى مسلم لا ضطرابها وَاخْتِلَافِ الرُّوَاةِ

قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَرُوِيَ عَنْهُ عَلَى سَبْعَةِ أَوْجُهٍ وَخَالَفَ فِيهِ الْجُمْهُورَ

قَالَ الْقَاضِي وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمْ يُعِدْ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ الْخَفِيفَتَيْنِ

وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَأَطَالَ فِيهِمَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا بَعْدَ الْخَفِيفَتَيْنِ فَتَكُونُ الْخَفِيفَتَانِ ثُمَّ الطَّوِيلَتَانِ ثُمَّ السِّتُّ الْمَذْكُورَاتُ ثُمَّ ثَلَاثٌ بَعْدَهَا كَمَا ذَكَرَ فَصَارَتِ الْجُمْلَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ كَمَا فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ انْتَهَى (فَعَلَ ذَلِكَ) الْمَذْكُورَ مِنْ قَوْلِهِ فَتَسَوَّكَ إِلَى قَوْلِهِ حَتَّى نَفَخَ (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ سِتَّ رَكَعَاتٍ) قَالَ الطِّيبِيُّ بَدَلٌ مِنْ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ أَيْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي سِتِّ رَكَعَاتٍ (كُلَّ ذَلِكَ) بِالنَّصْبِ بَيَانٌ لِثَلَاثٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولَ (يَسْتَاكُ) وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ (وَهُوَ يَقُولُ) الْجُمْلَةُ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ فِي

ص: 161

خَرَجَ (فِي قَلْبِي نُورًا) قِيلَ هُوَ مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ الشَّيْءُ وَيَظْهَرُ

قَالَ الْكِرْمَانِيُّ التَّنْوِينُ لِلتَّعْظِيمِ أَيْ نُورًا عَظِيمًا وَقَدَّمَ الْقَلْبَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَلِكِ

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذِهِ الْأَنْوَارُ يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى ظَاهِرِهَا فَيَكُونُ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَ لَهُ فِي كُلِّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ نُورًا يَسْتَضِيءُ بِهِ مِنْ ظُلُمَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ هُوَ وَمَنْ يَتْبَعُهُ أَوْ مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْهُمْ

قَالَ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ هِيَ مُسْتَعَارَةٌ لِلْعِلْمِ وَالْهِدَايَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى فهو على نور من ربه وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ

قُلْتُ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ فَتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ لَا مَنْعَ ثُمَّ قَالَ وَالتَّحْقِيقُ فِي مَعْنَاهُ أَنَّ النُّورَ يُظْهِرُ مَا يُنْسَبُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِهِ فَنُورُ السَّمْعِ مُظْهِرٌ لِلْمَسْمُوعَاتِ وَنُورُ الْبَصَرِ كَاشِفٌ لِلْمُبْصِرَاتِ وَنُورُ الْقَلْبِ كَاشِفٌ عَنِ الْمَعْلُومَاتِ وَنُورُ الْجَوَارِحِ مَا يَبْدُو عَلَيْهَا مِنْ أَعْمَالِ الطَّاعَاتِ

قَالَ النَّوَوِيُّ سَأَلَ النُّورَ فِي أَعْضَائِهِ وَجِهَاتِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ بَيَانُ الْحَقِّ وَضِيَاؤُهُ وَالْهِدَايَةُ إِلَيْهِ فَسَأَلَ النُّورَ فِي جَمِيعِ أَعْضَائِهِ وَجِسْمِهِ وَتَصَرُّفَاتِهِ وَتَقَلُّبَاتِهِ وَحَالَاتِهِ وَجُمْلَتِهِ فِي جِهَاتِهِ السِّتِّ حَتَّى لَا يَزِيغَ شَيْءٌ مِنْهَا انْتَهَى قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ من حديث كريب عن بن عَبَّاسٍ وَسَيَأْتِي

[1354]

(قَالَ وَأَعْظِمْ لِي نُورًا) وَالْحَاصِلُ أَنَّ وَهْبَ بْنَ بَقِيَّةَ عَنْ خَالِدٍ الطَّحَّانِ عَنْ حُصَيْنٍ قَالَ وَأَعْظِمْ لِي نُورًا بِحَذْفِ اللَّهُمَّ وَمَا قَالَ اللَّهُمَّ أَعْطِنِي نُورًا كَمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَأَمَّا هُشَيْمٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ كِلَاهُمَا عَنْ حُصَيْنٍ فَبِلَفْظِ أَعْظِمْ لِي نُورًا وَإِثْبَاتِ اللَّهُمَّ

وَأَمَّا أَبُو خَالِدٍ عَنْ حَبِيبٍ وَكَذَا سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِي رِشْدِينَ فَقَالَا كَمَا رَوَاهُ وَهْبٌ أَيْ بِلَفْظِ أَعْظِمْ لِي نُورًا وَبِحَذْفِ اللَّهُمَّ

وَحَدِيثُ أَبِي رِشْدِينَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ

ص: 162

[1355]

(قَالَ بِتُّ) مَاضٍ مِنَ الْبَيْتُوتَةِ (وَاسْتَنَّ) أَيِ استاك (إن في خلق السماوات والأرض) أَيْ فِي خَلْقِ الْعُلْوِيَّاتِ وَالسُّفْلِيَاتِ (وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ والنهار) أي طولا وقصرا أو ظلمة ونورا أو حرا وبردا (فأوتر بها) أي بتلك الركعة (بعد ما سَكَتَ) أَيْ فَرَغَ مِنَ الْأَذَانِ (خَفِيَ عَلَيَّ) ولم يظهر لي (من بن بَشَّارٍ) هُوَ مُحَمَّدٌ (بَعْضُهُ) أَيْ بَعْضُ الْحَدِيثِ يُشْتَبَهُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَيْ سَمِعْتُ مِنْهُ هَذَا الْقَدْرَ الَّذِي رُوِّينَاهُ لَكِنْ عِنْدَهُ بَعْضُ الزِّيَادَاتِ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ لَكِنْ لَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ وَخَفِيَ عَلَيَّ كَذَا فِي الشَّرْحِ وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ

[1356]

(صَلَّى سَبْعًا أَوْ خمسا) هذا شك من بن عَبَّاسٍ أَوْ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَالْآخَرُ هُوَ الظَّاهِرُ وَفِيهِ الْإِيتَارُ بِسَبْعٍ أَوْ بِخَمْسٍ مُتَّصِلَةٍ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَالتَّسْلِيمُ فِي آخِرِهِنَّ وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ

ص: 163

(فَصَلَّى أَرْبَعًا) هِيَ رَاتِبَةُ الْعِشَاءِ (ثُمَّ قَامَ يصلي) لم يذكر بن عَبَّاسٍ عَدَدَهَا (فَأَدَارَنِي فَأَقَامَنِي [1357] عَنْ يَمِينِهِ) عَنْ ها هنا بِمَعْنَى الْجَانِبِ أَيْ أَدَارَنِي عَنْ جَانِبِ يَسَارِهِ إِلَى جَانِبِ يَمِينِهِ (فَصَلَّى خَمْسًا) أَوْتَرَ بِهَا (غَطِيطَهُ) فِي النِّهَايَةِ الْغَطِيطُ الصَّوْتُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ نَفَسِ النَّائِمِ وَهُوَ تَرْدِيدُهُ حَيْثُ لَا يَجِدُ مَسَاغًا (أَوْ خَطِيطَهُ) وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْغَطِيطِ وَهُوَ صَوْتُ النَّائِمِ (فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ) هُمَا رَكْعَتَا الْفَجْرِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ

[1358]

(فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ) قَدْ ذَكَرَ الرَّاوِي فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَدَدَ الصَّلَاةِ الَّتِي صَلَّى قَبْلَ الْإِيتَارِ بِخَمْسٍ وَبَعْدَ الْأَرْبَعِ مِنْ رَاتِبَةِ الْعِشَاءِ وَأَبْهَمَ ذِكْرَ الْعَدَدِ فِي الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ

وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ

[1359]

(عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ) وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ

[1360]

(بِرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه مسلم

ص: 164

[1361]

(صَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ) وَتَرَكَ الرَّاوِي ذَكَرَ الْوِتْرَ

وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قالت صلى النبي العشاء ثم صلى ثمان رَكَعَاتٍ وَرَكْعَتَيْنِ جَالِسًا وَرَكْعَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَائَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ يَدَعْهُمَا أَبَدًا (بَيْنَ الْأَذَانَيْنِ) أَيِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ (قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ فِي حَدِيثِهِ وَرَكْعَتَيْنِ جَالِسًا بَيْنَ الْأَذَانَيْنِ) وَلَمْ يَقُلْ لَفْظَ جَالِسًا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ وَكَذَا لَمْ يَقُلِ الْبُخَارِيُّ وَهُوَ وَهْمٌ مِنْ جَعْفَرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[1362]

(بكم كان رسول الله يُوتِرُ) أَيْ بِكَمْ رَكْعَةٍ كَانَ يَجْعَلُ صَلَاتَهُ وِتْرًا أَوْ بِكَمْ كَانَ يُصَلِّي الْوِتْرَ (كَانَ يُوتِرُ بِأَرْبَعٍ) بِتَسْلِيمَةٍ أَوْ بِتَسْلِيمَتَيْنِ (وَثَلَاثٍ) أَيْ بِتَسْلِيمَةٍ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ فَيَكُونُ سَبْعًا (وَسِتٍّ وَثَلَاثٍ) فَيَكُونُ تِسْعًا مَعَ الْوِتْرِ (وَثَمَانٍ وَثَلَاثٍ) فَيَكُونُ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً (وَعَشْرٍ وَثَلَاثٍ) فَيَكُونُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَفِي إِتْيَانِهَا بِثَلَاثٍ فِي كُلِّ عَدَدٍ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ بِأَنَّ الْوِتْرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الثَّلَاثُ وَمَا وَقَعَ قَبْلَهُ مِنْ مُقَدِّمَاتِهِ الْمُسَمَّاةِ بِصَلَاةِ التَّهَجُّدِ فَإِطْلَاقُ الْوِتْرِ عَلَى الْكُلِّ مَجَازٌ وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ (وَلَمْ يَكُنْ يُوتِرُ بِأَنْقَصَ مِنْ سَبْعٍ وَلَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ) أَيْ غَالِبًا وَإِلَّا فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَوْتَرَ بِخَمْسَ عَشْرَةَ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ بِحَسَبِ مَا كَانَ يَحْصُلُ مِنَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ أَوْ طُولِ الْقِرَاءَةِ كَمَا جاء في حديث حذيفة وبن مَسْعُودٍ أَوْ مِنْ نَوْمٍ أَوْ مِنْ مَرَضٍ أَوْ كِبَرِ السِّنِّ

قَالَتْ فَلَمَّا أَسَنَّ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ أَوْ غَيْرَهَا نَقَلَهُ الطِّيبِيُّ

وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ

ص: 165

6 -

[1363](عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ

وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ طَرَفًا مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ كَانَ رسول الله يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى يَكُونَ آخِرَ صَلَاتِهِ الْوِتْرُ

(قَامَ إِلَى شَنٍّ) قَالَ النَّوَوِيُّ الشَّنُّ الْقِرْبَةُ الْخَلَقُ وَجَمْعُهُ شِنَانٌ [1364](فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ عَلَى يَسَارِهِ فَجَعَلَنِي عَلَى يَمِينِهِ) فِيهِ أَنَّ مَوْقِفَ الْمَأْمُومِ الْوَاحِدِ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ وَأَنَّهُ إِذَا وَقَفَ عَنْ يَسَارِهِ يَتَحَوَّلُ إِلَى يَمِينِهِ وَأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَتَحَوَّلْ حَوَّلَهُ الْإِمَامُ وَأَنَّ الْفِعْلَ الْقَلِيلَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَأَنَّ صَلَاةَ الصَّبِيِّ صَحِيحَةٌ وَأَنَّ لَهُ مَوْقِفًا مِنَ الْإِمَامِ كَالْبَالِغِ وَأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِي غَيْرِ الْمَكْتُوبَاتِ صَحِيحَةٌ

انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا

ص: 166

[1365]

(حَزَرْتُ قِيَامَهُ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الزَّاءِ ثُمَّ الرَّاءِ أَيْ قَدَّرْتُ وَفَرَضْتُ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ

[1366]

(أَنَّهُ قَالَ لَأَرْمُقَنَّ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ لأنظرن وأتأملن وأرقبن

قال الطيبي وعدل ها هنا عَنِ الْمَاضِي إِلَى الْمُضَارِعِ اسْتِحْضَارًا لِتِلْكَ الْحَالَةِ لِتَقَرُّرِهَا فِي ذِهْنِ السَّامِعِ (اللَّيْلَةَ) أَيْ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ حَتَّى أَرَى كَمْ يُصَلِّي وَلَعَلَّهُ كَانَ خَارِجًا عَنِ الْحُجُرَاتِ (فَتَوَسَّدْتُ عَتَبَتَهُ) بِفَتَحَاتٍ أَيْ وَضَعْتُ رَأْسِي عَلَيْهَا وَالْمُرَادُ رَقَدْتُ عِنْدَ بَابِهِ قَالَهُ السِّنْدِيُّ

قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْعَتَبَةُ هِيَ إِسْكَفَةُ الْبَابِ (أَوْ فُسْطَاطُهُ) وَهُوَ الْخَيْمَةُ الْعَظِيمَةُ عَلَى مَا فِي الْمُغْرِبِ فَيَكُونُ الْمُرَادُ مِنْ تَوَسَّدَ الْفُسْطَاطَ

تَوَسَّدَ عَتَبَتَهُ فَيَكُونُ شَكًّا من الراوي قاله القارىء (فصلى رسول الله رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ) افْتَتَحَ بِهِمَا صَلَاةَ اللَّيْلِ (طَوِيلَتَيْنِ) كَرَّرَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لِلْمُبَالَغَةِ فِي طُولِهِمَا (ثُمَّ أَوْتَرَ) أَيْ بِوَاحِدَةٍ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ والترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ

[1367]

(فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الْوِسَادَةِ) عَرَضَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ هَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ رِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ قَالَ وَرَوَاهُ الدَّاوُدِيُّ بِالضَّمِّ وَهُوَ الْجَانِبُ وَالصَّحِيحُ الْفَتْحُ وَالْمُرَادُ بِالْوِسَادَةِ الْوِسَادَةُ الْمَعْرُوفَةُ الَّتِي تَكُونُ تَحْتَ الرُّؤُوسِ

وَقَالَ الْبَاجِيُّ وَالْأَصِيلِيُّ وَغَيْرُهُمَا إِنَّ الْوِسَادَةَ هُنَا

ص: 167

الْفِرَاشُ لِقَوْلِهِ اضْطَجَعَ فِي طُولِهَا وَهَذَا ضَعِيفٌ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ نَوْمِ الرَّجُلِ مَعَ امْرَأَتِهِ مِنْ غَيْرِ مُوَاقَعَةٍ بِحَضْرَةِ بَعْضِ مَحَارِمِهَا وَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا

وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ روايات هذا الحديث قال بن عَبَّاسٍ بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي فِي لَيْلَةٍ كَانَتْ فِيهَا حَائِضًا وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ طَرِيقًا فَهِيَ حَسَنَةُ الْمَعْنَى جِدًّا إِذَا لَمْ يكن بن عباس يطلب المبيت في ليلة للنبي فِيهَا حَاجَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَلَا يُرْسِلُهُ أَبُوهُ إِلَّا إِذَا عَلِمَ عَدَمَ حَاجَتِهِ إِلَى أَهْلِهِ لِأنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ حَاجَتَهُ مَعَ حضرة بن عَبَّاسٍ مَعَهُمَا فِي الْوِسَادَةِ مَعَ أَنَّهُ كَانَ مراقبا لأفعال النبي مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَنَمْ أَوْ نَامَ قَلِيلًا جِدًّا

قَالَهُ النَّوَوِيُّ (فَجَلَسَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ) مَعْنَاهُ أَثَرَ النَّوْمَ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ هَذَا وَاسْتِعْمَالُ الْمَجَازِ (ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الْآيَاتِ الْخَوَاتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ) فِيهِ جَوَازُ الْقِرَاءَةِ لِلْمُحَدِثِ وَهَذَا إِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا تَحْرُمُ الْقِرَاءَةُ عَلَى الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ قِرَاءَةِ هَذِهِ الْآيَاتِ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ النَّوْمِ وَفِيهِ جَوَازُ قَوْلِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ وَسُورَةِ الْبَقَرَةِ وَسُورَةِ النِّسَاءِ وَنَحْوِهَا وَكَرِهَهُ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ (إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ) إِنَّمَا أَنَّثَهَا عَلَى إِرَادَةِ الْقِرْبَةِ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى شَنٍّ مُعَلَّقٍ عَلَى إِرَادَةِ السِّقَاءِ وَالْوِعَاءِ (فَأَخَذَ بِأُذُنِي يَفْتِلُهَا إِنَّمَا فَتَلَهَا تَنْبِيهًا مِنَ النُّعَاسِ لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ لِمُسْلِمٍ فَجَعَلْتُ إِذَا أَغْفَيْتُ يَأْخُذُ بِشَحْمَةِ أُذُنِي (فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ إِلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي الْوِتْرِ وَغَيْرِهِ مِنَ الصَّلَاةِ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَأَنَّ الْوِتْرَ يَكُونُ آخِرُهُ رَكْعَةً مَفْصُولَةً وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ الْأَئِمَّةِ

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَكْعَةٌ مَوْصُولَةٌ بِرَكْعَتَيْنِ كَالْمَغْرِبِ وَفِيهِ جَوَازُ إِتْيَانِ الْمُؤَذِّنِ إِلَى الْإِمَامِ لِيَخْرُجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَتَخْفِيفُ سُنَّةِ الصُّبْحِ وَأَنَّ الإيثار بِثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً أَكْمَلُ وَفِيهِ خِلَافٌ لِلشَّافِعِيَّةِ

قَالَ بَعْضُهُمْ أَكْثَرُ الْوِتْرِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ أَكْثَرُهُمْ أَكْثَرُهُ إِحْدَى عَشْرَةَ وتأولوا حديث بن عباس أنه صلى منها ركعتي

ص: 168