الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَسُولُ أُمِّهِ أُمِّ أَيْمَنَ قَدْ جَاءَهُ يَقُولُ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يَمُوتُ، فَأَقْبَلَ وَأَقْبَلَ مَعَهُ عُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ، فَانْتَهَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَمُوتُ، فَتُوُفِّيَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، وَدَخَلَ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ عَسْكَرُوا بِالْجُرْفِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَدَخَلَ بُرَيْدَةُ بْنُ الْحَصِيبِ بِلِوَاءِ أُسَامَةَ مَعْقُودًا حَتَّى أَتَى بِهِ بَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَغَرَزَهُ عِنْدَهُ، فَلَمَّا بُويِعَ، لأَبِي بَكْرٍ أَمَرَ بُرَيْدَةَ بْنَ الْحَصِيبِ أَنْ يَذْهَبَ بِاللِّوَاءِ إِلَى بَيْتِ أُسَامَةَ لِيَمْضِيَ لِوَجْهِهِ، فَمَضَى بِهِمْ إِلَى مُعَسْكَرِهِمُ الأَوَّلِ، فَلَمَّا ارْتَدَّتِ الْعَرَبُ كُلِّمَ أَبُو بَكْرٍ فِي حَبْسِ أُسَامَةَ فَأَبَى، وَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ أُسَامَةَ فِي عُمَرَ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي التَّخَلُّفِ فَفَعَلَ، فَلَمَّا كَانَ هِلالُ شَهْرِ رَبِيعٍ الآخِرِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ خَرَجَ أُسَامَةُ، فَسَارَ إِلَى أُبْنَى عِشْرِينَ لَيْلَةً، فَشَنَّ عَلَيْهِمُ الْغَارَةَ، وَكَانَ شِعَارُهُمْ:(يَا مَنْصُورُ أَمِتْ) فَقَتَلَ مَنْ أَشْرَفَ لَهُ، وَسَبَى مَنْ قَدِم عَلَيْهِ، وَحَرَّقَ فِي طَوَائِفِهَا بِالنَّارِ، وَحَرَّقَ مَنَازِلَهُمْ وَحَرْثَهُمْ وَنَخْلَهُمْ، فَصَارَتْ أَعَاصِيرَ مِنَ الدَّخَاخِينَ، وَأَجَالَ الْخَيْلَ فِي عَرَصَاتِهِمْ، وَأَقَامُوا يَوْمَهُمْ ذَلِكَ مِنْ تَعْبِئَةِ مَا أَصَابُوا مِنَ الْغَنَائِمْ، وَكَانَ أُسَامَةُ عَلَى فَرَسِ أَبِيهِ سُبْحَةَ، وَقَتَلَ قَاتِلَ أَبِيهِ فِي الْغَارَةِ، وَأَسْهَمَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ، وَلِلْفَارِسِ سَهْمًا، وَأَخَذَ لِنَفْسِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا أَمْسَى أَمَرَ النَّاسَ بِالرَّحِيلِ، ثُمَّ أَغَذَّ السَّيْرَ [1] فَوَرَدُوا وَادِي الْقُرَى فِي تِسْعِ لَيَالٍ، ثُمَّ بَعَثَ بَشِيرًا إِلَى الْمَدِينَةِ بِسَلامَتِهِمْ، ثُمَّ قَصَدَ بَعْدُ فِي السَّيْرِ، فَسَارَ إِلَى الْمَدِينَةِ سِتًّا، وَمَا أُصِيبَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَحَدٌ. وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَتَلَقَّوْنَهُمْ سُرُورًا بِسَلامَتِهِمْ، وَدَخَلَ عَلَى فَرَسِ أَبِيهِ سُبْحَةَ، وَاللِّوَاءُ أَمَامَهُ يَحْمِلُهُ بُرَيْدَةُ بْنُ الْحَصِيبِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَدَخَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بَيْتِهِ، وَبَلَغَ هِرَقْلَ وَهُوَ بِحِمْصَ مَا صَنَعَ أُسَامَةُ، فَبَعَثَ رَابِطَةً يَكُونُونَ بِالْبَلْقَاءِ، فَلَمْ تَزَلْ هُنَاكَ حَتَّى قَدِمَتِ الْبُعُوثُ إِلى الشَّامِ فِي خِلافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما.
ذِكْرُ الْحَوَادِثِ جُمْلَةً بَعْدَ قُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةِ
فِي السَّنَةِ الأُولَى:
جُعِلَتْ صَلاةُ الْحَضَرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَكَانَتْ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ مَقْدَمِهِ عليه السلام بِشَهْرٍ، وَفِيهَا صَلَّى الْجُمُعَةَ حِينَ ارْتَحَلَ مِنْ قُبَاءٍ إِلَى الْمَدِينَةِ، صَلاهَا فِي طَرِيقِهِ بِبَنِي سَالِمٍ، وَهِيَ أَوَّلُ جُمُعَةٍ صَلاهَا، وَأَوَّلُ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا فِي الإِسْلامِ، وَفِيهَا بَنَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَسْجِدَهُ وَمَسَاكِنَهُ وَمَسْجِدَ قُبَاءَ، وَفِيهَا بَدْءُ الآذَانِ، وفيها
[ (1) ] أي أسرع.