الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الْمُعْتَدِي) هُوَ أَنْ يُعْطِيَ الزَّكَاةَ غَيْرَ مُسْتَحِقِّيهَا وَقِيلَ أَرَادَ أَنَّ السَّاعِيَ إِذَا أَخَذَ خِيَارَ الْمَالِ رُبَّمَا مَنَعَهَا فِي السَّنَةِ الْأُخْرَى فَيَكُونُ سَبَبًا فِي ذَلِكَ فَهُمَا فِي الْإِثْمِ سَوَاءٌ
قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ عَلَى الْمُعْتَدِي فِي الصَّدَقَةِ مِنَ الْإِثْمِ مَا عَلَى الْمَانِعِ فَلَا يَحِلُّ لِرَبِّ الْمَالِ كِتْمَانُ الْمَالِ وَإِنِ اعْتَدَى عَلَيْهِ السَّاعِي
قَالَ الطِّيبِيُّ يُرِيدُ أَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ بَلْ مُقَيَّدٌ بِقَيْدِ الِاسْتِمْرَارِ فِي الْمَنْعِ فَإِذَا فُقِدَ الْقَيْدُ فُقِدَ التَّشْبِيهُ انْتَهَى
قَالَ المنذري وأخرجه الترمذي وبن مَاجَهْ
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثُ أَنَسٍ حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ
وَقَدْ تَكَلَّمَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي سَعْدِ بْنِ سِنَانٍ انْتَهَى
وَسَعْدُ بْنُ سِنَانٍ كِنْدِيٌّ مِصْرِيٌّ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ وَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ سَعْدُ بْنُ سِنَانٍ وَقِيلَ سِنَانُ بْنُ سَعْدٍ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَالصَّحِيحُ سِنَانُ بْنُ سَعْدٍ وَذَكَرَهُ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ فِي تَارِيخِ الْمِصْرِيِّينَ فِي بَابِ سِنَانٍ وَلَمْ يَذْكُرْ سِوَاهُ انْتَهَى كَلَامُهُ
(باب رضاء الْمُصَدِّقِ)
[1586]
أَيِ السَّاعِي الَّذِي يَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ مِنَ النَّاسِ
(مِنْ بَنِي سَدُوسٍ) صِفَةُ رَجُلٍ (الْخَصَاصِيَّةُ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ تَحْتَهَا نُقْطَتَانِ
كَذَا فِي جَامِعِ الْأُصُولِ
قَالَ الطِّيبِيُّ وَقِيلَ بِالتَّخْفِيفِ وَهُوَ بَشِيرُ بْنُ مَعْبَدٍ وَقِيلَ بَشِيرُ بْنُ يَزِيدَ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْخَصَاصِيَّةِ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَهِيَ أُمُّهُ وقيل منسوبة إلى خصاص وهو قَبِيلَةٌ مِنْ أَزْدٍ (إِنَّ أَهْلَ الصَّدَقَةِ) أَيْ أَهْلَ أَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنَ الْعُمَّالِ (يَعْتَدُونَ
عَلَيْنَا) أَيْ يَظْلِمُونَ وَيَتَجَاوَزُونَ وَيَأْخُذُونَ أَكْثَرَ مِمَّا وجب علينا (فقال لا) قال بن الْمَلَكِ وَإِنَّمَا لَمْ يُرَخِّصْ لَهُمْ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ كِتْمَانَ بَعْضِ الْمَالِ خِيَانَةٌ وَمَكْرٌ وَلِأَنَّهُ لَوْ رَخَّصَ لَرُبَّمَا كَتَمَ بَعْضُهُمْ عَلَى عَامِلٍ غَيْرِ ظَالِمٍ
وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَسَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْمُنْذِرِيُّ
وَفِي إِسْنَادِهِ ديسم السدوسي ذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ
وَقَالَ فِي التَّقْرِيبِ
مَقْبُولٌ
وَفِي الْبَابِ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ وَالْحَدِيثُ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَتْمُ شَيْءٍ عَنِ المصدقين وإن ظلموا وتعدوا قال بن رَسْلَانَ لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمَنْعِ مِنَ الْكَتْمِ أَنَّ مَا أَخَذَهُ السَّاعِي ظُلْمًا يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ لِرَبِّ الْمَالِ
فَإِنَّ قَدَرَ الْمَالِكِ عَلَى اسْتِرْجَاعِهِ مِنْهُ اسْتَرْجَعَهُ وَإِلَّا اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ
[1587]
(رَفَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ) مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ فِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ عَنْ أَيُّوبَ أَنَّ بشير بن الْخَصَاصِيَّةِ قَالَ قُلْنَا وَلَمْ يَذْكُرْ لِمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَكُونُ الْحَدِيثُ مَرْفُوعًا أَوْ لِلْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ فَيَكُونُ مَوْقُوفًا
وَأَمَّا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ فَصَرَّحَ فِي روايته أنه قال قلنا يارسول اللَّهِ فَمَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ رَفَعَهُ وَحَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ لَمْ يَرْفَعْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[1588]
(جَابِرُ بْنُ عَتِيكٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ (سَيَأْتِيكُمْ رَكْبٌ) وَهُوَ اسْمُ جَمْعٍ لِلرَّاكِبِ أَيْ سُعَاةٌ وَعُمَّالٌ لِلزَّكَاةِ (مُبَغَّضُونَ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَالْغَيْنِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ يُبْغَضُونَ طَبْعًا لَا شَرْعًا لِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ مَحْبُوبَ قُلُوبِهِمْ
وَقِيلَ بِسُكُونِ الْبَاءِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُخَفَّفَةِ أَيْ تَبْغُضُونَهُمْ لِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ الْأَمْوَالَ (فَإِذَا جاؤوكم فَرَحِّبُوا بِهِمْ) أَيْ قُولُوا لَهُمْ مَرْحَبًا وَأَهْلًا وَسَهْلًا وَأَظْهِرُوا الْفَرَحَ بِقُدُومِهِمْ وَعَظِّمُوهُمْ (وَخَلُّوا) أَيِ اتْرُكُوا (بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَبْتَغُونَ) أَيْ مَا يطلبون من الزكاة
قال بن الملك يعني لا تمنعون وَإِنْ ظَلَمُوكُمْ لِأَنَّ مُخَالَفَتَهُمْ مُخَالَفَةُ السُّلْطَانِ لِأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ مِنْ جِهَتِهِ
وَمُخَالَفَةُ السُّلْطَانِ تُؤَدِّي إِلَى الْفِتْنَةِ وَهُوَ كَلَامُ الْمُظْهِرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عَمَّ الْحُكْمَ فِي جَمِيعِ الْأَزْمِنَةِ
قَالَ الطِّيبِيُّ وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ العلة لو كانت هِيَ الْمُخَالَفَةُ لَجَازَ الْكِتْمَانُ لَكِنَّهُ لَمْ يَجُزْ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ أَفَنَكْتُمُ مِنْ أَمْوَالِنَا بِقَدْرِ مَا يَعْتَدُونَ قَالَ لَا (فَإِنْ عَدَلُوا) أَيْ فِي أَخْذِ الزَّكَاةِ (فَلِأَنْفُسِهِمْ) أَيْ فَلَهُمُ الثَّوَابُ (وَإِنْ ظَلَمُوا) بِأَخْذِ الزَّكَاةِ أَكْثَرَ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْكُمْ أَوْ أَفْضَلَ مِمَّا وَجَبَ (فَعَلَيْهَا) أَيْ فَعَلَى أَنْفُسِهِمْ إِثْمُ ذَلِكَ الظُّلْمِ وَعَلَيْكُمُ الثَّوَابُ بِتَحَمُّلِ ظُلْمِهِمْ (وَأَرْضُوهُمْ) أَيِ اجْتَهَدُوا وَبَالِغُوا فِي إِرْضَائِهِمْ بِأَنْ تُعْطُوهُمُ الْوَاجِبَ مِنْ غَيْرِ مَطْلٍ ومكث وَلَا غِشٍّ وَلَا خِيَانَةٍ (فَإِنَّ تَمَامَ زَكَاتِكُمْ) أَيْ كَمَالَهَا كَمَا وَجَبَ (رِضَاهُمْ) بِالْقَصْرِ وَقَدْ يُمَدُّ أَيْ حُصُولُ رِضَائِهِمْ مَا أَمْكَنَ (وَلْيَدْعُوا) بِسُكُونِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا (لَكُمْ) هُوَ أَمْرُ نَدْبٍ لِقَابِضِ الزَّكَاةِ سَاعِيًا أَوْ مُسْتَحِقًّا أَنْ يَدْعُوا لِلْمُزَكِّي
وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ مَفْتُوحَةً لِلتَّعْلِيلِ يَكُونُ الْمَعْنَى أَرْضُوهُمْ لِتَتِمَّ زَكَاتُكُمْ وَلْيَدْعُوا
وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الِاسْتِرْضَاءَ سَبَبٌ لِحُصُولِ الدُّعَاءِ وَوُصُولِ الْقَبُولِ
قَالَ الطِّيبِيُّ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ سَيَأْتِيكُمْ عُمَّالٌ يَطْلُبُونَ مِنْكُمْ زَكَاةَ أَمْوَالِكُمْ وَالنَّفْسُ مَجْبُولَةٌ عَلَى حُبِّ الْمَالِ فَتُبْغِضُونَهُمْ وَتَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ ظَالِمُونَ وَلَيْسُوا بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ عَدَلُوا وَظَلَمُوا مَبْنِيٌّ على هذا الزعم ولو كانوا ظَالِمِينَ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْوَاقِعِ كَيْفَ يَأْمُرُهُمْ بِالدُّعَاءِ لَهُمْ بِقَوْلِهِ وَيَدْعُوا لَكُمْ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو الْغُصْنِ وَهُوَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ الْمَدَنِيُّ الْغِفَارِيُّ مَوْلَاهُمْ وَقِيلَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ثِقَةٌ
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَقَالَ مَرَّةً لَيْسَ بِذَاكَ صَالِحٌ وَقَالَ مَرَّةً لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَفِي الرُّوَاةِ خَمْسَةٌ كُلٌّ مِنْهُمُ اسْمُهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ لَا نَعْرِفُ فِيهِمْ مَنْ تُكُلِّمَ فِيهِ غَيْرُهُ انْتَهَى كَلَامُهُ
[1589]
(عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي إِسْمَاعِيلَ) أَيْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ وَعَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ سُلَيْمَانَ كِلَاهُمَا
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
قَالَ الْحَافِظُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الْقَيِّم رحمه الله وَفِي الرُّوَاة خَمْسَة كُلّ مِنْهُمْ اِسْمه ثَابِت بْن قَيْس لَا نَعْرِف فِيهِمْ مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْره