الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9 - كِتَاب الزَّكَاة
[1556]
اخْتُلِفَ فِي أَوَّلِ وَقْتِ فَرْضِ الزَّكَاةِ فَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إِلَى أَنَّهُ وَقَعَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ فَقِيلَ كَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ فَرْضِ رَمَضَانَ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وجزم بن الْأَثِيرِ فِي التَّارِيخِ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي التَّاسِعَةِ
قَالَ الْحَافِظُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ ثَبَتَ فِي حَدِيثِ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِي حَدِيثِ وَفْدِ عَبْدِ الْقِيسِ وَفِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ ذَكَرَ الزَّكَاةَ
وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ
(لَمَّا تُوُفِّيَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْ مَاتَ (وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ) بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ عَلَى الصَّحِيحِ أَيْ جَعَلَهُ خَلِيفَةً (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم (وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ) أَيْ مَنَعَ الزَّكَاةَ وَعَامَلَ مُعَامَلَةَ مَنْ كَفَرَ أَوِ ارْتَدَّ لِإِنْكَارِهِ افْتِرَاضَ الزَّكَاةِ (مِنَ الْعَرَبِ) قَالَ الطِّيبِيُّ يُرِيدُ غَطَفَانَ وَفَزَارَةَ وَبَنِي سُلَيْمٍ وَغَيْرَهُمْ مَنَعُوا الزَّكَاةَ فَأَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يُقَاتِلَهُمْ فَاعْتَرَضَ عُمَرُ رضي الله عنه بِقَوْلِهِ الْآتِي وَقَالَ (كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ) أَيِ الَّذِي يَمْنَعُ الزَّكَاةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْإِيمَانِ (أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ) الْمُرَادُ بِهِ الْمُشْرِكُونَ وَأَهْلُ الْأَوْثَانِ (فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) يَعْنِي كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ وَهِيَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْقَدُ الْإِسْلَامُ بِتِلْكَ وَحْدَهَا (عَصَمَ) بِفَتْحِ الصَّادِ أَيْ حَفَظَ وَمَنَعَ (مِنِّي) أَيْ مِنْ تَعَرُّضِي أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي (إِلَّا بِحَقِّهِ) أَيْ بِحَقِّ الْإِسْلَامِ
قَالَ الطِّيبِيُّ أَيْ
لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِمَالِهِ وَنَفْسِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ إِلَّا بِحَقِّهِ أَيْ بِحَقِّ هَذَا الْقَوْلِ أَوْ بِحَقِّ أَحَدِ الْمَذْكُورَيْنِ (حِسَابُهُ) أَيْ جَزَاؤُهُ وَمُحَاسَبَتُهُ (عَلَى اللَّهِ) بِأَنَّهُ مُخْلِصٌ أَمْ لَا قَالَ الطِّيبِيُّ يَعْنِي مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَظْهَرَ الْإِسْلَامَ نَتْرُكُ مُقَاتَلَتَهُ وَلَا نُفَتِّشُ بَاطِنَهُ هَلْ هُوَ مُخْلِصٌ أَمْ مُنَافِقٌ فَإِنَّ ذَلِكَ مُفَوَّضٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَحِسَابُهُ عَلَيْهِ (فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ) جَوَابًا وَتَأْكِيدًا (مَنْ فَرَّقَ) بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ أَيْ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ دُونَ الزَّكَاةِ (فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ) كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ حَقُّ النَّفْسِ
قَالَهُ الطِّيبِيُّ
وَقَالَ غَيْرُهُ يَعْنِي الْحَقُّ الْمَذْكُوُرُ فِي قَوْلِهِ إِلَّا بِحَقِّهِ أَعَمَّ مِنَ الْمَالِ وَغَيْرِهِ
قَالَ الطِّيبِيُّ كَأَنَّ عُمَرَ حَمَلَ قَوْلَهُ بِحَقِّهِ عَلَى غَيْرِ الزَّكَاةِ فَلِذَلِكَ صَحَّ اسْتِدْلَالُهُ بِالْحَدِيثِ فَأَجَابَ أَبُو بَكْرٍ بِأَنَّهُ شَامِلٌ لِلزَّكَاةِ أَيْضًا أَوْ تَوَهَّمَ عُمَرُ أَنَّ الْقِتَالَ لِلْكُفْرِ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لِمَنْعِ الزَّكَاةِ لَا لِلْكُفْرِ وَلِذَلِكَ رَجَعَ عُمَرُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَعَلِمَ أَنَّ فِعْلَهُ مُوَافِقٌ لِلْحَدِيثِ وَأَنَّهُ قَدْ وُفِّقَ بِهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى (عِقَالًا) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْحَبْلَ الَّذِي يُعْقَلُ بِهِ الْبَعِيرُ وَلَيْسَ مِنَ الصَّدَقَةِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ الْقِتَالُ فَقِيلَ أَرَادَ الْمُبَالَغَةَ بِأَنَّهُمْ لَوْ مَنَعُوا مِنَ الصَّدَقَةِ مَا يُسَاوِي هَذَا الْقَدْرَ يَحِلُّ قِتَالَهُمْ فَكَيْفَ إِذَا مَنَعُوا الزَّكَاةَ كُلَّهَا
وَقِيلَ قَدْ يُطْلَقُ الْعِقَالُ عَلَى صدقة عام وهو المراد ها هنا كَمَا سَيَجِيءُ بَيَانُهُ
وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنَاقًا مَكَانَ عِقَالًا (فَوَاللَّهِ مَا هُوَ) أَيِ الشَّأْنُ أَوْ سَبَبُ رُجُوعِي إِلَى رَأْيِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه (إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ) أَيْ عَلِمْتُ وَأَيْقَنْتُ (شَرَحَ) أَيْ فَتَحَ وَوَسَّعَ وَلَيَّنَ (لِلْقِتَالِ) مَعْنَاهُ عَلِمْتُ أَنَّهُ جَازِمٌ بِالْقِتَالِ لِمَا أَلْقَى اللَّهُ سبحانه وتعالى فِي قَلْبِهِ مِنَ الطُّمَأْنِينَةِ لِذَلِكَ وَاسْتِصْوَابُهُ ذَلِكَ (فَعَرَفْتُ أَنَّهُ) أَيْ رَأْيَ أَبِي بَكْرٍ أَوِ الْقِتَالِ (الْحَقُّ) أَيْ بِمَا أَظْهَرَ مِنَ الدَّلِيلِ وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ فَعَرَفْتُ بِذَلِكَ أَنَّ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَنَّهُ الْحَقُّ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ آخِرَ كَلَامِهِ عِنْدَ وَفَاتِهِ قَوْلَهُ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ لِيَعْقِلَ أَنَّ فَرْضَ الزَّكَاةِ قَائِمٌ كَفَرْضِ الصَّلَاةِ وَأَنَّ الْقَائِمَ بِالصَّلَاةِ هُوَ الْقَائِمُ بِأَخْذِ الزَّكَاةِ وَلِذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ
اسْتِدْلَالًا بِهَذَا مَعَ سَائِرِ مَا عَقَلَ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَدِلَّةِ عَلَى وُجُوبِهَا
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةٌ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ إِذَا كَانُوا مُقَاتَلِينَ عَلَى الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَقَدْ عُقِلَ أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِهَا
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرِّدَّةَ لَا تُسْقِطُ عَنِ الْمُرْتَدِّ الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ فِي أَمْوَالِهِ انْتَهَى كَلَامُهُ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ
وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ (قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ) مِنْ قَوْلِهِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ إِلَى قَوْلِهِ سَنَتَيْنِ وُجِدَ فِي نُسْخَةٍ وَاحِدَةٍ
قَالَ النَّوَوِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا فِيهَا فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِقَالِ زَكَاةُ عَامٍ وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ بِذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ الْكِسَائِيِّ وَالنَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَالْمُبَرِّدِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ عَلَى أَنَّ الْعِقَالَ يُطْلَقُ عَلَى زَكَاةِ الْعَامِ بِقَوْلِ عَمْرِو بْنِ الْعَدَّاءِ سَعَى عِقَالًا فَلَمْ يَتْرُكْ لَنَا سَيِّدًا فَكَيْفَ لَوْ قَدْ سَعَى عَمْرٌو عِقَالَيْنِ أَرَادَ مُدَّةَ عِقَالٍ فَنَصَبَهُ عَلَى الظَّرْفِ وَعَمْرٌو هَذَا السَّاعِي هُوَ عَمْرُو بْنُ عَقَبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَلَّاهُ عَمُّهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه صَدَقَاتِ كَلْبٍ فَقَالَ فِيهِ قَائِلُهُمْ ذَلِكَ
قَالُوا وَلِأَنَّ الْعِقَالَ الَّذِي هُوَ الْحَبْلُ الَّذِي يُعْقَلُ بِهِ الْبَعِيرُ لَا يَجِبُ دَفْعُهُ فِي الزَّكَاةِ فَلَا يَجُوزُ الْقِتَالُ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ
وَذَهَبَ كَثِيرُونَ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِقَالِ الْحَبْلُ الَّذِي يُعْقَلُ بِهِ الْبَعِيرُ وَهَذَا الْقَوْلُ يُحْكَى عن مالك وبن أَبِي ذِئْبٍ وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ اخْتِيَارُ صَاحِبِ التَّحْرِيرِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ حُذَّاقِ الْمُتَأَخِّرِينَ انْتَهَى
(قَالَ أَبُو دَاوُدَ رَوَاهُ رَبَاحُ بْنُ زَيْدٍ) الْقُرَشِيُّ (وَعَبْدُ الرزاق عن معمر عن الزهري) بن شِهَابٍ (بِإِسْنَادِهِ) أَيْ بِإِسْنَادِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَكِنْ رِوَايَةُ مَعْمَرٍ فِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الطَّرِيقِ فَلَفْظُ النَّسَائِيِّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ أَبُو الْعَوَّامِّ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحَدِيثَ
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّسَائِيُّ عِمْرَانُ الْقَطَّانُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ
وَهَذَا الْحَدِيثُ خَطَأٌ وَالَّذِي قَبْلَهُ الصَّوَابُ حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ (قَالَ بَعْضُهُمْ عِقَالًا) يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ بَعْضَ شُيُوخِ الزُّهْرِيِّ قَالَ عِقَالًا فَالزُّهْرِيُّ رَوَى عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ عِقَالًا وَرَوَى أَيْضًا بِلَفْظٍ
آخَرَ فَفِي رِوَايَةِ رَبَاحِ بْنِ زَيْدٍ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ كِلَاهُمَا عَنْ مَعْمَرٍ قَالَ الزُّهْرِيُّ هَكَذَا وَأَمَّا فِي رِوَايَةِ أَبِي الْيَمَانِ الْحَكَمِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ عَنَاقًا وَهِيَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي الزَّكَاةِ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ عَنَاقًا وَهِيَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي اسْتِتَابَةِ الِمُرْتَدِّينَ وَهَكَذَا رَوَى عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ وَالْوَلِيدُ وَبَقِيَّةُ كُلُّهُمْ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَّا الْوَلِيدَ فَإِنَّهُ رَوَيَ عَنْ شُعَيْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ عَنَاقًا وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ عِنْدَ النَّسَائِيِّ فِي كِتَابِ الْمُحَارَبَةِ وَتَحْرِيمِ الدَّمِ وَكِتَابِ الْجِهَادِ
وَأَمَّا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ فَرَوَى عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِالسَّنَدِ الْمَذْكُورِ بِلَفْظِ عِقَالًا وَهِيَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ
وَأَمَّا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي الِاعْتِصَامِ فَعَنْ قُتَيْبَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِلَفْظِ لَوْ مَنَعُونِي كَذَا وَكَذَا لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْعِقَالِ ولا العناق
قال البخاري وقال لي بن بُكَيْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عُقَيْلٍ عَنَاقًا وَهُوَ أَصَحُّ وَرَوَاهُ النَّاسُ عَنَاقًا وَعِقَالًا ها هنا لا يجوز انتهى (ورواه بن وَهْبٍ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ (عَنْ يُونُسَ) بْنِ يَزِيدَ الْأَيْلِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ (عَنَاقًا) كَمَا رَوَى عن الزهري جماعة كَذَا (قَالَ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَمَعْمَرٌ وَالزُّبَيْدِيُّ عَنِ الزُّهْرِيِّ) بِإِسْنَادِهِ (عَنَاقًا) فَرِوَايَةُ شُعَيْبٍ أَخْرَجَهَا الْبُخَارِيُّ فِي الزَّكَاةِ وَأَيْضًا النَّسَائِيُّ كَمَا تَقَدَّمَتْ وَرِوَايَةُ الزُّبَيْدِيِّ أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ فِي الْجِهَادِ مِنْ طَرِيقِ كَثِيرِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَرْبٍ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عبيد الله عن أبي هريرة كَذَا (رَوَى) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ رَوَاهُ (عَنْبَسَةُ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ) بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ (عَنَاقًا) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَبِالنُّونِ وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ وَلَدِ الْمَعْزِ لَمْ تَبْلُغْ سَنَةً فَإِمَّا هُوَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ أَوْ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَنْ عِنْدَهُ أَرْبَعِينَ سَخْلَةً تَجِبُ عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ مِنْهَا وَأَنَّ حَوْلَ الْأُمَّهَاتِ حَوْلُ النِّتَاجِ وَلَا يُسْتَأْنَفُ لَهَا حَوْلٌ قَالَهُ السِّنْدِيُّ وَيَجِيءُ بَيَانُهُ مُفَصَّلًا مِنْ كَلَامِ الْخَطَّابِيِّ وَالنَّوَوِيِّ
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ رَوَى يُونُسُ وَشُعَيْبٌ وَمَعْمَرٌ وَالزُّبَيْدِيُّ كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنَاقًا وَأَمَّا
يُونُسُ فَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ قَالَ عَنْبَسَةُ عَنْ يُونُسَ عناقا وقال بن وهب عن يونس عقالا ومرة قال بن وَهْبٍ عَنَاقًا كَمَا قَالَ الْجَمَاعَةُ
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ ثَلَاثَةِ شُيُوخٍ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَنَسٍ فَحَدِيثُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ غَيْرَ بن مَاجَهْ وَحَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَحَدِيثُ أَنَسٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ أَيْضًا وَقَالَ هُوَ خَطَأٌ ثُمَّ رَوَى عَنِ الزُّهْرِيِّ ثَمَانِيَةُ أَنْفُسٍ شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ وَعُقَيْلٌ وَمَعْمَرٌ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ وَالزُّبَيْدِيُّ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَسُفْيَانُ بْنُ الْحُسَيْنِ وَيُونُسُ وَكُلُّهُمْ قَالُوا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنَاقًا غَيْرَ يُونُسَ فَإِنَّهُ قَالَ مَرَّةً عَنَاقًا وَمَرَّةً قَالَ عِقَالًا
وَأَمَّا عُقَيْلٌ فَرَوَى عَنْهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَرَوَى عَنِ اللَّيْثِ اثْنَانِ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ فَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ عَنَاقًا كَمَا قَالَ الْجَمَاعَةُ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ مَرَّةً قَالَ عِقَالًا وَمَرَّةً قَالَ لَوْ مَنَعُونِي كَذَا وَكَذَا
فَيُعْلَمُ عِنْدَ التَّعَمُّقِ أَنَّ أَكْثَرَ الرُّوَاةِ قَالُوا عَنَاقًا أَمَّا عِقَالًا فَمَا قَالَ غَيْرُ يُونُسَ فِي طَبَقَةِ رُوَاةِ الزُّهْرِيِّ وَأَمَّا مَنْ بَعْدَهُمْ فَمَا قَالَ غَيْرُ قُتَيْبَةُ وَلِذَا قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ في صحيحه قال لي بن بُكَيْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عُقَيْلٍ عَنَاقًا وَهُوَ أَصَحُّ وَرَوَاهُ النَّاسُ عَنَاقًا وَعِقَالًا ها هنا لَا يَجُوزُ انْتَهَى
وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ رضي الله عنه
وَقَالَ النَّوَوِيُّ هَكَذَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عِقَالًا وَكَذَا فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْبُخَارِيِّ وَفِي بَعْضِهَا عَنَاقًا وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَرَّرَ الْكَلَامَ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ فِي مَرَّةٍ عِقَالًا وَفِي الْأُخْرَى عَنَاقًا فَرُوِيَ اللَّفْظَانِ فَأَمَّا رِوَايَةُ الْعَنَاقِ فَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إِذَا كَانَتِ الْغَنَمُ صِغَارًا كُلُّهَا بِأَنْ مَاتَتْ أُمَّهَاتُهَا فِي بَعْضِ الْحَوْلِ فَإِذَا حَالَ حَوْلُ الْأُمَّهَاتِ زَكَّى السِّخَالَ الصِّغَارَ بِحَوْلِ الْأُمَّهَاتِ سَوَاءٌ بَقِيَ مِنَ الْأُمَّهَاتِ شَيْءٌ أَمْ لَا
هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ
وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الأنماطي
لا تزكى الأولاد بحول الأمهات إلى أَنْ يَبْقَى مِنَ الْأُمَّهَاتِ نِصَابٌ
وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِلَّا أَنْ يَبْقَى مِنَ الْأُمَّهَاتِ شَيْءٌ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ أَيْضًا فِيمَا إِذَا مَاتَ مُعْظَمُ الْكِبَارِ وَحَدَثَتْ صِغَارٌ فَحَالَ حَوْلُ الْكِبَارِ عَلَى بَقِيَّتِهَا وَعَلَى الصِّغَارِ انْتَهَى
وَقَالَ الْإِمَامُ الْخَطَّابِيُّ وَفِي قَوْلِهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الصَّدَقَةِ فِي السِّخَالِ وَالْفُصْلَانِ وَالْعَجَاجِيلِ وَأَنَّ واحدة منها تجزىء عَنِ الْوَاجِبِ فِي الْأَرْبَعِينَ مِنْهَا إِذَا كَانَتْ كُلُّهَا صِغَارًا وَلَا يُكَلَّفُ صَاحِبُهَا مُسِنَّةً
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النِّتَاجَ حَوْلَ الْأُمَّهَاتِ وَلَوْ كَانَ يَسْتَأْنِفُ بِهَا الْحَوْلُ لَمْ يُوجَدِ السَّبِيلُ إِلَى أَخْذِ الْعَنَاقِ انْتَهَى كَلَامُهُ
كَذَا فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ بِاخْتِصَارٍ