الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[1513]
(أَنْ يَنْصَرِفَ) أَيْ يَفْرُغَ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مسلم والترمذي والنسائي وبن ماجه
6 -
(بَابٌ فِي الِاسْتِغْفَارِ)
[1514]
(مَا أَصَرَّ) مَا نَافِيَةٌ أَيْ مَا دَامَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ (مَنِ اسْتَغْفَرَ) أَيْ مِنْ كُلِّ سَيِّئَةٍ (وَإِنْ عَادَ) أَيْ وَلَوْ رَجَعَ إِلَى ذَلِكَ الذَّنْبِ أَوْ غَيْرِهِ (فِي الْيَوْمِ) أَوِ اللَّيْلَةِ (سَبْعِينَ مَرَّةً) ظَاهِرُهُ التَّكْثِيرُ وَالتَّكْرِيرُ
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْمُصِرُّ هُوَ الَّذِي لَمْ يَسْتَغْفِرْ وَلَمْ يَنْدَمْ عَلَى الذَّنْبِ والإصرار على الذنب إكثاره
وقال بن الْمَلَكِ الْإِصْرَارُ الثَّبَاتُ وَالدَّوَامُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ يَعْنِي مَنْ عَمِلَ مَعْصِيَةً ثُمَّ اسْتَغْفَرَ فَنَدِمَ عَلَى ذَلِكَ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مُصِرًّا
ذَكَرَهُ فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي نُصَيْرَةَ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْيَاءِ آخِرِ الْحُرُوفِ وَبَعْدَهَا رَاءٌ مُهْمَلَةٌ وَتَاءُ تَأْنِيثٍ
[1515]
(عَنِ الْأَغَرِّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ (الْمُزَنِيِّ) نِسْبَةٌ إِلَى قَبِيلَةِ مُزَيْنَةَ مُصَغَّرًا وَقِيلَ الْجُهَنِيِّ لَهُ صُحْبَةٌ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ ذَكَرَهُ مَيْرَكُ (لَيُغَانُ) بِضَمِّ الْيَاءِ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْغَيْنِ وَأَصْلُهُ الْغَيْمُ لُغَةٌ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَغِينَتِ السَّمَاءُ تُغَانُ إِذَا أَطْبَقَ عَلَيْهَا الْغَيْمُ وَقِيلَ الْغَيْنُ شَجَرٌ مُلْتَفٌّ أَرَادَ مَا يَغْشَاهُ مِنَ السَّهْوِ الَّذِي لَا يَخْلُو مِنْهُ الْبَشَرُ لِأَنَّ قَلْبَهُ أَبَدًا كَانَ مَشْغُولًا بِاللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ عَرَضَ لَهُ وَقْتًا مَا عَارِضٌ بَشَرِيٌّ يَشْغَلُهُ عَنْ أُمُورِ الْأُمَّةِ وَالْمِلَّةِ وَمَصَالِحِهِمَا عُدَّ ذَلِكَ ذَنْبًا وَتَقْصِيرًا فَيَفْرُغُ إِلَى الِاسْتِغْفَارِ انْتَهَى
وَقَالَ فِي الْمِرْقَاةِ أَيْ
يُطْبَقُ وَيُغْشَى أَوْ يُسْتَرُ وَيُغَطَّي عَلَى قَلْبِي عِنْدَ إِرَادَةِ رَبِّي انْتَهَى
وَقَالَ السُّيُوطِيُّ هَذَا مِنَ الْمُتَشَابِهِ الَّذِي لَا يُعْلَمُ مَعْنَاهُ
وَقَدْ وَقَفَ الْأَصْمَعِيُّ إِمَامُ اللُّغَةِ عَلَى تَفْسِيرِهِ وَقَالَ لَوْ كَانَ قَلْبُ غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَتَكَلَّمْتُ عَلَيْهِ انْتَهَى
قَالَ السِّنْدِيُّ وَحَقِيقَتُهُ بِالنَّظَرِ إِلَى قَلْبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا تُدْرَى وَإِنَّ قَدْرَهُ صلى الله عليه وسلم أَجَلُّ وَأَعْظَمُ مِمَّا يَخْطِرُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَوْهَامِ فَالتَّفْوِيضُ فِي مِثْلِهِ أَحْسَنُ نَعَمُ الْقَدْرُ الْمَقْصُودُ بِالْإِفْهَامِ مَفْهُومٌ وَهُوَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَحْصُلُ لَهُ حَالَةٌ دَاعِيَةٌ إِلَى الِاسْتِغْفَارِ فَيَسْتَغْفِرُ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ فَكَيْفَ غَيْرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
قال المنذري وأخرجه مسلم
[1516]
(عن بن عُمَرَ قَالَ إِنْ) مُخَفَّفَةٌ مِنَ الْمُثَقَّلَةِ (كُنَّا لَنَعُدُّ) اللَّامُ فَارِقَةٌ (لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَعَلِّقٌ بِنَعُدُّ (مِائَةَ مَرَّةٍ) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِنَعُدُّ (وَتُبْ عَلَيَّ) أَيِ ارْجِعْ عَلَيَّ بِالرَّحْمَةِ أَوْ وَفِّقْنِي لِلتَّوْبَةِ أَوِ اقْبَلْ تَوْبَتِي
قال المنذري وأخرجه الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ
[1517]
(حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُرَّةَ الشَّنِّيُّ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ مَنْسُوبٌ إِلَى الشَّنِّ بَطْنٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ
كَذَا فِي تَاجِ الْعَرُوسِ (حَدَّثَنِي أَبِي عُمَرُ بْنُ مُرَّةَ) بَدَلٌ مِنْ أَبِي أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ (قَالَ) أَيْ هِلَالٌ (سمعت أبي) أي يسار (عَنْ جَدِّي) أَيْ زَيْدٍ (مَنْ قَالَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) رُوِيَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْوَصْفِ لِلَفْظِ اللَّهِ وَبِالرَّفْعِ لِكَوْنِهِمَا بَدَلَيْنِ أَوْ بَيَانَيْنِ لِقَوْلِهِ هُوَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَكْثَرُ وَالْأَشْهَرُ
وَقَالَ الطِّيبِيُّ يَجُوزُ فِي الْحَيِّ الْقَيُّومِ النَّصْبُ صِفَةً لِلَّهِ أَوْ مَدْحًا وَالرَّفْعُ بَدَلًا مِنَ الضَّمِيرِ أَوْ عَلَى الْمَدْحِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ (وَأَتُوبُ إِلَيْهِ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَلَفَّظَ بِذَلِكَ إِلَّا إِنْ كَانَ صَادِقًا وَإِلَّا يَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ كَاذِبًا مُنَافِقًا
قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ إِنَّ الْمُسْتَغْفِرَ مِنَ الذَّنْبِ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَيْهِ كالمستهزىء بِرَبِّهِ (غُفِرَ لَهُ
وَإِنْ كَانَ فَرَّ) وَفِي نُسْخَةٍ قَدْ فَرَّ وَهُوَ مُطَابِقٌ لِمَا فِي الْحِصْنِ أَيْ هَرَبَ (مِنَ الزَّحْفِ) قَالَ الطِّيبِيُّ الزَّحْفُ الْجَيْشُ الْكَثِيرُ الَّذِي يُرَى لِكَثْرَتِهِ كَأَنَّهُ يَزْحَفُ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ مِنْ زَحَفَ الصَّبِيُّ إِذَا دَبَّ عَلَى اسْتِهِ قَلِيلًا قَلِيلًا
وَقَالَ الْمُظْهِرُ هُوَ اجْتِمَاعُ الْجَيْشِ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ أَيْ مِنْ حَرْبِ الْكُفَّارِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ الْفِرَارُ بِأَنْ لَا يَزِيدَ الْكُفَّارُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِثْلَيْ عَدَدِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا نَوَى التَّحَرُّفَ وَالتَّحَيُّزَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ
وَوَقَعَ فِي كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ هِلَالُ بْنُ يَسَارِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ بِالْهَاءِ وَوَقَعَ فِي كِتَابِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِلَالُ بْنِ يَسَارٍ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَقَدْ أَشَارَ النَّاسُ إِلَى الْخِلَافِ فِيهِ وذكره البغوي في معجم الصحابة بالباء وَقَالَ لَا أَعْلَمُ لِزَيْدٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ وَذَكَرَ أَنَّ كُنْيَتَهُ أَبُو يَسَارٍ بِالْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ وَسِينٍ مُهْمَلَةٍ وَأَنَّهُ سَكَنَ الْمَدِينَةَ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ أَيْضًا بِالْبَاءِ وَذَكَرَ أَنَّ بِلَالًا سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ يَسَارٍ وَأَنَّ يَسَارًا سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ زَيْدٍ
[1518]
(مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ) أَيْ عِنْدَ صُدُورِ مَعْصِيَةٍ وَظُهُورِ بَلِيَّةٍ أَوْ مَنْ دَاوَمَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ فِي كُلِّ نَفَسٍ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَلِذَا قَالَ صلى الله عليه وسلم طُوبَى لِمَنْ وُجِدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كثيرا رواه بن مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ صَحِيحٍ (مِنْ كُلِّ ضِيقٍ) أَيْ شِدَّةٍ وَمِحْنَةٍ (مَخْرَجًا) أَيْ طَرِيقًا وَسَبَبًا يَخْرُجُ إِلَى سَعَةٍ وَمِنْحَةٍ وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِهِ وقدم عليه الاهتمام وَكَذَا (وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ) أَيْ غَمٍّ يَهُمُّهُ (فَرَجًا) أَيْ خَلَاصًا (وَرَزَقَهُ) حَلَالًا طَيِّبًا (مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) أَيْ لَا يَظُنُّ وَلَا يَرْجُو وَلَا يَخْطِرُ بِبَالِهِ
وَالْحَدِيثُ مُقْتَبَسٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قدرا كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ وَفِي إِسْنَادِهِ الْحَكَمُ بْنُ مُصْعَبٍ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ
[1519]
(كَانَ أَكْثَرُ دَعْوَةٍ يَدْعُو بِهَا) أَيْ لِكَوْنِهِ دُعَاءً جَامِعًا وَلِكَوْنِهِ مِنَ الْقُرْآنِ مُقْتَبَسًا وَجَعَلَ اللَّهُ
دَاعِيَهُ مَمْدُوحًا (اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا) أَيْ قَبْلَ الْمَوْتِ (حَسَنَةً) أَيْ كُلَّ مَا يُسَمَّى نِعْمَةً وَمِنْحَةً عَظِيمَةً وَحَالَةً مُرْضِيَةً (وَفِي الْآخِرَةِ) أَيْ بَعْدَ الْمَوْتِ (حَسَنَةً) أَيْ مَرْتَبَةً مُسْتَحْسَنَةً (وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) أَيِ احْفَظْنَا مِنْهُ وَمَا يَقْرَبُ إِلَيْهِ وَقِيلَ حَسَنَةُ الدُّنْيَا اتِّبَاعُ الْهُدَى وحسنة الآخرة موافقة الرفيق الأعلى وعذاب النَّارِ حِجَابُ الْمَوْلَى (أَنْ يَدْعُوَ بِدَعْوَةٍ) أَيْ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ الْفَعْلَةَ لِلْمَرَّةِ (أَنْ يَدْعُوَ بِدُعَاءٍ) أَيْ كَثِيرٍ (دَعَا بِهَا) أَيْ بِهَذِهِ الدَّعْوَةِ (فِيهَا) أَيْ فِي هَذَا الدُّعَاءِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ بِنَحْوِهِ
[1520]
(مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ) أَيِ الْمَوْتَ شَهِيدًا (بِصِدْقٍ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ مِعْيَارُ الْأَعْمَالِ وَمِفْتَاحُ بَرَكَاتِهَا (بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ) مُجَازَاةً لَهُ عَلَى صِدْقِ الطَّلَبِ (وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا نَوَى خَيْرًا وَفَعَلَ مَقْدُورَهُ فَاسْتَوَيَا فِي أَصْلِ الْأَجْرِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ والنسائي وبن مَاجَهْ
[1521]
(نَفَعَنِي اللَّهُ) بِالْعَمَلِ بِهِ (فَإِذَا حَلَفَ لِي صَدَّقْتُهُ) عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ وَإِنْ كَانَ الْقَبُولُ الْمُوجِبُ لِلْعَمَلِ حَاصِلًا بِدُونِهِ (وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ) أَيْ عَلِمْتُ صِدْقَهُ بِلَا حَلِفٍ (فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ) أَيِ الْوُضُوءَ (ثُمَّ قَرَأَ) أَيْ أَبُو بَكْرٍ (إِلَى آخِرِ الْآيَةِ) وَتَمَامُ الْآيَةِ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ
يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خالدين فيها ونعم أجر العاملين قال المنذري وأخرجه الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ رَوَاهُ فَوَقَفَهُ
[1522]
(أَخَذَ بِيَدِهِ) كَأَنَّهُ عَقَدُ مَحَبَّةٍ وَبَيْعَةُ مَوَدَّةٍ (وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ) لَامُهُ لِلِابْتِدَاءِ وَقِيلَ لِلْقَسَمِ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ أَحَبَّ أَحَدًا يُسْتَحَبُّ لَهُ إِظْهَارُ الْمَحَبَّةِ لَهُ (فَقَالَ أُوصِيكَ يامعاذ لَا تَدَعَنَّ) إِذَا أَرَدْتَ ثَبَاتَ هَذِهِ الْمَحَبَّةِ فَلَا تَتْرُكَنَّ (فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ) أَيْ عَقِبَهَا وَخَلْفَهَا أَوْ فِي آخِرِهَا (تَقُولُ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ) مِنْ طَاعَةِ اللِّسَانِ (وَشُكْرِكَ) مِنْ طَاعَةِ الْجَنَانِ (وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ) مِنْ طَاعَةِ الْأَرْكَانِ
قَالَ الطِّيبِيُّ ذِكْرُ اللَّهِ مُقَدِّمَةُ انْشِرَاحِ الصَّدْرِ وَشُكْرُهُ وَسِيلَةُ النِّعَمِ الْمُسْتَجَابَةِ وَحُسْنُ العِبَادَةِ الْمَطْلُوبُ مِنْهُ التَّجَرُّدُ عَمَّا يَشْغَلُهُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى
قَالَ النَّوَوِيُّ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ ذَكَرَهُ فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَلَمْ يَذْكُرِ الْوَصِيَّةَ
[1523]
(أَنِ اقْرَأْ بِالْمُعَوِّذَاتِ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَتُفْتَحُ (دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ) قَالَ مَيْرَكُ رَوَاهُ أَبُو داود والنسائي وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ بِلَفْظِ الْمُعَوِّذَاتِ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَلَفْظُهُ أَنِ اقْرَأْ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال شمس الدين بن القيم رحمه الله وقال الْبُخَارِيّ فِي التَّارِيخ الْكَبِير وَلَمْ يَرْوِ عَنْ بن أَبِي الْحُرّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيث الْوَاحِد وَحَدِيث آخَر وَلَمْ يُتَابَع وَقَدْ رَوَى أَصْحَاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بَعْضهمْ عَنْ بَعْض فَلَمْ يُحَلِّف بَعْضهمْ بَعْضًا
بِالْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ أَقَلُّ الْجَمْعِ اثْنَيْنِ وَإِمَّا أَنْ يَدْخُلَ فِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ سُورَةُ الْإِخْلَاصِ وَالْكَافِرُونَ إِمَّا تَغْلِيبًا يَعْنِي لِأَنَّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ أَكْثَرُ أَوْ لِأَنَّ فِي كِلْتَيْهِمَا يَعْنِي الْإِخْلَاصَ وَالْكَافِرُونَ بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ وَالْتِجَاءٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى يَعْنِي فَفِيهِمَا مَعْنَى التَّعَوُّذِ أَيْضًا كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ
[1524]
(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ هو بن مسعود انتهى
وكلما كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بِغَيْرِ اسْمِ أَبِيهِ فَهُوَ بن مَسْعُودٍ رضي الله عنه (يُعْجِبُهُ) أَيْ يُحَسِّنُهُ (أَنْ يَدْعُوَ) أَيْ يَقُولَ اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ أَوْ غَيْرَهُ (وَيَسْتَغْفِرَ ثَلَاثًا) أَيْ يَقُولُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ
[1525]
(عِنْدَ الْكَرْبِ) أَيِ الْمِحْنَةِ وَالْمَشَقَّةِ (أَوْ فِي الْكَرْبِ) شَكَّ الرَّاوِي
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مُسْنَدًا وَمُرْسَلًا
وَأَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ
[1526]
(وَعَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ) بْنِ جُدْعَانَ (وَسَعِيدٍ) بن إِيَاسٍ (الْجَرِيرِيُّ) فَحَمَّادٌ يَرْوِي عَنْ ثَلَاثَةِ شُيُوخٍ عَنْ ثَابِتٍ وَعَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ وَسَعِيدٍ الْجَرِيرِيِّ وَكُلُّهُمْ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ (إِنَّكُمْ لَا تدعون) الله
بِالتَّكْبِيرِ أَوْ لَا تَذْكُرُونَ (أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا) الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَكُمْ إِلَى الْجَهْرِ الْبَلِيغِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ كَثِيرًا فَإِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَعْنَاقِ رِكَابِكُمْ) بَلْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ فَهُوَ بِحَسَبِ مُنَاسَبَةِ الْمَقَامِ تَمْثِيلٌ وَتَقْرِيبٌ إِلَى فَهْمِ اللَّبِيبِ وَالْمَعْنَى قُرْبُ التَّقْرِيبِ وَكِنَايَةٌ عَنْ كَمَالِ قُرْبِهِ إِلَى الْعَبْدِ (عَلَى كَنْزٍ) أَيْ عَظِيمٍ (مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ) سَمَّى هَذِهِ الْكَلِمَةَ الْآتِيَةَ كَنْزًا لِأَنَّهَا كالكنز في نفاسته وصيانيه مِنْ أَعْيُنِ النَّاسِ أَوْ أَنَّهَا مِنْ ذَخَائِرِ الْجَنَّةِ أَوْ مِنْ مُحَصِّلَاتِ نَفَائِسِ الْجَنَّةِ
قَالَ النَّوَوِيُّ الْمَعْنَى أَنَّ قَوْلَهَا يُحَصِّلُ ثَوَابًا نَفِيسًا يُدَّخَرُ لِصَاحِبِهِ فِي الْجَنَّةِ (قَالَ لَا حَوْلَ) أَيْ لَا حَرَكَةَ فِي الظَّاهِرِ (وَلَا قُوَّةَ) أَيْ لَا اسْتِطَاعَةَ فِي الْبَاطِنِ (إِلَّا بِاللَّهِ) أَوْ لَا تَحْوِيلَ عَنْ شَيْءٍ وَلَا قُوَّةَ عَلَى شَيْءٍ إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ وَقُوَّتِهِ
وَقِيلَ الْحَوْلُ الْحِيلَةُ إِذْ لَا دَفْعَ وَلَا مَنْعَ إِلَّا بِاللَّهِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ هِيَ كَلِمَةُ اسْتِسْلَامٍ وَتَفْوِيضٍ وَأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ مِنْ أَمْرِهِ شَيْئًا وَلَيْسَ لَهُ حِيلَةٌ فِي دَفْعِ شَرٍّ وَلَا قُوَّةٌ فِي جَلْبِ خَيْرٍ إِلَّا بِإِرَادَةِ اللَّهِ تعالى انتهى
قال القارىء والأحسن ما ورد فيه عن بن مَسْعُودٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُهَا فَقَالَ تَدْرِي مَا تَفْسِيرُهَا قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ لَا حَوْلَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِلَّا بِعِصْمَةِ اللَّهِ وَلَا قُوَّةَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ إِلَّا بِعَوْنِ اللَّهِ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ
وَلَعَلَّ تَخْصِيصَهُ صلى الله عليه وسلم بِالطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ لِأَنَّهُمَا أَمْرَانِ مُهِمَّانِ فِي الدِّينِ
[1527]
(وَهُمْ يَتَصَعَّدُونَ فِي ثَنِيَّةٍ) هُوَ الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ (يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ) اسْمُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ
[1528]
(ارْبَعُوا) بِفَتْحِ الْبَاءِ (عَلَى أَنْفُسِكُمْ) أَيِ ارْفُقُوا بِهَا وَأَمْسِكُوا عَنِ الْجَهْرِ الَّذِي يَضُرُّكُمْ ذَكَرَهُ
فِي الْمِرْقَاةِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ
بِنَحْوِهِ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا
[1529]
(أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أبي عبد الرحمن الحبلي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَتَمَّ مِنْهُ
[1530]
(مَنْ صَلَّى عَلَيَّ) صَلَاةً (وَاحِدَةً فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَفِي حَدِيثِهِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا انْتَهَى
[1531]
(فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ) قَالَ الْمُنَاوِيُّ أَيْ تُعْرَضُ عَلَيَّ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ فَمَنْ كَانَ أَكْثَرَهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً كَانَ أَقْرَبَهُمْ مِنِّي مَنْزِلَةً
وَإِنَّمَا خَصَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِأَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَيِّدُ الْأَيَّامِ وَالْمُصْطَفَى سَيِّدُ الْأَنَامِ فَلِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِيهِ مَزِيَّةٌ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ (وَقَدْ أَرَمْتَ) عَلَى وَزْنِ ضَرَبْتَ
قَالَ فِي النِّهَايَةِ قَالَ الْحَرْبِيُّ هَكَذَا يَرْوِيهِ الْمُحَدِّثُونَ وَلَا أَعْرِفُ وَجْهَهُ وَالصَّوَابُ أَرَمَتْ فَتَكُونُ التَّاءُ لِتَأْنِيثِ الْعِظَامِ أَوْ رَمَمْتَ أَيْ صِرْتَ رَمِيمًا
وَقَالَ غَيْرُهُ إِنَّمَا هُوَ أَرَمْتَ بِوَزْنِ ضَرَبْتَ وَأَصْلُهُ أَرْمَمْتَ أَيْ بَلِيتَ بِتَشْدِيدِ التَّاءِ عَلَى أَنَّهُ أَدْغَمَ إِحْدَى الْمِيمَيْنِ فِي التَّاءِ وَهَذَا قَوْلٌ سَاقِطٌ لِأَنَّ الْمِيمَ لَا تُدْغَمُ
فِي التَّاءِ أَبَدًا
وَقِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أُرِمْتَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ بِوَزْنِ أُمِرْتَ مِنْ قَوْلِهِمْ أَرَمَتِ الْإِبِلُ تَأْرَمُ إِذَا تَنَاوَلَتِ الْعَلَفَ وَقَلَعَتْهُ مِنَ الْأَرْضِ
(قُلْتُ) أَصْلُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مِنْ رَمَّ الْمَيِّتُ وَأَرَمَ إِذَا بَلِيَ وَالرِّمَّةُ الْعَظْمُ الْبَالِي وَالْفِعْلُ الْمَاضِي مِنْ أُرَمِّمُ لِلْمُتَكَلِّمِ وَالْمُخَاطَبِ أَرَمَمْتَ وَأَرْمَمْتَ بِإِظْهَارِ التَّضْعِيفِ وَكَذَلِكَ كُلُّ فِعْلٍ مُضَعَّفٍ فَإِنَّهُ يَظْهَرُ فِيهِ التَّضْعِيفُ مَعَهُمَا تَقُولُ فِي شَدَّدَ شَدَدْتُ وَفِي أَعَدَّ أَعْدَدْتُ وَإِنَّمَا ظَهَرَ التَّضْعِيفُ لِأَنَّ تَاءَ الْمُتَكَلِّمِ وَالْمُخَاطَبِ مُتَحَرِّكَةٌ وَلَا يَكُونُ مَا قَبْلَهُمَا إِلَّا سَاكِنًا فَإِذَا سَكَنَ مَا قَبْلَهَا
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله وَقَدْ غَلِطَ فِي هَذَا الْحَدِيث فَرِيقَانِ فَرِيق فِي لَفْظه وَفَرِيق فِي تَضْعِيفه فَأَمَّا الْفَرِيق الْأَوَّل فَقَالُوا اللَّفْظ بِهِ أَرَمَّتْ بِفَتْحِ الرَّاء وَتَشْدِيد الْمِيم وَفَتْحهَا وَفَتْح التَّاء قَالُوا وَأَصْله أَرْمَمْت أَيْ صِرْت رَمِيمًا فَنَقَلُوا حَرَكَة الْمِيم إِلَى الرَّاء قَبْلهَا ثُمَّ أَدْغَمُوا إِحْدَى الْمِيمَيْنِ فِي الْأُخْرَى وَأَبْقَوْا تَاء الْخِطَاب عَلَى حَالهَا فَصَارَ أَرَمَّتْ وَهَذَا غَلَط إِنَّمَا يَجُوز إِدْغَام مِثْل هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ آخِر الْفِعْل مُلْتَزِم السُّكُون لِاتِّصَالِ ضَمِير الْمُتَكَلِّم وَالْمُخَاطَب وَنُون النِّسْوَة بِهِ كَقَوْلِك أَرَمَّ وَأَرَمَّا وَأَرَمُّوا وَأَمَّا إِذَا اِتَّصَلَ بِهِ ضَمِير يُوجِب سُكُونه لَمْ يَجُزْ الْإِدْغَام لِإِفْضَائِهِ إِلَى اِلْتِقَاء السَّاكِنَيْنِ عَلَى غَيْر أَحَدهمَا أَوْ إِلَى تَحْرِيك آخِره وَقَدْ اِتَّصَلَ بِهِ مَا يُوجِب سُكُونه
وَلِهَذَا لَا نَقُول أَمَّدَتْ وَأُمِدْت وَأَمَّدْنَ فِي أَمْدَدْت وَأَمْدَدْت وَأَمْدَدْنَ لِمَا ذُكِرَ وَهَؤُلَاءِ لَمَّا رَأَوْا الْفِعْل يُدْغَم إِذَا لَمْ يَكُنْ آخِره سَاكِنًا نَحْو أَرَمَّ ظَنُّوا أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي أَرْمَمْت وَغَفَلُوا عَنْ الْفَرْق
وَالصَّوَاب فِيهِ أَرَمَتْ بِوَزْنِ ضَرَبَتْ فَحَذَفُوا إِحْدَى الْمِيمَيْنِ تَخْفِيفًا وَهِيَ لُغَة فَصَيْحَة مَشْهُورَة جَاءَ بِهَا الْقُرْآن فِي قَوْله تَعَالَى {ظَلْت عَلَيْهِ عَاكِفًا} وَقَوْله {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} وَأَصْله ظَلِلْت عَلَيْهِ وَظَلِلْتُمْ تَفَكَّهُونَ وَنَظَائِره كَثِيرَة
وَأَمَّا الْفَرِيق الثَّانِي الَّذِينَ ضَعَّفُوهُ فَقَالُوا هَذَا الْحَدِيث مَعْرُوف بِحُسَيْنِ بْن عَلِيّ الْجُعْفِيِّ حَدَّثَ بِهِ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن يَزِيد بْن جَابِر عَنْ أَبِي الْأَشْعَث الصَّنْعَانِيِّ عَنْ أَوْس بْن أَوْس قَالُوا وَمَنْ نَظَرَ ظَاهِر هَذَا الْإِسْنَاد لَمْ يَرْتَبْ فِي صِحَّته لِثِقَةِ رُوَاته وَشُهْرَتهمْ وَقَبُول الْأَئِمَّة أَحَادِيثهمْ وَاحْتِجَاجهمْ بِهَا وَحَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيث عَنْ حُسَيْن الْجُعْفِيِّ جَمَاعَة مِنْ النُّبَلَاء قَالُوا وَعِلَّته أَنَّ حُسَيْن بْن عَلِيّ الْجُعْفِيَّ لَمْ يَسْمَع مِنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن يَزِيد بْن جَابِر وَإِنَّمَا سَمِعَ مِنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن يَزِيد بْن تَمِيم وَعَبْد الرَّحْمَن بْن يَزِيد بْن تَمِيم لَا يُحْتَجّ بِهِ فَلَمَّا حَدَّثَ بِهِ حُسَيْن الْجُعْفِيُّ غَلِطَ فِي اسم الجد فقال بن جَابِر وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ الْحُفَّاظ وَنَبَّهُوا عَلَيْهِ