الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُفِيدُ الْمُرَادَ وَإِلَّا لَقَالَتْ ثَمَانِيًا فَلَا تَسْأَلْ
كذا ذكره بن الْهُمَامِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ
وَفِي رواية الشيخين قام رجل فقال يارسول اللَّهِ كَيْفَ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ وَقَعَ عَنْ كَيْفِيَّةِ الْوَصْلِ وَالْفَصْلِ لَا عَنْ مُطْلَقِ الْكَيْفِيَّةِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ مَثْنَى مَثْنَى أَيِ اثْنَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ وَتَكْرَارُ لَفْظِ مثنى مثنى للمبالغة وقد فسر ذلك بن عُمَرَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ عَنْهُ
(فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ) اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى خُرُوجِ وَقْتِ الْوِتْرِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَاسْتَدَلَّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الإيثار بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَ مَخَافَةِ هُجُومِ الصُّبْحِ وَيَدُلُّ أكثر الأحاديث الصحيحة الصريحة على مشروعية الإيثار بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ
وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَسَيَجِيءُ بَيَانُهُ (تُوتِرُ لَهُ) أَيْ تَجْعَلُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ صَلَاتَهُ وِتْرًا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
(بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ)
[1327]
(عَلَى قَدْرِ مَا يَسْمَعُهُ) أَيْ مِقْدَارُ قِرَاءَةٍ يَسْمَعُهَا (مَنْ فِي الْحُجْرَةِ) الْمُرَادُ صَحْنُ الْحُجْرَةِ قَالَهُ السِّنْدِيُّ (وَهُوَ فِي الْبَيْتِ) أَيْ في بيته
قال القارىء
قِيلَ الْمُرَادُ بِالْحُجْرَةِ أَخَصُّ مِنَ الْبَيْتِ يَعْنِي كَانَ لَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ كَثِيرًا وَلَا يُسِرُّ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ وَهَذَا إِذَا كَانَ يُصَلِّي لَيْلًا وَأَمَّا فِي الْمَسْجِدِ فَكَانَ يَرْفَعُ صوته فيها كثيرا ذكره بن الملك
قال المنذري في إسناده بن أَبِي الزِّنَادِ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ذَكْوَانَ وَفِيهِ مَقَالٌ وَقَدِ اسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي مَوَاضِعَ
(كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِاللَّيْلِ) فِي الْأَزْهَارِ يَعْنِي فِي الصَّلَاةِ وَيُحْتَمَلُ فِي غَيْرِهَا أَيْضًا وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ وَهُوَ مُخْتَلِفَةٌ (يَرْفَعُ) أَيْ صَوْتَهُ رَفْعًا مُتَوَسِّطًا (طَوْرًا) أَيْ مَرَّةً أَوْ حَالَةً إن كان
خَالِيًا (وَيَخْفِضُ طَوْرًا) إِنْ كَانَ هُنَاكَ نَائِمٌ أَوْ بِحَسَبِ حَالِهِ الْمُنَاسِبِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا
وَقَالَ الطِّيبِيُّ يَرْفَعُ خَبَرُ كَانَ وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ أَيْ يَرْفَعُ عليه السلام فِيهَا طَوْرًا صَوْتَهُ انْتَهَى
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
[1329]
(فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ) قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ مَارٌّ بِأَبِي بَكْرٍ (يُصَلِّي) حَالٌ عَنْهُ (يَخْفِضُ) حَالٌ عَنْ ضَمِيرِ يُصَلِّي (تَخْفِضُ صَوْتَكَ) بَدَلٌ أَوْ حَالٌ (قَدْ أسمعت من ناجيت يارسول اللَّهِ) جَوَابٌ مُتَضَمِّنٌ لِعِلَّةِ الْخَفْضِ أَيْ أَنَا أُنَاجِي رَبِّي وَهُوَ يَسْمَعُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى رَفْعِ الصَّوْتِ (أُوقِظُ) أَيْ أُنَبِّهُ (الْوَسْنَانَ) أَيِ النَّائِمَ الَّذِي لَيْسَ بِمُسْتَغْرِقٍ فِي نَوْمِهِ (وَأَطْرُدُ) أَيْ أُبْعِدُ (الشَّيْطَانَ) وَوَسْوَسَتَهُ بِالْغَفْلَةِ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ
وَتَأَمَّلْ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ مَرْتَبَتِهِمَا وَمَقَامِهِمَا وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ نِيَّةٌ حَسَنَةٌ فِي فِعْلَيْهِمَا وَحَالَيْهِمَا مِنْ مَرْتَبَةِ الْجَمْعِ لِلْأَوَّلِ وَحَالَةِ الْفَرْقِ لِلثَّانِي وَالْأَكْمَلُ هُوَ جَمْعُ الْجَمْعِ الَّذِي كَانَ حَالَةَ عليه السلام وَدَلَّهُمَا عَلَيْهِ وَأَشَارَ لَهُمَا إليه (ياأبا بَكْرٍ ارْفَعْ مِنْ صَوْتِكَ شَيْئًا) أَيْ قَلِيلًا لِيَنْتَفِعَ بِكَ سَامِعٌ وَيَتَّعِظَ مُهْتَدٍ (وَقَالَ لِعُمَرَ اخْفِضْ مِنْ صَوْتِكِ شَيْئًا) أَيْ قَلِيلًا لِئَلَّا يَتَشَوَّشَ بِكَ نَحْوُ مُصَلٍّ أَوْ نَائِمٍ مَعْذُورٍ
قَالَ الطِّيبِيُّ نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سبيلا كَأَنَّهُ قَالَ لِلصِّدِّيقِ انْزِلْ مِنْ مُنَاجَاتِكِ رَبَّكَ شَيْئًا قَلِيلًا وَاجْعَلْ لِلْخَلْقِ مِنْ قِرَاءَتِكَ نَصِيبًا وَقَالَ لِعُمَرَ ارْتَفِعْ مِنَ الْخَلْقِ هَوْنًا وَاجْعَلْ لِنَفْسِكَ مِنْ مُنَاجَاةِ رَبِّكَ نَصِيبًا
كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ أَخْرَجَهُ مُرْسَلًا وَمُسْنَدًا وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ
وَقَالَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ
وَإِنَّمَا أَسْنَدَهُ يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ
وَأَكْثَرُ النَّاسِ إِنَّمَا رَوَوْا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ مُرْسَلًا
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ وَيَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ هَذَا هُوَ الْبَجَلِيُّ السَّيْلَحِينِيُّ وَقَدِ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ
[1330]
(وَأَنْتَ تَقْرَأُ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ) مِنْ تَبْعِيضِيَّةٍ أَيْ تَقْرَأُ آيَاتٍ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ وَآيَاتٍ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ وَلَا تَقْرَأُ سُورَةً كَامِلَةً (قَالَ) بِلَالٌ (كَلَامٌ طَيِّبٌ) أَيْ كُلُّ الْقُرْآنِ كَلَامٌ طَيِّبٌ (يَجْمَعُهُ) الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ يَرْجِعُ إِلَى الْكَلَامِ وَالْمُرَادُ بَعْضُ الْكَلَامِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (بَعْضُهُ) بَعْضُ الْكَلَامِ (إِلَى بَعْضٍ) وَالْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ الْقُرْآنِ كَلَامٌ طَيِّبٌ تَشْتَهِي إِلَيْهِ النُّفُوسُ وَيَرْغَبُ فِيهِ أَهْلُ الْإِيمَانِ وَجَمَعَ اللَّهُ تَعَالَى بَعْضَ الْكَلَامِ وَضَمَّهُ إِلَى بَعْضٍ وَوَضَعَ بَعْضًا مَعَ بَعْضٍ لِأَجْلِ مَا تَقْتَضِي إِلَيْهِ الْحَاجَةُ وَإِنِّي أَقْرَأُ مِنْهُ مَا أُحِبُّهُ وَمَا أَشْتَهِي إِلَيْهِ
وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ
[1331]
(أَنَّ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَقَرَأَ فَرَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ) وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَمِعُ قِرَاءَةَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ رحمه الله لَقَدْ أَذَكَرَنِي آيَةً كُنْتُ أُنْسِيتُهَا وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ يَرْحَمُهُ اللَّهُ لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَةً كُنْتُ أَسْقَطْتُهَا مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا (كَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ) أَيْ كَمْ مِنْ آيَةٍ (أَذْكَرَنِيهَا اللَّيْلَةَ) مَفْعُولُ أَذَكَرَنِي وَفَاعِلُهُ فُلَانٌ وَهَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ سُورَةِ يُوسُفَ وَكَأَيِّنْ مِنْ آية في السماوات والأرض قَالَ النَّوَوِيُّ وَفِي الْحَدِيثِ فَوَائِدُ مِنْهَا جَوَازُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ فِي اللَّيْلِ وَفِي الْمَسْجِدِ وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ إِذَا لَمْ يُؤْذِ أَحَدًا وَلَا تَعَرَّضَ لِلرِّيَاءِ وَالْإِعْجَابِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَفِيهِ الدُّعَاءُ لِمَنْ أَصَابَ الْإِنْسَانُ مِنْ جِهَتِهِ خَيْرًا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ وَفِيهِ أَنَّ الِاسْتِمَاعَ لِلْقِرَاءَةِ سُنَّةٌ وَفِيهِ جَوَازُ قَوْلِ سُورَةِ كَذَا كَسُورَةِ الْبَقَرَةِ وَنَحْوِهَا وَلَا الْتِفَاتَ إِلَى مَنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ فَقَدْ تَظَاهَرَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ