المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

حَدِيثِ أُبَيٍّ قَالَ لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم - عون المعبود وحاشية ابن القيم - جـ ٤

[العظيم آبادي، شرف الحق]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ تَرْكِ الْأَذَانِ فِي الْعِيدِ)

- ‌(بَابُ التَّكْبِيرِ فِي الْعِيدَيْنِ)

- ‌(بَاب في مَا يُقْرَأُ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ)

- ‌(بَاب الْجُلُوسِ لِلْخُطْبَةِ)

- ‌(باب الخروج إلى العيد في طريق ويرجع في طريق)

- ‌(بَاب إِذَا لَمْ يخرج الإمام للعيد من يومه يخرج من الْغَدِ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ)

- ‌(بَاب يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْعِيدَ فِي الْمَسْجِدِ)

- ‌3 - كتاب صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَتَفْرِيعِهَا

- ‌(بَابُ فِي أَيِّ وَقْتٍ إِلَخْ)

- ‌(بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ)

- ‌(بَاب صَلَاةِ الْكُسُوفِ)

- ‌(بَاب الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ)

- ‌(بَاب يُنَادَى فِيهَا بِالصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ الصَّدَقَةِ)

- ‌(بَابُ الْعِتْقِ)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ [1193] مِنَ الْأَئِمَّةِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ عِنْدَ الظُّلْمَةِ وَنَحْوِهَا مِنَ الرِّيحِ وَالزَّلَازِلِ)

- ‌(بَاب السُّجُودِ عِنْدَ الْآيَاتِ)

- ‌4 - كتاب أَبْوَابِ صَلَاةِ السَّفَرِ

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ)

- ‌(بَابُ مَتَى يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ)

- ‌(بَاب الْأَذَانِ فِي السَّفَرِ)

- ‌(بَابُ الْمُسَافِرِ يُصَلِّي [1204] فِي الطَّرِيقِ)

- ‌(بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ)

- ‌(بَابُ قَصْرِ قِرَاءَةِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ)

- ‌(بَاب التَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ)

- ‌(بَاب التَّطَوُّعِ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَالْوِتْرِ)

- ‌(بَابُ الْفَرِيضَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ مِنْ عُذْرٍ [1228] هَلْ تَجُوزُ)

- ‌(بَابُ مَتَى يُتِمُّ الْمُسَافِرُ [1229] صَلَاتُهُ إِذَا نَزَلَ فِي مَوْضِعٍ وَأَقَامَ فيه)

- ‌(بَابُ إِذَا أَقَامَ بِأَرْضِ الْعَدُوِّ يَقْصُرُ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ يوم يَقُومُ صَفٌّ مَعَ الْإِمَامِ وَصَفٌّ)

- ‌(باب من قال إذا صلى [1238] الْإِمَامُ)

- ‌(باب من قال يكبرون جميعا إلخ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَالَ يُصَلِّي بِكُلِّ طَائِفَةٍ)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ يصلي إلخ)

- ‌(بَابُ مَنْ قَالَ يُصَلِّي [1246] الْإِمَامُ)

- ‌(باب من قال إلخ)

- ‌(بَابُ صلاة الطالب)

- ‌5 - كتاب التطوع وركعات السنة

- ‌(بَابُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ)

- ‌(بَاب فِي تَخْفِيفِهِمَا)

- ‌(بَابُ الِاضْطِجَاعِ بعدها أي بعد سنة الفجر)

- ‌(بَابُ إِذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ وَلَمْ يصل رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ)

- ‌(بَابُ مَنْ فَاتَتْهُ مَتَى يَقْضِيهَا)

- ‌(بَاب الْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَبَعْدَهَا)

- ‌(بَابُ الصلاة قبل العصر)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ)

- ‌(باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مُرْتَفِعَةً)

- ‌(بَاب الصَّلَاةِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ)

- ‌(بَاب صَلَاةِ الضُّحَى)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ النَّهَارِ)

- ‌(باب صلاة التسبيح)

- ‌(بَابُ رَكْعَتَيْ الْمَغْرِبِ أَيْنَ تُصَلَّيَانِ)

- ‌(بَابُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعِشَاءِ)

- ‌كتاب قيام الليل

- ‌(بَابُ نَسْخِ قِيَامِ اللَّيْلِ وَالتَّيْسِيرِ فِيهِ)

- ‌(بَابُ قِيَامِ اللَّيْلِ)

- ‌(بَاب النُّعَاسِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَاب مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ)

- ‌(بَابُ مَنْ نَوَى الْقِيَامَ فَنَامَ)

- ‌(بَاب أَيِّ اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ أَجْزَاءِ اللَّيْلِ)

- ‌ باب وقت قيام النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ)

- ‌(بَابُ افْتِتَاحِ صَلَاةِ اللَّيْلِ بِرَكْعَتَيْنِ)

- ‌(بَابُ صَلَاةِ اللَّيْلِ مثنى مثنى)

- ‌(بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ)

- ‌(بَاب فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ)

- ‌(بَابُ مَا يُؤْمَرُ بِهِ مِنَ الْقَصْدِ فِي الصَّلَاةِ)

- ‌6 - بَابُ تَفْرِيعِ أَبْوَابِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌بَابٌ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ

- ‌(بَاب فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)

- ‌(بَاب فِيمَنْ قَالَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ)

- ‌(بَاب مَنْ رَوَى أَنَّهَا ليلة سبع عشرة)

- ‌(بَابُ مَنْ رَوَى فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ)

- ‌(بَاب مَنْ قَالَ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ)

- ‌(باب من قال هي في كل رمضان)

- ‌(بَاب فِي كَمْ يُقْرَأُ الْقُرْآنُ)

- ‌(بَابُ تَحْزِيبِ الْقُرْآنِ)

- ‌(بَابٌ فِي عَدَدِ الْآيِ (ثَلَاثُونَ آيَةً))

- ‌7 - بَاب تَفْرِيعِ أَبْوَابِ السُّجُودِ وَكَمْ سَجْدَةً فِي القرآن

- ‌(بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ السُّجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ)

- ‌(بَاب مَنْ رَأَى فِيهَا سُجُودًا)

- ‌(بَاب السُّجُودِ فِي إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ)

- ‌(بَاب السُّجُودِ فِي ص)

- ‌(باب في الرجل يسمع السجدة وهو راكب)

- ‌(بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا سَجَدَ)

- ‌(بَاب فِيمَنْ يَقْرَأُ السَّجْدَةَ بَعْدَ الصُّبْحِ)

- ‌8 - كتاب الوتر

- ‌(باب استحباب الوتر)

- ‌(بَابٌ فِي مَنْ لَمْ يُوتِرْ)

- ‌(بَاب كَمْ الْوِتْرُ)

- ‌(بَابُ مَا يَقْرَأُ فِي الْوِتْرِ)

- ‌(بَاب الْقُنُوتِ فِي الْوِتْرِ)

- ‌(باب في الدعاء بعد الوت)

- ‌(بَاب فِي الْوِتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ)

- ‌(بَاب فِي وَقْتِ الْوِتْرِ)

- ‌(بَابٌ فِي نَقْضِ الْوِتْرِ)

- ‌(باب القنوت في الصلاة)

- ‌(باب فَضْلِ التَّطَوُّعِ فِي الْبَيْتِ)

- ‌(باب [1449] (طول القيام) فِي الصَّلَاةِ)

- ‌(بَابُ الْحَثِّ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ)

- ‌(بَابٌ في ثواب قراءة القرآن)

- ‌(بَاب فَاتِحَةِ الْكِتَابِ)

- ‌(باب من قال هي أَيِ الْفَاتِحَةِ)

- ‌(بَاب مَا جَاءَ فِي آيَةِ الْكُرْسِيِّ)

- ‌(بَاب فِي سُورَةِ الصَّمَدِ)

- ‌(بَاب فِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ)

- ‌(بَابُ كَيْفَ يُسْتَحَبُّ التَّرْتِيلُ فِي الْقِرَاءَةِ)

- ‌(بَاب التَّشْدِيدِ فِيمَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ)

- ‌(بَابُ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ)

- ‌(بَابُ الدُّعَاءِ)

- ‌(باب التسبيح بالحصى)

- ‌(باب ما يقال الرَّجُلُ إِذَا سَلَّمَ)

- ‌(بَابٌ فِي الِاسْتِغْفَارِ)

- ‌(باب النهي أَنْ يَدْعُوَ الْإِنْسَانُ عَلَى أَهْلِهِ وَمَالِهِ)

- ‌(بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَاب الدُّعَاءِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ)

- ‌(بَابُ ما يقول الرجل إذا خاف)

- ‌(بَابُ الِاسْتِخَارَةِ)

- ‌(بَاب فِي الِاسْتِعَاذَةِ)

- ‌9 - كِتَاب الزَّكَاة

- ‌(بَاب مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ)

- ‌(باب العروض إلخ)

- ‌(بَابُ الْكَنْزِ مَا هُوَ وَزَكَاةِ الْحُلِيِّ)

- ‌(بَابٌ فِي زَكَاةِ السَّائِمَةِ)

- ‌(باب رضاء الْمُصَدِّقِ)

- ‌(بَابُ دُعَاءِ الْمُصَدِّقِ لِأَهْلِ الصَّدَقَةِ)

- ‌(باب تفسير أسنان الإبل)

- ‌(بَاب أَيْنَ تُصَدَّقُ الْأَمْوَالُ)

- ‌(بَاب الرَّجُلِ يَبْتَاعُ صَدَقَتَهُ)

- ‌(بَابُ صَدَقَةِ الرقيق)

- ‌(بَاب صَدَقَةِ الزَّرْعِ)

- ‌(بَابُ زَكَاةِ الْعَسَلِ)

- ‌(بَابٌ فِي خَرْصِ الْعِنَبِ)

- ‌(بَاب فِي الْخَرْصِ)

- ‌(بَابُ مَتَى يُخْرَصُ التَّمْرُ)

- ‌(بَاب مَا لَا يَجُوزُ مِنْ الثَّمَرَةِ فِي الصَّدَقَةِ)

الفصل: حَدِيثِ أُبَيٍّ قَالَ لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

حَدِيثِ أُبَيٍّ قَالَ لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جبرائيل فقال ياجبرئيل إِنِّي بُعِثْتُ إِلَى أُمَّةٍ أُمِّيِّينَ مِنْهُمُ الْعَجُوزُ وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْغُلَامُ وَالْجَارِيَةُ وَالرَّجُلُ الَّذِي لَمْ يقرأ كتابا قط قال يامحمد إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ وَفِي رواية للنسائي قال إن جبرائيل وميكائيل أتياني فقعد جبرائيل عن يميني وميكائيل عن يساري فقال جبرائيل اقْرَأِ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ قَالَ مِيكَائِيلُ اسْتَزِدْهُ حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةَ أَحْرُفٍ فَكُلُّ حَرْفٍ شَافٍ كَافٍ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ

3 -

(بَابُ الدُّعَاءِ)

[1479]

(الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ) أَيْ هُوَ الْعِبَادَةُ الْحَقِيقِيَّةُ الَّتِي تَسْتَأْهِلُ أَنْ تُسَمَّى عِبَادَةً لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْإِقْبَالِ عَلَى اللَّهِ وَالْإِعْرَاضِ عَمَّا سِوَاهُ بِحَيْثُ لَا يَرْجُو وَلَا يَخَافُ إِلَّا إِيَّاهُ قَائِمًا بِوُجُوبِ الْعُبُودِيَّةِ مُعْتَرِفًا بِحَقِّ الرُّبُوبِيَّةِ عَالِمًا بِنِعْمَةِ الْإِيجَادِ طَالِبًا لِمَدَدِ الْإِمْدَادِ عَلَى وَفْقِ الْمُرَادِ وَتَوْفِيقِ الْإِسْعَادِ

كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ

وَقَالَ الشَّيْخُ فِي اللُّمَعَاتِ الْحَصْرُ لِلْمُبَالَغَةِ وَقِرَاءَةُ الْآيَةِ تَعْلِيلٌ بِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ فَيَكُونُ عِبَادَةً أَقَلُّهُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحَبَّةً وَآخِرُ الْآيَةِ إِنَّ الَّذِينَ يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين وَالْمُرَادُ بِعِبَادَتِي هُوَ الدُّعَاءُ وَلُحُوقُ الْوَعِيدِ يُنْظَرُ إِلَى الْوُجُوبِ لَكِنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الدُّعَاءَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَالْوَعِيدُ إِنَّمَا هُوَ عَلَى الِاسْتِكْبَارِ

انْتَهَى (قال ربكم ادعوني أستجب لكم) قِيلَ اسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ عَلَى أَنَّ الدُّعَاءَ عِبَادَةٌ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهِ وَالْمَأْمُورُ بِهِ عِبَادَةٌ

وَقَالَ الْقَاضِي اسْتَشْهَدَ بِالْآيَةِ لِدَلَالَتِهَا عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ تَرْتِيبُ الْجَزَاءِ عَلَى الشَّرْطِ وَالْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ وَيَكُونُ أَتَمَّ الْعِبَادَاتِ وَيَقْرَبُ مِنْ هَذَا قَوْلُهُ مُخُّ الْعِبَادَةِ أَيْ خَالِصُهَا

وَقَالَ الطِّيبِيُّ رحمه الله يُمْكِنُ أَنْ تُحْمَلَ الْعِبَادَةُ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَهُوَ غَايَةُ التَّذَلُّلِ وَالِافْتِقَارِ والاستكانة وما شرعت العبادة إلا للخضوع للبارىء وَإِظْهَارِ الِافْتِقَارِ إِلَيْهِ وَيَنْصُرُ هَذَا التَّأْوِيلَ مَا بَعْدَ الْآيَةِ الْمَتْلُوَّةِ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عبادتي سيدخلون جهنم داخرين حَيْثُ عَبَّرَ عَنْ عَدَمِ الِافْتِقَارِ وَالتَّذَلُّلِ بِالِاسْتِكْبَارِ وَوَضَعَ عِبَادَتِي مَوْضِعَ دُعَائِي وَجَعَلَ جَزَاءَ ذَلِكَ الِاسْتِكْبَارِ الْهَوَانَ وَالصِّغَارَ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ

ص: 247

[1480]

(عَنْ أَبِي نَعَامَةَ) بِفَتْحِ النُّونِ اسْمُهُ عِيسَى بْنُ سِوَادَةَ ثِقَةٌ (وَبَهْجَتُهَا) الْبَهْجَةُ الْحُسْنُ (وَسَلَاسِلُهَا) جَمْعُ سِلْسِلَةٍ (وَأَغْلَالُهَا) جَمْعُ غُلٍّ بِالضَّمِّ يُقَالُ فِي رَقَبَتِهِ غُلٌّ مِنْ حَدِيدٍ (يَعْتَدُّونَ فِي الدُّعَاءِ) أَيْ يَتَجَاوَزُونَ وَيُبَالِغُونَ فِي الدُّعَاءِ (فَإِيَّاكَ) لِلتَّحْذِيرِ (أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنَ الْمُبَالِغِينَ في الدعاء

قال المنذري سعد هو بن أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه وَابْنُهُ هَذَا لَمْ يُسَمَّ فَإِنْ كَانَ عُمَرَ فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ

[1481]

(رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ) أَيْ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ أَوْ بَعْدَهَا (عَجِلَ هَذَا) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ وَالتَّشْدِيدُ أَيْ حِينَ تَرْكَ التَّرْتِيبَ فِي الدُّعَاءِ وَعَرَضَ السُّؤَالَ قَبْلَ الْوَسِيلَةِ

قَالَ الْإِمَامُ الزَّاهِدِي فِي تَفْسِيرِهِ

الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُسَارَعَةِ وَالْعَجَلَةِ أَنَّ الْمُسَارَعَةَ تُطْلَقُ فِي الْخَيْرِ أي غالبا وفي الشرأي أَحْيَانًا وَالْعَجَلَةُ لَا تُطْلَقُ إِلَّا فِي الشَّرِّ وَقِيلَ الْمُسَارَعَةُ الْمُبَادَرَةُ فِي وَقْتِهِ وَالْعَجَلَةُ الْمُبَادَرَةُ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ (ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مِنْ حَقِّ السَّائِلِ أن يتقرب إلى المسؤول مِنْهُ بِالْوَسَائِلِ قَبْلَ طَلَبِ الْحَاجَةِ بِمَا يُوجِبُ الزُّلْفَى عِنْدَهُ وَيَتَوَسَّلَ بِشَفِيعٍ لَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ لِيَكُونَ أَطْمَعَ فِي الْإِسْعَافِ وَأَرْجَى بِالْإِجَابَةِ فَمَنْ عَرَضَ السُّؤَالَ قَبْلَ الْوَسِيلَةِ فَقَدِ اسْتَعْجَلَ وَلِذَا قال مُؤَدِّبًا لِأُمَّتِهِ (إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ) أَيْ إِذَا صَلَّى وَفَرَغَ فَقَعَدَ لِلدُّعَاءِ أَوْ إِذَا كَانَ مصليا فقعد للتشهد فَلْيَبْدَأْ بِتَمْجِيدِ رَبِّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ التَّحِيَّاتُ إِلَخْ

وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ إِطْلَاقُ قَوْلِهِ بَعْدُ (فَلْيَبْدَأْ بِتَمْجِيدِ رَبِّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ) مِنْ كُلِّ ثَنَاءٍ جَمِيلٍ وَيَشْكُرُهُ عَلَى كُلِّ عَطَاءٍ جَزِيلٍ (ثُمَّ يصلي على

ص: 248

النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ وَاسِطَةُ عقد المحبة ووسلية الْعِبَادَةِ وَالْمَعْرِفَةِ

كَذَا فِي مِرْقَاةِ الْمَفَاتِيحِ (ثُمَّ يدعو بعد) أي بعد ما ذَكَرَ (بِمَا شَاءَ) مِنْ دِينٍ أَوْ دُنْيَا مما يجوز طلبه

وفي رواية للترمذي بينا رسول الله قَاعِدٌ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى فَقَالَ اللَّهُمَّ اغفر لي وارحمني فقال رسول الله عَجِلْتَ أَيّهَا الْمُصَلِّي إِذَا صَلَّيْتَ فَقَعَدْتَ فَاحْمَدِ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ وَصَلِّ عَلَيَّ ثُمَّ ادْعُهُ قَالَ ثُمَّ صَلَّى رَجُلٌ آخَرُ بَعْدَ ذلك فحمد الله وصلى على النبي أي ولم يدع فقال له النبي أَيُّهَا الْمُصَلِّي ادْعُ تُجَبْ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ صَحِيحٌ

[1482]

(يُسْتَحَبُّ الْجَوَامِعُ مِنَ الدُّعَاءِ) أَيِ الْجَامِعَةُ لِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَهِيَ مَا كَانَ لَفْظُهُ قَلِيلًا وَمَعْنَاهُ كَثِيرًا كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النار وَمِثْلُ الدُّعَاءِ بِالْعَافِيَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ

وَقَالَ علي القارىء وَهِيَ الَّتِي تَجْمَعُ الْأَغْرَاضَ الصَّالِحَةَ أَوْ تَجْمَعُ الثَّنَاءَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَآدَابَ الْمَسْأَلَةِ

وَقَالَ الْمُظْهِرُ هِيَ مَا لَفْظُهُ قَلِيلٌ وَمَعْنَاهُ كَثِيرٌ شَامِلٌ لِأُمُورِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ نَحْوُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَذَا اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى وَنَحْوُ سُؤَالِ الْفَلَاحِ وَالنَّجَاحِ (وَيَدَعُ) أَيْ يَتْرُكُ (مَا سِوَى ذَلِكَ) أَيْ مِمَّا لَا يَكُونُ جَامِعًا بِأَنْ يَكُونَ خَالِصًا بِطَلَبِ أُمُورٍ جُزْئِيَّةٍ كَارْزُقْنِي زَوْجَةً حَسَنَةً فَإِنَّ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى مِنْهُ ارْزُقْنِي الرَّاحَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَإِنَّهُ يَعُمُّهَا وَغَيْرَهَا انْتَهَى

وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ

[1483]

(اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ) قِيلَ مَنَعَ عَنْ قَوْلِهِ إِنْ شِئْتَ لِأَنَّهُ شَكٌّ فِي الْقَبُولِ وَاللَّهُ تَعَالَى كَرِيمٌ لَا بُخْلَ عِنْدَهُ فَلْيَسْتَيْقِنْ بِالْقَبُولِ (لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ) أَيْ لَيَطْلُبْ جَازِمًا مِنْ غَيْرِ شَكٍّ (فَإِنَّهُ لَا مُكْرِهَ لَهُ) أَيْ لِلَّهِ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُكْرِهَهُ عَلَى فِعْلٍ أَرَادَ تَرْكَهُ بَلْ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ إِنْ شِئْتَ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَعْلُومٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّقَيُّدِ بِهِ مَعَ أنه موهم

ص: 249

لِعَدَمِ الِاعْتِنَاءِ بِوُقُوعِ ذَلِكَ الْفِعْلِ أَوْ لِاسْتِعْظَامِهِ عَلَى الْفَاعِلِ عَلَى الْمُتَعَارَفِ بَيْنَ النَّاسِ

ذَكَرَهُ فِي الْمِرْقَاةِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وبن مَاجَهْ

[1484]

(قَالَ يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ) أَيِ الدُّعَاءُ (مَا لَمْ يَعْجَلْ) أَيْ يُسْتَجَابُ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ قيل يارسول اللَّهِ مَا الِاسْتِعْجَالُ قَالَ (فَيَقُولُ) الدَّاعِي (قَدْ دَعَوْتُ) أَيْ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى يَعْنِي مَرَّاتٍ كَثِيرَةً أَوْ طَلَبْتُ شَيْئًا وَطَلَبْتُ آخَرَ فَلَمْ يَسْتَجِبْ لِي وَهُوَ إِمَّا اسْتِبْطَاءٌ أَوْ إِظْهَارُ يَأْسٍ وَكِلَاهُمَا مَذْمُومٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْإِجَابَةَ لَهَا وَقْتٌ مُعَيَّنٌ كَمَا وَرَدَ أَنَّ بَيْنَ دُعَاءِ مُوسَى وَهَارُونَ عَلَى فِرْعَوْنَ وَبَيْنَ الْإِجَابَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَأَمَّا الْقُنُوطُ فَلَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ مَعَ أَنَّ الْإِجَابَةَ عَلَى أَنْوَاعٍ مِنْهَا تَحْصِيلُ عَيْنِ الْمَطْلُوبِ فِي الْوَقْتِ الْمَطْلُوبِ وَمِنْهَا ادِّخَارُهُ لِيَوْمٍ يَكُونُ أَحْوَجَ إِلَى ثَوَابِهِ وَمِنْهَا وُجُودُهُ فِي وَقْتٍ آخَرَ لِحِكْمَةٍ اقْتَضَتْ تَأْخِيرَهُ وَمِنْهَا دَفْعُ شَرٍّ بَدَلَهُ

كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ أَخْرَجَهُ البخاري ومسلم والترمذي وبن مَاجَهْ

[1485]

(لَا تَسْتُرُوا الْجُدُرَ) جَمْعُ جِدَارٍ أَيْ لَا تَسْتُرُوا الْجُدُرَ بِثِيَابٍ لِأَنَّ هَذَا مِنْ دَأْبِ الْمُتَكَبِّرِينَ وَلِأَنَّ فِيهِ إِضَاعَةَ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ (مَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِ أَخِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَإِنَّمَا يَنْظُرُ فِي النَّارِ) قَالَ الخطابي قوله عليه السلام فَإِنَّمَا يَنْظُرُ فِي النَّارِ إِنَّمَا هُوَ مَثَلٌ يَقُولُ كَمَا تَحْذَرُ النَّارَ فَلْتَحْذَرْ هَذَا الصَّنِيعَ إِذَا كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ النَّظَرَ فِي النَّارِ والتحديق إليها يضر البصر وقد يحتمل أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالنَّظَرِ إِلَى النَّارِ الدُّنُوَّ مِنْهَا وَالتَّصَلِّي فِيهَا لِأَنَّ النَّظَرَ إِلَى الشَّيْءِ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ عِنْدَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الدُّنُوِّ مِنْهُ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يكون معناه كأنما ينظر إِلَى مَا يُوجِبُ عَلَيْهِ النَّارَ فَأَضْمَرَهُ فِي الْكَلَامِ وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الْكِتَابَ الَّذِي فِيهِ أَمَانَةٌ أَوْ سِرٌّ يَكْرَهُ صَاحِبُهُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ أَحَدٌ دُونَ الْكِتَابِ الَّتِي فِيهَا عِلْمٌ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْهُ وَلَا يَجُوزُ كِتْمَانُهُ وَقِيلَ إِنَّهُ عَالِمٌ فِي كُلِّ كِتَابٍ لِأَنَّ صَاحِبَ الشَّيْءِ أَوْلَى بِمَالِهِ وَأَحَقُّ بِمَنْفَعَةِ مِلْكِهِ وَإِنَّمَا يَأْثَمُ بكتمان العلم

ص: 250

الَّذِي يُسْأَلُ عَنْهُ فَأَمَّا أَنْ يَأْثَمَ فِي مَنْعِهِ كِتَابًا عِنْدَهُ وَحَبْسِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا وَجْهَ لَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى (سَلُوا اللَّهَ بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ وَلَا تَسْأَلُوهُ بِظُهُورِهَا) لِأَنَّ اللَّائِقَ بِالطَّالِبِ لِشَيْءٍ يَنَالُهُ أَنْ يَمُدَّ كَفَّهُ إِلَى الْمَطْلُوبِ وَيَبْسُطَهَا مُتَضَرِّعًا لِيَمْلَأَهَا مِنْ عَطَائِهِ الْكَثِيرِ الْمُؤْذِنِ بِهِ رَفْعُ الْيَدَيْنِ إِلَيْهِ جَمِيعًا أَمَّا من سأل رفع الشيء وَقَعَ بِهِ مِنَ الْبَلَاءِ فَالسُّنَّةُ أَنْ يَرْفَعَ إِلَى السَّمَاءِ ظَهْرَ كَفَّيْهِ اتِّبَاعًا لَهُ عليه الصلاة والسلام وَحِكْمَتُهُ التَّفَاؤُلُ فِي الْأَوَّلِ بِحُصُولِ الْمَأْمُولِ وَفِي الثَّانِي بِدَفْعِ الْمَحْذُورِ (فَإِذَا فَرَغْتُمْ) أَيْ مِنَ الدُّعَاءِ (فَامْسَحُوا بِهَا) أَيْ بِأَكُفِّكُمْ (وُجُوهَكُمْ) فَإِنَّهَا تَنْزِلُ عَلَيْهَا آثَارُ الرَّحْمَةِ فَتَصِلُ بَرَكَتُهَا إِلَيْهَا (كُلُّهَا وَاهِيَةٌ) أَيْ ضَعِيفَةٌ (وَهَذَا الطَّرِيقُ) أَيْ طَرِيقُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَعْقُوبَ (أَمْثَلُهَا) أَيْ أَحْسَنُ الْوُجُوهِ (وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا) لِأَنَّ فِيهِ رَاوٍ مَجْهُولٌ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ بن مَاجَهْ

[1486]

(إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ) أَيْ شَيْئًا مِنْ جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضُرٍّ (فَسَلُوهُ بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ) جَمْعُ الْكَفِّ قَالَ الطِّيبِيُّ لِأَنَّ هَذِهِ هَيْئَةُ السَّائِلِ الطَّالِبِ الْمُنْتَظِرِ لِلْأَخْذِ فَيُرَاعَى مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ (وَلَا تَسْأَلُوهُ بِظُهُورِهَا) قال الطيبي روي أنه عليه الصلاة والسلام أَشَارَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ رَفَعَ يَدَيْهِ رَفْعًا بَلِيغًا حَتَّى ظَهَرَ بَيَاضُ إِبِطِهِ وَصَارَتْ كَفَّاهُ مُحَاذِيَيْنِ لِرَأْسِهِ مُلْتَمِسًا أَنْ يَغْمُرَهُ بِرَحْمَتِهِ مِنْ رَأْسِهِ إِلَى قَدَمَيْهِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ لَهُ عِنْدَنَا صُحْبَةٌ يَعْنِي مَالِكَ بن يسار وفي نسخه ماله عِنْدَنَا صُحْبَةٌ

قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ وَلَا أَعْلَمُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا أَدْرِي لِمَالِكِ بْنِ يَسَارٍ صُحْبَةً أَمْ لَا

هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ

وَفِي إِسْنَادِهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَصَحَّحَ بَعْضُهُمْ رِوَايَتَهُ عَنِ الشَّامِيِّينَ

وَفِي إِسْنَادِهِ أَيْضًا ضَمْضَمُ بْنُ زُرْعَةَ الْحَضْرَمِيُّ وَهُوَ شَامِيٌّ وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ

ص: 251

[1487]

(وَظَاهِرُهُمَا) أَيْ ظَاهِرُ الْكَفَّيْنِ وَهَذَا فِي الِاسْتِسْقَاءِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ عُمَرُ بْنُ نَبْهَانَ الْبَصْرِيُّ وَلَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ

[1488]

(عَنْ سَلْمَانَ) أَيِ الْفَارِسِيِّ (إِنَّ رَبَّكُمْ حَيِيٌّ) فَعِيلٌ أَيْ مُبَالِغٌ فِي الْحَيَاءِ وَفَسَّرَ فِي حَقِّ اللَّهِ بِمَا هُوَ الْغَرَضُ وَالْغَايَةُ وَغَرَضُ الْحَيِيِّ مِنَ الشَّيْءِ تَرْكُهُ وَالْإِبَاءُ مِنْهُ لِأَنَّ الْحَيَاءَ تَغَيُّرٌ وَانْكِسَارٌ يَعْتَرِي الْإِنْسَانُ مِنْ تَخَوُّفِ مَا يُعَابُ وَيُذَمُّ بِسَبَبِهِ وَهُوَ مُحَالٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لَكِنَّ غَايَتَهُ فِعْلُ مَا يَسُرُّ وَتَرْكُ مَا يَضُرُّ أَوْ مَعْنَاهُ عَامَلَ مُعَامَلَةَ الْمُسْتَحْيِي (كَرِيمٌ) وَهُوَ الَّذِي يُعْطِي مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ فَكَيْفَ بَعْدَهُ (يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ) أَيِ الْمُؤْمِنِ (أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا) بِكَسْرِ الصَّادِ وَسُكُونِ الْفَاءِ أَيْ فَارِغَتَيْنِ خَالِيَتَيْنِ مِنَ الرَّحْمَةِ

قَالَ الطِّيبِيُّ يَسْتَوِي فِيهِ المذكر والمؤنث والتثنية والجمع قاله القارىء

قال المنذري وأخرجه الترمذي وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ وَلَمْ يَرْفَعْهُ

هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ

وَفِي إِسْنَادِهِ جَعْفَرُ بْنُ مَيْمُونٍ أَبُو عَلِيٍّ بَيَّاعُ الْأَنْمَاطِ

قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ صَالِحٌ وَقَالَ مَرَّةً لَيْسَ بِذَاكَ وَقَالَ مَرَّةً لَيْسَ بِثِقَةٍ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ صَالِحٌ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لَيْسَ بِقَوِيٍّ فِي الْحَدِيثِ وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ

[1489]

(قَالَ الْمَسْأَلَةُ) مَصْدَرٌ بِمَعْنَى السُّؤَالِ وَالْمُضَافُ مُقَدَّرٌ لِيَصِحَّ الْحَمْلُ أَيْ آدَابُهَا (أَنْ تَرْفَعَ يَدَيْكَ حَذْوَ مَنْكِبَيْكَ) أَيْ قَرِيبًا مِنْهُمَا لَكِنْ إِلَى مَا فَوْقَ (وَالِاسْتِغْفَارُ أَنْ تُشِيرَ بِإِصْبَعٍ وَاحِدَةٍ) قال الطيبي أدب الاستغفار الاشارة بِالسَّبَّابَةِ سَبًّا لِلنَّفْسِ الْأَمَارَةِ وَالشَّيْطَانِ وَالتَّعَوُّذَ مِنْهُمَا وقيده

ص: 252

بِوَاحِدَةٍ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ الْإِشَارَةُ بِإِصْبَعَيْنِ لِمَا رُوِيَ أنه عليه الصلاة والسلام رَأَى رَجُلًا يُشِيرُ بِهِمَا فَقَالَ لَهُ أَحَدٌ أَحَدٌ (وَالِابْتِهَالُ) أَيِ التَّضَرُّعُ وَالْمُبَالَغَةُ فِي الدُّعَاءِ فِي دَفْعِ الْمَكْرُوهِ عَنِ النَّفْسِ أَدَبُهُ (أَنْ تَمُدَّ يَدَيْكَ جَمِيعًا) أَيْ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبِطَيْكَ

[1490]

(قَالَ فِيهِ وَالِابْتِهَالُ هَكَذَا) تَعْلِيمٌ فِعْلِيٌّ وَتَفْسِيرُ الْمُشَارِ إِلَيْهِ قَوْلُهُ (وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَجَعَلَ ظُهُورَهُمَا مِمَّا يَلِي وَجْهَهُ) أَيْ رَفَعَ يَدَيْهِ رَفْعًا كُلِّيًّا حَتَّى ظَهَرَ بَيَاضُ الْإِبْطَيْنِ جَمِيعًا وَصَارَتْ كَفَّاهُ مُحَاذِيَيْنِ لِرَأْسِهِ

قَالَ الطِّيبِيُّ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالِابْتِهَالِ دَفْعَ مَا يَتَصَوَّرُهُ مِنْ مُقَابَلَةِ الْعَذَابِ فَيَجْعَلُ يَدَيْهِ التُّرْسَ لِيَسْتُرَهُ عَنِ الْمَكْرُوهِ

وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ

[1492]

(كَانَ إِذَا دَعَا فَرَفَعَ يَدَيْهِ مَسَحَ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ) فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ

وَقَوْلُهُ مَسَحَ وَجْهَهُ بِيَدَيْهِ خَبَرُ كَانَ وَإِذَا ظَرْفٌ لَهُ

قَالَ الطِّيبِيُّ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ لم يمسح وهو قيد حسن لأنه كَانَ يَدْعُو كَثِيرًا كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الدَّعَوَاتِ الْمَأْثُورَةِ دُبُرَ الصَّلَوَاتِ وَعِنْدَ النَّوْمِ وَبَعْدَ الْأَكْلِ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ وَلَمْ يَرْفَعْ يديه لم يمسح بهما وجهه

قاله على القارىء

[1493]

(الْأَحَدُ) أَيْ بِالذَّاتِ وَالصِّفَاتِ (الصَّمَدُ) أَيِ الْمَطْلُوبُ الْحَقِيقِيُّ (إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى وَإِذَا

ص: 253

دُعِيَ بِهِ أَجَابَ) السُّؤَالُ أَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ أعطني فيعطي والدعاء أن ينادي ويقول يارب فيجيب الرب تعالى ويقول لبيك ياعبدي فَفِي مُقَابَلَةِ السُّؤَالِ الْإِعْطَاءُ وَفِي مُقَابَلَةِ الدُّعَاءِ الْإِجَابَةُ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَيُذْكَرُ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ أَيْضًا

وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ أَقْوَالٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ فِي الِاسْمِ الْأَعْظَمِ فَقَالَ قَائِلٌ إِنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى كُلَّهَا عَظِيمَةٌ لَا يَجُوزُ تَفْضِيلُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ وَيُنْسَبُ هَذَا إِلَى الْأَشْعَرِيِّ وَالْبَاقِلَّانِيِّ وَغَيْرِهِمَا وَحَمَلَ هَؤُلَاءِ مَا وَرَدَ فِي ذِكْرِ الِاسْمِ الْأَعْظَمِ عَلَى أن المراد به العظيم

وقال بن حِبَّانَ الْأَعْظَمِيَّةُ الْوَارِدَةُ فِي الْأَخْبَارِ الْمُرَادُ بِهَا مَزِيدُ ثَوَابِ الدَّاعِي بِذَلِكَ

قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ الدَّهْلَوِيُّ فِي اللُّمَعَاتِ

وَقَالَ الطِّيبِيُّ وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى اسْمًا أَعْظَمَ إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَأَنَّ ذَلِكَ مَذْكُورٌ ها هنا وَفِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ قَالَ كُلُّ اسْمٍ ذُكِرَ بِإِخْلَاصٍ تَامٍّ مَعَ الْإِعْرَاضِ عَمَّا سِوَاهُ هُوَ اسْمُ الْأَعْظَمِ إِذْ لَا شَرَفَ لِلْحُرُوفِ

قال المنذري وأخرجه الترمذي والنسائي وبن مَاجَهْ

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ

وَقَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو الْحَسَنِ الْمَقْدِسِيُّ رضي الله عنه وَهُوَ إِسْنَادٌ لَا مَطْعَنَ فِيهِ وَلَا أَعْلَمُ أَنَّهُ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثٌ أَجْوَدُ إِسْنَادًا مِنْهُ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ مَذْهَبِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى نَفْيِ الْقَوْلِ بِأَنَّ لِلَّهِ اسْمًا هُوَ الِاسْمُ الْأَعْظَمُ وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ

[1495]

(ثُمَّ دَعَا اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ) لَعَلَّهُ حَذَفَ المفعول اكتفاء بعلم المسؤول (بِأَنَّ لَكَ) تَقْدِيمُ الْجَارِّ لِلِاخْتِصَاصِ (الْحَمْدُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ) أَيْ كَثِيرُ الْعَطَاءِ مِنَ الْمِنَّةِ بِمَعْنَى النِّعْمَةِ وَالْمِنَّةُ مَذْمُومَةٌ مِنَ الْخَلْقِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا

قَالَ صَاحِبُ الصِّحَاحِ مَنَّ عَلَيْهِ هُنَا أَيْ أَنْعَمَ وَالْمَنَّانُ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ الْمَنَّانِ أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُوَ أَوْ أَنْتَ وَهُوَ أَظْهَرُ وَالنَّصْبُ عَلَى النِّدَاءِ وَيُقَوِّيهِ رِوَايَةُ الواحدي في كتاب الدعاء له يابديع السَّمَاوَاتِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَزَرِيِّ عَلَى الْمَصَابِيحِ أَيْ مُبْدِعُهُمَا وَقِيلَ بَدِيعُ سَمَوَاتِهِ وَأَرْضِهِ

وَفِي الصِّحَاحِ أَبْدَعْتُ الشَّيْءَ اخْتَرَعْتُهُ لَا

ص: 254

على مثال سبق (ياذا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ أَيْ صَاحِبَ الْعَظَمَةِ وَالْمِنَّةِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ

[1496]

(عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ) أي بن السَّكَنِ ذَكَرَهُ ميركُ (وَفَاتِحَةُ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ) بِالْجَرِّ عَلَى أَنَّهَا وَمَا قَبْلَهَا بَدَلَانِ وَجَوَّزَ الرَّفْعَ وَالنَّصْبَ وَوَجْهُهُمَا ظَاهِرٌ الم اللَّهُ لَا إله إلا هو الحي القيوم وَرَوَى الْحَاكِمُ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى الْأَعْظَمُ فِي ثَلَاثِ سُوَرٍ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَطه قَالَ القاسم بن عبد الرحمن الشامي التابعي رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ لَقِيتُ مِائَةَ صَحَابِيٍّ فَالْتَمَسْتُهَا أَيِ السُّوَرَ الثَّلَاثَ فَوَجَدْتُ أَنَّهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ

قال ميرك وهنا أقوال أخرى فِي تَعْيِينِ الِاسْمِ الْأَعْظَمِ مِنْهَا أَنَّهُ رَبٌّ أخرجه الحاكم من حديث بن عَبَّاسٍ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُمَا قَالَا اسْمُ اللَّهِ الْأَكْبَرُ رَبٌّ رَبٌّ وَمِنْهَا اللَّهُ اللَّهُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ نُقِلَ هَذَا عَنِ الْإِمَامِ زَيْنِ الْعَابِدِينَ وَمِنْهَا أَنَّهُ اللَّهُ لِأَنَّهُ اسْمٌ لَمْ يُطْلَقْ عَلَى غَيْرِهِ تَعَالَى وَلِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَثُمَّ أُضِيفَتْ إِلَيْهِ وَمِنْهَا الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ وَقَدِ اسْتَوْعَبَ السُّيُوطِيُّ الْأَقْوَالَ فِي رِسَالَتِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمِرْقَاةِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ

قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ

هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ وَفِي إِسْنَادِهِ أَيْضًا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الْقَدَّاحُ الْمَكِّيُّ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ

[1497]

(لَا تُسَبِّخِي عَنْهُ) بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ مُشَدَّدَةٍ ثُمَّ خَاءٍ مُعْجَمَةٍ هُوَ مِثْلُ تُخَفِّفِي وَزْنًا وَمَعْنًى أَيْ لَا تُسَبِّخِي عَنْهُ بِدُعَائِكِ عَلَيْهِ أَيْ لَا تُخَفِّفِي عَنْهُ الْإِثْمَ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ بِالسَّرِقَةِ

وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ المنذري

ص: 255

[1498]

(استأذنت النبي فِي الْعُمْرَةِ) أَيْ مِنَ الْمَدِينَةِ فِي قَضَاءِ عُمْرَةٍ كَانَ نَذَرَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ (فَأَذِنَ لِي) أي فيها (ياأخي) بِصِيغَةِ التَّصْغِيرِ وَهُوَ تَصْغِيرُ تَلَطُّفٍ وَتَعَطُّفٍ لَا تَحْقِيرٍ وَيُرْوَى بِلَفْظِ التَّكْبِيرِ (مِنْ دُعَائِكِ) فِيهِ إِظْهَارُ الْخُضُوعِ وَالْمَسْكَنَةِ فِي مَقَامِ الْعُبُودِيَّةِ بِالْتِمَاسِ الدُّعَاءِ مِمَّنْ عُرِفَ لَهُ الْهِدَايَةُ وَحَثٌّ لِلْأُمَّةِ عَلَى الرَّغْبَةِ فِي دُعَاءِ الصَّالِحِينَ وَأَهْلِ الْعِبَادَةِ وَتَنْبِيهٌ لَهُمْ عَلَى أَنْ لَا يُخْضِعُوا أَنْفُسَهُمْ بِالدُّعَاءِ وَلَا يُشَارِكُوا فِيهِ أَقَارِبَهُمْ وَأَحِبَّاءَهُمْ لَا سِيَّمَا فِي مَظَانِّ الْإِجَابَةِ وَتَفْخِيمٌ لِشَأْنِ عُمَرَ وَإِرْشَادٌ إِلَى مَا يَحْمِي دُعَاءَهُ مِنَ الرَّدِّ (فَقَالَ) عَطْفٌ عَلَى قَالَ لَا تَنْسَنَا لِتَعْقِيبِ الْمُبَيَّنِ بِالْمُبَيِّنِ أَيْ قَالَ عُمَرُ فَقَالَ بِمَعْنَى تكلم النبي (كَلِمَةً) وَهِيَ لَا تَنْسَنَا (مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِهَا الدُّنْيَا) الْبَاءُ لِلْبَدَلِيَّةِ وَمَا نَافِيَةٌ وَأَنَّ مَعَ اسْمِهِ وَخَبَرِهِ فَاعِلُ يَسُرُّنِي أَيْ لايعجبني وَلَا يُفْرِحُنِي كَوْنُ جَمِيعِ الدُّنْيَا لِي بَدَلَهَا كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ

وَفِي إِسْنَادِهِ عَاصِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ

[1499]

(فَقَالَ أَحَدٌ أَحَدٌ) أَيْ أَشِرْ بِوَاحِدَةٍ لِيُوَافِقَ التَّوْحِيدَ الْمَطْلُوبَ بِالْإِشَارَةِ

قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِنَحْوِهِ وَقَالَ حَدِيثٌ حسن غريب

ص: 256