الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
(بَابُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ)
[1254]
(لَمْ يَكُنْ عَلَى شَيْءٍ) أَيْ عَلَى مُحَافَظَةِ شَيْءٍ (مِنَ النَّوَافِلِ) أَيِ الزَّوَائِدِ عَلَى الْفَرَائِضِ مِنَ السُّنَنِ (أَشَدَّ) خَبَرُ لَمْ يَكُنْ (مُعَاهَدَةً) أَيْ مُحَافَظَةً وَمُدَاوَمَةً (مِنْهُ) أَيْ مِنْ تُعَاهُدِهِ عَلَى السَّلَامِ (عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ) قَالَ الطِّيبِيُّ قَوْلُهَا عَلَى مُتَعَلِّقَةٌ بمعاهدة ويجوز تقديم معمول التمييز عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ خَبَرَ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَيْءٍ أَيْ لَمْ يَكُنْ يَتَعَاهَدُ عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ وَأَشَدُّ مُعَاهَدَةً حَالٌ أَوْ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ عَلَى تَأْوِيلِ أَنْ يَكُونَ الْمُعَاهَدُ مُتَعَاهِدًا كقوله أو أشد خشية قاله علي القارىء
وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عِظَمِ فَضْلِهِمَا وَأَنَّهُمَا أَقْوَى وَأَوْكَدُ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهِمَا أَشَدُّ مِنْ غَيْرِهِمَا
وَاسْتَدَلَّ بِهِ لِمَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَنَقَلَ أَبُو غَسَّانَ مِثْلَهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
(بَاب فِي تَخْفِيفِهِمَا)
[1255]
(حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ) لَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّهَا شَكَّتْ فِي قِرَاءَتِهِ صلى الله عليه وسلم الْفَاتِحَةِ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ يُطِيلُ فِي النَّوَافِلِ وَيُرَتِّلُ فَلَمَّا خَفَّفَ فِي قِرَاءَةِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيْرِهَا
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ومسلم والنسائي
[1256]
(قَرَأَ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ) فِيهِ دَلِيلٌ لِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقْرَأَ فِيهِمَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ سُورَةٌ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ هَاتَانِ السُّورَتَانِ أَوِ الْآيَتَانِ الْمَذْكُورَتَانِ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى
وَقَالَ مَالِكٌ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ لَا يَقْرَأُ غَيْرَ الْفَاتِحَةِ
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ لَا يَقْرَأُ شَيْئًا وَكِلَاهُمَا خِلَافُ هَذِهِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي لَا مُعَارِضَ لها
قال المنذري وأخرجه مسلم والنسائي وبن مَاجَهْ
[1257]
(لِيُؤْذِنَهُ) مِنَ الْإِيذَانِ بِمَعْنَى الْإِعْلَامِ (حَتَّى فَضَحَهُ الصُّبْحُ) بِالْفَاءِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ دَهَمَتْهُ فَضْحَةُ الصُّبْحِ وَهِيَ بَيَاضُهُ وَالْأَفْضَحُ الْأَبْيَضُ لَيْسَ بِشَدِيدِ الْبَيَاضِ وَقِيلَ فَضَحَهُ أَيْ كَشَفَهُ وَبَيَّنَهُ لِلْأَعْيُنِ بِضَوْئِهِ وَيُرْوَى بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَمَّا تَبَيَّنَ الصُّبْحُ جِدًّا ظَهَرَتْ غَفْلَتُهُ عَنِ الْوَقْتِ فَصَارَ كَمَا يَفْتَضِحُ بِعَيْبٍ ظَهَرَ مِنْهُ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ (وَأَخْبَرَهُ) أَيْ أَخْبَرَ بِلَالٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (أَصْبَحَتْ جَدًّا) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ صَلَّيْتُ الْغَافِلَةَ [1258](لَا تَدَعُوهُمَا) مِنَ الْوَدَعِ وَهُوَ التَّرْكُ
(وَإِنْ طَرَدَتْكُمُ الْخَيْلُ) فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ تَأْوِيلَانِ
الْأَوَّلُ لَا تَتْرُكُوا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَإِنْ دَفَعَتْكُمُ الْفُرْسَانُ وَالرُّكْبَانُ لِلرَّحِيلِ يَعْنِي إِنْ حَانَ وَقْتُ رَحِيلِ الْجَيْشِ وَسَارَ الْجَيْشُ وَعُجِّلَ لِلرَّحِيلِ فَلَا تَتْرُكُوا فِي هَذَا الْوَقْتِ الْمُضَيَّقِ أَيْضًا وإن يستمر
الْجَيْشُ وَيَتْرُكَكُمْ فَفِيهِ غَايَةُ التَّأْكِيدِ لِأَدَاءِ سُنَّةِ الْفَجْرِ لِأنَّ الْعَرَبَ لَا يَتْرُكُونَ مُصَاحَبَةَ الْجَيْشِ وفي فقدانها لهم مصائب عظيمة ومع أنه قَدْ أُمِرُوا بِإِتْيَانِهِمَا
قَالَهُ الشَّيْخُ الْمُحَدِّثُ السَّيِّدُ نَذِيرٌ حُسَيْنُ الدَّهْلَوِيُّ
وَالثَّانِي وَإِنْ طَرَدَتْكُمُ الْخَيْلُ أَيْ خَيْلُ الْعَدُوِّ وَمَعْنَاهُ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ مَثَلًا هَارِبًا مِنَ الْعَدُوِّ وَالْعَدُوُّ يَرْكُضُ فَرَسَهُ لِيَقْتُلَهُ فَلَا يَنْبَغِي لِلْمَطْلُوبِ تَرْكُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ
وَالْمَقْصُودُ التَّأْكِيدُ مِنَ الشَّارِعِ فِي الْإِتْيَانِ بِهِمَا وَعَدَمُ تَرْكِهِمَا وَإِنْ كَانَ فِي حَالَةٍ شَاقَّةٍ كَمَنْ يَطْلُبُهُ الْعَدُوُّ خَلْفَهُ عَلَى الْخَيْلِ لِيَقْتُلَهُ قَالَهُ الشَّيْخُ الْمُحَدِّثُ حُسَيْنُ بْنُ مُحْسِنٍ الْأَنْصَارِيُّ
وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ أَيْ جَيْشُ الْعَدُوِّ انْتَهَى
وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَا تَدَعُوا رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ أَيْ صَلَاتَهُمَا وَإِنْ طَرَدَتْكُمُ الْخَيْلُ خَيْلُ الْعَدُوِّ بَلْ صَلُّوهُمَا رُكْبَانًا وَمُشَاةً بِالْإِيمَاءِ وَلَوْ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ وَهَذَا اعْتِنَاءٌ عَظِيمٌ بِرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَحَثٌّ عَلَى شِدَّةِ الْحِرْصِ عَلَيْهِمَا حَضَرًا وَسَفَرًا وَأَمْنًا وَخَوْفًا انْتَهَى
هَذَا مُلَخَّصٌ مِنْ إِعْلَامِ أَهْلِ الْعَصْرِ بِأَحْكَامِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَدَنِيُّ وَيُقَالُ فِيهِ عَبَّادُ بْنُ إِسْحَاقَ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَوَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَهُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ وَلَيْسَ بِثَبْتٍ وَلَا قَوِيٍّ
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ سَأَلْتُ عَنْهُ بِالْمَدِينَةِ فَلَمْ يَحْمَدُوهُ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا لَمْ يَحْمَدُوهُ فِي مَذْهَبِهِ فَإِنَّهُ كَانَ قَدَرِيًّا فَنَفَوْهُ مِنَ الْمَدِينَةِ فَأَمَّا رِوَايَاتُهُ فَلَا بَأْسَ
وَقَالَ البخاري مقارب الحديث وبن سِيلَانَ هُوَ عَبْدُ رَبِّهِ أَبُو سِيلَانَ جَاءَ مُبَيَّنًا فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَقِيلَ هُوَ جَابِرُ بْنُ سِيْلَانَ وَهُوَ بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْيَاءِ آخِرِ الْحُرُوفِ وَآخِرُهُ نُونٌ وَقَدْ رَوَاهُ أيضا بن الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
[1259]
(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ كَثِيرًا إِلَخْ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وأخرجه مسلم والنسائي