الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعْثُ الرَّجِيعِ
وَكَانَ فِي صَفَرٍ عَلَى رَأْسِ سِتَّةٍ وَثَلاثِينَ شَهْرًا مِنْ مُهَاجَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى بن إسماعيل، فثنا إِبْرَاهِيمُ قَالَ: أَنَا ابْنُ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشَرَةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيَّ جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ [1] حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدْأَةِ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ، ذَكَرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو لِحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ رَجُلٍ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمُ التَّمْرَ فِي مَنْزِلٍ نَزَلُوهُ، فقالوا: تمر يثرب، فاتبعوا آثارهم، فلما أحسن بِهِمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَأُوا إِلَى مَوْضِعٍ فَأَحَاطَ بِهِمُ الْقَوْمُ، فَقَالُوا: انْزِلُوا فَأَعْطُوا بِأَيْدِيكُمْ، وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ، وَأَنْ لا نَقْتُلَ مِنْكُمْ أَحَدًا. فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ: أَيُّهَا الْقَوْمُ، أَمَّا أَنَا فَلا أَنْزِلُ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ، فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ، فَقَتَلُوا عَاصِمًا، وَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلاثَةُ نَفَرٍ عَلَى الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ، مِنْهُمْ: خُبَيْبٌ، وَزَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ، وَرَجُلٌ آخَرُ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ، فَرَبَطُوهُمْ بِهَا، فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ: هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ، وَاللَّهِ لا أَصْحَبُكُمْ، إِنَّ لِي بهؤلاء أسوة، يريد القتلى، فجروه وَعَالَجُوهُ، فَأَبَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ، فَانْطَلَقَ بِخُبَيْبٍ وَزَيْدِ بْنِ الدَّثِنَةِ حَتَّى بَاعُوهُمَا بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَابْتَاعَ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ خبيبا، وكان خبيب هو قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهْمُ أَسِيرًا حَتَّى أَجْمَعُوا قَتْلَهُ، فَاسْتَعَارَ خبيب من بعض بنات الحرث مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا، فَأَعَارَتْهُ فَدَرَجَ بُنَيٌّ [2] لَهَا وَهِيَ غَافِلَةٌ حَتَّى أَتَاهُ، فَوَجَدْتُهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فخذه، والموسى بيده، قالت:
[ (1) ] أنظر صحيح البخاري كتاب المغازي باب غزوة الرجيع وركل وذكوان وبئر معونة
…
(5/ 40) .
[ (2) ] ورد في شرح المواهب أن الصبي هو: أبو الحسين بن الحارث بن عامر بن نوفل.
فَفَزَعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ، فَقَالَ: أَتَخْشِينَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ ذَلِكَ، قَالَتْ:
وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأْكُلُ قُطْفًا مِنْ عِنَبٍ فِي يَدِهِ، وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ بِالْحَدِيدِ، وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرَةٍ، وَكَانَتْ تَقُولُ: أَنَّهُ لَرِزْقٌ رَزَقَهُ الله خبيبا.
فلما خرجوا به من الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْحِلِّ، قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ: دعوني أصلي ركعتين، فتركوه فرجع رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْلا أَنْ تَحْسَبُوا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ لَزِدْتُ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، وَاقْتُلُهُمْ بَدَدًا، وَلا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
فَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أَقْتُلُ مُسْلِمًا
…
عَلَى أَيِّ شِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي
وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ
…
يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ
ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ أَبُو سَرْوَعَةَ عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ فَقَتَلَهُ. وكان خبيب هو سن لكل مسلم قتل صَبْرا الصَّلاة، وَأَخْبَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابه يَوْمَ أُصِيبُوا خَبَرَهُمْ، وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ حِينَ حَدَّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ أَنْ يُؤْتُوا بِشَيْءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ، وَكَانَ قَتَلَ عَظِيمًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ، فبعث الله لعاصم مثل الظلة من الدبر فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ، فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَقْطَعُوا مِنْهُ شَيْئًا. كَذَا رُوِّينَا فِي هَذَا الْخَبَرِ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ فِي جَامِعِهِ وَفِيهِ: أَنَّ خُبَيْبًا هَذَا قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ بِمَعْرُوفٍ. وَإِنَّمَا الَّذِي قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ خُبَيْبُ بْنُ إِسَافِ بن عنب بْنِ عَمْرِو بْنِ خَدِيجِ بْنِ عَامِرِ بْنِ جسم بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ. وَخُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَرْبَابِ المغازي.
وروينا عن ابن إسحق قال: وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بَعْدَ أُحُدٍ رَهْطٌ مِنْ عضل وَالْقَارَةِ [1]، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فِينَا إِسْلامًا، فَابْعَثْ مَعَنَا نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِكَ يُفَقِّهُونَنَا فِي الدين، ويقرؤوننا الْقُرْآنَ، وَيُعَلِّمُونَنَا شَرَائِعَ الإِسْلامِ، فَبَعَثَ [2] مَعَهُمْ نَفَرًا سِتَّةً مِنْ أَصْحَابِهِ، وَهُمْ: مَرْثَدُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيُّ، حَلِيفُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَخَالِدُ بْنُ الْبَكَيْرِ اللَّيْثِيُّ، حَلِيفُ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَعَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الأقلح أخو بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ [3]
[ (1) ] قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: عضل والقارة من الهون بن خزيمة بن مدركة.
[ (2) ] وعند ابن هشام: فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم نفرا ستة من أصحابه.
[ (3) ] وعند ابن هشام: أخو بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الأوس.
وخبيب بْنُ عَدِيٍّ أَخُو بَنِي جَحْجبَا بْنِ كُلْفَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَزَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ [1] أَخُو بَنِي بَيَاضَةَ [2] ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَارِقٍ حَلِيفُ بَنِي ظَفَرٍ [3] . وَأَمَّرَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْقَوْم مَرْثَدَ بْنَ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيَّ، فَخَرَجُوا مَعَ الْقَوْمِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا عَلَى الرَّجِيعِ- مَاءٍ لِهُذَيْلٍ [4]- غَدَرُوا بِهِمْ، فَاسْتَصْرَخُوا عَلَيْهِمْ هُذَيْلا، فَلَمْ يَرُعِ الْقَوْم وهم فِي رِحَالِهِمْ إِلَّا الرِّجَال بِأَيْدِيهِمُ السُّيُوفُ قَدْ غَشَوْهُمْ، فَأَخَذُوا أَسْيَافَهُمْ لَيَقْتُلُوا الْقَوْمَ [5]، فَقَالُوا لَهُمْ: إِنَّا وَاللَّهِ لا نُرِيدُ قَتْلَكُمْ، وَلَكِنَّا نُرِيدُ أَنْ نُصِيبَ بِكُمْ شَيْئًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَلَكُمْ عَهْدُ اللَّه وَمِيثَاقُهُ أَنْ لا نَقْتُلَكُمْ فَأَبَوْا.
فَأَمَّا مَرْثَدٌ وَخَالِدٌ وَعَاصِمٌ [6] فَقَالُوا: وَاللَّهِ لا نَقْبَلُ مِنْ مُشْرِكٍ عَهْدًا [7] وَقَاتَلُوا حَتَّى قُتِلُوا [8] . فَلَمَّا قُتِلَ عَاصِمٌ أَرَادَتْ هُذَيْلٌ أَخْذَ رَأْسِهِ لِيَبِيعُوهُ مِنْ سلافَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ شَهِيدٍ، وَكَانَتْ قَدْ نَذَرَتْ حِينَ أَصَابَ ابْنَيْهَا يَوْمَ أُحُدٍ: لَئِنْ قَدَرْتُ عَلَى رَأْسِ عَاصِمٍ
[ (1) ] وعند ابن هشام: زيد بن الدثنة بن معاوية.
[ (2) ] وعند ابن هشام: أخو بني بياضة بن عمرو بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج.
[ (3) ] وعند ابن هشام: حليف بني ظفر بن الخزرج بن عمر بن مالك بن الأوس.
[ (4) ] وعند ابن هشام: ماء لهذيل بناحية الحجاز على صدور الهدأة.
[ (5) ] وعند ابن هشام: فأخذوا أسيافهم ليقاتلوهم.
[ (6) ] وعند ابن هشام: فأما مرثد بن أبي مرقد وخالد بن البكير وعاصم بن ثابت.
[ (7) ] وعند ابن هشام: والله لا نقبل من مشرك عهدا ولا عقدا أبدا، فقال عاصم بن ثابت:
ما علتي وأنا جلد نابل
…
والقوس فيها وتر عنابل
تزل عن صفحتها المعابل
…
الموت حق والحياة باطل
وكل ما حم الإله نازل
…
بالمرء والمرء إليه آثل
إن لم أقاتلكم فأمي هابل
قال ابن هشام: هابل: ثاكل.
وقال عاصم بن ثابت أيضا:
أبو سليمان وريش المقعد
…
وضالة قبل الجحيم الموقد
إذا النواجي افترشت لم أرعد
…
ومخبأ من جلد ثور أجرد
ومؤمنا بما على محمد وقال عاصم بن ثابت أيضا:
أبو سليمان ومثلي رامي
…
وكان قومي معشرا كراما
وكان عاصم بن ثابت يكنى: أبا سليمان.
[ (8) ] وعند ابن هشام: ثم قاتل القوم حتى قتل وقتل صاحباه.
لَتَشْرَبَنَّ فِيهِ الْخَمْرَ [1] . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ: وجعلت لمن جاءت بِرَأْسِهِ مِائَةَ نَاقَةٍ.
رَجْعٌ إِلَى خَبَرِ ابْن إسحق: فَمَنَعَهُ الدبر [2]، فَلَمَّا حَالَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ قَالُوا: دَعُوهُ حَتَّى يُمْسِي [3] فَنَأْخُذَهُ فَبَعَثَ اللَّهُ الْوَادِي، فَاحْتَمَلَ عَاصِمًا فَذَهَبَ بِهِ، وَقَدْ كَانَ عَاصِمٌ أعصى اللَّهَ عَهْدًا [4] أَنْ لا يَمَسَّهُ مُشْرِكٌ وَلا يَمَسَّ مُشْرِكًا أَبَدًا [5] .
وَأَمَّا زَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ وَخُبَيْبٌ وَابْنُ طَارِقٍ [6] فَلانُوا وَرَقُّوا، وَرَغَبُوا فِي الحيوة، فَأَعْطُوا بِأَيْدِيهِمْ، فَأَسَرُوهُمْ، ثُمَّ خَرَجُوا بِهِمْ إِلَى مكة ليبعوهم بِهَا، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالظَّهْرَانِ انْتَزَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْن طَارِقٍ يَدَهُ مِنَ الْقِرَانِ، ثُمَّ أَخَذَ سَيْفَهُ وَاسْتَأْخَرَ عَنِ [7] الْقَوْمِ، فَرَمَوْهُ بِالْحِجَارَةِ حتى قتلوه، فقبر بِالظَّهْرَانِ يَرْحَمُهُ اللَّهُ. وَأَمَّا خُبَيْبٌ وَزَيْدٌ فَقَدِمُوا بهما مكة فباعوهما مِنْ قُرَيْشٍ بِأَسِيرَيْنِ مِنْ هُذَيْل كَانَا بِمَكَّةَ [8] فَابْتَاعَ خُبَيْبًا حُجَيْرُ بْنُ أَبِي أَهَابٍ التَّمِيمِيُّ، حَلِيفُ بَنِي نَوْفَلٍ لِعُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَامِرٍ لَيَقْتُلَهُ بِأَبِيهِ [9] . وَأَمَّا زَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ فابتاعه صفوان بن أمية بِأَبِيهِ [10] فَأَخْرَجَهُ مَعَ مَوْلًى لَهُ يُقَالُ لَهُ: نَسْطَاسٌ، إِلَى التَّنْعِيمِ، خَارِجِ الْحَرَمِ لِيَقْتُلَهُ [11] وَاجْتَمَعَ رَهْطٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِيهِمْ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ حِينَ قُدِّمَ لِيُقْتَلَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ يَا زَيْدُ، أَتُحِبُّ أَنَّ محمدا الآن
[ (1) ] وعند ابن هشام: لتشربن في قحفة الخمر.
[ (2) ] وعند ابن هشام: فمنعته الدبر.
[ (3) ] وعند ابن هشام: دعوه حتى يمسي فتذهب عنه.
[ (4) ] وعند ابن هشام: وقد كان عاصم قد أَعْطَى اللَّهَ عَهْدًا أَنْ لا يَمَسَّهُ مُشْرِكٌ
…
[ (5) ] وعند ابن هشام: فكان عمر بنا خطاب رضي الله عنه يقول حين بلغه أن الدبر منعته: يحفظ الله العبد المؤمن، كان عاصم نذر أَنْ لا يَمَسَّهُ مُشْرِكٌ وَلا يَمَسَّ مُشْرِكًا أبدا في حياته، فمنعه الله بعد وفاته كما امتنع في حياته.
[ (6) ] وعند ابن هشام: وأما زيد بن الدثنة وخبيب بن عدي وعبد الله بن طارق
…
[ (7) ] وعند ابن هشام: واستأخر عند القوم.
[ (8) ] وعند ابن هشام: وأما خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة فقدموا بهما مكة. قال ابن هشام: فباعوهما مِنْ قُرَيْشٍ بِأَسِيرَيْنِ مِنْ هُذَيْل كَانَا بِمَكَّةَ. قال ابن إسحاق: فأبتاع خبيبا
…
[ (9) ] وعند ابن هشام: وكان أبو إهاب أخا الحارث بن عامر لأمه ليقتله بأبيه. قال ابن هشام: الحارث بن عامر خال أبي إهاب، وأبو إهاب أحد بني أسيد بن عمرو بن تميم، ويقال: أحد بني عدس بن زيد بن عبد الله بن دارم، من بني تميم.
[ (10) ] وعند ابن هشام: ليقتله بأبيه أمية بن خلف، وبعث به صفوان بن أمية مع مولى له يقال له: فسطاس إلى التنعيم.
[ (11) ] وعند ابن هشام: وأخرجوه من الحرم ليقتلوه.
عِنْدَنَا مَكَانَكَ نَضْرِبُ عُنُقَهُ، وَأَنَّكَ فِي أَهْلِكَ؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ مُحَمَّدًا الآنَ فِي مَكَانِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ تُصِيبُهُ شَوْكَةٌ تؤذيه، وأني لجالس في أهلي، قال: يقول أَبُو سُفْيَانَ، مَا رَأَيْتُ مِنَ النَّاسِ أَحَدًا يُحِبُّ أَحَدًا كَحُبِّ أَصْحَابِ مُحَمَّد مُحَمَّدا، ثُمَّ قَتَلَهُ نَسْطَاسٌ، يَرْحَمُهُ اللَّهُ. وَرَأَيْتُ فِي كِتَابِ (ذَيْلِ الْمُذَيَّلِ) لأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ، لِحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ يُرْثِي أَصْحَابَ الرَّجِيعِ السِّتَّةَ:
أَلا لَيْتَنِي فِيهَا شَهِدْتُ ابْنَ طَارِقٍ
…
وَزَيْدًا وَمَا تُغْنِي الأَمَانِي وَمَرْثَدَا
وَدَافَعْتُ عَنْ حِبِّي خُبَيْبٍ وَعَاصِمٍ
…
وَكَانَ شِفَاءً لَوْ تَدَارَكْتُ خَالِدَا
وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنَّ الْبَعْثَ كَانُوا عَشَرَةً، وَذَكَرَ السِّتَّةَ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ وَزَادَ:
وَمُعَتِّبُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَهُوَ أَخُو عَبْد اللَّهِ بْن طَارِقٍ لأُمِّهِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْبَاقِينَ. وَذَكَرَ ابْنُ عُقْبَةَ أَيْضًا: مُعَتِّبَ بْنَ عُبَيْدٍ فِيهِمْ، وَذَكَرَ أَنَّ الَّذِي قِيلَ لَهُ: أَتُحِبُّ أَنَّ مُحَمَّدا مَكَانَكَ؟ هُوَ:
خُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ حِينَ رُفِعَ الْخَشَبَةِ، فَقَالَ: لا وَاللَّهِ، فَضَحِكُوا مِنْهُ،
قَالَ: وَقَالَ خُبَيْبٌ:
اللَّهُمَّ إِنِّي لا أَجِدُ إِلَى رَسُولِكَ رَسُولا غَيْرَكَ، فَأَبْلِغْهُ مِنِّي السَّلامَ، وَزَعَمُوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي قُتِلا فِيهِ:«وَعَلَيْكُمَا» أَوْ «عَلَيْكَ السَّلامُ، خُبَيْبٌ قَتَلَتْهُ قُرَيْشٌ»
وَلا يَدْرُونَ أَذَكَرَ زَيْدَ بْنَ الدَّثِنَةِ مَعَهُ أَمْ لا، وَزَعَمُوا أَنَّهُمْ رَمَوْا زَيْدَ بْنَ الدَّثِنَةِ بِالنَّبْلِ وَأَرَادُوا فِتْنَتَهُ فَلَمْ يَزْدَدْ إِلَّا إِيَمَانًا وَتَثْبِيتًا، وَزَعَمُوا أَنَّ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ دَفَنَ خُبَيْبًا.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَرَوَى عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ قَالَ: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى خُبَيْبِ بْنِ عَدِيٍّ لأُنْزِلَهُ مِنَ الْخَشَبَةِ، فَصَعِدْتُ خَشَبَتَهُ لَيْلا، فَقَطَعْتُ عَنْهُ وَأَلْقَيْتُهُ، فَسَمِعْتُ وَجْبَة [1] خَلْفِي، فَالْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا.
وَقَالَ ابْنُ عُقْبَةَ، وَاشْتَرَكَ فِي ابْتِيَاعِ خُبَيْبٍ زَعَمُوا: أَبُو إِهَابِ بْنُ عُزَيْزٍ وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَالأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ، وَعُبَيْدَةُ بْنُ حَكِيمٍ بن الأَوْقَصِ، وَأُمَيَّةُ بْنُ أَبِي عُتَبْةَ، وَبَنُو الْحَضْرَمِيِّ، وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَهُمْ أَبْنَاءُ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَدَفَعُوهُ إِلَى عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ فَسَجَنَهُ فِي دَارِهِ- الْحَدِيثَ.
وَكَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى فِي الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَلْمِزُونَهُمْ وَفِيهِمْ مِنَ الْقُرْآنِ:
[ (1) ] أي صوتا قويا.
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا [1] إِلَى أَنْ ذَكَرَهُمْ فَقَالَ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ [2] الآيَةَ. وَمِمَّا قَالَهُ حَسَّانٌ يَهْجُو هُذَيْلا:
لَعَمْرِي لَقَدْ شَانَتْ هُذَيْلَ بْنَ مُدْركِ
…
أَحَادِيثُ كَانَتْ فِي خُبَيْبٍ وَعَاصِمِ
أَحَادِيثُ لِحِيَانٍ صَلَوْا بِقَبِيحِهَا
…
وَلَِحْيَانُ رَكَّابُونَ شَرَّ الْجَرَائِمِ [3]
هُمُ غَدَرُوا يَوْمَ الرجيع وأسلمت
…
أمانتهم ذا عفة ومكارم [4]
قبيلة ليس الوفاء يهمهم
…
وإن ظلموا لم يدفعوا كف ظالم
إِذَا النَّاسُ حَلُّوا بِالْفَضَاءِ رَأَيْتَهُمْ
…
بِمَجْرَى مَسِيلِ الْمَاءِ بَيْنَ الْمَخَارِمِ
مَحَلُّهُمْ دَارُ الْبَوَارِ وَرَأْيُهُمْ
…
إذا نابهم أمر كرأي البهائم
الدبر: ذكر النحل.
[ (1) ] سورة البقر: الآية 204.
[ (2) ] سورة البقرة: الآية 207.
[ (3) ] وعند ابن هشام: ولحيان جرامون شرّ الجرائم.
[ (4) ] وما بعده عند ابن هشام:
رسول رسول الله غدرا ولم تكن
…
هذيل توقي منكرات المحارم
فسوف يرون النصر يوما عليهم
…
بقتل الذي تحميه دون الحرائم
أبابيل وبر شمس دون لحمه
…
حمت لحم شهاد عظام الملاحم
لعل هذيلا أن يراد بمصابه
…
مصارع قتلى أو مقاما لمأثم
ونوقع فيهم وقعة ذات صولة
…
يوافي بها الركبان أهل المواسم
بأمر رسول الله إن رسوله
…
رأى رأى ذي حزم بلحيان عالم