الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذِكْرُ مُصِيبَةِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِوَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
وَلَمَّا قَفَلَ صلى الله عليه وسلم مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ ذَا الْحَجَّةِ وَالْمُحَرَّمَ وَصَفَرًا، وَضَرَبَ عَلَى النَّاسِ بَعْثًا أَمِيرُهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَهُوَ آخِرُ بُعُوثِهِ، فَبَيْنَا النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ ابْتُدِئَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسلامُهُ بِشَكْوَاهُ الَّذِي قَبَضَهُ اللَّهُ فِيهِ إِلَى مَا أَرَادَ مِنْ رَحْمَتِهِ وَكَرَامِتِه، فِي لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ صَفَرٍ، أَوْ فِي أَوَّلِ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَا ابْتُدِئَ بِهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ مَقْبَرَتِهِمْ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ، فَاسْتَغَفْرَ لَهُمْ. ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ ابْتُدِئَ بِوَجْعِهِ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْبَقِيعِ، فَوَجَدَنِي وَأَنَا أَجِدُ صُدَاعًا في رأسي وأنا أقول: وا رأساه، فقال:«بل أنا والله يا عائشة وا رأساه» . قَالَتْ: ثُمَّ قَالَ: «وَمَا ضَرُّكِ لَوْ مِتِّ قَبْلِي، فَقُمْتُ عَلَيْكِ وَكَفَّنْتُكِ وَصَلَّيْتُ عَلَيْكِ وَدَفَنْتُكِ» . قُلْتُ: وَاللَّهِ لَكَأَنِّي بِكَ لَوْ قَدْ فَعَلْتَ ذَلِكَ لَرَجَعْتَ إِلَى بَيْتِي فَأَعْرَسْتَ فِيهِ بِبَعْضِ نِسَائِكَ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَتَامَّ بِهِ وَجْعُهُ وَهُوَ يَدُورُ عَلَى نسائه حتى استعز [1] به وهو في مَيْمُونَةَ، فَدَعَا نِسَاءَهُ فَاسْتَأْذَنَهُنَّ فِي أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي فَأُذِنَ لَهُ. قَالَتْ: فَخَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يمشي بن رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِهِ، أَحَدُهُمَا: الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ: وَرَجُلٌ آخَرُ عَاصِبًا رَأْسَهُ تَخُطُّ قَدَمَاهُ الأَرْضَ حَتَّى دَخَلَ بَيْتِي. قَالَ ابْن عَبَّاسٍ: الرَّجُلُ الآخَرُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، ثُمَّ غُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاشْتَدَّ بِهِ وَجْعُهُ، فَقَالَ: أَهْرِيقُوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ مِنْ آبَارٍ شَتَّى حَتَّى أَخْرُجَ إِلَى النَّاسِ فَأَعْهَدُ إِلَيْهِمْ» فَأَقْعَدْنَاهُ فِي مِخْضَبٍ [2] لِحَفْصَةَ بنت عمرو، ثُمَّ صَبَبْنَا عَلَيْهِ الْمَاءَ حَتَّى طَفِقَ يَقُولُ:«حَسْبُكُمْ حَسْبُكُمْ» .
وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَيُّوبُ بن بشير، أن
[ (1) ] أي اشتد ألمه.
[ (2) ] المخضب: الأجانة التي تغسل الثياب فيها.
رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ عَاصِبًا رَأْسَهُ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى أَصْحَابِ أُحُدٍ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ فَأَكْثَرَ الصَّلاةَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَالَ:«إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِ اللَّهِ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ، فَفَهِمَهَا أَبُو بَكْرٍ وَعَرَفَ أَنَّ نَفْسَهُ يُرِيدُ. فَقَالَ: نَفْدِيكَ بِأَنْفُسِنَا وَأَبْنَائِنَا. فَقَالَ: «عَلَى رَسْلِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ» ثُمَّ قَالَ:
«انْظُرُوا هَذِهِ الأَبْوَابَ اللافِظَةَ فِي الْمَسْجِدِ فَسُدُّوهَا إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ، فَإِنِّي لا أَعْلَمُ أَحَدًا كَانَ أَفْضَلَ فِي الصُّحْبَةِ عِنْدِي يَدًا مِنْهُ» ، وَأَرَادَ عُمَرُ فَتْحَ كَوَّةٍ لِيَنْظُرَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا فَمَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَالَ عليه السلام لِلْعَبَّاسِ: مَا فَتَحْتُ عَنْ أَمْرِي وَلا سَدَدْتُ عَنْ أَمْرِي» وَاسْتَبْطَأَ النَّاسُ فِي بَعْثِ أُسَامَةَ فَخَرَجَ عَاصِبًا رَأْسَهُ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ- وَقَدْ كَانَ النَّاسُ قَالُوا فِي إِمْرَةِ أُسَامَةَ: أَمَّرَ غُلامًا حَدْثًا عَلَى جُلَّةِ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ- فَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، أَنْفِذُوا بَعْثَ أُسَامَةَ، فَلَعَمْرِي لَئِنْ قُلْتُمْ فِي إِمَارَتِهِ لَقَدْ قُلْتُمْ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ، وَإِنَّهُ لَخَلِيقٌ لِلإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ أَبُوهُ لَخَلِيقًا بِهَا» . ثُمَّ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَانْكَمَشَ [1] النَّاسُ فِي جِهَازِهِمْ وَاسْتَعَزَّ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَجْعُهُ، فَخَرَجَ أُسَامَةُ وَخَرَجَ جَيْشُهُ مَعَهُ حَتَّى نَزَلُوا الْجُرْفَ مِنَ الْمَدِينَةِ، عَلَى فَرْسَخٍ، فَضَرَبَ بِهِ عَسْكَرُهُ، وَتَتَامَّ إِلَيْهِ النَّاسُ، وَثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَقَامَ أُسَامَةُ وَالنَّاسُ لِيَنْظُرُوا مَا اللَّهُ قَاضٍ فِي رَسُولِ عليه السلام.
وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَوْصَى بِالأَنْصَارِ يَوْمَ صَلَّى، وَاسْتَغْفَرَ لأَصْحَابِ أُحُدٍ، وَذَكَرَ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا ذَكَرَ، فَقَالَ:«يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ: اسْتَوْصُوا بِالأَنْصَارِ خَيْرًا، فَإِنَّ النَّاسَ يَزِيدُونَ، وَإِنَّ الأَنْصَارَ عَلَى هَيْئَتِهَا لا تَزِيدُ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا عَيْبَتِي الَّتِي أَوَيْتُ إِلَيْهَا، فَأَحْسِنُوا إِلَى مُحْسِنِهِمْ وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ» . ثُمَّ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ عليه السلام يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا [2] ، دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَعَلَيْهِ قَطِيفَةٌ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ فَوَجَدَ حَرَارَتَهَا فَوْقَ الْقَطِيفَةِ فَقَالَ: مَا أَشَدَّ حُمَّاكَ، فَقَالَ:«أَنَا كَذَلِكَ يُشَدَّدُ عَلَيْنَا الْبَلاءُ وَيُضَاعَفُ لَنَا الأَجْرُ» .
وَعَنْ عَلْقَمَةَ: قَالَ: دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَتُوْعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا! قَالَ: «أَجَلْ، إني أوعك كما يوعك رجلان
[ (1) ] أي أسرعوا.
[ (2) ] يتألم ألما شديدا.
مُنْكُمْ» . قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَلِكَ بِأَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ
…
الْحَدِيثَ.
وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، فَصَلَّى بِهِمْ فِيمَا رُوِّينَا سَبْعَ عشرة صلاة، وصلى لنبي صلى الله عليه وسلم مُؤْتَمًّا بِهِ رَكْعَةً ثَانِيَةً مِنْ صَلاةِ الصُّبْحِ، ثُمَّ قَضَى الرَّكْعَةَ الْبَاقِيَةَ وَقَالَ:«لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ حَتَّى يَؤُمَّهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ» .
وَقَالَ عليه السلام فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ: «مُرِ النَّاسَ فَلْيُصَلُّوا» يَقُولُ ذَلِكَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ بْنِ الأَسْوَدِ، فَذَهَبَ ابْنُ زَمْعَةَ فَقَدَّمَ عُمَرَ لِغَيْبَةِ أَبِي بَكْرٍ، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صَوْتَهُ أَخْرَجَ رَأْسَهُ حَتَّى أَطْلَعَهُ لِلنَّاسِ مِنْ حُجْرَتِهِ ثُمَّ قَالَ:«لا، لا، لا، ليصلّ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ» .
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي هَذَا الْخَبَرِ قَالَ: فَانْفَضَّتِ الصُّفُوفُ، وَانْصَرَفَ عُمَرُ، فَمَا بَرِحْنَا حَتَّى طَلَعَ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ وَكَانَ بِالسُّنْحِ، فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ، وَتَبَسَّمَ عليه السلام لِمَا رَأَى مِنْ هَيْئَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي صَلاتِهِمْ سُرُورًا بِذَلِكَ. وَقَالَ: ائْتُونِي أَكتب لَكُمْ كِتَابًا لا تَضِلُّوا بَعْدَهُ» فَتَنَازَعُوا فَلَمْ يَكتب.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ: آخِرُ مَا عَهِدَ إِلَيْنَا أَنْ لا يُتْرَكَ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ.
وَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: عَامَّةُ وَصِيَّتِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ: «الصَّلاةُ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» .
وَقَالَتْ عَائِشَةُ:
سَمِعْتُهُ يَقُولُ قَبْلَ ذَلِكَ: «مَا مِنْ نَبِيٍّ يَمُوتُ حَتَّى يُخَيَّرَ» قَالَتْ: فَسَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ:
«اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى» فَعَلِمْتُ أَنَّهُ ذَاهِبٌ. وَفِي خَبَرٍ عَنْهَا: فَكَانَتْ تِلْكَ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَتْ رَأَيْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يَمُوتُ وَعِنْدَهُ قَدَحٌ فِيهِ مَاءٌ، وَهُوَ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الْقَدَحِ ثُمَّ يَمْسَحُ وَجْهَهُ بِالْمَاءِ وَيَقُولُ:«اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى سَكَرَاتِ الْمَوْتِ» .
وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ فِي وَفَاتِهِ عليه السلام خَبَرًا فِيهِ أَنَّهُ لَمَّا بَقِيَ مِنْ أَجَلِهِ ثَلاثٌ نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا أَحْمَدُ، إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ إِكْرَامًا لَكَ، وَتَفْضِيلا لَكَ، وَخَاصَّةً لَكَ، يَسْأَلُكَ عَمَّا هُوَ أَعْلَمُ بِهِ مِنْكَ، يَقُولُ لَكَ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ وَفِيهِ إِنَّ ذَلِكَ ثَلاثٌ الْمَرَّةُ بَعْدَ الْمَرَّةِ، وَفِي الثَّالِثَةِ: صَحِبَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَهُ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَهُ فِي قَبْضِ نَفْسِهِ أَوْ تَرْكِهَا، وَأَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ بِطَاعَتِهِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: يَا أَحْمَدُ، إِنَّ اللَّهَ قَدِ اشْتَاقَ إِلَيْكَ، قَالَ:«فَاقْبِضْ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ كَمَا أُمِرْتَ بِهِ» ، قَالَ جِبْرِيلُ السَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا آخِرُ مَوْطِئِ الأَرْضِ. فَتُوُفِّيَ صلى الله عليه وسلم، وَجَاءَتِ التَّعْزِيَةُ يَسْمَعُونَ الصَّوْتَ وَلا يَرَوْنَ الشَّخْصَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ، وإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ، إِنَّ فِي اللَّهِ عَزَاءً عَنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ، وَخَلَفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ، وَدَرَكًا مِنْ كُلِّ مَا فَاتَ، فَبِاللَّهِ فَثِقُوا، وَإِيَّاهُ فَارْجُوا، فَإِنَّ المصاب
مَنْ حُرِمَ الثَّوَابُ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وبركاته. وقد ذكر أن هذا المعزية هُوَ الْخَضِرُ عليه السلام [1] .
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ يَوْمُ الاثْنَيْنِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ: فَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ وَجُمْهُورُ النَّاسِ أَنَّهُ: الثَّانِي عَشَرَ. قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ سَالِمٍ: وَهَذَا لا يَصِحُّ، وَقَدْ جَرَى فِيهِ عَلَى الْعُلَمَاءِ مِنَ الْغَلَطِ مَا عَلَيْنَا بَيَانُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَهُ السُّهَيْلِيُّ إِلَى بَيَانِهِ، لأَنَّ حَجَّةَ الْوَدَاعِ كَانَتْ وَقْفَتُهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَلا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَكُونَ يَوْم الاثْنَيْنِ ثَانِي عَشَرَ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، سَوَاءَ أَتَمَّتِ الأَشْهُرُ كُلُّهَا أَوْ نَقَصَتْ كُلُّهَا، أَوْ تَمَّ بَعْضُهَا وَنَقَصَ بَعْضُهَا. قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: يَوْمَ الاثْنَيْنِ لِلَيْلَتَيْنِ مَضَتَا مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخُوَارَزْمِيُّ: أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْهُ، وَكِلاهُمَا مُمْكِنٌ.
وَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَجَّتْهُ الْمَلائِكَةُ [2] دُهِشَ النَّاسُ، وَطَاشَتْ عُقُولُهُمْ، وَاخْتَلَفَتْ أَحْوَالُهُمْ فِي ذَلِكَ، فَأَمَّا عُمَرُ فَكَانَ مِمَّنْ خُبِلَ [3]، فَجَعَلَ يَقُولُ: إِنَّهُ وَاللَّهِ مَاتَ، وَلَكِنَّهُ ذَهَبَ إِلَى رَبِّهِ كَمَا ذَهَبَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ حِينَ غَابَ عَنْ قَوْمِهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِمْ. وَأَمَّا عُثْمَانُ فَأُخْرِسَ حَتَّى جَعَلَ يُذْهَبُ بِهِ وَيُجَاءُ وَهُوَ لا يَتَكَلَّمُ. وَأُقْعِدَ عَلِيٌّ، وَأُضْنِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ مِنَ الضَّنَى، وَهُوَ الْمَرَضُ. وَبَلَغَ أَبَا بَكْرٍ الْخَبَرُ، وَكَانَ بِالسُّنْحِ، فَجَاءَ وَعَيْنَاهُ تَهْمِلانِ، فَقَبَّلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَبْكِي، وَقَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا. وَتَكَلَّمَ كَلامًا بَلِيغًا سَكَنَ بِهِ نُفُوسُ الْمُسْلِمِينَ، وَثَبَتَ جَأْشُهُمْ، وَكَانَ أَثْبَتَ الْقَوْمِ رضي الله عنه، وَغَسَّلَهُ عليه السلام عَلِيٌّ وَالْعَبَّاسُ وَابْنَاهُ: الْفَضْلُ وَقُثَمُ، وَمَوْلَيَاهُ: أُسَامَةُ وَشُقْرَانُ، وَحَضَرَهُمْ أَوْسُ بْنُ خَوْلَى الأَنْصَارِيُّ، وَكُفِّنَ فِي ثَلاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ وَلا عِمَامَةٌ، وَصَلَّى عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ أَفْذَاذًا [4] لَمْ يَؤُمَّهُمْ أَحَدٌ، وَفُرِشَ تَحْتَهُ قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ كَانَ يَتَغَطَّى بِهَا، وَدَخَلَ قَبْرَهُ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ وَالْفَضْلُ وَقُثَمُ وَشُقْرَانُ، وَأُطْبِقَ عَلَيْهِ تِسْعُ لَبِنَاتٍ، وَدُفِنَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تَوَفَّاهُ اللَّهُ فِيهِ حَوْلَ فِرَاشِهِ، وَكَانُوا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي غُسْلِهِ، فَقَالُوا: والله ما ندري أنجرد رسول الله في ثيابه كما نجرد مَوْتَانَا، أَوْ نُغَسِّلُهُ وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ، فَلَمَّا اخْتَلَفُوا ألقى الله عليهم النوم، وكلمهم
[ (1) ] انظر الطبقات الكبرى لابن سعد (2/ 258) .
[ (2) ] أي غطته الملائكة.
[ (3) ] أي فسد عقله وجن.
[ (4) ] أي جماعة بعد أخرى.
مُكَلِّمٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ لا يَدْرُونَ مَنْ هُوَ: اغْسِلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ، فَقَامُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَغَسَّلُوهُ وَعَلَيْهِ قَمِيصُهُ، يَصُبُّونَ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَوْقَ الْقَمِيصِ، وَيُدَلِّكُونَهُ وَالْقَمِيصُ دُونَ أَيْدِيهِمْ: فَأَسْنَدَهُ عَلِيٌّ إِلَى صَدْرِهِ، وَالْعَبَّاسُ وَالْفَضْلُ وَقُثَمُ يُقَلِّبُونَهُ مَعَهُمْ، وَأُسَامَةُ وَشُقْرَانُ يَصُبَّانِ الْمَاءَ، وَعَلِيٌّ يُغَسِّلُهُ بِيَدِهِ، وَاخْتَلَفُوا فِي مَوْضِعِ دَفْنِهِ:
هَلْ يَكُونُ فِي مَسْجِدِهِ أَوْ مَعَ أَصْحَابِهِ؟ فقال أبو بكر: ادفنوه في الموضع الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَقْبِضْ رُوحَهُ إِلَّا فِي مَكَانٍ طَيِّبٍ، فَعَلِمُوا أَنْ قَدْ صَدَقَ. وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ يصرخ كَحفرِ أَهْلِ مَكَّةَ، وَأَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بْنُ سهل يلحد كأهل المدينة، فاختلفوا كَيْفَ يُصْنَعُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَّهَ الْعَبَّاسُ رَجُلَيْنِ: أَحَدُهُمَا لأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَالآخَرُ لأَبِي طَلْحَةَ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ خِرْ لِنَبِيِّكَ فَحَضَرَ أَبُو طَلْحَةَ فَلَحَدَ لَهُ. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ جِهَازِهِ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الاثْنَيْنِ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ،
قَالَ عَلِيٌّ: لَقَدْ سَمِعْنَا هَمْهَمَةً وَلَمْ نَرَ شَخْصًا، سَمِعْنَا هَاتِفًا يَقُولُ: ادْخُلُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ فَصَلُّوا عَلَى نَبِيِّكُمْ، ثُمَّ دُفِنَ مِنْ وَسَطِ اللَّيْلِ لَيْلَةَ الأَرْبَعَاءِ، وَكَانَتْ مُدَّةُ شَكْوَاهُ ثَلاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً. وَلَمَّا دُفِنَ عليه السلام قَالَتْ فَاطِمَةُ ابْنَتُهُ عليها السلام:
اغْبَرَّ آفَاقُ السَّمَاءِ وَكُوِّرَتْ
…
شَمْسُ النَّهَارِ وَأُظْلِمَ الْعَصْرَانِ
فَالأَرْضُ مِنْ بَعْدِ النَّبِيِّ كَئِيبَةٌ
…
أَسَفًا عَلَيْهِ كَثِيرَة الرُّجْفَانِ
فَلْيَبْكِهِ شَرْقُ البلاد وغربها
…
ولتبكه مضر وكل يمان
وليبكه الطود المعظم ضوءه
…
وَالْبَيْتُ ذُو الأَسْتَارِ وَالأَرْكَانِ
يَا خَاتَمَ الرُّسُلِ الْمُبَارَكَ ضَوْءُهُ
…
صَلَّى عَلَيْكَ مُنَزِّلُ الْفُرْقَانِ
وَيُرْوَى أَنَّهَا تَمَثَّلَتْ بِشِعْرِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الأَحْجَمِ:
قَدْ كُنْتَ لِي جَبَلا أَلُوذُ بِظِلِّهِ
…
فَتَرَكْتَنِي أَمْشِي بِأَجْرَدِ ضَاحِ
قَدْ كُنْتَ ذَاتَ حَمِيَّة مَا عِشْتَ لِي
…
أَمْشِي الْبراز وَكُنْتَ أَنْتَ جَنَاحِي
فاليوم أخضع للذيل وَأَتَّقِي
…
مِنْهُ وَأَدْفُع ظَالِمِي بِالرَّاحِ
وَإِذَا دَعَتْ قَمَرِيَّةٌ شَجَنًا لَهَا
…
لَيْلا عَلَى فَنَنٍ دَعَوْتَ صَبَاحِ
وَمِمَّا يُنْسَبُ لِعَلِيٍّ أَوْ فَاطِمَةَ رضي الله عنهما:
مَاذَا عَلَى مَنْ شَمَّ تُرْبَةَ أَحْمَدَ
…
أَلا يَشُمُّ مَدَى الزَّمَانِ غَوَالِيَا
صُبَّتْ عَلَيَّ مَصَائِبُ لَوْ أَنَّهَا
…
صُبَّتْ عَلَى الأَيَّامِ عدن لياليا
وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ. لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْنِي الْمَدِينَةَ أَضَاءَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَظْلَمَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، وَمَا نَفَضْنَا الأَيْدِي من دفنه الأَيْدِي مِنْ دَفْنِهِ حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبنَا،
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ: «لَتُعَزِّ المسلمين في مصائبهم الْمُصِيبَةُ بِي» .
وَفِي حَدِيثٍ عَنْهُ: «أَنَا فَرَطٌ لأُمَّتِي، لَنْ يُصَابُوا بِمِثْلِي،
وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يُرْثِيهِ:
أَرَقْتُ فَبَاتَ لَيْلِي لا يَزُولُ
…
وَلَيْلُ أَخِي الْمُصِيبَةُ فِيهِ طولُ
وَأَسْعَدَنِي الْبُكَاءُ وَذَاكَ فِيمَا
…
أُصِيبَ الْمُسْلِمُونَ بِهِ قَلِيلُ
لَقَدْ عَظُمَتْ مُصِيبَتُنَا وَجَلَّتْ
…
عَشِيَّةَ قِيلَ قَدْ قُبِضَ الرَّسُولُ
وَأَضْحَتْ أَرْضُنَا مِمَّا عَرَاهَا
…
تَكَادُ بِنَا جَوَانِبُهَا تَمِيلُ
فَقَدْنَا الوحي والتنزيل فينا
…
يروح به ويغدو جبرئيل
وَذَاكَ أَحَقُّ مَا سَالَتْ عَلَيْهِ
…
نُفُوسُ النَّاسِ أَوْ كَرِبَتْ تَسِيلُ
نَبِيٌّ كَانَ يَجْلُو الشَّكَّ عنا
…
بما يوحي إليه ما يَقُولُ
وَيَهْدِينَا وَلا نَخْشَى ضَلالا
…
عَلَيْنَا وَالرَّسُولُ لَنَا دَلِيلُ
أَفَاطِمُ إِنْ جَزَعْتِ فَذَاكَ عُذْرٌ
…
وَإِنْ لَمْ تَجْزَعِي ذَاكَ السَّبِيلُ
فَقَبْرُ أَبِيكِ سَيِّدُ كُلِّ قَبْرٍ
…
وَفِيهِ سَيِّدُ النَّاسِ الرَّسُولُ
وَلَوْ فَتَحْنَا بَابَ الإِكْثَارِ، وَسَمَحْنَا بِإِيرَادِ مَا يُسْتَحْسَنُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الأَشْعَارِ، لَخَرَجْنَا عَمَّا جَنَحْنَا إِلَيْهِ مِنَ الإِيجَازِ وَالاخْتِصَارِ، فَالأَشْعَارُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ، وَلأَنْوَاع الأَسَى وَالأَسَفِ مُثِيرَة، فَيَا لَهُ مِنْ خَطْبٍ جَلٌّ عَنِ الْخُطُوبِ، وَمَصَائِب علمَ دَمْعُ الْعَيْنِ كَيْفَ يَصوبُ، وَرُزْءٌ غَرَبَتْ لَهُ النَّيِّرَاتُ، وَلا تُعَلّلُ بِشُرُوقِهَا بَعْدَ الْغُرُوبِ. وَحَادِثٌ هَجَمَ هُجُومِ اللَّيْلِ، فَلا نَجَاءَ مِنْهُ لِهَارِبٍ، وَلا فِرَارَ مِنْهُ لِمَطْلُوبٍ، وَلا صَبَاحَ لَهُ فَيَجْلُو غَيَاهِبَهُ الْمُمِلَّةَ، وَدَيَاجِيهِ الْمُدْلَهِمَّةَ، وَلِكُلِّ لَيْلٍ إِذَا دَجَى صَبَاحٌ يَؤُوبُ، وَمَنْ سَرَّ أَهْلَ الأَرْضِ ثُمَّ بَكَى أَسًى بَكَى بِعُيُونٍ سَرَّهَا وَقُلُوبٍ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، مِنْ نَارٍ حَنِيَتْ عَلَيْهَا الأَضَالِعُ لا تَخْبُو وَلا تَخْمُدُ، وَمُصِيبَةٌ تَسْتَكُّ مِنْهَا الْمَسَامِعُ، لا يَبْلَى عَلَى مَرِّ الْجَدِيدَيْنِ حُزْنُهَا الْمُجَدَّدُ:
وَهَلْ عَدَلْتَ يَوْمًا رَزِيئَة هَالِكٍ
…
رَزِيئَة يَوْمَ مَاتَ فِيهِ مُحَمَّدُ
وَمَا فَقَدَ الْمَاضُونَ مِثْلَ مُحَمَّدٍ
…
وَلا مِثْلُهُ حَتَّى الْقِيَامَةِ يُفْقَدُ
صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا.
وقد انْتَهَى بِنَا الْغَرَضُ فِيمَا أَوْرَدْنَاهُ إِلَى مَا أَرَدْنَاهُ، وَلَمْ نَسْلُكْ بِعَوْنِ اللَّهِ فِيهِ غَيْرَ الاقْتِصَادِ الَّذِي قَصَدْنَاهُ فَمَنْ عَثَرَ فِيهِ عَلَى وَهْمٍ أَوْ تَحْرِيفٍ أَوْ خَطَأٍ أَوْ تَصْحِيفٍ، فَلْيُصْلِحْ مَا عَثَرَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، وَلْيَسْلُكْ سبيل العلماء في قبول العذر هنالك. ومن مَرَّ بِخَبَرٍ لَمْ أَذْكُرْهُ أَوْ ذَكَرْتُ بَعْضَهُ فلعله بِحَسْبِ مَوْضِعِهِ مِنَ التَّبْوِيبِ أَوْ نَسَقِهِ فِي التَّرْتِيبِ أَوِ الاخْتِصَارِ الَّذِي اقْتَضَاهُ التَّهْذِيبُ، أَوْ لِنكَارَةٍ فِي مَتْنِهِ تَنْقَمُ عَلَى وَاضِعِهِ، أَوْ لأَنِّي مَا مَرَرْتُ بِهِ فِي مَوَاضِعِهِ، وَمَنْ بَرِئَ مِنَ الإِحَاطَةِ أَيُّهَا النَّاظِرُ إِلَيْكَ فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تُلْزِمَهُ بِكُلِّ مَا يَرِدُ عَلَيْكَ.