الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ عُثْمَانَ لَمْ يَزِدْ عَلَى رَكْعَتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ فِي غَيْرِ مِنَى وَالرِّوَايَاتُ الْمَشْهُورَةُ بِإِتْمَامِ عُثْمَانَ بَعْدَ صَدْرٍ مِنْ خِلَافَتِهِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْإِتْمَامِ بِمِنًى خَاصَّةً وَقَدْ فَسَّرَ عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ فِي رِوَايَتِهِ أَنَّ إِتْمَامَ عُثْمَانَ إِنَّمَا كَانَ بِمِنًى وَكَذَا ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ
وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَصْرَ مَشْرُوعٌ بِعَرَفَاتٍ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى لِلْحَاجِّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ وَمَا قَرُبَ مِنْهَا وَلَا يَجُوزُ لِأَهْلِ مَكَّةَ وَمَنْ كَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ
هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالْأَكْثَرِينَ
وَقَالَ مَالِكٌ يَقْصُرُ أَهْلُ مَكَّةَ وَمِنًى وَمُزْدَلِفَةَ وَعَرَفَاتٍ فَعِلَّةُ الْقَصْرِ عِنْدَهُ فِي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ النُّسُكُ وَعِنْدَ الْجُمْهُورِ عِلَّتُهُ السَّفَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ والنسائي وبن مَاجَهْ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا
(بَاب التَّطَوُّعِ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَالْوِتْرِ)
[1224]
(يُسَبِّحُ عَلَى الرَّاحِلَةِ) يُقَالُ يُصَلِّي سُبْحَةً أَيْ يَتَنَفَّلُ وَالسُّبْحَةُ بِضَمِّ السِّينِ وَإِسْكَانِ الْبَاءِ النَّافِلَةُ (أَيَّ وَجْهٍ تَوَجَّهَ) يَعْنِي فِي جِهَةِ مَقْصِدِهِ
قَالَ الْعُلَمَاءُ فَلَوْ تَوَجَّهَ إِلَى غَيْرِ الْمَقْصِدِ فَإِنْ كَانَ إِلَى الْقِبْلَةِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا (وَيُوتِرُ عَلَيْهَا) فِيهِ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَالْجُمْهُورُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْوِتْرُ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي السَّفَرِ حَيْثُ تَوَجَّهَ وَأَنَّهُ سُنَّةٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ وَاجِبٌ وَلَا يَجُوزُ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الْمَرْوِيَّةُ فِي ذَلِكَ تَرُدُّ عَلَيْهِ وَقَدْ أَطْنَبَ الْكَلَامَ فِيهِ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرِ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِ قِيَامِ اللَّيْلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
[1225]
(فَأَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ) أَيْ يَتَنَفَّلَ رَاكِبًا وَالدَّابَّةُ تَسِيرُ (اسْتَقْبَلَ بِنَاقَتِهِ الْقِبْلَةَ فَكَبَّرَ) أَيْ لِلِاسْتِفْتَاحِ عَقِبَ الِاسْتِقْبَالِ
قَالَ فِي الْمُحِيطِ مِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ التَّوَجُّهَ إِلَى الْقِبْلَةِ عِنْدَ التَّحْرِيمَةِ يَعْنِي بِشَرْطِ
كَوْنِهَا سَهْلَةً وَزِمَامُهَا بِيَدِهِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْحَنَفِيَّةُ لَمْ يَأْخُذُوا بِهِ هَذَا فِي النَّفْلِ وَأَمَّا فِي الْفَرْضِ فَقَدِ اشْتَرَطَ التَّوَجُّهَ إِلَيْهَا عِنْدَ التَّحْرِيمَةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ أَنَّ الْفَرْضَ عَلَى الدَّابَّةِ يَجُوزُ عِنْدَ الْعُذْرِ وَمَنِ الْأَعْذَارِ الْمَطَرُ وَالْخَوْفُ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ سَبُعٍ وَالْعَجْزُ عَنِ الرُّكُوبِ لِلضَّعْفِ (حَيْثُ وَجَّهَهُ رِكَابُهُ) أَيْ ذَهَبَ بِهِ مَرْكُوبُهُ
[1226]
(يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ) قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا غَلَطٌ مِنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى المازني قالوا وإنما لمعروف فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى رَاحِلَتِهِ أَوْ عَلَى الْبَعِيرِ وَالصَّوَابُ أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْحِمَارِ مِنْ فِعْلِ أَنَسٍ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرِ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ عَمْرٍو
هَذَا كَلَامُ الدَّارَقُطْنِيِّ وَمُتَابِعِيهِ
وَفِي الْحُكْمِ بتغليط رِوَايَةِ عَمْرٍو نَظَرٌ لِأَنَّهُ ثِقَةٌ نَقَلَ شَيْئًا مُحْتَمَلًا فَلَعَلَّهُ كَانَ الْحِمَارُ مَرَّةً وَالْبَعِيرُ مَرَّةً أَوْ مَرَّاتٍ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إِنَّهُ شَاذٌ فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِرِوَايَةِ الْجُمْهُورِ فِي الْبَعِيرِ وَالرَّاحِلَةِ وَالشَّاذُ مَرْدَودٌ وَهُوَ الْمُخَالِفُ لِلْجَمَاعَةِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وقال النسائي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى لَا يُتَابَعُ عَلَى قَوْلِهِ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ وَرُبَّمَا يَقُولُ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ وَهِمَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ عَمْرُو بْنُ يَحْيَى فِي قَوْلِهِ عَلَى حِمَارٍ وَالْمَعْرُوفُ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَعَلَى الْبَعِيرِ
هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ فِعْلِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَأَخْرَجَهُ الْإِمَامُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ فِعْلِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَيْضًا وَقَالَ فِيهِ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ إِيمَاءً مِنْ غَيْرِ أَنْ يضع وجهه على شيء
[1227]
(فَجِئْتُ) أَيْ إِلَيْهِ (وَهُوَ يُصَلِّي) حَالٌ (عَلَى رَاحِلَتِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ) ظَرْفٌ أَيْ يُصَلِّي إِلَى جَانِبِ الْمَشْرِقِ أَوْ حَالٌ أَيْ مُتَوَجِّهًا نَحْوَ الْمَشْرِقِ أَوْ كَانَتْ مُتَوَجِّهَةً إِلَى جَانِبِ الْمَشْرِقِ (وَالسُّجُودُ أَخْفَضُ مِنَ الرُّكُوعِ) أَيْ أَسْفَلُ مِنْ إِيمَائِهِ إِلَى الرُّكُوعِ أَيْ يَجْعَلُ رَأْسَهُ لِلسُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْهُ لِلرُّكُوعِ
وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ الْوِتْرِ وَالتَّطَوُّعِ عَلَى الرَّاحِلَةِ لِلْمُسَافِرِ قَبْلَ جِهَةِ مَقْصِدِهِ وَهُوَ إِجْمَاعٌ كَمَا قال النووي والعراقي وبن حَجَرٍ وَغَيْرُهُمْ وَإِنَّمَا