المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب الجمع بين الصلاتين) - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ٤

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ تَرْكِ الْأَذَانِ فِي الْعِيدِ)

- ‌(بَابُ التَّكْبِيرِ فِي الْعِيدَيْنِ)

- ‌(بَاب في مَا يُقْرَأُ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ)

- ‌(بَاب الْجُلُوسِ لِلْخُطْبَةِ)

- ‌(باب الخروج إلى العيد في طريق ويرجع في طريق)

- ‌(بَاب إِذَا لَمْ يخرج الإمام للعيد من يومه يخرج من الْغَدِ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ)

- ‌(بَاب يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْعِيدَ فِي الْمَسْجِدِ)

- ‌3 - كتاب صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَتَفْرِيعِهَا

- ‌(بَابُ فِي أَيِّ وَقْتٍ إِلَخْ)

- ‌(بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(بَاب صَلَاةِ الْكُسُوفِ)

- ‌(بَاب الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ)

- ‌(بَاب يُنَادَى فِيهَا بِالصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ الصَّدَقَةِ)

- ‌(بَابُ الْعِتْقِ)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ [1193] مِنَ الْأَئِمَّةِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ عِنْدَ الظُّلْمَةِ وَنَحْوِهَا مِنَ الرِّيحِ وَالزَّلَازِلِ)

- ‌(بَاب السُّجُودِ عِنْدَ الْآيَاتِ)

- ‌4 - كتاب أَبْوَابِ صَلَاةِ السَّفَرِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌(بَابُ مَتَى يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ)

- ‌(بَاب الْأَذَانِ فِي السَّفَرِ)

- ‌(بَابُ الْمُسَافِرِ يُصَلِّي [1204] فِي الطَّرِيقِ)

- ‌(بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ)

- ‌(بَابُ قَصْرِ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ)

- ‌(بَاب التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ)

- ‌(بَاب التَّطَوُّعِ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَالْوِتْرِ)

- ‌(بَابُ الْفَرِيضَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ مِنْ عُذْرٍ [1228] هَلْ تَجُوزُ)

- ‌(بَابُ مَتَى يُتِمُّ الْمُسَافِرُ [1229] صَلَاتُهُ إِذَا نَزَلَ فِي مَوْضِعٍ وَأَقَامَ فيه)

- ‌(بَابُ إِذَا أَقَامَ بِأَرْضِ الْعَدُوِّ يَقْصُرُ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ يوم يَقُومُ صَفٌّ مَعَ الْإِمَامِ وَصَفٌّ)

- ‌(باب من قال إذا صلى [1238] الْإِمَامُ)

- ‌(باب من قال يكبرون جميعا إلخ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَالَ يُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ يصلي إلخ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَالَ يُصَلِّي [1246] الْإِمَامُ)

- ‌(باب من قال إلخ)

- ‌(بَابُ صلاة الطالب)

- ‌5 - كتاب التطوع وركعات السنة

- ‌(بَابُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ)

- ‌(بَاب فِي تَخْفِيفِهِمَا)

- ‌(بَابُ الِاضْطِجَاعِ بعدها أي بعد سنة الفجر)

- ‌(بَابُ إِذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ وَلَمْ يصل رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ فَاتَتْهُ مَتَى يَقْضِيهَا)

- ‌(بَاب الْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَبَعْدَهَا)

- ‌(بَابُ الصلاة قبل العصر)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ)

- ‌(باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مُرْتَفِعَةً)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ)

- ‌(بَاب صَلَاةِ الضُّحَى)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ النَّهَارِ)

- ‌(باب صلاة التسبيح)

- ‌(بَابُ رَكْعَتَيْ الْمَغْرِبِ أَيْنَ تُصَلَّيَانِ)

- ‌(بَابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعِشَاءِ)

- ‌كتاب قيام الليل

- ‌(بَابُ نَسْخِ قِيَامِ اللَّيْلِ وَالتَّيْسِيرِ فِيهِ)

- ‌(بَابُ قِيَامِ اللَّيْلِ)

- ‌(بَاب النُّعَاسِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ)

- ‌(بَابُ مَنْ نَوَى الْقِيَامَ فَنَامَ)

- ‌(بَاب أَيِّ اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ أَجْزَاءِ اللَّيْلِ)

- ‌ باب وقت قيام النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ)

- ‌(بَابُ افْتِتَاحِ صَلَاةِ اللَّيْلِ بِرَكْعَتَيْنِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ اللَّيْلِ مثنى مثنى)

- ‌(بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ)

- ‌(بَاب فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ)

- ‌(بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ الْقَصْدِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌6 - بَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌بَابٌ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌(بَاب فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)

- ‌(بَاب فِيمَنْ قَالَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ)

- ‌(بَاب مَنْ رَوَى أَنَّهَا ليلة سبع عشرة)

- ‌(بَابُ مَنْ رَوَى فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ)

- ‌(باب من قال هي في كل رمضان)

- ‌(بَاب فِي كَمْ يُقْرَأُ الْقُرْآنُ)

- ‌(بَابُ تَحْزِيبِ الْقُرْآنِ)

- ‌(بَابٌ فِي عَدَدِ الْآيِ (ثَلَاثُونَ آيَةً))

- ‌7 - بَاب تَفْرِيعِ أَبْوَابِ السُّجُودِ وَكَمْ سَجْدَةً فِي القرآن

- ‌(بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ السُّجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ)

- ‌(بَاب مَنْ رَأَى فِيهَا سُجُودًا)

- ‌(بَاب السُّجُودِ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ)

- ‌(بَاب السُّجُودِ فِي ص)

- ‌(باب في الرجل يسمع السجدة وهو راكب)

- ‌(بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَجَدَ)

- ‌(بَاب فِيمَنْ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ بَعْدَ الصُّبْحِ)

- ‌8 - كتاب الوتر

- ‌(باب استحباب الوتر)

- ‌(بَابٌ فِي مَنْ لَمْ يُوتِرْ)

- ‌(بَاب كَمْ الْوِتْرُ)

- ‌(بَابُ مَا يَقْرَأُ فِي الْوِتْرِ)

- ‌(بَاب الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ)

- ‌(باب في الدعاء بعد الوت)

- ‌(بَاب فِي الْوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ)

- ‌(بَاب فِي وَقْتِ الْوِتْرِ)

- ‌(بَابٌ فِي نَقْضِ الْوِتْرِ)

- ‌(باب القنوت في الصلاة)

- ‌(باب فَضْلِ التَّطَوُّعِ فِي الْبَيْتِ)

- ‌(باب [1449] (طول القيام) فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ الْحَثِّ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ)

- ‌(بَابٌ في ثواب قراءة القرآن)

- ‌(بَاب فَاتِحَةِ الْكِتَابِ)

- ‌(باب من قال هي أَيِ الْفَاتِحَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي آيَةِ الْكُرْسِيِّ)

- ‌(بَاب فِي سُورَةِ الصَّمَدِ)

- ‌(بَاب فِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ)

- ‌(بَابُ كَيْفَ يُسْتَحَبُّ التَّرْتِيلُ فِي الْقِرَاءَةِ)

- ‌(بَاب التَّشْدِيدِ فِيمَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ)

- ‌(بَابُ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ)

- ‌(بَابُ الدُّعَاءِ)

- ‌(باب التسبيح بالحصى)

- ‌(باب ما يقال الرَّجُلُ إِذَا سَلَّمَ)

- ‌(بَابٌ فِي الِاسْتِغْفَارِ)

- ‌(باب النهي أَنْ يَدْعُوَ الْإِنْسَانُ عَلَى أَهْلِهِ وَمَالِهِ)

- ‌(بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب الدُّعَاءِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ)

- ‌(بَابُ ما يقول الرجل إذا خاف)

- ‌(بَابُ الِاسْتِخَارَةِ)

- ‌(بَاب فِي الِاسْتِعَاذَةِ)

- ‌9 - كِتَاب الزَّكَاة

- ‌(بَاب مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ)

- ‌(باب العروض إلخ)

- ‌(بَابُ الْكَنْزِ مَا هُوَ وَزَكَاةِ الْحُلِيِّ)

- ‌(بَابٌ فِي زَكَاةِ السَّائِمَةِ)

- ‌(باب رضاء الْمُصَدِّقِ)

- ‌(بَابُ دُعَاءِ الْمُصَدِّقِ لِأَهْلِ الصَّدَقَةِ)

- ‌(باب تفسير أسنان الإبل)

- ‌(بَاب أَيْنَ تُصَدَّقُ الْأَمْوَالُ)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يَبْتَاعُ صَدَقَتَهُ)

- ‌(بَابُ صَدَقَةِ الرقيق)

- ‌(بَاب صَدَقَةِ الزَّرْعِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْعَسَلِ)

- ‌(بَابٌ فِي خَرْصِ الْعِنَبِ)

- ‌(بَاب فِي الْخَرْصِ)

- ‌(بَابُ مَتَى يُخْرَصُ التَّمْرُ)

- ‌(بَاب مَا لَا يَجُوزُ مِنْ الثَّمَرَةِ فِي الصَّدَقَةِ)

الفصل: ‌(باب الجمع بين الصلاتين)

اعْتِبَارَ لِشَكِّهِ وَإِنَّمَا الِاعْتِمَادُ فِي مَعْرِفَةِ الْأَوْقَاتِ على الإمام فإن تيقن الإمام على مَجِيءَ الْوَقْتِ فَلَا يُعْتَبَرُ بِشَكِّ بَعْضِ الْأَتْبَاعِ

(فَقُلْنَا زَالَتِ الشَّمْسُ أَوْ لَمْ تَزُلْ) الشَّمْسُ أَيْ لَمْ يَتَيَقَّنْ أَنَسٌ وَغَيْرُهُ بِزَوَالِ الشَّمْسِ وَلَا بِعَدَمِهِ وَأَمَّا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ أَعْرَفَ النَّاسِ لِلْأَوْقَاتِ فَلَا يُصَلِّي الظُّهْرَ إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ

وَفِيهِ دَلِيلٌ إِلَى مُبَادَرَةِ صَلَاةِ الظُّهْرِ بَعْدَ الزَّوَالِ مَعًا مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ

سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ

[1205]

(إِذَا نَزَلَ مَنْزِلًا) أَيْ قُبَيْلَ الظُّهْرِ لَا مُطْلَقًا كَيْفَ وَقَدْ صَحَّ عَنْ أَنَسٍ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ (وَإِنْ كَانَ بِنِصْفِ النَّهَارِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَا يُفْهَمُ مِنَ السِّيَاقِ مِنَ التَّعْجِيلِ أَيْ يَعْجَلُ وَلَا يُبَالِي بِهَا وَإِنْ كَانَ بِنِصْفِ النَّهَارِ

وَالْمُرَادُ قُرْبُ نِصْفِ النَّهَارِ إِذْ لَا بُدَّ مِنَ الزَّوَالِ

قَالَهُ السِّنْدِيُّ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ

قُلْتُ وَبَوَّبَ بَابَ تَعْجِيلِ الظُّهْرِ في السفر انتهى

وبوب بن أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ بَابَ مَنْ قَالَ إذا كنت في سفر فقل أَزَالَتِ الشَّمْسُ أَمْ لَا وَأَوْرَدَ فِيهِ رِوَايَةَ جرير عن مِسْحَاجِ بْنِ مُوسَى الضَّبِّيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو إِذَا كُنْتَ فِي سَفَرٍ فَقُلْتَ أَزَالَتِ الشَّمْسُ أَوْ لَمْ تَزُلْ أَوِ انْتَصَفَ النَّهَارُ أَوْ لَمْ يَنْتَصِفْ فَصَلِّ قَبْلَ أَنْ يَرْتحَلَ

وَمِنْ طَرِيقِ مَنْصُورِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ إِذَا كُنْتَ فِي سَفَرٍ فَقُلْتَ زَالَتِ الشَّمْسُ أَوْ لَمْ تَزُلْ فَصَلِّ

انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ

(بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ)

[1206]

قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَكْثَرُونَ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَقْتِ أَيَّتِهِمَا شاء وبين

ص: 51

الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي وَقْتِ أَيَّتِهِمَا شَاءَ

وَشَرْطُ الْجَمْعِ فِي وَقْتِ الْأُولَى أَنْ يُقَدِّمَهَا وَيَنْوِي الْجَمْعَ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنَ الْأُولَى وَأَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ أَرَادَ الْجَمْعَ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ وَجَبَ أَنْ يَنْوِيَهُ فِي وَقْتِ الْأُولَى وَيَكُونُ قَبْلَ ضِيقِ وَقْتِهَا بِحَيْثُ يَبْقَى مِنَ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ تِلْكَ الصَّلَاةَ فَأَكْثَرُ فَإِنْ أَخَّرَهَا بِلَا نِيَّةٍ عَصَى وَصَارَتْ قَضَاءً وَإِذَا أَخَّرَهَا بِالنِّيَّةِ اسْتُحِبَّ أَنْ يُصَلِّيَ الْأُولَى أَوَّلًا وَأَنْ يَنْوِيَ الْجَمْعَ وَأَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا قاله النووي

(فكان رسول الله يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ إِلَخْ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي هَذَا بَيَانٌ وَاضِحٌ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي غَيْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَبِغَيْرِ الْمُزْدَلِفَةِ جَائِزٌ وَفِيهِ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِمَنْ كَانَ نَازِلًا فِي السَّفَرِ غَيْرَ سَائِرٍ جَائِزٌ

وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي غَيْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ فَقَالَ قَوْمٌ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فَيُصَلِّي كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي وَقْتِهَا رَوَى ذَلِكَ عَنْ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيِّ وَحَكَاهُ عَنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ الْحَسَنُ وَمَكْحُولٌ يَكْرَهَانِ الْجَمْعَ فِي السَّفَرِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِذَا جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي السَّفَرِ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا وَعَجَّلَ الْعَصْرَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا فَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا

وَرُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا كَذَلِكَ

وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا إِنْ شَاءَ قَدَّمَ الْعَصْرَ وَإِنْ شَاءَ أَخَّرَ الظُّهْرَ عَلَى ظَاهِرِ الْأَخْبَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي هذا الباب

هذا قول بن عَبَّاسٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَسَالِمِ بْنِ عبد الله وطاووس وَمُجَاهِدٍ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ

قَالَ الْخَطَّابِيُّ فَدَلَّ عَلَى صِحَّةِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ هَؤُلَاءِ حَدِيثُ بن عمر وأنس عن النبي وَقَدْ ذَكَرَهُمَا أَبُو دَاوُدَ فِي هَذَا الْبَابِ انْتَهَى

قَالَ المنذري وأخرجه مسلم والنسائي وبن مَاجَهْ

[1207]

(اسْتَصْرَخَ عَلَى صَفِيَّةَ) يُقَالُ اسْتَصْرَخَ بِهِ إِذَا أَتَاهُ الصَّارِخُ وَهُوَ الْمُصَوِّتُ يُعْلِمُهُ بِأَمْرٍ

ص: 52

حَادِثٍ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ يَنْعِي لَهُ مَيِّتًا

وَالِاسْتِصْرَاخُ الِاسْتِغَاثَةُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ

وَالْمُرَادُ ها هنا إِعْلَامُ أَمْرِ مَوْتِهَا أَيْ أَنَّهُ أُخْبِرَ بِمَوْتِهَا (فَنَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا) قَالَ الْخَطَّابِيُّ ظَاهِرُ اسْمِ الْجَمْعِ عُرْفًا لَا يَقَعُ عَلَى مَنْ أَخَّرَ الظُّهْرَ حَتَّى صَلَّاهَا فِي آخِرِ وَقْتِهَا وَعَجَّلَ الْعَصْرَ فَصَلَّاهَا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا لِأَنَّ هَذَا قَدْ صَلَّى كُلَّ صَلَاةٍ مِنْهُمَا فِي وَقْتِهَا الْخَاصِّ مِنْهَا وَإِنَّمَا الْجَمْعُ الْمَعْرُوفُ بَيْنَهُمَا أَنْ تَكُونَ الصَّلَاتَانِ مَعًا فِي وَقْتِ إِحْدَاهُمَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْجَمْعَ بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ كَذَلِكَ وَمَعْقُولٌ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ مِنَ الرُّخَصِ الْعَامَّةِ لِجَمِيعِ النَّاسِ عَامِّهِمْ وَخَاصِّهِمْ وَمَعْرِفَةُ أَوَائِلِ الْأَوْقَاتِ وَأَوَاخِرِهَا مِمَّا لَا يُدْرِكُهُ أَكْثَرُ الْخَاصَّةِ فَضْلًا عَنِ الْعَامَّةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ فِي اعْتِبَارِ السَّاعَاتِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَهَبُوا إِلَيْهِ مِمَّا يُبْطِلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الرُّخْصَةُ عَامَّةً عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا الْمُؤَقَّتَةِ انْتَهَى

قُلْتُ وحديث بن عُمَرَ هَذَا اسْتَدَلَّ بِهِ مِنْ قَالَ بِاخْتِصَاصِ رُخْصَةِ الْجَمْعِ فِي السَّفَرِ بِمَنْ كَانَ سَائِرًا لَا نَازِلًا

وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِمَا وَقَعَ مِنَ التَّصْرِيحِ فِي حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ الْمَذْكُورِ بِلَفْظِ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ قَوْلُهُ ثُمَّ دَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ لَا يَكُونُ إِلَّا وَهُوَ نَازِلٌ فَلِلْمُسَافِرِ أَنْ يَجْمَعَ نازلا ومسافرا

وقال بن عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا أَوْضَحُ دَلِيلٍ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ لَا يَجْمَعُ إِلَّا مَنْ جَدَّ بِهِ السَّيْرُ وَهُوَ قَاطِعٌ لِلِالْتِبَاسِ وَهَذِهِ الأحاديث تخصص أَحَادِيثَ الْأَوْقَاتِ الَّتِي بَيَّنَهَا جِبْرِيلُ وَبَيَّنَهَا النَّبِيُّ لِلْأَعْرَابِيِّ حَيْثُ قَالَ فِي آخِرِهَا الْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ بِمَعْنَاهُ أَتَمَّ مِنْهُ وَقَدْ أَخْرَجَ الْمُسْنَدَ مِنْهُ بِمَعْنَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ

[1208]

(تَبُوكَ) غَيْرُ مُنْصَرِفٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الشَّامِ (إِذَا زَاغَتْ) أَيْ مَالَتِ (الشَّمْسُ) أَيْ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ إِلَى جَانِبِ الْمَغْرِبِ أَرَادَ بِهِ الزَّوَالَ (جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ

ص: 53

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ أَنْكَرَ

وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَقَدْ حُكِيَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ فِي تَقْدِيمِ الْوَقْتِ حَدِيثٌ قَائِمٌ (رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ) أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عن بن جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عِكْرِمَةَ وَعَنْ كريب مولى بن عَبَّاسٍ قَالَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ الله فِي السَّفَرِ قُلْنَا بَلَى قَالَ كَانَ إِذَا زَاغَتْ لَهُ الشَّمْسُ فِي مَنْزِلِهِ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَبَ وَإِذَا لَمْ تَزُغْ لَهُ فِي مَنْزِلِهِ سَارَ حَتَّى إِذَا حَانَتِ الْعَصْرُ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَإِذَا حَانَتْ لَهُ الْمَغْرِبُ فِي مَنْزِلِهِ جَمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ وَإِذَا لَمْ تَحِنْ فِي مَنْزِلِهِ رَكِبَ حَتَّى إِذَا حَانَتِ الْعِشَاءُ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ حجاج عن بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي حُسَيْنٌ عَنْ كُرَيْبٍ وَحْدَهُ عن بن عباس

ورواه عثمان بن عمر عن بن جريج عن حسين عن عكرمة عن بن عباس

ورواه عبد المجيد عن بن جُرَيْجٍ سَمِعَهُ أَوَّلًا مِنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عن حسين عن كريب عن بن عباس وكلهم ثقات

فاحتمل أن يكون بن جُرَيْجٍ سَمِعَهُ أَوَّلًا مِنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ حُسَيْنٍ كَقَوْلِ عَبْدِ الْمَجِيدِ عَنْهُ ثُمَّ لقي بن جُرَيْجٍ حُسَيْنًا فَسَمِعَهُ مِنْهُ كَقَوْلِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وحجاج عن بن جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي حُسَيْنٌ

وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ حُسَيْنٌ سَمِعَهُ مِنْ عِكْرِمَةَ وَمِنْ كُرَيْبٍ جَمِيعًا عَنِ بن عَبَّاسٍ وَكَانَ يُحَدِّثُ بِهِ مَرَّةً عَنْهُمَا جَمِيعًا كَرِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْهُ وَمَرَّةً عَنْ كُرَيْبٍ وحده كقول حجاج وبن أَبِي رَوَّادٍ وَمَرَّةً عَنْ عِكْرِمَةَ وَحْدَهُ عَنِ بن عَبَّاسٍ كَقَوْلِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرٍو تَصِحُّ الْأَقَاوِيلُ كُلُّهَا انْتَهَى

وَفِي التَّلْخِيصِ وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ أَخِيهِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ هشام بن عروة عن كريب عن بن عَبَّاسٍ انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْدَلُسِيُّ أَنَّ حديث بن عَبَّاسٍ فِي الْبَابِ صَحِيحٌ وَلَيْسَ لَهُ عِلَّةٌ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ سَكَنَ إِلَى مَا رَآهُ فِي كِتَابِ الدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ جَوَابِهِ عَلَى اخْتِلَافِ الطُّرُقِ فِيهِ

وَحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هَذَا هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حُسَيْنٌ الْهَاشِمِيُّ الْمَدِينِيُّ وَلَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ

انْتَهَى مُخْتَصَرًا

ص: 54

[1209]

(ما جمع رسول الله) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَخْزُومِيُّ مَوْلَاهُمُ الْمَدَنِيُّ الصَّائِغُ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ثِقَةٌ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ لَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ حَدِيثٍ كَانَ ضَيِّقًا فِيهِ وَكَانَ صَاحِبَ رَأْيٍ وَكَانَ يُفْتِي أَهْلَ الْمَدِينَةِ بِرَأْيِ مَالِكٍ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْحَدِيثِ بِذَاكَ

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ يُعْرَفُ حِفْظُهُ وَيُنْكَرُ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِّيُ لَيْسَ بِالْحَافِظِ هُوَ لَيِّنٌ يُعْرَفُ حِفْظُهُ وَيُنْكَرُ وَكِتَابُهُ أَصَحُّ انتهى

فلم يثبت حديث بن عُمَرَ مَرْفُوعًا وَإِنَّمَا رُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ

فَرَوَى أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَرَ بن عُمَرَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا إِلَّا تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَرَوَى مكحول عن نافع أنه رأى بن عُمَرَ فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ

[1210]

(فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَالَ مَالِكٌ أَرَى ذَلِكَ كَانَ فِي مَطَرٍ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَلَيْسَ فِيهِ كَلَامُ مَالِكٍ

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ لِلْمَطَرِ فِي الْحَضَرِ فَأَجَازَهُ جَمَاعَةٌ من السلف وروي ذلك عن بن عمر وفعله عروة وبن الْمُسَيَّبِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبُو سَلَمَةَ وَعَامَّةُ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ غَيْرَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْمَطَرُ قَائِمًا فِي وَقْتِ افْتِتَاحِ الصَّلَاتَيْنِ مَعًا وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ غَيْرُهُمَا وَكَانَ مَالِكٌ يَرَى أَنْ يَجْمَعَ الْمَمْطُورَ بَيْنَهُمَا فِي الطِّينِ وَفِي حَالِ الظُّلْمَةِ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ

وَقَالَ

ص: 55

الْأَوْزَاعِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ يُصَلِّي الْمَمْطُورُ كُلَّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا انْتَهَى (قَالَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا إِلَى تَبُوكَ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَحَدِيثُ قُرَّةَ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ انْتَهَى

قُلْتُ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ قُرَّةَ قِيلَ أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ قَالَ أَخْبَرَنَا سعيد بن جبير قال أخبرنا بن عباس أن رسول الله جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاةِ فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَجَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ

قَالَ سَعِيدٌ فَقُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ

[1211]

(أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا حَدِيثٌ لَا يَقُولُ بِهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ إِلَّا مَا تَكَلَّمُوا فيه من أمر حبيب وكان بن الْمُنْذِرَ يَقُولُ بِهِ وَيَحْكِيهِ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ

وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الْقَفَّالَ يَحْكِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَحُكِيَ عَنِ بن سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إِذَا كَانَتْ حَاجَةٌ أَوْ شَيْءٌ مِمَّا لَا يَتَّخِذُهُ عَادَةً

وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي حَالِ الْمَرَضِ

قال بن الْمُنْذِرِ وَلَا مَعْنَى لِحَمْلِ الْأَمْرِ فِيهِ عَلَى عذر من الأعذار لأن بن عَبَّاسٍ قَدْ أَخْبَرَ بِالْعِلَّةِ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُهُ أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ فَرَخَّصَ فِيهِ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ لِلْمَرِيضِ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ

وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ يَجْمَعُ الْمَرِيضُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إِلَّا أَنَّهُمْ أَبَاحُوا ذَلِكَ عَلَى شَرْطِهِمْ فِي جَمْعِ الْمُسَافِرِ بَيْنَهُمَا وَمَنَعَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ فِي الْحَضَرِ إِلَّا لِلْمَمْطُورِ

انْتَهَى

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ

[1212]

(مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ) فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ

وَمُحَمَّدٌ وَأَبُوهُ فُضَيْلٌ كِلَاهُمَا ثِقَتَانِ

وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَعْنَى الْجَمْعِ الصُّورِيِّ الَّذِي تَأَوَّلَ به

ص: 56

الْحَنَفِيَّةُ أَحَادِيثَ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَيَجِيءُ تَحْقِيقُ الكلام فيه (رواه بن جَابِرٍ) هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ (نَحْوَ هَذَا) أَيْ نَحْوَ حَدِيثِ فُضَيْلِ بن غزوان

[1213]

(عن بن جَابِرٍ بِهَذَا الْمَعْنَى) وَحَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ جَابِرٍ وَصَلَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ بشر بن بكر قال حدثني بن جَابِرٍ حَدَّثَنِي نَافِعٌ وَلَفْظُهُ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ الشَّفَقِ نَزَلَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ وَوَصَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بن مزيد سمعت بن جَابِرٍ حَدَّثَنِي نَافِعٌ نَحْوَهُ (حَتَّى إِذَا كَانَ) أي بن عُمَرَ (عِنْدَ ذَهَابِ الشَّفَقِ) وَهُوَ آخِرُ الْمَغْرِبِ [1214](صلى بنا رسول الله بالمدينة) أي ثمان رَكَعَاتٍ أَرْبَعًا لِلظُّهْرِ وَأَرْبَعًا لِلْعَصْرِ وَسَبْعَ رَكَعَاتٍ ثَلَاثًا لِلْمَغْرِبِ وَأَرْبَعًا لِلْعِشَاءِ

وَأَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي بَابِ تَأْخِيرِ الظُّهْرِ إِلَى الْعَصْرِ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بن زيد عن بن عباس أن النبي صَلَّى بِالْمَدِينَةِ سَبْعًا وَثَمَانِيًا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فَقَالَ أَيُّوبُ لَعَلَّهُ فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ قَالَ عَسَى وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ التَّهَجُّدِ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرٍو سَمِعْتُ أَبَا الشعثاء جابرا سمعت بن

ص: 57

عباس قال صليت مع رسول الله ثمانيا جميعا وسبعا جميعا

قلت ياأبا الشَّعْثَاءِ أَظُنُّهُ أَخَّرَ الظُّهْرَ وَعَجَّلَ الْعَصْرَ وَعَجَّلَ الْعِشَاءَ وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ قَالَ وَأَنَا أَظُنُّهُ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

قَالَ أَبُو داود ورواه صالح مولى التوأمة عن بن عَبَّاسٍ قَالَ فِي غَيْرِ مَطَرٍ

هَذَا آخِرُ كلامه

وصالح هذا هو بن نَبْهَانَ الْمَدَنِيُّ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَالتَّوْأَمَةُ هِيَ بِنْتُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ كَانَ مَعَهَا أُخْتٌ لَهَا فِي بَطْنٍ

وَفِي مُسْلِمٍ قلت ياأبا الشَّعْثَاءِ أَظُنُّهُ أَخَّرَ الظُّهْرَ وَعَجَّلَ الْعَصْرَ وَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ وَعَجَّلَ الْعِشَاءَ قَالَ وَأَنَا أَظُنُّ ذَلِكَ

وَفِي الْبُخَارِيِّ مَعْنَاهُ وَأَدْرَجَ هَذَا الْكَلَامَ فِي الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ النَّسَائِيِّ وَفِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ فَقَالَ أَقُولُ لَعَلَّهُ فِي لَيْلَةٍ مَطِيرَةٍ قَالَ عَسَى

[1215]

(فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِسَرِفَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ اسْمُ مَوْضِعٍ قَرِيبٍ بِمَكَّةَ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي إِسْنَادِهِ يَحْيَى الْجَارِي

قَالَ الْبُخَارِيُّ يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ

[1216]

وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ بَيْنَهُمَا عَشَرَةُ أَمْيَالٍ يَعْنِي بَيْنَ مَكَّةَ وَسَرِفَ

هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ

وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّ سَرِفَ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ مِنْ مَكَّةَ وَقِيلَ سَبْعَةٍ وَقِيلَ تِسْعَةٍ وَقِيلَ اثْنَيْ عَشَرَ وَهِيَ بِفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَبَعْدَهَا فَاءٌ

[1217]

(قَالَ) أَيِ اللَّيْثُ (قَالَ رَبِيعَةُ يَعْنِي كَتَبَ) رَبِيعَةُ (إِلَيْهِ) إِلَى اللَّيْثِ (حَدَّثَنِي) الْقَائِلُ حَدَّثَنِي هُوَ رَبِيعَةُ وَالْمَعْنَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَرْوِي عَنْ رَبِيعَةَ مُكَاتَبَةً وَيَرْوِي رَبِيعَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ (حَتَّى غَابَ الشفق) قال بن الْأَثِيرِ الشَّفَقُ مِنَ الْأَضْدَادِ يَقَعُ عَلَى الْحُمْرَةِ الَّتِي تُرَى فِي الْمَغْرِبِ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ وَعَلَى الْبَيَاضِ الْبَاقِي فِي الْأُفُقِ الْغَرْبِيِّ بَعْدَ

ص: 58

الْحُمْرَةِ الْمَذْكُورَةِ وَبِهِ أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ انْتَهَى (وَتَصَوَّبَتِ النُّجُومُ) أَيِ اجْتَمَعَتْ (ثُمَّ إِنَّهُ) أَيْ عبد الله بن عمر (ثم قال) بن عمر (إذا جدبه السَّيْرُ) أَيِ اشْتَدَّ قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ وَقَالَ عياض جدبه السَّيْرُ أَيْ أَسْرَعَ

كَذَا قَالَ وَكَأَنَّهُ نَسَبَ الْإِسْرَاعَ إِلَى السَّيْرِ تَوَسُّعًا كَذَا فِي الْفَتْحِ

وقال بن الْأَثِيرِ أَيْ إِذَا اهْتَمَّ بِهِ وَأَسْرَعَ فِيهِ يقال جد يجد ويجد بالضم والكسر وجدبه الْأَمْرُ وَجَدَّ فِيهِ إِذَا اجْتَهَدَ انْتَهَى

وَلَفْظُ الْمُوَطَّأِ إِذَا عَجَّلَهُ السَّيْرُ

وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ

وَتَعَلَّقَ بِهِ مَنِ اشْتَرَطَ فِي الْجَمْعِ الْجَدَّ فِي السَّيْرِ وَرَدَّهُ الْحَافِظُ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِأَنَّهُ إِنَّمَا حَكَى الْحَالَ الَّتِي رَأَى وَلَمْ يَقُلْ لَا يَجْمَعُ إِلَّا أَنْ يَجِدَّ بِهِ فَلَا يُعَارِضُ حَدِيثَ مُعَاذٍ قَبْلَهُ

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أن الجمع بينهما من بن عُمَرَ كَانَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّفَقِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ مِنْ فِعْلِهِ

(رَوَاهُ عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَخِيهِ) عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ (عَنْ سَالِمٍ) وَهَذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى عاصم بن محمد عن أخيه عمر بن مُحَمَّدٍ عَنْ نَافِعٍ وَعَنْ سَالِمٍ قَالَ أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ خَبَرٌ مِنْ صَفِيَّةَ فأسرع السير ثم ذكر عن النبي نَحْوَهُ وَقَالَ بَعْدَ أَنْ غَابَ الشَّفَقُ (وَرَوَاهُ بن أَبِي نَجِيحٍ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ (عَنْ إِسْمَاعِيلَ بن عبد الرحمن بن ذؤيب) أو بن أَبِي ذُؤَيْبٍ الْأَسَدِيِّ الْمَدَنِيِّ وَهَذَا التَّعْلِيقُ وَصَلَهُ الطحاوي من طريق بن عيينة عن بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي ذُؤَيْبٍ قال كنت مع بن عمرو فِيهِ فَسَارَ حَتَّى ذَهَبَتْ فَحْمَةُ الْعِشَاءِ وَرَأَيْنَا بَيَاضَ الْأُفُقِ فَنَزَلَ فَصَلَّى ثَلَاثًا الْمَغْرِبَ وَاثْنَيْنِ العشاء الحديث (أن الجمع بينهما من بن عُمَرَ كَانَ بَعْدَ غُيُوبِ الشَّفَقِ) الْجَمْعُ مِنِ بن عُمَرَ بَعْدَ غُيُوبِ الشَّفَقِ هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ مِنْ فِعْلِهِ وَهَكَذَا رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ خَمْسَةٌ مِنْ حُفَّاظِ أَصْحَابِهِ كَأَسْلَمَ مَوْلَى عُمَرَ وَحَدِيثُهُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي الْجِهَادِ من طريق أسلم عن بن عُمَرَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ حَتَّى كَانَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّفَقِ نَزَلَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمْعًا بَيْنَهُمَا وَكَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَتَقَدَّمَ حَدِيثُهُ وَكَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي ذُؤَيْبٍ وَتَقَدَّمَ حَدِيثُهُ أَيْضًا وَكَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيِّ وَتَقَدَّمَ حَدِيثُهُ أَيْضًا وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ نَافِعٍ وَفِيهِ

فَقُلْتُ لَهُ الصَّلَاةُ فَقَالَ سِرْ حَتَّى صَارَ مِيلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً ثم نزل فصلى الحديث وكنافع مولى بن عُمَرَ وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقِدٍ فَخَالَفَهُمْ وَالْعَدَدُ الْكَثِيرُ أَوْلَى

ص: 59

بِالْحِفْظِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقِدٍ مَقْبُولٌ وَهَؤُلَاءِ ثِقَاتٌ أَثْبَاتٌ فَلَا يُعْتَبَرُ بِرِوَايَتِهِ مَعَ وُجُودِ رِوَايَةِ هَؤُلَاءِ الْحُفَّاظِ

لَكِنِ اخْتُلِفَ عَلَى نَافِعٍ فَرَوَى مِنْ حُفَّاظِ أَصْحَابِ نَافِعٍ عَنْهُ أَنَّ نُزُولَهُ كَانَ بَعْدَ غُيُوبِ الشَّفَقِ كَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّ بن عُمَرَ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بَعْدَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ وَكَاللَّيْثِ عَنْهُ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ وَلَفْظُهُ فَسَارَ حَتَّى هَمَّ الشَّفَقُ أَنْ يَغِيبَ وَأَصْحَابُهُ يُنَادُونَهُ لِلصَّلَاةِ فَأَبَى عَلَيْهِمْ حَتَّى إِذَا أَكْثَرُوا عليه قال إني رأيت رسول الله يَجْمَعُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ وَأَنَا أَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَكَأَيُّوبَ وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ فَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ بَعْدَ ذَهَابِ الشَّفَقِ حَتَّى ذَهَبَ هَوًى مِنَ اللَّيْلِ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْهُمَا وَرِوَايَةُ أَيُّوبَ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ وَرِوَايَةُ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ أَيْضًا وَرَوَى يَحْيَى بن سعيد عن نافع عن بن عمر قال كان رسول الله إذا جدبه السَّيْرُ جَمْعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ إِلَى رُبُعِ اللَّيْلِ

وَأَمَّا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ مِنْ أَصْحَابِ نَافِعٍ فَرَوَى عَنْهُ أَنَّ نُزُولَهُ كَانَ قَبْلَ غُيُوبِ الشَّفَقِ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ انْتَظَرَ حَتَّى غَابَ الشَّفَقُ فَصَلَّى الْعِشَاءَ

وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ قَدْ تَفَرَّدَ بِهَا فُضَيْلٌ بَيْنَ ثِقَاتِ أَصْحَابِ نَافِعٍ مَا قَالَهَا أَحَدٌ غَيْرُهُ

وَفُضَيْلٌ وَإِنْ كَانَ ثِقَةً لَكِنْ لَا شَكَّ أَنَّهُ دُونَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ وَالثَّبَاتِ حَتَّى قَدَّمَهُ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ عَلَى مَالِكٍ فِي نَافِعٍ وَأَنَّهُ دُونَ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ فَإِنَّ أَيُّوبَ ثِقَةٌ ثَبْتٌ حُجَّةٌ مِنْ كِبَارِ الْفُقَهَاءِ الْعُبَّادِ وَدُونَ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فَإِنَّهُ ثِقَةٌ فَقِيهٌ إِمَامٌ فِي الْمَغَازِي وَدُونَ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ فَإِنَّهُ ثِقَةٌ ثَبْتٌ فَقِيهٌ إِمَامٌ مَشْهُورٌ فحديث فضيل شاذ لا يقبل

وأما بن جَابِرٍ عَنْ نَافِعٍ فَقَالَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ الشَّفَقِ نَزَلَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ الْعِشَاءَ

وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ عَنْ نَافِعٍ فَقَالَ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ ذَهَابِ الشَّفَقِ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا وَتَقَدَّمَ حَدِيثُهُمَا

وَأَمَّا عِطَافُ بْنُ خَالِدٍ الْمَخْزُومِيُّ عَنْ نَافِعٍ فَقَالَ حَتَّى إِذَا كَادَ الشَّفَقُ أَنْ يَغِيبَ نَزَلَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَغَابَ الشَّفَقُ فَصَلَّى الْعِشَاءَ وَحَدِيثُهُ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ وَالدَّارَقُطْنِيِّ

وَأَمَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْهُ فَقَالَ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ

فَابْنُ جَابِرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ وَإِنْ كَانَا ثِقَتَيْنِ لَكِنْ لَا يُسَاوِيَانِ الْحُفَّاظَ الْأَرْبَعَةَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ أَصْحَابِ نَافِعٍ

وَعِطَافٌ صَدُوقٌ يَهِمُ وَأُسَامَةُ ضعيف

وعلى أن ليس في حديث بن جابر وعبد الله بن العلاء أن بن عُمَرَ صَلَّى الْمَغْرِبَ قَبْلَ غُيُوبِ الشَّفَقِ وَإِنَّمَا فِي حَدِيثِهِمَا أَنَّهُ نَزَلَ عِنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ وَثَبَتَ فِي رِوَايَاتِ الْحُفَّاظِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ أَصْحَابِ نَافِعٍ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ أَسْلَمَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي ذُؤَيْبٍ مِنْ أجلاء حفاظ أصحاب بن عُمَرَ أَنَّهُ صَلَّى الْمَغْرِبَ بَعْدَ غُيُوبِ

ص: 60

الشفق بل في رواية سالم أن بن عُمَرَ سَارَ بَعْدَ غُيُوبِ الشَّمْسِ مِيلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى فَرِوَايَاتُ هَؤُلَاءِ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ مُقَدَّمَةٌ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَمُفَسِّرَةٌ لِإِبْهَامِ رِوَايَةِ غَيْرِهِمُ انْتَهَى مُخْتَصَرًا مِنْ غَايَةِ الْمَقْصُودِ

[1218]

(إِذَا ارْتَحَلَ فِي سَفَرِهِ (قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ) أَيْ قَبْلَ الزَّوَالِ (قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ) أَيْ وَحْدَهُ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ مِنْ رِوَايَةِ عَقِيلٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ إِلَّا فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا وَبِهِ احْتَجَّ مَنْ أَبَى جَمْعَ التَّقْدِيمِ لَكِنْ رَوَى إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ شَبَابَةَ بْنِ سِوَارٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عَقِيلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ وَفِيهِ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ فَزَالَتِ الشَّمْسُ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ثُمَّ ارْتَحَلَ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأُعِلَّ بِتَفَرُّدِ إِسْحَاقَ بِذَلِكَ عَنْ شَبَابَةَ بْنِ سِوَارٍ ثُمَّ تَفَرَّدَ جَعْفَرُ الْفِرْيَابِيُّ بِهِ عَنْ إِسْحَاقَ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِحٍ فَإِنَّهُمَا إِمَامَانِ حَافِظَانِ

وَقَالَ النَّوَوِيُّ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالتَّلْخِيصِ

وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي الْأَرْبَعِينَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ هُوَ الْأَصَمُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ وَهُوَ أَحَدُ شُيُوخِ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ عَنِ المفضل بن فضالة عن عقيل عن بن شهاب عن أنس أن النبي كَانَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ ثُمَّ رَكِبَ

قَالَ الْحَافِظُ سَنَدُهُ صَحِيحٌ

وَقَالَ الْحَافِظُ صَلَاحُ الدِّينِ الْعَلَائِيُّ سَنَدُهُ جَيِّدٌ

وَفِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِهِ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ كَانَ النَّبِيُّ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ فَزَالَتِ الشَّمْسُ صَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا ثُمَّ ارْتَحَلَ فَقَدْ أَفَادَتْ رِوَايَةُ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَالْحَاكِمِ وَأَبِي نُعَيْمٍ ثُبُوتَ جَمْعِ التقديم من فعله وَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْجَمْعُ الصُّورِيُّ وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ صَحِيحَةٌ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ والفتح إلا أنه قال بن الْقَيِّمِ إِنَّهُ اخْتُلِفَ فِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ فَمِنْهُمْ مَنْ صَحَّحَهَا وَمِنْهُمْ مَنْ حَسَّنَهَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَحَ فِيهَا وَجَعَلَهَا مَوْضُوعَةً وَهُوَ الْحَاكِمُ فَإِنَّهُ حَكَمَ بِوَضْعِهِ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ الْحَاكِمِ فِي وضع الحديث ثم رده بن القيم واختار أنه ليس بموضوع وسكوت بن حَجَرٍ هُنَا عَلَيْهِ وَجَزْمُهُ بِأَنَّهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ يَدُلُّ عَلَى رَدِّهِ لِكَلَامِ الْحَاكِمِ

ص: 61

وَأَمَّا رِوَايَةُ الْمُسْتَخْرَجِ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ فَإِنَّهُ لَا مَقَالَ فِيهَا

وَيُؤَيِّدُ صِحَّتَهُ حَدِيثُ مُعَاذٍ الْمُتَقَدِّمُ وَلَفْظُهُ لِجَمْعِ التَّأْخِيرِ كِلَيْهِمَا لَكِنْ حَدِيثُ أَنَسٍ الْآتِي مِنْ طَرِيقِ قُتَيْبَةَ عَنِ اللَّيْثِ هُوَ كَالتَّفْصِيلِ لِلْمُجْمَلِ

وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا حَدِيثُ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ حَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْهَاجِرَةِ إِلَى الْبَطْحَاءِ فَتَوَضَّأَ فَصَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْقَصْرِ وَالْجَمْعِ فِي السَّفَرِ وَفِيهِ أَنَّ الْأَفْضَلَ لِمَنْ أَرَادَ الْجَمْعَ وَهُوَ نَازِلٌ فِي وَقْتِ الْأُولَى أَنْ يُقَدِّمَ الثَّانِيَةَ إِلَى الْأُولَى

انْتَهَى

وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ سُتْرَةِ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِمَنْ خَلْفَهُ مِنْ طَرِيقِ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يحدث أن النبي صَلَّى بِهِمْ بِالْبَطْحَاءِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ وَلَهُ أَلْفَاظٌ

وَأَوْرَدَ دَلَائِلَ إِثْبَاتِ جَمْعِ التَّقْدِيمِ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ

وَإِلَى جَوَازِ الْجَمْعِ لِلْمُسَافِرِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ جَمْعُ التَّأْخِيرِ فَقَطْ دُونَ جَمْعِ التَّقْدِيمِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مالك وأحمد بن حنبل واختاره بن حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ

وَقَدْ عُرِفَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ أَحَادِيثَ جَمْعِ التَّقْدِيمِ بَعْضُهَا صَحِيحٌ وَبَعْضُهَا حَسَنٌ وَذَلِكَ يَرُدُّ مَا حُكِيَ عَنْ أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ حَدِيثٌ قَائِمٌ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ وَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ

[1220]

(لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا قُتَيْبَةُ وَحْدَهُ) وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ قُتَيْبَةَ هَذَا الْحَدِيثَ وَحَدِيثُ مُعَاذٍ حَسَنٌ غَرِيبٌ تَفَرَّدَ بِهِ قُتَيْبَةُ لَا نعرف أحدا

ص: 62