الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قُدُومُ الأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ
وَقَدِمَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ فِي ثَمَانِينَ رَاكِبًا مِنْ كِنْدَةَ، فَدَخَلُوا علي رسول الله صلى الله عليه وسلم مَسْجِدَهُ، وَقَدْ رَجَّلُوا جُمَمَهُمْ، وَتَكَحَّلُوا، وَعَلَيْهِمْ جُبَبَ الْحِبَرَةِ، قَدْ كَفَّفُوهَا بِالْحَرِيرِ،
فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أَلَمْ تُسْلِمُوا» ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ:«فَمَا بَالُ هَذَا الْحَرِيرِ فِي أَعْنَاقِكُمْ» قَالَ: فَشَقُّوهُ مِنْهَا فَأَلْقَوْهُ، وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَحْنُ بَنُو آكِلِ الْمُرَارِ، وَأَنْتَ ابْنُ آكِلِ الْمُرَارِ، قَالَ: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: «نَحْنُ بَنِي النَّضِيرِ بْنِ كِنَانَةَ لا نقفو أُمَّنَا وَلا نَنْتَفِي مِنْ أَبِينَا» .
كَانَ الأَشْعَثُ رَئِيسًا مُطَاعًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَجِيهًا فِي قَوْمِهِ فِي الإِسْلامِ، إِلا أَنَّهُ كَانَ مِمَّنِ ارْتَدَّ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ رَاجَعَ الإِسْلامَ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَشَهِدَ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ سَعْدٍ الْقَادِسِيَّةَ وَالْمَدَائِنَ وجلولاء ونهاوند، ومات سنة أربعين أو إثنتين وَأَرْبَعِينَ بِالْكُوفَةِ.
وَآكِلُ الْمُرَارِ: الْحَارِثُ بْنُ عَمْرِو بن حجر بن عمرو بن معاوية من كِنْدَةَ، وَقِيلَ:
جَدُّهُ حُجْرُ بْنُ عُمَرَ، أَكَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فِي غَزْوَةٍ شَجَرًا يُقَالُ لَهُ: الْمُرَارُ، وَلِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جَدَّةٌ مِنْ كِنْدَةَ مَذْكُورَةٌ، هِيَ: أُمُّ كِلابِ بْنِ مُرَّةَ، فَذَلِكَ أَرَادَ الأَشْعَثُ.
قُدُومُ صُرَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَزْدِيِّ
وَقَدِمَ صُرَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَزْدِيُّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَفْدٍ مِنَ الأَزْدِ، فَأَمَّرَهُ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَوْمِهِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُجَاهِدَ بِمَنْ أَسْلَمَ مَنْ كَانَ يَلِيهِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ مِنْ قَبَائِلِ الْيَمَنِ، فَخَرَجَ حَتَّى نَزَلَ بِجَرَشَ، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مَدِينَةٌ مُغْلَقَةٌ، وَبِهَا قَبَائِلُ مِنْ قَبَائِلِ الْيَمَنِ. وَقَدْ ضَوَتْ [1] إِلَيْهِمْ خَثْعَمٌ، فَدَخَلُوهَا مَعَهُمْ حِينَ سَمِعُوا بِمَسِيرِ الْمُسْلِمِينَ
[ (1) ] أي انضمت إليهم.
إِلَيْهِمْ، فَحَاصَرُوهُمْ فِيهَا قَرِيبًا مِنْ شَهْرٍ، وَامْتَنَعُوا فِيهَا مِنْهُ. ثُمَّ إِنَّهُ رَجَعَ عَنْهُمْ قَافِلا، حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَلَدٍ يُقَالُ لَهُ: شكرُ، ظَنَّ أَهْلُ جَرَشَ أَنَّهُ إِنَّمَا وَلَّى عَنْهُمْ مُنْهَزِمًا، فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِ، حَتَّى إِذَا أَدْرَكُوهُ عَطَفَ عَلَيْهِمْ فَقَتَلَهُمْ قَتْلا شَدِيدًا،
وَقَدْ كَانَ أَهْلُ جَرَشَ بَعَثُوا رَجُلَيْنِ مِنْهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ يَرْتَادَانِ وَيَنْظُرَانِ، فَبَيْنَمَا هُمَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشِيَّةً بَعْدَ الْعَصْرِ إِذْ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«بِأَيِّ بِلادِ اللَّهِ شكرُ» فَقَامَ الْجَرَشِيَّانِ:
فَقَالا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِبِلادِنَا جَبَلٌ يُقَالُ لَهُ: كشرُ، وَكَذَلِكَ تُسَمِّيهِ أَهْلُ جَرَشَ، فَقَالَ:
«أَنَّهُ ليس بكسر، وَلَكِنَّهُ شكرُ. قَالا: فَمَا شَأْنُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: إِنَّ بُدْنَ اللَّهِ لَتُنْحَرُ عِنْدَهُ الآنَ» قَالَ: فَجَلَسَ الرَّجُلانِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَوْ إِلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ لَهُمَا: وَيْحُكُمَا، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيَنْعِي الآنَ لَكُمَا قَوْمَكُمَا، فَقُومَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْأَلاهُ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ أَنْ يَرْفَعَ عَنْ قَوْمِكُمَا، فَقَامَا إِلَيْهِ فَسَأَلاهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنْهُمْ فَخَرَجَا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رَاجِعِينَ إِلَى قَوْمِهِمَا،
فَوَجَدَا قَوْمَهُمَا قَدْ أُصِيبُوا يَوْمَ أَصَابَهُمْ صُرَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي قَالَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ما قَالَ، وَفِي السَّاعَةِ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا مَا ذَكَرَ فَخَرَجَ وَفْدُ جَرَشَ حَتَّى قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمُوا وَحَمَى لَهُمْ حمى حول قريتهم.